قصص

الكابوس

كنت قد قررت أن أنام مبكراً هذه الليلة من أجل أن استيقظ مبكراً لزيارة قبر صديقي الذي توفي منذ عامين .. إنها الذكرى الثانية له ولقد تعاهدنا سابقاً أنه إذا اختار الموت أحدنا قبل الآخر.. أن يداوم الآخر على زيارته والدعاء له …هو نوع من الوفاء الذي نادراً ما قد يصادفه أحدكم في حياته اليوم.
صحيح أن صديقي لم يمت ميتة سوية ..فقد مات منتحرا !! ..ولكن ..
هو صديقي على كل حال ..والدعاء له بالرحمة واجب .. وإن كنت عاتبا عليه أنه فضل الموت على أن يحكي لي عن مشكلته التي سببت له الاكتئاب ومنعته من التواصل معي …حتى قرر أن ينتحر حرقا بالكيروسين!!
فليرحمه الله فيمن رحم .
ولكن …
تنبهت لحظة إلي أنه مات قبل أن يخبرني بما توصل إليه بشأن تلك التعويذة السحرية التي عثرنا عليها سويا بين طيات كتاب مهترئ كان والده يحتفظ به في مكتبته!!
لقد مات ومعه السر !!
كنت قد دنوت من ساعة الذئب الشهيرة حينما تكون في حالة تتوسط نهاية رحلة اليقظة وبداية رحلة النوم…ودون أدنى مقدمات وجدت نفسي ألج عالم الأحلام فأرى نفسي وكأنني نائم كما أنا في سريري بينما هناك شيء ما يتحرك داخل خزانة ثيابي ذات الباب الجرار !!
وكأن هناك من يمسك بكاميرا ليصور لي أرجاء غرفتي ثم يوجه عدسة الزووم ناحية باب خزانة الثياب وهي تنزاح ببطء شديد ناحية اليسار ثم ….
رباه … فجأة ظهرت أنامل تلك اليد التي ازاحتها من الداخل وهي تتشبث بحافة الباب !!
كانت يد محترقة بشعة المنظر …ثم تبعتها تلك الرأس التي امتزج لحمها المحترق بعظام جمجمتها والتي راحت تراقبني في حقد شديد من ذلك الجزء المنفرج من باب الخزانة !!
الكاميرا الآن تتحرك في اتجاهي ومعنى ذلك أن هذا الكيان البشع يتجه ناحيتي ببطء شديد و …

أنت قتلتني أيها الخائن ..أنت وضعت هذه المخطوطة التي حوت التعويذة بين ضفتي كتاب أبي المهترئ!!
أنت كنت تعلم أنني سوف أفك طلاسمها ..وأن حياتي سوف تتحول إلي جحيم بعدها ..كيف لا ؟ وقد مكنتني تلك التعويذة الملعونة من رؤية الشياطين حولنا !!
طبعا لم تتحمل أعصابي كل ما رأيت…فقررت إنهاء معاناتي وانتحرت!!
ولكن من قال أنني قد قتلت نفسي؟!
أنت قتلتني أيها الملعون ..أنت قتلت أعز أصدقائك و …
والآن حان دوري لكي أرسلك إلي الجحيم حيث تنتمي !!
وامتدت يديه نحو عنقي ليعتصره في غل و…
لاااااااا …
رباااه لقد كان كابوساً شنيعا !!
كان قلبي يوشك على القفز خارج صدري من شدة الفزع حتى أن أنفاسي كادت أن تنقطع وأنا أحدق في خزانة الثياب المقابلة لسريري وأتأكد ببصري أنها مغلقة !!

تنفست الصعداء أخيرا وامتدت يدي إلي زجاجة الماء الموضوعة بجانب سريري فرفعتها إلي فمي لكي أتجرع بعض الماء عسى أن يهديء ذلك من روعي قليلا و…
تجمد الماء في حلقي واتسعت عيناي ذعرا !!
فباب خزانة الملابس كان ينزاح الآن ناحية اليسار في بطء شديد و …
وقد تشبثت بحافته… أنامل يد محترقة !!

الكابوس

وائل صلاح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى