الثامنه عشر
رحل “الياس ” عن المستشفى لكنه لم ينسي أن يوصى بشده عليها بعدما قضى اليل بأكمله يتأمل
حركاتها وسكانتها كالمجذوب من قبل لم يكن له صبرا على شئ حتى تربصه بالاعداء كان يقنص
بسرعه البرق لكن فى هذه القصه كان متريسا قرار الحب من الصعب إتخاذه فرغ كل شحنة
ضيقه عبر آلته الرياضيه حتى تصبب جسده عرقا كان يتعامل بعنف مع حمل الثقائل يعنفه نفسه
على التفكير فيها أو ييشغل رأسه من الاهتمام بأمرها قطع تلك الحرب النفسيه الداميه صوت
“ريان ” المختنق :
_ ايه يا بطل جاى بدرى ؟
انتبه اليه بصعوبه ثم توقف ليجيبه لاهثا :
_ انت كمان جاى بدرى
جلس “ريان “على آله اخرى ورد عليه بيأس :
_ هروح فين ؟
استعد لبدء تمرينه بينما جفف “الياس ” جسده لم يكن حاله افضل من حال “ريان ” لكن هو لايشتكى
يقبض على جمر فى حشي روحه ويتظاهر بثبات عجيب ولا يغيب عن رأسه امرها حتى هتف “ريان “بشرود :
_ هو الحب بيجيلنا ولا احنا اللى بنروحله يعنى الواحد بيختاره ولا هو اللى بيختاره
رفع “الياس ” وجه اليه وكأنه ضغط دون قصد على جرحه الذى يؤرقه توقف عن تجفيف جسده
وطال صمته وكأنه يفكر بعمق يفكر فيما قال شاردا فى مجنونته التى أذهبت كل تعقله
استأنف “ريان ” حديثه بعدما لاحظ شروده :
_ايه يا الياس اول مره ما لاقيش عندك إجابه
انت فعلا اصغر منى بس انا دايما بلاقى فيك حكمه وخبره كأنك عشت الدنيا الف مره
ولما انت تسكت مين هيطمنى ؟
ابتسم ابتسامه تخلو تماما من المرح وأطرق برأسه مجيبا :
_ يمكن عشان ما جربتش الحب
نهض من مكانه ووقف بوجه يمازحه :
_ المفروض انت اللى تفيدنا يا خبره
زفر “ريان ” بتعب ورد عليه متأثرا :
_ قلبى وجعنى يا إلياس حاسس إنه هينفجر من كتر الضيق
يشعر به دون سرد تفاصيل كل شئ مخطوط على وجهه دون شرح لكنه ليس فى مقدوره
مساعدته هو الآن فى اماس الحاجه لمن يساعده ربت على كتفه وهو يقول :
_ حاسس بيك بس مش قادر اساعدك انت خايف عليها وهى مش فاهمه انك عايز مصلحتها
هى عمرها ما هتكون وياك
من يعلم إن كان حديثه عن تمار أم مكه لكن هذا ما يضمره وأخرجه بسهوله تابع بهدوء :
_ انا هروح الشغل وانت هتعمل ايه ؟
اجابه “ريان ” وهو يركض عبر اله الركض :
_ هروح لعدى طالب يشوفنى
ربت على كتفه كى يودعه وتركه يفرغ هو الآخر ثقل روحه فى الرياضه
___________حصريا على صفحخ بقلم سنيوريتا ____________
فى المستشفى
التف كلا من “خديجه ومرام وابراهيم ” حول “مكه” كاد يقتلهم القلق عليها لكن الحمد لله رؤيتها
الآن بأعين مفتوحه طمئنتهم كثيرا بالنسبه لمكه فقد ساعدها النوم كثيرا على تخفيف جزء من آلامها
لكن حاليا هى تحاول تحمل تشنجات الآلم متمدده على الفراش لا تستطيع حتى اسناد ظهرها الى الاعلى
والجلوس نصف جلسه
هتفت “مرام” وهى تمسك بباطن يدها :
_ الف سلامه عليكى يا مكه وقعتى قلبى
أكملت “خديجه ” وهى تجلس فى الجهه الاخرى تمسد على جبينها بحنان :
_ قلبك بس , الحمد لله اننا إطمنا عليها
وتدخل والدها قائلا :
_ لولا الشيخ كامل ما كناش نعرف كان هيحصل ايه ؟
ضمت حاجبيها محاوله التذكر وسألت بوهن :
_ مين الشيخ كامل دا ؟
أجاب ليذكرها به :
_ دا جارنا ازاى مش فكراه دا اللى كان بيروح بيا المستشفى لما تجيلى الازمه
إذدات عبوسا وكأنها مازلت لا تذكره وهدرت مستنكره :
_ ايوا ازاى بقى شيخ هو عشان ربى دقنه وصلى فى الجامع ركعتين يبقى شيخ
رد عليه والدها بشئ من الشده :
_ الرجل كتر خيره انه ساعدنا نوصل هنا مش هندخل فى صفته يهدى من يشاء وهو على كل شئ قدير
قطع حديثهم طرقات الباب الهادئه نهض “ابراهيم” للاستكشاف ولكنه بعدما ازاح الباب ظهر على وجهه
علامات الدهشه وهو يجول فى هيئة هذا الشاب الذى يحمل بيده باقه من الورد ويبتسم ابتسامه ناصعة
هتف مرحبا ببشاهه:
_ حمد لله على سلامة الانسه مكه
بهذه الكلمات المقتضبه قطع الشك بأنه ليس مخطئ فى العنوان مما جعل “ابراهيم ” يسأله :
_ مين حضرتك ؟
لم يتاخر فى اجابة سؤاله عرف نفسه بكل تواضع :
_ عدى رأفت الالفى
وما إن رن اسمه فى الاوساط حتى قفزت “مرام ” من مكانها متجهه نحو الباب لتتأكد من وجوده
رأته من فوق كتف والدها الذى تجاوزه طولا وازدات ارتباكا من حضوره فهتفت متعلثمه :
_ ايه اللى جابك ؟
ثم تراجعت فى حديثها وكأنها تسحبه لتقول من جديد لكن بنفس الارتباك :
_ اهلا وسهلا
استدار “ابراهيم ” لينظر اليها مدهوشا من معرفتها السابقه له فى ظل هو أول مره يراه
فى هذه الاثناء هدر “عدى” بمرح مستنكرا :
_ معقول بتقابلوا الضيوف كدا
نهضت “خديجه ” هى الاخرى لترى ما الذى اجتمع عليه وفور رؤيته تهلل وجهها وهتفت بترحيب :
_ اهلا وسهلا حضرتك جاى بنفسك والله دى كبيره عندنا اوى
ومع استمرار الترحيب بهذا المجهول كاد “ابراهيم ” ينفجر غضبا وقد لاحظت هذا خديجه فهتفت موضحه :
_ دا المحامى اللى كان متابع قضيه مكه واللى راح دور عليك فى القسم وطمنا على خروجك
ابتسم لها “عدى” لانقاذه من هذا الاحراج أردفت بترحاب :
_ اتفضل معقول هتقف على الباب
تهجم وجه “ابراهيم ” وعاد يرسل شرارات الغضب من عيناه الى زوجته بتحذير خاص قائلا :
_ يدخل فين ؟
تحولت نبرته للين وهو يلتف الى “عدى ” :
_تعال يا ابنى على مكه تلبس حجابها وتجهز
استجاب “عدى ” لدفعت يده الهادئه لكنه اشار اليه بالباقه التى بيده كى يقدمها الى “مرام ”
فتناولها هو بضيق وسلمها الى ابنته كان غيور بشده على عائلته ومشحون من نظرات “عدى” نحو مرام
دون تفسير
هتفت “مرام ” بتعجل :
_ ماما ممكن تجهزى انتى مكه انا لازم اروح وراهم
استجابت “خديجه ” لكن حملت نبرتها تأكيد :
_ ماشي بس لازم تخليه يرجع والله ما انا عارفه الرجل هيقول علينا ايه بعد
اللى عمله ابوكى اكيد هيقول خلصت حاجتى من جارتى و……
طالت ثرثارتها عن العيب والاحراج والخطأ حتى شردت “مرام ” بعيدا والقلق يحاصرها
من كل الجهات إن أخطأ “عدى ” وحدث والدها عن الحادث الخاص بها أو حتى لمح إليه
من بعيد
“فى الخارج ”
مشي “ابراهيم ” يعقد يده خلف ظهره وينظر الى خطواته المتقدمه دون نظر والى جواره “عدى ”
لم يدرى ما الذى ساقه ليسأله بتحفظ شديد :
_ قولى يا إبنى بما انك محامى ايه اللى يخلى “مكه” بنتى تطلع تقول للعالم اللى قالته دا
اشدد عليه الحرج وهو يردف :
_اكيد انت عارف الكلام
استمع “عدى ” الى السؤال جيدا لكنه تحسس على كلماته وهو يرد الجواب بسؤال :
_ هو حضرتك ما سألتهاش
توقف فجأه وكأنه شل مكانه سكت قليلا ثم هتف بتأثر شديد مملوء بالحرج :
_ مش قادر أسمع
صر على أسنانه مستأنفا :
_ انت عارف الدخليه وو****
حك “عدى ” جانب رأسه وهو يحاول ايجاد شئ مناسب لقول ما يدور برأسه دون أن يجرحه :
_ حضرتك واثق إن الكلام اللى اتقال دا مش حقيقى
فأوقفه “ابراهيم ” فى سرعه :
_ لاء انا واثق فى بنتى انا متاكد انها ما تعملش كدا ابدا الكلام اللى قالته دا قالته تحت تهديد
مش عارفلوا سبب ليه يخلوها تقول كدا على نفسها
من بعيد كانت تهرول “مرام ” فى نفس الممر وقلبها يخفق بشده من الرعب حتى استصعب عليها
تنظيم انفاسها وهى ترى والدها و”عدى” يتبادلوا اطراف الحديث فى نهاية الطرقه كان كل همها قطع الحديث
بأي شكل وإنهاء هذه المقابله بسرعه حتى يطمئن قلبها اقتربت منهم بضع خطوات وهتفت لاهثه :
_بابا
التف لها والدها فجاهدت تنظيم انفاسها وعينها ثابته على “عدى” الذى رفع هو الآخر وجهه
فضم حاجبيه بدهشه من لون بشرتها الذى يبدوا عليه الشحوب وانفاسها التى تنظمها بصعوبه
استمرت عينها بالنظر اليه بتوجس لكنه لم يفهم سبب لكل هذا لكن هناك أعين تربصت
لهم بضيق من تجاهلها وقوفه وتركيز بصرها على نقطه معينه استفزته
_فى ايه يا مرام ؟
سألها والدها بضيق فأجابت :
_ ماما بتقولك اتفضل
تجاوزها “ابراهيم ” وخطى متراجعا عبر الممر الطويل يمشي بشرود ، تمشت “مرام ”
الى جوار “عدى” وتعمدت التبطئ فى خطواتها حتى يتثنى لها سؤاله امسكت اطراف
اصابعها وهى تتقدم بأعين زائغه بين والدها الذى سبقهم بعدة خطوات و بين خطوات
عدى المحاذيه لخطواتها حاولت التحلى بالشجاعه لسؤاله لكن كان يخونها صوتها ويأبى الخروج
حتى تسأل هو بتعجب من حالتها فور رؤيته :
_ مالك ؟انتى مضايقه من وجودى ؟
نفضت رأسها سريعا دون أن تنظر اليه قاست بأعينها المسافه الفاصله بينها وبين والدها وكذلك
بينه وبين الغرفه وقررت الهتاف سريعا قبل أن يصلوا الى اجتماع العائله فهدرت بتوتر :
_ انت قولت لبابا حاجه ؟
حاول فهم ما قلته لكنه لم يستوعب فسأل مستنكرا :
_ حاجه ايه ؟
تشنجت قليلا قبل أن تهتف بـ :
_ عن الحادثه
توقف “عدى ” عن الحركه بعدما أدرك سبب كل هذا التوتر الذى يراه ووقف بوجها لتبادله هى الاخرى
نفس الحركه وأعينها تحاول تخمين الاجابه قبل نطقها لكن ما رأت منه إلا الاستياء برغم محافظته
على ضبط درجة صوته لكنه ظهر هتافه محتدا :
_ انتى ليه محسسانى إنى ماسك عليكى ذله لدرجادى شايفانى ندل ؟
همت لتنفى هذا لكن تدخل صوت أعلى أكثر غضبا :
_مــــــــرام تعالى هنا
جعلها تلتف فورا وتتجه نحوه بخطوات مهروله فى ثوان كانت امامه لم يتخلى عن غضبه
وصاح فيها بحنق من تصرفها :
_ بتعملى ايه ؟
تدخل “عدى ” الذى لحق بها بعدما شاهد غضب والداها المتفاقم وهتف بهدوء :
_ انا عارف إن الوقت مش مناسب بس انا كنت عرض على انسه “مرام ” الشغل
عندى فى مكتبى وهى كانت مأجله الموافقه لبعد موافقة حضرتك
لم يغادر الوجوم وجه “ابراهيم ” بل اذداد عبوسا وهو ينظر لابنته :
_ احنا مش محتاجين الشغل بنتى هتقعد فى البيت معززه مكرمه
تمالك “عدى ” اعصابه لتهدئة نفسه حتى يحصل على ما يريد كل شئ بالهدوء والتمهل
يلين قال باسلوب هادى يقرب الى التوسل :
_ الحقيقه إنى انا اللى محتاجها فى المكتب بتاعى
اقترب منه ليهمس فى أذنه مكررا نفس جملته :
_ عشان نرجع حق كل اللى زى مكه من الدخليه ال*****
ابتعد “ابراهيم ” قليلا ليتاكد من صدق كلامه فأكد “عدى “بعينه على جديته
وابتسم ابتسامه هادئه ليبعث لديه الاطمئنان تملك الفضول من “مرام” من سرية حديث “عدى” لوالدها
وإذدات قلقا من هذا الهمس المتعمد اخفاؤئه ، ومع تتدافع الاحداث فى الفترة الاخيره وشعوره بالخطر
الذى يحاوط اسرته لم يكن امام “ابراهيم” إلا الى إلاطمئنان لهذا الشاب الغريب الذى وقف بجانبهم فى
محنتهم لكن الامر ليس بالسهوله ليثق فى عابر دون شئ ملموس فسال مترددا:
_ وهى تعرف ايه عن شغل المحاماه عشان تنفعك بيه ؟ احنا بعد اللى حصل مش عايزين
مشاكل
استمر “عدى ” فى منحه ابتسامه مطمئنه مع تأكيد شفهى بـ:
_ما تقلقش حضرتك هى هترتب مواعيدى فى المكتب الصغير وتبلغنى بيها
إطمن انسه “مرام ” هــتــكــون فــى امــان مـعـايــا
مد “ابراهيم ” يده الى “عدى” قائلا بتحدى :
_ تعاهدنى انها هتكون فى امان معاك
لم يكن تهور أو جنون بقدر ما كان خوفا وعجز وعدم ثقه فى نفسه لحماية بناته الاثنين فى وسط هذا العالم
مباغتته السريعه أربكت “عدى” وأحرجت “مرام” بشده لكن تشجع “عدى ” ومد يده ليضعها فى يد “ابراهيم”
مؤكدا له :
_أعـــاهــــدك
زاد إطمئنان “ابراهيم” لعدى الذى لم يخفيه من البدايه شاب مثله ناضج يعمل بالمحاماه ويساعد من لاظهرله
مهتما لامرهم ويقف الى جوارهم دون مقابل جديرا بالثقه والإتمان ابتسم له معلنا رضاه عن عمل ابنته معه
والاطمئنان الى عهده
_________حصريا على صفحة بقلم سنيوريتا _________
لدى منار
وصلت الى مقر جامعتها رفض “شريف ” النظر اليها واكتفى بتلو ما أراد وهو ينظر امامه قائلا :
_ خلصى وكلمينى ابعتلك العربيه مع سواق ويروحك
حركت جسدها باتجاه وقالت دون اهتمام :
_ مش مهم انا بعرف اروح لوحدى
التف جانب وجه تجاها وقد ظهر الضيق جليا فى وجهه هدر به دفعه واحده :
_ كان زمان دلوقتى بقينا تحت امر سيادتك
لاحظت نبرته المحتنقه وخطفت نظره ماكره لتغير وجهة الحديث من حنق الى مرح بـ:
_ ان كان ولابد بقى يبقى تذكرلى المواد الصعبه كدا تبقى أومر بصحيح
ينسي دوما نفسه امام رضاها الى متى سيظل يغرق فى هواها الى متى يسقط كل مره فى عشقها
وجد نفسه يهدر دون أدنى سيطره مبتسما برضاء :
_ ومالوا أذكرلك يا منار
ابتسمت بسعاده لنجاحها فى ابتسامته رفعت طرف ذقنها بشموخ وهى تهتف :
_ شكرا على احساس السمو يا سيادة الظابط
اشار لها وهو يغمره شعور بالراحه والسعادة وقال :
_ يلا اتفضلى عشان ما تأخرنيش
ترجلت من السياره وركضت وسط الجموع ظل يتابع خطواتها بعينه وبرأسه الف فكره كيف سيقنع
هذه المجنونه بأنه يحبها …
_________جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا ________
“لدى تمار ”
الحالة تسؤ اكثر واكثر جلوسها وحيده ورأسها الذى لا يكف عن الاسئلة سيقودها للجنون
عشرات الرسائل والمكالمات تتجاهلها بل لم تسمعها من الاساس اسفل عينيها اصبح
غابة حالكة السواد وتجول وجهها النضر الذى يشع حيويه وبهجه أصفر باهت بلون الخريف
ذبلت تماما بعدما فقدت رغبتها فى الحياه واصبحت الغرفه ذات قضبان حديديه تمنعها من الخروج
مهما سهل فتح الباب
عاد اليها والدها الذى جاهد كثيرا فى الفترة الاخيره إخرجها من هذه الحالة لكنه يفشل هذه المرة
وبعد ليلتان فى منزله دون طعام أو شراب أصر على فعل أى شئ لينجدها من هذا الهلاك الذى تسير نحوه
بسرعة البرق
اقترب منها ممسكا بيده تذكره سفر وحاول أن يبدو متحمسا كى يحصل على تفاعل من قبلها وهو يهدر :
_ تمار شوفى المفاجأه اللى عملتهالك حجزتلك تذكرة لامريكا وجزر الهند
كل هذا المجهود فى الحماس ذهب سدى عندما رأها لا تبدى أى ردة فعل كرر قوله بنبرة شك :
_ بقولك هتسافرى ؟ تمار انتى سمعانى ؟
اذداد الشك لديه ابنته فى حالة خطر جلوسها بهذه الطريقة أصبح مرعب لم ترفع رأسها اليه
ولم تفك عقدة يدها عن ركبتيها لم ترمش حتى بعيناها وكأنها تمثال متحجر
لمس كتفيها ليهزها بحذر لكنها كانت اخف وزنا من الريشه فى الاستجابه بدأ القلق يزحف
نحو قلبه ويتملك منه الذعر سيفقد ابنته إن استمرت على هذا الوضع صاح فيها :
_ تـــــمــــــار ردى عليا
لم يتحرك لها رمش وكأنها ليست على قيد الحياه صرخ مجددا بحده :
_ تمار ردى عليا حالا
اذداد هياجا وراح يلطم وجنتيها بفزع من إصابتها بمكروه مرددا بذعر :
_ ردى عليا ردى يا تمار
لكن بات الكلام لا يصل لها انسحبت فى غابات الظلام حيث السكون والهدؤء
____________جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا __________
فى المستشفى
“مرام ”
وقفت فى زوية الغرفه تتابع دون إنتباه حديث عائلتها له
لكن رأسها فى عالم آخر لا يدرك ما يقولون لم يستطع اى شي فى جذب إهتمامها سوى باقة الورود التى على طرف الفراش تقدمت نحوها كالمسحوره ودون تردد مدت يدها والتقطتها حملتها بين ذراعيها كطفل صغير وناظرتها بإبتسامه رقيقه مستكشفه بأناملها أطرافها الناعمه حتى طغت ألوانها المبهجه على لون عينيها لاحظ هذا تلك
المقطوعه التى تجرى فى الزوايه عندما سكت صوتها فجأه كأنها لم تكن موجودة ،ما إستطاع أبدا إحادة عينه عنها
متعمقا فى حركاتها الوديه وسعادتها المفرطه بباقة الورود
وكأنها ابدا لم يهديها أحدا ورده يتفهم أن كل أنثى تعشق الورود لكنه لأول مرة يرى إمرة كالورود
تشبه تفاصيلها فى نعومتها وألوانها الزاهية تنظر اليها تسرك تقترب أكثر من اللازم تضرك
ناد “ابراهيم ” عدى ليخرجه من شروده نحو “مرام ” قائلا :
_ انا اعتبرتك زى ابنى الله يرحمه ولازم الابن يزور والده
تحمحم “عدى ” مجيبا بود :
_ ان شاء الله طبعا
من ثم رسم ابتسامه هادئه على ثغره تبعها بـ:
_ انا هستأذن دلوقت وبإذن الله نتقابل فى فرصه احسن من كدا
بادله “ابراهيم ” الابتسام بسعاده لتلك الزيارة الساره والتعرف اليه :
_ ان شاء الله يا ابنى وبالنسبه لمرام تبقى حدد المعاد اللى تحتاجها فيه وهى تروحلك
لم يستطيع إخفاء سعادته بهذا العرض متمنيا حدوثه سريعا هتف ممتنا :
_ متشكرا جدا لحضرتك
رمى نظرة خاطفه تجاها وه يسترسل :
_هتواصل معاها
ارتبكت بشده وكأن بينهم شئ يستدعى كل هذا الارتباك والقلق خرج “عدى” دون أن تسمع ما بقى من حديثه
مع والده الذى اتضح انه على ود ووفاق معه بل وجدت شئ من الارتياح من جانب والدها له
رحل “عدى ” وبقيت الغصه فى صدرها لقد رأها فى أضعف حلاتها كيف ستعامل معه من جديد كيف
ستواجه كل يوم وتنظر فى عينه وآه من عينه….
______جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا ______
“فى مبنى امن الدوله ”
وقف “الياس” امام اللواء “جمال مندور” بثبات ينتظر معرفة سبب إستدعائه الى مكتبه
الحقيقه انه ساوره بعض القلق فى استدعائه المفاجئ وخشي أن يكون على علم بذهابه للمشفى
ومعرفته بحيلة الحراسه على مكه خاصتا عندما طال صمته وزاد انشغاله بالاوراق التى امامه
حاول “الياس ” التحلى بالصبر لكنه لم يستطيع الصبراكثر بعدما فات على وقوفه بهذا الشكل اثنى عشر دقيقه
دون أى حديث اندفع يسأله برويه :
_ حضرتك كنت بعتلى يا سياده اللواء
انتظر لحظه قبل أن يرد عليه دون اهتمام :
_ مهمه ,,,عايزك فى مهمه يا إلياس
طريقته الجافه وعدم إلتفاته إليه فى إخباره بهذه المهمه لم يكن يحتاج دليلا اكبر من هذا لأدركه أنه علم
زفر انفاسه تسأل مدعيا عدم ملاحظته كل هذا البرود :
_ مهمه ايه يا افندم ؟
خلع نظارته وضعها على سطح المكتب وقدم اليه ملف وهو يهدر بجديه :
_ مهمه سريه والملف فى كل التفاصيل
برغم زيادة تعجبه من عدم اخباره بالتفاصيل الا انه سحب الملف بيده وسمح لنفسه بالجلوس وهو يعاينه
ويقرأ ما به بعيناه لم يندهش من طبيعة هذه المهمه السريه بقدر ما أدهشه سرعة التنفيذ رفع وجه ليسأل
بتعجب :
_ بكرا الصبح
قابله وجه “جمال ” ببرود ورد عليه بشئ من البرود :
_ عشان تعرف بس إن قعدتك مالهاش لازمه
جال بعينه فى جهه متحيرا من اسلوبه هل ما يعنيه التعجل فى تحضير المهمه أم جفاء بسبب زيارة
لمكه تحمحم قائلا :
_ بس يا افندم الوقت,,,
انتفض فى جلسه مقاطعا اياه بعصبيه :
_ من امته بتتحجج بالوقت
رفع حاجبيه باستسلام وهم لينهض من مكانه يهتف بقبول :
_ حاضر يا افندم
هدر “جمال ” بجملة أوضحت كل شئ قالها بحزم شديد :
_ المهمه مش محدد لهاخطه زمنيه اتمنى لما ترجع منها يكون رجعلك عقلك
توقف فى مكانه بعد حديثه المبطن والواضح عن زيارة لمكه لم يتررد لحظه فى قول :
_ حضرتك عارف أنى كل مهمه بروحها برجع بتفكير مختلف
يؤمى “جمال ” برأسه كعلامه الاتفاق معه وأكمل بنبره حانيه :
_ الياس انت عارف انك ابنى وبعتبرك اسطورة فى مكافحة الارهاب ويحقلى
أدخل لما الاقيك بضيع نفسك فى قصه فاشله ومع حد مش مناسب ليك بالمره
ابتلع ريقه واجفل بالفعل تلك الهمه ستغيره فكريا وتضع قلبه فى الطريق الصحيح
إما يـــنـــســي إما يـــمــــوت ,,,
________جميع الحقوق محفوظه لدى صفحة بقلم سنيوريتا _________
فى أحدى المقاهى الرقيه
جلس “عدى ” بمواجهة “ريان” يسأله بضراوة عما فعله بتمار دون مراجعته قائلا بحده :
_ مش بعد كل االى وصلانله دا ترجعها تانى ويا ريت كويسه لا دا أسوء من الاول
تحاشي “ريان ” النظر اليه وتعمد التظاهر بعد الاهتمام :
_ بكرا تبقى كويسه وترتاح اكتر
لم يتحكم “عدى ” فى اعصابه امام رؤيته بعدم الامبلاه فى جرح مشاعر اخته :
_ ولما كدا من الاول بتجوزها ليه ؟
هتف بتردد :
_ اكتشفت انى كنت غلط
أحبطه اجابته وشعر بالحزن لما فعله والده بنفسية اخته وزوجها وتدميرهم بهذا الشكل ونشب الخراب
بداخلهم وتشكيكهم بعشقهم هدر أسفا ليوقظ ضميره ويخرجه من حالته :
_ يعنى انا كنت فى الجهة الغلط لما وقفت فى صفك يا ريان
لم يجبه “ريان “فاسترسل بهدوء لعله يستفز مكنونه ويثنيه عن قراره :
_ لو انت شكيت فى تمار عشان لاقتها فى عربيه و,,,,,,
اخيرا التقت عينه بعينه ورمقه محذرا من اهدار حرف واحد وظهرت نبرته الغاضبه قائلا بحميه :
_ عدى اوعى تكمل انا عمرى ما اشك فى تمار
اخيرا حصل على ردة فعل تثبت مدى تعلق قلبه بأخته واستمرار حبه حتى بعدما قرر التخلى عنها
اخفى ابتسامته وسأله بمكر :
-اومال ايه سبب اللى عملته ؟
زفر بضيق من استمرار محاصرة “عدى ” له يريد أن تكرهه تمار حتى لا يتألم قلبها لايريد لها
سوى السعادة وعيش سنها الذى يشعر انه سيحرمها منه
هتف بحنق :
_ عدى ارجع لتمار وفهمها انه مابقاش ينفع انا مابقتش قادر على العيشه دى
قرر ان يرمى الكره اسفل قدم والدها بأن أردف :
_ لما باباها يوافق
قطع نظرات الشك التى ارسلها “عدى” تجاهه رنين هاتفه فى جيبه زمجر بحنق لتلك المقاطعه
ولغضبه الشديد مما يفعله صديقه امسك هاتفه واجاب :
_ ايوا يا بابا
من بعدها احتقن وجه وهو يسمع الجملة المقتضبه ب :
_ تمار فى المستشفى تعال حالا
وثب من مكانه قائلا بذعر :
_ مالها تمار جاى حالا
الاسم المصاحب لكل هذا الذعر جعل “ريان ” ينتفض هو الآخر من مكانه متسائلا بفزع :
_ فى ايه ياعدى تمارمالها ؟
تحرك من امامه مهرولا وهو يجيبه :
_ فى المستشفى لسه ما اعرفش مالها بس دا المتوقع
رحل وركض من ورائه “ريان ” لايعرف كيف سقط قلبه من هذا الارتفاع الشاهق
دون مقدمات نطق اسمها فقط بإحتماليه خطر جعله يرتبك مافي قلبه لها لم يستطيع تحمله بشر
قدمه تركض خطوة وقلبه يسبقه بأميال ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،