الفصل الرابع عشر(الجميلة والوحش !)
اخترقت الكلمات أذنه بشدة …للوهلة الأولى شعر أنه أخطأ الفهم …ولكن دموعها كانت حقيقية …ما تقوله كان حقيقي تماما …نظر حوله وجد أنه لفت إنتباه الأطباء والعاملين بالمشفى …ازدرد ريقه وهمس:
-قدامي علي مكتبي لو سمحتي …
وبالفعل قادها الى المكتب وعقله لا يتوقف عن التفكير أبدا !!
….
فُتح الباب ليدخل يحيى ومن خلفه رانيا الذي أخذت تسب نفسها عدة مرات لأنها أخرجت ما في قلبها …كم هذا مُحرج …بالتأكيد سوف يفكر أنها بلا أخلاق والأسو أ أنه قد يعتقد أنها باحثة عن المال …أنها لا تحبه شخصيا بل تريده لماله…رباه ماذا فعلت بنفسها …كيف تكون بهذا الغبا ء …لا تصدق أن الكلمات انزلقت من شفتيها بتلك السهولة …أغمضت عينيها وهي تتنهد بقوة ثم بدأت بمسح الدموع التي لطخت وجهها …أتخذ يحيى مكانه على مقعده المتحرك …كان بحاجة إلي أن يجلس …ما قالته زلزله…فعليا ..هل فعل شئ يوحي لها أنه معجب بها !!هو لا يتذكر ابدا أنه أعطاها اي أمل إذن كيف تفكر به بتلك الطريقة …كان يعيش الصر اع بين أن يكون حازم معها لكي تفيق من اوهامها أو أن يكون لطيف ويقنعها ان ما تشعر به قد يكون إفتتان فهو ابدا لم يفكر بها بتلك الطريقة ولن يفعل …
نظر إليها ووجدها تطرق برأسها على الأرض وقال بهدوء:
-أقعدي يا آنسة .
هزت رانيا رأسها وقالت بصوت مبحوح من أثر البكاء
-شكرا أنا مرتاحة كده …
نهض بضيق …وهو يشعر بالإختنا ق …كان ينتقي كلماته بعناية شديدة لا يريد أن يجرحها…
-ايه اللي أنتِ قولتيه من شوية !!
ثبتت عينيها على الأرض وأخذت تفرك كفيها بتوتر بينما الدموع تتساقط تباعا من عينيها …
-انسه رانيا ردي عليا لو سمحتي …حب أيه اللي بتتكلمي عليه …ازاي تحبيني أنا !!!
نشجت وهي تنظر إليه وقالت:
-مش بإيدي …
-اومال بإيد مين !!!احنا حتي مبنتكلمش سوا عشان تحبيني …ده أنتِ بتشوفيني صدفة في المستشفي !!…ده أكيد مش حب افتتان ..مش حب ابدا أنتِ متهيألك !!!
-لا أنا متأكدة من مشاعري !
– بس أنا عمري ما لمحتلك من بعيد أو قريب اني بحبك أو حتي معجب بيكي …أنا حتي نادرا ما بتكلم معاكي فحب ايه اللي حبتهولي بسرعة ده …وبعدين أنا مفيش اي حاجة من ناحيتي ليكي ابدا …
قالها يحيى بنبرة هادئة بينما يضيق عينيه وهو يراقب دموعها التي تتساقط دون توقف …اخـ تنق صوتها وقالت:
-عشان أنا بشتغل في المستشفى بتاعتك …عشان عاملة نظافة صح !!
-متلعبيش دور الضحـ ية !!أنا يا بنتي وعدتك بحاجة …لمحتلك بحاجة…ما هو الحب مش عافية ..بغض النظر عن مكانتك الإجتماعية بس أنا مفكرتش فيكي بالطريقة دي ولا هفكر!!…
هزت رأسها وهي تمسح دموعها قائلة :
-أنا اسفة …أسفة أنت عندك حق ..بس في حاجات قولتها مش صح …أنا فعلا حبيتك رغم أنك مستحيل وده مش ذنبك أنا اللي بصيت للسما ونسيت نفسي …يعني مش متهيألي ولا حاجة ..أنا مش عايزة منك حاجة ..أنا خلاص هسيب الشغل هنا وهمشي ..
-يكون ده أفضل ولو حابة اشوفلك شغل تاني عشان …
قاطعته مبتسمة بينما دموعها لا تتوقف عن التدفق …بدت حزينة بشكل مثير للشفقة :
-لا شكرا يا دكتور أنا هتصرف….سلام …
ثم أنسحبت من مكتبه ومن حياته بالكامل !!
جلس على مكتبه بضيق وهو ينظر الي أثرها ..هل كان قاسي معها …هل ضغط عليها …أغمض عينيه بتعب وقال:
-يارب أعمل ايه انا دلوقتي …يارب ساعدها ….ساعدها تلاقي شغل بعيد عن هنا
……..
خرجت من المشفى بأكملها ودموعها تتسابق على وجهها …كانت قد بدلت ملابس العمل وارتدت قميصها الابيض وتنورتها السوداء …لم تهتم بإخفاء دموعها أو كتم شهقاتها …كانت متأ لمة لدرجة أنها لم تلاحظ نظرات الناس الغريبة لها….وضعت كفها على قلبها وهي تكمل سيرها …كيف فعلت هذا بنفسها …كيف اها نت نفسها بتلك الطريقة الر.خيصة …لقد ألقت قلبها وكبرياؤها وكرامتها تحت قدميه …لم تهتم بأي شئ وهي تعترف بحبها له …ماذا ظنت ؟!! ظنت أنه سوف يبادلها الحب …هي واهمة…واهمة وغـ بية !!
جلست على أحد الأرصفة وهي تنظر إلى الأرض وتبكي …تشعر أن الحياة قد لفظتها بالكامل …تمنت في تلك اللحظة أن تمو ت بالفعل …كانت تشعر بالخجل من نفسها …ليتها لم تتحدث …ليتها لم تعترف …رغم لطفه البالغ معها إلا أنها شعرت بالخجل وهو يخبرها أنه لم يشعر نحوها بأي شئ …وأنه لم يعدها ولم يعطيها ولو تلميح واحد ..هو محق وهي فقط المخطئة …هي فقط …لقد.مدت كفها للسماء تحاول امساك القمر ولكنها وقعت بنجمة ملتهبة أحر قتها وهي سوف تعاني طوال حياتها من جُر ح لن يندمل أبدا!!!
-أنتِ كويسة يا بنتي ؟!
قالتها سيدة ما وهي تنظر الى رانيا الباكية بقلق …
نظرت إليها رانيا ومسحت دموعها وقالت :
-مش كويسة .. مش كويسة خالص … بس هكون كويسة …هكون كويسة بإذن الله …
ثم نهضت مسرعة وهي تتجه الي الشارع العمومي لتستقل وسيلة النقل العمومية
…..
في العربة…
كانت تسند رأسها على النافذة الزجاجية ودموعها تتساقط بتتابع …لا يمكنها أن تنسى ما فعلته …كان غضبها من فعلتها المشـ ينة أكبر من ألـ م رفضها من قبله ….لقد ر خصت نفسها …كيف يفكر بها الآن …هو حتى لو كان بقلبه إعجاب طفيف نحوها الآن سوف يتلاشى بسبب وقا حتها وإعترافها الصريح …..
-مين يا بشوات مدفعش الأجرة ..
قالها السائق بضيق ولكن لم يرد أحد …نفخ بضيق وصوته أرتفع الآن:
-مين يا بشوات مدفعش أم الأجرة …ايه الاصطباحة دي ما تخلصوني يا اخوانا ولا أرجع الفلوس لأصحابها ونقف ونشوف مين اللي مدفعش …
هنا فاقت رانيا من شرودها وتلون وجهها بحمرة الإحراج والخجل وقالت:
-أنا مدفعتش …معلش كنت سرحانة …
ثم أعطت للرجل الذي أمامها النقود …فز عق السائق بها :
-ما أنا من الصبح يا آنسة شغال اقول مين مدفعش أم الأجرة ..على الأقل ردي …
اطرقت رانيا برأسها وهي تمسح دموعها ليتدخل رجل مسن نوعا ما يجلس بجانبها ويقول:
-ما خلاص يسطا أُجرتك وأخدتها …البنت كانت سرحانة وسرع شوية الله يخليك ورانا شغل …
-حاضر يا عمنا ..
قالها السائق ثم بدأ يقود في صمت…
نظرت رانيا الى الراجل بإمتنان ليعطيها منديل ورقي ويقول بصوت منخفض:
-أمسحي دموعك يا بنتي وسبيها على الله
-ونعم بالله..
تمتمت رانيا وبدأت بمسح دموعها
…..
وصلت رانيا الى منزلها الصغير …كانت والدتها جالسة على كرسيها المتحرك تتابع أحد الأفلام القديمة على التلفاز الصغير …ولكنها تجمدت وهي ترى رانيا بهذا الشكل …
-مالك يا بت يا رانيا فيه ايه ؟!
قالتها والدتها بخوف لتقترب رانيا منها وتجلس علي الأرض امامها ثم تسقط رأسها على ساقي والدتها وهي تجهش بالبكاء …شعرت ان قلبها سوف يخرج من صدرها من شدة الأ لم …تشعر بالإ ختناق!!!رباه هي تشعر انها سوف تمو ت …
-مالك يا حبيبتي …مالك !!
قالتها رابحة وقد أحر قت الدموع عينيها لترد رانيا:
-قلبي واجعني اووي يا أما …حاسة اني همو.ت ..همو ت يا أما ..همو ت مش قادرة استحمل …
-اسم الله عليكي يا بنتي ايه اللي حصل يا رانيا بس …
ولكن رانيا لم ترد وأخذت تبكي بعنـ ف لتربت والدتها على رأسها وتقول:
-ربنا هيحلها من عنده يا بنتي متيأسيش …اللي عند ربنا مش بعيد
………..
اليوم أتت سماح والدة ياسين والتي كانت في غاية اللطف معها عكس أبنها قليل الذوق الغبي ..ثم أخذت ياسمين معها وكم كانت ممتنة لها …فيجب أن تذهب ياسمين لكي تستطيع ورد أن تتحدث مع ياسين …يجب أن تضع النقاط على الحروف ..هي لن تتحمل بروده أكثر من هذا …يجب أن يسمعها والا يكون بهذا الغبا ء …
..
كانت جالسة على الأريكة وهي تنتظره …ترتب في عقلها ما سوف تقوله له …يجب أن تواجهه اليوم…ان تكون ضعيفة…لن تخاف ابدا …وهو يجب أن يستمع إليها …يُعطيها حق التبرير …لا يحكم عليها بتلك القسو ة دون ان يستمع لها …هذا ظلـ م كبير منه هي لن تتحمله!!
فُتح الباب ليدخل هو وتظهر عليه علامات الإرهاق …نظر حوله ثم قال :
-فين ياسمين .
-مامتك أخدتها …
-من غير اذني !!
قالها وهو ينظر الى عينيها وقد أظلـ مت عينيه
ارتعشت عندما تلاحمت نظراتهما …نظراته المظلمة جعلتها ترتعش من الداخل …ولكن لا هي لن تسمح له بإرهابها ابدا …لذلك رفعت راسها وقالت:
-مامتك كانت عايزة البنت والبنت كان نفسها تروح مع جدتها وكده كده بكرة أجازة فقولت تقضيه عند جدتها وابقى أنت روح جيبها ..وقولت ان دي فرصة لينا عشان نتكلم أنا وأنت في اللي حضرتك قولته قبل كده …
ارتدى قناعه الجليدي وقال؛
-مفيش حاجة نتكلم فيها …أنا جاي من الشغل تعبان وهنام علطول حتى مش هأكل….
ثم كاد بالفعل ام يذهب من امامها الا انها توقفت امامه وقالت بقوة :
-وأنا أصلا معملتلكش أي أكل …بس لا يا ياسين هنتكلم يعني هنتكلم …مش بمزاجك …زي ما اتهـ.متني تسمع تبريري ولا أنت حابب تصدق اني واحدة خا ينة وخلاص ..متجوزاك وقلبي مع غيرك …!!
ذلك الحديث اشـ عله بقوة …اراد ان ينهيه لانه يعرف أنه ان فقد اعصابه لن يكون الأمر جيدا …هو عندما يتذكر كلام والدتها يغضب كثيراً!!
أغمض عينيه وزفر بقوة قائلا:
-يا بنت الحلال خليني أروح وارتاح شوية الكلام ده مش هيجيب نتيجة …
ثم بالفعل كاد ان يغادر من امامها
الا انها أمسكت ذراعه وصرخت :
-لا هنتكلم الأول ….
د فعها بخشونة ثم القى حقيبته أرضا ليجذبها إليه بقوة حتى التصقت به واختلطت انفاسهما وقال وعينيه تشـ تعل ؛
-تمام خلينا نتكلم على اللي سمعته من والدتك اللي قالت أنك بتحبي علي …ها برري …برري اللي سمعته!!!
ارتعش صوته وبان الضعف في نظراته وقال:
-بتحبيه …بتحبيه يا ورد ..ومقدرتيش تحبيني …تخيلي أنا حاسس بإيه الأيام اللي فاتت …حاسس بنا ر جوايا…الشيطا ن بيلعب بعقلي وانا همو ت من قهـ رتي..!!
د فعته وصر خت وقد فقدت سيطرتها على نفسها ؛
-أيوة حبيت وكان حب من طرف واحد …ايه ارتكبت جر يمة …ورغم اني حبيته بس معملتش حاجة غلط ولما خطبني برضه معملتش حاجة غلط …ولما سابني فجأة من غير ما يهتم بأي حاجة برضه موقفتش في طريقه ولا ضايقته وقررت أنساه وفعلا خرجته من بالي ….
أغمضت عينيها وهي تفرغ دموعها ثم قالت بصوت مختنق :
-بعدين دخلت أنت حياتي …رغم اني مكنتش مستعدة لخطوة الجواز دي ابدا بس حصل وأتجوزتك …وقررت اخليك كل حياتي …بقا بيتك بيتي …وبقت بنتك بنتي وعمري ما فكرت أقصر معاك ولا معاها …ورغم أنك مغـ فل وغبـ ي وجلنـ ف وكل مرة تكـ سر قلبي الا أني بكل آسف حبيتك …للأسف حبيتك …
أشرق وجه ياسين وهو ينظر إليها ونبض قلبه بقوة …ظن في البداية انه قد سمع خطأ ولكن لا هذا صحيح …لقد أعترفت أخيرا بحبها له …اراحته أخيرا بكلماتها تلك …حاول الإقتراب منها ولكنها ابتعدت وقالت:
-أنت عمرك ما هتتغير هتفضل طول عمرك كده…مبتسمعش حد مبتديش لحد يبرر بتحكم على الناس من غير ما تسمعهم …وانا خلاص بطلت احاول معاك …مش هقدر امشي المركب لوحدي يا ياسين …انا هسيبلك المركب وانت ارجع لجوري اما أنا هنا هكون عشان خاطر ياسمين وبس وفي اليوم اللي مش هتحتاجني فيه ياسمين همشي من هنا !!!
………………….
في المساء
خرج من الحمام وهو متكدر المزاج حتى الحمام البارد الطويل لم ينعشه …ظل يفكر بكلماته التي قالها لرانيا …هل بالفعل حـ طم.قلبها وهو يخبرها انه لم يفكر بها بتلك الطريقة …ولكن تلك هي الحقيقة …لا يمكنه أن يدعي أنه يحبها فقط لانها احبته يجب هي ان تفهم هذا …
أغمض يحيى عينيه بتعب …كان يريد التركيز علي موعده اليوم مع ليان ولكنه كان مشتت جدا …ضميره يعذ به رغم انه كان في غاية اللطف معها صحيح كان حازم.قليلا ولكنه كان يجب أن يفعل هذا كي لا تتأمل منه أي شئ …حك رأسه وأخذ يفكر كيف أحبته تلك بتلك السرعة …متى من الأساس تحدث معها لتحبه كما تدعي…ربما الأمر ليس حب …ربما هو مجرد افتتان قد تكون أحبت شكله الوسيم … مركزة الإجتماعي ولكنه لا يظن انها احبته لشخصه …ولكن …لكن دموعها كانت حقيقية بالفعل لن يُنكر الأمر بدت حقا محـ طمة وهذا أكثر ما يزعجه …فهو لم يتمني أبدا ان يؤ ذي أحد وبالطبع لم يرد ان يؤ ذي تلك الفتاة المسكينة …
تنهد وهو يستند على طاولة الزينة ويحاول اقناع نفسه إنه ليس السبب في الذي حدث …هو لم يقترب منها من الاساس لم يغازلها حتى فليس ذ نبه انها رسمت احلام بشأنه …غير ذلك كانت يجب أن تفكر بالفروق الإجتماعية بينهما قبل تم تسلم قلبها بتلك البساطة…هز رأسه بقوة وهو يقرر انه لن يفكر بها بعد الآن هو عرض عليها المساعدة وهي رفضت وهذا ليس ذ نبه ابدا …وبهذة الكلمات اراح ضميره …ثم اتجه الى الخزانة وأخرج منها الحلة السوداء الخاصة به …يجب أن تكون صورته حسنة اليوم …حسنا إن تم ر فضه سيشعر بالإ هانة..وهنا تذكر انه رفض رانيا يا تُري بماذا شعرت …عاد تأنيب الضمير ينهشه من الداخل …يشعر انه سوف يجن لم يعد يحتمل أفكاره ابدا …
هز رأسه بقوة ثم وضع حافظة الحلة على الفراش ….
اخرج حلته السوداء من الحافظة ثم خلع مئزر الحمام وبدأ بإرتداء ملابسه …
خمس دقائق وكان قد انتهي تماما….وقف أمام المرآة وهو يمشط شعره الأشقر الناعم ثم أمسك زجاجه عطره ورشها عليه ثم تراجع وهو ينظر الي انعكاسه بشرود…يبحث عن الفرحة بعينيه فلا يجدها …يبدو ان السعادة قد هجرته!!!
تنهد يحيى بحزن وجلس على الفراش …ضميره لا يتركه وشأنه …رغم كل المبررات التي وضعها لنفسه والتي بدت حقا مقنعة الا انه لا يمكنه دفع هذا الشعور البغيض بعيدا …هو ما زال يشعر بالحزن عليها…بالشفقة على حالها …ربما يستطيع أن يتواصل معها ويجد لها عمل بمكان آخر وقتها سوف يرتاح بكل تأكيد !
……..
نزل يحيى من غرفته ليجد والده ووالدته ينتظرانه …ما أن رأته والدته حتى أشرق وجهها وابتسمت بسعادة وقالت بلهفة ؛
-بسم الله ما شاء الله …اللهم بارك …ايه الحلوى دي يا يحيى والله عريس…بإذن الله لما تتجوز انت وليان هجيبلك بدلة زي دي لايقة عليك أووي …
ابتسم يحيى على والدته وقال :
-ياااه جواز مرة واحدة يا ست الكل ؟!ده أنا رايح اشوف البنت واعرف تفكيرها وهل هتناسبني ولا لا …وأنتِ جوزتينا وأكيد دلوقتي بتفكري هتسمي ولادنا ايه …
ضحكت والدته وقالت:
-بصراحة كده أيوة …يا عدي يا بني ده يوم المنى أنت أخيرا هتتجوز وتستقر وتجيبلي حفيد قبل ما أمو ت وبعدين ليان بنت قمر وانت هتحبها أنا متأكدة …ربنا يهنيك يا بني ويجعلها من نصيبك ويفرحك دايما ..انت أبن حلال وتستاهل.
-أمين يا أمي ..ادعيلي دايما…
ابتسمت وأمسكت كفه قائلة:
-هدعيلك يا حبيبي هدعيلك هو أنا ليا مين أغلي منك
…………..
-شايفك بقيت أحسن بكتير لدرجة نزلت من أوضتك …
قالها عدي بإبتسامة وهو يقترب من موسى ويربت على كتفه برفق …ابتسم موسى وقال :
-مليت من قعدة الأوضة والله وبعدين حاسس نفسي بقيت احسن …شكرا يا عدي ..
-بطل عبط ياض ده أنت أنقذت اختي
ابتسم موسى ولم يرد …ثم نظر حوله ليتستشعر شئ غريب في القصر …ضيق عينيه وقال:
-في حركة غريبة في القصر النهاردة خير ؟!
ابتسم عدي بسعادة وقال:
-الدكتور يحيى …صاحبي القديم جاي يزورنا هو وعيلته زمانه على وصول …
-يحيى اللي عملي العملية صح ..
هز عدي رأسه وقال:
-هو شاف ليان في المستشفي وعجبته وأتقدملها …
أختفت الإبتسامة من على وجه موسى وشعر فجأة وكأن أحدهما ألقاه بالنير ان…شعر فعليا كأن روحه تنسل ببطء مميـ ت من جسده فقد وقع عليه هذا الخبر كالصا عقة …
رسم الابتسامة بصعوبة على شفتيه وقال بصوت خافت :
-وليان وافقت عليه ..
-اكيد يا موسى ..مش هجوز البنت بالغصب يعني …صحيح لما عرضت عليها أول مرة رفضت بس أمبارح جاتلي فجأة وقالتلي موافقة …
أطرق موسى برأسه وهو يخفي الأ لم الذي برز بوجهه…انه يخسـ رها ..ولكنه السبب …هو السبب !!
-عدي أنا رايح اوضتي تعبت شوية .
-اكيد.يا موسى روح ارتاح…
……
ولج غرفته وهو يشعر بالإختنا ق….شعر وكأن أحدهم يعتصـ ر قلبه بقوة ….رمش بسرعة وهو يشعر بالدموع تحر ق عينيه…إن أ لم خسا رتها قا تل ولكن ماذا يفعل ؟!ماذا يفعل …
اتجه الى فراشه وتسطح عليه هبطت دمعة من عينيه وهو يقر ان ذلك هو الأفضل لها لن يربطها بها وهو لديه كل تلك التعقيدات …لقد كان انا ني يوما ولن يفعل هذا مرة آخرى…
نهض مرة آخرى والتقط هاتفه وهو يبحث في الصور حتى وجد صورة لها …صورة التقطها خلسة في يوم عيد ميلاد صديقتها …ذلك اليوم الذي حدث الهجو م به…كانت تضحك في الصورة …ضحكتها فقط قادرة على إسعاده …هو يريدها هكذا دوما سعيدة …يريدها تضحك….يحب أن يذهب معها لحفلاتها المجنونة تلك …انه المكان الوحيد الذي تضحك فيه بإنطلاق …تكون مشاكسة بطريقة هو يعشقها …
تنهد موسى بحزن وهو يفكر إن كان سعادتها مع يحيى فلا بأس …ليتها فقط تكون سعيدة للأبد …
ثم قرب الهاتف منه وقبل صورتها
……..
كانت تقف أمام المرآة وهى تضع الماسكرا بينما نسرين تجلس خلفها …تنظر إليها بحزن …صحيح ليان تدعي انها سعيدة بقرارها ولكن نسرين تعرفها جيدا …تعرف ان السعادة التي علي وجه ليان كا ذبة تماما…ليان عندما تضحك عينيها تبرق بقوة …ولكن هذا البريق اختفي الآن …ابتسامتها تزين وجهها فقط وليس عينيها …
_أنتِ متأكدة من قرارك ده يا لي لي ..
قالتها نسرين بحزن لتهز ليان رأسها وتقول:
-يحيى إنسان كويس وانا مرتاحة من ناحيته…
-بتخد عي مين يا ليان …أنا نسرين صاحبتك …أنا اكتر واحدة فاهماكي …
تركت ليان الماسكرا وقالت بنبرة قاطعة:
-لا المرة دي اقتنعي يا نسرين …خلاص فعليا موسى أنتهي من حياتي …وانا هبدأ من جديد مع يحيى
-بس أنتِ مبتحبهوش !!!
اعترضت نسرين بقوة لتبتسم ليان بحزن وتقول :
-الحب مبقاش مهم يا نسرين…أنا وانتِ حبينا وايه اللي حصل بعدين …احنا الاتنين قلبنا أتـ كسر الحب مبيعملش حاجة الا انه بيكـ سر قلوبنا …أنا مش عايزة قلبي يتكـ سر تاني يا نسرين أنا تعبت …والله تعبت …
أحر قت الدموع عينيها لتنهض نسرين وتقترب منها ثم تعانقها بقوة بينما تقول بصدق بالغ :
-أعملي اللي يخليكي سعيدة وبس …لو خطوبتك من يحيى هتريحك ماشي…أنا حابة اشوفك مبسوطة …
ابتسمت ليان وقالت:
-وانا هكون.مبسوطة أوعدك….
ثم استمعت.لصوت سيارات ونظرت لنسرين وقالت؛
-يحيى جه.
…… .
نزلت الادراج بحذر وهي تتوازن على كعبها العالي تحاول ان ترسم ابتسامة على شفتيها وهي تنظر الى الأدراج بحذر …فجأة رفعت وجهها لتتجمد وهي تراه يقف أسفل الدرج…ابتلعت ريقها بتوتر ثم أكملت نزولها….
بينما هو كان بعالم آخر …كان فاغر فمه وهو ينظر إليها …منبهر بجمالها وبفستانها الأبيض الرائع …كانت دوما ترتدي الأسود من اجله …وكانت حقا تعجبه بكل حالاتها …ولكن اللون الابيض يلائمها أكثر …فهي بدت كالملاك به ….ابتسم بحزن وهو يفكر ..ملاك لن يكون ملكه أبدا!!..فهي يبدو انها سترتبط بهذا الطبيب الذي بالخارج…رجل من مستواها …طبيب محترم وانسان راقي …والأهم من هذا لا يمتلك ماضي يقيد حياته ولا كوابيس تحيل حياته لجـ حيم …رجل سوي نفسيا …رجل يستطيع إسعادها . .ابتسم ابتسامة حقيقية الآن وان كانت حزينة …على الأقل ستكون ليان سعيدة …سعيدة وآمنة …وهذا كل ما يريده.سعادة ليان لا يريد أي شئ آخر!!!
وصلت هي الى الأسفل ولكنها تجاهلته تماما وأتجهت الى الصالة الواسعة حيث الجميع هناك يضحكون …
كانت نسرين خلف ليان وقد وقفت أمام موسى ورفعت حاجبيها وقالت؛
-هتضيع من إيديك على فكرة …ايه هتفضل ساكت!!! أنا عارفة أنك بتحبها …باين على وشك على فكرة …دي حاجة متقدرش تخبيها يا موسى …فكر شوية مستعد ليان تضيع من إيديك…مستعد تشوفها بتتجوز واحد غيرك!!…قولي هتكون مبسوط لما تبقي ملك لغيرك!!!رد عليا متبقاش بارد كده وغامض…أنت اللي هتخسر في النهاية !!!
ثم تركته وذهبت ليتنهد هو بحزن وكأنه لا يُدرك.هذا …هو يعرف جيدا الجحـ يم الذي ينتظره!!!
………….
-مساء الخير …
قالتها ليان برقة وهي تقف بفستانها الأبيض الطويل والتي بدت فيه كالملاك…
-أهلا أهلا بعروسة ابني …
قالتها ليلى وهي تنهض لتذهب ليان إليها فتضمها ليلى برفق وتقول :
-ايه الحلاوة دي بس يا عروسة شكلك قمر وتجنني…
-ميرسي ..
قالتها مبتسمة ثم بدأت تحي الجميع….
كان يحيى جالس متباعدا على الأريكة ..عقله مشغول للغاية …ما زال يتذكر ما حدث …رباه متى سوف ينسى …متى!!!…هو حتى لم ينتبه لليان عندما خرجت وبالطبع لم ينتبه لها وهي تمد كفها بلطف لتصافحه…بل كان غارقا في افكاره عندما ربتت والدته على كتفه وهي تقول بغيظ:
-سلم على ليان يا حبيبتي …
وقتها أرتفعت عينيه ليجدها أمامه تمد كفها.بينما تنظر إليه بتعجب وحيرة نهض بإحراج وقال وهو يرسم ابتسامة معتذرة على شفتيه ؛
-اسف جدا …
ثم صافحها بسرعة وجلس ….ذهبت ليان وجلست بجوار شقيقها وهي ترسم ابتسامة لطيفة على وجهها رغم ان داخلها تحتر ق بالفعل …تريد حقا أن تصر خ أن ترفض كل هذا ولكنها أعطت كلمتها لشقيقها وهي لن تتراجع عن وعدها…
……
بعد قليل ..
جلسا كلا من يحيى وليان في الحديقة ليتعرفا على بعضهما ويتحدثان …
-ممكن اعرف اتقدمتلي ليه …متقولش الحب.
قالتها ليان بعفوية ليبتسم يحيى ويقول:
-لا يا ستي مش حب ولا حاجة …ومش شايف ان الحب مهم في الجواز …يعني في جوازات عن حب كتير فشـ لت عادي …بشوف اختيار القلب لشريك الحياة بيكون فاشل…وانك تشغل عقلك يكون أفضل بكتير وانا لما أتقدمتلك.شغلت عقلي..
-ازاي بقا ؟!
تساءلت بفضول فقال هو :
-يعني يا ليان أنتِ متعلمة…مستواكي الاجتماعي قريب من المستوي بتاعي …مثقفة وذكية وأخت صاحبي والاهم أنك شكليا عجبتيني …غير أني بسمع عنك كل خير … يعني العروسة المناسبة ليا واللي أنا اتمناها….. اتمني يكون أجابتي وافية ليكي ولا عندك أي سؤال اتفضلي أسألي
ابتسمت وقالت:
-انا مبسوطة لأنك خرجت الحب برا المعادلة عشان أنا كمان مش شايفة الحب مهم ..
رفع كوب القهوة لفمه وقال بإبتسانة رائعة:
-ممتاز يبقي أحنا متفقين …الحب مقر.ف بكل الأحوال …
-فعلا
قالتها ثم ضحكت برقة …وهي تشرب قهوتها هي الآخري …بينما من الشرفة كان يراقبهما موسى والحزن يسيطر على ملامحه!!
………………
استغلت فرصة إنشغال عدي مع ضيوفه وانسلت الى غرفة النوم واغلقتها جيدا ثم جلست. هي تشـ عل سيجارتها وتتذكر حديثها مع شريف..
…..
-لا معلش عيد تاني مين ده اللي أخليه يحبني ؟!!
قالتها وعينيها متسعة على آخرها…لابد انه يمزح !!
هو كتفه وقال:
-عدي خليه يحبك …
انفـ جرت بالضحك وقالت:
-أنت بتهزر صح …أكيد بتهزر …مين ده اللي يحبني …وبعدين أخليه يحبني أزاي ؟!اعمله سـ حر مثلا!!!ولا اروح ابوس رجليه واقوله حبني يا سعادة البيه وثق فيا ووريني مكان الشيكات . .بقولك ايه يا راجل انت شكلك راجل لاسع وهتودينا في د.اهية الله يخربيتك …
اعتصر شريف ذراعها وقال بغضب :
-متعرفيش تتكلمي بإحترام …هتبقي طول عمرك سوقية كده حتى بعد ما نضفتك ودخلتك قصر .
نفضت هي ذراعيه وقالت:
-خد يا عم القصر بتاعك ورجعني لأمي …انت كل افكارك ما شاء الله عليها…كل فكرة أعبط من التانية وانا زي البهـ يمة ماشية وراك …
-طيب أسكتي يا بهمية وخليني أتكلم
زعق بها لتنفخ بضيق وتقول:
-اتفضل اشجيني …ربنا يستر من افكارك العبقرية بس يارب اخلص من أم الجوازة دي ومنك كمان!!
-لو سمعتي كلامي هتخلصي …عاندتي هتلبسي في عدي رشيد طول حياتك وصدقيني وقتها هتمو تي عشان تتحرري منه …
وضعت كفها على وجهها وهي تفكر انها هي من وضعت نفسها في تلك الوزرطة العظيمة …ولكنها هزت رأسها وهي تفكر انها ليست نادمة بالمرة على ما فعلته …لقد ساعدت صديقتها وان عاد الزمن ستساعد عبير مرة آخري …هي لم تعتاد على التصرف بأنا نية ..خاصة مع عبير التي اعتبرتها شقيقتها يوما !!!
-أجذبيه ليكي يا جواهر …اجذبيه عشان يحبك….
قالها شريف لتعقد ما بين حاجبيها وتقول :
-أجذبه ازاي يعني هو أنا مغناطيس..
-أنا هفهمك.يا جاموسة بس أسكتي …
ابتلع ريقه وهو يرتب كلماته كي تقتنع.بها…فهو لن يترك فرصة نجاته تنفلت من بين يديه بتلك.السهولة ابدا..
-أنتِ ست يا جواهر يعني هتقدري بسهولة تجذبيه ليكي…وعدي مهما كان ذكي بس هو راجل ومش هيرفض واحدة بجمالك …
قالها شريف بهدوء ليتلون وجهها بحمرة الغضب …ماذا يقول هذا المجنو ن …هل هو واعي بما يقوله !!!كيف تجذبه …وبأي طريقة …فجأة اتسعت عينيها وقد نفضت الغباء عنها و ادركت أخيرا ماذا يقصد …هذا المعتو ه المنحر ف…
-نعم بتقول ايه ؟!!انت اتجننت يا عم أنا مستحيل اخلي العبيط ده يلمسني …
-ممكن.تخرسي محدش جاب سيرة انه هيلمسك أصلا …أنتِ ايه مفيش في دماغك الا الحاجات دي !!! استخدمي ذكاءك كأثني واجذبيه ليكي …
ربعت يديها وهي تقول:
-لا مش فاهمة فهمني …
-يخربيت اللي ربط الحمار وسابك والله …أنا اصلا نسيت أنك متعرفيش حاجة عن الانوثة …
رفعت حاجبيها وقالت:
-هتتكلم ولا أمشي !!
-خلاص هتكلم…القصد أنك تقوليله كلام حلو تحاولي تجذبيه بكلامك …بإهتمامك….أنتِ ست وهتفهمي أكتر ازاي توقعيه ..عدي لازم يقع علي جدوره في حبك عشان يسلملك ..
-والله شكلنا أنا وانت اللي هنقع على جدور رقبتنا وهنروح السجـ ن ..من أول ما عرفتك وانا النحـ س مش سايبني في حالي …
-نفسي في مرة تتكلمي بإحترام معايا…لكن لا لسانك عايز بـ تره …ما هو بسبب عبطك ده اتورطي معايا ..أسمعي الكلام واعملي اللي بقولك عليه ..عدي لو حبك هيجبلك العالم كله تحت رجليكي….خليه. يحبك يا جواهر عشان تتحرري من الجوازة دي !!!
….
خرجت من شرودها وهي تخرج دخان سيجارتها …شريف يظن ان الأمر سهل ..كيف سيحبها ..كيف تجعله ينظر إليها …..شريف متفائل للغاية وهي تعرف ان الأمر سينتهي بكارثة بكل تأكيد !!
…………
اخذ ينظر يمينا ويسارا ليتأكد ان لا أحد في الممر وعندما اطمأن مد كفه وفتح باب غرفتها براحة ثم ولج للغرفة بينما أغنية “past lives “تنتشر في غرفتها كالسحر …تنهد براحة وهو يجدها نائمة بمفردها ..لا يعرف أين ذهبت نسرين ولا يهتم ابدا….
اقترب منها وهي نائمة بهذا الشكل الساحر …تمسك هاتفها التي تسطح منه تلك الأغنية الساحرة والتي هي أغنيته المفضلة…اغنية حزينة قليلا ولكن جميلة للغاية .. …لطالما عرفت ما يحبه وجاهدت لتجعل الاشياء المفضلة لديه مفضلة لديها أيضاً …لونه المفضل اصبح لونها…ذوقه بالموسيقي اصبح ذوقها …هو لا يستحق هذا الحب منها …هو وحش وهي ملاك ….هي الجميلة…ولكن الجميلة يجب أن تبتعد عن الوحش كي لا تُصاب بالأ ذي …لانه سيمو.ت خلفها إن حدث لها أي شئ ..حبيبته الصغيرة …سعادته وشقاءه
سحب مقعد وجلس امامها وهو يتأملها وعلى شفتيه ابتسامة كم تبدو مبهجة للنظر…كم تبدو مريحة للقلب…وكم تبدو بعيدة عنه …بعيد بُعد النجوم…يعرف انه لن يستطيع الوصول إليها ابدا …ستبقي بعيدة عنه دائما وإن حاول الأقتراب سوف يؤ ذيها وهو ابدا لا يريد هذا …يريدها دائما سعيدة …آمنة …يريدها دائما ضاحكة …على الرغم ان قلبه يتأ لم لإبتعادها عنه …ولكنها بتلك الطريقة ستكون آمنه وهذا ما يهم…أليس العشق يعني ان تفضل من تحبه على نفسك …تتأكد من أنه آمن وسعيد …يكفيه ان يتأكد من هذا ولن يشتكي أبدا سيتحمل النير ان التي تشتغل بقلبه عن طيب خاطر طالما هي بخير ….
وضع رأسه علي الفراش جانبها وهو يتأمل ملامحها المحببة لقلبه ..
مد كفه ليلمس شعرها ولكن كفه توقف فجأة وهو يدرك ان هذا ليس ابدا من حقه …ليس من حقه ان يلمسها…
ابعد كفه والدموع تحر ق عينيه …أن تجد احلامك امامك ولا تلمسها هذا يُؤ لم كالجحيم …ليته لم يعشق مجددا…ليته.قتـ ل قلبه …
انسابت الدموع من عينيه وهو يفكر انها ستذهب لآخر …أمير يليق.بها …فالجميلة تستحق أمير وليس وحشاً مثله …ليان تستحق السعادة والسعادة ليست معه …
مسح دموعه وقرر ان يحقق حلمه … ربما هي المرة الأخيرة التي سوف يكون فيها بهذا القرب منها …اقترب وهو يضع شفتيه على جبهتها ويقبله برفق بينما دموعه تلامس جبينها ..ثم ابتعد.بسرعة وقال بصوت مختنق:
-ياريتني قابلتك وانا نضيف …ياريتني قابلتك وانا في ظرف غير ده خالص يا ليان ..ياريتني قابلتك قبل ما اتكـ سر…ياريت اقدر احبك من غير خوف أني أذ يكي ….
أطرق وهو يحاول السيطرة على نفسه …الأغنية الحزينة التي تنبعث مرارا وتكرارا من هاتفها لا تساعد بالمرة بل جعلت قلبه يتحـ طم…رباه كيف سيعيش بدونها ..كيف سيراها ترتبط بغيره …مسح دموعه وقال بصوت منخفض.:
-تعرفي لولا اللي عيشته ولولا الماضي مكنتش سيبتك تروحي لغيري …لو كنت موسى بتاع زمان كنت هحبك بحرية ..كنت هكون.أمانك وأنتِ كنتي هتكوني حياتي يا ليان ..بس للأسف مش كل اللي بنتمناه بناخده صح …هي دي الحياة …أنت هتفضلي بالنسبالي حلم جميل وهتفضلي حلمي…حلمي أني في يوم من الأيام اقدر أتجوزك ..ولو حتي مقدرتش أتجوزك ..هيبقي حلمي أني أحميكي ..هيبقي أني اشوفك سعيدة دايما وبتضحكي …اشوفك حابة الحياة ..اشوفك دايما في النور وانا هفضل.دايما اراقبك من الضلمة اللي أنا عايش فيها …بحبك يا ليان وهفضل احبك للأبد ..حتى تحتر ق النجوم ..
ثم أغلق الأغنية ووضع الهاتف بجوارها ..سحب الغطاء عليها أكثر ثم انسحب ليخرج من غرفتها ولكن فجأة وجد امامه نسرين وهي تبتسم بخـ بث وتقول:
-بتعملي ايه هنا يا بيضة ؟!
-ملكيش دعوة …
قالها ببرود ثم دفعها وخرج لتقول بغيظ ؛
-فعلا جلنف وقليل الذوق !
……….
وقف امام منزل صديقه وهو يتنهد بقوة …لن ينسى الشجار الكبير الذي حدث بينهما بسبب نسرين …وبعد التفكير وجد ان يوسف محق جدا …هو لم يجب أن يعامل ابنته بتلك الطريقة …لم يكن يجب أن يضر بها أمام الجميع …هو اخطـ أ كثيرا وكم.نادم على هذا …فبعد ان ذهبت نسرين لتمكث مع ليان رفضت ان تأتي للمنزل وهو لم يضغط عليها كي تنها ر أكثر من هذا ….
ابتلع ريقه وهو يضغط على جرس المنزل ليُفتح الباب بعد لحظات ويظهر يوسف الذي تلون وجهه بالغضب عندما رأه وما كاد ان يصر خ به الا أن كريم تكلم بإنهيا ر وقال:
-أنا محتاجك يا يوسف…مش محتاج حد يتخانق معايا او يلومني …محتاج حد يسمعني…محتاج حد يفهمني !!!
لم يشعر يوسف بالشفقة نحوه …فهو لن ينسى ابدا انه ضر ب نسرين أمام الجميع …لن ينسى انه جعل نسرين تنها ر بتلك الطريقة السيـ ئة…تأ لم قلب يوسف وهو يتذكر نسرين التي قررت ان تبتعد عن الجميع وتحتمي بوجود صديقتها …حتى انها ترفض الرد على مكالماته بإصرار غريب …وكأنها قررت البدء من جديد وقطع علاقاتها بالجميع …لن ينكر يوسف الأمر …الجميع خذ لها بطريقة ما حتى هو …لقد عا.قبها بشدة ولم يرأف بها …لم يراعي صغر سنها ولا تشتتها وهو الذي وعد نفسه انه لن يكون نسخة آخرى من والدها …وعد نفسه ان يتفهمها…يسمعها ويتجاوز عن اخطائها ويحتضنها …وعد نفسه انه لن يتركها ابدا …وماذا فعل ؟!تركها بالفعل في منتصف الطريق وعلى الرغم من توسلاتها لم يعود …لقد تصرف بقسوة غريبة معها …لن يُنكر الأمر ويبدو انها الآن قررت ان تبتعد عن كل من يؤذيها
-يوسف أنا محتاج اتكلم معاك ….لو سمحت أنا محتاجك !!!
زفر يوسف وهو يفسح له الطريق…وولج كريم بسرعة الى المنزل وارتمي على الأريكة بتعب …جلس يوسف مقابلا له وهو يشعر بالضيق …
-أنا عارف أنك متضايق مني …وعارف أني زودتها ..
قالها كريم بحزن وهو ينظر ليوسف ..صديق عمره …هو ابدا غير قادر على خسا رته ..هو نادم على ما تفوه به له وكيف أنه اها نه ….
كان يوسف ينظر إليه بضيق …يربع ذراعيه ويرفع حاجبيه ويقول:
-على ما أظن مش أنا اللي محتاج الاعتذار ده …بنتك اللي أنت ضر بتها قدامنا محتاجاه أكتر مني !!!
ازدرد كريم ريقه وقال:
-عندك حق أنا غلطت غلطة كبيرة في حق نسرين …معرفش عملت كده ازاي ..موعيتش على اللي عملته الا لما بنتي أنها رت وكانت هتضيع من بين إيديا يا يوسف…ودلوقتي هي فاكرة اني مبحبهاش !!
-طيب ما عندها حق !!
اردف يوسف ببرود ثم أكمل :
-طبيعي مادام معاملتك ليها كده هتفتكر انها مبتحبهاش !!!أنا مش قادر اصدق أنك مديت إيدك عليها …على نسرين يا كريم …نسيت ان أمها ماتت…المسكينة يتيمة الأم ومحتاجة حنان منك مش عصبية وضر ب وقلة قيمة!!أنا بجد اتصدمت منك …افتكرتك هتقدر تشيل الأمانة بس فـ شلت يا كريم …فشـ لت تشيل أمانة بنتك …ايه شايفها حمل عليك للدرجادي …مش قادر تتحملها الشوية دوول …
-لا والله يا يوسف…أنا بحب نسرين …دي بنتي يا يوسف ..بنتي.!!
-الحب مش أقوال الحب أفعال …قولي امتي آخر مرة حضنت بنتك …أمتى آخر مرة اتكلمت معاها حرام عليك انت كده بتكـ سرها يا كريم وانا مش هتحمل اشوف نسرين بتتعذ ب معاك …
أطرق كريم راسه بحزن وقال:
-يمكن عندك حق أنا اللي قصرت ويمكن ده اللي خلاها تمشي في طريق مش كويس …
نظر إليه يوسف بحيرة وقال:
-قصدك ايه ؟!
ابتلع كريم ريقه وقال:
-انا عرفت ان نسرين مرتبطة عشان كده كنت بعاملها وحش!!
………..
فتحت باب الحمام وهي تخرج بينما تشعر بالإنتعاش …اليوم سوف ينام أمير في ورشته لان لديه أعمال كثيرة وهي ستمكث في المنزل على راحتها …كانت مرتدية قميص أمير الذي لا يصل الي ركبتيها حتى كانت تضم القميص إليها وهي تشعر بالسعادة …لقد أعترفت أخيرا لنفسها …هي تعشقه …تعشقه بقوة …
ثم بدأت تعني وهي ترقص
مخصماك وابعد عني أنا مش طيقاك
أيوة مش عايزة أبقى معاك
متورنيش وشك ثاني
مخصماك مجنون بجد أنا مش فهماك
مش عايز عيني تشوف شكلك
ولا أسمع صوتك في وداني…آه …
صرخت فجأة وهي تجد أمير في منتصف الصالة ينظر إليها بصدمة وهو يقول :
-نسوان في بيتي !!!
………
ولجت للغرفة وهي تحمل صينية عليها طبقين من الارز بلبن…اتبعت طريقة ان اقرب طريق لقلب الرجل هو معدته …لا تعرف إن كان طبق الأرز الذي صنعته لعدي سيصل لقلبه ام لا ..
-ربنا يستر يارب الافكار دي تنجح والله حاسة اني عبـ يطة وشريف ده أعـ بط مني وهيودينا احنا الاتنين في ستين دا هية ربنا يستر يارب … يارب أنا غلبانة يارب استرها معايا
-ايه ده ؟!
قالها عدي وهو يخرج من الحمام ويجفف شعره بينما كان عاري الجذع كالعادة …لا يرتدي الا بنطال رمادي …
حاولت جواهر ان تتصرف بشكل طبيعي والا تشعر بالهـ لع وقالت؛
-دي زي ما بتقول طلب لبداية جديدة لينا أحنا الأتنين …
ابتسم عدي واقترب وهو يمسك المعلقة ولكنه توقف فجأة وهو ينظر إليها قائلا:
-شكلك حطالي سـ م في الرز .
غمزت له وقالت:
-ونوع فاخر كمان هيمو تك من غير ما تحس …يدوب شكة دبوس . .
ضحك عدي ثم تناول قليلا وبعد ان انتهي وضعت جواهر الصينية على الطاولة التي بجوار الفراش وقالت:
-انا حابة ابدأ من جديد معاك …ايه رأيك نعتبر دي فترة خطوبتنا ونتعرف على بعض…
اقترب منها وجلس على الفراش بجانبها وقال:
-فكرة حلوة اووي بس عندي فكرة احسن ..ايه رأيك تديني حقوقي الزوجية اللي أنتِ مانعاها عني يا بيري …
اتسعت عينيها بر عب ونهضت لكي تركض الا أنه امسكها من معصمها وأسقطها على الفراش بينما المياة تقطر من شعره على وجهها التي أُرتسمت عليه إمارات الر عب …عينيه أظلمت وقال بنبرة ثقيلة وهو يمسك يديها ويثبتهما على الفراش ..
-آن الاوان اخد حقي الشرعي يا بيري!!!
يتبع
رواية اين انا الفصل الثاني والعشروين 22 بقلم ضحي ربيع