جلس (حمزة)في احد اركان زنزانته يكتب بحروف متعثرة..
نسمة، أيتها الفتاة جاحدة القلب خائنة الكيان، وهبتك قلبى فأضعتيه بخيانتك، سلبتينى أمانى وإيمانى، العشق كان مايمنحنى الصبر على ابتلائي فصار هو ابتلائي حين أصبت بالخذلان، صار محيطي باردا ووسادتي جلمودا والثلوج تحاوطنى، أسكنتك قلبي فذبحتيه بغدرك، أسكنتك عيني فأدميتها بجرحك، أسكنتك روحى فأحرقتها بجحودك، أحببتك كثيرا ولكنى الآن أكرهك أكثر وأتمنى لو لم ألقاكِ قط.
تأمل الخطاب للحظات، قبل أن تغشى عيناه الدموع وهو يمزقه إربا، يلقيه في تلك السلة بجواره قبل أن يسند ظهره إلى وسادته وهو يغمض عيناه فتتمثل أمامه، فتحهما حانقا، وهو يتعجب من نفسه.
فعندما يكون الجُرح غائرا يصبح وجعك عصيّ الفهم حتى على نفسك، تتعجب من حُرقة القلب وقد خان الحبيب وبدلا من أن تلقيه مع ذكرياته في غياهب النسيان، تجد ذكرياته تلك حاضرة فتعتصر القلب بجمر الألم، وتتركك تتلظى بنيران الغدر.
من المؤلم حقا أن تبحث عن الوفاء في زمن الخيانة، ومن المؤلم أن تدرك أن من ظننته طوق نجاة قد تخلى عنك بكل سهولة وتركك للردى، نعم، الردى.
فلم تقتل(حمزة) قيود السجن ولم تخنقه قضبانه بل قتلته هي حين قامت بجريمة قتل لقلبه مع سبق الإصرار والترصد وعقوبتها الموت قهرا وكمدا، يتنفس ربما ولكنه حتما لا يعيش.
كان يصاب بالدهشة حين يرى الكره من حوله، يعتقد أنه لايمكن أن يكون كذلك حتى صفعته هي بقلم الخيانة حينها تأكد أنه قادر على الكره تماما وقد كرهها من كل قلبه تماما كما أحبها من كل قلبه أيضا.
كان لابد وان يمقتها فقد أخبرها أنه يكره الفراق فهجرته، أخبرها أنه يكره الدموع فأبكته وأخبرها أنه يكره الخيانة فخانته وتركته الآن ناقما على الحب يلعن الوفاء ويقسم على النسيان.
دلف(عزيز)الى الزنزانة في تلك اللحظة فرأى ملامحه الشاحبة ودموعه التي أغرقت وجهه، اقترب منه بسرعة وجلس جواره قائلا:
-وحد الله ياابنى، احنا مش قلنا ننسى ونرمى ورا ضهرنا..
اليومين اللى فاتوا دول كانوا صعبين اوى عليك انا عارف، انت فاكر ان الجرح هيفضل كبير؟لا ياابنى مع الأيام صدقنى هيصغر وهتشوف ان محنتك دى كانت مجرد عثرة في طريقك هتخرج منها أقوى بإذن الله.
قال(حمزة)وهو يمسح الدموع من على وجهه:.
-أنا فعلا لازم أنسى ياعم عزيز، اللى زي نسمة لازم تتنسى وينحرق طيفها مع ذكرياتها ويترمى رمادهم في وش الريح، اللى زي نسمة مش لازم ينبكى عليه وأنا قررت من النهاردة إنى أنسى ووعد منى هنساها ومش هفكر فيها تانى رغم انه صعب علية بعد ماحبيتها الحب ده كله واستحملت على امل لقياها كل العذاب ده، بس مش مستحيل وبعون الله هقدر.
ربت(عزيز)على يده بحنان قائلا:.
-هو ده الكلام ياابنى، قوم يلا اتوضى وتعالى صلى معانا الضهر وادعى ربك يخفف ألمك ويفرج كربك.
نهض (حمزة)متثاقلا، يتبع (عزيز)الذي توقف فجأة وهو يستدير إليه ويخرج شيئا من جيبه قائلا:
-بالمناسبة جالك جواب النهاردة من واحدة اسمها هبة صديق.
ناوله الخطاب مردفا بفضول:
-هي مين هبة دى ياابنى؟يعنى محكتليش حاجة عنها قبل كدة.
أخذ (حمزة)الخطاب ووضعه في جيبه قائلا:
-نصلى الأول ياعم عزيز وبعدين أحكيلك.
هز (عزيز)رأسه وهو يتقدمه مجددا بينما قبض (حمزة)على الخطاب في جيبه دون وعي وقد راى في صاحبته طوق نجاة سيخرجه من ظلمات سجنه ووهمه إلى نور الحرية.
نظرت (هبة)إلى ورقة التوكيل برضا قبل ان تقول موجهة حديثها لوالدي (حمزة):
-كدة تمام اوى، من بكرة بالتوكيل ده هقدر ارفع قضية بإسم حمزة، اطالب فيها بإطلاق سراحه لعدم وجود ادلة حقيقية تدينه بس لازم كمان أرتب زيارة أشوفه فيها عشان أفهم منه أبعاد القضية أكتر.
قالت(ناهد)بلهفة:
-وهتقدرى تشوفيه يابنتى وتقعدى معاه؟
قالت(هبة)بهدوء رغم تسارع خفقاتها للفكرة ذاتها:
-بإذن الله ياطنط، ربنا يسهل.
قالت(ناهد):.
-طب واحنا مش هنقدر نزوره؟
قالت(هبة):
-هحاول طبعا لان زيارتكم ليه هتكون عامل نفسى مهم يشجعه في محنته، وبرده التيسير من عند ربنا.
طالعتها (ناهد)بامتنان بينما قال(مصطفى):
-طب نتوكل على الله ونشوف فندق نقعد فيه اليومين دول لحد ما نشوف الدنيا فيها إيه.
قالت(هبة)على الفور:.
-في العمارة اللى ساكنة فيها فيه شقة اوضة وصالة دور أرضى، انا كلمتلكم عم فاروق صاحب العمارة عليها ووافق يأجرهالكم بمبلغ بسيط جدا، هيكون اكيد اقل من الفندق واحسن وكمان هتبقوا جنبى عشان لو احتجتكم في أي لحظة، ايه رأيكم؟
قالت (ناهد)بامتنان:.
-والله يابنتى ماعارفين نقولك ايه، انتى ظهرتى في حياتنا دي فجأة واديتينا أمل وكأنك ملاك ربنا بعته لينا عشان ينقذنا من اللى احنا فيه، واحنا مش عارفين نشكرك ازاي على كل اللى بتعمليه معانا.
اعتلى وجه (هبة)حمرة الخجل وهي تقول:
-دى حاجة بسيطة ياطنط متكبريهاش، يلا بينا نتوكل على الله ونروح ماما عاملالنا أكل هتاكلوا صوابعكم وراه.
تقدمتهم بينما وضعت (ناهد)يدها على كتف زوجها الذي طالعها بعيون شعّت بالرضا، والأمل.
كانت تقف أمام واجهة احد محلات هذا المول الشهير حين فوجئت بيد تسحبها، استدارت تنوى تقريع صاحب تلك اليد، فأُلجم لسانها تماما وهي تراه يطالعها بعتاب، تبعته دون كلمة حتى دلف إلى أحد الكافيهات وهي خلفه، توقف أمام طاولة وقال لها بهدوء:
-اقعدى.
جلست تطالعه بصمت فجلس بدوره يطالعها، جاء النادل فقال له (عز)دون ان يحيد بنظره عنها:
-اتنين لمون لو سمحت.
انصرف النادل فقال (عز)على الفور:.
-بقالك يومين مبتجيش المكتب واتصلت بيكى النهاردة مردتيش علية، ممكن أعرف السبب.
قالت بعتاب:
-وانت لسة جاي تتصل بية النهاردة ياعز، فينك من يومين؟مسألتش علية فيهم ليه؟
قال(عز):
-كنت بديلك مساحتك يانور، مبحاولش اضغط عليكى واخليكى تختارى مابينى وبين أهلك، بديلك فرصة تختارى مابين واجبك اللى بيتمثل في طاعة باباكى وبين قلبك.
طالعته بعيون دامعة وهي تقول:.
-وانا كنت محتاجالك جنبى عشان أقوى وأقف قصاد أهلى وأقول لأ مش هتجوز هشام، مش هختار غير اللى قلبى حبه مش هختار غيرك ياعز، كنت محتاجاك جنبى عشان أقدر أقولهم ان دى حياتي وانا حرة فيها، على فكرة ياعز أنا اضعف مما تتخيل بس حبك قوانى وخلانى أقول لأ، وفجأة اختفيت من حياتي لقيت نفسى رجعت ضعيفة من تانى وأنا بحس انك يمكن محبتنيش كفاية عشان تتمسك بية وتقف قصاد أهلي، وتقولهم نور لية ومش ممكن تكون لغيري…
وجدته يمسك يدها فجأة ويقاطعها قائلا بنبرة امتزج فيها العشق بالحزم:.
-نور انتى فعلا لية ومش ممكن تكونى لغيري، بس انا كنت خايف، ايوة خايف، خايف ان حبك لية يكون ضعيف قصاد التحديات اللى بدأت تظهر في حياتنا، خفت تكونى بتحبينى يمكن بس ممكن تنسينى وترتبطى بغيرى وتتحول مشاعرك ناحيته، احنا لسة معترفين لبعض بمشاعرنا مبقالناش كتير، لسة في أول فصول روايتنا يعنى، لو بجد بنحب بعض هنعدى من أي ازمة وهتكون الخاتمة السعيدة هي النهاية، بس لو غلطنا و شكينا في مشاعر بعض زي ماحصل اليومين اللى فاتوا دول يبقى صدقينى نهاية الرواية هتكون، وفرقهما القدر.
ضمت أصابعها على يده قائلة بنبرة طفولية محببة إلى نفسه:
-مبحبش النهايات الحزينة ومبقراش الروايات اللى بالشكل ده ياعز.
ابتسم رغما عنه وهو يقول بحنان:
-يعنى خلاص مبقيناش نشك في مشاعرنا وهنكمل الحكاية للآخر، هتفضل ايدينا في ايد بعض لحد النهاية.
هزت راسها وهي تبتسم، في سعادة.
جاء النادل في هذا الوقت بالليمون فترك (عز)يدها مرغما وهو يوجه حديثه للنادل قائلا:
-معلش شيل اللمون وحضرلنا أحلى غدا عندك.
لينظر إلى حبيبته الخجولة قائلا بابتسامة:
-انا نفسي اتفتحت على الآخر.
لتتسع ابتسامة (نور)، بحب.
وكأن القدر يعاندنا، يجعلنا نهوى من لايهوانا أو يهوانا من لا نهواهم، ربما يرضى عنا ونجد من نهواهم ويبادولونا الهوى ولكنه يعود فيحرمنا منهم إما بالفراق أو الردى.
خلقنا في كمد، نتجرع الحزن دوما ولكننا نثق في رحمة الله وأنه دوما ما يفاجإنا بها فيخلق من وسط الدموع فرح ومن وسط الإبتلاء نِعم.
جلس في أحد اركان الزنزانة يتأمل الخطاب قبل أن يفضه ويقرأ مافيه.
حمزة.
كيف حالك؟وكيف حال العم عزيز؟أبلغه سلامي وقل له أننى اعشق تفاؤله واؤمن مثله أنه مهما طالت رحلتنا على متن قطار الأحزان فلابد أن ينتهى الطريق يوما ونجد أنفسنا في محطة السعادة.
أما أنت فلا أعلم كيف اداوى بكلماتي جُرحك الغائر ولكننى أوقن بأنه مهما كان الجُرح كبيرا سيأتى يوما ويلتئم بقوتك وعزيمتك وإيمانك بالقدر خيره وشره، بإيمانك بأن الله يحبك ولذا أظهر لك معادن من حولك، فأنقذك وسينصرك نصرا مبينا.
كُل منا لديه ذكريات محطمة في ماضيه، كُل منا احب وأمل في أن يكمل الطريق للنهاية..
كان لنا هذا الحب كل شيئ، فأضحى، لاشيئ.
كان أشبه بضوء شمس ينير عتمة حياتنا فأضحى جحيما نتلظى بنيرانه.
كان نعمة، فأضحى نقمة.
تحزننا حتى ذكرياته وتغشى عيوننا بالدموع، نبكى لأن الحب كان وهما أزاله سكين الغدر، فأصبح الصمت لغتنا وبقي في القلوب الأسى وفي الخفقات لوعة فنثرثر على الورقات، نعبر فيها بحرية، نصرخ نهذى نعاتب ونشتاق نبكى ونفرح كيفما نشاء، فلا أحد سيدرك مشاعرنا سوى من طُعن مثلنا بسكين الغدر، ولكن الحياة تمضى وصدقنى سيصغر الجرح رويدا رويدا حتى لا يبقى منه سوى أثر صغير يذكرك بأن تتأنى قبل ان تمنح مشاعرك لآخر، يعلمك أن هناك دائما الخير والشر في نفوس البشر.
، فقط عليك ان تحسن الإختيار.
قرُب لقاؤنا ولقاؤنا هو الخطوة الأولى لتحريرك من قضبان سجنك أما تحرير مشاعرك فستقوم به بنفسك، ستحررها من تلك القضبان التي أدرك أنك أقمتها حول قلبك لتصير أسيرا للعشق، ستحرر مشاعرك لتتحرر بالكامل وتبدأ من جديد..
قرُب لقاؤنا ومعه ستجد مفاجأة أرجوا أن تحمل لقلبك بعض السعادة، كما آمل.
هبة صديق.
أغمض عيونه على دموع غشيتها، قبل ان يفتحها مجددا وهو يقسم أن تكون آخر دموع يزرفها، أقسم ان يحرر نفسه كما طلبت منه تلك الفتاة الغريبة كلية عنه ولكنها استطاعت بشكل ما النفاذ إلى روحه لتصبح كلماتها بلسما طبطب على جُرحه فلم يعد يشعر بألم، مسح دموعه بقوة وقد ارتسم الأمل في ملامحه، ليفتح رسالتها مجددا يعيد قراءة محتواها بقلب، ينبض.
كانا يتناولان القهوة وبعض الجاتو التي أعدته (مها)لضيافتة (ناهد)، لتقول الأخيرة بابتسامة:
-ازاى بتقدرى توفقى بين شغلك ورعاية البيت وسيف يامدام مها؟انا لما كنت بشتغل كنت لايصة ودايما حاسة انى في سباق.
قالت (مها)بإبتسامة:
-الأمر بسيط يامدام ناهد، استغلال الوقت بشكل صح، النوم بدرى والصحيان بدرى ده نعمة، بيطول يومك وينظمه بستغل كل ساعة وكل دقيقة في عمل وفي الآخر بتبقى الدنيا مظبطة.
كادت (ناهد)ان تقول شيئا ولكن دلوف (هبة)من باب المنزل قاطعها، ابتسمت قائلة:
-وانا بقول البيت منور ليه، اتارى طنط ناهد عندنا.
ابتسمت (ناهد)على الفور قائلة:
-ده نورك ياوش السعد، تعالى يابنتي اقعدى و ارتاحى.
وضعت(هبة)كيس البقالة على الطاولة وهي تتقدم منهما وتقبل رأس والدتها قبل ان تجلس جوارها قائلة:
-سيف نايم؟
هزت (مها)برأسها قائلة:
-من بدرى يعنى على صحيان، احضرلك تاكلى قبل ما يقوم.
قالت(هبة):.
-لأ خليكى مرتاحة وقاعدة مع طنط ناهد، هحضر انا.
لتنهض وتتجه الى المطبخ قبل ان تقف وتستدير عائدة وهي تقول:
-بالمناسبة ياطنط ناهد، قدرت اجيبلكم زيارة لحمزة بعد ٣ أيام.
قالت(ناهد)بلهفة:
-بجد ياهبة، احلفى.
ابتسمت (هبة )قائلة:
-والله ياطنط زي مابقولك كدة.
غشيت عيون(ناهد)الدموع وهي تقول:
-واخيرا هشوفه واملى عينى منه، ياحبيبي ياحمزة.
لتنهض قائلة:
-لما أنزل أفرح مصطفى.
قالت(مها)وهي تنهض بدورها وتتبعها للخارج:.
-ربنا يفرحكم كمان وكمان ويردلكم ابنكم لأحضانكم يارب.
قالت(ناهد):
-يارب ياحبيبتي، يااارب.
ثم غادرت لتعود (مها)إلى (هبة)قائلة:
-ناس طيبين اوى واتعذبوا كتير، بس ربنا أراد يبعتك ليهم عشان تفرجى همهم وكربهم ياهبة.
قالت(هبة)بلهجة ذات مغزى:
-انتى مش كنتى بتقولى ملناش دعوة بمشاكل الناس، وانى مجنونة عشان عايزة اساعده وانى كمان مندفعة وحياتي متخصنيش لوحدى، رجعتى في كلامك ولا اتغيرتي ياميهو.
قالت(مها)بإبتسامة:.
-لا رجعت ولا اتغيرت يالمضة، كلامي ده كان بسبب خوفي عليكى وعلى سيف، بس لما فكرت كويس لقيت ان عندك حق، مينفعش نسكت عن الظلم بحجة خلينا في حالنا، الساكت عن الحق شيطان أخرس، ده غير انى لماإتعرفت بعيلة حمزة لقيتهم شبهنا واتخيلتنى في مكان مامته لاقدر الله، كنت أكيد هحتاج حد يساعدنى ويقف جنبى، وربك كريم مبيسيبش المظلوم، لازم يبعت ملايكته في أرضه تساعده.
ابتسمت (هبة)وكادت ان تقول شيئا ولكن صوت معدتها أخبرها بجوعها لتقول:
-أحضر لقمة آكلها وبعدين نكمل كلامنا ياست الكل.
ليعلو في تلك اللحظة صوت (سيف)الباكى فابتسمت(مها)قائلة:
-روحيله انتى وانا هحضرلك الاكل.
القت إليها بقبلة هوائية قبل ان تتقدم تجاه حجرتها مع (سيف)بينما ابتسمت(مها)في حنان قبل ان تتوجه، الى المطبخ.
تأملت مظهرها للمرة السبعون ربما قبل ان تأخذ نفسا عميقا وتزفره بقوة، فاليوم ستلتقى ب(حمزة)، ترى انها غير مستعدة اطلاقا لهذا اللقاء ولكنها ستتمالك نفسها وتصبح المحامية العملية التي يمكن أن تكونها، بدلا من تلك الفتاة التي تطالعها في مرآتها تذكرها ب(هبة)قبل ثلاث سنوات، تلك الغرة الساذجة والتي تظهر مشاعرها جلية على ملامحها، لترفع شعرها على هيئة ذيل حصان بعد ان كانت تسدله، وتمسك غرتها بمشبك فتمردت عليها وسقطت مجددا على جبينها، لتزفر تاركة إياها وهي تغادر حجرتها متجهة، إليه.
كان يجلس في هذا المكان المخصص للزيارة يفصله عن زائرته لوح زجاجي بغيض، يشعر بالتوتر وهو يهز قدمه بإنتظارها وانتظار رؤيتها ومعرفة تلك المفاجأة التي تحملها إليه فتح الباب وأطلت هي، تمشى تجاهه بخطوات بسيطة، تعلقت عيناه بتفاصيلها الرقيقة، جميلة هي كما تخيل تماما، ترتدى بذلة عملية، متوسطة الطول بيضاء البشرة وترفع شعرها على هيئة ذيل حصان وغرة تغطى جبهتها، كانت عيونها متعلقة به بدورها لم يتبين لونها حتى توقفت امامه وجلست.
عيونها عسلية اللون رائعة، تسحبه بقوة، وتزيد من خفقاته رغما عنه، أمسكت ذلك الهاتف فأمسك خاصته بدوره، لتقول( هبة)بنبرة مرتبكة:
-هبة صديق المحامية عنك ياحمزة.
وجد خفقاته تتسارع بجنون في تلك اللحظة واسمه يلفظ من شفاهها وكأنها تألفه ووجد نفسه متعجبا، يألفها بدوره، يردد حروف اسمها دون وعي قائلا:
-هبة صديق.