الحب رحمة ترجىروايات رومانسيه

الحب رحمة ترجى للكاتبة شاهندة الفصل الأول

الغياب جمرة تحرق القلب
أسميتك رحمة لترحمى من في الأرض فيرحمك من في السماء.
أنثرى ورود الرحمة في طريق الناس لتحصدى عبق الذكرى بعد الرحيل.
هديتي أنتى فصيرى هدية لكل من يصادفك في طريق الحياة.
وكونى له، رحمة ترجى.

كانت تتذكر كلمات أمها الحبيبة وهي تروى زهورها الجميلة، تتمتم بتلك الكلمات مرارا وتكرارا كي لا تنسى، فالأهم من الحب هي الرحمة، قد نستطيع الحياة دون الحب ولكننا بالتاكيد لا نستطيع الحياة دون رحمة.

إبتسمت برضا، قبل أن تغادر الشقة وتتقدم بإتجاه الشقة المقابلة، تطرق الباب برقة ثم تدلف إليها، تستنشق رائحة الفلافل التي تعشقها، تقول بإستمتاع: الله الله ياطمطم، إيه الروايح الجميلة دى، نزلتى جبتى الفلافل دى إمتى بس؟
وضعت (فاطمة)طبق السلطة على الطاولة وهي تقول بإبتسامة: وإنتى على السطح بتأكلى الفراخ، يلا بقى تعالى إعملى الشاي، ابن خالتك على وصول وانتى عارفة إنه مبيحبش الشاي غير من إيديكى.

تبعتها (رحمة)إلى المطبخ، تعد الشاي وهي تقول: صحيح هو إيه اللى أخره لحد دلوقتى ياخالتى؟
قالت (فاطمة) وهي تقرصها من وجنتها بخفة: كان بيجيبلك الكتاب اللى انتى قلتيله عليه ياقلب خالتك.

إبتسمت (رحمة)قائلة بحب: بجد ياخالتى؟! أنا مش عارفة أقولكم إيه، من يوم ما ماتت أمي وجيت عشت بينكم محسيتش انى لوحدى أبدا، ولا حسيت إنى محتاجة حاجة، ولما رجعت عشت هنا تانى فضلتم مكملين معايا وآخدين بالكم منى وكأنى فعلا بنوتك ياطمطم وجلال زي أخويا، ياريت كان في إيدى حاجة ممكن أرد بيها جميلكم علية، كنت قدمتهالكم بكل حب، بس مفيش غير دعواتي اللى بدعيهالكم في صلاتي ليل ونهار.

ضمتها (فاطمة)قائلة: جميل إيه ياخايبة؟! ماإنتى قلتيها بنفسك يارحمة، انتى بنتى اللى مخلفتهاش وجلال، أهو زي أخوكى، يبقى مسمعش الكلام العبيط ده تانى، آل جميل آل، الجميل مات محروق ودفناه من زمان ياعين خالتك.
إبتسمت(رحمة)وهي تستكين داخل صدر تلك السيدة الطيبة، يغمرها حنانها كما عودتها دوما، لتشعر، بالوطن.
صدح صوته وهو يقول بمزاح: بتخونيني ياأمي ومع مين؟ مع رحمة؟!

خرجت (رحمة)من حضن (فاطمة)بينما تقول (فاطمة): بس ياواد بلاش هزار، ويلا غير هدومك بسرعة عشان نفطر، أنا عصافير بطني صوصوت.
إقترب منها رافعا حاجبيه قائلا: عصافير بطنك عملت إيه يابطة؟!
ضربته على راسه بخفة قائلة: صوصوت، عندك إعتراض؟!
نظر إلى معدتها الممتلئة قليلا وهو يقول متمتما: هم مش عصافير وغالبا فيلة بس نمشيهم عصافير وماله.

كتمت (رحمة)ضحكتها بصعوبة بينما أمسكت(فاطمة)أذنه بيدها قائلة: فيلة! ماشى ياخفيف، روح بقى خد حمام على السريع وغير هدومك وتعالى إلحقنا على الفطار قبل الفيلة دى ماتاكل أكلك وتسيبك جعان ياحبة عينى.
قال بألم: خلاص ياأمي، هروح. سيبى ودنى الله يرضى عنك.
تركت أذنه ففركها بيد بينما يمد يده الأخرى بالكتاب إلى (رحمة)قائلا: خدى يارحمة، الكتاب اللى قلتيلى عليه.

تناولته منه بإبتسامة قائلة بإمتنان: تسلم ياجلال، ربنا مايحرمنى منك.
طالع عيناها الجميلتين قائلا بحنان: ولا يحرمنا منك.
تعلقت عيونها بعينيه، فطالعتهما(فاطمة)بقلب يإن حبا إمتزج بألم قبل ان تقول: يلا ياجلال، شهل ياإبني. انا جعت.
حانت منه نظرة إلى والدته قبل ان يهز رأسه وهو يغادر المطبخ، ولكنه توقف عند بابه، ونظر إلى تلك التي تطالع كتابها بسعادة، تتصفحه بشغف، ليبتسم بحنان قبل أن يغادر، إلى حجرته.

كانت تلمع أثاث المنزل، حتى وصلت إلى تلك الطاولة التي تضع عليها بعض الصور في أطر رقيقة مثلها، صنعتهم بيديها لتحتفظ فيهم بصورها الخاصة، فهي تهوى ان تبتكر أشياء تجمل بها منزلها لا تكلف الكثير وفي ذات الوقت تحمل لها شعورا مميزا، للأسف حين تحطم منزلهما لم تأخذ معها أي شيئ قد يحمل لها ذكرى جميلة، فقد تحطمت كل أشيائهما الخاصة مع إنهيار العقار، ولكنها وجدت تلك الصورة وبعض الصور الأخرى عند خالتها، تحتفظ بهم في ألبوم خاص بها، فأخذتهم منها بسعادة.

حملت تلك الصورة التي جمعتها ب(خالد )فى ليلة الزفاف، ملست بإصبعها على ملامح زوجها الوسيمة، تقول بحنين: وحشتنى ياخالد، كدة برضه تتأخر علية ومتبعتش جواب تطمنى فيه عليك. انت مش عارف ان الجوابات دى هي اللى بتصبرنى على بعدك، طيب هو أنا موحشتكش؟ تعرف لما تيجى انا هعمل إيه؟ ولا حاجة. ده انا ماهصدق تيجى عشان أخدك في حضنى وأفضل أقولك وحشتنى. وحشتنى اوى ياحبيبى.

بدأت في الدوران وهي تمسك صورته تغنى بصوت رقيق حان.
وحشتني عدد نجوم السما
وحشتني عدد كلام الهوى
وحشتني في كل يوم انما
وحشتني اكتر واكتر واحنا سوا
تعالى نخلي الحلم حقيقة تعالى تعالى
تعالى نعوض كل دقيقة تعالى تعالى
من خوفي لبكرا يفرقنا
واحنا يا روح قلبي ما صدقنا
اشتقتلي ورجعتلي
وقلتلي وحشتني.

دق جرس الباب لتتوقف عن الدوران وهي تتجه إلى الطاولة تضع عليها الصورة بسرعة قبل أن تتجه إلى الباب وتفتحه، ليطل ابن خالتها بإبتسامة قائلا: كروان بيغنى ياناس.
شعرت بالخجل فأطرقت برأسها قائلة: بس بقى ياجلال متكسفنيش.
إتسعت إبتسامته وهو يقول بمزاح: بس بقى ياجلال متكسفنيش، الله يرحم أيام ماكنتى طول الليل والنهار تغنى ولو قلنالك كفاية تتقمصى.

طالعته قائلة: الكلام ده كان زمان، قبل ماأتجوز، كنت لسة صغيرة و…
قاطعها قائلا بحنان: انتى لسة صغيرة على فكرة، عمرك 25 سنة، يعنى العمر كله قدامك.
قالت في شرود: العمر مش بالسن، العمر بالتجارب اللى الإنسان مر بيها وأنا مريت بحاجات كتير أوى كبرتنى.
وجدت صوته يصلها بلهفة وكأنه يأتى من مكان بعيد: قصدك إيه يارحمة؟

مشاهد تتراءى لها، غير واضحة. صراخ وأناس تهرول، دماء في كل مكان. تتضح الصورة رويدا رويدا، لتسرع بنفض تلك الصور بعيدا، تغلق تلك الذاكرة التي تإن ألما قبل ان تطالع (جلال) قائلة: ها. انت كنت بتقول حاجة؟!
هز رأسه نفيا قائلا: لا أبدا، جايبلك معايا مفاجأة.

إلتمعت عيناها على الفور وهي تطالعه بحماس. يعلم انها تعشق المفاجآت، ويدرك أن تلك المفاجأة ستروق لها بكل تأكيد، اخرج من جيبه ظرفا لوح به إليها، لتشهق قائلة: جواب من خالد؟!
هز رأسه مؤكدا، لتختطفه من يده قائلة بسعادة: انا لسة كنت بعاتب صورته على تأخيره.
لم تلحظ ذلك الحزن الذي ظلل مقلتيه، ولم تنتبه إلى تلك المرارة بصوته وهو يقول: طيب هسيبك عشان تقريه براحتك وأروح أنا بقى الشغل.

هزت رأسها قائلة دون أن تنظر إليه: تروح وترجع بالسلامة.
مازالت تطالع رسالته وكأن روحها معلقة بها، ليهز رأسه مغادرا بصمت. بينما أغلقت (رحمة)الباب وهي تسرع إلى غرفتها، تتمدد على سريرها وتفض الرسالة. تقرأ محتواها بشوق.

الغياب جمرة تحرق القلب ببطئ.
بعد أن كان هانئا بقرب من يحب.
فى الغياب لا نشعر بطعم الأشياء من حولنا.
فقط تستقر في الحلق مرارة لا تزول.
ولن تزول سوى في القرب من الحبيب.
بل لن تزول سوى في القرب منك أنتى، رحمتي.
فى القلب بركان لن يخمد ثورته سوى كلمة عشق ينطقها ثغرك العذب.
وفى العيون عبرات تإن مشتاقة لمرأى نظرة حب في مقلتيك.
حبيبتي…
فراقنا حتمي، فرضه علينا القدر.
أفترق عنك لأجلك وسأعود مجددا لأجلك.

أدرك ان العشق يجب أن يحمل بين طياته حزنا، ليأتى بعده فرحا.
وياليت الفراق كالحزن شيئا لأحرقه فلا يبقى منه سوى رماد تنثره الرياح، فأنهيه للأبد وأبقيه بعيدا عن قصتنا.
وياليت الأمانى بالإمكان.
ولكنى أعدك.
أعدك ان نبدل ذكريات الفراق المرة بأخرى جديدة تمحوا مرارة البعاد.
وسنصنع حياة جديدة سعيدة على أنقاض الذكريات المرة فنبقيها بعيدا.
فلا أجمل من إبتسامة نخلقها من وسط الدموع.

ولا أجمل منك أنت حين تبتسمين وتطالعينى بتلك العيون التي أعشقها…
تتمتمين بكلمات قد تبدو للكون عادية ولكنها بالنسبة لى، ترنيمة عشق.
حبيبك إلى الأبد
ضمت إليها خطابه بحب، تتنهد إشتياقا وقد أشعلت كلماته نيرانها، تقول بهمس: انت كمان وحشتنى أوى ياخالد، إرجع بقى مبقتش قادرة على البعاد. صدقنى.

أمسكت الخطاب تطالعه مرة أخرى، تترك كلماته تتغلغل في كيانها فتشبع توقها إليه بعض الشيئ، قبل أن تعقد حاجبيها قائلة: كمان كاتب الجواب باللغة العربية الفصحى، ياترى مضطر عشان عارف إنى بحبها ولا بقيت بتحبها انت كمان ياخالد؟
هزت رأسها بإبتسامة قائلة: مش مهم. المهم إنى مبسوطة أوى النهاردة. مبسوطة أوى.
إحتضنت الجواب وهي تترك النعاس يغلبها وكلماته تتردد في مخيلتها مرارا وتكرارا، تمنح قلبها و روحها، إرتواءا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى