روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 15

رواية تعافيت بك الفصل 15 “الفصل الخامس عشر”
“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
_____________

أن نكتُب
في نِهاية سُطورنا
أننا نِلنا
مَا صبرنا لأجلهِ،
_____________

من أكثر ما يُعيق حركة الإنسان و تحركه هو الخذلان، فتصبح كأنك كطيرٍ كان يتمتع بالحرية ثم وقع في بئرٍ عميق، هكذا شعر الجميع بعد بيت الشِعر الذي ألقاهُ عامر على مسامعهم، فقط خذلان، فأصيب جميعهم بجحوظ في العينين و الصمت نظر «عامر» في أوجه الجميع ليرى نتيجة قوله وعندما لم يأتيه ردًا منهم قال:

“إيه رأيكم يا جماعة، عالمي صح؟ سارة إيه رأيك”

لم يتفوه أيًا من الواقفين بحرفٍ واحدٍ، بينما نظروا جميعهم إلى «سارة» التي قفزت من الفرحة مرة أخرى وهي تقول:

“تُحفة يا عامر، بجد أحلى حاجة سمعتها في حياتي”

حقًا الطيور على أشكالها تقع، هذا هو ما ظنه الجميع، فأول من تحدث بعد الصمت كان «ياسر» حينما قال:
“دا تُحفة دا، أكيد في حاجة غلط، دا لو بيحب سوبر ماركت مش هيكتبله بيت الشِعر دا”

ضحك الجميع على حديث «ياسر» بينما «عامر» نظر له بسخرية ثم قال:

“قُل إنك بتحقد عليا، علشان مش عارف تكتب بيت شعر زي دا، أتحدى واحد فيكوا يعرف يكتب نص اللي كتبته”

نظر «ياسر» للجميع غير مُصدقًا لما يدور حوله ثم قال:

“يا بني أنتَ جايب الثقة دي منين؟”

تدخل «خالد» قائلًا:
“سيبك أنتَ من كدا، الشِعر عجبها إزاي بجد؟”

ردت عليهم «سارة» بتعجب:
“أيوا يا جماعة دا رهيب بجد، ماشاء الله ربنا يحفظه ويحميه”

هز «ياسين» رأسه بقوة ثم قال مندهشًا:
“لأ دا أكيد عالم موازي دا بجد، أو دي أحلام العصر”

اعتدل «عامر» في وقفته لتزداد شموخًا ثم قال:

“أنا مش فاهم حقدكم دا إيه سببه بجد، وأتحداكوا واحد فيكوا يقول شِعر جامد زي دا”

ضحك الجميع عليه و على ثقته الزائدة بنفسه، فتحدث «ياسر» قائلًا:
“يا سلام أوي أوي، عاوز بيت شِعر حاضر”

تدخل «خالد» قائلًا:
“متتهورش يا ياسر، علشان أقسم برب الكعبة أنا عندي استعداد أرميكوا برة كلكوا”

ردت عليه «ريهام»:
“ما تهدى يا خالد أنتَ علطول متعصب كدا؟”

أجابها قائلًا:
“يعني أنتِ مش شايفة شغل الهبل، دول ناس قربوا على ال٣٠”

ضحك «ياسين» ثم قال:
“يا عم سيبهم دا عيد ميلاد متنكدش عليهم، قُل يا ياسر يلا”

ضحك «ياسر» ثم قال بفرح:
“الله يكرم أصلك يا ياسين”

قال جملته ثم التفت إلى «إيمان» نظر في أعينها بقوة وحب ثم قال:
“إيمان هو إزاي الطب إتقدم سنين قدام و مقدرش يجمع ضحكتك الحلوة في شريط برشام؟”

خرج تصفيقًا حارًا من «ياسين» بينما «خالد» نظر بإشمئزاز لهما ثم قال:
“ورب الكعبة لأبلغ عنكم وزارة الثقافة”

ردت عليه «إيمان» بسعادة بالغة تعتلي ملامح وجهها قائلةً:

“لأ يا خالد بجد دا جميل أوي، دا طلع مش بس دكتور، لأ كمان شاعر”

رد «ياسين» بسخرية قائلًا:
“على العموم هي أذواق والله”

ثم وجه حديثه لـ «عامر» قائلًا:
“قولي بقى يا فنان إيه رأيك”

قال «عامر» بتكبر:
“مش بطال”

ضحك الجميع عليه فقال «عمار» شقيقه:
“بقولك إيه يا عامر، لبسها الخاتم اللي أنتَ جايبة ليها مفاجأة علشان عندي درس و عاوز آكل جاتوه قبل ما أمشي”

اعتلت الدهشة ملامح الجميع من حديث «عمار» بينما قال «خالد»:

“يا أخي ربنا يخلصني منك أنتَ وأخوك في ساعة واحدة، أنتَ غبي يلا؟”

رد عليه «عمار» بضجرٍ:
“أعمل إيه يا خالد مش فاضي للجو بتاعكوا دا، خلصونا من الليلة دي”

نظر له «عامر» بشر ثم قال:
“أنا فعلًا هخلصك بس مش من الليلة دي لأ، أنا هخلصك من حياتك كلها”
قال جملته ثم ركض خلف أخيه، أمسكه ثم ضربه في كتفه بغيظ وهو يقول:
” يا أخي حرام عليك، دي الحاجة اللي كنت هختم بيها اليوم”

ضحك الجميع عليهما، فاقترب «ياسين» منهما وهو يضحك ثم حرر «عمار» من قبضة «عامر» وهو يقول:
“خلاص يا رجالة أنتم أخوات عيب كدا”

وقف«عمار» خلف «ياسين» وقبل كتفه ثم قال:
“الله يباركلك يا رجولة”

رد عليه «ياسين»:
“اخرس أنتَ خالص”

تحدث «خالد» قائلًا:
“بقولك إيه يا عامر، خلاص اعتبرنا منعرفش إنك معاك خاتم وإحنا هنتفاجأ، وهي كمان”

أيده الجميع بينما قالت«سارة»:
“أيوا صح أنا هعمل نفسي مش واخدة بالي”

وافقهم «عامر» ثم نظر لأخيه قائلًا:
“حسابي معاك في البيت، أنا هربيك”

رد عليه «ياسر»:
” مش لما تكون متربي أنتَ الأول”

انتشرت الضحكات والقهقهات عاى مزاح الشباب، في جو مليءٌ بالمرحِ والسعادة.
_______________

في منزل آلـ «رشيد» تحديدًا في شقة «طه» كان «وليد» يقنع عمه بأمر عقد القران، فتحدث «طه» قائلًا:
“أنا مش فاهم هو مستعجل ليه كدا؟ يعني إيه كتب الكتاب الأسبوع الجاي”

رد «وليد» مُبتسمًا نتيجة الفرحة التي تضج بأحشائه قائلًا:

“يا عمي إيه اللي يخلينا نأجل الموضوع طالما كل حاجة ماشية تمام، الشقة و شوفتها وأطمنت، الولد سألنا عليه وطلع أخلاقه مفيش منها، قولي بقى إيه اللي يقلق”

ردت«زينب»:
“مش عارفه يا وليد، بس برضه دي بنتنا يعني فترة خطوبة الأول على الأقل شهر”

أجابها بهدوء:
“طب أنا معاكِ هي فترة خطوبة، إيه لازمتها، يبقى كتب الكتاب أفضل، والولد قال علشان كل شيء يكون صح”

شرد «طه» بعمق ثم تحدث فجأة قائلًا:
“معاك حق يا وليد، كلمه بس قوله إنه هيكون يوم الخميس”

نظر له «وليد» و «زينب» بتعجب فقال «طه»

“يوم الجمعة خالي ناصر إبنه مسافر مش هيعرف يحضر كتب الكتاب، علشان كدا خليه الخميس”

قام «وليد» وقبل قمة رأسه، بينما زوجته نظرت له «بتعجب»، تركهم «وليد» ثم دخل غرفة «خديجة»، نظر «طه» لزوجته ثم قال:
“خير يا زينب، في إيه بتبصيلي كدا ليه؟”

تعمقت في نظرتها له ثم قالت:
“طه أنا مستغربة هو في إيه، من إمتى وأنتَ بتتعامل كدا، طه أنتَ عاوز تخلص من خديجة؟”

جملتها تلك جعلته ينتفض في جلسته، فقال بصوتٍ عالٍ بعض الشيء:
“أنتِ اتجننتي يا زينب، أخلص من بنتي، أنتِ شيفاني إيه قُدامك؟”

أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت بهدوء:
“مش قصدي يا طه، بس أنا مستغربة إنك اتغيرت كدا، وكمان عاوز تكتب الكتاب بالسرعة دي، أنا قولت إنك هترفض العريس أصلًا”

حديثها أصاب الهدف في تهدئته، فقال بعدما أغمض عينيه وفتحهما مرةً أخرى:
“مش عاوزها تفضل كدا يا زينب، عاوزها تعيش الحياة شوية، أنا ممكن أكون غلطت معاها كتير، طلعتها جبانة و خوافة، خديجة عندها ٢٤ سنة، معندهاش صحاب، مبتخرجش، آه دا كان هدفي إني أخافظ عليها، بس لحد إمتى؟”

ربتت«زينب» على كتفه ثم قالت:
“ربنا يعوضك و يعوضها خير يا طه، بس كلامك دا جه متأخر”

أومأ لها ثم قال:
“أنا عارف إنه متأخر، بس مش صعب إني أصلح كل اللي فات”

ابتسمت له ثم قالت:
“سيبها على الله، متقلقش”

بداخل غرفة «أحمد» ذهب وليد له لكي يوقظه قبل أن يدخل غرفة «خديجة»، أيقظه «وليد» ثم قال له:
“اغسل وشك و فوق كدا وحصلني على أوضة خديجة”

نظر له «أحمد» بضيق منه ثم قال:
“أنتَ قرفتني في عيشتي، أنا عاوز أنام يا عمي”

ابتسم له «وليد» بإستفزاز ثم قال:
“طب ورايا يلّا بقى، علشان نلحق كتب كتاب أختك”

قال جملته ثم خرج من الغرفة تاركًا «أحمد» مشدوهًا خلفه، بعد اختفاء أثره قال «أحمد» في حيرة من أمره:
“كتب كتاب أختي ؟! هي خديجة إتجوزت؟”

كانت«خديجة» جالسة مع «خلود» على الأريكة وهي تعلمها صُنع الطارات التي تتميز «خديجة» بصنعها، كانت «خلود» على درجة عالية من التركيز وعندما استطاعت أن تقوم بما علمتها «خديجة» إياه قفزت فَرِحة بما حققته ثم احتضنت «خديجة»، قطع تواصلهم سويًا طرق على باب الغرفة بواسطة «وليد»
دخل وهو مبتسمًا فقالت «خلود» :
“إيه الأدب دا يا وليد، بتخبط على الباب من إمتى”

ابتسم لها ثم قال:
“من النهاردة ياختي، المهم يلا جهزوا نفسكم”

نظرت له «خديجة» مُتعجبة ثم قالت:
“نجهز نفسنا ليه يا وليد؟”

زادت ابتسامته في الإتساع وقبل أن يتحدث دخل «أحمد» الغرفة ثم قال:
“خير يا وليد بيه، نعم”

نظر «وليد» في أوجه الجميع ثم قال بفرحة عارمة:
“خديجة كتب كتابها يوم الخميس الجاي”

صمت! فقط كل ما يدور في الغرفة هو الصمت مصاحبٍ له نظرات الدهشة، فأعاد جملته مرة أخرى:
“عمي طه قرر كتب الكتاب يكون يوم الخميس الجاي”

تحدث «أحمد» بحنقٍ:
“يعني إيه هو لعب عيال”

نظر له «وليد» نظرة فهمها «أحمد» سريعًا ثم قال:

“لأ مش لعب عيال يا أحمد، دا اللي لازم يحصل، بدل فترة الخطوبة اللي ولا ليها أي لازمة، كتب الكتاب أفضل”

أيده «خلود» و «أحمد» بينما «خديجة» نظرت أمامها تُفكر في  «ياسين» و حديثه وفجأة وغير المتوقع رُسمت بسمة بسيطة على وجهها مُصاحبًا لها إحمرار في وجنتيها، نظر لها «وليد» بعمق ثم قال:
“إيه يا خديجة ما تردي، إيه رأيك”

هزت كتفيها ثم قالت:
“مش عارفه يا وليد، أنا متلغبطة و محتارة و خايفة و حاسة إني مرتاحة و في نفس الوقت عاوزة أهرب”

جلس «وليد» بجانبها ثم ربت على كف يدها وهو يقول:
“بصي إنك تخافي دا طبيعي، وإنك حاسة إنك عاوزة تهربي دا علشان شعور جديد عليكي، أنا بس بطلب منك تنسي كل اللي فات يا خديجة، إنسي مشيرة وإنسي راشد، وإنسي العيلة، خدي خطوة جديدة يا خديجة”

بكت متأثرة من حديثه ثم قالت:
“نفسي يا وليد والله نفسي أنا مش عاوزة أفضل كدا، أنا خايفة أجرب وأندم أكتر، أنا عايشة كدا وأنا لوحدي، صدقني خايفة أجرب أتونس بحد يسيبني وأبقى عرفت إن فيه حاجة تانية نقصاني”

ابتسم مُشجعًا لها ثم قال:
“صدقيني كل اللي جاي خير لكِ، خليكي واثقة فيا، و في ياسين كمان علشان بصراحة أنا قلبي أرتاح له أوي يا خديجة”

أومأت له ثم قالت:
“أتمنى كدا يا وليد، أتمنى متخذلش تاني”

أومأ لها ثم قال:
” وأنا واثق من دا”

قال جملته و نظر لـ «أحمد» و «خلود» ثم قال:
“المهم أنتم جهزوا نفسكم وأنتِ يا خلود جهزي خديجة، علشان كتب الكتاب”

وقف لكي يغادر الغرفة فسألته «خديجة» مُستفسرة:
“رايح فين دلوقتي يا وليد؟”

ابتسم لها ثم قال:
“هروح أعرف ياسين بالخبر دا، خلي الواد يفرح هو كمان”

قال جملته ثم تركهم وغادر الغرفة تاركًا «خديجة» تحت أنظار أخواتها المراقبة لها.
_____________
في مكان عمل «سارة» كان الجميع يضحكون سويًا وسط جو مليءٌ بالفرح، فأشار «عمار» إلى «عامر» لكي يقوم بإخراج الخاتم لكي يلبسه لـ «سارة» أخذ «عامر» نفسًا عميقًا ثم قال بصوتٍ عالٍ لكي يلفت انتباه الجميع:
“جماعة معلش بعد إذنكم ركزوا معايا
نظر له الجميع واقتربت منه «سارة» بعدما تركت «إيمان» و «ريهام» بعدما كانت واقفة بجوارهم نظر لها بعمق ثم قال:

“سارة أنا عارف إن أنا ممكن أكون شخص غريب بيحب الضحك و الهزار الكتير، و عارف إن عندي قوة إستفزاز رهيبة لكل اللي حواليا، بس فيه حاجة تانية أنا قلبي طيب والله، وبحبك وبحب كل اللي في حياتي، أنا حياتي كلها مفيش فيها أغلى من ياسر و خالد و ياسين وعمار و عمري ماكنت أتخيل إن ممكن حد يجي ياخد مكان في قلبي زيهم”

صمت مُتأثرًا وهو ينظر في وجوههم جميعًا ليرى نظرة الفخر المصحوبة بالحب والحنان من أصدقائه، ثم نظر لها فأومأت مشجعةٌ له لكي يكمل حديثه، مسح دمعة متمردة فرت من عينيه ثم قال:
“المهم وجودك عندي بالدنيا وما فيها يا سارة وأنا فخور بيكِ وبأي حاجة بتعمليها في حياتك، وفرحان إنك عرفتي تكملي بعد وفاة والدك و قدرتي تكبري المكان دا، ومكسبي الصح فعلًا لما تكوني معايا في بيتي، وأكون فُزت بوجودك معايا لأخر العمر”

انتهى من حديثه ثم أخرج علبة الخاتم من جيبه، أمسك كفها ثم أدخل الخاتم بإصبعها، تحت نظراتها المُتأثرة من حنانه وحديثه، نظر لها ثم قبل كفها وهو يقول:
“كل سنة وأنتِ معايا، كل سنة وأنتِ أنا”

صفيق حار خرج من الجميع وتأثر منهم بحديثه، كل هذا حدث و «عمار» يقوم بتصويره على هاتف «عامر»، لم تستطع «سارة» التمسك أكثر من ذلك فأجهشت في البكاء، نظر لها «عامر» مُتعجبًا ثم قال:
“طب أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي، أنا زعلتك ولا إيه؟”

هزت رأسها نفيًا بقوة ثم قالت:
“لأ مزعلتنيش، أنا بس عمري ما كنت أتصور إنك بتحبني كدا، وعمري ما كنت أتصور إن في حد فخور بيا كدا، أنا بحبكم أوي وبحب وجودكم معايا في حياتي”

أخذها «عامر» بين أحضانه ثم قال:
“وأنا بحبك يا جرثومة”

ضحكت في أحضانه ثم قالت:
“أنتَ لسه فاكر الكلمة دي”

أومأ لها ثم قال:
“وأنا برضه هنسى الكلمة اللي كانت سبب معرفتنا ببعض”

اقترب منه أصدقائه و وزوجاتهم،     خرجت «سارة» من أحضانه فقال «خالد»:
“إيه الحلاوة دي ياض يا عامر، ما أنتَ طلعت حلو أهوه أومال مشغل الهطل علينا ليه؟”

ضحك «عامر» ثم غمز له بطرف عينه وهو يقول:
“تلميذك يا خالد باشا”

تدخل «ياسين»:
“لأ بجد أنا مش مصدق نفسي والله بقى عامر يطلع منه كل دا؟”

رد عليه «ياسر»:
“دي معجزة والله، أنا حبيت عامر خلاص”

ظل يتحدث الأصدقاء سويًا حتى قطع حديثهم «عمار» وهو يقول:
“يلّا يا جماعة، نقطع التورتة علشان الدرس”

ضحك الجميع فقال «خالد» بهدوء:
“أنا في سؤال محيرني بجد، عم فهمي كان فين والعيال دي بتتربى؟”

ضحك «عامر» ثم قال له:
“كان بيلعب كورة مع أبو ياسين”

ضحك الجميع على حديثه، ثم تم تقطيع قالب الحلوى وتوزيعها على الجميع، تحت مزاح «عامر» مع أصدقائه، تركهم «عمار» وذهب إلى درسه، كان الشباب يقفون مع زوجاتهم عدا«ياسين» الذي وقف بمفرده ينظر لهم بحب  وتمني من الله أن يديم وجودهم لبعضهم البعض، وفجأة اقترب  منه «خالد» و «ريهام» وهي تقول:
“ألف مبروك يا ياسين، عرفنا إنك لبست الدِبل، مش مصدقين والله”

ضحك «ياسين» ثم رفع كفه لكي ترى الخاتم ثم قال:
“لأ صدقي، الحمد لله لبست الدِبل، قدر ولطف”
اقترب منهم البقية فقالت «سارة»:
“طب ليه مجاتش معاك، علشان نتعرف عليها؟”

أيدتها «إيمان» قائلة:
“أيوا صح ليه مجاتش معاك ، اعمل حسابك إحنا هنخليها صاحبتنا، زي ما إحنا إتصاحبنا على بعض كدا”

أومأ لها «ياسين» ببسمة عذبة رُسمت على وجهه ثم قال:
“أنا أصلًا عاوزها تكون صحبتكم خصوصًا إن هي معندهاش صحاب”

تحدث «ياسر» قائلًا:
“طب بقولك إيه كلمها كدا وهاتها تحتفل معانا علشان تتعرف على البنات”

شعر «ياسين» بالإحراج عندما نظر له الجميع ينتظرون إجابته فحمحم بإحراج قائلًا:

“لأ ماهو أنا مش معايا رقمها”

تحدث «عامر» باندهاش قائلًا:
“مش معاك إيه يا أخويا؟”

حمحم مرةً أُخرى وهو يقول:
“زي ما سمعت كدا مش معايا رقمها”

تدخلت «إيمان» قائلة:
“أيوا دا اللي هو إزاي يعني، خطيبتك ومش معاك رقمها؟”

أومأ لها «ياسين» ثم قال:
“زي ما سمعتوا كدا، مجاتش فرصة أطلب منها الرقم، راح عن بالي”

تحدث خالد بهدوء قائلًا:
“بقولك إيه يا عامر أنا علطول بقولك يا متخلف؟”

رد عليه «عامر» بتصنعٍ واضح:
“طول عمرك يا خالد”

أومأ له «خالد» ثم قال:
“مبروك يا عامر أنتَ براءة، خلاص لقيت حد متخلف أكتر منك”

نظر لهم «ياسين» بحنقٍ ثم قال:
“يا جماعة بحد اتحرجت أطلب الرقم، وبعدين هكلمها أقولها إيه يعني؟”

رد عليه «ياسر»:
“أنا فاهمك يا ياسين، بس على الأقل تطمن عليها، مش معقول خطيبتك مش معاك رقمها”

أومأ له «ياسين» ثم قال:
“ماشي أنا معاك، بس أنا لسه خاطبها إمبارح، ومستني يردوا عليا في موضوع كتب الكتاب”

تحدثت«سارة» قائلة:
“متخافش إن شاء الله خير، ربنا يتمم لك أمورك بخير”

أيدتها «ريهام» قائلة:
“إن شاء الله خير متقلقش، وبعدين بكرة تزهق وتمسح رقمها من كتر الزن”

نظر لها «خالد» بتفحص ثم قال:
“ليه كدا ياختي كنت مسحت رقمك أنا ولا إيه؟”

هزت رأسها نفيًا ثم قالت:
“بس مبتردش عليا يا خالد”

رد مُعقبًا:
“طب ما هو من زنك عليا يا ريهام”

أوشكت على الحديث مرة أخرى لكن «ياسين» أوقفهم قائلًا:
“بس أنتَ وهي علشان خاطري، مش لازم تنكشوا بعض”

وفور انتهاء جملته صدح صوت هاتفه برقم «وليد» نظر «ياسين» مُتعحبًا ثم تذكر أمر الموافقة على عقد القران، ففتح الهاتف و رد مُتحمسًا وهو يقول:

“أيوا يا وليد خير، طمني”

تصنع «وليد» الجدية المصحوبة بالحزن وهو يقول:
“معلش يا ياسين بكلمك فجأة كدا”
أجابه «ياسين» بنفس الحماس قائلًا:
“لأ متقولش كدا يا وليد، أنتَ تكلمني في أي وقت، المهم طمني”

كان «ياسين» يشعر بالقلق من نبرة صوت «وليد» لذلك لم يستطع أن يتمالك أعصابه أكثر من ذلك، وما زاد من خوفه هو صمت «وليد» لبرهة من الزمن، كانت أنظار الجميع خلالها مُسلطة على «ياسين»، مما زاد من توتره، فقال بصوتٍ مهزوز:

“ها يا وليد، طمني”

أتقن «وليد» الحزن في صوته وهو يقول:
“معلش يا ياسين، عمي مش موافق على كتب الكتاب يوم الجمعة، بس موافق يوم الخميس”

لم يستطع «ياسين» سماع الجملة الأخيرة الخاصة بالموافقة، فقط كل ما وصل لمسامعه، هو الرفض، شعر بالخيبة و الحزن ولا يعلم لماذا، هل لأنه يريد مساعدتها، أم لأنه يجد عندها راحة لقلبه لا يعلم مصدرها، أم لأنه يريد أن يكون له ونيسًا يؤنس وحدته، فقال بصوت متأثر:
“طب ليه مش موافق يا وليد، مش كل حاجة تمام؟”

حاول «وليد» كتم ضحكاته ولكنه لم يستطع فقال:

“إيه يا ياسين أنتَ نايم ولا إيه؟ بقولك مش موافق على يوم الجمعة، عاوز كتب الكتاب يوم الخميس”

حسنًا، إذن بعض الكلمات قادرة على تحرير ذلك القلب المسكين من حزنه خلال ثوانٍ معدودة، هكذا فكر «ياسين» بعدما تغيرت ملامحه في ثوانٍ من الضيق إلى الفرح تحت نظرات التعجب من الجميع، فقال غير مصدقًا لما سمع:
“أنتَ قولت إيه يا وليد؟”

ضحك «وليد» بقوة ثم قال:
“دا أنتَ طلعت غلبان خالص، على العموم عمي عاوز يكتب الكتاب يوم الخميس، عشان قرايبنا يعرفوا يحضروا”

انفرجت أسارير «ياسين» فقال بصوت مليء بالفرح:
“شكرًا يا وليد، أنا بحبك وبحب عم طه وبحب خديج..”

ضحك جميع من هم أمامه على جملته، حتى «وليد»، بينما هو أُصيب بجحوظ في العينين مما تفوه به، عاد من صدمته على صوت «وليد» وهو يقول:
“ماشي يا عم ياسين، بس من هنا لحد يوم كتب الكتاب مفيش الكلام دا، إحنا عيلة محافظة،يلا أسيبك بقى تشوف مصالحك”

أغلق «ياسين» الهاتف مع «وليد» وهو يشعر أن قلبه كطيرٍ حُرر من قفصه للتو، رُسمت بسمة على شفتيه، وهو شاردًا، أخرجه من حالة الشجن تلك هو «عامر» الذي تحدث بخبثٍ قائلًا:
“بحب خديجة ها؟ دا أنتَ واقع خالص”

تدخل «خالد» قائلًا:
“قولي يا عم روميو إيه اللي خلاك تقول كدا؟”

ابتسم «ياسين» ثم نظر في أوجه الجميع قائلًا:

“باركولي يا شباب، كتب كتابي يوم الخميس الجاي”.

لم يستطع الشباب تمالك نفسهم من الفرحة فقفزوا جميعًا على ياسين كتعبيرًا منهم عن فرحتهم، تحت ضحكات الفتيات والفرحة التي ملئت المكان،

وبعد إنتهاء إحتفالهم بصديقهم، وإلقاء عبارات التهنئة على مسامعه، وقف «عامر» بجانب «سارة» وهو يقول:
“أنا جبت الماكينة دي مخصوص علشانك، بس ليا عندك طلب”

تعجب الجميع من حديثه، بينما «سارة» قالت:
“عارفة، هحافظ عليها وأحطها في عيني علشان دي هدية منك”

هز رأسه بقوة نفيًا وهو يقول:
“لأ طبعًا مش كدا خالص، أنا عاوز أقولك إن لو جه يوم وقولتلك عاوز أعمل حاجة عندك بالماكينة ورفضتي، وحياة أمي أخدها تاني وأبيعها”

نظر الجميع إلى بعضهم البعض بدهشة، بينما «خالد» ضحك وهو يقول:
“والله العظيم أنا كنت مستني منك حاجة زي كدا، أنا قولت مستحيل عامر يكمل اليوم كدا”

أيده الجميع في الحديث، وبعد مرور فترة من الوقت، كان «خالد» واقفًا بجوار سيارته، هو و الفتيات، خرج البقية بعدما أتمموا إغلاق المكان، وقفوا حائرين في الذهاب، وكل منهم ينظر للأخر، فقال «ياسين» مُقترحًا:
“الحل الوحيد، خالد ياخد البنات معاه في عربيته، وإحنا نروح بعربيتي”

وافقه الجميع في إقتراحه، وبالفعل شرعوا في تنفيذ ذلك المقترح، ركب الشباب سيارة «ياسين» الذي قام «عامر» بقيادتها، شرد «ياسين» في خبر الموافقة الذي أطرب أذانه منذ قليل، كان أصدقائه ينظرون له بحب وفرحة نظرًا لتغير حال صديقهم، الذي يبدو أن قلبه دق بعد أعوام من السكون، أوصل ياسين أصدقائه، ثم ذهب إلى بيته، بعدما تولى أمر القيادة بعد نزول «عامر»، وصل بيته وجد والديه نائمان، كان يريد أن يلقي ذلك الخبر على مسامعهما، لكنه صبر نفسه، أن الصباح قريب، دخل غرفته وبدل ثيابه، ثم جلس على الفراش، أخرج هاتفه ثم طلب رقم «وليد»، رد عليه «وليد» لكن «ياسين» كان متوترًا بشدة ولكنه تغلب على نفسه وقال:
“بقولك إيه يا وليد، أنا عاوز رقم خديجة”

تعجب «وليد» من طلبه لكنه تحدث بثبات قائلًا:
“بص يا ياسين المفروض إني أقولك لأ، بس انا واثق فيك، ودلوقتي هي خطيبتك، مش معقول مش هيكون معاك رقمها، بس هقولك إنك إبن أصول”

وافقه «ياسين» في الحديث ثم قال:
“أنا عارف يا وليد، وخليك واثق فيا، أنا بس عاوز رقمها معايا، وصدقني أنا عمري ما هعمل حاجة تغضب ربنا”

أيده «وليد» قائلًا:
“ماشي يا ياسين، هبعتلك الرقم دلوقتي”

كان «ياسين» يهز قدميه بإنفعال بالغ، وهو ينتظر الرقم، و بعد مرور ثوانٍ وصله رسالة من رقم «وليد» برقم «خديجة» يبدو أن اليوم هو يوم حظه، و جبر خاطره، كان مترددًا في طلبها ولكنه لم يستطع التغلب على نفسه أكثر من ذلك، فقام بطلب الرقم، كانت جالسة في غرفتها وكانت على وشك النوم، لكن صوت هاتفها في هذا الوقت جعلها مُتعجبة، نظرت للرقم بتعجب ثم قامت بالرد، عندما قامت بفتح الخط، دق قلبه كأنه في سباقٍ لكنه أخذ نفسًا عميقًا، هي زادت دهشتها عندما لما يأتيها ردًا منه، أوشكت على غلق الهاتف، لكنه أوقفها قائلًا:

“استني يا خديجة متقفليش، أنا ياسين”

عند سماع صوته جحظت عيناها الخارج وتوترت بشدة، ولم تستطع التحدث، فقط صوت نبضات قلبها هو يصدر منها، لاحظ صمتها فتحدث قائلًا:

“أنا عارف إن مينفعش أكلمك في وقت زي دا، وعارف إن مينفعش أكلمك أصلًا، بس صدقيني مقدرتش أمنع نفسي”

من المفترض أن حديثه يجعله تطمئن، لكنه زاد من خوفها، تحدث «ياسين» قائلًا:
“طب ردي عليا قولي أي حاجة؟”

أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت بهدوء:
“هو سؤال واحد بس ليه أنا؟ ليه دونًا عن البنات كلهم اللي في الدنيا أخترتني أنا؟”

كان على علمٍ بصراعها، فتحدث قائلًا:
“صدقيني نفسي أقولك، بس هانت يوم الخميس مش بعيد”

ردت عليه بِحيرة:
“تقولي إيه؟ مش فاهمة”

زفر بقوة ثم قال:
“عن أسبابي لأختيارك، بس يوم ما يكون إسمك مرتبط بإسمي”

وأيضًا لم يأتيه ردًا منها، فقال بهدوء:
“مع السلامة يا خديجة، أشوفك على خير إن شاء الله، وأسف إني أزعجتك في الوقت دا”

قال جملته ثم أغلق الهاتف حتى لا تزداد عواقب فعلته تلك، نظرت للهاتف بيدها وهي متعجبة منه ومن حديثه، هي لم تُجرب ذلك الشعور من قبل، لذلك كانت على وشك البكاء، أما هو فكان يُصارع نفسه حتى لا يقوم بإرسال تلك الرسالة، لكن نفسه الضعيفة تفوقت عليه،فقام بإرسال رسالة لها عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي «واتساب» قام بإرسال الرسالة ثم أغلق الهاتف حتى لا يزيد من تهوره أكثر من ذلك، بعدما تركت الهاتف على الطاولة بجانب الفراش، وصلها رسالة عبر  تطبيق «الواتساب» تعجبت أكثر فهي لم تتواصل مع أحد عبر ذلك التطبيق، قامت بفتح الرسالة، ولكنها أصيبت بالتوتر و التشتت فكانت الرسالة محتواها:

“قلبي يساُلكِ:
متى يحين موعد اللقا يا من برؤياكِ يغدو وجهي نيرًا مشرقًا ؟”

أرسل جملته ثم أرسل إسمه بعدها، ثم احدى الرسومات التعبيرية في التطبيق الذي يعبر عن غمز بطرف العين”.

يُتَبَع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى