الفصل الثامن عشر (أنا اغرق فيكِ)
وإنِّي أُحبُّكِ..
لكنْ أخافْ التورُّطَ فيكِ،
أخافُ التوحُّدَ فيكِ،
أخافُ التقمُّصَ فيكِ،
فقد علَّمتْني التجاربُ أن أتجنَّب عشقَ النساء
نزار قباني
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-حاولت اهرب من حبك …حاولت أقنع نفسي ان مفيش في قلبي حاجة ليكي بس اكتشفت أن قلبي اصلا مش ملكي …قلبي ملكك ومن زمان …هو طوع أمرك .
اتسعت عيني ليان واستطاع سماع لهاثها المصدوم …اقترب منه وجلس على الفراش وهو يجذب وجهها ويقبلها على جبهتها …أغمضت هي عينيها وقد أحضرت كلماته الدموع لعينيها…شعرت بقلبها يقفز داخل صدرها….
-موسى …
قالتها بشوق وهي تضع كفها على وجهه …
-موسى. .
كررتها مرة آخري والدموع تنفـ جر من عينيها ثم أكملت:
-وأنا كمان بحبك…بحبك أووي ….
تنفس براحه وقبلاته تزيد عنـ فاً على جبهتها بينما الدموع تملأ عينيه …قلبه يخفق بقوة في صدره ..وقلبها أيضا …انه العشق …العشق يسكن قلب كلا منهما…لعـ نة العشق الذي ليس منه نجاه …وهو قرر ان يغر ق بها …بدلا من أن يحتر ق بنيران بُعدها !!
فُتح الباب فجأة …
-موسى !!!!
كان هذا صوت عدي المصدوم…ابتعد موسى عن ليان بسرعة …بينما بهتت هي الأخرى وهي تنظر الى النيران المشتعلة بعيني أخيها …كان غاضب …غاضب بشدة وهي كانت خائفة …قلبها أصبح يدوي بخوف بدلا من العشق …
-عدي …
قالتها ليان بصوت ضعيف وقد احتشدت الدموع بعينيها …ولكن عدي لم يكن ينظر إليها من الأساس…كانت نظراته موجهة نحوه…نحو صديقه!!!صديقه الذي خا نه للتو!!
ازدرد موسى ريقه وهو يرى الجر ح بنظرات عدي …كان مصدوم…مجرو ح وخائب الأمل منه …لقد تحطـ مت ثقته به ….لم يتخيل أبدا ان يقوم موسى بخيا نته….أطرق موسى وجهه أرضا …كان عاجز عن مواجهته …يزدرد ريقه بعـ نف وهو ينتظر التوبيخ منه …ينتظر الاها نات التي سوف يتلقاها منه …وهو لن يتكلم …يستحق هذا …يستحقه…..لو ضر به حتي يستحق هذا. ..هو يستحق كل ما سيفعله عدي به !!!
-ليان يا موسى !!!
خرج صوت عدي المصدوم ..
كان لا يصدق ان يقدم صديقه على هذا …لقد وثق به …ادخله منزله …عامله كأنه شقيقه …هل يكافئه بتلك الطريقة …شعر بالدموع تلسع عينيه بالفعل..لم يتوقع ابدا الخيا نة من موسى كان يثق به كثيرا …
-عدي اسمعني !!
حاول موسى أن يبرر بصوت محطـ م وهو يقترب من صديقه…ولكن عدي امسكه من قميصه وهو يصرخ بقوة :
-ليان يا موسى …ليان!!!ليه…اختي ليه!!؟
-بحبها .
قال بنبرة مخنوقة …ثم نظر الى عدي وكانت عينيه الزرقاء صافية تماما…تفيض بالصدق وأكمل :
-انا بحب ليان يا عدي …بحبها أووي ..وعايز اتجوزها وصدقني هحميها دايما وههتم بيها ..وعمري ما هزعلها ابدا !
-أنت أكيد اتجننت …اكيد اتجننت !!!
زعق به عدي وهو يهزه بقوة …كان لا يصدق ان موسى يفعل هذا …ما زال لم يستوعب الأمر ..
رفع كفه ولكمه بعنـ ف لتصرخ ليان وهي تقول :
-عدي اسمع !!
ولكن النير ان كانت تشتـ عل داخل عدي بقوة …مرارة الخيا نة كان تقـ تله !!!
-لو أنت آخر راجل في الدنيا أنا مش هجوزك أختي ولا هأمن عليها معاك …انت خا ين ..خا ين يا موسي …دخلت بيتي وأغويت أختي الصغيرة…عملت نفسك بتحميها وانا كان مفروض احميها منك …احميها منك أنت !!!!
-عدي اسمعني ابوس ايديك ..
كان موسى يتحدث بنبرة مختنقة …يحاول أن يفهمه …يعطيه فرصة لكي يشرح ولكن الغضب كان قد أعمي عيني عدي وقال وهو يهزه بقوة …
-أخرج …اخرج من بيتي من النهاردة انسى انك تقرب من ليان …أنا هبعدك للأبد عن ليان …للأبد!!
….
نهض من نومه مفزوعا وقلبه يخفق بقوة …رباه ما هذا الكابوس…دعك موسى عينيه وهو يتنهد بقوة …شكرا الله ان الحلم ليس حقيقي …فخيبة الامل التي رأها بعيني عدي لم يتحملها ابدا …وبالطبع عدي محق …فحتى لو اعترف موسى بحبه لليان وفسخت خطبتها من اجله…عدي لن يقبل به أبدا لانه يعرف جيدا ماضيه …يعرف من كان بالماضي ويعرف الخطر المحدق بكل من يقترب منه …
تنهد موسى ونهض من فراشه بكسل اليوم عليه ايصال ليان الى جامعتها ثم في المساء سيوصلها هي وخطيبها الى حفل عيد ميلاد أحد اصدقاؤها …
زفر بحنق وهو يفكر ان لديها ساعات طويلة سيشعر فيها بالغيرة وقد لا ينام بسبب قهـ ره وغيرته !!
………..
نص ساعة وكان جاهز تماماً يقف أمام السيارة منتظرا ليان التي خرجت من القصر ترتدي نظاراتها …فتح موسى لها الباب لتستقل السيارة بهدوء.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خرجت من غرفتها وتوقفت مكانها وهي تجده نائم على الأريكة …يغطي وجهه بذراعه …كان يبدو غير مرتاحا بالمرة …أطرقت برأسها وهي تتذكر كلامها السام له …لقد أخطأت لن تنكر.هذا ولكن تصرفاته جعلتها تغضب كثيرا …لا يمكنه أن يُعامل ضيوفه بتلك الطريقة المهـ ينة ….زفرت ورد بضيق وقررت ان تذهب لإيقاظه قبل ان تراه ياسمين …فاليوم هو عطلتها من المدرسة لان امتحاناتها قد أقتربت وعطلته من العمل وقد قررت بعد تدريس ياسمين ان تُخرجها معها لكي ترفه عنها قليلا …
اقتربت منه وهي تربت على كتفه بلطف وتقول :
-ياسين …ياسين اصحي …
فتح عينيه ببطء …لحظات وأحتل الجليد عينيه ازدردت ورد ريقها وهي تتراجع قليلا…نهض هو دون ان يكلمها او ينظر إليها حتى ..ولج لغرفته ثم أحضر ملابسه لكي يستحم…
……
بعد ثلث ساعة كان قد انتهى..خرج من الحمام وهو يمشط شعره المبتل بيديه بينما ترطب قميصه الزيتي قليلا بالمياه التي تسقط من شعره …كانت ورد تراقبه …تنتظر الفرصة لتتحدث إليه ولكنه للمرة الثانية يتجاهلها ويخرج من الغرفة متجها الى المطبخ …زفرت بضيق وهي تذهب خلفه …صحيح انها مخطئة …ولكنه هو أيضا أخطأ فلماذا يرمي كل اللوم عليها !!! ألن يتغير أبداً!!!
ولجت الى المطبخ لتجده يصنع له فنجان من القهوة بكل هدوء …رفعت حاجبيها وهي تزم.شفتيها بضيق ..حسنا هو يريد هذا …يريد ان يتجاهلها وهي تتجاهله ..حسنا له ما يريد ..
فكرت وكادت بالفعل ان تذهب ولكنها توقفت مكانها ما زالت تشعر بالسوء فعلا …هي بالكاد نامت الليلة الماضية لانها تشعر بالذ نب .. ستعتذر وأمرها لله…فهي قد أخطأت أيضا …تلك ليست كلمة مناسبة لتقولها لزوجها ….
-مينفعش تشرب قهوة على الريق كده …استني احضرلك فطار…
قالتها ورد وهي تقترب منه ولكنه تجاهلها …مجددا !!
رفعت حاجبيها بضيق وهي تراه يرفع الفنان ليشربه ولكنها أمسكت كفه وأخذت منه الفنجان وقالت:
-انا قولت مينفعش !!!هعملك ساندويتش تاكله …
نفخ بضيق وقال:
– مش عايز …
ثم كاد ان يأخذ منها القهوة الا انها ابعدت الفنجان وذهبت وسكبت محتواه في الحوض…
ربع ياسين ذراعيه وهو يشعر بالغضب وقال:
-هعمل واحد تاني …
ثم اتجهت يده لعبوة القهوة ولكنها أمسكت كفه وبيدها الحرة أخذت عبوة القهوة وقالت بحزم:
-بطل عناد…القهوة غلط على الريق …لازم تأكل حاجة يا باشمهندس ياسين ولو سمحت متعاندش عشان صوتنا ميعلاش وياسمين تصحى ..
ولكن العناد ما زال متأصلا في عينه في عينيه فقالت:
-انا أسفة يا ياسين بس انت زودتها بجد
-جوازك مني غلطة يا ورد !!
قالها ياسين بنبرة باردة لتحتشد الدموع بعينيها وتهز رأسها بالنفي بسرعة وتقول:
-بالعكس يمكن كان احسن حاجة حصلت في حياتي …
رغم البرود الذي كان يدعيه الا انها استطاعت رؤية الضعف بعينيه …اعجبها ان يكون لديها هذا التأثير عليه ..حقا اعجبها…
-ده مكانش كلامك امبارح يا ورد …فاكر كلمتك امبارح …قولتيلي ان أكبر غلطة عملتيها في حياتك هي جوازك مني …
انسابت دموعها وهي تنفي مرة آخرى ما قالته وقالت :
-كنت متعصبة منك …مجرو حة أنك كنت هتمد إيديك عليا يا ياسين …حبيت اجر حك وانا اسفة بجد …اسفة ….
أرتفع صوته وقال بإنفعال :
-تتخانقي معايا مش تقولي ان جوازك مني أكبر غلطة يا ورد…عارفة قد ايه كلمة زي دي أثرت فيا…
ارتفع كفيها وعانقت وجهها ثم رفعت نفسها إليه وهي تقبل صفحة وجهه بتتابع وتقول بنبرة مختنقة :
-انا اسفة …أنا اسفة …اسفة يا ياسين …
رفعها إليه وهو يعانقها بقوة …كانت تقف بقدميها على قدميه ثم قال:
-متقولهاش تاني. ..مفهوم …
-مفهوم …وانت متفكرش تمد ايديك عليا تاني …
-ولا عمري هعملها !!
رنين الهاتف اجفلهما سويا …اخرج ياسين هاتفه لتنظر إليه ورد ويرتفع حاجبيها وهي تقول :
-مين الحرباية ام سحلول دي …
تنهد قائلا وهو يفتح الهاتف:
-دي جوري.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقف امام منزلها وهو يحافظ على قناعه الجليدي …زفر بضيق لم يكن يريد ان يأتي بأي حال لولا توسلاتها وإخباره انها تريده لموضوع طارئ للغاية …ما هو الموضوع الطارئ يا تُري .؟!هل اكتشفت انها ستموت قريبا !!..رن جرس المنزل وانتظر بصبر لتفتح هي الباب وهي تضم روبها الأزرق الطويل الى جسدها …
أشرق وجهها ما ان رأته وأخذت عينيها العسلية تتأملانه بلهفة وقالت:
-ياسين ..الحمدلله أنك جيت.
-خير كنتِ عايزة ايه ؟!
قالها بنبرته الباردة للغاية وهي تلك النبرة التي يختصها بها …فدوما جليده من نصيبها هي !!
افسحت الطريق وقالت:
-طيب أتفضل ..أتفضل يا ياسين متقفش هنا …مينفعش نتكلم على الباب …
-اللهم طولك.يا روح …صبرني يارب على المرار اللي في حياتي !!
تمتم بها ثم ولج للمنزل فأغلقت هي الباب …
اقتربت منه وهي تقول :
-ثواني وقهوتك المفضلة تكون جاهزة . .
ربع ذراعيه وهو يهز رأسه بضيق. ..لقد خدعته …يبدو ان ليس هناك أمرا هام أبدا …قرر ان يذهب ما ان تأتي ولكن ليس قبل ان يوبخها !!
..
دقيقتين وقد ظهرت وهي تضع القهوة على الطاولة أمامه وقالت:
-أتفضل قهوتك …
كان ما زال واقفا ينظر إليها ببرود … تراجعت قليلاً ثم اسقطت روبها أرضا وفي عينيها نية واضحة جداً
-أنتِ كده يعني بتغريني ؟!
قالها بسخرية وهو ينظر إليها كانت ترتدي غلالة زرقاء قصيرة للغاية…كما يحب تماما …هي تحفظ التفاصيل التي يعشقها في إمرأته …وهي تريد أن تكون أمرأته …
ابتسمت جوري بإرتجاف وقالت:
-يمكن …
جلس على الأريكة وهو يمسك كوب القهوة الخاص به ويقول :
-ها قوليلي كنتِ عايزة أيه؟!
اقتربت منه وقلبها يدوي في صدرها ثم جلست بجواره والتصقت به وهي تضع كفها على قلبه وقالت :
-ردني يا ياسين.
نظر إليها وهو يشعر بالملل وقال:
-وأيه كمان ..
-خلينا نعيش سوا …نرجع سوا أنا وأنت وبنتنا …
ابتسم بسخرية وقال:
-ومش عايزة شيكوبون لأمك بالمرة ؟!
اقتربت أكثر وقالت بجراءة:
-ياسين اديني فرصة تانية …وافتكر ايامنا مع بعض
ثم أضافت وعينيها تبرق بإغواء :
-يعني عمرك ما افتكرت ليالينا سوا …
ابتسم لها وقال:
-هو بصراحة الأيام اللي فاتت مفتكرتهاش عشان اكون صادق ….بس دلوقتي افتكرتها كلها …
ابتسمت بإنتصار وقالت بلهفة وهي تتلمس وجهه:
-وحاسس بإيه لما افتكرتها ..ها يا ياسين قولي ..
-حاسس ان معدتي قلبت…
عبست بشدة ليكمل :
-بكلمك بجد يا جوري حاسس اني قرفان وهرجع…
ثم دفعها عنه وقال:
-فأبعدي بقا لأحسن أرجع في وشك ..
ثم نهض ونظر الى وجهها الشاحب بقوة وعينيها المحتشد بها الدموع وقال :
-شكرا على القهوة يا جوري ..وبما أنك مش عايزة مني حاجة تاني أنا همشي دلوقتي ..سلام …
فتح الباب ليخرج ولكنه توقف فجأة وهو ينظر إليه وقد ابتسم بأسف وقال وعينيه تمر عليها :
-قدراتك كأنثى في الإغراء قلت بنسبة سبعين في المية ياريت تحاولي تصلحي المشكلة كده…مجرد نصيحة ..
ثم ذهب بعد ان كادت أن تُصاب بجلطة بسببه!!…تساقطت الدموع تباعا من عينيها وهي تضر.ب بقدمها على الأرض وتصرخ…لا لما يقاومها …هو لا يمكن أن يقاومها…لقد كانت تسيطر عليه في الماضي فما الذي حدث …انفجـ رت الدموع من عينيها أكثر وهي تشد خصلات شعرها وتقول:
-ياسين …ياسين ليه بتعمل كده أنا بحبك …بحبك …بس لا انت هترجعلي…هترجعلي وتطلق خطا فة الرجالة دي …أنا اتطلقت من كل اللي اتجوزتهم عشان مقدرتش احب غيرك …مقدرتش اتقبل غيرك …وده مش جزائي يا ياسين …انت هترجعلي …برضاك غصب عنك هترجعلي !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
للغيرة أ لم لا يشعر به الا عاشق مثله …أ لم الأحتر.اق ..وكأن قلبه يحتر ق وغير مسموح له لا بالصراخ أو البكاء …كل ما عليه ان يظل متصلبا الآن وهو يراقبها معه ….يتأمل شعرها الأسود الذي يتطاير بنعومة ويداعب وجهها فتبعده هي متذمرة…وشفتيها التي تبتسم لغريمه …يتأملها ويتذكر قبلتهما الاولى التي لم ينساها يوما ….يرتفع ضجيج نبضاته ويبعد عينيه قليلا وهو يتنهد للسيطرة على نفسه …
عاد ينظر إليها مرة آخري يكمل تأمله الذي لا ينتهي لوجهها …ملامحها الجميلة …تلك الملامح التي اجتاحت أحلامه …تتوقف نظراته على عينيها..عينيها التي تلمع بلطف وهي تتحدث ويتذكر هو هاتين العينين تتطلعان إليه بلهفة شديدة ..ويفيض منهما العشق الصافي …فستانها الكريمي الواسع كان يتطاير حولها ويحرك قلبه بقوة …
تقابلت أعينهما للحظات وابتلعت ريقها وهي ترى نظرات غريبة بعينيه بدت وكأنها غيرة!!!موسى يغار عليها!!لابد انها فقدت عقلها تماما. .ولكن رغم ذلك كانت النظرات واضحة جدا لا …حاولت انكارها …حاولت الهروب من تأثير نظراته عليها ولكنها شعرت بالضعف يغزوها وهو ينظر إليها بتلك الطريقة …لم يزيح وجهه ولا هي ظلا هكذا ينظران الى بعضهما من بعيد …تجمعت الدموع بعينيها وكادت أن تبكي …لماذا يحدث معها هذا …هي مرتبطة بيحيى فلا يجب أن تفكر به …ولكن الأمر ليس بيدها…هي عاجزة عن إخراجه من عقلها ..عاجزة عن انتزاع حبه من قلبها …عاجزة عن كل شئ الا حبه …هي تحبه بمهارة عاشقة عرفت العشق جيدا وحفظته بسببه …ولكن على قدر حبها احتر قت هي …احتر قت بقوة …فكرت بحسرة!!
-ليان…ليان !!
كان هذا صوت يحيى الذي أخرجها من شرودها ..شهقة خافتة خرجت من شفتيها وأطرقت برأسها قليلا وهي تحاول السيطرة على نفسها وعلى دموعها التي تهد دها بالتساقط في أي وقت …تُرى هل شعر يحيى بشئ …هل رأها تُحدق به …رباه…كيف تبرر له الآن …تلوت معدتها وهي تشعر بالقر ف من نفسها …تشعر انها خا ئنة بشـ.عة !!!
ابتلعت ريقها وهي تنظر الى يحيى بإبتسامة لطيفة بينما كان ينظر إليها بحيرة شديدة …
-معاك يا يحيى…
هز يحيى رأسه وقال:
-مظنش يا ليان باين عليكي أنك بعيدة …بعيدة أووي عني أنا بقالي نص ساعة بكلمك وانتِ مش هنا خالص …مالك فيه حاجة ؟!
هزت رأسها بإرتباك وقالت بإبتسامة وهي تريد أن تمحو أي شك لديه
-لا يا يحيى مفيش حاجة بجد …
-هتخبي عليا ..أنا عايز قبل ما نكون كابل نكون أصحاب يا ليان وتقوليلي كل اللي مضايقك …
-صدقني مفيش حاجة مضايقاني …أنا كويسة يا يحيى …
-رغم اني مش مصدقك بس مش هضغط عليكي برضه ..براحتك يا ليان …
وبالفعل قرر الا يضغط عليها ويركز في الحفل بدل من أن تتجه افكاره الى وجهة لا يحبذها أبدا!!!….
…..
بعد قليل …
آني ليحيى اتصال مستعجل من المشفى وعرض عليها ان يوصلها ولكنها رفضت وقررت ان تبقى في الحفل…
في الحفل….
كانت تقف وهي تتطلع للأزواج الذين يرقصون مع بعضهما وتنهدت بعمق …
-ترقصي معايا…
كادت أن تصرخ من الفز ع عندما سمعت صوت موسى قريب منها ……
-لا شكرا مش عايزة ارقص…
قالتها بإقتضاب …
ولكنه ابتسم وهو يمسك يدها ويجذيها الى ساحة الرقص وقال :
-لا هترقصي عشان أنتِ بتحبي الأغنية دي….
ابتسم بلطف وهو يجذبها إليه ارتعشت أنفاسها وهو يضمها إليه …رأسها على كتفه ويده تحاوط خصرها …كان يعانقها ويرقص معها في ذات الوقت …اغنية ويتني التي كانت تصدح في المكان جلبت الدموع لعينيها…أغنيتها المفضلة والتي حلمت التي ترقص معه على أنغامها في يوم زفافها …اغنية )I will always love you )
ولكن للاسف ..ها هي ترقص معه ولكن وهي مخطوبة لآخر …ملك لآخر ..انسابت الدموع من عينيها وهي تشد على ذراعه وتضمه بشكل أقوي بينما تتنفس رائحته بعمق …أغمض موسى عينيه وهو يضع شفتيه على شعرها الناعم ويقبله بلطف ….هذا خطأ ..نعم خطأ كبير أنه يتصرف بخسـ.ة ونذالة …ولكنه لم يهتم …لم يهتم أبدا …في تلك اللحظة هي ملكه …في تلك اللحظة سينسى كل شئ …سينسى أنها مخطوبة لآخر …سينسى ماضيه المظلم كقيصر …سينسى خوفه …وحتي عدي …لن يفكر الا بها هي …
انسابت دموعها بغزارة أكبر من عينيها وقالت بصوت مبحوح:
-ابعد يا موسى سيبني !!!
ولكن موسى لم يتركها بل انتقلت شفته الى جبهتها وقبلها برفق شديد …
شهقت وهي تتحرر منه ثم غادرت ساحة الرقص مسرعة …
. …. ..
بعد قليل ..
كانت في السيارة تبكي بخفوت بينما هو يقود وكان يشعر بالإختناق ..الوضع يخرج عن السيطرة !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عم كريم كلمني يا ماما…واضح أنه ندمان يا ماما ..
قالها فؤاد وهو ينظر لوالدته …تنهدت نهى وقالت :
-مش هرجع يا فؤاد…مش هرجع الا لما يعرف يتعامل مع بنته كويس ..
نسرين منها رة …من أول ما جات هنا وهي نايمة على السرير وتعبانة ….مش عايزة ترد على حد ولا تكلم.حد.كنت هكلم ليان عشان تجيلها بس هي رافضة…مش عايزة تشوف حد أنا خايفة عليها أووي يا فؤاد …
تنهد فؤاد بعمق ومن داخله يشفق على تلك الفتاة …
-انا هتكلم معاه يا ماما مينفعش يعاملها بالطريقة دي أبدا …ده مش مقبول ..هو ليه كار هها بالشكل ده ..أنا نفسي أعرف …
هزت نهى رأسها وهي تشعر بالحيرة…بالتأكيد هناك شئ لا تعرفه هى…فكريم غاضب بشكل غامض على نسرين …تعامله معها جاف للغاية والفتاة تنهار شيئا فشئ …وهي تخشى عليها ان تفقد عقلها وتتصرف بتهو ر …أ لمها قلبها على تلك المسكينة …
نهض فؤاد وقال:
-طيب يا ماما أنا همشي دلوقتي خليكي أنتِ مع نسرين حاولي تخففي عنها شوية وحتي كلمي ليان تجيلها …هي الوحيدة اللي بتعرف تخرجها برا الحزن اللي هي فيه وانا هكلم عم كريم وأفهمه وبإذن الله خير …
ابتسمت نهى وأمسكت كفه وهي تقول :
-أسفة يا حبيبي كركبنا حياتك ..خرجناك من بيتك وبتروح تبات في فندق بسببنا
-ولا يهمك يا ماما المهم هي تكون كويسة …
-يارب يا فؤاد ..أنا بجد.زعلانة عليها…
صمتت ثم نظرت إليه برجاء وأكملت :
-بقولك يا فؤاد يا بني …ممكن تفضي نفسك بكرة وتخرجها …عايزاك تحاول تخرجها من اللي هي فيه .
ابتسم فؤاد وقال :
-حاضر يا ماما بكره هفضي نفسي مخصوص عشان خاطركم.
ثم قبل رأسها وخرج …
…..
تنهدت نهى وهي تنهض …تلك المسكينة لم تأكل حتى الآن الا قليلا …ستمو ت لو استمرت بهذا…ابتسمت نهى فجأة وهي تتذكر ان نسرين تحب الارز باللبن ثم ذهبت إلى المطبخ لكي تحضره لها بهمة ونشاط …
…..
بعد ان انتهت …ولجت الى غرفتها لتجدها جالسة على الفراش تنظر إلى الحائط بشرود …وجهها شاحب قليلا ..وشعرها مربوط بقوة ومرفوع للأعلى بواسطة طوق شعر أزرق يلائم منامتها الزرقاء …كانت لا تبكي. ..لا تظهر أي مشاعر ..فقط مثبته عينيها على الحائط وشاردة بعمق …اقتربت منها نهى وجلست بجوارها قائلة :
-نسرين بنتي ..
ازاحت نسرين عينيها من الحائط ونظرت لنهى بنظرات فارغة …وقالت وهي تعطيها ابتسامة شاحبة :
-نعم يا خالتو …
تأ لم قلب نهى عليها وقالت:
-يا بنتي أنت مأكلتيش حاجة من أول ما جيتي هنا وحده مينفعش أنا عملتلك رز باللبن اللي أنتِ بتحبيه وحطيتلك عليه زبيب وجوز هند عشان خاطري كليه ومتزعلنيش منك …
كادت نسرين ان ترفض ولكن نظرات خالتها الحزينة منعتها فوجدت نفسها تهز رأسها وتقول :
-ماشي يا خالتو قايمة معاكي …
ثم نهضت من الفراش مرة واحدة وشعرت بالدوران بسبب إضرابها عن الطعام وعدم تناوله الا نادرا …
-نسرين أنتِ كويسة !!!
قالتها نهى بفزع وهي تمسك كف نسرين التي مالت عليها قليلا …
وقفت نسرين على قدمها وهي تثبت قدمها على الأرض جيدا …لم تكن تريد أن تقلقها اكثر من هذا وقالت وهي تشد على كفها :
-انا كويسة يا خالتو متقلقيش عليا …
ولكن نهى امسكتها من خصرها وقالت:
-انا هسندك.يالا….
ثم أخرجتها ببطء إلى الصالة …جعلتها تجلس على الطاولة ثم اعطتها طبق الأرز الكبير …نظرت إليه نسرين وعينيها ملبدة بالدموع ونظرت الى نهى وقالت بنبرة باكية ؛
-انا اسفة …اسفة …
-بتعتذري ليه ؟!
تساءلت نهى بحيرة لترد نسرين :
-أسفة اني كنت بعاملك بطريقة و حشة …اسفة لاني كنت بغير منك دايما…
قاطعتها نهى وهي تضمها وتقبلها على رأسها وتقول :
-الام مبتزعلش من عيالها يا نسرين …أنا عمري ما زعلت منك .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
كانت نسرين تتناول طعام إفطارها بينما نهى تبتسم بسعادة …أخيرا قررت ان تخرج من غرفتها وتتصرف بطبيعتها ..حتى انها أخبرتها انها سوف تذهب الى الجامعة في الغد واتصلت بليان …حالتها الآن افضل من البارحة بكثير …
-شكرا أنك عملتي رز باللبن مرة تانية عشاني. .
قالتها نسرين بلطف …ابتسمت نهى وأمسكت كفها وهي تقول بإبتسامة حلوة :
-بالهنا على قلبك يا حبيبتي …ايوة كده افرحي وابتسمي …الحياة مش مستاهلة حرقة الدم دي كلها …
احتشدت الدموع فجأة في عيني نسرين لتقول نهى بسرعة:
-لا لا يا حبيبتي متعيطيش تاني والا والله أعيط معاكي …
ابتسمت نسرين من بين دموعها لتلمس نهى خدها وتقول :
-أيوة كده أضحكي …شكلك حلو أووي لما بتضحكي يا نسرين …أضحكي دايما …ضحكتك حلوة أووي …من النهاردة ممنوع تبكي مفهوم ؟!
ابتسمت نسرين وهزت رأسها ليرتفع رنين جرس الباب فجأة…نهضت نهى واتجهت نحو الباب وفتحته لتجده فؤاد …
-صباح الورد عليكم …
قالها فؤاد مبتسما وهو يلج للمنزل ممسكا دُب زهري كبير نسبياً …
أغلقت والدته الباب وهي مبتسمة بحيرة وقالت:
-ايه ده يا بني؟!
نظر فؤاد الى نسرين التي وقفت وهي تنظر إليه بخجل نوعاً ما وقال:
-دي منار يبقى صاحبة نسرين الجديد …
ثم أقترب فؤاد من نسرين وقال وهو يقدم لها الدُب :
-ياريت تقبلي الهدية الصغيرة دي مني يا نسرين .
ضحكت نسرين برقة وهي تتناول الدُب الكبير الذي كان في طولها تقريبا …كان دُب زهري اللون بطريقة محببة الى النفس …
-ميرسي ..
قالتها برقة وهي تنظر الى الدُب ..ليرد هو :
-العفو يا ست الكل ….
ثم أكمل وهو ينظر الى طاولة الطعام وقال:
-الله رز باللبن ..ايه الدلع ده بس …
اخذ الدُب مرة آخرى من نسرين ثم وضعه على الأريكة وجذب نسرين وقال:
-على فكرة أمي اكتر واحدة تعمل رز باللبن يجنن ..تعالي كلي..
-أنا أكلت…
هتفت بإعتراض وهي تحاول جذب كفها الا انه قال بتسلية :
-تأكلي تاني …
ثم جعلها تجلس على المقعد الخشبي وناولها الطبق وقال :
-أتفضلي يا ست البنات ..واعملي حسابك بعد الفطار تجهزي …أنا عاملك خروجة رايقة…
ثم نظر الى والدته وقال:
-وانتِ كمان يا ماما هتيجي.معانا …
هزت نهى رأسها وقالت:
-لا يا ابني أنا مش قادرة بجد …خد نسرين وخرجها…
………….
-ملاهي …بجد !!
قالتها نسرين وهي تنظر الى مدينة الألعاب امامها…
شدها فؤاد نحو الداخل وقال:
-أيوة ملاهي يا ست البنات ..
أتجه بها أولا الى منزل الر عب …
وقفت نسرين مبتسمة بينما يحجز فؤاد التذاكر …قرر أن يجعل اليوم مميزاً بالنسبة لها …قرر ان يُنسيها كل ما عاشته مع والدها …
وقف بجانبها وقال مبتسما حتى بانت غمازاته الساحرة …بينما عينيه تفيض بالشقاوة:
-هندخل الأول بيت الرعب …بتخافي من العفا ريت ولا حاجة …
هزت رأسها وقالت:
-لا مبخافش ..
-جميل …
قالها مبتسما وهو يجعلها تتقدمه ليستقلا المركبة المزدوجة …
……
أصوات مفز عة تنطلق من كل مكان …وجوه مُر عبة تخرج من الحوائط …كان نسرين ترى هذا وتضحك على شكل فؤاد الذي بدا عليه التوتر لدرجة انه عندما خرج شكل مهرج من الحائط اطلق صرخة صغيرة لتضحك هي أكثر عليه …
….
بعد ان خرجا كان وجه فؤاد أحمر قليلا من الإنفعال بينما كانت نسرين تضحك بالفعل من قلبها ..نظر فؤاد إليها وقال بغيظ:
-شكلك فرحانة فيا !!
هزت رأسها موافقة وقالت:
-بصراحة كده آه
نظر فؤاد الى بائع حلوى القطن وقال:
-تحبي تأكلي غزل بنات أجيبلك …
هزت رأسها بسرعة …
….
بعد قليل كانا يأكلان حلوى القطن بهدوء وهنا جالسان على المقعد الخشبي …
-آخر مرة مردتيش عليا .
قالها فؤاد فجأة لتنظر إليه نسرين فيكمل :
-قولتلك اني معجب بيكي …
اتسعت عينيها وأحمرت بخجل شديد فنظر إليها وهو يبتسم بلطف ويقول:
-ممكن نقول ان الموضوع تخطى الإعجاب من زمان …
-ده ..
قالها وهو يشير الى قلبه ثم أكمل :
-ده مش عايز يشوف غيرك …الموضوع من زمان يا نسرين …من قبل ما حتى ماما تتجوز باباكي …حاولت انكر ..حاولت اهرب بس أنا دايما كنت سجـ ينك أنتِ …أنا مش بحبك وبس ..أنا بغرق فيكي…في عيونك …
نهضت بإرتباك وهي تبعث بعنف …نهض هو معها لتقول هي :
-بس اسكت…اسكت متتكلمش ..ازاي تفكر في كده …
اطرقت وهي تقول :
-انا مش بحبك …انت زي أخويا !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء
-طيب يا جواهر طمنيني هتعملي ايه ؟!!قوليلي في بالك ايه !!!
قالتها عبير وهي تقضم اظافرها بتوتر بينما تتحدث مع جواهر على الهاتف وهي تذرع صالة المنزل الصغيرة وهي تشد احيانا شعرها بتوتر …
كان امير جالس على الأريكة وهو مثبت عينيه على الأرض …يقاوم بضراوة رغبته أن يستل النظرات اليها …يحا رب نفسه بقوة….لهاث قوي تسرب من شفتيه نتيجة المجهود المضني الذي يبذله …..أنه هو من يدفع ثمن وجودها هنا … يدفعه في المجهود الهائل الذي يبذله لكي لا ينظر إليها …لا يخطئ معها …يريد أن يحافظ عليها حتى تذهب من هنا …
نهض مسرعا وهو ما زال ينظر للأرض وهرع إلى المطبخ …
…
ولج أمير للمطبخ سريعا وهو يلهث ويضع كفه على قلبه …
-البنت دي وجودها هنا خطـ ر !!
قالها بلهاث ثم فتح الثلاجة وأخرج زجاجة المياه وشرب وهو يفكر انه يجب أن يحذر من وجودها معه …لن يأتي للمنزل الا في منتصف الليل …لن يبقى معها في مكان واحد…الأمر ليس فقط انجذابه كرجل نحو أمرأة جميلة ولكنه يشعر أنه بدأ يميل لها …يميل لها بقوة وهذا خطأ …خطأ كبير يجب ألا يرتكبه !!…فهي ليست من عالمه …هي من عالم مختلف تماما وكل ما يجب فعله هو مساعدتها فقط …وان يحافظ عليها سليمة…الا يمسها أبدا والا يقلل من احترامها….عبير يجب أن تظل هنا معززة مكرمة حتي تحل مشكلتها !!…شرب كوب المياة بسرعة وهو يهدأ من قلبه الذي يدوي بعنـ ف داخل صدره. …
……….
-اهدي يا بيري ..متخافيش عليا أنا مش هيحصلي حاجة متقلقيش …أنا ماشية على خطة معينة …ومتقلقيش إن شاء الله هتنجح اووي ..بس ادعيلي …
قالتها جواهر وهي تشرب سيجارتها وعينيها تلمع بطريقة غريبة …
من الناحية الآخرى كانت عبير تمسك الهاتف وتقول بتوجس :
-يعني هتعملي يا جواهر…طمنيني بدأت اخاف والله …
ضحكت جواهر وقالت :
-متخافيش يا بيري …صدقيني هما اللي لازم يخافوا من اللي هعمله فيهم…
-ناوية على ايه حابة أفهم ؟!
ضحكت جواهر وقالت:
-ناوية انفذ خطة ابوكي …اكسب ثقة عدي رشيد عشان الشيكات…
توترت عبير وقالت:
-بس يا جواهر كده هتتورطي معاه …أنتِ بتقولي مش سهل …صدقيني الحل الأمثل أنه نقوله الحقيقة …
-لا يا بيري مش ده الحل الأنسب …الحل الأنسب اني اخليه يثق فيا عشان اخد الشيكات وبعدين هساوم ابوكي أنه يطلقني منه وهما يتصرفوا مع بعض …
-انا خايفة عليكي يا جواهر …
ابتسمت جواهر بتأثر وقالت؛
-متخافيش عليا …صاحبتك مبتوقعش بسهولة …
…
أفلتت من بين شفتي عبير ضحكة رقيقة جعلت أمير يتجمد مكانه وهو ينظر إليها مبتسما وقد خسر معركته …خسر ضميره وربحت اهواءه …سيطرت رغبته عليه وهو يتأمل ملامحها الرائعة!!…ضحكتها التي تشع من وجهها وغمازاتها الساحرة …كيف يمكنها أن تكون جميلة بذلك القدر…كيف لأحد أن يمتلك هذا الجمال الآخاذ…كانت عينيه الذهبية تلمع بقوة رهيبة ..ويده تحتر ق للمسها …هذا خطـ.أ …محر م …شئ خسـ يس ليفعله ولكنه لا يستطيع السيطرة على نفسه …هو محق …وجودها هنا خطيـ ر للغاية على قلبه …
بصعوبة ثبت عينيه على الأرض واتجه خارجا من المنزل …تركت عبير الهاتف فجأة وقالت بخفوت :
-رايح فين يا أمير …
-طالع اقعد علي السطح شوية …
ثم فتح الباب وخرج …تنهدت عبير بعمق ..كانت حائرة … لماذا يبتعد عنها بتلك الطريقة الغريبة …هو حتى نادرا ما ينظر الى عينيها …ينظر أرضا دوما…لقد افتقدت كونها نوح لان أمير وقتها كان قريب منها …يتحدث معها …
تنهدت مرة آخري ولكن بحزن وأكملت حديثها مع جواهر
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تجلس مطرقة رأسها وهي تفرك كفيها…تقابل هذا العريس الذي أتى ليتقدم لها …رجل بسيط من حارتها ولكنه مرتاح ماديا نوعاً ما ..لديه ورشة نجارة وهو في منتصف الثلاثين من عمره …ابتلعت رانيا ريقها وهي تشعر بقلبها يدوي في صدرها وتتساءل هل فعلت الشئ الصحيح …ولكنها نهرت نفسها بسرعة وهي تفكر ان هذا هو الشئ الصحيح بكل تأكيد …من تنتظر ؟!هل تنتظر يحيى الذي خطب ليان رشيد وسيتزوج منها قريباً …هي لن تكون له ..لن تدخل حياته الا بشكل واحد فقط ان تكون عشيقته او زوجة بالسر وهي أبداً لن تقبل هذا لنفسها …ستتحكم في قلبها ولن تجعل قلبها هو من يقودها…لقد فعلتها مرة واعترفت بحبها له ولم تسبب لنفسها الا الإحراج …بالإضافة الى انه حتي لو احبها وهذا مستحيل بالطبع والدته لن تتركها وشأنها …ما زالت تتذكر اها نتها لها …ولولا تدخل السيدة عبير كانت قد استمرت في وصلة اها ناتها التي لا تنتهي ..
-سرحانة في أيه ؟!
قالها سامي بنبرة لطيفة نوعا ما وهو ينظر إليه …رفعت عينيها البنية إليه ثم اخفضتهما مرة آخري وهزت رأسها وهي تقول :
-مفيش …لو حضرتك حابب تسألني او تتكلم أتفضل ..
-طيب وأنتِ مش عايزة تسألني ؟!
-بعد ما حضرتك تتكلم …
ابتسم سامي وقال:
-بصي يا ستي ..أنا سامي رياض…دبلوم تجارة وعندي ورشة وارثها عن ابويا أنا اللي كبرتها وعملتها …معايا شقة ملكي برا الحارة دي لو حابة تعيشي فيها او تعيشي في بيت العيلة اللي في الحارة هنا ..ده حاجة ترجعلك يعني. ..الحمدلله اموري تمام وحالتي مرتاحة شوية …كنت بشوفك من زمان في الحارة وحبيت ادبك وأخلاقك وانك متحملة مسؤولية والدتك ومش بتمدي ايديكي لحد ولقيت اني مش هلاقي زيك …
فركت كفيها بتوتر شديد ليكمل هو :
-بس فيه حاجة حابب اقولها …أنا مش عايزك تشتغلي بعد جوازنا …وان كان على أمك انت هخصصلها مبلغ شهري….
صمت قليلا ثم أكمل ..
-حابة تسأليني عن حاجة …يالا ..
هزت رأسها بالنفي وهي مثبتة عينيها على الأرض …فأكمل هو :
-لا لازم تسألي ده حقك …اتكلمي يا أنسة رانيا وقوليلي عايزة حياتنا تمشي ازاي …لازم اعرف احنا شبه بعض ولا لا….
-بتصلي ؟!
سألته بإيجاز فرد مبتسما:
-ايوة الحمدلله ربنا يديم علينا نعمة الصلاة ونعمة الإسلام …
-هتخليني أزور أمي واخدمها …مش هتمنعني يوم عنها حتى لو كان بيننا مشاكل…
هز رأسه وقال:
-مستحيل امنعك عن والدتك …مش هشيل ذ نب قطـ ع صلة الرحم .
ابتسمت رانيا براحة وأكملت بتردد:
-طيب انا حابة اكمل دراستي …يعني أنا سيبت المدرسة في الاعدادية وحابة ارجع أكمل ..
ابتسمت بحماس وأكملت:
-حابة ادخل معهد التمريض وبعدين اكمل كلية
أختفت الإبتسامة عن وجهه وقال بجدية :
-ليه ؟!
-ايه هو اللي ليه ؟!
-ليه حابه تتبهدلي أنا هصرف عليكي مفيش داعي تدخلي معهد وبعدين كلية وبعدين تشتغلي …يعني الموضوع ملهوش لازم يا آنسة رانيا .. أنا الحمدلله قادر افتح بيت وأصرف عليكي ومش هخليكي تحتاجي حاجة. ..
ابتلعت ريقها وقالت:
-عشان انا حابة كده …حابة أفرح بنفسي ..
-آه الكلام الفاضي اللي بنشوفه على الفيس …شوفي يا آنسة رانيا مش هزوق في الكلام …أنا هصرف عليكي بما يرضي الله وهخليكي تزوري اهلك وليكي شقة منفصلة او لو حابة تسكني في بيت عيلة وبرضه مش هخليكي تخدمي أهلي يعني متقلقيش ده مش واجب عليكي ….وهديكي الآمان وههتم بيكي ..لكن معلش موضوع تعليمك ده أنا مش موافق عليه من دلوقتي …أنا مقدرش اشوف مراتي اعلي مني …مش غرور ولا حقـ د بس ده هيضايقني غير كده هتهـ ملي بيتك عشان الدراسة اللي أنتِ اصلا مش هتشتغلي بيها فأنتِ قرري الاستقرار والجواز غير ان والدتك هتبقى مبسوطة وهخصصلها راتب قصاد دراستك اللي عايزة تكمليها…ده هيكون اختيارك !!!
…………
في مكتبه ..
كان يجلس وهو يتأمل صورة ما …صورة له هو وفتاة سمراء رائعة الجمال ….فتاة عشقها يوما أكثر من الحياة…كارمن ..كارمن كانت يوما كل حياته …ولكنها خا نته …طعـ نته في صدره …وهو لا يسامح من يخو نه …لا يسامح من يكذ ب عليه …ورغم انه عشقها حد الجـ نون الا انه اخرجها من حياته دون تردد ورغم توسلاتها…رغم ندمها وعشقها الذي يفيض من عينيها الا انه لم يسامح …تلك هي طبيعته لا يمكن تغييرها ..هو لا يمتلك صفة التسامح …لا يمتلك قلب متسامح …ولا يمكنه أن يغير من طبعه او صفاته الآن …
اخرج قداحته الفضية واشعل النيران بالصورة ثم وضعها في المنفضة الكريستالية امامه وهو ينظر الى الصورة وهي تحتر ق بنظرات قاتمة للغاية …لقد انها.ها للتو من حياته باكملها …لن يفكر بها مرة آخري …لن ينبض قلبه لأجلها مرة آخري…هو يستطيع ذلك وسيفعل …
تنهد وهو يخرج عبوة سجائره ليدخن ….
بينما كان يمسك سيجارته ويدخنها …لا يعلم لماذا اقتحمت عبير فجأة عقله…دون سابق انذار …ابتسامة تشكلت على شفتيه وهو يتذكر جدالهما الذي لا ينتهي ….
……..
وقفت امام المرآة ونظرت الى نفسها نظرة آخيرة …فستانها الأسود المكسو بأزهار صغيرة بيضاء بدا رائع للغاية عليها …حقا بدت في تلك اللحظة جميلة للغاية …تركت شعرها منسدلا ولم تضع الا أحمر شفاه فاتح…
-انا حاسة اني بغر ي الراجل ….
قالتها جواهر بحنق …ثم أغمضت عينيها وهي تتنفس بعمق وتقول :
-ركزي يا جواهر لازم تكسبه ثقته وتعرفيه أنك واثقة فيه …لازم تعملي كده عشان تقدري تاخدي الشيكات …
ابتسمت بثقة وقالت:
-هتقدري عليه بإذن الله …كل اللي عليكي تعرفي ايه هي نقاط ضعفه وتحاولي تستغـ ليها والموضوع هيبقى بسيط ….
عدلت من وضع شعرها والقت نظرة آخيرة على شكلها ثم خرجت !!
…..
طرقت الباب ثم دخلت لمكتبه
-ياريتني كُنت افتكرت مليون جنيه!!!
قالها عدي بسخرية فقالت ضاحكة :
-يعني بتفكر فيا ؟!
صمت وهو جالسا على المقعد …كان يبدو مختلفا الآن …كان يبدو رجلاً حزيناً ….
-كنت حابة اتكلم معاك ..رايق ولا لا ….
-ولو مش رايق اروقلك يا مهلبية …
قالها بهدوء لتبتسم هي وتقترب منه …تقف بجواره وتنظر إليه بعينيه السوداء …تحاصره وهي تحاول القاء سحرها عليه وتقول:
-انا حابة نبدأ من جديد يا عدي …عايزاك تبقي أماني وتحميني من بابا …عايزاك تبقى أقرب ما ليا وعايزة أكون أقرب ما ليك …
كان ما زال ينظر إليها…كان التشويش ظاهراً على وجهه …ليس السخرية او البرود بل كان مشوشاً …لا يريد ان يثق بها …هي ابنة الرجل الذي ساهم بتحـ.طيم قلبه…قد يكون والدها هو من دفعها إليه …كيف يثق بإبنة شريف…كيف يمنحها ثقته الكاملة …لقد فعل هذا مرة وتحـ طم بقوة….هل يكون بهذا الغبا ء مرة آخري …
رفعت جواهر حاجبيها وقالت:
-ايه هو الموضوع محتاج التفكير ده كله يا عدي ؟!واضح.انك اتأذ يت من بابا وانا كمان اتأذ يت منه كتير …يعني احنا الاتنين ضحا ياه …وانا حابة أبقى في حمايتك …
نهض ليشرف عليها من علو …نظراته القاتمة تحاصر نظراتها …لم تظهر جواهر توترها بل كانت تنظر إليه بإبتسامة صافية وقالت وهي تمد كفها:
-نبدأ من جديد …
ظل يفكر للحظات ثم احتوي كفها وقال :
-بس خلي بالك أنا مبسامحش الخا ين ولا الكد اب يا بيري…مش هسامحك ابدا لو خو نتيني !!
ولكن جواهر كانت قد.حسمت أمرها …إن كان الكذ.ب او الخد اع سيخرجانها من هذا الجـ حيم فلا بأس لتكون مخاد عة !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-صورتها أهي …
قالها الرجل المسن وهو يعطيه صورة ليان وقال:
-بعد ما تقـ تلها هتأخد باقي حقك …هي ليها بودي جارد ..اقتـ له هو الأول واقتـ لها بعديه!!!مش عايز أي غلط يا جلال ..متبقاش غبـ ي زي عوض ..
ابتسم جلال وهو ينظر لصورة الفتاة وقال :
-قريب أووي هتسمع خبرها !!
يتبع
رواية اين انا الفصل الثاني والعشروين 22 بقلم ضحي ربيع