روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 41

“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
“الفصل الواحد وأربعون”
___________

أَتيْتُ إليكَ بِـقلبٍ مَليءٌ بالندوبِ مِن البَـشرِ ، فَـكُنتُ أنتَ خَيْرَ مَـا أعّطاني القَدّرِ.
___________

سيظل شبح الماضي يطاردك، فإن كنت قوي فلن تحتاج لمن يساندك، أصغ إلى قلبك فهو خير من يساعدك في الخيار و الأختيار، حتى وإن كان عقلك يعاندك.

بعدما أشعل «وليد» نيران غيظ عمه تركه وهو يراقص له حاجبيه، بينما «مرتضى» وقف مقابلًا لـ «محمد» وهو يقول:

“خف شوية على وليد يا محمد، الواد مش حِملك ولا حِمل بهدلتك دي”

نظر له «محمد» غير مُصدقًا وهو يقول:

“أنتَ برضه فاكر إن أنا اللي مفتري، إبنك اللي مش عامل أعتبار لحد يا مرتضى”

ربت «مرتضى» على كتفه وهو يقول:
“وأنا عارف، بس هو بيحبها يا محمد، وهي مراته بشرع ربنا والناس كلها عارفة دا، هو مش بيعمل حاجة غلط، أدعيلهم أنتَ بس”

نظر له «محمد» ثم أصدر إيماءة بسيطة من رأسه ولم يُعقب.

صعد «وليد» إلى شقة «طه» مباشرةً، لإنه كان على علمًا بوجود «عبلة» مع «خديجة» دخل لهن بعدما قام بمشاكسة «زينب»، كانت «خديجة» تنتقي الثياب الخاصة بمشوارها معه، دخل هو يقول بمرحه المعتاد لزوجته:

“يا مساء التماسي على واخد قلبي وناسي”

إبتسمت كلتاهما عليه، بينما هو جلس على الأريكة بجانب «عبلة» التي كانت تنظر له بتعجب من حالته، بينما «خديجة» قالت بهدوء:

“خير؟! طلعت ليه؟ الصلاة قربت يا وليد”

إبتسم بهدوء ثم قال:
“طلعت أشوفكم وبالمرة عاوز أعرف أحمد ماله؟”

سألته «خديجة» بتلهفٍ واضح:
“هو حكالك حاجة؟ أو لمحلك حتى طيب؟”

حرك «وليد» كتفيه وهو يقول بهدوء:
“لأ، قالي بعد الصلاة هيعرفني، وأنا عارف إن ياسين جاي بعد الصلاة ياخدك، قولت أسألك”

أومأت له ثم قالت بهدوء:
“بص هو الموضوع فيه منة، أنا والله مش عارفة أعمل إيه؟”

نظر لها مُتعجبًا وهو يقول:
“منة؟ مالها منة إن شاء الله هي كمان”

قصت عليه «خديجة» ما حدث بالأمس من تلك الفتاة، وموقف أخيها ونظرة الحزن التي لمحتها في عينيه، كان «وليد» ينظر لها بضيق، و«عبلة» بإندهاش، أنهت هي حديثها ثم قالت بنبرة حائرة:

“مش عارفة أعمل إيه يا وليد؟ وصعبان عليا كسرة خاطره، بس بجد هي أسلوبها مستفز أوي وحقيقي مش مناسبة لأحمد”

سألها «وليد» بتعجب:
“هي عبيطة؟ إيه جو الحضانة دا؟ ما تروح تشتكي لأمها وتقولها سرقتي منها الألوان بالمرة؟”

تدخلت «عبلة» تقول بضيق:
“هي مالها ومالي أصلًا؟ أنا حرة أكلم مين ومكلمش مين”

نظر لها «وليد» بمرحٍ وهو يقول:
“أحبك أنا وأنتِ مسيطرة كدا يا عبلة”

إبتسمت له وهي تقول بضيق منه:
“بس بقى أسكت، بابا مبهدلني من إمبارح، هو أنتَ عملت إيه؟”

تصنع البراءة وهو يقول:
“معملتش حاجة، عمي محمد هو اللي عصبي”

سألته «خديجة» بهدوء:
“طب هنعمل إيه مع أحمد؟ أنا مبحبش حد يزعل، يجي هو يزعل بسببي؟”

نظر لها «وليد» ببرود وهو يقول:
“متخافيش، أصلي الجمعة بس وبعد كدا كل حاجة هتتحل”

سألته «عبلة» مستفسرة:
“هتعمل إيه يا وليد؟ مش مطمنة”

أجابها بهدوء:
“مش هعمل حاجة متخافيش، وأحمد راجل مش عيل”

أومأ له الأثنتين بهدوء بينما هو نظر أمامه بخبثٍ وهو يقول لنفسه:
“طلبتيها و نولتيها يا بنت وفاء”
______________

في شقة «ياسين» بعدما تحمم و بدل ثيابه بعباءة الصلاة، جلس بجانب والده الذي كان يقرأ في المصحف الشريف، أنهى «رياض» التلاوة بصوته العذب ثم وضع المصحف بجانبه وهو ينظر لإبنه بإستمتاع، ضيق «ياسين» جفونه وهو ينظر له ثم قال:

“مش مرتاحلك يا رياض، خير؟”

حرك «رياض» كتفيه ثم قال بلامبالاة:
“عادي يعني، بفرح لما أبص في وشك، برتاح”

تبدلت نظرة «ياسين» إلى الشك وهو يقول:
“هو كدا المفروض أني أطمن؟ بقولك إيه البت أول مرة تيجي عندنا، مش عاوزين إحراج، يعني نعقل ونهدا ونبطل هزار مع ياسر وعامر وخالد، ماشي يا حج؟”

نظر له والده بضيق وهو يقول:
“أنتَ رخم ياض يا ياسين، علطول كدا فاسد لحظاتي الحلوة”

أومأ له «ياسين» بقوة وهو يقول:
“أيوا، استحملني النهاردة بس، علشان خاطري، وبعدين أنتَ مدير شئون قانونية قد الدنيا عيب والله يا حج اللي بتعمله فيا دا”

أتت «زُهرة» من الداخل وهي تقول:
“متخافش أنا وصيته، وهو إن شاء الله هيسكت خالص”

نظر لهما بسخرية وهو يقول:
“طبعًا وماله”

رفع «ياسين» حاجبه بحنقٍ ينظر لوالدته، ثم وقف وهو يقول بضيق زائف:

“أنا نازل علشان ألحق الصلاة، وبعدها هروح أجيب خديجة إن شاء الله، ها خديجة مراتي أول مرة تيجي، يارب تكون الرسالة وصلت”

كان حديثه الأخير موجهًا لأبيه، مما جعل والده ينظر له بسخرية، بينما والدته ضحكت عليهما ثم دخلت المطبخ مرةً أُخرى، أما والده فقام حتى يلحق موعد الصلاة.

في بيت آلـ «الرشيد» نزل الرجال جميعهم إلى الصلاة، أما «خديجة» فإرتدت ثيابها الرقيقة بعدما علمت بعزومتها في منزله، جلست برفقة «عبلة» حتى يأتي موعد نزولها له، وفجأة أتى الرجال بعد الإنتهاء من الصلاة، فقالت «عبلة» بهدوء:

“جهزي نفسك يا خديجة، علشان الصلاة خلصت، يعني ياسين قرب يجي”

أومأت لها «خديجة» بهدوء ثم قالت:
“أنا جاهزة خلاص، بس مرعوبة والله،أول مرة أروح عند مامته وبصراحة الموقف مرعب”

نظرت لها «عبلة» بقلة حيلة وهي تقول:
“بصراحة هو موقف صعب، أنا علشان هنا مع طنط مروة و وليد معايا في نفس البيت مش حاسة برهبة الموقف، بس هما شكلهم ناس طيبين يا خديجة متخافيش”

أومأ لها «خديجة» وهي تبتسم ثم نظرت لـ هاتفها حينما وجدت الشاشة تُضيء برسالة منه محتواها:

“جهزي نفسك يا ست الكل، قربت أجيلك”

أغلقت ثم وقفت تهندم ملابسها أمام المرآة، بينما «عبلة» وقفت تقول بتوتر وهي خلفها:
“خديجة، هو أنتِ لسه زعلانة مني علشان اللي حصل زمان؟”

إلتفتت «خديجة» تنظر لها بهدوء وهي تبتسم بتعجب ثم قالت:
“ليه بتقولي كدا يا عبلة؟ ولازمته إيه سؤالك دا؟”

أوشكت «عبلة» على ذرف الدموع فقالت بنبرة شبه باكية:
“علشان أنا كنت وحشة معاكِ أوي، وظلمتك كتير لما كنت عارفة هما عملوا فيكِ إيه يا خديجة، بس غصب عني والله كنت بسمع كلام هدير وعمتو وفاكرة إن هما بيحبوني”

ربتت «خديجة» على كتفها وهي تقول:
“متقوليش كدا يا عبلة، أنا فعلًا مش زعلانة منك، وبصراحة أنا مش زعلانة من حد خالص، ومش عاوزة أزعل من حد، كفاية عمري اللي فات كله زعلانة فيه يبقى لازمته إيه بقى أضيع اللي جاي كمان في زعل على حاجات فاتت”

سألتها «عبلة» بهدوء:
“يعني بجد من قلبك مش زعلانة مني، ومش شايلة حاجة ليا؟”

إبتسمتة«خديجة» بهدوء ثم قالت:
“أيوا مش زعلانة، وبعدين أنتِ مرات وليد، يعني لأجل عين تُكرم ألف عين يا عبلة”

قبل أن تُعقب «عبلة» صدح صوت هاتفها برقمه، فقالت معتذرة:
“ياسين وصل تحت، لما أجي هنتكلم سوا يا عبلة متخافيش”

فتحت باب الشقة حتى تنزل له، لكنها تفاجأت حينما أوقفتها «عبلة» بقولها:
“خديجة، خلي بالك من نفسك وخليكي عارفة إنك جميلة أوي وهما محظوظين بيكي”

إلتفتت «خديجة» تنظر لها وهي مبتسمة ثم فتحت ذراعيها وهي تقول:
“تعالي في حضن أختك يا عبلة”

إرتمت «عبلة» بين ذراعيها بحماس وهي تبتسم بإتساع، بينما «خديجة» ضحكت حينما صدح الهاتف برقمه، خرجت «عبلة» من بين ذراعيها وهي تقول:
“أنزلي يا ستي، هيفضل يرن مش هنخلص”

وقفت «خديجة» تنتظر المصعد، لكنه لم يأت لها بسبب وقوف الرجال أمامه وفتحهم بابه، نزلت «خديجة» مع «عبلة» الدرجات وضحكاتهن مرتفعة، وكان هناك زوج من الأعين تراقبهن بحسرة على ما وصلت إليه، دخلت شقتها وهي تبكي في غرفتها بعدما إرتمت على فراشها، لاحظت «فاطمة» حالة إبنتها فدخلت إليها وهي تسألها بتعجب:

“مالك يا هدير؟ مين زعلك، بتعيطي ليه؟”

قامت «هدير» وهي تبكي بحرقة ثم قالت:
“هدير زهقت وتعبت من اللي هي فيه، مش عارفة أنا عاوزة إيه؟ كل حاجة في حياتي غلط، هعيش لوحدي وأموت لوحدي؟”

قطبت والدتها جبينها وهي تسألها متحيرة:
“ليه بتقولي كدا يا هدير ؟ متصدقيش كلام حد يزعلك”

صرخت «هدير» بوجهها وهي تقول:
“دا مش كلام حد، دا كلام هدير نفسها، هدير اللي عمالة تخسر في الناس ونفسها، هو الأحساس دا صعب أوي كدا؟ يعني أنا كنت السبب إن خديجة تعيش عمرها كله في الزعل دا؟ فاكرة نفسها وحشة ومحدش بيحبها؟”

زادت حيرة «فاطمة» فقالت بضيق:
“أنا مش فاهمة منك حاجة، حصل إيه وإحساس إيه دا اللي خديجة حست بيه؟”

صرخت «هدير» بوجهها من جديد وهي تقول:
“إنها وحشة وإننا مش بنحبها، خديجة عاشت عمرها كله لوحدها ومحدش بيحبها، دلوقتي أنا عاملة زيها محدش بيحبني كلهم بقوا بيحبوا بعض وأنا لأ، ليه يا ماما؟”

نظرت لها والدتها بتعجب وهي تقول:
“أنتِ جميلة يا هدير متخليش حد يقولك إنك وحشة، وبعدين هما كلهم مش بيحبوا بعض، دي مسألة وقت وكل حاجة هترجع تاني”

حركت رأسها نفيًا وهي تقول ببكاء:
“لأ دا عقاب ليا، علشان اللي عملته من وأنا صغيرة، أنا بقيت بكرهني، لو فعلًا خديجة حست باللي أنا حساه دا يبقى أنا بكرهني بجد وبكرهكم كلكم، حتى أنتِ علطول عاوزاني أنجح علشان أكون أحسن منهم، عاوزاني ألبس لبس جديد علشان أكون أحلى منهم، عاوزاني أخرج علشان أبان أني مبسوطة وعايشين أحسن منهم، علطول سايباني لعمتو وهي تفضل تكرهني فيهم، أنا والله بكرهكم وبكرهني، أطلعي برة، أطـــلـــعــي بــــقولك”

صرخت بكلماتها الأخيرة في وجه والدتها ثم إرتمت على الفراش، بينما والدتها إقتربت منها ببكاء وهي تحاول أخذها بين أحضانها، لكنها قاومتها ثم إرتمت على الفراش مرةً أُخرى، خرجت «فاطمة» من شقتها ثم نزلت شقة «مُشيرة».
_______________

نزلت «خديجة» له بهدوء ومن حسن حظها أن الرجال داخل الشقة الخاصة بالعائلة في الطابق الأول فلم يراها أيًا منهم، نظرت حولها فوجدت سيارته تقف على بعدٍ من بيتهم، وهو بداخلها، سارت حتى وصلت إليه، وركبت السيارة بجانبه، لكنها ضحكت بقوة حينما رآته يرتدي عباءة الصلاة، نظر هو لها بتعجب ثم بإحراج حينما أدرك سبب ضحكها وقال وهو يحك فروة رأسه كثيفة الشعر:

“بصراحة كسلت أروح أغير هدومي، قولت أجيلك بعباية الصلاة، وأهو برضه أنتِ مش غريبة، أنتِ مراتي يعني”

زادت ضحكاتها، لكنها حاولت التحكم فيها وهي تقول:
“طب كنت قولي، كنت لبست عباية سمرة يا ياسين، علشان نليق سوا”

صرخ في وجهها وهو يقول:
“تلبسي إيه ياختي؟؟ عباية سمرة، حلاوتك يا خديجة، أنتِ معندكيش وسط خالص؟”

نظرت له بإندهاش وهي تقول:
“أنا بقترح بس والله، وبعدين العباية اللي عندي خليجي”

ضرب كفًا بالأخر وهو يقول:
“اللهم طولك يا روح، لأ يا خديجة، لا خليجي ولا هندي، أنتِ حلوة كدا”

إبتسمت له ثم قالت:
“طيب يلا سوق بقى علشان منتأخرش”

نظر لها بحنقٍ زائف وهو يقول:
“قال عباية سمرة قال، دا أنتِ يومك مش معدي”

بعد دقائق من القيادة أوقف السيارة أسفل البناية الخاصة به نظرت هي حولها ثم قالت بِـحيرة:

“إحنا وقفنا هنا ليه يا ياسين؟”

إبتسم هو لها بسخرية ثم قال:
“يمكن علشان أنا ساكن هنا مثلًا؟ مفاجأة مش كدا؟”

إتسعت مقلتيها بقوة وهي تقول:
“أنتَ ساكن جنبنا أوي يا ياسين، أول مرة أعرف”

ضرب رأسها بكفه وهو يقول بسخرية:
“ماهو إحنا لو بنشغل دي، البديهيات دي مش هتروح مننا”

قطبت جبينها تسأله بتعجب:
“بديهيات إيه؟ أنا مش فاهمة حاجة؟”

ضحك هو بخفة ثم قال:
“مش أنا أمي مُدرسة وعرفتك عن طريق ميس وفاء زميلتها، أكيد بقى مش هيشتغلوا في مدارس في أخر بلاد المسلمين، يعني هتكون قريبة منهم، فهمتي يا خديجة؟”

إبتسمت هي ببلاهة وهي تقول:
“يا قرد !! لفتها صح”

إندهش هو مما وقع على مسامعه فقال بنبرة مُتعجبة:

“أنتِ مين يا ست الكل؟ دا كان فيه واحدة بسحب منها الكلام بالقطارة، فاكرة يا خديجة أيام حضرتك يا أستاذ ياسين؟”

ضحكت هي بخفة ثم قالت:
“أنتَ تؤمر لو عاوز خديجة التانية، نحضرها”

رد عليها مُعقبًا:
“لأ، أهدي كدا و أثبتي يا غالية، إحنا كنا فين وبقينا فين”

قال حديثه ثم نزل من السيارة وهي خلفه وهي تضحك عليه، وقبل دخول البيت وقفت تسأله بتوترٍ وكأن حالها تبدل في ثوانٍ:

“ياسين، ممكن أسألك سؤال؟”

كانت نبرتها مهزوزة مما جعله يلتفت لها بتعجب وهو يقول:
“مالك فيه إيه؟ ما إحنا كنا كويسين دلوقتي؟”

ردت عليه بخوف:
“بصراحة أنا خايفة ومسكوفة، وبعدين خايفة أعك الدنيا”

نظر لها مُتفهمًا وهو يقول:
“أنا عارف بس خليكي فاكرة إننا مشينا مشوار طويل سوا، وخليكي فاكرة إنك بنسبة ٨٠٪ معندكيش أي حاجة، واحنا فوق بقى هنقضي على الـ ٢٠٪ اللي فاضلين، وبعدين عكي الدنيا براحتك، أنا موجود

إبتسمت له ثم قالت:
“طب ولو عملت حاجة زعلت حد، أنتَ هتعمل إيه؟”

جاوبها هو بهدوء:
“مراتي أعاتبها بيني وبينها، لكن قدام الناس مراتي مبتغلطش وحاسبي بقى علشان جناحاتك دخلت في عيني”

إبتسمت هي بإتساع ثم قالت بحب:
“والله العظيم أنا مش لاقية حاجة أقولها”

إبتسم هو أمسك كفها ودخل المصعد، بعد ثوانٍ توقف المصعد أمام الشقة الخاصة به، دخل هو أولًا وهي خلفه، وجد والديه يجلسا سويًا في إنتظارهما، دخلت هي بتوتر، ألقت التحية عليهما بقولها:
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”
ذهبت «زُهرة» تقف قبالتها ثم أخذتها بين ذراعيها بقوة وهي تقول بحب:
“وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، دي أحلى جمعة في حياتي كلها علشان القمر منورنا”

شعرت «خديجة» بالفرحة فشددت من عناقها لـ «زهرة» ، بينما «رياض» قال بمرحٍ:

“خلاص يا زُهرة خليني أسلم على قبول أبني الوحيد، قصدي مرات أبني الوحيد”

عض «ياسين» على شفتيه بضيق، بينما هي شعرت بالخجل منه ومن حديثه، فتحدثت «زُهرة» بضيق زائف:

“أنتَ تمشي حالًا يا رياض، وتسبني مع بنتي براحتنا، وخد أبنك في سكتك”

إقترب منهن وهو يقول بهدوء:
“طب أحكمي أنتِ يا خديجة، عاوزاني أمشي وأسيبك ينفع؟”

حركت رأسها نفيًا بهدوء وهي مبتسمة بينما هو قال يشاكسهما:
“ياريت لو تقعدوا أنتم وتسبوني مع القمر دي، لو سمحتوا يعني”

وضع «ياسين» ذراعه على كتفه وهو يقول:
“لأ ماهو إحنا هنقعد سوا إن شاء الله ريح نفسك أنتَ”

جلسوا جميعًا في غرفة الصالون فقالت «زُهرة» بحب ونبرة متأثرة:
“تعرفي أنا طول عمري كنت مستنية اليوم اللي ربنا يكرم ياسين ببنت الحلال فيه، علشان تكون صاحبتي، ولما عرفت إنك هتيجي النهاردة، كنت هطير من الفرحة”

أبتسمت لها هي بتأثر وأعين مغرورقة بالدموع، بينما «رياض» قال بمرحٍ:

متصدقيهاش، دي بتعمل كدا علشان في الأول بس، بعد كدا بقى هتشوفي منها شغل الحموات، دي زُهرة”

تدخل «ياسين» يقول بضيق:
“قولتلك نجبها لما يسافر، أنتِ حرة بقى”

زفرت «زُهرة» بقوة ثم قالت بعدما رسمت بسمة هادئة على وجهها:
“متصدقيهوش، أنا لا يمكن أعمل زي الناس المتخلفة دي، إزاي ممكن أكره الوحيدة اللي قلب أبني أرتاح لها، ولا إزاي ممكن أكره الوحيدة اللي ربنا بعتها ليا علشان تعوضني أني مجبتش بنات، أنا واثقة إنك هتكون بنتي يا خديجة”

فرت دمعة من عين «خديجة» رغمًا عنها، و «زُهرة» أيضًا فقال «ياسين» بضيق زائف:

“يلهوي على النكد، أنتو إيه يا جماعة؟”

تدخل «رياض» يقول لـ «خديجة» بمزاح:
“بقولك إيه يا خديجة، ما تقوليلي بابا كدا، أصل أنا مخلف جحش كرهني في الأبوة”

إبتسمت هي بهدوء ثم قالت:
“حاضر يا.. بابا”

خرجت الكلمة منها بهدوء، مما جعل «رياض» يقول بمشاكسة:

“الله!! الكلمة حلوة أوي منك، إيه الحلاوة دي”

نظر لإبنه فوجده ينظر له بحنقٍ وهو رافعًا أحد حاجبيه، فقال له:
“قول بابا كدا يا ياسين؟”

زفر «ياسين» بقوة ثم قال:
“بابا…نعم يا بابا”

قال «رياض» بتقززٍ واضح:
“إيه دا..إيه دا،يا ستار يارب، جحش بيتكلم”

ضحكت عليه زوجته و زوجة إبنه، بينما «ياسين» وقف وهو يقول بضيق:
“أنا داخل أغير هدومي، عن إذنكم”

رحل من أمام الجميع بينما «رياض» أخرج صندوق صغير وهو يقول:
“تعالي بقى أوريكي فضايح ياسين من يوم ما ربنا كرمني بيه”
ضحكت «خديجة» ،بينما «زُهرة» ضربت كفًا بالأخر وهي تقول:
“أنتَ مش هتجبها لبر يا رياض”

أومأ لها مبتسمًا، ثم أخرج حلق صغير من الصندوق وهو يقول:
“الحلق دا ياسين كسبه في كيس شيبسي قبل كدا، ومكانش عارف يعمل بيه إيه،ساعتها قال هشيله لمراتي علشان لما تيجي حياتي تعرف أني بفكر فيها من صغري”

ضحكت «زُهرة» بينما «خديجة» أمسكت الحلق وهي تنظر له بفرحة، إبتسم «رياض» ثم أخرج خطاب مدون بخط يده ثم قال:
“الجواب دا ياسين كتبه لكِ من قبل حتى ما يعرف يعني إيه جواز، كان عيد جوازنا أنا وزهرة وهو كان عاوز عيد جواز هو كمان، لما فهمناه يعني إيه، كتب الجواب دا لكِ وخباه بين حاجته”

فتحت الخطاب فوجدت به زهرة ملونة ألوان مبهجة وأسفل منها خطاب مدون بخط يده عبارة عن:

“زوجتي المستقبلية ..مراتي يعني، مش عاوزك تتأخري عليا لحد ما تيجي، النهاردة بابا عمل عيد جواز وأنا كمان عاوز عيد جواز،لما تيجي هعملك حفلة حلوة زي بتاعته.. بحبك متتأخريش ماشي؟”

ضحكتةهي بإتساع ثم قالت مستفسرة:
“هو كتب الجواب دا وهو عنده قد إيه؟”

جاوبتها «زُهرة» وهي تضحك:
“كتبه وهو عنده ٩ سنين، تخيلي بيحبك من 20 سنة”

أخرج «رياض» سلسلة صغيرة مصنوعة من قواقع البحر، صنعها هو بيده، تنهد «رياض» ثم قال بحب:

“القواقع دي جمعتها أنا و هو علشان نعمل سلسلة لزهرة في المصيف، وهو عمل واحدة برضه لمراته المستقبلية، ياسين من حبي لزهرة ورث الحب دا وبقى بيتصرف زيي في، ومتأكد كمان إنه هيعاملك بما يرضي الله”

رفعت رأسها تنظر له بتأثر ثم قالت:
“بصراحة ياسين حنيته كتيرة عليا، ساعات بحس نفسي مستاهلش كل الحنية دي”

أتى هو من الداخل بعدما سمعها وهو يقول:
“لأ تستاهلي، وتستاهلي كل حاجة حلوة كمان، علشان الحلو للحلو يا خديجة وأنتِ حلوة يا خديجة”

إقترب منها بعد حديثه يجلس مقابلًا لها وهي مخفضة رأسها للأسفل، ثم قال لأبيه بضيق زائف:

“أنا نفسي أعرف أنتَ لاقيني فين؟ أعترف، ماهو أصل الفضايح دي متخرجش من أب أبدًا”

تدخلت «زُهرة» تقول بمرحٍ:
“طب على فكرة بقى هي فرحت لما شافت الحاجات دي صح يا خديجة؟”

أومأت لها «خديجة» بخجلٍ، بينما «ياسين» سألها بسخرية:

“أنتِ فرحانة بجوزك إنه كان عيل أهبل كدا؟”

أومأت له بهدوء وهي مبتسمة، بينما غمز هو لوالده وهو يقول:
“ماتقوم يا رياض كدا تعملنا عصير ولا شاي أي حاجة”

نظر له «رياض» بخبثٍ وهو يقول:
“طب ماتقول أمشي يا بابا وسبني أقعد مع مراتي براحتنا”

أومأ له بقوة وهو يقول:
“عليك نور يا رياض، أمشي بقى وخد زُهرة معاك”

قام والديه معًا، ظل هما سويًا بمفردهما، فسألها بعد إختفاء أثر والديه:
“عاجبك أبويا وعمايله؟ والله العظيم كان سبب خوفي إن أجيبك هو أبويا”

رد عليه مُعقبة بسرعة كبيرة:
“خالص والله دا دمه خفيف وحنين أوي، عامل زيك كدا، وماما زُهرة كمان طيبة أوي يا ياسين”

سألها هو بخبثٍ:
“حبيتيهم زي ما حبتيني كدا يا خديجة؟”

أومأت له بهدوء وهي مبتسمة بينما هو أخذها من يدها ثم توجه بها نحو الشرفة وهو يقول:

“تعالي بقى شوفي بلكونتنا حلوة إزاي؟”

دخلت معه الشرفة وهي تبتسم، استند هو على السور بذراعيه، ثم قال وهو ينظر أمامه:

“البلكونة اللي شهدت على سهري في حبك يا خديجة، كنت كل يوم أبص على السما وأتخيلك فيها، نجمة منورة”

وقفت مثله ثم قالت بمرحٍ:
“وليه مش القمر يا ياسين؟”

نظر لها ثم قال بهدوء:
“علشان القمر باين و منور لكل الناس، لكن النجمة دي بتنور لواحد لوحده، أنا بقى كنت بتخيل إنك نجمة طلعت ليا علشان تنور حياتي وتكون ليا أنا بس يا خديجة”

أخذت نفسًا عميقًا رفعت رأسها تنظر للسماء وهي مغمضة العينين، بينما هو إبتسم على شكلها ثم قال بحب:

“عَينايْ لا تَـرىٰ سِـواكِ كَـي له تنظر، و حُـبي لكِ لا عَـرِفه قَـلبٌ و لا عَـلىٰ بَـالٍ يَـخطُر”

فتحت عينيها بتروٍ وهي تنظر له بإندهاش، فوجدته يغمز لها وهو يقول بمرحٍ:

“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”

حركت رأسها بيأس ثم إبتسمت له بهدوء.
___________________

في بيت آلـ «الرشيد» كان «وليد» واقفًا في الشرفة فـ رآى «منة» تخرج من البيت، ركض هو دون أن يراه أيًا من الموجودين، ثم نزل خلفها، سار على خطاها حتى إبتعدت بنسبة كبيرة عن البيت، فأوقفها هو بقوله الهادئ:

“آنسة منة، لو سمحتي عاوزك”

إلتفت تنظر له بإندهاش، فوجدته ينظر لها بثبات و نظرة التسلية تضج من عيناه، حركت رأسها وهي تسأله مستفسرة:

“خير يا وليد؟ فيه حاجة مهمة تخليك توقفني بالطريقة دي؟”

أومأ لها بقوة وهو يقول بنبرة ثابتة:
“آه فيه، وصلني خير اللهم اجعله خير، إنك غلطي في خديجة، يعني حد من اللي يخصوني، دا صحيح؟”

قلبت عينيها بمللٍ وهي تقول:
“آه هو الموضوع فيه ست خديجة، أنا مغلطتش في حد، أنا قولت الحقيقة”

أومأ لها بإصرار وهو يقول:
“أنا متأكد إنك قولتي الحقيقة، خديجة فعلًا مينفعش تكون صاحبتكم، وأنتِ معاكِ حق”

إبتسمت هي بسخرية ثم قالت:
“طب ما أنتَ عارف أهو جاي تعمل مشكلة وتتكلم ليه بقى؟”

ضم ذراعيه أمام صدره وهو يقول بخبثٍ:
“أنا مبقولش غير كلام مفيد، خديجة مش زيكم، أصل برضه محدش عاقل هيقارن ألماظ حُر بفضة، وخديجة بصراحة زي الألماظ الحر، مينفعش تتحط وسط الفضة”

إتسعت مقلتيها بقوة، بينما هو أكمل حديثه بهدوء:
“وأنا هكمل على كلام أحمد وهقولك طلعي نفسك من الليلة دي ، كلنا في الأخر شايلين إسم الرشيد، أنتِ منة سالم عبد الله، يعني مش مننا أساسًا، وبعدين إيه مش عاوزينك معانا دي؟ إحنا في حضانة، ما نكبر بقى”

نفخت وجنتيها بضيق ثم قالت:
“وهو أنتَ جاي ورايا علشان تقولي الكلام دا؟”

حرك رأسه نفيًا وهو يبتسم لها بإستفزاز ثم قال:
“أنا جيت أعرفك إن مش خديجة اللي بعدت عبلة عنكم، لأ لا سمح الله، أنا اللي بعدتها عنكم علشان متلعبش مع عيال رخمة”

كان حديثه ساخرًا مما جعلها تلتفت تعطيه ظهرها بضيق، فقال وهو رافعًا صوته:

“المرة الجاية تعالي أتخانقي معانا علشان خدنا منك السندوتشات”

إلتفتت تنظر له بحنقٍ ثم غادرت من أمامه، فنفخ هو وجنتيه ثم قال:

“داهية تاخدك أنتِ ومشيرة في ساعة واحدة، ومعاكم هدير خلينا نخلص”

عاد إلى بيته فوجد الجميع جالسين مع بعضهم البعض، جلس هو بجانب زوجته ثم قال لها بهدوء دون أن يلفت الأنظار له:

“والله لولا الحالة الإقتصادية، لكنت إتجوزتك بكرة”

إلتفتت تنظر له بتعجب وهي تقول:
“ليه مالها الحالة الإقتصادية؟”

أجابها بهدوء:
“ماهو أنا لو معايا فلوس تكفي، كان زماني عامل فرحي بكرة، بس نقول إيه، نصيب”

إبتسمت هي ثم قالت:
“متقلقش، حتى لو حالتك الإقتصادية ماشية، بابا مش هيوافق دلوقتي”

نظر لها بضيق وهو يقول:
“نَــعم؟ ليه إن شاء الله؟”

نظرت حولها ثم جاوبته بهدوء:
“علشان سلمى السنة دي ثانوية عامة، وأكيد مش هينفع أتجوز وأسيبها، فهي السنة دي تعدي وبعدين نعمل الفرح”

صرخ هو في وجهها قائلًا:
“نــعم يا أختي؟ سنة؟ عاوزاني أستنى سنة”

نظر لهما الجميع بتعجب، بينما «محمد» قال بضيق:
“عاوز إيه يا زفت؟ عامل قلق ليه؟”

وقف مُقابلًا له وهو يقول بضيق:
“أنتَ فعلًا مأجل فرحنا سنة؟ طب ليه؟”

رد عليه «محمد» بهدوء أثار حنقه:
“علشان سلمى، مش هينفع أختها تتجوز وتسيب البيت وهي ثانوية عامة”

رد عليه «وليد» بسخرية:
“دا على أساس إن عبلة وزيرة التربية والتعليم؟”

ضحك الجميع عليه فقال هو بضيق:
“مفيش منه الكلام دا يا عمي، إعمل حسابك بعد ٣ شهور من دلوقتي عبلة هتكون معايا في بيتي، لو على سلمى هاتها أذاكرلها أنا”

تدخل «مرتضى» يقول بهدوء:
“عمك محمد بيهزر، هو بس علشان مرتبط بعبلة أوي، لكن هو أكيد عاوز يفرح بيكم، وأكيد هو مش هيحرج أخواته الكبار يعني”

شعر «محمد» بالحرج من أخوته فقال:
“خلاص اللي تشوفوه يا جماعة، بس يصبر شوية”

جلس «وليد» بجانبها مرةً أُخرى وهو يقول:
“نصبر وماله، دا حتى الصبر مفتاح الفرج يا حمايا”

نظر له عمه شرزًا، فوضع هو ذراعه على كتفها وهو ينظر له بتحدٍ

في شقة «مُشيرة» قصت عليها «فاطمة» ما حدث من إبنتها،
فسألتها «مشيرة» بتعجب:

“هدير قالتلك كدا؟ طب ليه؟ حصل إيه علشان كل دا؟”

ردت عليها «فاطمة» بحزن وهي تقول:
“مش عارفة يا مُشيرة، بس البت فيها حاجة، وأنا عارفة إنك بتحبيها وهي بتحبك تعالي معايا سوفيها كدا، يمكن تسمع كلامك تفوق”

نظرت لها «مُشيرة» بخبث وهي تقول:
“طبعًا يا فاطمة، يلا بينا، هدير دي بنتي اللي أنا مخلفتهاش”

صعدت كلتاهما شقة «محمود» فوققت «مشيرة» تقول لزوجة أخيها:

“خليكي أنتِ يا فاطمة وأنا هدخل أطمن عليها، وأتكلم معاها”

أومأت «فاطمة» ثم جلست على الأريكة بإنهاكٍ واضح، بينما «مشيرة» دخلت الغرفة بهدوء وجدت «هدير» مرتمية على الفراش وهي تبكي، جلست بجانبها وهي تقول بحنين زائف:

“وحشتيني يا هدير، كل دا مشوفكيش؟”

نظرت لها «هدير» بغلٍ واضح ولم تُعقب، بينما «مشيرة» حولت نبرتها إلى الخبث وهي تقول:
“طب مش عاوزة تقومي علشان نفوقلهم، البت خديجة شكلها كدا…”

_”بــــــــس، أسكتي، مش عاوزة أسمع صوتك كفاية”

خرجت تلك الجملة من «هدير» بصراخ قوي جعل جسد «مشيرة» يرتجف بقوة، بينما «هدير» نظرت لها تقول ببكاء:

“هو أنتِ إيه، كل همك إنك تاخدي حقك وخلاص؟ مش همك حد، مش همك الناس بتحس بإيه؟”

نظرت لها «مشيرة» بسخرية وهي تقول:
“جرا إيه يا هدير؟ ضميرك صحي دلوقتي؟ فجأة كدا بقيتي بتحسي؟ أوعي تكوني فاكرة نفسك كدا بقيتي حلوة وخلاص ، لأ أنتِ هتفضلي زيك زيي، على الأقل أنا عندي أسبابي، لكن أنتِ بقى أسبابك إيه؟”

نظرت لها «هدير» بحزن، بينما «مشيرة» أومأت لها بإصرار ثم قالت بغلٍ دفين ينبع من داخلها:
“زي ما سمعتي كدا، أنتِ اللي زيك طول عمره هيعيش كدا، زي التمثال يتحط زي ما إحنا عاوزين، أنتِ ساعدتيني أبوظ حياة خديجة، وساعدتيني أفرق وليد عن عبلة، وساعدتيني أفش غلي في عيلة الرشيد كلها، حتى أبوك لما ضربني بالقلم زمان، أنتِ باللي فيه دا ساعديتني أفش غلي برضه فيه”

نظرت لها «هدير» بخوف وهي تقول:
“أنتِ مجنونة والله العظيم مجنونة، بنتك ربنا نجدها علشان بعدت عنك”

إبتسمت «مشيرة» بحزن وهي تقول:
“تفتكري هي لو كانت هنا كنا زماننا وصلنا للي وصلناله دا؟”

نظرت لها «هدير» بأعين خاوية، فوجدتها تعتدل في وقفتها وهي تقول:

“ألف سلامة عليكِ يا هدير، أنا اطمنت عليكِ خلاص، وعلى فكرة اللي جاي بتاعي أنا وأنا هعرف آخد حقي”

رحلت «مشيرة» من أمامها بضيق، بينما «هدير» بكت بحرقة ثم أمسكت الكوب الموضوع بجانبها ثم قفزته في المرآة أمامها، بعدها إرتمت على الفراش تبكي بقوة.
_________________

في شقة «ياسين» كانت «خديجة» جالسة في المطبخ مع «زُهرة» تعاونها في الطعام وهي تسعر بسعادة بالغة و «ياسين» جالسًا معهم يقوم بإعداد السمبوسة وهو يُعلم «خديجة» الطريقة، كانت «زُهرة» تنظر لهما بسعادة بالغة وهما مع بعضهما البعض، وفجأة طُرق الباب فخرج الجميع،بينما «ياسين» قال بهدوء:

“هتلاقيهم العيال، هما قالوا هيجوا بعد العصر”

وقف الجميع أمام باب الشقة،بينما «رياض» فتح الباب وهو يبتسم بخبثٍ، وجد «خالد» بزوجته ومعه الصغير، وكان حاملًا علبة جاتوه بين يديه، نظر له «رياض» بتفاجىء مصطنع وهو يقول:

“معقول تاعب نفسك يا خالد كدا، وجايب جاتوه”

إبتسم «خالد» بسخرية وهو يقول:
“ميجيش من بعد خيرك يا رياض”

أشار له «رياض» بالدخول بعدما أخذ العلبة منه وهو يقول:
“طب اتفضل يا حبيبي ادخل يلا”

دخل «خالد» وزوجته، بعدها وقف «رياض» أمام «ياسر» وزوجته وهو يقول بتفاجأ مصطنع:

“معقول يا دكتور تاعب نفسك وجايب تورتة؟!”

إبتسم «ياسر» وهو يقول بمرحٍ:
“كله من خيرك وكرمك يا رياض، لا تعب ولا حاجة”

أشار له «رياض» بالدخول، فدخل هو وزوجته وبدأت التحيات تدور بين الجميع، التفت «رياض» ينظر لـ «عامر» وزوجته وهو يقول:
“معقول يا عامر تاعب نفسك وجايب بسبوسة بالقشطة؟”

نظر له «عامر» بضيق وهو يقول بسخرية:
“إحنا هنكدب؟ ما أنتَ اللي اتصلت وقولت كل واحد يجيب إيه وهو جاي”

ضحك الجميع عليهما، عدا «رياض» الذي شعر بالحرج فقال:
“منك لله عيل مش متربي صحيح”

ضحك الجميع عليهما سويًا ثم
جلسوا جميعًا بجانب بعضهم البعض في غرفة الصالون فتحدث «عامر» يقول:

“لأ أنا أخري في الجوع جاب أخره، الأكل فين،أنا مستني الرُقاق من إمبارح”

قامت «زهرة» وهي تقول:
“حالًا، كل حاجة جاهزة أصلًا”

قامت الفتيات خلفها حتى يقمن بمساعدتها، بينما الشباب جلسوا على الطاولة التي ترأسها «رياض»، بعد قليل إجتمع الجميع على الطاولة وجلست كل فتاة بجانب زوجها، نظر لهم «رياض» بحب وهو يقول:

“أنا قلبي فرحان بيكم أوي، ربنا يديمك لمتكم مع بعض ويبارك في كل كل واحد فيكم مع حبيبه”

نظر له «ياسين» بمشاكسة وهو يقول:
“طب ما أنتَ كويس أهوه، أومال مالك من الصبح”

ضحك «رياض» ثم قال:
“دي حلاوة روح، وبعدين أنتَ حبيبي يا ياسين، بالمناسبة بقى يا شباب ياسين هو اللي عامل السمبوسة دي وخديجة معاه”
تحدثت «خديجة» تقول بهدوء:
“بصراحة هو كان بيعلمني إزاي ألفها علشان مش بعرف”

أمسك «عامر» واحدة من الطبق أمامه وهو يقول بسخرية:
“لأ شغل مهندسين بصحيح، عاملي السمبوسة بزاوية قائمة يا ياسين؟ المرة الجاية بقى خليها حادة، ولا بلاش أحسن تقف في زوري”

أمسك «ياسين» السكين وهو يقول بحنقٍ:
“دا أنا هديهالك حادة في وشك، صبرك عليا بس يا عامر”

تحدثت «إيمان» تقول بحماس:
“الرقاق تحفة يا زوزو بجد، عاوزاكِ تعلميني بقى قبل ما أتجوز”

ردت عليها «زُهرة» بحب:
“من عيني بس كدا، أنتِ تؤمري يا إيمان، زي ما ريهام برضه اتعلمت مني”

ردت عليها «ريهام» بمزاح:
“بصراحة و طلع بفايدة، لحد دلوقتي ماشية على نفس طريقتك”

نظرت «زُهرة» إلى «سارة» وهي تقول:
“وأنتِ يا سارة هتتعلمي مني برضه؟”

تدخل «عامر» يقول بخبثٍ:
“لأ أنا متأكد إن سارة بتطبخ حلو؟”

سألته «زُهرة» بتعجب:
“إشمعنا يعني؟”

غمز لها وهو يقول:
“أصل أنا استويت في حبها”

تدخل «رياض» يقول بضيق زائف:
“لم نفسك يا عامر، بدل ما ألمك”

رد عليه «خالد» بهدوء:
“ريح نفسك يا رياض، مصر زي ما جابت عميد الأدب العربي، جابت عديم الأدب العربي”

أشار بعد كلمته الأخيرة نحو «عامر» الذي وقف بتمثيل وهو يقول:
“لأ طالما بقت كدا، أنا هاخد البسبوسة بتاعتي وأمشي، قومي يا سارة”

رد عليه «رياض» بهدوء:
“البسبوسة بتاعتك في التلاجة”

أشار «عامر» نحو زوجته وهو يقول:
“لأ أنا قصدي على البسبوسة دي”

ردت عليه بخجلٍ:
“يابني أرحمني بقى، ماكانش ساندويتش فول اللي يعمل فيا كدا”

ردت عليها «زُهرة» بحزن مصطنع:
“نصيبك يا سارة”

نظر «عامر» إلى «ياسر» وجده يأكل بشهية مفتوحة، فقال له:

“كُل يا دكتور بألف وشفا، ورب الكعبة لو طلعت التورتة مش حلوة لأولع فيك”

نظر له «ياسر» بضيق وهو يقول:
“أنا غلطان، خايف على صحتكم”

سألته «إيمان» بتعجب:
“فهمونا مالكم أنتم الأتنين”

رد عليها «خالد» بهدوء ساخرًا:
“أصل جوزك كان واقف ينقي تورتاية خالية من الكوليسترول، فاكر نفسه جاي يزور عود مكرونة أسباجتي”

ضحك الجميع عليهم، بينما «ياسين» مال على أذن زوجته وهي تضحك ثم قال بهدوء:

“بذمتك حد يخاف من قعدة زي دي؟ حد يسيب العالم الرايقة دي ويقعد مع مشيرة؟”

حركت رأسها نفيًا وهي تبتسم ثم قالت:
“والله لو عليا أبات هنا، علشان الراحة اللي حاسة بيها وسطكم”

قال بخبثٍ وهو ينظر أمامه، وبالكاد الصوت وصل لمسامعها:

“طب خليكِ قد كلمتك وباتي معانا النهاردة، وفي حضني، حضن ياسين حبيبك”

شعرت بالخجل فأخفضت رأسها تنظر في الطبق أمامها، بينما «رياض» قال بخبثٍ:

“البيت منور والله بيكم، وبقبول إبني الوحيد”

سعل «ياسين» بشدة ، فقدمت «خديجة» له كوب الماء، فقال «رياض» بتشفٍ:

“مش قولتلكم قبول أبني الوحيد ؟”
___________

بعد الطعام جلسوا يتناولون الحلويات، جميعهم سويًا، كان «رياض» حملًا الصغير بين ذراعيه يداعبه، بينما «ياسين» خرج من المطبخ وهو يحمل صينية الشاي وهو يقول بضيق زائف:

“اتفضلوا الشاي، عايش حياتي كلها أعمل شاي، مش فاهم فيه إيه؟ يارب بعد كدا أعمله وحش”

ضحك الجميع عليه، بينما هو أخذ مقعد بلاستيك ثم جلس بجانب «خديجة»، نظرت لهما «زُهرة» بحب وهي تقول:

“مش ناويين تفرحونا أنتم كمان؟ خلاص عامر و ياسر فرحهم فاضل عليه أيام”

رد عليها «ياسين» بخبثٍ:
“لأ خلاص هانت، قريب أوي هيحصل مش كدا يا خديجة؟”

أومأت هي بتوتر، بينما «رياض» قال بهدوء:

“الحب دا جميل أوي يا عيال، بيغير الناس، حد كان يصدق إن ياسين يبقى عاوز يتجوز بالسرعة دي، لأ وكمان بقى بيغني، ومسجل خديجة على التليفون قبولي الوحيد، صحيح الحب بهدلة”

نظر الجميع إلى بعضهم البعض وهم يضحكون،عدا «ياسين» الذي أمسك خصلاته بضيق وهو يقول:
“أشد في شعري منك؟ هو أنتَ إيه معداش عليك الستر خالص؟”

حرك «رياض» رأسه بأستفزاز، بينما «ياسين» نظر لوالدته وهو يقول:

“ماتشوفي جوزك ياما”

ثم نظر لزوجته التي كانت مطرقة برأسها للأسفل يقول بأسفٍ:

“أنا أسف يا بنتي والله، لو أعرف إن أبويا هيفضحني كدا مكنتش جبتك خالص”

نطقت «إيمان» تسأل زوجها بهدوء:
“طب ياسين مسجل خديجة قبولي الوحيد، أنتَ يا دكتور مسجلني إيه؟”

نظر لها «ياسر» بخوفٍ مصطنع وهو يقول:

“مـ..مبلاش يا إيمان، دي شكليات”

حركت رأسها نفيًا بقوة وهي تقول:
“والله ما هسيبك قبل ما أعرف يا أنا يا أنتَ يا دكتور”

ضحك عليها الجميع، بينما «عامر» أضاف بخبثٍ:

“أقول يا ياسر، ولا تقول أنتَ؟”

أخرج «ياسر» هاتفه، ثم أعطاه لها وهو يقول:
“خدي أعرفي بنفسك أحسن”

أخرجت هاتفها، تطلب رقمه، وبالفعل وحينما لمحت الإسم قالت بضيق زائف:

“الداء و الدواء !! أنتَ فاكرني صيدلية الرحمة يا أهطل؟”

ضحك الجميع عليهما، بينما «ياسر» أجاب بهدوء:

“وأحلى من صيدلية الرحمة كمان، على الأقل مش بحس بالتعب في وجودك، وبعدين قولتلك إن أنتِ زي المرض في دمي، ووجودك هو الدوا للمرض دا، وبعدين ركزي في الجاتوه اللي معاكِ، والله أول مرة أشوف كنافة بالقشطة بتاكل جاتوه”

نظرت له بهدوء وهي تقول بخجل مصطنع:

“أخجلتني خلاص، أقتنعت”

سألت «سارة» زوجها بهدوء:
“طب وأنا يا عامر، مسجلني إيه؟”

غمز لها ثم قال:
“برطمان عسل حياتي”

نظرت له مُتعجبة وهي تقول:
“إيه !! برطمان إيه؟!!”

حرك كتفيه وهو يقول بمرحٍ:
“والله زي ما سمعتي كدا، برطمان عسل حياتي”

ضحك الجالسين عليهما، بينما هي قالت بضيق:
“يعني أنا مسجلاك، أحلى حاجة في حياتي وأنتَ مسجلني برطمان عسل حياتي؟”

غمز لها يقول بمرحٍ:
“طب وهو فيه أحلى من العسل؟”

إستمرت الضحكات عليهما، حتى سألت «إيمان» أخيها بخبثٍ:

“وأنتَ يا خالد، مسجل مراتك إيه؟ علشان الفضول هيموتني”

نظر لها بحنقٍ وهو يقول:
“وأنتِ مالك ياستي، ما تسيبي خالد في حاله”

تدخل «رياض» يقول بنبرة قوية:
“أنا بقى عاوز أعرف، ومش هسيبك”

نظر «خالد» حوله ثم حمحم وقال بإحراج:

“مسميها نور البيت”

نظر له الجميع بتعجب، فقال هو بضيق:
“محدش يبصلي كدا، هي لما تبعد عن البيت، بحس إنه مضلم من غيرها، علشان كدا هي نور البيت، ونور قلبي كمان يلا بقى”

تصنعت «ريهام» الإنشغال مع صغيرها، بينما الجالسون كانوا ينظرون لهما بحبٍ بالغ، بعد ذلك سألت «سارة» تقول بهدوء:

“فيه سؤال ضروري معلش، اللحمة المفرومة دي مين اللي كان عاملها علشان بجد طعمها تحفة”

إبتسم «ياسين» يقول بهدوء:
“أنا اللي عملتها، التوابل و الخلطة مني، مجهزها من إمبارح”

سألته «خديجة» بتعجب:
“بجد!! أنتَ بتعرف تطبخ يا ياسين؟ طب إزاي”

أجابها «ياسر» متدخلًا بهدوء:
“بصراحة القعدة مع ميمي علمتنا حاجات كتير أوي، يعني عندك مثلًا ياسين بقى بيعرف يطبخ، وخالد أحسن واحد يكنس الشقة من غير ما يسيب تراب على الأرض، وعندك أنا بعرف أفرش الشقة كلها وحتى السراير، عندك عامر أحسن واحد يغسل مواعين ويشطب المطبخ”

ضحكت الفتيات بقوة، بينما «خالد» أضاف بهدوء:
“بصراحة، بقينا أجمد من الستات في شغل البيت”

نظر «ياسين» إلى «عامر» وهو يقول:

“فاكر ياض يا عامر المحشي؟ فاكر حصل إيه اليوم دا؟”

نظر له «عامر» بحنقٍ وهو يقول:
“لأ مش فاكر ومش عاوز أفتكر، وأخرس خالص”

تدخلت «سارة» تقول بتلهفٍ:
“أنا عاوزة أعرف بقى ضروري”

ضحك «ياسين» ثم قال:
“ميمي كانت عاوزة تاكل محشي في مرة، وبصراحة جبنا الطريقة من النت، قولنا ساعتها خالد يروق الشقة، وأنا ياسر نعمل المحشي، وعامر يغسل المواعين، عامر ساعتها صمم يعمل الشوربة علشان المحشي، المشكلة إننا كنا صايمين ساعتها، المهم قعدت أنا وياسر نعمل المحشي، وخالد بيروق ، والمعلم عامر بيعمل الشوربة، بعد ما الفراخ أستوت قولناله يصفيها من الشوربة علشان متتهريش”

سألتها «زُهرة» بحماس:
“ها، عمل إيه؟ قول بسرعة”

ضحك «ياسين» بقوة هو وأصدقاءه عند تذكرهم للموقف، بينما الفتيات كلهن كانت نظرة حماس تعتلي ملامح وجهها، أوقف «ياسين» الضحك وهو يقول:

“المهم قولنا لعامر يصفي الفراخ من الشوربة، وكان فاضل ساعتين على المغرب، المهم عامر مسك الحلة و دلق الشوربة في الحوض،وساب الفرخة في الحلة”

إرتفعت ضحكات الجميع، بينما «عامر» قال بحنقٍ:

“ما خلاص، أنتو اللي محدش فيكم حدد، قولتولي صفي الفرخة، مقولتوش خرج الفرخة تفرق كتير”

نظر له «رياض» بسخرية وهو يقول:

“يا فرحتي بيك يا مدير، صحيح عيل أهطل”

نظر له «عامر» بسخرية وهو يقول:

“أنا أهطل، الله يسامحك وريني مين بقى هيظبط الماتش”

تدخل «خالد» يقول بهدوء:
“برضه عاوز الماتش دا يا رياض؟ ما نكبر بقى”

سألت «خديجة» بهدوء:
“ماتش!! ماتش إيه دا؟”

نظر لها «ياسين» بسخرية وهو يقول بسخرية:

“ماتش حماكِ العزيز يا خديجة، لكِ شرف تشوفي رياض الشيخ وهو عامل نفسه محمد صلاح”

سأل «عامر» بسخرية:
“أنتَ برضه عاوز عمي فاروق معاكم في الليلة دي؟”

أومأ له «رياض» وهو يقول:
“آه طبعًا، فاروق دا أحسن باك ليفت”

_”مخلل، قصدك ليفت مخلل، عمي فاروق لو البخاخة فارقته يموت، عمي فاروق دا إحنا رايحين نعزي فيه مرتين”

قال «عامر» حديثه ساخرًا من عمه، بينما «زهرة» سألت بضيق زائف:
“أنتَ يا واد يا عامر مش محترم؟ دا عمك يا واد”

نظر لها بوجهٍ ممتعض وهو يقول:

“يا سلام؟ أنتِ بنفسك جيتي عزا منهم مرة، وطلع ميت إكلينيكيًا”

تدخل «ياسر» يقول بهدوء:
“المهم لو فعلًا الماتش هيتعمل، إلحق ظبط الدنيا يا عامر”

نظر «عامر» لهم بثقة وهو يقول:
“عيب عليك أسامي الفرق، والمكان وكل حاجة بقت جاهزة خلاص”

سأله «ياسين» بهدوء:
“هو إمتى يا عامر؟”

رد عليه «عامر» بهدوء:
“يوم التلات، علشان الملعب بتاع حارة المرغني يكون فاضي اليوم دا”

نظر «رياض» للفتيات وهو يقول:
“طبعًا هتيجوا تتفرجوا على عمو يا حبايبي، وخديجة لازم تيجي”

أومأت له بهدوء، بينما «ياسين» قال بهدوء:

“كدا كدا هتيجي علشان نشجعك يا مكتسح الملاعب”

أومأ له الجميع بضحك، وإندمجوا في الحديث مرة أخرى، تحت الضحكات والنظرات الفرحة.
___________

مر يوم الجمعة بسلامٍ على الجميع، وعادت «خديجة» إلى بيتها بعد إنتهاء العزومة في بيت زوجها، مرت الأيام التالية بهدوء وكانت مثل غيرها، فكانت «هدير» جالسة في غرفتها لم تتركها، وخديجة وعبلة صارت علاقتهن أقوى، وأحمد الذي أندمج في عمله ولم يفصح عن سره لأبناء عمومته، ومشيرة في شقتها تفكر في حل لمشكلتها، مرت الأيام بهدوء إلى أن أتى يوم الثلاثاء، اليوم المعهود،

كانت «خديجة» تشعر بحماس شديد حتى تذهب لمشاهدة مباراة «رياض» إرتدت ثيابها ثم جلست تنتظره، وبالفعل هاتفها هو ونزلت له كان واقفًا بجانب السيارة ينتظرها، ركضت له بسرعة كبيرة فوجدته يقول بهدوء:

“وحشتيني و وحشتني عينيكِ يا خديجة”

إبتسمت له وهي تقول بهدوء:
“وأنتَ كمان يا ياسين”

سألها مُستفسرًا بخبثٍ:
“أنا كمان إيه كملي؟”

نظرت للأسفل وهي تبتسم بهدوء، بينما تنهد هو بعمقٍ ثم قال بنبرة حنونة مُحبة:

“ذَرفْـتُ أدمُـعي شَوقًا لِـرؤياكِ، فَـقلبي لازال يتخذ رَوحكِ وطنه و مَـسكنه عيناكِ”

رفعت رأسها تنظر له وهي تبتسم، فوجدته كعادته يغمز لها وهو يقول بمرحٍ:

“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”

أومأت وهي تقول بمرحٍ:
“حصل والله، ماشاء الله المفروض تعمل كتاب”

إبتسم هو ثم ركب السيارة وهي فعلت مثله، بعد قليل من القيادة، أوقف «ياسين» سيارته أمام الملعب، أمسك كف «خديجة» ثم دخل بها بهدوء وكان الجميع في إنتظارهما، نظر حوله وهي فعلت مثله وفي خلال ثوانٍ انفجرت في الضحك فكان المشهد بالداخل عبثيًا، كان «رياض» يرتدي ملابس رياضية عبارة عن تيشيرت رياضي، وسروال قصير فوق الركبة، وحذاء رياضي أيضًا، ومعه مجموعة رجال أكبر منه سنًا يرتدون نفس الثياب، تعمقت بنظرها أكثر وجدت لوحات مُعلقة في الملعب تحمل إسم الفرق التي قام «عامر» بإختيارها فكانت اللوحات مدون بها:

“فريق الأعمار بيد اللهVS فريق إفتكار و رحمة”

عند قراءتها أسماء الفرق لم تتمالك نفسها ، بينما هو ضرب كفًا بالأخر ثم قال:

“دي أحلام العصر دي ولا إيه؟”

إقتربت منه وهي تضحك ثم قالت:

“أنا مش قادرة والله، حاسة بطني هتنفجر من كتر الضحك”

نظر لها بسخرية وهو يقول:
“حقك والله، دا أنا مسكوف منك ووشي في الأرض و…إيه دا؟”

نظر للجهة الأخرى وجد «ياسر» يرتدي البالطو الابيض الخاص بعمله وبجانبه (توك توك) صغير قام «عامر» بطلاءه باللون الأبيض ثم كتب على ظهره:

“الأسعافات الأولية، إقرأ القاتحة مقدمًا”

كان «ياسر» جالسًا بجانب التوك توك وفي يده سماعة الطب الخاصة به، ضرب «ياسين» كفيه ببعضهما وهو ينظر لها، وفجأة إقترب منهما «عامر» وهو يقول بضيق:

“إتأخرت ليه يا ياسين؟ الماتش هيبدأ، وأمك مستنية جوة”

أمسكه «ياسين» من ثيابه وهو يقول:
“دا أنا هولع فيك الليلة دي، إيه اللي أنتَ عامله دا يا عامر؟ عاوز تموتني مشلول؟”

أبعد «عامر» يد «ياسين» عن ثيابه وهو يقول بمرحٍ:

“إيدك بس يا حبيبي ، أنا كابتن الفريق هنا”

إقتربت «خديجة» منهما، فوجدت «عامر» يقول لها:

“أنا حاجزلك مكان جنب البنات علشان متدوريش كتير”

أشار لها على المكان فأومأت له بهدوء وهي مبتسمة ثم تركتهما وذهبت إلى الفتيات، بينما «ياسين» إتسعت مقلتيه حينما وقع بصره على «سيد» ذلك الرجل الذي يعمل بالمقابر، فأمسك «عامر» من تلابيبه وهو يقول:
“عم سيد الحانوتي بيعمل إيه هنا يا عامر؟”

أجابه «عامر» بسخرية:

“جاي يرعى الماتش يا ياسين، تفتكر ماتش زي دا مين اللي هيرعاه؟ ميريام فارس!!”

عض «ياسين» على شفتيه وهو يقول:

“يا أخي الله يسامحك هموت بالجلطة منك”

إبتسم «عامر» بثقة وهو يقول:
“ولسه، إن شاء الله عم سيد هيعمل شغل عالي النهاردة”

تركه «ياسين» على مضضٍ، بينما «عامر» نظر في أثره وهو يقول بغيظ:

“أومال لو شاف أم سماح وهي بتخيط هدوم اللعيبة جوة هيعمل إيه؟”
_____________

أمام أحد المولات التجارية أوقف «طارق» سيارته وهو يتحدث في الهاتف مع «وليد» فقال بضيق:
“يا وليد إخلص، أنا وصلت، الناس مستنين جوة”

رد عليه «وليد» معتذرًا:
“والله الطريق كان واقف، أنا خلاص قدامي خمس دقايق وأوصل عند المول، أطلع أنتَ وشوف الناس لحد ما أجيلك”

رد عليه «طارق» بضيق:
“خلاص يا وليد ماشي، أنا هطلع أشوفه وأنتَ تعالى ورايا، وحاول تسرع”

أغلق معه الهاتف ثم صعد إلى الطابق الذي يقع به محل «حسان»، وقف أمام المحل ينظر إلى اللوحة المعلقة أعلاه، فوجد عليها إسم (نور الهدى) أنزل رأسه للأسفل ينظر داخل المحل فوجد فتاة رقيقة تجلس في المنتصف تحمل المصحف في يدها وهي تقرأ منه لايدري لماذا شعر بالراحة حينما نظر إليها، و وجد نفسه يبتسم رويدًا رويدًا، لكنه عنف نفسه بشدة وإلتفت للجهة الأخرى، نظر في ساعة يده فوجد الوقت تعدى المعاد المحدد، لذلك إقترب منها يحمحم بهدوء حتى يلفت نظرها، رفعت رأسها تنظر له، ثم تركت المصحف و خرجت له وهي تقول:

“نعم، أؤمر حضرتك”

لا يدري ماذا أصابه حينما وقفت أمامه، لا يدري لماذا يشعر بالراحة وهو ينظر لها، لايدري لماذا لون أعينها يشبه لون أعين جميلة كثيرًا، ذلك اللون العسلي الممزوج باللون الأخضر، كان ينظر لها ببلاهة، بينما هي حركت رأسها وهي تقول:

“أيوا حضرتك، خير يا فندم، حضرتك مين؟”

حمحم هو ثم قال:
“أنا..أنا طارق صاحب شركة الدعاية والإعلان”

أومأت له ثم إبتسمت وقالت بحماس:

“أهلًا و سهلًا، هو ثواني وجاي مش هيتأخر هو بس راح يجيب حاجة من المحل اللي تحت”

أومأ لها موافقًا ثم قال:
“مفيش مشاكل أنا هقف أستنى أخويا برة، لحد ما يجي عن إذنك”

أومأت له بهدوء ثم تركته ودخلت وعادت لما كانت تفعله، وقف هو أمام المحل يضم ذراعيه أمام قفصه الصدري، وفجأة أتى «وليد» يقول ساخرًا وهو يقرأ اللوحة الموضوعة أعلى المحل:

“محل نور الهدى للزي الشرعي وملابس المحجبات!! ياترى عن إقتناع بقى يا طارق ؟”

نظر له «طارق» بضيق ثم أطلق زفيرًا قويًا وهو يقول:

“يا بني دا المحل اللي هنعمله الدعاية، بطل غباء بقى”

قبل أن يُعقب «وليد» أتى «حسان» ينظر لهما وهو يقول:

“حضراتكم بتوع شركة الدعاية والإعلان صح؟”

إقترب منه «طارق» يقول بهدوء:

“أيوا أنا يا فندم، مع حضرتك طارق صاحب شركة الدعاية ودا أخويا الصغير”

أومأ لهما «حسان» ثم قال:
“أهلًا وسهلًا، معلش متأسف على وقفتكم كدا”

خرجت له «جميلة» وهي تقول بمرحٍ:

“إيه يا حج حسان؟ كل دا تأخير”

نظر كلاهما لبعضهما البعض عند ذكرها لإسمه، بينما إبتسم هو لإبنته ثم قال:

“معلش يا ستي كنت بجيب العدة”

نظر لهما مرةً أُخرى وهو يقول معتذرًا:

“معلش هدخل الحاجة دي المحل، وأرجع لحضراتكم مرة تانية؟”

أومأ له الأثنين بإندهاش بعدما ذكرت هي إسمه، تركهما هو ودخل مع إبنته، بينما «طارق» نظر لـ «وليد» وهو يقول:

“أنتَ سمعتها قالته إيه يا وليد؟ قالتله حسان؟”

حرك «وليد» كتفيه وهو يقول بلامبالاة:

“عادي يعني، ما مصر مليانة حسان يا طارق”

رد عليه «طارق» بضيق:
“لأ هو يا وليد، وأنا هتأكد بنفسي، بس أعرف هي دي مين؟”

دخل «طارق» له المحل وهو يقول بنبرة جاهد حتى تخرج منه طبيعية:

“لو سمحت هو حضرتك إسمك إيه بالكامل؟”

إلتفت «حسان» ينظر له بتعجب،بينما «جميلة» تحدثت تقول بفخرٍ:

“دا الشيخ حسان عز أبو الفدا، أبويا، يبقى إمام مسجد و شغال تبع وزارة الأوقاف، وأنا جميلة بنت الراجل العظيم دا”

وقف الأثنين كمن سُكب عليهما دلوًا من الماء الباردة في ليالي الشتاء القاسية، ثم نظرا لبعضهما البعض، بينما «حسان» حرك رأسه نفيًا بيأس وهو يقول بضحك:

“أظن جميلة بنتي مبخلتش عنكم بأي معلومات، أنتم مين بقى؟”

نظر له «وليد» بخبثٍ وهو يقول:

“لأ دا خير ما فعلت، أعرفك أنا بقى بينا، وليد مرتضى، و دا طارق محمد، الرشيد”

يُتَبَع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى