التعيس هو من لم يجد الروح التي وجدت لتكون له سكنا، تلك القوة الخفيٌة الملموسة التي تُؤْمِنُ روعته وتذهب بأسه وتغمره حياة و لذة، الكف الدافئة القابضة على روحه المبعثرة فتجمعها وتعيد بعثها بسلام، كأنها تلِده من جديد.
وكأنه يوم ميلادي…
راح (حمزة) يفكر على سبيل المقارنة كيف كان يحيا حياة الأموات بروح تعلق فيها فأصبحت له حياة يحيا بها لا حياة يعيش بها وكيف لفظته خارجها ليصبح تعيسا؟
وتساءل هل أنا حقا تعيس لخيانتها؟
بداخله بارد جدا جدا، هناك ثغرة كبيرة داخل قلبه -لاينكر ذلك – ابتلعت جميع آلامه وطُمِرَت، يحاول استيعاب مايحدث معه وكلمات (هبة )تتدفق إلى أذنه دون أن يصغي إليها، لاحظت شروده فقالت:
حمزة! إنت سامعني!
فرد مرتبكا:
أفندم؟، أسف، بعتذر من حضرتك سرحت شوية!
فقالت بصوت هاديء ثابت:
ولا يهم…
قاطعها (حمزة) قائلا بلهفة:
تعرفي راحت فين؟
لم تتوقع (هبة) سؤالا كهذا، شعرت بخيبة نوعا ما وقد بدا لها أنه من المفترض أن يفكر في نفسه وحريته ومن البديهي أن يشعر بالغضب الشديد من خيانتها لكن ماهذا الحنين في صوته؟!
استجمعت تفكيرها وقالت:
زيورخ.
زيورخ!
قالها (حمزة) وقد نابت عنه إبتسامة ساخرة فقالت:
أيوة!
وابتسمت مردفة:.
-دلوقتي لازم نطلعك من هنا…
قاطعها قائلا:
هطلع بعد سنتين، يعني مش مهم ماتتعبيش نفسك يا أستاذة هبة!
فقالت بدهشة:
معقولة! حمزة اللي مليان حياة وأمل بيستسلم بالسهولة دي؟
رد نافيا:
أنا مش بستسلم كله اللي قلته انى خلاص قربت أخلص مدتي وهطلع بعد سنتين، كده كده مش هفضل العمر كله هنا!
قالت:
والسنتين دول مش عمر ياحمزة؟
حرك تساؤلها شيء في نفسه فطالعها بحيرة وقال:
طب أعمل إيه بس؟
فقالت بحزم:.
احكيلي ياحمزة، دخلت ازاي و ايه اللي حصلك بالضبط!
أمسك صدغيه وراح يحرك رأسه بعنف وقال:
المصيبة انه محصلش حاجة! أنا مليش في السياسة ولا العنف، كنت في حالي من الجامعة للشغل للبيت، كنت عشقان وبحلم يجمعني مع البنت اللي أخدت قلبي بيت، ده كان كل همي!
كنت زي أي شاب رافض النظام الظالم بس مش لدرجة إني أعمل شغب وأستغل الوضع ده وأنشر الفساد في البلد، يعني خراب فوق ماهي خربانة!
فقالت (هبة) وقد لاحظ (حمزة) أنها تصدق وستصدق كل مايقوله:
لكن مش هيمسكوك من غير أدلة! أدانوك بإيه؟
منشورات معارضة فيها شتم وقذف في أعضاء الحكومة.
قالها (حمزة) وهو يمسح على وجهه وواصل:
-مش بتاعتي ولا كنت عارف إنها معايا كانت شنطة عماد الأسيوطي، زميلي اللى ظهر فجأة وسابها معايا قبل ساعة من القبض علية.
هزت (هبة )برأسها وقالت:
منشورات بس!
فقال:
عماد كان شيوعي يساري واسمه أعلى القائمة
عندهم وأنا كنت ملتزم وبصلي وبحضر دروس و خطب بالجامع، وعلى رأي المحقق إيه لم الشامي على المغربي، طبعا ماكنتش أعرف ميول عماد الديني غير من الظابط وشكيت أنه بيكدب عشان يلزق أي تهمة وخلاص، بس بعدين عرفت أنه كلامه حقيقي من معتقلين تانيين.
قالت (هبة):.
أنا إطلعت على ملف القضية بتاعتك، إنت متهم بالتخريب و العنف ضد عناصر الدولة من خلال منشورات تحريض وشتم وقذف، ومشتبه فيك إنك…
إخواني!
قالها (حمزة) مقاطعا (هبة)، تعلو ملامحه إبتسامة، وأردف:
ده أنا فضلت سنتين بحاول أفسر معنى كلمة إخواني وألاقيلها معنى ماعرفتش!
يعني إيه إخواني يا أستاذة؟
شعرت (هبة) بالارتباك وأجابته فبدت إجابتها كأنها سؤال:
يعني عايز دولة إسلامية مثلا!
ضحك (حمزة) بصوت خفيض وقال:.
يعني سياسة! يعني سياسين مش رجال دين!
يعني أطماع وحكم ونظام جديد! يعني ظلم تاني و خراب تاني! هي كلمة إخوان دي كانت في اللي سبقونا لما كانوا بيعملو فتوحاتهم؟ كان مثلا بيقتلوا حد بيوحد الله مسلم زيه زيهم؟ كانوا بيهتكوا عرضه وعرض أهل بيته؟ كانوا بيكفروه ويكرهوه على دينه؟ طب والأسرى كانوا بيقطعو أعضائهم ويسلخوا جلدهم بالجلد؟
حد بس يفهمنا بيحصل إيه؟!..
رفع يده أمامها وأشار إلى أصبعه المقطوع مردفا:.
-أهو الصوباع ده طار بس عشان أقول انى إخواني وأبلغ عن زعمائي اللي من بينهم عماد الله يجحمه مطرح مايكون! شتمونى بأمي لما رفضت ولما غضبت وإحتجيت قطعولى صابعى، أنا في القبر ده بسبب حاجة ماحصلتش! كنت بقاوم الموت اللي لافف حولين جتتي طول الوقت عشان أطلع، عشانها هي، نسمة!
وأهي نسمة خانت هي كمان!
حمزة منتهي يا أستاذة مابقتش حاجة فارقة معاه، عشان كده بقولك ماتتعبيش نفسك!
لفهما الصمت قليلا وكل منهما يطالع الآخر، فقال (حمزة)بصوت مكسور:
إنك فتحتي عنيا على خيانة نسمة جميل مش هنساهولك طول عمري يا أستاذة، اللي عملتيه حررني من الوهم اللي كنت عايش فيه وده أكبر مساعدة عملتيهالي، بشكرك جدا جدا من كل قلبي!
وضع السماعة جانبا واستقام مغادرا لتنهض بدورها وهي تقول بصوت عال ليصله صوتها عبر الزجاج:
هطلعك من هنا ياحمزة، أوعدك!
استدار كل منهما مغادرا، هي من أجل مباشرة العمل على قضيته وهو من أجل إخماد نيران تعاسته بين كلمات( عزيز)…
(عزيز)!، الإخواني هو الآخر!
لو كان للكلمة معنى بعقل (حمزة) فلن تكون سوى أخا عزيزا يفرش لك في قلبه براحا مريحا لنفسك
رجل كما( عزيز )يعرف الله، يخشاه حبا لا خوفا يعلم أن حب الوطن حبا لله يستحيل أن يخربه لما بينه وبين الله فيه…
أخبرهم ياوطن..
أخبرهم ماذنبي!
أخبرهم أن حبي لك عبادة..
فكيف للعبادة أن تكون دون طهارة!
أخبرهم كيف لإيماني أن يضرك!.
وكيف لتوحيدي أن يخربك!
أنا وأنت البريئيّن الوحيديّن من كل هذا..
أنا وأنت لا بيننا كره ولا خيانة..
حتى وإن منحتني قبرا بداخلك..
سأحيا إلى النهاية…
تكور (حمزة) على سريره وراح يبكي، يبكي وينتفض، رؤية (هبة) قد حركت شيء بداخله، لم يذق الإهتمام منذ أربع سنوات ولم ير إنسانا سليما منذ نفس الوقت أيضا..
إصرارها على تحريره والوعد الذي قطعته، آه من ذلك الوعد! الوعد الصادق الذي نطقت به عيناها جعلت كيانه ينتفض، لازال هناك عيون تحمل الحب والتقدير، لايزال هناك بشر حقيقيون خارج المقبرة وبعيدا عن أشباحها…
راح يتساءل ويردد إسم (هبة) في نفسه وهذه المرة وجد معنى للإسم بسرعة، (هبة)! الهبة التي منحها الله له من أجل إسناده…
هل سيتخطى خيبته ويتأمل من جديد؟
اقترب منه (عزيز) وجلس خلفه يربت على ذراعه ويقول:.
وحد الله ياابني! مين زارك ياحمزة، أهلك يابني؟
اعتدل (حمزة) في جلسته ولف ذراعيه حول رجليه يحتضنهما وأسند خده إلى أحد ركبتيه وقال بصوت باكي:
لا، هبة!
فتساءل( عزيز) بحيرة:
المحامية اللي بتبعتلك الرسايل؟!
فقال (حمزة):
قالت هتطلعني من هنا، وعدتني!
مسح العم (عزيز )على رأس (حمزة )وقال:
يافرج الله! الحمد لله ياابني، دي بشارة خير!
فرد (حمزة )بحسرة:
هطلع لمين ياعم عزيز، كل حاجة اتغيرت برا، حتى البنت اللي بحبها خانت!
فقال( عزيز )بصوته الحنون:
-تعرف ياحمزة قصة الحطاب اللي كان متجوز ست مفترية مغلباه وهو صابر عليها! أهو الراجل ده كانت مراته عامله فيه عمايل وهو صابر بيهرب منها للغابة عشان يحتطب، دي كانت شغلته اللي بيسترزق منها وربنا سخرله على الشقى اللي نفسه متحملاها، أسد!
رفع (حمزة) نظره بتعجب فواصل (عزيز):.
أيوة ياابني، أسد بحق وحقيقي، الأسد المفترس ملك الغابة صار خادم أليف للحطاب يحمل عليه حطبه وحاجته، تخيل إنت بيشيل حمولته على الأسد.
وبعد سنين ماتت مراته الشرسة اللي كان معاشرها بالمعروف واتجوز ست طيبة بتتقاسم معاه تعب الحياة ومريحاه وشايله عنه همومه فحصل إيه بقى؟، الأسد اللي كان بيخدمه راح منه مابقاش يجيله زي ماكان، الحطاب حزن و ضاق خاطره،
فحكى قصته لأحد الحكماء وقتها تعرف قاله ايه الحكيم..
قاله: ربنا سخرلك الأسد المفترس أخطر المخلوقات عشانك صبرت على شر أهل بيتك -زوجته سيئة الطبع- ولما ربنا رزقك عتبة جديدة فيها الصلاح خلاص مابقيتش محتاج للأسد اللي هيشيل حمولك!
فقال (حمزة ):
سبحان الله!
فأردف( عزيز):
-إللي عايزك تعتبر بيه من الحكاية دي ياحمزة حاجة وحدة بس، لما ربنا ابتلاك بالسجن ياابني وكل الظلم اللي شفته هنا قذف في قلبك حب نسمة حتى وهي خاينة بس ماكشفلكش حقيقتها.
حبها كان الدافع عشان تقاوم وتعيش لحد الفرج، ولما حان الفرج ربنا كشفلك الحقيقة عشان الحياة الجديدة اللي هتكون عوض ليك..
حكمة ربنا ياحمزة فوق إستيعاب البشر عشان كده أمرنا بالصبر واستعينوا بالصبر والصلاة
ربنا قدم الصبر على البلاء والضيق قبل العبادة، فاحنا مين عشان نعترض على أمر لله ياحبيبي!
افرح ياابني ربنا بيراضيك!
ارتمى( حمزة )على كتف (عزيز) وعاد لبكائه الأول بينما يربت على كتفه ويذكر اسم الله عليه ليبث في قلبه الراحة.
المعاناة التي رأتها (هبة) على وجه (حمزة) جعلتها تفكر كيف أطفأ السجن من شبابه وملامحه المليئة بالحياة وعنفوان الشباب…
جلست رفقة (عز )يناقشان قضية (حمزة) التي لا أدلة كافية قاطعة تجعله يدان لفترة كهذه، مما يعنى ان التهمة لفقت له بالكامل.
كان( عز) شاردا طوال الإجتماع مما جعل (هبة ) تحمله على التركيز عدة مرات إلى أن ضاقت به ذرعا فصاحت به:
ركز يا عز! ماتخلنيش أجنن عليك!
زفر (عز )بضيق ووقف أمام النافذة يجمع يديه خلف ظهره فاقتربت منه وأردفت:
حاسة أن دماغك مش معاك خالص.
فقال بضيق:
هروح بيت نور الليلة ومتوتر ومرعوب، خايف أبوها يرفضني بعد ما خطبها لابن عمها!
أنا براهن على قوة حبها ليا وإذا بتقدر تقف معايا وتواجه أهلها ولا لاء.
فقالت (هبة) تطمئنه:
نور بتحبك جدا ياعز، هتقف جنبك خليك واثق! لو عايز أجي معاك هاجي..
فقالت بلهفة:
بجد ياهبة، هتدعميني!
قالت بحزم:.
أكيد يا عز، مش كفاية وقفتك جنبي ومساعدتي أنا وعيلتي من أول ما رجعت على مصر، احنا اخوات وأنا مش ممكن أشوف أخويا متضايق ومساعدوش، معاك يا عز، يلا خد باقي اليوم أجازة واستعد، ليلتك طويلة!
التفتت تجمع ملفاتها فقال برجاء:
ماتجيبي سيف معاكي يستعطفهم وهو قمور كده ماحدش هيقدر يقاومه..
قالت من بين ضحكاتها:
سيف هيدوشنا بعياطه وهيطردونا، خد مني بلاش سيف، ابني وعرفاه مجنون أكتر من أمه!
جعلت( عز )يضحك وأدخلت إلى قلبه بعض السرور
والأمل، روح (هبة )المليئة بصفاء ومحبة تجعلها على مقربة مريحة مع كل من يعرفها..
والآن لا يمكنها أن تسكت على حق (حمزة) وقد أخذت موعدا لجلسته بعد أسبوعين وعليها التركيز جيّدا لإيفاءها بوعدها..
وضعت الملفات على مكتبها وأتت بكوب قهوة ثم جلست شاردة قليلا ثم أخذت رسالة عشوائية من حقيبتها وأخذت تقرأها:
عيد الحب ٢٠١٣..
الحب يانسمة هو أنت بكل ما فيكِ..
رأيت يومها صدفة على شاشة ضابط التحقيق هذا التاريخ ١٤ فبراير وقلت، نسمة!
فبراير الأسود يحمل يوما واحد فقط، ورديا!
كانت اللكمات تنهال علي من كل جانب، كسروا رجلي المربوطة إلى الكرسي، كنت مبللا تماما وأرتجف هلعا وألما، وفجأة أغمضت عيناي وسبحت معك فيما يمكنني أن أفعله من أجلك في يوم كهذا، فزال الشعور، زال الألم والخوف تركت لهم جسدي وطافت روحي هائمة في أكوان العشق…
شعرت (هبة) برجفة تسري في سائر جسدها وراحت تتساءل أيعقل أن يحرر الحب الجسد من شقائه و ألمه؟!
يوما كهذا سأقرأ الفاتحة في سري سبعا وجهرا سبعا وأدعو سبعا، دعوة لتكوني لي، ودعوة لتكوني من أجلي، ودعوة لتكوني حبيبتي، ودعوة لتكوني زوجتي، ودعوة ليجمعنا بيت، ودعوة ليطيل الله في عمري لأسعدك، ودعوة أجمع فيها كل الأماني و أدخرها لحاجتي، أناني ستقولين!
أدعو لك وأستفيد أنا! وما أنا من دون أنت يانسمة!
واليوم هاهو فبراير يعود بيومه الوردي وإني في أمس الحاجة للدعوة السابعة التي ادخرتها لحاجتي سأتنازل عن كل أمنياتها، يكفيني فقط، أن تراسليني!
حمزة.
تملك الغضب من( هبة) وعزمت شيء في نفسها عليها أن تفعله قبل جلسة محاكمة الطعن.
هناك حب هنا يتعرض لإختبار عسير يتطلب النجاح فيه عزيمة قوية ونفسا صافية تتحمل لوعته ولذته…
أمسكت (هبة) يد (عز )فشد عليها وبيدها الأخرى تحمل( سيف )وبيده الأخرى باقة ورد، ضغط على الجرس وهو يقول استعنا على الشقا بالله.
فتح والد( نور )الباب وقد عرفهما فرحب بهما وقد طار عقله فرحا بسيف فحمله بين يديه وهو يداعبه، فأخذته زوجته هي الأخرى وراحت تلاطفه وتثني على جماله وهو هاديء بينهما همس (عز )ل(هبة) قائلا:
مش قلتلك سيف باشا هيعمل معانا شغل!
حاولت كبت ضحكتها بينما دخلت (نور) بلهفة عليهم وألقت السلام وعينيها تشع سعادة واقترب من (سيف) هي الأخرى تقبل (سيف) وتلاعبه فعاد( عز) يهمس:
لاء أنا غيرت رأيي بخصوص سيف، لمي ابنك ياهبة!
ضحكت (هبة) بخفوت وهي تلكز (عز )الذي تنحنح وأخذ يسأل عن الأحوال وكلام متفرق ثم قالت (هبة) تخاطب (نور):
خدي سيف يانور على أوضتك وريه ألعابك!
فقال (عز) مندهشا:
ألعاب!
فلكزته بينما (نور) تحمل الصغير وتغوص به إلى الداخل وقالت:
ياعمي عايزينك في موضوع وان شاء الله خير.
بدأ عليه الحيرة هو وزوجته فأردف( عز):
أنا جاي أطلب إيد نور بعد إذن حضرتك ياعمي!
علت المفاجأة ملامحهما فقالت والدة (نور):
بس ياابني نور مخطوبة!
وقالت (هبة):
أنا عارفة ياطنط بس مافيش حاجة رسمية بينهم هي وهشام! وكمان نور مش موافقة عليه بتعتبره أخ…
قاطع كلامها والد( نور )قائلا:
امممم، وبتعتبر الأستاذ عز إيه؟
وأخذ ينادي على (نور) بعصبية بينما تسيد التوتر ملامح الجميع
قال (عز):
انت تعرفني ياعمي، من ناحية الشغل قصدي، أما شخصي فممكن تسأل عني أي حد عشان تطمن، وكمان أنا بحب نور جدا جدا، ومستعد أعمل أي حاجة عشان أسعدها…
وقفت( نور) تحمل (سيف )بين يديها وأردفت تؤكد على كلام (عز):
أنا قلتلك يابابا هشام أخ ليا ماقدرش أرتبط بيه بس عشان أرضيكم، أرجوك افهمني!
استشاط والدها غضبا وأمسك (عز )من ذراعه وأخذ يدفعه نحو الباب بعصبية و(عز) يردد:
– افهمني ياعمي، خليني أقول اللي جاي أقوله وهمشي.
لكن عصبيته جعلته يضعه خارج البيت ويغلق الباب وعاد غاضبا إلى ابنته وقف قبالتها وعلى حين غرة هوى عليها بصفعة كادت تسقط (سيف) من يدها مما جعل قلب (هبة) ينخلع فركضت تحمل ابنها الذي تعالت صرخاته وحملته إلى الخارج حيث يقف (عز) وأعطته إياه ثم عادت إلى الداخل تحاول تهدئة والد (نور) الهائج كالثور…
قالت والدة( نور) وهي تحتضنها:
استنى نفهم الأول ولو نور غلطانة هتتعاقب..
لكنه سحبها إلى غرفتها وأخذ هاتفها لتلحق( هبه) به وهي تردد:
ياعمي غلط اللي بتعمله اسمع مننا الأول!
استدار نحوها وقال بغضب:
والله عال، العيشة برا نستك الأصول يابنت ومجرجرة بنتي وراكي عايزاها تعيش عيشتك مش كده! قدامك حلين ياتطلعي تلحقي بمديرك يا أطلعك زي ما طلعته.
نظرت( هبة )نحو والدة( نور) التي أومأت لها أن تخرج قبل أن يفقد السيطرة على غضبه ويفعل مالايحمد عقباه، استجابت (هبة) لها وقالت:.
أنا آسفة، هرجع في وقت تاني.
سحبت نفسها إلى الخارج ثم إلى السيارة حيث ينتظرها (عز) المتجهم حتى فكاهة سيف لم تفلح في فك عبوسه واستقلتها وهي تقول:
خد التليفون من نور، هتبقى أيام صعبة ياعز!
زفر بضيق وهو يناولها (سيف) ليتولى القيادة دون أن يقول كلمة ونفسه تحادثه إلى متى سيصمد حبهما أمام هذه العقبة.