ياعوض ايامي وسنيني.. يا اجمل نصيب كتبه الله لي، فكانت اجمل فرحه وجف وتراقص لها الفؤاد..
احببتك بشده كأنك ولدت من داخل رحمي، فكنت لي الإبن الذي عوضني عما اخذه مني قدري..
* * * * * * *
الفصل العشرون
– خلاص ما دام هتبقي مامتي، فـ أنا مش هقولگ غزالة تاني؛ هناديكي بماما غزالة.
تسارعت دقات قلبها حين سمعت حروف كلمته، كم تمنت انها تسمعها من صوت ابنها الراحل، وظنت انها حرمت من سماعها، لكن شاءت الأقدار ان يكون اول من يقولها لها هو “فادي” قبلته وقالت:
– دي أحلى كلمه سمعتها منگ يافادي، قولها تاني وتالث ولاخر العمر.
رددها “فادي” بكثره كأنها كانت سجينه بداخله واخيرا تحررت الحروف، ومع كل مره ينطقها تزيد سعادته وسعادتها، بهذه الحروف الاربعه برغم بساطتها وتكرار الحرفين الا ان تأثيرها عليها كان له مفعول السحر، تأثر “أمان” وعندما شاهد رد فعلها وسعادتها مع صغيره الذي انصرف عندما نادته جدته، امسگ كتفيها وقال وهو ينظر لمقلتيها بعشق:
– قوليلي احبگ أية اكتر من الحب اللي بحبهولگ في قلبي، أنا محتاج قلب اكبر من قلبي عشان يساع حب اكبر من كده، مش عارف اقولگ اية على حبگ وحنانگ لفادي، وعايزگ دايما تعذرية في حبه ليكِ؛ فادي اتحرم من أمه ومشفهاش، فانتِ هتبقي بالنسبه ليه كل حاجة، وخايف يتحول لتملگ.
– متخافش عليه، ده شيء طبيعي تعلقه بيا، عشان احساس جديد هيجربه بحكم انه محروم منه، وهو شايف اصحابه مع والدتهم، لما الموضوع يعتاد عليه هيقل مع الوقت، وهو ما شاء الله كبير وذكي هيستوعب بسرعة.
– بس اية حكاية صحيح وعدگ ليه ده؟
– وعد اية؟!
– انگ هتنامي وتاخديه في حضنگ كل يوم، لا معنديش الكلام ده، حضنگ ده ملكي أنا وبس.
– أمان اختشي، ده طفل ولازم اعوضه عن اي لحظة اتمنى فيها انه يكون مكان صاحبه، انت متتخيلش قلبي وجعني من كلامه ازاي؟!
– سلامة قلبگ، يا روح قلب قلبي.
– تاني، انا هسيبگ وربنا وادخل ليهم جوه.
نهضت لتقوم من مجلسها، امسگ يداها وقال بترجي:
– لأ خلاص مش هقول حاجة، بس خليكِ جنبي، نفسي اشبع منگ يا غزالتي، وفي نفس الوقت مش عايز اشبع، قوليلي اعمل ايه في شوقي ولهيبه اللي مش عايز ينقص، بل بيزيد كل ما عيني بيجي على جمال عيونگ؟
كادت أن تجيبه، إلا أنها سمعت صوت والدتها تخبرها بأن المائدة جاهزة لتناول الطعام، تبسمت ونهضان متشابكين الأيدي تجاههم، وحين وقف امام المائدة، حرگ المقعد لها لتجلس اولا، ثم جلس بجوارها، وابنه بالجانب الاخر ليكون قريبا منها، تناولوا الطعام في سعادة لم تشعر بها من قبل، وكأن الأيام تذيقها من شهدها من بعد ما تجرعتها مرارها وظلمها، الآن فقط تصالحها بأجمل هديه وعوض.
وبعد انتهاء الطعام، جلسوا يحتسوا القهوة والشاي مع الحلوى، ثم انصرفوا على مضض، فكل من “أمان” وابنه لا يريدان الانصراف وتركها، لكنه اقتنع بوعد انها ستأتي لمشاهدة شقتهما غدا، لتغير ديكوراتها.
استقلوا السيارة وطوال الطريق لم تكف والدته عن المدح بها من حيث ادبها وحسنها، كما اثنت على ابنها بأنه أحسن الأختيار، وانها دلفت قلبها من اول وهله رأتها فيها، كم شعر بالسعادة والفخر بأن من تملكته هي غزالته الشاردة، والآن فقط رست داخل شباكة او بمعنى أدق، داخل ثنايا فؤاده وتربعت وسرت تجري في شريانه.
السعادة كانت تغمر البيت، فكلهما قلوبهم تتراقص من أجلها، الجميع سهرانين الفرحة جفت النوم من جفونهم، دخلت “غزال” غرفتها، تنظر لمرآتها وتقبل انعكاس صورتها بحب، نعم احبت نفسها حين عرف الحب وطرق بابه أمانها، ادارت تلف وترقص وهي تردد بصوت هامس:
– أنا بعشقگ.. أنا.. أنا كلي ليگ أنا
أنا.. أنا.. أنا… يامن ملگ روحي بهواه، الأمر لگ طول الحياة
ظلت تردد كلمات هذه الاغنية، حتى فاقت على رنين هاتفها برقمه، ردت بشوق:
– أمانِ وصلت حبيبي؟
– اه ياروحي، لسه داخل في بيت ماما، مرضش اروح بيتي، قولت مش هدخله غير معاكِ يا عمري.
– ان شاء الله هندخله على خير.
– يارب حبيبتي، قوليلي كنتِ بتعملي اية؟
– ولا حاجة، بصراحه كنت بفكر فيگ، وبغني اغنية ليگ.
– يا سيدي، واسمها اية بقى الأغنية؟
– انا بعشقگ أنا.
قالتها بنبره حانية، بصوت هامس مغلف بدلال لم يعهده منها، شعر بأن كل اوصاله ذابت مع حروفها، ودقات قلبه دقت كالطبول تعزف أجمل الألحان، تنهد بحب ولهفه لها وقال:
– غزالتي ارحميني من دلعگ أنا اقسم بالله ما قادر اتحمل بُعد وشوق اكتر من كده، أنا مشتاق ليكِ بصوره رهيبه، لدرجة خايف على قلبي ميصمتش لحد لحظة القرب.
– اخس عليگ يا أمان، اوعى تقول كده تاني.. حرام بجد ليه عايز توجع قلبي اللي ما صدق يفرح ويرقص، الدنيا من غيرگ متتعش لحظة.. أنا اصلا مش عارفه ازاي كنت عايشة بدون ما تكون جنبي وجوه في قلبي، كلمة بحبگ بقت شوية على اللي قلبي حاسه تجاهگ، خايفة اكون بظلمگ لما اقولها.
– حبيبتي لو كل الظلم احساسه جميل كده، انا عايزگ تظلميني كل شوية وتسمعيني حروفها من شفايفگ اللي خايف ميتحملوش هجومي عليهم.
صمتت لحظات وايقن انها خجلت منه، فرد عليها وقال:
– خلاص متتكسفيش اوي كدة، والله لابطلگ الكسوف ده، بس اصبري عليا.
ضحكت عليه، واستمر الحديث بينهم لا ينقطع إلا إذا القى عليها عبراته التي تزيد من حياءها، وصاح أذان الفجر بصوت الحق، فنهى معها حتى يلبيان نداء ربهما ويصليان ويشكرناه على السعادة التي غمرهما بها.
واشرق الصباح بنور ضياءه على الاحباب بكل الفرح، نهضت “غزال” القت على والدتها الصباح، كان وجهها يشع نور، متوردا من شدة البهجه، جلست بجوارها وقالت لها:
– في موضوع فكرت فيه وكنت عايزة اخد رأيگ في يا ماما.
– خير يا غزال؟
– خير ماقلقيش، أنا بقول اكلم بابا محمود واقوله أني اتخطبت، وارجعله مفتاح شقتي، لأنها دلوقتي بقت مش من حقي بعد اللي حصل، وكمان انا مش هقدر اقعد فيها لحظة وكل ركن له ذكريات اوحش من بعضها.
– اللي تشوفيه يا بنتي، احنا عمرنا ما اكلنا حق حد، هتصل بسند واخد رأيه عقبال ما تجهزي لشغلگ.
اومأت لحديثها وتوجهت لترتدي اجمل ثيابها، فاختارته بعناية شديدة ليكون هو مرآة لما تشعر به من حب وسعادة… فقد كان الديرس الوانه مبهجه مليئة بالتفاءل به ورود بكل الوان الطبيعه، وشعرها الطليق مثلها منسدل على ظهرها يزداد من جمالها، وعندما خرجت كبرت في سرها والدتها وقرأت المعوذتين لتحفظها من كل عين، وابلغتها بموافقة أخاها، فقالت لها عن عجل:
– خلاص هتصل بيه لما اوصل الشركة، او في الطريق وابلغه، سلام بقى عشان متأخرش.
خرجت وهاتفت في طريقها حماها، الذي تعلم انه دائم الاستيقاظ مبكرا، رد عليها بحب:
– ازيگ يا غزال، كده نسيتيني، وبطلتي تتصلي بيا؟
– أنا مقدرش انساگ ابدا ياجدو، وعشان تعرف أني دايما فكراگ، بتصل بيگ عشان ابلغگ أني اتخطبت إمبارح لدكتور تغذية محترم جدا، وبيحبني ويقدرني.
ما أن سمع حديثها والصدمه تجلت عليه، فلجم لسانه، وحزن بشدة، نظرت “غزال” تتأكد ان المحادثة ما زالت مستمره، فقالت:
– جدو انت معايا؟
– اه معاكِ يا حبيبتي، ربنا يسعدگ ويهنيكِ يارب، ويعوضگ خير.
قالت بنبرة حب لم تستطع ان تدارية:
– الحمدلله يا بابا، عوضني براجل بجد، أمان ده مفيش راجل زيه، مثالي في كل حاجة بيعملها، اتمنيت اقابل حد يكون شبه سند اخويا في حنيته وعطفه عليا؛ ربنا كافئني بأكتر ما كنت بحلم ورزقني بأجمل أمان في الدنيا.
برغم أن اي أحد يسمع حديثها يشعر بكم الحب والسعادة التي تصفها به، لكنه كان حزين جدا لضياعها من ابنه، كان يتمنى ان تعود المياه وتتصل بينهما من جديد، لكنها اختارت ان تكون مع رجلًا اخر بدلا منه، فهو لا ينكر انها تستحق الافضل، اتنبه على حديثها هاتفه:
– كنت عايزة ابلغ حضرتگ أن دلوقتي شقة الزوجية بقت مش من حقي، وبيني وبينگ انا مش هقدر اقعد فيها بعد اللي راح، وسبتها من فترة وقاعدة في بيت والدي مع أمي، في اقرب وقت هاجي اجبلگ المفتاح، بس بعد ماهاخد حاجتي من هناگ.
– والله يا غزال، القرار ده مش قراري ومش هقدر اخد منگ حاجة غير لما ارجع لصاحب الشأن، هبلغه كلامگ.
– اوگ، ولما يكلمگ اكون انا اتصرفت في حاجتي، لاني اكيد مش هحتاج منها حاجة في بيتي الجدبد.
– ماشي ياحبيبتي، مبروك وربنا يتمملگ بخير.
أغلق معها والحسرة تملكت قلبه، حاول ان يبلغ ولده بأمر زواجها، لكنه لم يستطع فهو متأكد من انه بعد فقدانه لصغيره الأمر اصبح من الصعب الرجوع لها، بينما الآن اصبح مستحيلًا بعد ارتباطها.
قرر ابلاغه بالأمر دون الغوض لامور جانبيه، وحين علم “فؤاد” بما قالته، فكر لحظات وحسم قراره، وطلب منه شيئًا أن ينفذه في اقرب وقت دون ابلاغها، لانه يعلم بعدم موافقتها، سعد الأب لقرار إبنه الحكيم، ووعده بتنفيذه في اقرب وقت دون ابلاغها.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
دلفت “غزال” داخل مكتبها اندهش الجميع من جمالها ورونقها الزائد اليوم، وتعالت الأسئلة عليها من قبل زملاءها عندما لاحظوا خاتم الارتباط مزين بنصرها، وحين علموا بأمر ارتباطها صاحت التهاني عليها والمباركات من قبل الجميع، ثم باشر الكل عمله في نشاط، وبين الوقت للحين يهاتفها امانها ليسمع صوتها لبضع دقائق، ثم يعاود بعد دقائق الإتصال بها، لدرجة لفتت انتهاه اصدقاءها، اللواتي لم يصمتوا من تلميحات ولمزات عليها، منهم من سعيد لها، ومنهم من يتحسر على حاله، واخريات من يرمقها بنظرات حقد وحسد، ارسلت له رسالة تحسه بالا يهاتفها مرة ثانية حتى لا يصابن بعين الحاسدين.
مر الوقت بطيئًا عليه، حتى جاء موعد انصرافها، وركض مسرعًا إليها، وصعد ليتوجه لمكتبها، وحين لمحها تقدم نحوها مناديًا بأسمها المفضل لديه، وصافحها بحب، وطبع قبله على يدها بكل تقدير، تحت نظرات وذهول من في المكتب، فخافت عليه من كثر النظرات التي ترمقه، خطفت حقيبتها بسرعة، كمن تريد ان تخطفه هو وتختفي عن انظارهم، تحركت معه إلا ان زميلة سألتها عنه وهي تبصره بنظرات اعجاب لهيئته، فهي لا تنكر انه شديد الوسامه وزادت تلگ الوسامه لحية المهذبه، فهو يتمتع بجسم ممشوق رياضي، وعينانه البنيه التي تضو مع ضوء الشمس، من يراه يجزم انه نجم سينمائي، نظرت لها بحده وعينان ثاقبتان، وعرفته على الجميع، وهي واضعه يديها بين يده بتملگ، ثم انصرفت ونيران الغيرة تنهشها، جلست بجواره صامته لكن وجهها الغاضب يبوح بثوران داخلي يريد ان ينطلق لهيبه، امسكت يدها وقبلها وقال في حنو:
– ممكن أعرف غزالتي مضايفه ليه كده ومش عايزة تبصلي ولا تكلمني؟
زفزت انفاسها بضيق وقالت بعصبيه وغضب:
– يعني مش عارف سيادتگ أنا مضايقة ليه؟ ولا كان عاجبگ نظراتهم ليگ وهما هيكلوگ بعنيهم.
قهقه بعلو صوته مما زاد غضبها، وحين لاحظ استشاط لهيبها، تنحنح وقال وهو يرمقها بعشق:
– مكنتش اعرف ان غزالتي غيرتها وحشة كده، انا لازم اخاف منگ بقى.
– أمان انا مش بهزر.
– ولا أنا بهزر ياروح وعقل وقلب أمان من جوه.. غزالتي خلي اللي يبص، يبص المهم انا عيني شايفة مين؟ قلبي بيدق لمين غيرگ.
لو حطوا قدامي كل نساء العالم، هختارگ انتي وانا مغمض… هشوفگ بقلبي قبل عيني.. لأن قلبي مدقش ولا هيدق لغيرگ في يوم، اطمني يا حبيبة عمري.
رمقته بنظره كلها خوف وترجي بأنه يكون حقيقي صادق فيما قاله، بادلها بنظره قوة مأكده، تسرب بداخله ان هناگ ما زال رواسب بداخلها من الماضي فقال بحزن عليها :
– أنا مش زيه يا غزالتي، ولا عمري هكون ابدا هتصرف معاكِ تصرف كان بيعمله، انسي واطمني انا مستحيل اوجعگ.
– نفسي يا أمان الخوف اللي جوايا يروح ويختفي.. نفسي افقد الذاكره ومفتكرش في حاجة غيرگ انت وبس، يارتني كنت اقابلتگ من زمان، وكنت أنت اول بختي وقسمتي.
– ومين قالگ اني مش اول بختگ، اللي عشتيه قبلي مش محسوب من عمرگ ولا هيتحسب، العمر الحقيقي هيتعد من وقت ما شوفتيني وقلبگ دق بحبي، انا الحب الحقيقي اللي بإذن الله هيعيش لاخر عمرنا.
كان له تأثير قوي على مشاعرها واحتواءها في غضبها، وعرف كيف يمتص غضبها في لحظة وجعله كأنه لم يكن وحول ردها لأجمل كلمه تطرب اذناه حين قالت بحب:
– بحبگ اوي يا أمانِ.
– وانا بعشقگ ياقلب أمان، وانتي متعرفيش بتعمل فيا اية الكلمه دي يابنت الناس، بقولگ اية إحنا لما نروح شقتي وتشوفيها يادوب نديها وش بياض وتغير الوانها، وننزل نشتري اوضة نوم جديده، وتتجوز، حرام نأجل، وبعد الجواز تبقي تعملي كل اللي عايزاه على مهملگ، انا مش قادر على بعدگ، ارحميني.
– هانت يا حبيبي، اشوفها بس وبعدين نحدد، وكله بمعاده، انت صبرت كتير مجتش على الشوية دول.
– حاضر، الصبر من عندگ يارب.
– ادينا وصلنا، هطلع بسرعة انادي ماما، واجي.
دقائق مرت وجاءت ممسكة بيد والدتها واستقلوا بالداخل، وسار نحو شقته التي كان هناگ في انتظارها والدته وابنه، وما ان رآها ركض نحوها معانقها بحب منادي عليها، بادلته محبته اكثر منه، فهمس “أمان” لها في اذنيها:
– أنا بقيت بغير من ابن ال….
اللي كل ما يشوفگ يحضن ويبوس، ولا مراعي حرماني، طب انا زي ابوه اعتبريني هو واخد حضن واحد بس.
ضحكت عليه، وضربته في كفته، ادعى التأوه والألم، ثم همس بشفتيه حروف احبگ، تبسمت وسارت مع والدته التي رحبت بها بشده، وشاهدت الشقة التي نالت اعجابها، لكن حين ولجوا لغرفة النوم وشاهدتها ورمقت الفراش وكل ركن بها، صور عقلها الاف من الصور والتخيلات بينه وبين زوجته الراحلة، فنقبض قلبها ولم تحتمل، تغيرت ملامحها وخرجت مسرعة، تحت انظار وتعجب الجميع، اسرع تجاها وسألها متعجبًا:
– مالگ ياحبيبتي؟ في حاجة ضيقتگ؟
لم يجد رد من قبلها، الصمت كان سائد، فهي لم تستطع أن تقول انها تغار من ذكريات مضت، وهي في نفس موقفه لها ذكريات لا تموت بداخلها، فكيف تطلب منه أنها لن تسطع العيش في غرفة سبق وامراة اخرى تملكته، كتمت بداخلها احساسها بينما هو متحير لا يفهم ما يدور في جوفها، فسألها للمره الثانيه:
– غزالتي خليكِ واضحه وصريحه، اي حاجة جواكِ قوليها على طول، احنا مفروض نكون واحد، مش كده ولا اية؟
ابتلعت لعابها ورفعت بصرها نحوه، وقالت في تردد:
– اكيد طبعا، بس في حاجات مش بقدر اقولها، زي دلوقتي جوايا حاجات كتير ومش عارفه اصارحگ بيها.
– ابدأي من اي حته، وانا هستوعب وجهة نظرگ، ولو في استطاعتي انفذها مش هتأخر.
– أمانِ اسلوبگ ورقتگ دي بتحرجني اكتر، انت جميل كده ازاي؟
– جميل عشان بحبگ انتِ وبس، يالا قولي ومتخبيش عني حاجة بسرعه قبل ما الغزو يجيوا من جوه.
ضحكت، وشرحت له بهدوء احساسها وما يضايقها، كان مستمع بإنصات شديد متفهم لكل ما تتفوه به، وحين انتهت ضم اكتافها بيده واحتواءها بكلماته قائل:
– يقى هو ده اللي مضايق غزالتي، ولا يهمگ حبيبتي، من بكره هعرضها للبيع بالعفش كمان، ونشوف شقة تانية بس تكون متشطبه، مش عايز عطله أنا بقولگ اهو، اتفقنا؟
– اتفقنا طبعا، بس كان في موضوع عايزة اقولگ عليه.
سمع صوت والدته ومعها حفيدها و والدته قائلة لها:
– الشقة جميلة يا غزال، ومش هتحتاج توضيب كتير، يادوب وش نقاشة وخلاص.
سبقها في الرد “أمان” قائلا:
– لا خلاص يا طنط، أنا بقول هعرضها للبيع بالعفش واشوف شقة تانية أحسن واهو اغير عتبه جديدة زي ما بيقولوا.
ردت والدته بضيق واضح على تقسيمات وجهها:
– ليه كده يا بني خسارة، انت دافع فيها دم قلبگ في توضبها، وفرشها لسه بحاله.
طأطأت “غزال” رأسها من شدة احراجها انها السبب في هذا اللوم والعتاب، بعد أن اكدت والدة “غزال” رأيها، فحسم هو القول قائلا:
– ولا خسارة ولا حاجة يا ست الكل، العقار مش بيخسر اليومين دول، وما دام نيتي كويسه ربنا هيكرمني فيها، وبصراحه كده عايز اجيب حاجة اكبر، بكره هنتجوز وربنا يكرمنا بأطفال يكونوا اخوات فادي، هنتيمهم فين بقى؟ انا ببص لقدام، ولا اية رأيگ يا فوفا؟
– يعني يا بابي هتجبلي اوضة جديدة غير اوضتي دي؟
– اه ياحبيبي، الاوضة اللي تشاور عليها هجبهالگ؟
– خلاص ماشي بس ماما غزالة تختارها معايا، وتحطلي العاب كتير فيها.
– بس كده، انا عيوني لابني حبيبي، وكل اللي انت عايزة هنجيبه ياقلبي.
– خلاص ما دام انت شايف كده اللي يريحگ يا بني.
– انا هشوف حد بيفهم يتمنها بالعفش وربنا يكرم.
– شوف يا أمان المتر في المنطقة هنا بقى بكام من اي سمسار، وتمم انت العفش وضربهم كلهم مع بعض باكدچ واحد.
– بإذن الله حبيبتي.
اخذوا وقتهم ثم نهض ليقوم بإصالهم لمنزلها، الح عليه ابنه ان يذهب معه وبالفعل نزل معهم وجلس على ساقها طوال الطريق، تعجب “أمان” على تعلق ابنه لها بهذه الطريقة ؟! لكنه ادرگ للتو السبب حينما رآى حنانها الذي تغرقه به، بداخلها حنان يكفي الكون كله ويفيض، لذلگ سيلبي مطالبها مهما سيكلفه الأمر، فهي حقًا تستحق كل هذا وأكثر.
وحين وصلوا ودعته وصعدت هي و الدتها التي كانت ملتزمه الصمت منذ كانت في منزله، وعندما دخلت شقتها و وضعت حقيبتها بكل غضب على المقعد، هنا لم تتحمل السكوت وانفجرت مثل اسطوانة الغاز ليتصاعد لهيبها لأعلى ولا يستطيع احد اخماده قائلة بصياح وصوت مرتفع:
– اللي بتعمليه ده كتير اوي يا غزال، ولازم حد يوقفگ عند حدگ، لأن الافترى وحش؛ مش عشان الراجل بيحبگ تضغطي عليه بالشكل ده.
تعجبت من طريقة حديثها وهجومها الغير مبرر، اقتربت منها في ذهول متسائلة:
– أنا عملت ايه لكل ده يا ماما؟ وافترى اية اللي تقصديه؟
– مش انتي صاحبه اقتراح انه يبيع الشقة؟
– ايوه ودي فيها اية؟
– انتي لسه بتقولي فيها اية؟ فيها انه امه كانت هطق من جنابها، وعندها حق، لما ابنها يخسر شقى عمره في الشقه عشان خاطر جنابگ، في وقت الشقق نار ومش هيعرف يجيب غيرها.
ياترى غزال ليها حق تغير من الماضي؟
وهل امان هيصمت امام غضب أمه وهيزعل غزالته؟ ولا هيتمسك براية ويكون اد كلمته؟
واية ياترى اللي طلبه فؤاد من ابوه ينفذه؟
للإجابة على تلگ الأسئلة تابعوني في روايتي الجديدة المتواضعة
#الغزال_الباكى
رواية حب مستحيل الفصل العشرون 20 بقلم سارة اللومي