استجابت قمر لقبله غيث استجابه كامله ووبادلته قبلته…ليحملها برفق ويضعها بكل حنان في الفراش ويميل عليها لينهل من بحر عسلها المصفي …ليجدها تجحظ بعينها وتتسمر في مكانها كلوح التلج البارد…شارده فيما حدث لها قبل ذلك وتوقعها لما سيحدث الان…ضرب علي وجهها برفق ليفيقها ليجدها تزيحه من عليها بقوة وتنهض من الفراش مسرعه كأنها تهرب من كارثه احلت بها…لتدلف الحمام وتصفع الباب ورائها لتبدا نوبه من البكاء الهستيرى لها…تقطع نواط قلبه عليها وزفر حانقا…وود ان يحطم عليها باب الحمام ليرمي بالحقيقه في وجهها دفعه واحده ولكنه تأكد انها لن تصدقه وستعتبرها خدعه لينول ما يتمني…لملم غيث شتات امره ونهض من الفراش متجهها نحو ياب الغرفه ليخرج منها …حتي يعيطيها الفرصه ان تخرج من الحمام وتنام علي فراشها…اما عنه فاتجه الي غرفته القديمه ليبيت فيها هذه الليله ويفكر فيما ينوى ان يفعله بقمر بعد ذلك…سمعت قمر صوت صفع الباب فعلمت بخروجه …فخرجت من الحمام متجهه الي فراشها لتنام عليه وسط كتله من البكاء والاحزان…استيقظ غيث وذهب الي غرفتها ليجدها نائمه تحيط الهالات السوداء حول عينيها وتنتفخ عينيها من البكاء ليزفر بحنق ويرتدي ملابسه ويذهب الي عمله…خرج من غرفته ليجد همس تنتظره فاستغرب انتظارها…فوجدها تطلب منه الذهاب الي عمتها ساميه برفقته بناء علي طلب جدها…اندهش غيث وقطب جبيبنه لهذا الطلب…ولكن ما باليد حيله فليذهب ليرى ما يريد جده.وصلا الي شقه عمتهم ليجدوها ترحب بهم في وجود غالب وشادي الذي اول ما ان راءه غيث انزعج كثيرا لرؤيته…جلس غيث ووضع ساق علي ساق في وجه شادي الذي اخفض رأسه في الارض…تحدث غيث بجمود قائلا
=خير يا جدي…جايبني علي ملا وشي هنا ليه من الصبح…في خطه جديده وعايزني انفذهالك…ولا لقيت البديل اللي بينفذلك…وجاي تعرفني عليه.
سمعه شادي جيدا وعلم انه يقصده فرفع رأسه وتحدث بعنف قائلا
=بقولك ايه هي مش ناقصك…ما انت كمان كنت بتنفذ اوامره ولا جت عليا انا ووقفت…وبعدين زى ما انت مكنتش عارف اني معاه…انا كمان مكنتش اعرف انك كويس.
خبط غالب ببيده علي سطح الطاوله معلنا غضبه بسبب بدايه شجارهم قائلا
=انتو الاتنين ما أسمعش ليكم صوت ..انا اللي غلطان اللي خليت شويه عيال زيكم يشتغلوا تحت ايدي…كان يكفيني يحيي…اما انتم كل واحد فيكم عايز يمشي بدماغه وخلاص.
غيث بجمود
=وانا قلتلك من لحظه ما انضرب عليا الرصاص ومن قبلها…انا حر ومش همشي تحت خططك…غلطتي من الاول ان مجبتش حقي وحق امي بايدي.
نظر شادي الي همس بغضب قائلا
=عجبك يا ست هانم…هو ده اللي كنتي عايزاه…اهو جه اهو يا ختي…ومفيش من فايده…كنتي ناويه تريحي قلبك من ناحيتي…اديكي بتوجعيه.
نظرت همس الي غيث برجاء قائله
=غيث انت الوحيد اللي عندك الحقيقه…انا بصراحه مش مصدقه ان شادي معملش حاجه لقمر…بس هو اقسم لي وجدو كمان وعمتو ساميه اكدوا لي.
نظر لها غيث بغضب قائلا
=انتي هبله…قصدك ايه ان انا الوحيد اللي عنده الحقيقه…دي خصوصيات…ومقبلش اننا نتكلم فيها ابدا فهماني…وبعدين الحق مش عليكي الحق علي اللي جايبني هنا.
نهض غالب من مقعده وذهب الي غيث قائلا برجاء
=حقك عليا يا بني…انا عارف اني غلطت…بس والله ما كنت اقصد ادمر قمر في اللعبه دي…انا كنت بجارى ضياء علشان ميكشفناش…
لوى غيث شفتيه بسخريه قائلا
=اه طبعا عندك حق …لازم تجارى التعلب…حتي لو التمن تدمر حياة حفيدتك…اهم حاجه تحافظ علي ثروتك من التعلب والحيه…كفايه انها لغايه دلوقتي مش مصدقه وحاسه انها لسه واقعه في الفخ.
غالب بحزن يعصف قلبه علي قمر قال
=طب ما تقولها انت يا غيث…منك انت حاجه تانيه…هتصدق لكن احنا مهما نقول هتفكرنا بنضحك عليها…لكن انت عمرك ما كذبت عليها.
تنهد غيث بقوة قائلا
=انا بالنسبه لقمر اكتر واحد فيكم كذبت عليها…لما اوهمتها اني لسه مريض…وللاسف انت السبب في كل اللي بيحصل ده…قمر مصممه تمنع جواز همس من شادي.
رجفت همس واتسعت حدقه عينها وقالت بحنق
=خلاص انا هروح اكلمها انا وشادي…واللي يحصل يحصل…قمر مش هتقتنع الا لما شادي بنفسه يأكدلها انه معملش معاها حاجه…وكده انا ممكن ارضي اتجوزه.
امسكها غالب من ذراعها لانه علم بغضب غيث من حديثها فرد غالب عوضا عنه قائلا بغضب
=انتي اتجننتي يا همس…شادي مين اللي يروح يقولها…انتي عاوزى تزودي البله طينه …اومال لو مكنتش بقولك عليكي انك بتحكمي عقلك قبل قلبك.
ضحكت ساميه كثيرا ولم تتمالك نفسها من الضحك لانها علمت ان همس من الممكن ان تقوم بافعال كثيرة مقابل زواجها من شادي…انتبه الجميع علي ضحكاتها فاقتضبت ضحكتها واخذت همس في احضانها قائله
=انا اسفه يا جماعه…بس بصراحه مقدرتش امسك نفسي من الضحك…لما شفت همس مستعده تعمل اي حاجه غبيه…مقابل انها تتجوز شادي.
غالب بابتسامه
=في الحب كل شئ مباح يا بنتي…همس مستعده تعمل اي حاجه علشان شادي…بس يا ترى يا شادي انت كمان مستعد…وانت يا غيث مستعد؟
نظر له غيث بحنق شديد …اما عن شادي فنهض من مكانه وذهب ليقف بجوار همس وهي في احضان ساميه ليقول
=انا مستعد احرق اليابس علشان خاطر هموستي…كفايه اني شايفها مستعده تتحدي العالم علشاني…ياريت الكل يعمل زيها فعلا علي رايك يا جدو
نظر لها غيث باستياء وتركهم ورحل وهو في حاله غضب منهم ومن قمر التي لا تريد التقدم خطوة تجاهه مثل اختها همس.
******
بعد رحيل طلب غالب من شادي ان يوصله هو وهمس الي القصر …اطاع شادي جده واخذهما ورحلا…بعد توصيلهم طلب شادي من جده أن يأخذ همس لتناول الغذاء معا…رحب غالب بالامر وفرحت همس كثيرا لانها تعتبر أول مرة تخرج مع شادي…اخذها شادي لمطعم علي النيل ليشعرها بأجواء الخطوبه وليعتذر منها عن موقفه في يوم الخطبه…بعد تناول الغذاء الذي كان يملأه الكثير من الابتسامات بينهم…تفاجئت همس بكلام شادي لها عندما قال بكل حب
=بحبك يا هموستي…وعارف انك هتستغربي…بس لازم تعرفي الحقيقه…ان زى ما انتي كنتي بتحاربي علشان توصلي ليا…انا كمان كنت بحارب علشان أوصلك
فرجت همس شفتيها وهتفت باستنكار قائله
=مش معقول…انت بنفسك قلت يوم خطوبتنا غير كده…قلتلي كلام خلي الدم يغلي في عروقي…مش هقدر أصدقك دلوقتي..قول انك ممكن تحبني انما بتحبني لا مستحيل.
ابتسم شادي وأضاف بحب قائلا
=طب ما انتي كمان عملتي حاجات قبلها حسستيني انك مش بتحبيني…ولا نسيت حوار الواد المايع ابن خالتك…قال ايه هو جاي مصر قريب وهيخطبني.
قهقهت همس ووضعت يدها علي فمها لتكتك ضحكاتها قائله
=كنت بحاول أثير غيرتك…وعرفت…وكانت هتكمل الخطه بنجاح…بس انت بقا لحقت نفسك…المهم اني كل اما خلاص أحس انك صرفت نظرك عني…يجي حوار حازم يشقلب كيانك.
شرد شادي في عيونها وقال
=يمكن علشان مش قادر أشوفك مع حد غيرى…لانك موشومه علي اسمي…ويمكن حبيتك لما اكتشفت انك يتحبيني…ويمكن حبك الدافع الوحيد اللي خلاني أتغير وأكشف أفعال أبويا.
أغمضت همس عيونها وهتفت بمرارة
=شادي هو مينفعش تغير أبوك…وأنا أغير أمي…مش يمكن كان حالنا أحسن من كده…بدل الحرب اللي احنا عايشين فيها ومش عارفين أخرتها ايه.
وضع يده علي يديها ليربت عليهم بحنان قائلا
=انا هنسيك كل الحرب دي…وده وعد مني…انتي بس ثقي فيا…ثقي في حبيبك اللي عمره ما حب غيرك…وهيفضل معاكي لأخر لحظه.
تنهدت همس براحه وابتسمت له وحمدت ربها علي احساس شادي بمشاعرها ومبادلته لحبها.

ذهب غيث الي المصنع لاتمام اعماله وظل يهلك نفسه في العمل حتي لا تتثني له فرصه للعوده الي المنزل ومواجهه قمر بما فعلته امس…ظلت والداته تهاتفه كثيرا لتطمئن عليه فأخبرها انه بعد العمل سيخرج مع حمزة لينفث عن نفسه قليلا لانه كره جو البيت ومل منه كثيرا…تعجبت والداتها لحالته ولكنها ايقنت انه يريد الهروب من قمر…لانها ايضا تتهرب منه ومن الجلسات العائليه طوال اليوم…حتي ان همس حاولت مرارا وتكرار الدخول الي غرفتها منعتها من وراء الباب بحجه انها تود النوم…ايضا قمر انتظرته كثيرا…كانت تود ان تعلم اين سيبيت ليلته … معها بعد ما حدث بالليله الماضيه…ام في غرفته…رأته من وراء الشرفه…وظلت تجلس متوجسه ماذا سيفعل بعد ان يصعد الي غرفه والداته ليطمئن عليها…ودت قمر ان يذهب غيث الي غرفته رغم انها تود النظر الي عينيه…اثناء شرودها طرق بابها ودخل بعدها…وجده الغرفه مظلمه …ولكن من بين هذا الظلام كانت يطل ملاك ابيض بجناحين امامه…حيث كانت ترتدي قميص ناصع البياض باكمام واسعه كاجنحه الملائكه ضيق من الخصر ينسدل الي اسفل قدميها …مقفول من الصدر…لوى غيث شفتيه حيث علم انها ترتدي تلك الملابس لاخفاء جسدها عنه…غافله عن انه يعلمها جيدا ويعلم مدي تفكيرها وذكائها المعهود …تقدم الي الداخل واغلق الباب…واضاء الغرفه بالكامل حيث انه يكره العتمه كثيرا …واحل رباطه عنقه وخلع جاكيت بدلته ورماه جانبه علي الاريكه…استعجبت قمر من صمته وتوجست منه…لانها تأكدت انه الهدوء الذي سيسبق العاصفه…حاولت اخراج الكلمات من فمها…لتكسر حاجز الصمت بينهم…ولكنها خافت ليحاسبها علي رده فعلها بالامس…ايضا نظراته لها الان تدل انه يريد الفتك بها…بالاضافه انها سمعته هو وهمس يتفقان علي الذهاب الي عمتهم ساميه…وكانت تود ما عرفه ما حدث هناك…ولكنها رفضت المعرفه من همس…حتي لا تتعب اعصابها……ظل ينظر اليها كثيرا بغضب يريد اخراج الكلمات اللاذعه اليها ولكنه عدل عن ذلك فتحدث بلطف قائلا
=عاملالي فيها ملاك…ولبسالي فستان ابيض…وانتي مش محتاجه علي فكرة…بس في ملاك يعمل اللي انتي عملتيه امبارح ده…ولا انتي خايفه.
توترت قمر وارتبكت قائله
=الموضوع مش خوف زى ما قلتلك…الموضوع اني مش هستحمل اشوف نظرة الندم في عيونك…وقلتلك قبل كده انت تستحق واحده احسن مني بكتير.
نهض من علي الاريكه وربع ذراعيه قائلا بهدوء
=ماشي يا قمر…بس خليكي فاكرة انك قلتي انا انا استحق واحده احسن منك بكتير…والحمد لله انه محصلش حاجه …لاني فعلا كنت هندم لو لمست واحده مبتحبنيش.
شهقت قمر وفرجت شفتيها ثم قالت
=مش بحبك…ومالك متأكد قوى كده ليه…وهو الحب عندك اني اسلملك نفسي…من غير ما احس بالامان قبلها…ولا علشان انا اتلمست قبل كده فمش هفرق بالنسبه ليك.
جلس غيث ووضع يده علي وجهه يمسح عليه ثم نظر لها اليها نظرات حزينه قائلا بالم
=وهو انا يعني كنت فرقت بالنسبه ليكي لما اتجوزتيني وانتي عارفه اللي حصل معاكي …ولا الحاله المرضيه اللي كنت عليها خليتك تستغليني…اسوء استغلال.
تنهدت قمر بحزن وقالت بصوت مبحوح
=انا عمرى ما فكرت استغلك…انا كان ممكن ارفض جوازنا…وساعاتها لو كنت حكيت لجدي كان هيجوزني شادي غصبن عنه…بس وافقت عليك انت.
غيث بحزن
=طبعا طبعا طبعا توافقي عليا انا…لا وايه بكل دم بارد احنا هنتجوز علي الورق وبس…وبعد ما تخف هقولك ليه…وطبعا انا عرفت ليه.
نهضت قمر من فراشها بغضب وتحدثت بحنق قائله
=انت كنت عارف كل حاجه من قبل ما تتجوزني…ومع ذلك صممت تتجوزني…ولا نسيت حبيني يا قمر واتجوزيني يا قمر…وانا هبله مصداقك.
نهض غيث هو الاخر وتقدم امامها يهتف امامها بمرارة قائلا
=انتي اللي كنتي مفكراني اهبل وعماله تدوسي عليا وعلي قلبي…واتجوزتيني علشان تبعدي عن شادي لما اتخلي عنك ورماكي…لكن قوليلي انتي فين بالظبط دلوقتي.
تنهدت قمر بحزن وقالت
=انا في اصعب نقطه في حياتي…نقطه الزوجه اللي هي مش زوجه…انا كل يوم فعلا بحس اني يتيمه …ياريتني كان عندي ربع القوة اللي عند اختي حتي.
هز غيث رأسه بيأس وتذكر حاله همس وقوتها في الدفاع عن حبها فتحدث لكي يثير غيرتها قائلا
=عارفه همس قويه بايه…بحبها لشادي…اي واحد مننا الحب بيقويه وبيخليه صامد للاخر…اما انتب مش ممكن تكوني ضعيفه انتي مش بتحبيني زى ما بحبك .
قمر بضعف وبكاء شديد قالت من بين شهقاتها
=انا فعلا ضعيفه يا غيث…بس الحب زى ما بيقوى بيضعف…صعب علي ناس كتير ان يشوفوا حبيبهم بيقدملهم الحب علي طبق من فضه ويرفضوه بسبب حاجز جواهم اقوى منهم.
استمع غيث الي شهقاتها التي عصفت قلبه عصفا فأشاح بوجهه الي الجانب الاخر قائلا
=الحاجز ده انتي اللي حطاه بايدك…انتي لو كنتي بتجبيني صحيح…كنتي فرحت لما قلتلك اني مسامحك علي كل حاجه ومستعد ابداء معاكي من جديد.
قمر بجمود
=متتعبش نفسك معايا يا غيث…انا خلاص انتهيت…ممكن تبدا من جديد من حد تاني…وانا ساعتها هتمنالك السعاده من كل قلبي…وهتمنالك تنول الحب اللي بتتمناه.
استدار لها غيث واقترب منها ليضع يدها علي وجهه قائلا كمن يلهث من سباق تتسارع دقات قلبه
=كان نفسي يكون الحب ده منك يا قمر الزمان…انتي الوحيده اللي في قلبي…بس للاسف انتي عمرك ما حبتيني …حتي لما مشيت من القصر زمان رفضتي تشوفيني قبلها.
ابتعدت عنه قمر قائله بجمود
=كويس انك فاكر زمان قوى…وانا زى ما انا ما اتغيرتش كتير…وانت شفت ده بنفسك…مش مشكلتي انك محبتش حد غيرى…دي مشكلتك انت.
اندهش غيث من اسلوبها وقال
=كنت مفكر اني لما هرجع هلاقيكي مستنياني …علشان احقق حلم حلمت بيه زمان…حلم اني اكمل حياتي بيكي…بس للاسف بنيت احلامي في سراب.
ابتسمت له ابتسامه مصطنعه وقالت
=الحمد لله انك فهمت ده…انا عمرى في حياتي ما قلتلك اني بحبك ولا وعدتك بحاجه…حتي خوفي عليك لما اضربت بالنار…ده كان مجرد احساس بالذنب.
تذكر سماعه لكلمات حبها له في المشفي وعلم انها مازالت تكابر فقال لها
=ويا ترى يا قمر كنتي بتحبي شادي…ولا هو كمان كان هيبقي مجرد زوج زيي …ريحيني وريحي قلبي علشان لما اسيبك اسيبك وانا ضميرى مرتاح .
نظرت له قمر بحده قائله
=انا عمرى ما حبيت الزفت شادي ده…انا كنت هتجوزه وبس…وانت عندك حق كله بسبب امي…والحمد لله انها جت علي قد كده…وعلي فكرة انا اتجوزتك علشان مكنش نسخه من امي.
غضب غيث من تصريحها بسبب زواجها منها ونظر لها بحزن وقال
=بس للاسف اللي انتي بتعمليه في نفسك وفي هيخليكي نسخه منها…. باعت قلب غيرها وداست عليه…تعرفي عمي كان بيقول ايه واحنا في العربيه قبل الحادثه انه ندم انه اتجوزها.
وضعت قمر يدها علي راسها تهتف بغضب قائله
=عارفه عارفه عارفه…بابا اللي كان مصبره عليها احنا…كان خايفه علينا نعيش من غير ام…بس اهو ادينا عشنا من غير اب…والكل عمال يلطش فينا.
وصلت قمر الي حاله من البكاء الهستيرى ليشدها غيث ويضمها بين احضانه ليقول بحنان
=متقوليش كده يا قمر…محدش يجروء يلطش فيكي انتي بالذات…انتي غاليه عليا قوى يا قمر…بس للاسف انتي غبيه …ومش قادرة تصدقي اللي جوايا.
خشت قمر ان تمر معه بليله مثل السابقه فحاولت التملص منه قائله بصوت مبحوح
=كل اللي جواك هيتمحي بالاستيكه اول اما توصل للي انت عايزة…وهتفتكر ساعتها كل حاجه حصلت معايا قبل كده…وهتنتدم انك بس قربت لي.
امسكها من يديها ووضع يده علي خديها ليقول بصوت حنون
=قمر لو بتعزيني…فكرى قبل ما تدمرى اخر رابط بينا…خليكي فاكرة حاجه واحده اني بحبك قوى …وعمرى ما هندم علي حاجه ممكن تكون اوهام في دماغك.
رمشت قمر بعيونها واستمعت جيدا الي كلمه اوهام فدب الامل في قلبها فهمست بصوت متحشرج
=ياريت تكون اوهام في دماغي….انت كمان يا غيث لو بتحبني زى ما بتقول…ارجوك ما تضغطش عليا اكتر من كده…انا اللي جوايا لازم يكون في حاجز اقوى منه علشان يهده
ابتسم غيث لها وهز رأسه بالموافقه علي حديثها…ثم لمعت برأسه فكرة خبيثه تجعل من قمر طامعه في عشقه…وبدا يتجهز لها جيدا…
في المصنع كان يجلس غيث يفكر في قمر كثيرا وفي طريقته معها وعنادها واصراراها علي شكوكها وخوفها من مواجهه الامر معه لكي لا يشعر بالندم…اي ندم الذي سيشعر به …يقسم بداخله انه حتي لو لم يعرف حقيقه امرها وانها مستسلمه للاوهام الذي زرعها شادي برأسها…سوف يرضي بها …ولكن هو يعلم جيدا ان ليس الخوف وحده الذي يمنعها …هو يعتقد جيدا انها لم تحبه يوما…وانها تزوجته لتهرب من عالمها الغبي الملئ بالكذب والخداع…لتتفاجئ به كان من ضمن اكبركذبه بحياتها…يتسائل هل كانت تحبه قبل معرفه حقيقه امره ام كان شفقه …كان عليه اكتشاف هذا الامر ومعرفه ما يكمن بداخلها…ففكر في فكرة خبيثه اي امراءة اذا تعرضت الي هذا الامر اما تستسلم وهذا في حاله عدم الحب …اما اذا كانت تعشق حبيبها ستتخذ هجومها للدفاع عن عشقها…تناول هاتفه واتصل علي شخص عزيز عليه
#خلود….اسمها علي اسم بطله روايتي الاولي #غدر_الزين…
نظرت خلود الي هاتفها فوجدته اتصالا من غيث فضحكت كثيرا وردت عليه قائلا
=يااه لسه بتفتكر…انا قلت انك نسيتني خلاص…ما هو اللي يعشق قمر الزمان …هيفتكرخلود ليه بقا…يالا معلش احنا ملناش بخت معاك…
تنهد غيث كثيرا وقال
=انتي مفيش فايده فيكي يا خلود…لازم تطلع زى المدفع …من غير ما تدي اللي قدامك فرصه انه يتكلم…طب قوليلي ازيك الاول…ايه سبب اتصالك.
قطبت خلود جبينها وقالت
=مالك يا غيث…انا قلت هتتصل بيا تقولي ان قمر حامل ولا حاجه…بس صوتك باين فيه انه حزين جدا…مش ده غيث اللي كان نازل مصر وفرحان ابدا.
اغمض غيث عيناه وتحدث بصوت مبحوح قائلا
=ياريتني ما نزلت يا خلود…كنت مفكر اني لما هنزل هتبدأ سعادتي…بس للاسف انا بقيت تعيس قوى…قمر مبتحبنيش يا خلود…حاولت معاها كتير ومفيش فايده.
فرجت خلود شفتيها وقالت
=انت بتقول ايه يا غيث…مش قمر كانت بتحبك من وانتو صغيرين…ايه اللي جد بقا…ولا بعدك عنها خلاها تنساك…مش معقول البعد يعمل كده.
تحدث غيث بألم قائلا
=البعد بيورث الجفا…انا بعدت عن قمر في اكتر وقت كانت محتاجاني جمبها…سبتها فريسه للي حواليها…ينهشوا فيها…وبدل ما اصلح اللي عملوه اول ما جيت جيت لبخت الدنيا أكتر
ردت عليه خلود ببلاهه قائله
=لبخت الدنيا أكتر ازاي يعني…وايه معني كلامك ان الكل نهشوا فيها…هو حد عمل فيها حاجه وحشه مثلا…طب وده قبل ما تنزل مصر ؟
رد عليها غيث بطريقه تنفي تفكيرها بالشئ السئ الذي حل بقمر
=لا يا خلود …مش زى ما انتي فاهمه…انا جيت لقيتها مفتقده الحب والحنان…وبدل ما أعوضها …مثلت عليها ان انا لسه مريض …بس والله غصبن عني.
اتسعت حدقه عين خلود قائله
=مثلت عليها طب ليه كده يا غيث ؟ده انت مصدقت تخف علشان ترجعلها…وبعدين كان غصبن عنك ازاي…هي الحاجات دي فيها غصب .
زفر غيث بحنق وقال
=مش مهم تعرفي التفاصيل يا خلود…المهم انا اتصلت بيكي ليه…انا محتاجلك قوى يا خلود…محتاج تديلها درس وتفوقيها…انا عارف انها بتحبني بس هي رافضه تبوح بمشاعرها قدام… انتي الوحيده اللي هخليها تعترف.
ضحكت خلود بشده وقالت
=محتاجلي انا؟هتحتاجني في ايه يا حسرة…انت نسيت انتي يا خلود عديمه الاهميه وملكيش فايده…وبدمرى حياتك بايديكي…واللي حواليكي هيطفشوا بسببك.
لوى غيث شفتيه وقال
=بدأنا بقا…بصي انا محتاجه ترجعي مصر …ويعني انا عارفه الستات لما بيغيروا من بعض بيحصل ايه…لو غارت تبقي بتحبني…ولو ما غارتش يبقي خلاص.. ومتأكد انها هتولع نار… وده مش مهم المهم هتعترف ولا لا
ابتسمت خلود بشده وقالت
=جرب نار الغير يا نشأت …والله حاجه حلوة قوى…وانت عارفني استاذه في المواضيع …اهو شفت أنا ليا لزمه ازاي يا أستاذ غيث…واهو احتاجتني.
ابتسم غيث بلهفه وقال
=يعني هتساعديني يا خلود…اكون ممنون ليكي قوى…بس متزوديش العيار وتجنينها…هي مش ناقصه جنان…من غير حاجه احنا عيله مجانين.
تراقصت خلود وهي تهاتفه قائله وهي تكتم ضحكاتها
=علشانك انت ارمي نفسي في النار وانكوى…واصرخ واقول يا دهواتي….احممم نحن تحت امرك يا غيث…هظبط اوراق السفر وطيران علي مصر ام الدنيا .
ابتسم غيث براحه وقال
=شكرا يا خلود…بجد انتي صديقه رائعه…مع السلامه يا خطيبتي السابقه ترجعي مصر بالسلامه…وقبل ما أقفل معاكي انتي مين يا خلود…انتي خطيبتي السابقه.
مر يومين بعد اتصاله لخلود حتي يجلبها الي مصر لتشعل نار الغيرة في قلب قمر حياله…ولمعرفته الجيده بذكاء قمر المعتاد…فحاول تلطيف الجو معها حتي لا تشك ان وجود خلود خطه رسمها غيث عليها لاثارة غيرتها…ولتجد ان وجود خلود مفاجاه له…جاءته فكرة الخروج معه فهو يعلم انها تحب الخروج والسهر قبل مجيئه الي مصر …فانتهز حفل اقامه المصنع بسبب النجاح في تصدير الاخشاب…ولا بد من حضوره الحفل وبرفقتها …واطمئن كثيرا لاعتذار شادي عن هذا الحفل…بحجه رغبته في تمضيه الوقت مع همس…من الطبيعي ان يتحسر علي حاله مع قمر …ففكر جيدا ان يأخذها معه الي الحفل ليحاول ان يقترب منها اكثر…ومن الممكن ان يكون لها فرصه جيده تريحه من عناء جلب خلود…فهو يخاف من خلود ايضا ومن تلاعبها…دخل عليها الغرفه وجدها تجلس علي الاريكه مرتديه كنزة بيضاء كنقاء قلبها وتنورة بيضاء قصيرة وتضع سماعات الاذن وتستمع الي موسيقي هادئه علم ذلك من هدوئها…ابتسم بسعاده وجلس يجانبها ليزيح سماعات الاذن عنها هاتفا بصوت مرح
=لا ده احنا اطورنا قوى…بقينا مبنخافش ولا بنخجل نلبس جيبات قصيرة وبلوزات مفتحه…ده ايه الجمال ده …انا مقدرش علي كده…هتخليني اخل بالاتفاق.
رمشت عيونها قائله
=هتخل بالاتفاق؟ لا طبعا…وبعدين يا ما ناس جميله بس جواها حزين…وبعدين انا مكنتش بخاف البس الحاجات دي قدامك…انا بس كنت متحفظه معاك لغايه ما اعطيتني الامان.
رفع يده ليزيح بعض الخصلات من علي عينها ليضع خلف اذنها قائلا بحب
=ويا ترى بقي فترة اختبارك ليا خلصت ولا لسه خايفه مني…ومش مأمنالي…انا في كلا الحالات صامد ومعاكي للاخر…ولو اني اتمني متتأخريش عليا.
خجلت قمر من تصريحه بأنه لا يريد التأخير والمماطله في الفوز بها وقالت بهدوء
=ما انا قلتلك …انتي دلوقتي مفيش منك مشكله ولا خوف ولا قلق…ومطمنالك جدا…انا مش قالقني غير بعد كده…يا ترى هتفضل علي حالك؟
ابتسم بهدوء قائلا
=انا هفضل زى ما أنا…عمرى ما هتغير…الخوف منك انتي…لتكوني مش عايزاني اصلا…وبتمثلي انك خايفه مني علشان تتهربي مني.
اغمضت قمر عينيها بمراره لانها تعشقه ومع ذلك هو يعتقد عدم موافقتها بالامر لانها لا تحبه…فتحت عينيها ببطء لتتحدث بألم قائله
=لا أنا مش بتهرب منك…وحط في دماغك النقطه دي كويس…ولو حصل حاجه بينا…انا عمرى ما هسيبك…قمرمش بتسيب حد يا غيث…
وضع يده علي ذقنها ليرفع قليلا ويتوه في بحور عينها العسيله ويقول
=انا بقي ممكن اسيب اي حد …لو لقيته مبيحبنيش…الا انت للاسف…انا مريض نفسيا زى ما بيقولوا…بس بيكي يا قمر الزمان…معندكيش علاج ليا؟
قمر بابتسامه باهته
=علاج …مش يمكن علاجك يكون البعد…علشان متفضلش تعبان طول عمرك…انا شخصيا مبحبش أشوفك تعبان…ولا حتي تحس بالنقص.
جذبها من ذقنها ليتذوق طعم شفتيها الرقيقه هامسا امام شفتيها
=نقص ايه اللي بتقولي عليه يا قمرى…انا بيكي بكتمل…انا من غيرك ناقص…نفسي بس تثقي فيا وتصدقيني…هتلاقيكي عايشه احلي ايامك.
حدقت فيه جيدا لترى الصدق في عينيه وهتفت بضعف قائله
=ولو فجأة اتحولت احلي ايام حياتي…الي اتعس أيام…ساعتهامن هيداويني…تعرف انك دلوقتي بعتبرك الدوا لجروحي…بس خايفه بعد كده تبقي انت الجرح اللي ملوش دوا.
ابتسم بسخريه قائلا
=جرح…انا متخيله اني ممكن اكون جرح ليكي في يوم من الايام…يااااه للدرجه دي بقيت زىي زى غيرى يا قمر…مكنش العشم والله يا حبيبتي.
ازاحت يده وقالت بحزم
=,يعني انت جاهز تواجه اللي حصلي وتتقبله عادي…ولا ساعتها هيبقا كلام وخلاص…ما هو مفيش أسهل من الكلام علي فكرة…انا ممكن برضه أعمل زيك وأبيع كلام.

نظر اليها مطولا ولم يجيب عليها ليجعلها تحترق مثل ما تحرقه بكلامها …وحاول تغيير الموضوع قائلا
=المصنع عاملين حفله بكره…ولازم احضرها…ولازم تكوني معايا…باعتبارك زوجتي…ده بعد اذن حضرتك طبعا…شوفي ناقصك ايه ابعت اجيبه.
زفرت ثم تحدثت بهدوء قائله
=انا مش ناقصني حاجه والحمد لله…بس انا مش عايزة اروح…قولهم زوجتي مريضه…مش لازم اكون معاك…كتير لما كنت بروح الحفلات دي اكترهم مش بيجيبوا زوجاتهم.
نظر اليها باستغراب قائلا
=انتي كنتي بتروحي الحفلات دي …كنت بتروحي مع مين…معروف اني جدي مكنش بيقدر يحضر ولا يسهر حتي…ااااه نسيت انتي بتحبي السهر كتير.
ارتجفت قمر وقالت
=انا كنت بروح كفرد من افراد العيله…علشان ارحب بالموظفين…واشيد بمجهوداتهم…مش علشان حاجه في دماغك…وبعدين انا بقيت بكره السهر.
هز غيث رأسه بحزن قائلا
=لا انتي بتحبي السهر مع ناس…اما مع غيث …لا مينفعش…يقولوا عليكي ايه…خارجه وسهرانه مع غيث…ودي تيجي برضه…ايش جاب لجاب.
اقتربت قمر اليه تهتف بحنق وغيظ قائله
=لا انا مش عايزة اروح معاك علشان انت غيث…انا مش عايزة اروح هناك واشوف الزفت شادي…فهمت بقي يا استاذ يا محترم…شفت بقي انا خايفه من ايه؟
اشاح بوجهه في الاتجاه الاخر واستدار مواليا ظهره لها عاقدا ذراعيه فوق صدره محاولا التهرب منها قائلا
=علي فكرة شادي اعتذر عن الحفله…اصله مش قادر يفوت لحظه وهو بعيد عن همس…اما انا حظى وحش …وكل اما احاول اقرب منك تبعديني أكتر.
خبطت قمر علي ظهره بسبابتها بغيظ قائله
=متفكرش انك لما تقولي انه مش قادر يبعد عن همس…هغير منها…لااا شادي ده خارج حساباتي…انا لو كان ده هيضايقني فده علشان همس.
التفت اليها ينظر اليها بهدوء قائلا
=اسمعي لما اقولك…انا صبرت عليكي كتير…وكل مرة بنلف وندور في نفس الموضوع…اختك بتثق في شادي…وهي حرة…اما انتي أرجوكي تعالي معايا الحفله حسسيني انك مراتي ولو لمرة واحده …يا اما بقا أعمل معاكي حاجه وساعتها أحس فعلا انك بقيتي مراتي ومتزعليش بقا ساعتها اني خليت بالاتفاق..
ارتجفت قمر من تهديده وعلمت ان تهديده حقيقيا وقالت وهي ترتعش
=خلاص خلاص…هي جت علي الحفله…هحضرها حاضر…بس خليك زى ما انت…علي اتفاقنا …وانا اوعدك مش هضايقك تاني والله.
نظر اليه بشماته وتركها وخرج لتزفر بحنق وتجلس علي الاريكه تخلع حذائها لتقذفه ليرتطم بباب الغرفه بعد خروج غيث ليبتسم ضاحكا علي فعلتها المجنونه.
رواية جانا الهوى للكاتبة الشيماء محمد الفصل الثالث عشر