“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
“الفصل التاسع والثلاثون”
___________
شيءٌ إليك يشدني لا أدري ما هو منتهاه، يومًا أراه نهايتي، ويومًا أرى فيه الحياة.
(فاروق جويدة)
___________
أنا هنا لكِ، لا تخشيني فأنا أخشى من الحياة عليكِ،و كل شيء في طريقي يجذبني إليكِ، و أصيب قلبي بسحر عينيكِ.
“إسمه محم…”
وقبل أن يكمل جملته صدح صوت هاتفه عاليًا، فنظر إلى «حسان» متأسفًا وهو يقول:
“معلش يا حسان هرد على المكالمة دي علشان تبع الشغل”
أومأ له «حسان» مُتفهمًا وهو يبتسم، فإبتعد عنه «عبده» حتى يُجيب على الهاتف، نظر هو في أثره بملامح هادئة اقتربت منه ابنته تسأله بهدوء:
“تفتكر المكان هيتعرف هنا يا بابا، ولا هناخد وقت؟”
وضع ذراعه على كتفها حتى يطمئنها ثم قال:
“إحنا نعمل اللي علينا يا جميلة، والنتيجة بتاعة ربنا سبحانه وتعالى علشان دي أرزاق ربك مقسمها، إحنا مسئولين عن السعي مش النتيجة”
التفتت تنظر له بحب ثم قالت:
“أنتَ علطول صح، وطريقة تفكيرك علطول بتبهرني يا بابا، تعرف أنا عمري ما حسيت أني يتيمة وأنتَ موجود، وعمري ما عرفت أزعل منك أصلًا”
أومأ لها بهدوء ثم قال بحذرٍ:
“يعني بجد عمرك ما زعلتي مني؟ ولا هتزعلي مني؟”
حركت رأسها نفيًا بقوة وهي مُبتسمة ثم قالت:
“مستحيل طبعًا، أنتَ روح قلبي، طول ما بتعمل اللي أنا عاوزاه، غير كدا يبقى هزعل وأجيب ناس تزعل والله”
إبتسم هو على مشاكستها له ثم قال:
“ماشي يا ستي الله يكرم أصلك، وعلى إيه أزعلك”
إبتسمت له بهدوء، وفجأة إقترب منهما «عبده» وهو يقول مُتعجلًا:
“معلش يا حسان، المخازن مقفولة ولازم أروح علشان ياخدوا البضاعة ضروري، متشيلش هم الدعاية هكلملك صاحبي دا وكل حاجة هتبقى تمام”
أومأ له «حسان» بإمتنان وهو يقول:
“تسلم يا عبده ومعلش تعبتك معايا”
نظر له «عبده» بضيقٍ زائف وهو يقول:
“متقولش كدا يا حسان، أنتَ أخويا وربنا يعلم فرحتي برجوعك إزاي، المهم همشي دلوقتي علشان متأخرش”
قام «حسان» بتوديع صديقه ثم اقترب ينظر من ابنته وهو يقول بمرحٍ:
“خلصي بقى يا جميلة، أنا جعان وعاوز آكل”
أومأت له ثم أشارت على أعينها وقالت:
“من عيوني الاتنين، طالما فيها أكل يبقى اعتبرني خلصت”
تركته وذهبت من أمامه بينما هو حرك رأسه نفيًا بيأس من افعالها.
_________________
في عيادة الطبيبة وقفت «خديجة» تنظر لهم بخوفٍ حقيقي وتوتر أوشكت على نسيانه ونسيان أنها مرت به يومًا ما، وفجأة تعرق وجهها بشدة وهاجمتها أعراضها القديمة، التفت هو ينظر لها وحينما رآى مظهرها كذلك، أخذ نفسًا عميقًا ثم إبتسم لها وهو يقول بنبرة حنونة هادئة:
“أنتِ إيه اللي مخوفك كدا يا خديجة؟ متخافيش محدش هنا يقدر يزعلك ولا حد يقدر يقلل منك”
نظرت له بأعين مغرورقة بالدموع وهي تقول بنبرةٍ مهزوزة:
“خايفة معرفش أتكلم يا ياسين، وخايفة أكون فهمت غلط وأشرح غلط، ياسين يلا نروح؟”
رفع كفيه يُربت على ذراعيها بهدوء ثم قال مُبتسمًا:
“صدقيني يا خديجة، أنتِ خوفك دا كله ملوش لازمة، أنتِ قريتي الكتاب وتعبتي فيه وكمان لخصتيه وواضح جدًا إنك ابدعتي فـ دا، علشان خاطري لو جواكِ ذرة حب ليا أعملي دا من غير خوف وأثبتيلي فعلًا إن أنتِ بتحاربي علشان نجتمع سوا”
ردت عليه بسرعةٍ كبيرة:
“بحبك والله العظيم، وكنت حاسة إن أنا متحمسة أوي، بس فكرة إن أنا أشرح وحد يكون مركز في كلامي ومستني يفهم منه حاجة، الفكرة رعبتني أوي يا ياسين والله”
أومأ لها مُتفهمًا ثم قال بهدوء:
“أنا كل دا مقدره وفاهمه، بس عاوز أقولك إني واثق فيكِ ومراهن على نجاحك، وعاوزك تعرفي كمان إن أنا أكتر واحد نفسه يشوفك وأنتِ بتنجحي و بتحققي أحلامك”
بعد حديثه معها أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“أنا هعمل كدا علشانك مش بس علشاني، علشان أنتَ تستاهل كل حاجة حلوة يا ياسين، وتستاهل إني أحاول علشانك”
نظر لها بسعادة بالغة جلية على ملامح وجهه ثم قال:
“وأنا مش عاوز حاجة تانية أكتر من محاولتك علشاني”
إقتربت منهما «هناء» تقول مبتسمة بوجهٍ بشوش:
“يلا يا خديجة، علشان تثبتي نفسك ونجاحك، وخليكِ عارفة إن الخطوة دي متبقي عليها خطوات كتيرة جاية قُدام”
أومأت لها «خديجة» وبتوترٍ طفيف، بينما هو قال بعدما مال على أذنها بنبرة هادئة:
“ليكِ عندي مفاجأة حلوة بعد ما تخلصي، ورينا شطارتك بقى”
نظرت له مُتعجبة وهي تقول:
“مفاجأة إيه دي يا ياسين؟”
حرك كتفيه وهو يقول بمراوغة:
“كدا مش هتبقى مفاجأة يا ست الكل، وهتتحرق”
أومأت له مبتسمة وفي تلك اللحظة رآى هو نظرة حماس تجتاح عينيها وكأنها تحاربها حتى تثبت وجودها رغم خوفها وقلقها، جلس «ياسين» أمامها مباشرةً، والطبيبة و مساعدتها خلفه، وقفت «خديجة» أمام السبورة ظلت تأخذ نفسًا عميقًا مرارًا و تكرارًا، ثم أخرجت أوراق من حقيبتها تنظر بها وهي تقوم بمراجعة الكتاب، أخذت نفسًا عميقًا ثم إلتفتت تنظر لهم بتوترٍ وهي تقول بصوتٍ مهزوز:
“أنا..أنا دلوقتي هشرح الحاجات اللي..اللي فهمتها ولخصتها في الكتاب، أنا فهمت حاجات كتير أوي منه وهشرحها..دل..دلوقتي”
كانت تحارب نفسها حتى تتحدث، على الرغم من جلوسها مع أصدقاء «ياسين» في الأوقات الأخيرة إلا أن هناك رهبة غريبة تجتاحها لا تدري لماذا، كانت الطبيبة تراقب انفعالاتها عن كثبٍ،بينما «ياسين» كان يحرك رأسه لها حتى يشجعها، حينما لاحظت هي إرتجافة نبرتها توقفت عن الحديث ثم قالت وهي على وشك البكاء:
“أنا حاسة إن أنا مش هقدر بجد، أنا خايفة أوي والله، أنا متأسفة”
وقف «ياسين» متأهبًا بسرعةٍ كبيرة ثم اقترب منها وهو يقول:
“اعتبريني طالب فاشل عندك، وأنتِ بتفهيمه وعلى فكرة أنا مبعرفش أفهم حاجة طول ما أنا قاعد يعني العيب فيا أنا”
نظرت له مستفسرة، فوجدته يومأ لها بقوة مُبتسمًا ثم قال:
“أنا طالب مبيحبش القراية، ومش هقدر اقرأ كتاب، ومش هستوعب وأنا قاعد كدا، اشرحي وأنا واقف جنبك”
تدخلت الطبيبة تقول بهدوء:
“طب يا ستي معاكِ طالب شقي وفاشل أهوه، حاربي بقى علشان الطالب دا يفهم ينوبك ثواب فيه”
إبتسمت لهما «خديجة» ثم أومأت بقوة وأمسكت قلم السبورة وقالت:
“طب أنا هرسم مخطط عبارة عن خمس مراحل، كل مرحلة فيهم هختصر فيها جزء من الكتاب، وكل جزء هقول بيتكلم عن إيه والسؤال المخصوص بتاع كل جزء”
أومأ لها الجميع، بينما «آمال» أخرجت كاميرا صغيرة تقوم بإلتقاط الصور لـ «خديجة» وهي تقوم برسم المخطط على السبورة، قامت «خديجة» برسم المخطط ثم التفتت تنظر للجميع بعدما ابتعد عنها «ياسين» خطوات قليلة حتى يترك لها مساحة تتحرك بها، إبتسمت بهدوء ثم قالت:
“الكتاب عن علم النفس وعن قدرة التحكم في النفس وتطويرها، أول مرحلة في الكتاب إسمها (البرمجة السلبية) ودي المقصود منها الطريقة اللي الشخص اتبنى عليها، المقصود هنا إن الشخص زي الكمبيوتر ويا يكون في ايد ناس فاهمة برمجة كويس، يا يكون في ايد ناس بتتعامل مع الأجهزة بهماجية المهم يكون بس متحكم في الجهاز دا، وهي دي الفكرة إن فيه ناس بتتعامل من عيالها إنها كمبيوتر اهتم بيه وأملاه حاجات مفيدة، وفيه ناس تانية بتملاه برامج كتير غلط، ويكون كل هدفها إن الكمبيوتر دا مليان برامج هو عاوزها حتى لو مش على مزاجه”
أومأ لها الجميع بتفهم، بعدما استطاعت الإسترسال في حديثها، فأكملت هي بهدوء:
“اول حاجة هنا هتكلم عنها إسمها (التحدث مع الذات) القاتل الصامت، ملخص المرحلة دي مقولة:
{أنتَ اليوم حيث اوصلتك افكارك، وستكون غدًا حيث تأخذك أفكارك}
بمعنى إن كلنا عندنا أصوات بتكلمنا من جوانا وبنسمعها زي مثلًا، شخص عاوز يصحى يروح شغله بدري وبرمج نفسه على معاده، دا مش بيكون من فراغ، بس هو فضل يقوي في الصوت اللي جواه علشان يقدر يتحكم فيه، لو الشخص دا في الشتا برضه والدنيا برد ومكسل يقوم من السرير، هيلاقي صوت تاني بيقوله ينام ويريح جسمه علشان الجو ساقعة وهو مش محتاج الشغل دا هو بس محتاج ينام علشان الجو ساقعة، في نفس الوقت هيلاقي صوت تاني بيحاربه علشان يقوم ويشوف شغله ويلحق وقته، في الحالة دي لازم صوت منهم يكسب،و الصوت اللي هيكسب فيهم هو الأقوى وأكثر حماس، الحماس دا بقى بيجي من كلام الشخص مع ذاته وتقوية حاجة منهم”
نظرت في أوجههم وجدت النظرات لها مشجعة، وهناك زوج من الأعين، أعينه تضج بالفخر بها، التقت أعينها بأعينه وحينما رآت تلك النظرة إتسعت إبتسامتها ثم قالت للجميع:
“سؤال المرحلة دي بقى مهم جدًا، وهو بتكلم نفسك ولا لأ، وهل لما بتكلمها بتكلمها بصوت عالي ولا لأ، وبتقدر تتفاهم معاها ولا لأ؟”
أنهت حديثها فوجدت «ياسين» يصفق لها بفخرٍ وأيضًا «آمال» ، بينما الطبيبة حركت رأسها عدة مرات لها وكأنها تبارك لها نجاحها وأعينها تلمع بوميض الفخر والدهشة.
______________
في بيت آلـ «الرشيد» كان «وليد» واقفًا بجانب عمه «محمد» في مدخل البيت وهو يقول:
“يا حج محمد وافق بقى علشان خاطري، أنتَ مُتعب ليه؟”
حرك «محمد» رأسه نفيًا وهو يقول:
“قولت لأ يعني لأ، مفيش نزول، عاوز تشوفها يبقى تقعد معانا هنا في البيت”
اقترب منه «وليد» يقول بنبرة مترجية:
“ياعم عاوزين نخرج المشوار مهم والله، دا أنا مظبط كل حاجة”
نظر له «محمد» بغلٍ وهو يقول:
“ماهو من أعمالكم، أنتَ قصاد عيني مش بتحترم وجودي، يبقى هتحترم غيابي إزاي يا بجح”
في تلك اللحظة دخل «مرتضى» و «طه» و «محمود» معًا، وأول من سأل كان «محمود» حينما قال مستفسرًا:
“خير يا محمد أنتَ و وليد، بدأتوا خناق بدري يعني”
اقترب منه «وليد» يقول بنبرة مَرِحة:
“بس هو الحج محمود كبير العيلة اللي هيحكم بيننا، مش عاوز يخرجني مع عبلة يا عمي”
نظر «محمود» لأخيه يسأله متعجبًا:
“ليه يا محمد ماهو كتب الكتاب خلاص، وأعلن جوازه منها”
رد عليه «محمد» بضيق:
“يا محمود الواد مش محترم حد، نازل يحضن وطالع يحضن”
ضحك الجميع عليه، بينما «وليد» رد عليه بحنقٍ:
“مش مراتي يا جدعان؟ هو أنا غريب ؟”
نظر «محمد» لـ «مرتضى» وهو يقول:
“أنتَ مربتش الواد دا ليه؟ كنت فين يا مرتضى؟”
نظر له «مرتضى» بسخرية وهو يجيبه قائلًا:
“كسلت بصراحة، وئام خد وقتي كله”
ضحك الجميع وهم ينظروا لبعضهم البعض، بينما «وليد» قال لـ «عمه» بتحدٍ:
“وافق يا حج محمد بدل ما قسمًا برب الكعبة أخدها من وراك، وأنا أعملها عادي والله”
تدخل «طه» يقول بهدوء:
“وافق يا محمد علشان تخلص من صداعه، دا واد قليل الأدب”
اقترب منه «وليد» يقبل كتفه وهو يقول:
“حلاوتك يا عم طه، والله العظيم بحبك”
نفخ «محمد» وجنتيه بضيق ثم أضاف قائلًا:
“ماشي موافق بس بشرط، سلمى و خلود يروحوا معاكم”
رفع «وليد» أنفه مُتهكمًا وهو يقول:
“نعم؟ ليه إن شاء الله؟ دي مراتي هخرج مع مِحرم؟”
أومأ له «محمد» يعانده بشماتة ثم قال:
“دا اللي عندي، لو مش عاجبك خلاص، نقعد كلنا سوا هنا”
صر «وليد» على أسنانه بشدة ثم قال بحنقٍ:
“أنتَ تؤمر يا عمي، بس قسمًا برب الكعبة أتجوزها بس ومش هتشوف ضفرها بعد كدا”
ربت «محمد» على كتفه وهو يقول:
“لما تبقى تتجوزها يا أخويا، نبقى نشوف الموضوع دا بعدين”
ترك «مرتضى» الجميع وهو يقول:
“أنا هطلع أرتاح، وأنتَ يا وليد مش عاوز مشاكل مع عمك، لو لقيت نفسك هتتأخر روحوا شقة اسكندرية”
اتسعت مقلتي «محمد»، بينما «وليد» رفع كفيه وهو يقول:
“روح يا مرتضى ربنا يجبر بخاطرك ويفرح قلبك بيا يا رب، صحيح هذا الشبل من ذاك الأسد”
رفع «محمد» صوته وهو يقول:
“هو ناقص قلة أدب علشان تزود قلة أدبه علينا؟”
ضحك كلًا من «محمود» و «طه»، بينما «وليد» راقص حاجبيه لعمه، الذي نظر لأخوته وهو يقول بضيق:
“أضحك يا أخويا أنتَ وهو، ماهو محدش فيكم مناسب من نوعية وليد”
صعد الثلاثة رجال خلف أخيهم، ونزل بعدها الثلاثة فتيات، كانت «عبلة» تبتسم بخجلٍ من نظراته، بينما «وليد» نظر لهن بضيق وهو يقول:
“ريا و سكينة، منورينا يا شابة منك ليها”
نظرت كلتهاهما بضيق له، بينما هو قال مُقترحًا:
“بقولكم إيه ما تاخدوا ١٠٠ جنيه، واتلقحوا في أي حتة، على ما أخلص مشواري؟”
حركت كلتاهما رأسها بالنفي، بينما «خلود» أضافت قائلة:
“أنسى، عمو محمد قالنا الغلطة اللي هنمسكها عليك بـ ٥٠ جنيه”
رفع حاجبه مُتعجبًا وهو يقول بسخرية:
“الغلطة بـ ٥٠ جنيه ليه، بغلط في أمه؟”
ضحكت الفتيات الثلاثة بقوة، بينما هو زفر بضيق ثم قال:
“ماشي ياعم محمد، ورب الكعبة لما اتجوزها بس، وبالعند هحضنها وأبوسها”
نظر لهن وجد ضحكاتهن مسترسلة، فحرك رأسه نفيًا بيأس
رحلت الفتيات من أمامه و هن يضحكن عليه وعلى جرأة حديثه، ركب السيارة هو بعدما ركبت «عبلة» بجانبه والصغيرتين، غمز هو لزوجته بجانبه، فوجد «سلمى» توكز «خلود» في الخلف وهي تقول:
“أول غلطة خليكي فاكرة”
أومأ لها بقوة ثم قال بتشفٍ:
“ماشي أيدي براحتك، وأنا برضه من حقي أقول على ملحق الكيميا بتاع السنتر يا فاشلة”
جحظت أعين الفتاتين إلى الخارج، بينما هو نظر لهن بشماتة وهو يقول:
“الأخت خلود، ربة الصون والعفاف فيه كتاب كانت المفروض تجيبه ،راحت صورته وضربت الفلوس في جيبها ها أكمل ولا نبدأ رحلتنا بأدب؟”
أومأ له الأثنتين بقوة ونظرة مرعوبة، بينما هو غمز لزوجته وهو يقول:
“سكتنا خضرا إن شاء الله يا قمر”
ثم التفت ينظر لهن في الخلف وهو يقول:
“سلكوا نيتكم أنتِ وهي، أنا سايب مشيرة في البيت مش واخد نسخ منها”
ضحكت عليه الفتيات بينما «خلود» أضافت بحنقٍ زائف:
“أنا مشيرة يا وليد؟ إخس عليك؟”
رفع حاجبيه بمرحٍ وهو يقول:
“تصدقوا فكرة؟ اللي يغلط بعد كدا نقوله يا مُشيرة”
رحلت السيارة من أمام بيت آلـ الرشيد، وضحكات الفتيات بها عالية نظرًا لتقاربهم من بعضهم البعض، كما أن «وليد» مقرب منهن بدرجة عالية فأصبح أخًا لهن وصديق تثق فيه كلتاهما، بدرجة كبرى.
في الطابق الأخير كان «أحمد» جالسًا أمام حاسوبه الخاص به وهو يكمل بعض الأعمال التي طالبه «طارق» بتنفيذها، أنهمك في عمله بقوة ولم يستطع أن يرفع رأسه من على الحاسوب، صعد «طارق» و معه «حسن»، نظر كلاهما بتعجبٍ لـ «أحمد» وأول من تحدث كان «حسن» الذي قال:
“هو أنتَ معندكش وسط خالص يا أحمد؟ يا تموت نفسك في الشغل؟ يا تدلع وتكبر؟”
رفع «أحمد» رأسه وهو يقول بهدوء:
“عاوز كل حاجة تكون مظبوطة يا حسن، وبصراحة مش عاوز طارق يندم على ثقته فيا”
جلس «طارق» بجانبه ثم ربت على كتفه وهو يقول:
“كون إنك بتحارب علشاني وعلشان تثبت ثقتي فيك، دا في حد ذاته نجاح ويخليني أثق فيك العمر كله، وبعدين أنتَ في البيت يبقى ترتاح”
نظر له «أحمد» بحب وهو يقول:
“دماغي لو مشغلتهاش بتوزني على حاجات كتير غلط أولهم التفكير فيها وأني أكلمها، أنا خايف شيطاني يغلبني يا طارق”
جلس «حسن» على المقعد المقابل له وهو يقول:
“لأ بص أمسك نفسك كدا، صحيح أنا مش آهل للنصيحة، بس أفتكر إن اللي بتسيبه في الحرام، ربك بيكرمك بيه في الحلال، وبيعوضك عنه خير والله”
أومأ له «أحمد» ثم قال:
“أنا خايف بس هي ترفضني، ساعتها هبقى بنيت أحلام في قلبي وعشمته وفي الآخر فوقته على كابوس”
ربت «طارق» على كتفه وهو يقول بنبرة هادئة:
“مفيش قدامك غير إنك تدعي يا أحمد إن ربنا يجمعك بيها، وتدعي بأمل ويقين مش مجرد دعوة، وبعدين ياعم هي موجودة وأنتَ عارف دا، غيرك بيدعي لواحدة مش عارف هي فين و عايشة ولا ميتة؟”
إبتسم «حسن» بحزن ثم قال بنبرة حزينة:
“احمدوا ربنا غيركم بيدعي لواحدة متأكد إنها ماتت وسابته من غير وداع حتى، يعني فكرة إنه يكون عنده أمل يشوفها مستحيلة”
إبتسم «أحمد» بسخرية وهو يقول:
“اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته والله، بس هو أنتَ يا حسن مش قولت إنك مكنتش بتحبها، أنا مستغرب إنك لحد دلوقتي مش قادر تتأقلم”
نظر له «حسن» بحزن وهو يقول:
“يعني علشان مشاعري مكانتش واضحة أبقى مبحبهاش؟ وبعدين أنا كنت عايش لوحدي طول عمري بعيد عن أختي، ولما هي أجبرتني على الجواز علشان وصية أمي وافقت، اللي معملتش حسابه إني ممكن أتعود أعيش مع حد، ولما اتعودت عليها ماتت بعد ٣ شهور فحسيت إن أنا مينفعش أعيش مع حد تاني اللي زيي يعيش لوحده ويموت لوحده برضه”
نظر له «طارق» بحزن وهو يقول:
“يعني ناوي تعيش حياتك كلها لوحدك كدا؟ مش ناوي تتجوز ولا حتى تبدأ تغير وجهة نظرك؟”
حرك «حسن» كتفيه وهو يقول:
“مش عارف بصراحة، أنا مش هكدب عليك، بس أنا تعبت من الوحدة، تعبت من بيتي وهو فاضي وتعبت من أكل الشارع وتعبت من نفسي، وخايف أحس بالذنب علشانها وفي نفس الوقت أنا عارف إن هي في مكان أحسن من دا، الغالب في كل دا إن أنا مش مبسوط ومش مرتاح”
نظر «طارق» لكلاهما وهو يقول:
“ربنا يريح قلوبنا إحنا التلاتة علشان إحنا تعبنا بصراحة، بس أكيد العوض هيكون حلو ويجبر بخاطرنا”
رفع كلاهما رأسه وهو ينظر للسماء ويتضرع من قلبه إلى الله سبحانه وتعالى حتى يعطيهم ما يفرح قلوبهم ويقر أعينهم.
________________
في عيادة الطبيبة، وقفت «خديجة» تنظر في أوجه الجميع بفرحة عارمة تحتل ملامح وجهها، بعد شرحها للمرحلة التانية وقبل أن تسترسل في شرحها وجدت الطبيبة تقول بهدوء:
“هايل يا خديجة، بجد ممتازة وشرحك ممتاز وأبهرني، شغلك عظيم”
إبتسمت لها «خديجة» بفرحٍ، بينما الطبيبة وقفت أمامها وهي تقول:
“أنا هكتفي بالجزء دا النهاردة، بس عاوزة أقولك إنك خالفتي توقعاتي أوي واللي حصل دا كانت نتيجة مجهود جبار منك، وعاوزة اقولك يا خديجة إنك من الحالات النادرة اللي قدرت تتجاوز مرضها في فترة قليلة جدًا، دلوقتي أنتِ بنسبة ٨٠٪ معندكيش أي حاجة، بس الـ ٢٠ ٪ الباقيين لو متعاملناش معاهم صح ممكن يكونوا ٥٠ ٪ الموضوع متوقف عليكِ”
نظرت «خديجة» لها بتعجب وهي تقول:
“يعني إيه؟ أنا لسه مخفتش خالص؟”
إبتسمت لها الطبيبة حتى تطمئنها ثم قالت:
“لأ طبعًا أنتِ اتغيرتي كتير، بس يا خديجة لسه مقدرش أجزم بمعافاتك تمامًا لأن لسه متواجهتيش مع جمهور غريب عنك، لسه متكلمتيش مع ناس كتير، بس أنا شايفة قدامي شخص ناجح قدر يتجاوز كل المراحل النظرية الصعبة وفاضله الجزء العملي”
كان «ياسين» واقفًا بجوارهن يتابع حديث الطبيبة بهدوء، بينما «هناء» سألتها بهدوء بعدما رآت الإحباط ظاهرًا في أعينها:
“خديجة هو أنتِ ، كنتِ عاوزة تكوني مُدرسة أو حاجة ليها علاقة بالتدريس؟”
نظرت «خديجة»إلى «ياسين» ثم وجهت بصرها نحو الطبيبة وهي تقول بهدوء:
“أيوا كان نفسي أكون مُدرسة، بس للأسف محصلش”
نظر «ياسين» إلى الطبيبة بتعجب وهي تقول:
“أنا كنت متأكدة من دا، كان ملحوظ بشكل قوي جدًا”
سألها «ياسين» بإندهاش:
“طب وحضرتك عرفتي إزاي؟ أنا عارف إنه سؤال غبي، بس إزاي حضرتك لاحظتي دا؟”
إبتسمت لهما الطبيبة وهي تقول:
“أنا دكتورة نفسية يا أستاذ ياسين، يعني لغة الجسد دي حاجة سهلة بالنسبة ليا، خديجة في الأول كانت متوترة وخايفة وبؤبؤ عينها عمال يتهز في اتجاهات عكس بعض ونبرة الصوت كانت مهزوزة، بعد إندماجها في الشرح بربع ساعة خديجة بقت شخص تاني أكثر ثبات ونبرتها قوية، دا إن دل على حاجة بيدل إن خديجة عملت حاجة هي بتحبها أو حاجة هي كان نفسها تعملها ودا ظهر بعد ما لقت تركيزنا معاها”
نظر كلاهما لبعضهما البعض بإندهاش، بينما الطبيبة إبتسمت ثم قالت:
“بلاش نظرة الدهشة دي أنا مش محضرة الذَرة يعني، دا شغلي”
التفت «ياسين» ينظر لـ «خديجة» وهو يقول:
“طب معلش بقى إزاي مدخلتيش كلية تربية، ولا هو التنسيق ولا مجموعك مجابش؟”
حركت رأسها بخجلٍ وهي تقول:
“أنا جبت ٩٠٪ في ثانوية عامة كنت أدبي”
إندهش «ياسين مما قالت، فسألها مستفسرًا بسرعةٍ كبيرة:
“إيه ٩٠٪ ودخلتي تجارة؟ ليه يا خديجة مدخلتيش الكلية اللي كان نفسك فيها؟”
تدخلت الطبيبة تقول بهدوء:
“الرُهاب الإجتماعي يا أستاذ ياسين، شباب كتير بتعاني منه وبيكون سبب في ضياع أحلامهم، أنا متأكدة إن خديجة وقتها حسبتها إنها هتضطر تنزل وتتعامل مع ناس وتنزل تدريب عملي في أماكن كتير، دا خلاها تختار كلية متنزلش فيها ولا تحتاج مجهود يعني اختارت شهادة تحصيل حاصل”
أومأت «خديجة» بهدوء ثم أضافت قائلة:
“أنا فعلًا حسبتها كدا، وكمان أنا كنت إنتظام، حولت انتساب علشان محضرش محاضرات في الجامعة، ودا كان محسسني بالفشل وكان من ضمن الأسباب اللي خلت البيت كله يزعل مني، بس وقتها كان صعب عليا والله، أنا كنت ساعتها شخص مهزوز وميملكش قوة الإختيار ولا أملك حتى إني أحارب علشان حاجة”
تحدثت الطبيبة تقول بتفهم:
“أنا فاهمة يا خديجة، بس عاوزاكِ تنسي اللي فات كله، وعاوزاكِ تفتكري نجاحك دلوقتي قدامنا إحنا التلاتة دلوقتي، خديجة أنتِ نجحتى فعلًا كونك بتحاربي علشان تثبتي نفسك”
أومأت لها «خديجة» بأعين مغرورقة بالدموع، بينما الطبيبة اقتربت منها تقول بصدق:
“لما حد بيجيلي عنده رهاب إجتماعي يا خديجة دايمًا ببقى عارفة إنه مش بإرادته، لأنه ببساطة مرض انفصامي يعني شخص تاني بيتحكم في المريض، رغم إن رغبة الشخص بتكون عالية جدًا في التواصل مع الآخرين،وفي التعامل ،لكن خوفه بيمنعه من دا، أنتِ بالنسبة ليا بتتحدي شخص تاني غير خديجة، وقدرتي تخرجي خديجة التانية وتديها فرصة ترجع تاني”
اقترب «ياسين» من «خديجة» وهو يقول:
“بصراحة أنا مبهور بيها، وحاسس بجد كأني أب شايف إنجاز بنته، يمكن يكون إحساس غريب عليا بس بصراحة أنا كل يوم بتباهى بخديجة أكتر من اللي قبله”
أخفضت «خديجة» رأسها في خجلٍ، بينما الطبيبة إبتسمت لهما ثم تركتهما بمفردهما، بعد قليل خرج هو وهي من العيادة والفرحة تعتلي ملامح وجهها والفخر يعتلي ملامحه، ركب السيارة وهي فعلت مثله، نظر لها بمرحٍ وهو يقول:
“الواحد راسه مرفوعة وحاسس إنه زرافة، معقول مراتي شاطرة كدا وشرحها حلو؟”
نظرت له مُتعجبة من مبالغته في ردة فعله ثم قالت:
“أنتَ بجد فرحان للدرجة دي، أومال لو كنت كملت الشرح كنت عملت إيه؟”
غمز لها بطرف عينه وهو يقول بخبثٍ:
“لأ دي عاوزة حضن و بوسة يا خديجة”
شعرت بالخجل منه فأخفضت رأسها، بينما هو قال بمرحٍ:
“ياختي بتتكسفي؟ مكسوفة من جوزك يا خديجة؟ دا أنا حبيبك حتى، مكانش العشم”
إلتفتت تنظر له وهي متجاهلة حديثه الخبيث ثم سألته بهدوء:
“ياسين هو بجد فيه حد بيحب حد زيك كدا؟ يعني من غير مقابل ياخده، بيشجع ويدعم ويساعد وبيدي واجبات كتير من غير ما يطلب حقوق، يعني فيه منك تاني يا ياسين ولا لأ؟”
إبتسم هو على حديثها ثم نظر لها بهدوء مُبتسمًا وهو يقول:
“ببساطة يا خديجة آه فيه، العلاقات كلها مش عاوزة مساواة، العلاقات عاوزة طرف حنين عارف واجباته ويلتزم بيها، ومسامح في حقوقه علشان عارف إن الطرف التاني مش هيبخل عليه، أنا كل اللي بعمله هو أني بتصرف بطبيعتي يعني بالحنية اللي فيا من غير أي تصنع ولا اي مجاملة، علشان عارف يا خديجة إنك تستاهلي كل خير”
نظرت له بحبٍ وهي تقول:
“دا كان معاه حق بقى في اللي قالهولي، مكدبش عليا يعني”
نظر لها مُتعجبًا وهو يسألها:
“هو مين دا يا خديجة؟ وقالك إيه؟”
جاوبته بنبرة مليئة بالحب وهي تقول:
“حين ألتقيتُ بِكَ هَمس لي قلبي: هَا أيْتُها التائهة لقد وَجدنا الطَريقُ هُنا”
التفت ينظر لها مندهشًا بـ فاهٍ مفتوح، فوجدها تقول بمرحٍ وطريقة تشبه طريقته حينما غمزت له بطرف عيناها:
“خلاص يا ياسين، طالما سكت يبقى كدا أتثبت”
أوقف السيارة بقوة مما جعلها تصدر صريرًا قويًا نتيجة إحتكاكها بالأرض الأسفلتية، فتفاجأت هي منه ونظرت له بأعين متسعة، فوجدته يقول بهدوء مُتعجبًا:
“دا مش حلم صح؟ ولا عقلي الباطن لمّس في سلوك العقل الواعي، ولا أنا فين يا خديجة؟”
إبتسمت هي له ثم قالت بتعجب:
“لأ واعي يا ياسين، أنا قولتلك كدا فعلًا، علشان دي الحقيقة من أول مرة قلبي كان مطمن ليك بس أنا كنت بعاند معاه”
فور إنتهاء جملتها وجدته يأخذها بين ذراعيه بقوة وهو يقول:
“والله العظيم بحبك، كل إنجاز في حياتي بقى مربوط بوجودك وكلامك يا خديجة”
ربتت هي على ظهره من الخلف وهي تقول:
“ربنا يخليك ليا يا ياسين”
إبتعد عنها بهدوء وهو يقول مُبتسمًا:
“ويخليكي ليا يا رب يا خديجة، يا أحلى صدفة مرت عليا في عمري”
إعتدلت في جلستها وهي تقول بهدوء:
“طب يلا علشان نلحق يومنا، أنا مش ناسية المفاجأة على فكرة”
إبتسم هو ثم قال:
“إحنا قربنا خلاص، ربنا يقدرني وأفرحك بس يا خديجة”
أومأت له ثم نظرت على الطريق بجانبها وهي تبتسم بأريحية، بينما هو كان ينظر له بحبٍ وضربات قلبه تقرع مثل الطبول، أوقف السيارة بعد دقائق من القيادة أمام أحد المولات الكبيرة، نظرت له بحماس وهي تقول:
“أنا كان نفسي أجي هنا من زمان عرفت منين؟”
غمز لها بطرف عينه وهو يقول:
“محسوبك شاطر أوي يا خديجة يفهمها وهي طايرة، وبعدين مكانش ينفع بعد كلامك الحلو دا، مروقش عليكِ وبصراحة أنا نقطة ضعفي الكلام الحلو يا خديجة”
أومأت له وهي مبتسمة فوجدته يخرج من السيارة فحركت رأسها نفيًا بيأس وهي تبتسم ثم قالت بصوتٍ مسموع:
“والله العظيم أخر برج سليم في عقلي هيضرب لو فضلت مع ياسين”
_”هو لسه مضربش يا خديجة؟ أنا قولت خلاص عليه العوض ومنه العوض فيكِ”
خرجت تلك الجملة منه حينما وقف يفتح لها باب السيارة بجهتها فإلتفتت تنظر له بإندهاش وأعين متسعة فوجدته يقول:
“يلا يا خديجة، علشان نلحق، ربنا يردلك عقلك إن شاء الله”
نزلت من السيارة وهي ممسكة بيده بعدما مد هو كفه لها، دخلت معه المول و هي تشعر بسعادة بالغة، فهذه أول مرة تذهب في مثل هذه الأماكن، كانت دائمًا ترى الفتيات في عمرها يذهبن في تنزهات لتلك الأماكن، سارت معه في الرواق المؤدي إلى المحلات، وجدته فجأة يتجه بها نحو اليسار نظرت له متعجبة فوجدته يقف أمام عربة خاصة ببيع المثلجات، تحولت نظرتها إلى الإستفسار فوجدته يبتسم وهو يقول:
“هناكل أيس كريم سوا علشان يبقى بينا حلو وحادق”
إبتسمت له بهدوء، بينما هو نظر على الثلاجة وهو يختار النكهات، إحتار هو في بادئ الأمر فسألها بهدوء:
“خديجة أختار إيه؟ أنا عامر هو اللي بيختارهولنا”
نظرت له بتعجب وهي تقول:
“إشمعنا عامر يعني؟”
إبتسم هو لها وهو يقول:
“عامر نقطة ضعفه الأيس كريم ، يبيع عيلته كلها علشانه، من كتر حبه فيه كان بيختار لكل واحد فينا طعم علشان يعرف يدوق مننا كلنا”
ضحكت هي عليه بشدة وهي تقول:
“والله العظيم أنا بقيت بضحك بسببك وبسببهم ضحك مضحكتوش في حياتي كلها من ساعة ما إتولدت”
نظر لها بحب وهو يقول:
“وَحدها ضِحكتكِ قادرةٌ علىٰ أسري مِن العالم بِأكمله، وحدكِ تُمحي حزني بأكثره وأقله”
نظرت له بحبٍ وهي مُبتسمة فوجدته يغمز لها وهو يقول بمرحٍ:
“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”
أومأت له ثم نظرت نحو الثلاجة حتى تنتقي النكهات لهما سويًا،أنتقت له نكهة الشيكولاتة بالحليب، فوجدته يبتسم لها، إبتسمت هي أيضًا ثم قالت:
“أنا مش ناسية إنك بتحب اللبن، وأكيد بتحب أي نكهة أيس كريم باللبن”
أومأ لها بسعادة بالغة، بعد أخذهما المثلجات، كان يسير معها بتروٍ، وهما ينظرا للمحلات التجارية بصمت، وبعد إنتهاء المثلجات وجدته يخرج مناديل مبللة ثم مسح كفها و وجهها وهي تبتسم له، أنتهى هو ثم قال:
“كدا سكر”
كانت تنظر له بتعجب من أفعاله، وبعد إنتهائه، قالت بتعجبٍ واضح:
“أنتَ إيه يا ياسين؟ والله العظيم هعيط، أنا خايفة آخد على الدلع دا”
ضحك هو عليها ثم قال:
“ياستي خدي على الدلع براحتك، أعيش و أدلعك يا خديجة”
قبل أن تُعقب هي وجدته يمسك كفها وهو يسير بها ثم وقف أمام متجر خاص ببيع الهدايا و لعب الأطفال، نظرت له مُستفسرة فوجدته يبتسم وهو يقول:
“بصراحة أنتِ اللي زيك شخص مريح أوي، يعني حتى الهدايا بتاعتك مش متعبة خالص وهي دي المفاجأة”
حركت رأسها تستفهم منه فوجدته يومأ لها بقوة ثم أخذها ودخل بها المتجر، كانت ألوانه كثير و مبهجة، كانت تنظر حولها بفرحة كبيرة، فوجدته يتركها ويقف أمام رفٍ مليءٌ بالبلورات الزجاجية الخاصة بالأطفال، وقف هو ينتقي منهم ما يناسب «خديجة» وبالفعل أنتقى واحدة بداخلها عروس لفيلم كارتون شهير، وفوق زجاجها فراشة صغيرة، إبتسم فورًا عندما وقع نظره عليها، ثم أخذها بحذرٍ، كانت تراقبه من على بعدٍ، فوجدته يقترب منها وهو يعطيها البلورة الزجاجية، نظرت هي له بتعجب ثم نظرت لكفه الممدود لها، وحينها شهقت بقوة حينما وقع نظرها على ما يحمله بيده، ثم وضعت كفها على فمها من شدة فرحتها بينما هو مد كفه أكثر لها ثم قال بهدوء:
“حسيتها عاملة زيك يا خديجة، هي شكلها كدا الله أعلم جنية أو فراشة، المهم إنها شكلها أسرني زي أول مرة شوفتك فيها، عيني وقعت عليها وحسيت إنها متنفعش حد غيرك”
بكت هي رغمًا عنها ثم قالت مبتسمة بفرحٍ:
“دي تنة و رنة يا ياسين، مع كل أول ضحكة لأي بيبي صغير في جنية جديدة بتتولد”
قطب جبينه بتعجب وهو يقول:
“أنا سمعت الكلام دا فين قبل كدا؟”
ضحكت هي ثم أجابته قائلة بين دموعها:
“دا الكارتون المفضل عندي، دايمًا بحس إن تنة ورنة دي عاملة زيي شخص ماخدش فرصته، هي برضه جنية ماخدتش فرصتها”
سألها بهدوء وهو مُبتسمًا:
“طب وخدت فرصتها إزاي يا خديجة؟”
نظرت له بحبٍ وهي تقول:
“ظهرلها بيتر بان وخدها أرض الأحلام، هناك خديجة لقت نفسها”
إندمجت هي في حديثها فلم تشعر بنفسها وهي تذكر إسمها هي بدلًا من الكارتون، بينما هو نظر لها بخبثٍ وهو يقول:
“لأ والواد بيتر بان دا رجولة والله، وحنين كمان”
حينئذٍ أدركت ما تفوهت به فقالت بتلعثمٍ واضح:
“قصدي…قصدي تنة و رنة لقت نفسها”
أومأ لها ثم قال بمشاكسة ونظرات المرح تضج من عينيه:
“طب ما أنا قصدي على بيتر بان برضه، هو أنتِ فهمتي مين؟”
أخفضت رأسها في خجلٍ، بينما هو تنهد بأريحية ثم إبتسم على خجلها وعلى فرحتها بالبلورة الزجاجية في يدها.
________________
في المنزل الخاص بشباب عائلة «الرشيد»، وصل «وليد» شقته مع الفتيات، كانت «عبلة» تشعر بسعادة بالغة وهي ترى منزل الزوجية الخاص بها هي و وليد، كانت الفتاتين في الخلف يراقبن تصرفاتهما، جلس «وليد» على طاولة قديمة داخل الشقة وهو يقول:
“دي شقتي أنا، لو عاوزين تشوفوا شقق باقي شباب العيلة قولولي أنا معايا المفاتيح”
حركت «خلود» رأسها بقوة ثم قالت:
“لأ شكرًا، إحنا عاوزين نشوف شقتك أنتَ”
نظر لها بوجهٍ ممتعض، ثم قال مقترحًا:
“طب تيجوا أطلعكم فوق السطح تشوفوا القمر ؟”
ردت عليه «سلمى» بسخرية:
“طب ماتيجي تشوف القمر معانا يا أخويا”
غمز لزوجته وهو يقول بخبثٍ:
“لأ أنا قمري مبيتشافش، أنا قمري بيتحضن”
أخفضت رأسها في خجلٍ، بينما نظرت كلتاهما للأخرى بضيق زائف، نظر «وليد» لكلتاهما بضيق ثم أخرج أوراق مالية وقال:
“انزلوا هاتولنا حاجات من تحت علشان الشقة تحت التوضيب زي ما أنتم شايفين كدا”
رفعت له «خلود» حاجبها بتحدٍ ثم قالت:
“مفيش مشاكل واحدة فينا تنزل وواحدة تفضل هنا، علشان قلة أدبك”
نظر لها بسخرية وهو يقول:
“المكان بشرا الحاجات بالظبط خمس دقايق، تفتكري هلحق أقل ادبي في خمس دقايق، دا أنا لو هقل من هدير هاخد وقت عن كدا”
ضحكت الفتيات عليه بقوة بينما هو قال بهدوء:
“يلا يا ماما أنتِ وهي علشان في كلمتين محشورين في زوري لعبلة، وأنتم عندكم جفاف عاطفي خِلقة، مش ناقصة كلامي يعني”
أومأت له الأثنتين بهدوء، بينما هو تنهد بأريحية ثم أعطاهن الأموال، أخذت الفاتين الأموال منه ثم ركضن من أمامه، إقترب هو من زوجته بعد رحيل أخوته وقال بهدوء وهو مُبتسمًا:
“الشقة نورت بوجودك يا عبلة، طول عمري عارف أن مينفعش حد غيرك يسكنها”
أومأت له ثم قالت بهدوء مبتسمة:
” من أول ما طارق جابنا نشوف البيت هنا، وأنا حسيت إن دي هتكون شقتي يا وليد، زي ما كان إحساسي مأكدلي إني مش هبقى لحد غيرك”
إقترب منها يقول بخبثٍ:
“دا أنتِ واقعة يا عبلة على الأخر، طب اتقلي شوية”
تبدلت نظرتها إلى الحنق ثم التفتت تعطيه ظهرها، في حين ابتسم هو ثم إقترب و احتضنها من الخلف وهو يقول بنبرة مُحبة هادئة:
“متزعليش، أنتِ عارفة أني بهزر، وعارفة كمان إن مستحيل أقصد أزعلك يا عبلة، قلبي دا اتكتب عليه حبك من أول مرة شافك فيها، يعني حرام عليه إنه يزعلك منه”
إبتسمت هي بهدوء فوجدته يقرب رأسه من أذنها أكثر وهو يقول:
“فيكِ من القمر وجماله، تشبهي ضيه ودلاله إن كان هلال أو بدر في كماله”
إلتفتت بكامل جسدها تنظر له فوجدته يبتسم لها و ينظر بحب، إرتمت بين ذراعيه وهي تبكي من فرحتها، بينما هو إبتسم ثم طبع قبلة هادئة على قمة رأسها ثم قال وهو يشدد عناقه لها:
“آه يا عبلة، والله ما فيه حاجة تعبتني غير حبك ولا فيه حاجة بتريحني غير وجودك”
تحدثت هي من بين شهقاتها تقول ببكاء:
“حقك عليا في كل مرة تعبتك فيها، وحقك عليا في كل مرة زعلتك وقولتلك كلمة وحشة، والله كان من ضيقي إنك ممكن تكون لغيري أو إن قلبي اللي حبك ممكن تكون مش ليه”
إبتسم هو وهو يشدد عناقه لها ثم قال:
“والله ولا عمره حصل قلبي طول عمره موديني في داهية بسببك، واتحولت من وليد الرشيد، لعنترة إبن شداد”
_”وإيه كمان يا عنترة كمل يا حبيبي؟ ولا نجبلك سيف وخيمة”
خرجت تلك الجملة من فم «خلود» بينما «سلمى» كانت تلتقط لهما الصور وهما متعانقان، التفن «وليد» ينظر لهن بضيق ثم عض على شفتيه، أما «عبلة» تدرجت وجنتيها خجلًا منهن، إقترب «وليد» من «سلمى» ثم أشار برأسه نحو الهاتف وهو يقول:
“وريني صورتي إيه يا سلمى؟”
نظرت له بتحدٍ ثم قالت:
“صورتك وأنتَ حاضنها علشان تبقى دليل على غلطاتك”
أومأ لها ثم قال بهدوء مصطنع:
“لأ معاكِ حق، لو الغلطة بخمسين جنيه، يبقى الحضن دا بألف”
أنهى جملته ثم سحب الهاتف من يدها وهو يقول:
“أنا هوريكي وليد بيتصرف ازاي لما حد يهدده”
قام بفتح الهاتف ثم قام بفتح المحادثة الخاصة بوالد «عبلة» وأرسل له الصورة التي يحتضن بها «عبلة» ثم أرسل رسالة صوتية محتواها:
“مساء الورد يا عم محمد، دي صورتي وأنا حاضن بنتك في شقتنا في بيت الشباب، عاوز حاجة أجبهالك وأنا جاي؟”
أغلق الهاتف ثم وضعه في كف «سلمى» وهو يغمز لها، ثم قال وكأن شيئًا لم يصير:
“يلا ناكل علشان أنا جعان أوي”
نظرت الفتيات الثلاثة إلى بعضهن البعض بتعجب من تغير حالته، بينما هو أخذ الأكياس البلاستيكية من أيديهن، وهو يتفحصها.
_________________
بعد خروجهما من متجر الهدايا وقد كان ابتاع لها منه البلورة الزجاجية و عروس صغير باللون الوردي ومج مرسوم عليه كتكوت صغير ومدون أسفله عبارة
{أنتَ أشطر كتكوت صغنطوط} كان المج من إختياره هو وبعد شراء تلك الأشياء قام بوضعها داخل حقيبة هدايا من أختياره، كانت تسير بجانبه بسعادة بالغة، كأنها طفلة صغيرة تذهب لمدينة الملاهي لمرتها الأولى، توقف هو فجأة أمام حلبة كبيرة محكمة بأبواب زجاجية طويلة، نظرت له وهي تسأله مستفسرة:
“إيه دا يا ياسين؟”
غمز لها بقوة وهو يقول:
“دي مدينة التلج يا خديجة، هي دي المفاجأة الحقيقة”
شهقت بقوة ثم قفزت وهي تقول بنبرة حماسية:
“بجد هدخل مدينة التلج، دا كان حلم حياتي، أنا بجد مش مصدقة والله”
سألها هو بنبرة حنونة:
“بجد مبسوطة يا خديجة؟ يعني من قلبك؟”
حركت رأسها بقوة موافقة مثل الأطفال ثم قالت:
“أوي والله حاسة أني قلبي هيقف من الفرحة”
إبتسم هو بتعجب ثم قال:
“ألف سلامة على قلبك من كل شر و أذى”
أومأت له ثم أخضت رأسها بهدوء بينما هو امسك كفها ثم دخل بها ذلك المكان،بعد قليل كانت ترتدي الثياب الخاص بالتزلق في ذلك المكان وهو مثلها، إقترب منها يقول بهدوء:
“خايفة يا خديجة؟”
حركت رأسها نفيًا بقوة ثم قالت بصدق:
“مش وأنتَ موجود يا ياسين، عمري ما أخاف في وجودك”
إقترب منها يقول في أذنها بحبٍ:
“تَركتُ لكِ قَلّبي و لا يُوجد مِن حُبكِ مَفرٌ، فَـ سكنتِ الروح و أتخذتِ بين أضلُعي مَقرٌ”
نظرت له بإندهاش فوجدته يغمز لها وهو يقول بمرحٍ:
“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”
أومأت له وهي مبتسمة بهدوء وبعد قليل بدأت فقرة التزلق، فبدأ وهو ممسكًا كفيها حتر إعتادت على السير في ذلك المكان، وبعد ذلك ترك يدها ثم تزلق في المكان وهي خلفه تشعر بسعادة بالغة وبعد ذلك إرتدت شيئًا في قدميها يشبه الحذاء لكنه مزود بعجلات صغيرة وفعل هو المثل، في بادئ الأمر لم تستطع السير به حتى وجدته يمسك كفها ثم أوقفها أمامه وأمسك كفيها بكفيه وهو يسير بها في شكل حلقات دائرية بمهارة عالية وكأنه متمرس في السير على الجليد، كانت تنظر له بحب يفيض من أعينها، بينما هو غمز لعا ثم قال:
“ركزي قبل ما تقعي يا خديجة”
إبتسمت له ثم حركت رأسها موافقة بقوة، فين حين إقترب هو منها أكثر يحتضنها وهو يسير بها على الجليد، أستمر وضعهما ذلك بين ضحكاتها وفرحتها التي جعلت قلبه يرقص فَرِحًا بها وبفرحتها.
______________
في الأتيليه الخاص بزوجة «عامر» كانت«سارة» تقوم بتجربة الفستان مع «إيمان» و «ريهام»، كان «عامر» جالسًا في الخارج برفقة «خالد» و «ياسر» على الدرجات الصغيرة أمام المحل، خرجت «ريهام» تقول بهدوء:
“تعالى يا عامر شوف الفستان على سارة عامل إزاي”
ركض بسرعة كبيرة فور إنتهاء «ريهام» من جملته، كانت «سارة» واقفة وهي تعطيه ظهرها، وقف وهو يقول بمرحٍ:
“لفي يا سارة ما أنا حافظ شكلك، ماهو أنتِ مش هتبقي كارينا كابور بعد الفستان دا يعني”
إغتاظت من حديثه فإلتفتت له بضيق فوجدته يغمز لها وهو يقول:
“هو أنا لازم أستفزك يعني؟ بس إيه دا الجمال دا كله؟”
نظرت له بحنقٍ وهي تقول:
“بس يا عامر بقى أنتَ مستفز والله”
غمز لها وهو يقول بخبثٍ:
“ماهو دا المطلوب، كان زمانك هتلفي سنة ضوئية وبعدين يرضيكي تخفي القمر دا عني؟”
إبتسمت هي بهدوء، ولم تعقب بينما هو نظر لها يتفحصها، فكان الفستان رقيق بلونه الأبيض، ينساب على جسدها برقة دون أن يبرز تفاصيل جسدها وكان مغلق من كل الإتجاهات، إبتسم هو بعذوبة ثم قال بحب:
“عمري ما تخيلت إنك تكوني حلوة كدا يا سارة في فستان الفرح، مش عارف علشان هو من عمايل إيدك ولا علشان أنتِ اللي لابساه، بس أنا شايف واحدة قدامي زي نجوم السما في نورها”
تدخلت «إيمان» تقول بتمني:
“يارب ياسر يعجبه شكلي في فستان الفرح يا رب”
ردت «سارة» بهدوء وهي تقول:
“إن شاء الله هيعجبه، هعملك فستان أحلى منه”
تنهد «عامر» بحب ثم قال:
“طب أنا هخرج علشان ياسر وخالد مستنين برة”
خرج «عامر» وقف بجانب أصدقائه نظر له الأثنين بتعجب وأول من تحدث كان «خالد» حينما سأله بتعجب قائلًا:
“مالك ياض يا عامر هما كهربوك جوة ولا إيه؟”
نظر له «عامر» ولم يتحدث، بينما «ياسر» تحدث يقول بهدوء:
“ولا يا عامر أنتَ اتشليت ولا إيه؟”
خرجت الفتيات في تلك اللحظة فوقع نظر «عامر» عليها، فنظر لأصدقائه وهو يقول بهدوء:
“أنا بفكر أعمل عزا بدل الفرح”
نظر له الجميع بتعجب حتى الفتيات، بينما «خالد» سأله بتعجب:
“ليه يالا؟”
إبتسم وهو يغمز لزوجته وهو يقول:
“أصل أنا قلبي مات في حبها”
وجد «خالد» يقترب منه فركض في الشارع وصديقيه خلفه، بينما الفتيات إرتفعت ضحكاتهن على الموقف، وقبل أن يتجه «عامر» إلى الجهة الأخرى وجد «خالد» يمسكه من الخلف و هو يقول :
“تعالى علشان أنا هعمل عزا فعلًا، بس عزاك أنتَ يابن سيدة”
إحتضنه «عامر» وهو يقول بتأثر:
“أنا فرحان أوي يا خالد، ربنا يخليكم ليا”
اقترب منهما «ياسر» وهو يبكي أيضًا ثم احتضنهما وهو يقول:
“أنا كمان فرحان أوي علشان شايفكم فرحانين، ربنا يخليكم ليا”
إحتضنهما «خالد» وهو يقول بحب:
“وأنا كمان فرحان لفرحتكم كأنكم عيالي، ربنا يديم عليكم فرحة قلبكم يا حبايب أخوكم”
_______________
أوقف «وليد» السيارة أمام البيت ثم إلتفت ينظر للفتاتين في الخلف وهو يقول بسخرية:
“تمام ياختي أنتِ وهي ؟ اللي هيسألكم تقولوا إيه؟”
نطقت كلتاهما بصوتٍ واحد:
“وليد صلى بينا العشا حاضر في الشقة”
أومأ بقوة ثم قال:
“الله ينور عليكِ يا شابة منك ليها”
أضافت «خلود» تقول بسخرية:
“طب ما نقول زورنا الحسين بالمرة؟”
أومأ لها موافقًا وهو يقول:
“ولو عرفتي تقولي حجزنا تذاكر العمرة يبقى كتر خير أهلك”
تدخلت «سلمى» تقول بهدوء:
“والله يا وليد اللي هيشفعلك الجراب اللي جبتهولي و الرواية اللي جبتها لخلود”
تنهدت «خلود» بحب وهي تقول بحالمية:
“الرواية!! الله بجد ، هروح بيها الدرس بعد كدا”
نظر لها «وليد» بسخرية وهو يقول:
“هتروحي الدرس بالرواية؟ ليه ياختي فاكرة نفسك رايحة درس عند تامر حسني ؟”
ضحكت الفتيات عليه بينما هو نزل من السيارة الفتيات خلفه، ركبت كلتاهما المصعد وقبل دخول «عبلة» وجدته يمسك يدها وهو يقول:
“لأ عبلة أنا عاوز أقولها حاجة مهمة، سكتك خضرا يا غالية”
أغلق المصعد عليهن ثم نظر لزوجته وهو يقول بخبثٍ:
“مش عاوزة تقوليلي حاجة خالص؟”
سألته بهدوء وهي قاطبة الجبين:
“حاجة زي إيه يعني؟”
إقترب منها أكثر وهو يقول بنفس النبرة الخبيثة:
“حاجة زي بحبك يا وليد، شكرًا يا وليد، أنتَ أحلى حاجة في حياتي يا وليد، هات بوسة يا وليد”
إتسعت حدقتيها بقوة، بيننا هو باغتها بعناقه المفاجئ لها، ثم همس في أذنها:
“أقولك أنا، بحبك يا عبلة، وشكرًا يا عبلة، أنتِ أحسن حاجة في حياتي يا عبلة، هاتي بوسة يا عبلة”
_”باستك عقربة يا إبن مرتضى خرج البت يالا وبطل قلة أدب”
خرجت تلك الجملة من فم «محمد» بصوتٍ قوي جعل «عبلة» ترتعد خوفًا بين ذراعي «وليد» ، اقترب منهما «محمد» وهو يقول:
“يا أخويا بطل أحضان، وشوف حياتك علشان تعرف تتجوز”
إبتعد «وليد» عنها ثم نظر لعمه وهو يقول وكأنه لم يفعل شيئًا:
“نعم يا عمي أؤمرني؟”
نظر له عمه بتعجب وهو يقول:
“أنتَ قليل الأدب يالا؟ باعتلي صورة وأنتَ حاضن بنتي؟”
إبتسم له «وليد» بسخرية وهو يقول:
“لأ وعلى إيه، أنا عارفك مبتحبش الصور، فخليتك تشوفه على الطبيعة، أوضح”
رفع «محمد» أنفه مُتهكمًا وهو يقول:
“وهو أنتَ كنت حاضنها دلوقتي ليه؟”
حرك «وليد» كتفيه ببراءة مصطنعة وهو يقول:
“شافت الخفاش وكانت خايفة منه”
نظر له عمه بسخرية وهو يقول:
“طب وكنت حاضنها في الشقة ليه؟”
بنفس البراءة الكاذبة حرك كتفيه وهو يقول:
“كان فيه برص في الشقة وكانت خايفة منه”
رد عليه «محمد» بسخرية قائلًا:
“أنتَ بتشتغلني يالا؟ هو أنتَ فاكر نفسك بتسرح بيها في جنينة الحيوانات؟”
حرك كتفيه يشاكس عمه وهو يقول ببراءة:
“بنتك اللي عندها مشكلة مع الزواحف، أنا أعمل إيه يعني؟”
أمسك «محمد» كف إبنته وسار بها جهة المصعد وهي مكرقة برأسها للأسفل، حينما أوشك بها على الدخول وصله صوت «وليد» وهو يقول:
“عبلة ياريتك تصحي بدري بكرة”
التفت عمه يسأله بضيق قائلًا:
“ليه يا خويا إن شاء الله وراها إيه؟”
غمز له بوقاحة زائدة وهو يقول:
“لا أبدًا ، عاوز أبوسها قبل ما أنزل على الشغل”
صرخ «محمد» بضيق ثم دخل المصعد وأغلقه بقوة، تاركًا «وليد» يضحك بقوة خلفه.
قبل أن يصعد «وليد» وجد «خديجة» تدخل البيت برفقة «ياسين» ، إبتسم لهما ثم قال:
“البيت نور والله، إيه السكر دا”
إقترب منه «ياسين» ورحب به بقوة، بينما «خديجة» وقفت تبتسم لهما، وفجأة نزلت «مُشيرة» وهي تقول:
“دا مبقاش بيت ، دا بقى جنينة الأسماك، أو ملتقى العشاق”
نظر لها الثلاثة بضيق وأول من تحدث بينهم كان «ياسين» حينما قال ساخرًا:
“عمتو، إزيك عاملة إيه؟ ولا صحيح أنتِ بتكرهي الكلمة دي، إزيك يا حجة عاملة إيه؟”
رفعت حاجبها تنظر له بحنقٍ ثم قالت:
“أنا كويسة أوي طول ما أنتم كويسين، أنتم كنتم فين بقى كدا؟”
تدخل «وليد» يقول بسخرية:
“كنت لسه بفكر أجبلك أنتريه والله”
سألته مُستفسرة بتعجب:
“ليه يا أخويا إن شاء الله؟”
غمز لها يقول بخبثٍ:
“علشان تعرفي تقعدي في حياتنا براحتك بدل ما أنتِ بِتدخلي على الواقف كدا”
أومأت له ثم إقتربت تقف أمام «خديجة» التي كانت ولأول مرة تنظر لها بثبات، ثم قالت لها:
“متأمنيش لراجل أوي كدا يا خديجة، أنتم لسه على البر، غيرك كانت مخلفة وسابها ومشي برضه، فمتفتكريش إنه هيكمل معاكِ”
إستطاعت بحديثها الخبيث أن تغير ثبات ملامح وجهها بعدما رآت السعادة مرسومة على وجهها عند نزولها من سيارته، ولكن ما حدث خالف توقعات الجميع حينما إقتربت منها «خديجة» بعدما رسمت الثبات مرةً أخرى على وجهها وهي تقول:
“تؤ، أنتِ غلطانة، عارفة ليه؟ علشان ياسين ميتقارنش بحد”
يُتَبَع