ضلمة، صوت حد بيتنفس بصعوبة، ومع انفاسه التقيلة، كان بيآن ويتوجع بطريقة غريب!
فتحت عيني وبصيت حواليا، الدنيا الضلمة، يادوب بس في نور بسيط جاي من فتحة تحت الباب، والنور ده، كان مخليني شايف طشاش.
جيبت موبايلي من تحت المخدة وانا لسه متابع صوت الأنفاس بوداني، الصوت كان جاي من عند جنبي اليمين.. دوست على زرار الباور في التليفون عشان الشاشة تنور، واول ما نَورت، وجهته ناحية اليمين، وساعتها اتجمدت في مكاني وايدي ابتدت تترعش.. اللي جنبي كان بني أدم شكله غلط.. قاعد على ركبه وراسه في مستوى الكنبة اللي انا نايم عليها، هو.. هو ماكنش قريب مني اوي، هو كان بعيد عني بحوالي كام سنتي، بس المسافة دي كانت كفاية عشان اشوف تفاصيل ملامحه بوضوح، وشه متشرح، غرقان دم، عينيه مبرقالي بشكل مش طبيعي!
بلعت ريقي بصعوبة وبصيت على يمينه، بالظبط ناحية الكنبة اللي نايم عليها الواد استكانة، حاولت انده عليه بصوت عالي، بس ماعرفتش، انا زي ما يكون في حد بيدوس على زوري او بيخنقني عشان صوتي مايعلاش..
-استكااانة.. ياض.. يااستكانة..
صوتي خرج واطي ومحشرج، والطبيعي والمنطقي ان مع صوتي الواطي، استكانة مايصحاش، هو اصلًا بينام زي القتيل.. لكن لا، انا مش هبص ناحيةالجده المتشرح ده تاني وهحاول انده بصوت اعلى..
-استكااانة.. يااستكاانة اصحى بسرعة في…
وقبل ما اكمل كلامي واقول ان في واحد او حرامي او عفريت معانا في الكارافان، فجأة لقيته ظهر قصادي، ماعرفش امتى قام من مكانه وجه وقف ما بيني وما بين كنبة استكانة.. ورغم انه كان واقف، الا انه كان موطي جسمه، بحيث ان راسه كانت قصادي بالظبط، ووشه قصاد شاشة موبايلي المنورة.. اتخضيت لما ظهر فجأة، ايدي رعشتها زادت والموبايل وقع مني، ومع وقعته، الدنيا ضلمت، ودي كانت اسوء حاجة حصلتلي، الضلمة والمجهول هم الخوف بذات نفسه، انا عندي اشوف وش الراجل ده قصادي، ولا اني افضل قاعد في الضلمة مستني قضايا، بس انا مش هقعد، مش هستسلم.. حاولت اقوم، لوشت بإيدي وسندت على كنبة، وقبل ما انزل برجليا على الارض، حسيت بحد زقني وإيدين ابتدت تخنقني.. زقيت الايدين، ضربت صاحبهم، حاولت اعافر معاه شمال ويمين، روحي كانت بتتسحب مني ونفسي بيضيق، الهوا من حواليا بيقل.. الدنيا بتسود اكتر وعنيا بتغمض..
-اعم عاطشيف.. عم عااااطشيييف.. يوووه.. انت هتفضل نايم للعصر ولا ايه؟!
فتحت عيني وانا ببعد الشخص اللي كان بيخنقني ده عني..
-الحقني يااستكانة.. الحقني.. هيموتني.
-مين ده اللي هيموتك ياعم الناس.. مافيش حد في الكارافان غيري انا وانت!
بصيت حواليا وانا مفزوع، لكن مع نظاراتي وفوقاني اتصدمت، الكارافان مافيهوش غيري انا واستكانة والانوار منورة!
خدت نفسي بالراحة وقعدت في مكاني، مسحت وشي بايديا وانا بتكلم بصوت مسموع..
-اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. اعوذبالله.. خير اللهم اجعله خير.
-جرى ايه ياعمنا؟.. شوفت كابوس ولا ايه؟!
رَفعت وشي وبصيتله..
-اه يااستكانة.. كان كابوس تقيل على قلبي اوي.. تقيل لدرجة انه كان هيقبض روحي.
قعد جنبي على الكنبة وحط ايده على ضهري..
-بعد الشر عنك اعم عاطشيف.. والحمد لله ان انا صحيتك، وبعدين ما انا قولتلك امبارح، ماتغوبش اوي في الشندوشتات عشان ماتكبسش على نفسك وانت نايم، اديك اهو، ماسمعتش كلامي وجالك الجاموس.
زقيت ايده وانا ببصله باشمئزاز..
-طب والله ما في جاموس غيرك، قوم ياض، قوم ياض انت من جنبي وامشي اطلع برة.. قوم خليني اغسل وشي.
-ماشي ياعم.. انا غلطانلك.. انا هخرج اتفرج شوية على ما انت تروق على حالك، بس اعمل حسابك، الناس صحيوا من بدري وطالبين مشاريب.
-ماشي.. هقوم وافَوق كده وهعملهم طلباتهم.
قام استكانة وخرج من الكارافان، ومن بعد خرج، قومت انا كمان وغسلت وشي وخرجت.. الدنيا برة كانت مليانة ناس بتزعق، ممثلين على فنيين اضاءة على مصورين.. اه صحيح، نسيت اعرفك انا ومين وبعمل ايه هنا.
انا عمك عاطف تلقيمة، سني عدى الاربعين بكام سنة، ماتأخذنيش، اصلي بطلت اعد.. بشتغل عامل بوفيه في مواقع افلام السيما ومسلسلات التلفزيون، والنهاردة انا في موقع من مواقع التصوير، موقع صحراوي مليان كرافانات، ومن ضمن الكرافانات دي كان الكارافان بتاعي، الكارافان اللي المفروض هننام فيه انا واستكانة لمدة ١٥ يوم، وال ١٥ يوم دول هم مدة تصوير المشاهد في اللوكيشن ده.. لكن الكارافان بتاعنا ماكنش للنوم وبس، هو كمان كان فيه بوتجاز وانبوبة غاز عشان المشاريب بتاعت الكرو، وبمناسبة الكرو.. هم دلوقتي قدامي ومالين المكان من حواليا.
-عاطف.. ياعااطف.
ده كان صوت المخرج اللي بينده عليا اول ما خرجت، بصيتله وروحت ناحيته بسرعة، كان قاعد قصاد الكارافان بتاعه وفوق منه شمسية..
-اؤمرني يااستاذ؟!
مد ايده جوة شنطة جلد جنبه، جاب منها كيس بن واداهولي..
-البن ده، هو البن اللي هتعملي منه القهوة بتاعتي كل يوم الصبح، ولما يخلص، هديك كيس تاني بداله.
-حاضر يااستاذ.. قهوتك مظبوط، مش كده؟!
-لا خليها سادة.
-غريبة!.. مع ان اخر فيلم اشتغلته مع حضرتك، كنت وقتها بتشربها مظبوط.
-السكر بقى له احكامه.
-الف سلامة يااستاذ.. دقايق والقهوة تكون عندك.
خدت منه الكيس وروحت عند الكارافان بتاعي، كان كارافان مختلف عن بقية الكارافانات، تحسه كده شبه عربيات السندوتشات اللي بتطلع الافلام الاجنبي، ولا تحسه ليه، هو شكله فعلًا كان عربية واتقلبت لكارافان، واكبر دليل على كده هي اماكن العجل المتشال من تحته.
-والا يااستكانة..
ناديت على استكانة اللي اول ما سمعني جه ناحيتي جري..
-ايوه ياعم عاطشيف.
-كك اوهة.. اسمها نعم، وبعدين احنا جاين هنا نشتغل ونشوف طلبات الناس، مش جاين نتفرج على الممثلة دي ولا نقف جنب المصور ده.
-حاضر ياعم..
لما قالي كده وهو بيشوح، بصيتله بقرف..
-ما تيجي تاخدلك قلمين احسن ياض؟!
-لا ياعم تتشقطع ايدي.
-لا يااخويا.. ايديك دول لو اتقطعوا، مش هتعرف تشيل المشاريب وتوديها للناس، وساعتها هرجعك من مكان ما جيبتك.. قهوة الحاج ضبش اللي كان بيديك على قفاك، فاكره ولا تحب افكرك؟!
مد ايده وحسس على قفاه..
-فاكره فاكره.. مالهاش لازمة السيرة دي الله يرضى عليك، انا ما صدقت خلصت منه.
-ماشي.. المهم دلوقتي خلينا في طلبات الناس، مين طلب منك ايه؟!
طلع من جيبه النوتة بتاعته اللي بيكتب فيها المشاريب زي ما عرفته امبارح اول ما جينا، وبعد ما فتحها ابتدا يمليني..
-اوساذ معاذ المصور، طلب سحلب سكر برة.. واوساذة نيفين نجم الدين.. طلبت نيسون من غير سكر.. والمساعدة بتاعتها طلبت كابشتينو..
لما وصل لحد هنا، ضربته على قفاه وخدت النوتة منه..
-هو في حاجة اسمها سحلب سكر برة يامهبوش ياابو مخ زنخ!
-انا مالي ياعمنا.. ما هو اللي قالي.
-بينمرك عشان شايفك جديد في الشغلانة.. بس عمومًا انا هاخد الطلبات من النوتة، والجد منها هعمله، والألش هألشه، وبقولك ايه.. خليك ملازمني في الكارافان، ولما اخلص المشاريب تاخدها توديها للي طلبوها، واللي طلب منك مشاريب ألش، سيبهولي، انا هتصرف معاه.
بعد ما خلصت كلام معاه، دخلنا الكارافان وابتدينا نشتغل، ومع الوقت والتصوير، النهار عدا هوا، ومع غياب الشمس، وقف استاذ عبد البصير مساعد المخرج وجوز بطلة الفيلم، الممثلة المعروفة نيفين نجم الدين.. وقف في نص اللوكيشن وقال بصوت عالي..
-فرركككش.. كده فركش يااساتذة، كل واحد يلم عدته وندخل نريح لنا كام ساعة عشان هنصحى بعد الفجر على طول.
وفعلًا.. كل واحد لم عدته وراح على الكارافان بتاعه، ومن ضمن الناس اللي لمت ودخلت عشان تنام، كنت انا واستكانة، احنا الاتنين لمينا العدة بتاعتنا ودخلنا غسلناها واتعشينا، اكلنا من معلبات موجودة في تلاجة صغيرة جوة الكارافان، وبعد ما خلصنا اكل وكل واحد راح على كنبته، اتكلمت بصوت عالي وقولت لاستكانة..
-والا.. بقولك ايه، ماتطفيش النور، سيبه مفتوح، انا مابحبش انام في الضلمة.
ساب التليفون اللي كان ماسكه وبص لي باستغراب..
-غريبة يعني.. اول مرة اشوف حد بينام في النور!
-ما غريب الا الشيطان يااخويا، اسمع الكلام ونفذ وانت ساكت، ويلا.. تصبح على خير.
-وانت من اهله ياعمهم.
لفيت جسمي وغمضت عيني، وبسبب تعب اليوم، بمجرد ما غمضت، نمت.. لكن بعد نومي بفترة، ماقدرتش احددها بالظبط، بس هي فترة قصيرة يعني، سمعت من ورايا صوت حد بيتكلم!
-هقتلك.. هقتلك يامرعي وهوسخ الارض بدمك زي ما وسخت سمعتي.
وبعد الكام جملة دول، سمعت صوت دربكة وخناق، ومعاهم لفيت وشي، ويارتني ما كنت عملت كده، انا بمجرد ما لفيت وبسبب ان استكانة كان سايب النور منور، شوفته المرة دي بشكل اوضح، نفس الشخص المتشرح، كان واقع على الارض وهدومه غرقانة دم، مد لي ايده وزحف ناحيتي، وقتها حاولت اصرخ، اتكلم بصوت عالي، او حتى اقوم من مكاني واتحرك، بس مافيش، انا زي ما يكون اتخشبت وبقيت حتة من الكنبة، اتجمدت، اطرافي اتشلت، وقبل ما اتشاهد او اقرا اي أية من القرأن، كان الشخص او العفريت او الشبح ده قرب مني، ومع قربه، سمعت صوت استكانة وهو بيصرخ..
ومرة واحدة سمعت صوت خبطة قوية ومعاها شوفت استكانة وهو بيقع من عالكنبة، طب شوفته ازاي مع إن الراجل ابو وش متشرح ده كان قصادي بالظبط؟.. في الحقيقة لا، هو ماكنش قصادي، ده اول ما استكانة صرخ هو اختفى!
قومت من مكاني بسرعة وروحت ناحية استكانة، قومته من عالأرض وغسلتله وشه، وكمان غسلتله الجرح اللي اتجرحه في كوعه من الوقعة، وبعد ما فاق من الخضة وبقى أهدا شوية، قعدت جنبه وسألته..
-انت ايه اللي قلبك القلبة السودة دي؟!
-كابوس ياعم تلقيمة، كابوس شوفت فيه راجل وشه متشرح وعامل زي الخريطة، اااه.. الله يخربيت امه، كان طابق على نفسي وعمال يخنقني، ده وربنا كنت هموت ياعم عاطشيف، بس تعرف ايه اللي حازز في نفسيتي، اني كنت هموت وانا في الغربة.
-غربة ايه الله يخربيتك، احنا في مصر، هو انت مسافر الخليج؟!
-ياعم طالما برة حارتنا تبقى غربة، ااه يادراعي ااه.
-طب اهدا بس كده وروق، انا غسلتلك الجرح وكلها شوية والناس يصحوا وهجيبلك مكراكروم من عند بتاعت المكياج.
-توشكر ياعمهم، الله يباركلك، قال وانا اللي ظلمتك وافتكرت ان جالك كابوس بسبب الشاندوشتات.. طلعت الكوابيس هنا بتتوزع بالكيلو.
سرحت في اللي انا شوفته وفي كلام استكانة، ولما ربطت كله في بعضه قولتله بصوت عالي..
-الظاهر ان معاك حق، الكارافان ده مظبوط، انا امبارح شوفت كابوس، والنهاردة برضه طلعلي نفس الشخص اللي طلعلك، وكان هو هو نفس الشخص اللي طلعلي برضه في كابوس امبارح.
-طب والحل؟!
-نسيب الكارافان وننام في اي كارافان تاني…
قطع كلامي فجأة صوت خبط على باب الكارافان من برة، ومع صوت الخبط، كان صوت مساعد المخرج..
-ياعم عاطف.. يااستكانة، يلا اصحوا.. الناس ابتدت تقوم.
قومت من مكاني وفتحت باب الكارافان وابتديت اليوم، وفي وقت ما كانوا الكل بياخدوا بريك، روحت لمعاذ المصور وقولتله..
-بقولك ايه يامعاذ، انت مش بتنام في الكارافان بتاعك لوحدك؟!
-اه.. بس ليه السؤال ده ياعم عاطف؟!
اتحرجت لثواني وبعد كده رديت عليه وانا متردد..
-اقولك وماتتريقش عليا؟!
-عيب ياعم عاطف، اتريق ايه بس، ده انت في مقام ابويا.
-الله يباركلك، بص ومن الاخر كده، الكارافان اللي انا وعمر بننام فيه، مش مظبوط..
-مش مظبوط ازاي يعني؟!
-يعني.. بنشوف فيه كوابيس وحاجات مخليانا مش عارفين ننام، فلو تسمح يعني تاخدنا ننام عندك، انت كده كده الكارافان بتاعك ممكن يشيل تلاتة واربعة كمان.
-ماشي.. مع اني يعني مش بصدق في الكلام ده، بس اشطة، هقول للاستاذ وهرد عليك.
استغربت من كلامه وسألته..
-ومال الاستاذ بإني ابات معاك انا واستكانة؟!
-ها!.. لا عادي يعني، اصل الاستاذ هو الكل في الكل ولازم يبقى عارف كل حاجة، فطبيعي يعنب اني اعرفه انكوا هتناموا معايا، ولا ايه؟!
-ماشي.. اللي تشوفه، بس ياريت تقوله قبل بالليل عشان انا بصراحة كده مش عارف انام، والواد استكانة امبارح اتقلب من عالكنبة زي الرمل ما بيتقلب من عالعربية القلاب بسبب الكابوس، والواد ياولداه كانت هتحصله مصيبة لولا ستر ربنا.
-حاضر ياعم عاطف حاضر، انا هروح ابلغ الاستاذ حالًا اهو.
وفعلا.. راح اتكلم مع المخرج شوية، ماعرفش كان بيتكلم معاه في ايه ده كله، لكنه في النهاية جالي وهو بيبتسم وقالي..
ابتسمتله وبعد كده خدت بعضي وروحت قولت لاستكانة، واللي قولتهوله حصل، بعد ما التصوير خلص، خدنا بعضنا وروحنا نمنا عند معاذ في الكارافان بتاعه، والحمد لله، في الليلة دي نمت انا واستكانة نوم هادي، لا شوفنا كوابيس ولا راجل متشرح ولا اي حاجة من اللي شوفناها في الليلة اللي قبلها، ومع طلوع شمس تاني يوم، ووقت ما كنت واقف في الكارافان بعمل مشاريب للناس، دخل عليا استكانة وقعد على كنبة من الكنبتين..
-ياه ياعم عاطشيف، ده الواحد لو كان نام هنا ليلة كمان، كان زمانه مات ولا اتجنن… يلا الحمد لله، ربنا يبارك في استاذ معاذ ده والله، ولا اقولك، لا.. ربنا يباركله اه، بس مش اوي يعني.
بصيتله وانا بقلب في القهوة اللي بعملها..
-لا ياعم تلقيمة، مش انا اللي بقول، دول الممثلين هم اللي بيتكلموا، ما انا هقولك.. وانا واقف على جنب كده وبتفرج، سمعت ممثل بيقول للتاني انه شاف النجمة بطلة الفيلم، وهي خارجة من كارافان معاذ اول امبارح بالليل.
حطيت الكنكة عالنار وبصيتله بقرف..
-وانت اي حاجة تسمعها بتصدقها؟!.. ما احنا امبارح كنا نايمين طول الليل مع الراجل وماشوفناش حاجة، اتقي الله وبطل ترمي ودانك مع الناس، وبعدين انا قولتلك ايه؟
-ايه؟!
-ركز في شغلك ومالكش دعوة بحد.. ثم انت قاعد بترغي كده ليه زي خالتي اللتاتة، فز قوم.. قوم يلا اقف قدام القهوة خليني اخرج عشان اساعد عمك نشأت، ده زمانه على وصول.
-حاضر ياعم.. ادينا قومنا.
قام استكانة وقف قدام القهوة، اما انا، فخرجت وقفت برة لحد ما نشأت جه، طب مين نشأت ده؟.. نشأت ده اكبر مني في السن، مش اوي يعني، هو اكبر بحوالي عشر سنين كده، وهو الراجل المسؤول عن نقل معدات اللوكيشن، يعني ببساطة كده، هو اللي جاب المعدات والكرافانات دي للمكان، وفي نفس الوقت، هو اللي بيجي هنا كل كام يوم بعربية نقل، عشان يجيبلنا ماية نضيفة نشرب منها، وفي الوقت ده كان جاي عشان يجيبلنا خزان ماية مليان، وبعد كده ياخد الفاضي ويرجع بيه.. بس نشأت بعد ما جه ونزلت معاه الخزان انا وشوية من اللي في اللوكيشن، وبعد كده حطينا القديم في العربية اللي جاي بيها، وقف معايا شوية وولعنا سيجارتين، ووقت ما كنا واقفين، بصيت ناحية الكارافان اللي فيه البوفيه وقولتله بصوت عالي..
-ألا قولي يانشأت، هو الكارافان ده وراه ايه؟!
يتبع
الكارافان
٢
قام استكانة وقف قدام القهوة، اما انا، فخرجت وقفت برة لحد ما نشأت جه، طب مين نشأت ده؟.. نشأت ده اكبر مني في السن، مش اوي يعني، هو اكبر بحوالي عشر سنين كده، وهو الراجل المسؤول عن نقل معدات اللوكيشن، يعني ببساطة كده، هو اللي جاب المعدات والكرافانات دي للمكان، وفي نفس الوقت، هو اللي بيجي هنا كل كام يوم بعربية نقل، عشان يجيبلنا ماية نضيفة نشرب منها، وفي الوقت ده كان جاي عشان يجيبلنا خزان ماية مليان، وبعد كده ياخد الفاضي ويرجع بيه.. بس نشأت بعد ما جه ونزلت معاه الخزان انا وشوية من اللي في اللوكيشن، وبعد كده حطينا القديم في العربية اللي جاي بيها، وقف معايا شوية وولعنا سيجارتين، ووقت ما كنا واقفين، بصيت ناحية الكارافان اللي فيه البوفيه وقولتله بصوت عالي..
-ألا قولي يانشأت، هو الكارافان ده وراه ايه؟!
بص للكارافان وبعد كده بص لي..
-مش فاهم؟!.. يعني ايه وراه ايه؟!
-يعني.. اقصد حكايته ايه، جه منين، اصل انت قديم في الشغلانة وانا عارف ان الكرافانات دي كلها بتيجي عن طريقك وعلى يدك.
-ماشي، ماختلفناش، بس بتسأل ليه برضه؟!
-بسأل عشان وانا والواد استكانة ماعرفناش ننام فيه ليلتين على بعض.. وبقولك ايه من الاخر كده، الكارافان ده مسكون يانشأت، صح؟!
اتنحنح وبعد كده نفس من سيجارته وسكت!
ف بصيتله باستغراب وزقيته في كتفه..
-ما تنطق ياجدع.
-ما انا بصراحة كده خايف احكيلك، لا تبطل تنام فيه.
-لا ماتقلقش، من الناحية دي اطمن، انا واستكانة بقينا ننام في كارافان معاذ المصور.. فماتقلقش علينا، كده كده اللي هتحكيه مش هيغير حاجة، انا بس عاوز اعرف حكايته ايه من باب العلم بالشئ، مش اكتر يعني.
-فل.. انا هحكيلك.. الكارافان ده اصلًا ماكنش كارافان، هو كان عربية خردة اشتراها واحد حبيبي بتاع خردة، ولما في يوم كنت عنده وشوفتها، اشتريتها منه بسعر رخيص وقولت ادورها في الشغلانة بتاعتنا، بس قبل ما اشتريها، سألته على اصلها وفصلها، والشهادة لله، الراجل حكالي كل حاجة عنها وعن تاريخها.. العربية دي اصلًا كانت عربية ساندوتشات، وصاحبها بقى الله يرحمه، كان من منطقة شعبية اه، بس كان بيقف بيها في مناطق راقية وكان بيبيع ساندوتشاته للناس العليوي، وفي يوم من الايام، الناس لقوا العربية راكنة مكان ما بيقف يبيع الاكل اللي بيعمله، ودي مش من عادته، ده الراجل كان بعد ما بيخلص، كان بيسوق العربية وبيركنها في جراج، لا والغريب كمان ان الناس لقوا العربية مقفولة ونازل منها دم!.. وقتها الناس اتلموا واتصلوا بالحكومة، ولما الحكومة جت وفتحت العربية، لقوا الراجل مقتول جواها، كان متشرح والدنيا حواليه متكركبة، بس لما شالوا الجثة وابتدوا يحققوا، عرفوا ان اللي عمل فيه كده واحد صاحبه، وصاحبه ده كان بيخونه مع مراته، وتقريبًا كده اتفق هو وهي انه يقتله ويتجوزها، بس طبعًا مالحقش.. مالحقش لإن الحكومة قبضت عليه وكمان قبضت عالولية، وبعد ما اتقبض عليهم واتحاكموا، هي اتحبست، وهو اتعدم، والعربية خدوها الورثة وباعوها خردة، وانا في الاخر اشترتها من الراجل بتاع الخردة وجددتها وقلبتها كارافان بوفيه ودخلتها مفرمة الشغلانة.. ادي ياسيدي كل الحكاية.
بعد ما خلص نشأت كلامه، بصيتله بغيظ ورميت السيجارة ومسكت فيه..
-ولما هو الكارافان اصله كده، ماحذرتنيش ليه من الأول ياعديم الدم والاحساس.
زق ايدي وبعدني عنه..
-وانا كنت اتنيل اعرف منين انك هتشوف اللي شوفته ده، وبعدين انا ايش دراني ان هيطلع جواه عفريت الراجل اللي اتقتل، دي اول مرة اصلًا انزله في شغل… ثم انت زعلان اوي كده ليه، ما سهلة ياعم، لو بالليل بيطلع فيه عفريت، ماتباتش فيه، اشتغل فيه بالنهار، وبالليل اعمل زي ما عملت كده انت والواد اللي معاك، بات في اي كارافان تاني.
وقبل ما ارد عليه واشتمه واكمل خناقتي معاه، نده عليا المخرج وقالي انه عاوز قهوة، ومع نظاراتي ناحية المخرج، نشأت جري من جنبي وراح ركب عربيته ومشي.. مشي وسابني في حيرة وقلق من بعد اللي سمعته، لكن لا.. انا مش هدخل الكارافان ده تاني بالليل مهما حصل، وحتى لو دخلته بالنهار، فانا مش هدخله لوحدي، انا هدخله مع استكانة اللي برضه مش هحكيله على اللي عرفته من نشأت، ده اللي عرفته ده هيفضل سر جوايا لحد ما نخلص ايام التصوير ونرجع على بيوتنا، وساعتها بقى يبقى يحلها الحَلال… اه، ما انا مش هخوف استكانة اكتر ما هو خايف ولا هعمل فوضى في المكان.. انا هفضل ساكت لحد ما الفترة دي تعدي على خير.. واللي قولته بيني وبين نفسي حصل.. اشتغلت يومها طول النهار وانا مخلي استكانة واقف معايا، وبعد ما اليوم خلص، وقبل ما نروح ننام، وقفت برة، جنب باب الكارافان وقولت لاستكانة بصوت عالي وهو جوة..
-انجز يلا ياابني عشان نروح نتخمد، وماتنساش بعد ما تخلص الكوبايات، تأمن عالبوتجاز كويس.
رد عليا من جوة وهو بيتكلم بصوت عالي..
-ماتقلقش ياعم تلقيمة، كله تحت الكنترول على رأي بابلو.. روح انت نام وانا هروق الدنيا واحصلك.
-لا.. انا مستنيك اهو لحد ما تخلص وتأمن عالدنيا وتطفي النور، وبعد كده هنمشي سوا.
-ماشي.. اللي تشوفه ياعم الناس.
وبعد ما استكانة خلص، طفى النور ونزل من الكارافان وقفل بابه وروحت انا وهو لكارافان معاذ، وهناك، قعدنا نرغي شوية احنا التلاتة لحد ما غلبنا النوم ونمنا، لكن انا اول ما نمت، صحيت على صوت تزيقة باب.. ايه ده!.. ده باب الكارافان!
فتحت عيني وبصيت ناحية الباب، وساعتها اتفاجأت وفي نفس الوقت اتفزعت، اللي انا فيه ده ماكنش كارافان معاذ، ده كان نفس الكارافان بتاعي بس شكله متغير، فيه بتوجاز كبير وانبوبة حجمها اكبر، لكن مش دي المصيبة، انا المصيبة الكبيرة اللي فزعتني اكتر، كان المنظر اللي انا شايفه قدامي.. انا كان قدامي نفس الراجل اللي كنت بشوفه في كوابيسي وهو متشرح، بس المرة دي كان كويس وكان بيقفل باب الكارافان، وعلى يمينه، او بالقرب مني انا، كنت شايف شخص تاني قاعد وباصص له، والشخص التاني ده، بص له باستغراب وهو بيقفل الباب وقاله..
-عشان السقعة وعشان نشرب السيجارتين على رواقة.
-واحنا هنشرب السيجارتين هنا؟!
جاوبه عوض وهو بيروح ناحية مكان ما في الكارافان وجاب منه سكينة كبيرة..
-اه.. هنشربهم هنا، ولا تحب نروح نشربهم في البيت عندي عشان تشوف حبيبة القلب؟!
اتخض الراجل من كلام عوض ورد عليه بصوت مهزوز..
-ان ان ان.. انت بتخرف بتقول ايه؟!
-بخرف برضه، ولا بصارحك بوساختك ووساختها ياانجاس؟!
ارتجف الشخص التاني وقام وقف وهو بيرد على عوض…
-انت هتعمل ايه ياعوض؟!
-هقتلك.. هقتلك يامرعي وهوسخ الارض بدمك زي ما وسخت سمعتي.. وبعد ما اقتلك، هروحلها وهقتلها هي كمان.
-لا لا لا.. بقولك ايه، اعقل يامجنون.. سيب السكينة اللي في ايدك دي وخلينا نتفاهم بالعقل… انا… انا مراتك دي تبقى اختي.
-اختك!.. وهو في اخت برضه بتبعت لاخوها صورها بقميص النوم على الواتس!.. مالك اتفاجأت كده ليه، ايوه انا فتحت تليفونها وشوفت المحادثات اللي بينكوا يااوسخ خلق الله، وايوه يامرعي انا خليتك تيجي هنا عشان اعملك كمين واقتلك واتاويك في حتة مقطوعة.. او.. او ممكن ارميك لكلاب السكك ينهشوا في لحمك بعد ما تموت.
لما عوض قال لمرعي كده، مرعي اتغير، ملامحه اتبدلت من الخضة للتحدي، وبحركة اندفاعية قرب من عوض وهو فارد صدره..
-ومين قال إن انا اللي هموت الليلة دي.. مش جايز انت اللي تموت؟
وبدأت الخناقة ما بينهم، خناقة من غير صوت، زق وشد وجذب للسكينة من الاتنين، وفي النهاية، قدر مرعي ياخد السكينة لانه اقوى من عوض، ومع مسكته للسكينة، اتحول، بقى زي التور الهايج، فضل يلوش شمال ويمين لحد ما حرفيًا شرح عوض، وبعد ما شرحه ووقعه عالأرض، قرب منه وفضل يطعن فيه ب غل وكره لحد ما قطع النفس خالص، وبعد ما مات، رمى مرعي السكينة وجري ناحية باب الكارافان وفتحه وخرج منه، وبعد خروجه، قفله تاني زي ماكان عشان يسيبني معاه.. اللهم صلي على النبي، انا وعوض المقتول بقينا لوحدينا.
لحظات من الصمت، القلق، الترقب للي هيحصل، وقبل ما افكر في اي حل اخرج بيه من الكابوس او المصيبة السودة اللي انا فيها دي، رفع عوض ايده وبص لي.. وشه كان متشرح زي ما اتعودت اشوفه، بس لاني اتعودت عليه، فانا المرة دي ماخوفتش منه، انا بصيتله وبكل شجاعة قولتله..
-انت عاوز مني ايه.. ما اللي قتلك اتعدم خلاص ومراتك اتسجنت، ولو عالكرافان، فانا سيبتهولك، سيبتهولك يااخي وبقيت انام بعيد عنه… عاوز مني ايه تاني؟!
زحف ببطء وقرب مني، وبصوته المتحشرج بص لي وقالي..
-اللي.. ماقدرتش اعمله زمان.. هعمله دلوقتي.. هيموتوا.. هيموتوا…
وبسرعة لا تتناسب خالص مع الحالة اللي هو فيها، قام من مكانه وقرب مني، واول ما قرب، زقني في صدري بكل قوة، عشان مع زقته دي، اصحى من نومي مفزوع.
فتحت عيني لقيت نفسي نايم في الكارافان بتاع معاذ، وجنب مني، كان استكانة وطنبه معاذ، رايحين في سابع نومة، قومت من مكاني وخرجت من الكارافان ووقفت برة، طلعت سيجارة من علبة سجايري وولعتها، بس وانا بولعها وبحركة تلقائية كده، عيني جت على الكارافان بتاعي، او كارافان البوفيه يعني.. لكن مع بصتي برقت، الكارافان كان واقف جنبه شبح عوض المتشرح، والغريب في وقفته، انه كان مبتسم وبيشاورلي على باب الكارافان من تحت!
استغربت وبصيت ناحية ما بيشاور، وهنا زاد استغرابي اكتر، انا من الفتحة الصغيرة اللي في الباب، او زي ما بيتقال يعني، عُقب الباب، شوفت نور!.. ازاي ده، ازاي الكارافان منور وانا بنفسي شايف استكانة وهو بيطفي نوره قدام عيني!
رَفعت عيني وبصيت ناحية عوض، مالقتوش، اتبخر، وكأنه ماكنش موجود من الأساس، لكن المشكلة دلوقتي مش في عفريت او شبح عوض، المشكلة في الكارافان اللي منور ده!
قربت منه وحطيت وداني عالباب، وفي اللحظة دي عنيا برقت، انا سمعت من جوة صوت ضحكة واحدة ست!
اتسحبت بالراحة وروحت ناحية الكارافان من ورا، بالتحديد عند الشباك الملحوم واللي فيه فتحة صغيرة اوي بصيت منها، واول ما بصيت، شوفت منظر خلاني بدأت اربط كل حاجة ببعضها.. المخرج كان قاعد على كنبة من كنبتين الكارافان، وقصاده كانت بطلة الفيلم، نيفين، كانت واقفة بقميص نوم!.. بلعت ريقي وحاولت اتماسك واجمع الخيوط، المخرج، نيفين، جوزها عبد البصير اللي على طول نايم على نفسه وشخصيته ضعيفة، كلام استكانة عن نيفين وهي خارجة من كارافان معاذ بالليل، وكلام معاذ مع المخرج لما استأذنه عشان ننام عنده.. بس، كده بانت اوي، نيفين اصلًا على علاقة بالمخرج من البداية، ووارد اوي تكون بتحط لجوزها منوم وبتروح بالليل تقابل المخرج، وطبعًا عشان مايتشكش فيه، ولا حد يقول عنه حاجة، كان بيخلي معاذ يبات في كارافانه، ويروح هو يقابلها في كارافان معاذ، وانا بغبائي لما نمت عند معاذ انا واستكانة، فضيناله الجو في الكارافان بتاعنا.. بس ايه ده.. ايه الريحة دي؟!.. دي ريحة غاز!
-بقولك ايه.. انا قبل ما اروح للمغفل، هعملك فنجان قهوة ماشربتوش من سنين.
لما نيفين قالت كلامها ده، راحت ناحية البوتجاز، وفي نفس الوقت كان المخرج ماسك ولعاته وبيولع سيجارة، وفي لحظة، واول ما داس بصباعه على الولاعة، سمعت صوت انفجار قوي.. انفجار طيرني من مكاني وبعدني بعيد عن الكارافان، ومع قعتي على الارض، الدنيا من حواليا اسودت وكل حاجة سكتت!
لما فوقت بعد فترة كبيرة، لقيت نفسي في مستشفى، واللي عرفته من الممرضات ان اللوكيشن من بعد حادثة الانفجار اللي حصلت، اتفض، وطبعًا المخرج والممثلة ماتوا في الانفجار، طب والتحقيقات؟.. التحقيقات قالت ان الانفجار اللي حصل كان سببه ان الانبوبة كانت بتنفس، واللوم كله شاله مدير الانتاج، وبعد ما فوقت بفترة، وجُم حققوا معايا، حكيتلهم اللي حصل، بس مش بتفاصيله، انا قولتلهم اني كنت خارج بالليل اشرب سيجارة، ولما لقيت نور الكارافان منور، روحت عشان اشوف مين اللي جواه، وبعد كده حصل الانفجار، ولما اتسألت عن سبب نومي في كارافان معاذ، وواجوهوني بكلام استكانة عن ان الكارافان بتاع البوفيه مسكون، قولتلهم انه صح، ومن بعد اللي شوفناه مابقيناش بنبات في الكارافان، بس بعد كلامي وكلام استكانة وبعد اللي حصل ده كله، النيابة ماعترفتش بموضوع اننا كنا بنشوف عفاريت ده ولا صدقته حتى، هي حفظت القضية على انها حادثة تسريب غاز بسبب الاهمال، والموضوع اتطرمخ عليه، وقبل ما تسأل نفسك الموضوع اتطرمخ عليه ازاي وليه، ف انا هقولك.. المخرج والنجمة لما خرجوهم من الكارافان بعد ما طفوا الحريق، كانوا بلبس النوم، وعشان موضوع الاعراض وعشان السيرة تتقفل، وكمان عشان سمعة شركة الانتاج، المنتج خلى المحامي بتاعه يسعى في موضوع حفظ القضية على انها حادثة سببها الاهمال، وبالفعل اتحفظت.. اما شركة الانتاج بقى، فطبعًا وَقفت الشغل في الفيلم وبدأت تشتغل على فيلم غيره، وبالنسبة لعبد البصير، مساعد المخرج، ضعيف الشخصية وجوز الست نيفين الله يسامحها ويرحمها، فده بعد اللي حصل اتجنن، اه والله اتجنن وودوه مستشفى المجانين ولسه فيها لحد دلوقتي، طب والكارافان راح فين؟!.. حقيقي ماعرفش، او بالمعنى الدقيق يعني انا فضلت مش عارف لحد ما خفيت وخرجت من المستشفى ورجعت الشغل من تاني، بس المرة دي مع شركة انتاج تانية وفي فيلم الجديد طبعًا.. ومع مرور الايام وكتر الشغل، اتلهيت ونسيت الحادثة، وفضلت ناسيها لحد ما في يوم، ووقت ما كنت نازل لوكيشن، اتفاجأت بوجود نشأت، واتفاجأت يومها انه معاه نفس الكارافان، بس متجدد!
وقتها رنت في وداني جُملة كان ابويا قراهالي من كتاب زمان.. نفس الجُملة اللي بدأت بيها الحدوتة.. التاريخ بيعيد نفسه مرتين، مرة كمآساه، والتانية كمهزلة.. والمرة دي الله اعلم المهزلة هتبقى ازاي وامتى وفين، مش مهم، مايخصنيش ولا يهمني ولا عاوز اعرف، انا اول ما شوفت الكارافان وهو بيتحط في اللوكيشن، وشوفت جنبه شبح عوض وهو بيبصلي ويبتسم، خدت بعضي انا وعُمر استكانة واعتذرنا عن الشغلانة كلها.. بس الغريب بقى اننا بعد ما اعتذرنا، عرفنا ان الكارافان انفجر تاني.. بس المرة دي انفجر بعامل البوفيه اللي كان جواه.. الظاهر كده انه كان من عينة المخرج ومرعي.. خاين.. خاين والكارافان كرر التاريخ من تاني وخلص عليه، وياعالم، الكارافان هيخلص على مين تاني او هيروح فين!.. دي حاجات في علم الغيب، بس اللي انا متأكد منه، ان شبح عوض هيفضل موجود بوجوده، وهيفضل مكمل في تحقيق اللي مات قبل ما يحققه.. وهيفضل تملي وكل مرة يظهر فيها الكارافان زي القشاش.. القشاش اللي بيخطف ارواح الخونة، ومش هو وبس.. هو والملعون.. قصدي.. والكارافان بتاعه.. مقبرة الخاينين وجحيمهم على الأرض.
تمت