بعد خروج قمر من حجرة مكتب غيث لم تعد قادرة علي المكوث بالشركه وقت اطول فعزمت امرها علي مغادرة الشركه بمفردها وبعد محاولات مريرة من السائق الخاص لاستقلالها الي البيت والعوده لاخذ غيث مرة اخرى الا انها رفضت واصرت علي خروج سيارة لها خاصه من المصنع لتقودها بمفردها …كل هذا تحت انظار غيث الذي كان يراها من نافذه غرفه مكتبه لم يستطع الهبوط اليها والمغادرة معها…رجعت قمر الي القصر بعد فترة طويله كأنها لم تكن تقود السيارة بل كانت تحزف علي الاقدام لتوقيفها السيارة في مكان هادئ للبكاء علي حالها…دلفت من باب الفيلا لتجد وديعه تدلف في نفس الوقت …قابلتها وديعه مقابله بارده وهي تقول
=ازيك يا قمر…اومال فين شادي…اووووه نسيت انك فركشتي شادي وبقيتي الوقتي مع غيث…بقيتي سريعه اوى يا قمر …مكنتيش كده زمان.
نظرت لها قمر نظرة لوم وعتاب ولم تعيرها اهتمام ودخلت الي الفيلا لتجد ضحي تنتظرها في بهو الفيلا لتبتسم لها ولكن سرعان ما تحولت هذه الابتسامه الي قلق عندما لم تجد غيث برفقتها فتسائلت بقلق
=قمرانتي جايه لوحدك ليه…فين غيث…هو حصل حاجه في المصنع…ولا هو هيروح مع جدو…ولا سيبتوه يروح لوحده…علي فكرة حتي لو مع السواق هو مش هيبقي مرتاح.
احتارت قمر كيف ترد عليها وتوضح لها لماذا هي وغيث لما يرجعوا معانا وبعد تفكير قالت
=غيث السواق هيجيبوا في ميعاده…اصل انا عربيتي مركونه في جراج المصنع بقالها فترة …فقلت ارجع بيها علشان الفترة الجايه هحتاجها كتير.
استغربت ضحي في ان قمر ستحتاج سيارتها في الفترة القادمه فسألتها قائله
=هتحتاجيها الفترة الجايه…هتحتاجيها في ايه…ااااه عروسه بقي واكيد علشان فستان الفرح اول حاجه طبعا ولوازم الجواز …طب وتتعبي نفسك ليه؟
نظرت وديعه لقمر بسخريه وتحدثه قائله بفظاظه
=قمر مش باين عليها يا انطي انها عروسه…ولا فرحانه بفرحها …اعتقد انها هتحتاج العربيه في مشاوير تانيه مش علشان الفرح…الفرح ده اخر حاجه هتفكر فيها.
استوقف قمر كلام وديعه وتسائلت فيما بينها لما وديعه تتحامل عليها بهذه الطريقه فردت عليها قائله
=يعني ايه مشاوير تانيه يا وديعه…قصدك ايه…وضحي كلامك لو سمحتي…أنا مبحبش الغموض وطريقه المراوغه دي…من امتي وانتي بتكلميني كده؟
فهمت ضحي ما تعنيه وديعه فردت عنها قائله
=ايه يا وديعه هي دي كلمه مبروك لبنت خالك…ليه بتكلميها كده…مكنتش اتوقع انك تكون كده يا وديعه…احنا كلنا هنا بنحلف بأدبك وأخلاقك.
اعجبت قمر بموقف ضحي ومدافعتها عنها وعن تلميحات وديعه لها حتي ولو كانت وديعه محقه وتمنت في تلك اللحظه ان تكون ضحي هي أمها فردت قائله
=سيبيها يا طنط…انا عارفه ان وديعه متقصدش حاجه وحشه…هي بس خايفه علي غيث مني…متخافيش يا وديعه…انا يمكن وافقت عليه بسرعه بس ده علشانه وعلشاني.
جحظت عين ضحي قائله
=هو مش حمزة ده دكتور وفاهم…واكيد فهمك يا وديعه ان جواز قمر من غيث مفيش منه مشكله…ليه بقا خايفه علي غيث بالطريقه دي.
فهمت وديعه في هذه اللحظه ان الكل اختار ان يكون في صف قمر والكل يدافع عنها فتحدثت بحزن قائله
=خايفه تكون قمر مبتحبوش…وده هيرجعه لنقطه الصفر…اصلا قمر متستاهلش غيث…لان قمر قبل ما غيث ينزل مصر كانت شبه مخطوبه لشادي.
كانت همس تهبط الدرج واستمعت الي حديث وديعه لتسرع نحوها قائله بحنق
=يخربيت ام النكد بتاعك…الصبح طنط بثينه قالتلك وفهمتك ان غيث هو اللي اختار قمر…وبعدين اخوكي بنفسه وضحلك ان اللي كان بينه وبين قمر مش حب .
انتفضت قمر عند سماعها لحديث همس كأن همس كانت تريد ان توصل هذا الكلام الي قمر وشردت كثيرا فيما تقوله…ايعقل انه فعل بها لعبته الحقيرة ليتركها تتصدي للواقع بمفردها…ياله من حقير…خرجت من شرودها علي صوت ضحي تقول لها.
=قمر الفرح قرب…عايزين ننزل نجيب الحاجات بتاعتك… لان انا عارفه ان غصون مش هتسأل ولا هتهتم لان الموضوع دون رغبتها.
انتبهت قمر لحديث ضحي عن لوازم العرس فردت بهدوء قائله
=متتعبيش نفسك يا طنط…انا هتصرف وهشوف ايه اللي ناقص وهجيبه…وزى ما حضرتك قولتي انا جبت العربيه علشان الحاجات دي.
ابتسمت ضحي قائله
=الظاهر يا قمر انك مكسوفه مني…عموما يا ستي انا نسيت برضه عمتك ساميه هي اكيد قريبه منك…بس فستان الفرح متشليش همه خالص.
برقت عين همس وقالت
=قمر فاكرة فستان الفرح اللي كنا شفناه في المجله الفرنسيه الشهر اللي فات…اللي قولتي انه عجبك…ياريت يا قمر تبعتي تجبيه من هناك .
ابتلعت قمر غصه في حلقه حيث كانت تود ان تلبس هذا الفستان وهي عروسه بالفعل تزف الي معشوقها ولكن كيف بحالتها المزريه هذه…ردت قمر بجمود قائله
=لا يا همس…ملوش لازمه فستان الفرح …احنا اساسا مش هنعمل فرح هنكتب الكتاب وهنطلع علي شقتنا وخلاص والعربيه جبتها من المصنع علشان هروح الشقه كل يوم اوضبها بنفسي.
ضحي بغيظ
=لا يعني ايه لا…ويعني ايه ملوش لازمه فستان الفرح…ومين اللي أمر ان مفيش فرح…وشقه ايه اللي هتسكنوا فيها لوحدكم…بقولك ايه هو يعني علشان ظروف غيث هتبقي جوازة والسلام.
هزت قمر رأسها بعزيمه واصرار قائله
=اللي سمعتيه حضرتك…انا هأخد غيث وهنعيش في شقه بابا القديمه…انا لا يمكن اسيبه عايش هنا في الفيلا مع ماما بصراحه معنديش استعداد كل يوم افض في مشاكل ما بينهم.
ادركت ضحي ان قمر محقه ووافقتها الرأي لم تكن تعلم ان قمر اختارت هذا الأمر حتي لا احد يعلق علي علاقتها بغيث ولكنها سرعان ما ادركت موضوع الفرح والفستان فانتفضت قائله
=ماشي …بس فستان الفرح انا خلاص بعت جبته من فرنسا وهتلبسيه غصبن عنك…والفرح هيتعمل وفي اكبر واحسن مكان ولا علشان ابني اهبل زى ما بتقول امك يبقا خلاص ملوش نفس يفرح.
استغلت وديعه الامر لتلقي ما في قلبها دفعه واحده سخطا علي زواج غيث من قمر فقالت
=علشان تبقوا تصدقوني لما قلت…ان قمر مش فرحانه بالجوازة…وانها مستخسرة ان غيث وحضرتك يفرحوا…واهو بدأت بفستان الفرح.
اغمضت قمر عيونها بعد حديث وديعه وقررت الصعود الي غرفتها هاربه من حديث ضحي ولكن يبدو ان الامر لم يمر مرور الكرام فوجدت امها تضع يدها في خصرها وتبتسم لها بسخريه فزفرت قمر بحنق ودخلت الي غرفتها مستعده لحرب اخرى مع والداتها …كانت تود ان تختفي من هذا الوجود او تبتلع حبوب منومه او مميته لكي تهرب من الكل من امها ومن ضحها ومن حتي غيث …نظرت لها امها نظرات استهزاء وقالت
=قمر الزمان اللي كل يحلم يبقي في نص جمالها…راح تدفن نفسها بالحيا مع واحد اهبل….لا وايه ام الاهبل مصممه يتعمل لابنها فرح وتلبسيله فستان.
قمر بحنق
=قلتلك ميت مرة يا ماما متقوليش عليه اهبل…وبعدين حقه زى اي انسان انه يتجوز ويعمل فرح كمان…وكتر خيرها طنط ضحي فكرت فيا وفي الفستان.
اغتاظت غصون من ردود قمر وارادت اشعال النار بداخلها قائله
=قمر يا حبيبتي فستان ايه اللي عايزاكي الهانم تلبسيه…وانتي هتوافقي ازاي…المفروض تحطيله حد علشان ميقربلكيش لان لو مكنش في هذيان ساعتها هيعرف الحقيقه.
اغمضت قمر عيونها بألم وتذكرت الحقيقه ووضعت يديها علي وجهها تبكي بشده علي حالها وتحدثت بصوت مبحوح قائله
=متقلقيش انا وهو قررنا نتعامل مع بعض زى الاخوات…وعلشان كده هنعيش في شقه بابا القديمه…وان كان علي الفستان اهو يتلبس وخلاص.
غصون بتريقه
=وهي الهانم البلدي ضحي هتعرف تنقيلك فستان…اه لو تشوفي فستان فرحها من عمك غازى…حاجه كده بيئه…وكله شراشيب وهي كانت جواها زى عود القصب.
زادت قمر من بكائها وتحسرها علي أمها التي لا يهمها الي المظاهر وقالت بوجع
=بيئه بيئه انا راضيه…ريحي انتي نفسك يا ماما وخليكي بعيد …زى ما حضرتك بعيد دايما….ولا دلوقتي حابه تقربي…علشان تبوظى الجوازة؟
زفرت غصون بحنق قائله
=ماشي يا قمر بس خليكي فاكرة انا عرضت اني اقف جمبك وارفض عرض جواز جدك…بس انتي اللي صغرتيني قدامهم …ابقي خلي جدك ينفعك.
تركت غصون قمر لتنهار علي فراشها تبكي وتتحسر علي حالها كثيرا..ظلت علي هذا الوضع لمده اسبوع تخرج كل يوم من الفيلا بعد خروج غيث وذهابه الي المصنع…تستقل سيارتها وتذهب لشراء لوازم الشقه التي ستسكن فيها هي وغيث …وقامت بتجهيز غرفتين …وكانت تخشي من الزيارات المستقبليه والسؤال عن سبب تجهيز الغرفه الاخرى …وتوصلت الي تعليل لهذه الحاله انها ستكون مجهزة للضيوف وبالاخص والده غيث اذا ارادت المكوث مع ابنها بعض الايام فهي تعلم شده تعلقه بوالدته…بعد مرور اسبوع كانت قمر تدلف الفيلا منهكه من التعب ووجدت ان الفيلا هادئه فحمدت ربها لانها لا تريد مواجهه اي احد…صعدت الي غرفتها …ومن عاداتها في هذا الاسبوع انها اول ما ان تدلف غرفتها ترمي نفسها علي الفراش وتنام بملابسها نوما عميقا وبعدها تنهض تبحث عن اي طعام تأكله فهي لا تهتم بغذائها في هذه الفترة ,,,ولا احد يتسائل عنها وعن وجباتها وهل تناولتهم ام لا…في هذا اليوم وهي ترمي نفسها علي الفراش فوجئت انها رمت نفسها علي شئ ابيض لامع ومطرز…فتحت الاضاءة علي الكوميدنو حيث انها لا تحب الضوء بهذه الفترة …لتجد فستان زفافها…حقا انه نفس الفستان الذي انتقته من المجله …كان فستان له ذيل طويل رائع…وطرحته طويله للغايه…ومن الامام اخذ شكل الفراشه في التبطين والتل نفسه وتطريزة خرافه ويأخذ طول بالظهر رائع …وكان غير مألوف لم يكن منفوش ولكنه كان كأنه صب علي عود قمر المتناسق ضيق من الخصر وينزل بوسع بسيط الي الاسفل
سمعت قمر صوت طرقات علي باب غرفتها وذهبت لتفتحها لتجدها ضحي تطل عليها بابتسامتها الحنونه قائله
=ايه رأيك في الفستان يا قمر…اظن ده نفس الفستان اللي اختارتيه في المجله الشهر اللي فات…شفتي انا ذوقي حلو ازاي…صممت يكون راقي.
دلفت ورائها همس تهتف بحماس قائله
=شفتي بقي اختك الحلوة طلعت بتحبك ازاي…انا اللي قلت لطنط ضحي علي الفستان…وبصراحه ما ترردتش لحظه انها تبعت تجبهولك.
وكان الجميع تواعد ان يلتقوا بغرفه قمر في هذه الليله دلفت بثينه ايضا لتؤكد علي حديث همس قائله
=اكيد مش مرات ابنها…انتي يا قمر معزتك في قلب ضحي زى معزة غيث واكتر كمان…الف مبروك ليكي يا حبيبتي وربنا يتمملك بخير.
دلفت وديعه من بعدهم هي الاخرى بندم وذهبت الي قمر تحتضنها قائله
=الف مبروك يا قمر ومتزعليش مني…حقك عليا…لو اعرف ان الكلام اللي قلته هيخليكي تقفلي علي نفسك كده ومتكلميش حد ماكنتش فكرت اكلمه ابدا.
ضحي بتفكير في صمت قمر قائله
=مالك يا قمر …ساكته ليه…اوعي يكون الفستان معجبكيش…أبعت اجبلك واحد تاني…وعلي ذوقك كمان…احنا عندنا كام قمر…بس متكونيش زعلانه.
همس في محاوله لقلب الوضع حيث احست ان قمر سوف تبكي فقالت بسرعه
=قولي يا طنط ضحي ان من جمال الفستان قمر اتلجمت…اوعديني يارب بفستان زيه…بجد يا طنط ضحي انتي جميله اوى…امنيتي تكون حماتي زيك كده.
ايضا بثينه شكت في صمت قمر وحزنها واستطاعت هي الاخرى تدارك الموقف قائله
=والله يا همس لو مكنش قلب حمزة مشغول…كنت خطبتك ليه وبسرعه…وكنت جبتلك فستان احلي من ده كمان…واحنا لينا بركه الا انتو…انتو بنات الشريف.
اضطربت وديعه لما ما تسمعه من بثينه وهتفت بحنق
=مشغول ازاي…هو لحق…دا انتو لسه مبقالكوش تلات شهور ولا يمكن مشغول بحد من بره زى ما كان غيث خاطب قبل كده…عجيبه دول بيخطبوا هناك ويجوا يتجوزوا هنا.
ابتسمت بثينه بانتصار حيث انها نجحت في ان تشغل وديعه بحمزة فردت قائله
=بصي والله يا وديعه…هو صارحني قبل ما نيجي هنا مصر…بس يمكن تكون اللي مشغول بيها هنا في مصر اصله فرح اوى انه نازل مصر.
سمعت غصون اصوات ضحكاتهم في غرفه قمر فحقدت علي سعادتهم وارادت الدخول عليهم لتنغص عليهم فرحتهم فرقعت الباب برجلها وربعت ذراعيها تهز رجلها باستفزاز قائله
=والله عال …عامليني بارتي في قلب الاوضه وفستان وهيصه…والكل ناسي اني امك يا قمر وليا فيكي اكتر ما ليهم…صحيح الانصاص قامت والقوالب نامت.
زفرت وديعه بحنق وبالرغم انها كانت تتمني ان تتزوج قمر بشادي الا انها كانت ستشفق علي شادي من غصون فردت عليها لتغيظها قائله
=لا طبعا حضرتك مامتها…بس هو حضرتك فين بقالك اسبوع…وقمر راحه جايه لوحدها يعيني بتفرش في شقتها ولولا طنط ضحي مكنش هيبقي عندها فستان.
لوت همس شفتيها يمينا ويسارا وعلمت ان الحرب اندلعت من جراء كلمات وديعه فواجهت والداتها قائله
=انا عن نفسي يا وديعه طلبت من قمر اساعدها…بس هي اللي رفضت…كمان محبتش تتعب ماما ..ولا حتي طنط ضحي…اللي عمل عمل من نفسه.
ارادت وديعه تأكيد كلامها واغاظه غصون اكثر فهي تكرها فقالت
=ولو حتي لو قمر رفضت…طب ما هي رفضت ان طنط ضحي تجيب الفستان…ومع ذلك طنط ضحي جابته فمتجيش تلوم طنط ضحي انها جابته.
صرخت غصوت في وجه وديعه وكادت ان تفتك بها حتي ان غالب سمعهم فأمر الخادمه باحضارهم جميعا الي الاسفل…هبط الجميع الي الاسفل حيث طلبهم غالب ليجدوه يعبث في وجههم قائلا
=هو انا مش قلت ممنوع منعا بتا اي يحد فيكم يواجه التاني…ولا كل شويه هفض خناقات ما بينكم…غصون كلمه ومش هتنيها لو ملزمتيش حدودك الباب يفوت جمل …كنت قاعده هنا علشان بناتك واحده هتتجوز وهتمشي من خلقتك…والتانيه مسيرها تتجوز واعتقد انك مكنتيش مؤثرة في حياة بناتك زمان…فمش هتيجي يبقالك تأثير دلوقتي.
نظر لها الجميع بعين الشماته خاصه ضحي وبثينه اما عن قمر وهمس فاخفضوا رأسهم ينتابهم شعور بالخزى علي تلك المرأة التي تدعي امهم.
نظر غالب الي قمر بابتسامه وقال
=بحمد ربنا اني عشت للحظه دي يا قمر…لحظه اني اطمن عليكي واشوفك مع واحد زى غيث…انسي يا قمر اي حزن رافقك قبل كده واطمني
ثم امر الجميع الذهاب الي غرفهم ليأخذ يحيي ويذهب الي المكان الغامض للقاء بالرجل الغامض.
ذهب كلا من يحيي وغالب الي المكان وكان بصحبتهم حمزة ولاول مرة لتعريفه بالرجل الغامض …دلف غالب وجلس علي مقعده المفضل بهذا المكان وتحدث ببرود وهدوء قائلا
=ايه رأيك بقا في التطورات اللي انا عملتها دي…اظن كده انت ممكن تظهر في الصورة…بس خليك بعد الفرح بلاش دلوقتي…لان قبل الفرح ممكن يكون مفيش فرح.
تحدث الشخص بجمود قائلا
=يعتبر ما عملتش حاجه…غير انك كسرت قلب بنت ملهاش ذنب…وغفلت عن عمايل ابن بنتك فيها وتضييع شرفها…لا وبكل دم بارد روحت خطبتها لابن ابنك.
غالب بمكر
=ابن بنتي ميجرؤش يعمل حاجه لقمر…ودي حاجه متشغلش بالك بيها…وبعدين انت مالك انا راضي وابوها راضي مالك انت ومالنا يا قاضي.
تدخل يحيي وقال
=اللي انت خايف منه محصلش…دي لعبه من الاعيب ضياء لعبها زمان علي ساميه…وخلي ابنه يعملها علشان يوقعوا البنت في شباكهم.
الشخص بحنق قائلا
=وانتوا ايه اللي ضمنكم ان الزفت شادي ده معملهاش…مش يمكن طلع انصح من ابوه وعملها…وضيعلنا البنت في شربه مياه…وانتوا حاطين ايدكم في المياه البارده.
غالب بتحدي
=متخافش انا متأكد انه معملهاش حاجه…ولو فرضا انه عملها كل شئ هيبان…هي دي حاجه هتستخبي برضه…كل شئ هينكشف وهيبان.
الشخص بلوم وعتاب
=هتفضل طول عمرك ظالم…في الاول ظلمت الولد وبعدته عن هنا…وفي الاخر عايز تظلم البنت وتفضحها اهم حاجه تقسم الثروة زى ما انت عايز وطز في الباقي.
حمزة بهدوء
=انا مقدر موقفك…بس صدقني اللي هيحصل ده مفيهوش اي ظلم للطرفين…بالعكس انا واثق انه كويس ليهم تماما…هي محتاجه ودي الطريقه الوحيده اللي كانت هترضي تتجوز بيها.
الشخص برعب
=كويس ليهم ازاي انت يا دكتور المجانين…انت مش شايف بعينك الحاله اللي هما عليها …دول ما بيكلموش بعض من ساعه ما جدك حكم عليهم بحكم الاعدام.
غالب بهدوء
=انا عارف السبب وبسيط جدا قمر عندها مخاوف …بس بنتي اكدتلها ان مفيش حاجه حصلت…وانا كمان مـتاكد وبكره لما قمر تتجوز كل المخاوف دي هتروح.
الشخص بحنق
=انا بقي متأكد ان شادي عمل معاها حاجه…واضطرت تقبل بالجوازة علشان هتتجوز من واحد اهبل …مش هيركز معاها…بس مش خايف للاهبل يركز؟
حمزة بحنق
=علي فكرة انت مكبر المواضيع زياده عن اللزوم…ما تسيب الامور تمشي زى ما هي ماشيه…ليه بتعقدها…احيانا تعقيد الامور بيخلينا نفشل.
الشخص بغضب
=-انا بعقدها لان وصلني كلام…ان قمر اتفقت ان الجواز هيكون علي ورق وبس…تفتكروا بقي يا عباقرة ايه السبب اللي يخليها تقول كده.
غالب بغضب
=وانت ازاي تسمح لنفسك انك تقولنا اخبار زى دي…انا ابتديت انزعج منك…وهأمر انك متظهرش الا لما الكل يأخد حقه…وبعده انت نفسك هتغور ومش هترضي تظهر.
صرخ الشخص في وجه غالب قائلا
=وايه كمان …ما تنفيني بالمرة…مش كفايه محدد اقامتي بقالك زمن…لا وايه عايز بعد ما الكل ياخد حقه مظهرش…علشان تعرف انك طول عمرك بتكرهني.
غالب بقوة
=واعمل اكتر من كده…انتو كلكوا تحت سيطرتي…فاهمني….غالب الشريف ما انتهاش…كل ما في الامر اني حزنت فترة علي اولادي.
قاطعه الشخص قائلا
=لا انتي بتحلم…انا خلاص لازم اظهر وبقوة…ويمكن مستناش كمان ليوم الفرح لو جالي مزاج اظهر هظهر وهخرب الفرح فوق دماغ الكل.
يحيي لتهدئه الموقف
=اهدي بس …اكيد عمي غالب حابب ظهورك…بس كل شئ بأوان…وعلي فكرة انت ممكن تظهر بمزاجك…بس حاول تختار الوقت…
حمزة بقلق
=بس انا قلقان من ظهورك اساسا …ممكن قمر هي اللي تنتكس…وهيبقوا اتنين منتكسين مش كفايه واحد بنعالجه….وعلاج قمر هيبقا اصعب.
غالب بقلق
=بجد يا حمزة…صارحيني يا بني …ظهوره ممكن يعمل حاجه في قمر انا مش ناقص…البت دي منحوسه طول عمرها…كفايه ان قعدنا نعالج فيها فترة.
الشخص بجمود
=خايف عليها اوى…مخفتش عليها ليه لما شفت ابن بنتك شايلها وهربان بيها في انصاص الليالي…مبتصعبش عليك وانت شايفه منكسرة.
صرخ غالب في وجهه قائلا
=انا عارف ان كسرتها دي مش هدوم…وابن بنتي معملهاش حاجه…وااه بخاف عليها اكتر منك ومن غيرك دي بنتي مش حفيدتي…واخر كلامي لو ظهورك هيضعفها يبقي بالناقص منك ومن ظهورك.
قبل الفرح بيومين كانت همس في قمه سعادتها حيث ان قمر بزواجها من غيث فتحت الطريق امامها للوصول الي شادي.
…ولكن مهلا كيف الوصول اليه وهو من المحتمل انه افتعل الشئ المهين بقمر…اخذت الافكار تعصف بها عصفا …الي ان قررت معرفه الحقيقه الكامله ومن ثم تأديب شادي علي افعاله بها واستهزاءه الكامل لها…فكانت تتمشي في حديقه الفيلا تدندن بكلمات اغنيه تعبر عن مدي سعادتها الغامرة وتقول
=اخيرا وصلت لمرادي…وهتتحقق احلامي…وهبقي سلطانه زماني…وهتبقي ليا يا شادي…بس الظاهر هتعب لغايه ما اوصل لقلبك…
لتتفاجأ بوجود وديعه في قمه حزنها تقول لها بألم
=للدرجه بتقدرى تبني سعادتك علي حزن الاخرين…مش شايفه اد ايه قمر حزينه…ولا اهم حاجه عندك نفسك وبس…وشادي حبيب القلب اللي انتي مش علي باله اساسا.
زفرت همس بحنق وقالت
=اه اهم حاجه عندي نفسي وبس…وبعدين انتي مفيش علي لسانك غير ان قمر حزينه…قمر سعيده بس انتي اللي مصرة تشوفي العكس.
كانت بثينه تدلف اليهم بأمر من غالب لاستدعائهم الي غرفه الصالون ولكنها سمعت ما يدور بينهم فخشت بثينه ان تقوم همس بمخناقه وديعه مثلما فعلت غصون مع وديعه وسوف يسمع الجد وينقلب القصر… وكل هذا سيؤجل العرس وهذا ليس في مصلحه الاخرين…فتقدمت اليهم تتحدث بقوة
=اسمعي انتي وهي مش وقت مشاكل بينكم…كل واحده فيكم تكتم احساسها جواها ومتظهروش للتانيه…وبعدين جدكم عايزاكم…الظاهر انه عرف ان في خلاف بينكم.
ردت عليها وديعه ببراءة
=انا معملتش حاجه ي انطي بثينه…هي اللي بتجر شكلي زى مامتها…ومع ذلك انا هروح لجدي علشان ميزعلش….ومش هقوله علي اللي حصل بيني وبينها.
انصاعت كلا من همس ووديعه لما قالته بثينه وذهبوا الي غرفه الصالون في صمت وما ان رات ساميه ابنتها عينها منتفخه وحمراء من الدموع فانتفضت قائله بخوف
=مالك يا وديعه…انتي لسه زعلانه علشان غصون حاولت تضربك…ولا في حاجه تانيه يا قلب ماما…هي زعلتك تاني ولا ايه…ردي عليا.
ردت وديعه من بين شهقاتها
=لا الموضوع ملوش اي علاقه بانطي غصون…وبعدين انا يومها كنت غلطانه…لاني كلمتها بطريقه وحشه…وده طبيعي لما اتكلم مع حد بالظريقه دي.
نهض ضياء وتقدم الي ابنته واخذها من بين احضان ساميه عنوة وتحدث بحقد وغل قائلا
=ولما غصون لمست بنتي ليه محدش قالي…وانا كنت انفيها من علي وش الدنيا…هو انا مش ابوها برضه ولا خيال مأته بالنسبه لكم…
شادي في محاوله لتهدئه والده قائلا
=اهدي يا بابا…وبعدين وديعه اعترفت انها هي الغلطانه…عايزين بس نعرف هي ايه اللي مزعلها دلوقتي…مع اني شايف ايه اللي مزعلها.
نظرت له ساميه بازدراء وقالت
=ومن امتي الكلام ده ي سي ضياء…الوقت هتنفي غصون من علي وش الدنيا…مش دي غصون اللي مرة ضربت بنتك وهي صغيرة قمت انت طلعت بنتك الغلطانه.
نهض شادي من مكانه ووضع يده في جيب بنطاله قائلا
=بس المرة دي مش الحاجه غصون اللي زعلت اختي…طبعا كلنا شايفين اختي جايه منين ومع مين…اكيد همس سمت بدنها كالعاده بكلام زى السم.
همس بحنق
=بقولك ايه يا شادي…انا معملتلهاش حاجه…هي شافتني فرحانه فنكدت عليا…من يوم ما غيث طلب قمر للجواز وهي شويه تنكد علي قمر يا عليا.
ضرب غالببيده علي سطح الطاوله ليخرس الكل قائلا
=والله عال…مبقاش ليكم كبير…بتقطعوا في بعض وانا عايش علي وش الدنيا……اومال لما اموت هتعملوا في بعض ايه…انا بدعي ربنا يطول في عمرى علشان المهزله دي متحصلش.
في هذه الاثناء ذهبت بثينه الي يحيي تستدعيه بسرعه ليوقف الصراع بالاسفل فدلف ليخفف الامور قائلا
=اهدي يا عمي مش كده…اكيد مش قصدهم يزعلوك…هتلاقي الامور هايفه ما بينهم وخلاص…انت عارف حركات بنات مع بعض…وستات وسلافات واللذي منه.
تنهد غالب وقال
=هايفه وبالشكل ده …اومال لو صعبه هتبقي ازاي…دول مصرين يجلطوني…ده مش بيعدي يوم الا لما بسمع مناقرة من اي حد منهم…
ابتسمت ساميه لحديث يحيي الذي يريح القلب وقدرته علي تهدئه الاوضاع ونظرت الي ضياء باشمئزاز قائله
=فعلا اكيد الموضوع هايف…وبعدين اصلا وديعه حساسه وبتزعل من اقل حاجه…وانا واثقه ان همس مجرحتهاش بحاجه….مش كده يا همس.
نظرت اليها همس بهلع وقالت
=والله يا عمتي ما قلتلها حاجه…كل اللي قلته اني فرحانه ان قمر هتتجوز…مش كده يا وديعه….انا يا وديعه زعلت وجرحتك بحاجه يا حبيبتي؟
ابتسمت ساميه وقالت
=شفتي يا وديعه الموضوع بسيط ازاي…مكنش في داعي لعياطك ده…المفروض تفرحي زيهم…وتخرجي معاهم وتجيب لوازم الفرح.
اشتعلت النيران في عين وديعه وقالت
=ايوه حصل….وانا رديت عليكي وقلتلك انك مبيهمكيش حزن غيرك اهم حاجه مصلحتك وبس…واظن الطريق دلوقتي فضا ليكي…بس يا خسارة الطريق فاضي حتي من الشخص اللي في بالك.
قطبت بثينه جبينها وقالت
=الطريق فضي ليها…اللي هو ازاي يعني…ما تفهمونا يا جماعه بدل ما الواحد عامل زى الاطرش في الزفه….انا من يوم ما جيت مصر وانتوا بتسمعونا ألغاز.
غضبت ساميه من ابنتها وقالت
=عيب يا وديعه…انتو كلكم اخوات…من امتي بتتكلموا مع بعض بالطريقه دي…ومن امتي لما بتشوفيهم عندهم احسايس ومشاعر تجاه حد بتهنيهم؟
ارتبكت ساميه لتساؤل بثينه فهم بالنهايه كل بنات العيله مثل ابنتها ولا تود ان تكون سيرتهم علي السنه اي احد ولعلمها بعشق همس لشادي ابنها فحاولت ابعاد الشبهه عن همس قائله
=سيبك منها يا بثينه…وديعه من ساعه ما غصون حاولت تضربها وهي بتقول كلام مش مفهوم…قصدها يعني الطريق فضا انها تكون العروسه بتاعت العيله المستقبليه.
لوت بثينه شفتيها وهزت رأسها بعدم اقتناع ولكن ضياء اراد اشعال النار بغضب قائلا
=لا ياساميه ما تكذبيش…وديعه كان قصدها ان همس زاحت قمر من طريقها علشان شادي…بس اللي متعرفوش ان غصون هتجوزها لابن خالتها .
اغتاظت ساميه من تصريحاته وارادت اثارة غيرة ابنها لينطق فقالت
=وانت ايه اللي مضايقك…وبعدين جواز بنات العيله لا بايدك ولا بايد غصون…وبعدين انا شايفه ان همس موافقه علي جوازها من ابن خالتها وهي في الاول والاخر حرة.
ضياء بغيظ
=ساميه…:كفايه بقا متزوديهاش…اكتر ما هي…ومن امتي كانت همس بطيق ابن خالتها…انتي نسيتي عملت فيه ايه زمان…وطلع يجرى زى الاهبل في الشوارع
كانت تشدد علي حروف كلمه حرة وهي تنظر الي شادي الذي كان يتأكل من الغيرة…الا ان وصل الغضب في قلبه منتاها فهتف ضيق قائلا
=همس مش هتوافق عليه يا امي…لانها هتتخطب لشخص تاني…وهو انا بعد اذنك يا جدي انا بطلب ايد همس منك ايه رأيك يا جدي العزيز.
جحظت عين همس بشده ونظرت الي عمتها التي قابلتها بابتسامه اطمئنان وانتصار بذات الوقت وظلت بحاله شرود الا ان نهض جدها واقترب من شادي قائلا بحنان
=وانا موافق يا شادي…وعفارم عليك طلبتها في الوقت المناسب …علشان يبقي الفرح فرحين….فرح غيث وقمر وخطوبتك انت وهمس.
نظر شادي الي همس الواقفه بذهول باستمتاع لانه استطاع كبح جماحها والسيطرة عليها ايضا اما عن ضياء احس بانتصار في داخله منتظر رد فعل غصون علي هذا الخبر …اما عن يحيي وبثينه ظلوا يكتمون ضحكاتهم علي تدبيرات عمهم فهذا القرار كله كان من تدبير غالب …تقدم اليهم يحيي ليصافحهم ويباركهم قائلا
=الف مبروك يا شادي…والله كان نفسي الفرح يبقي تلاته بس هنقول ايه الواد حمزة معجزني ان اطلبله ايد البنت اللي بيحبها…عقبالك يا وديعه
اخفضت وديعه رأسها وقالت
=شكرا يا عمو يحيي…في حياتك انشاء الله…عقبال حمزة…ويارب ما يطول كتير علي بال ما يخليك تطلبله البنت اللي بيحبها…يمكن مستني تخلص دراستها في فرنسا.
نظرت له وديعه بحيرة تفكر من هي المقصوده التي تخص حمزة…كان بداخلها شعور غريبا تتسائل فيما بينهم لما هي مهتمه لامر حمزة…ارجعت هذا الاهتمام لانها تعمل في نفسها مجاله غافله عن انها وقعت في حب وشباك حمزة…معتقده انها تحب غيث غير مدركه انه حب تعاطف وشفقه.
تقدمت ساميه لتأخذ همس بين احضانها لتبارك لها قائله
=مبروك يا هموستي…هشوفك عروسه يا حبيبتي…لا وايه مش اي عروسه ده انتي مرات ابني شادي حبيبي….اللي يمكن بحبه علشان هيبقا جوزك.
اخذ غالب ينظر الي شادي نظرات علي انه يفهمه جيدا ويفهم ما يرنو له وان طلبه لهمس كان من ضمن تخطيط ضياء…ولانه خشي علي همس ان يفتعل بها هذه المرة نفس تخطيط ضياء فوافق لانه يعلم ان شادي شغوفا بهمس منذ الصغر.
رواية ما تخبأه اقدرانا الحلقه الثانيه