روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 43

“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
“الفصل الثالث و الأربعون”
___________

أتيتُ إليكِ بشوقي أودُ لو تُلبين لقلبي النداء، أصرخ من قهرتي في بعدكِ عني ومما عرفه القلب من عناء.
___________

أنا من أخطأ في حق نفسهِ ، أنا مَن اختار القطار الخطأ ليقوم بتوصيله ،وحينما اكتشفت الخطأ تماديت به؛ لم أملك الشجاعة لإتخاذ قرار النزول ،و حينما أردتُ النزول زادت المحطات وزادت معها صعوبة الرجوع لبداية الطريق من جديد.

مر اليوم بهدوء حتى أتى موعد الطبيبة النفسية، أتى «ياسين» بسيارته و وقف أسفل بنايتها نزلت هي له بسعادة بالغة كعادتها كلما حان موعد إلتقاءهما سويًا، ركبت بجانبه السيارة فوجدته يقول بهدوء:

“هناء قالتلي إن خلاص إحنا في الأواخر، يعني بعد الجلسة دي هتحدد درجة التعافي”

تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت:
“الحمد لله يا ياسين، أنا حاسة إني بجد أني فرحانة وحاسة إن المعجزة دي حصلت بوجودك، عمري ما كنت أتخيل أني ممكن أخرج وأتكلم وأصاحب ناس وحد يهتم بكلامي،  و حاجات كتير، اتحولت من واحدة كله بيتريق على سكوتها وقعدتها لوحدها وعدم خروجها، لواحدة عاوزة تفرد جناحتها في الدنيا، بس برضه أنا غلطت في حق نفسي علشان أنا اللي استسلمت لخوفي يا ياسين”

إبتسم هو لها ثم قال بهدوء:
“الحمد لله يا خديجة، كله بفضل ربنا سبحانه و تعالى، المهم نحافظ على اللي وصلناله، وبعدين هي الدنيا كدا لازم نتعلم وناخد دروس علشان نفوق لنفسنا ونعرف نكمل حياتنا”

أومأت له وهي تبتسم ثم قالت:
“معاك حق، المهم يلا علشان منتأخرش، سارة قالتلي إنها عاوزاني علشان أجرب الفستان”

قام بتحريك بالمقود وهو يقول بمرحٍ:
“وأنا بصراحة هموت وأشوف الفستان، و اللي هتلبس الفستان، شكلها هيكون عامل إزاي فيه؟”

حاولت وأد بسمتها وهي تنظر من نافذة السيارة، بينما تحرك هو بالسيارة من أمام البيت، تحركا سويًا وهما في غفلة عن زوج الأعين الذي يراقبهما بأعين تشع نيران حاقدة.

بعد قليل توقفت السيارة أسفل البناية التي تقع بها العيادة، دخلت «خديجة» و هو معها، وجدت ثلاثة فتيات في إنتظارها في نفس المكان الذي قامت فيه بشرح أجزاء الكتاب، والطبيبة جالسة بجانبهن ومعها مساعدتها، تعجبت «خديجة»، فسألته بهدوء:

“ياسين هما مين دول؟ أنا الدكتورة مقالتش ليا إن حد هيكون موجود غيري؟”

حرك كتفيه وهو يقول بنبرة حائرة تدل على جهله بالأمر:
“مش عارف يا خديجة والله، أنا كل اللي أعرفه المعاد بس، بس خلاص هنعرف دلوقتي”

قامت الطبيبة ترحب بهما وهي تبتسم بإتساع، بينما «خديجة» سألتها بتوتر طفيف:
“هما مين دول يا دكتورة، أنا معرفش إن فيه حد هيكون معايا في الجلسة هنا”

إبتسمت لها الطبيبة وهي تقول:
“متقلقيش، دول طلاب عندي وعندهم تدريب، النهاردة يا خديجة عاوزاكِ تساعدي الطلاب دول يفهموا يعني إيه تطور في الذات، عاوزاكِ تثبتي إن الطاقة اللي عندنا تقدر تغيرنا كتير، أنتِ هتكملي شرح الكتاب معانا ومعاهم”

تدخل «ياسين» يقول بنبرة جامدة وقوية:
“بس أنا مراتي مش حالة للتدريب يا دكتور!!”

نظرت له «خديجة» بتعجب، بينما الطبيبة عقبت على حديثه بتفهم:
“أنا مقولتش إنها حالة يا أستاذ ياسين، أنا بقول إنها هتثبت عمليًا و علميًا نجاحها في تخطي المرحلة دي”

تدخلت «خديجة» تقول له بهدوء:
“زي ما الدكتورة قالت كدا يا ياسين، خليني أجرب، أنا حاسة بجد أني أقدر أعمل كدا، على عكس المرة اللي فاتت”

نظر لها مطولًا، ثم أخرج زفيرًا قويًا وهو يقول:
“ماشي يا خديجة اللي أنتِ عاوزاه”

إبتسمت له بهدوء، بينما الطبيبة قالت:
“يلا علشان بعدها عندنا جلسة عادية مهمة”

وقفت «خديجة» بجانب الطبيبة، وتعارفت على الفتيات، وبعد قليل جلس الجميع أمامها حتى تبدأ هي في شرح المراحل الباقية من الكتاب، نظرت هي في أوجه الجميع، ثم أخذت نفسًا عميقًا وقالت بتوتر بسيط على غير عادتها القديمة:
“أنا خديجة، والنهاردة هشرح أجزاء مهمة في الكتاب، و أتمنى يعني حد يفهم حاجة من كلامي، ربنا يسترها”

ردت عليها إحدى الفتيات:
“متخافيش، إحنا واثقين فيكِ، وكمان متحمسين جدًا علشان نسمعك”

إبتسمت هي بهدوء ثم قالت:
“دا شرف ليا، ويارب الحماس دا يكون بفايدة و ميكونش على الفاضي، علشان الدكتورة متجريش ورايا”

أومأ الجميع لها ، بينما هو إبتسم على حديثها، فمالت الطبيبة تقول له بنبرةٍ منخفضة، بعدما التفتت هي توليهم ظهرها:
“شوفت الفرق يا أستاذ ياسين، هي عمرها ما كانت تقدر تتكلم بعفوية كدا قدام حد، بس هي حاليًا بتحارب نفسها علشان تتكلم”

نظر هو للطبيبة ثم أومأ هدوء، بعدها حرك رأسه ينظر لها وهي ترسم المخطط السابق حتى تقوم بشرح ما قامت بتلخيصه من الكتاب، التفتت لهم مرةً أخرى وهي تقول بهدوء:

“النهاردة هتكلم عن الإعتقاد وهو ما يطلق عليه
(مولد التحكم بالذات)
الاعتقاد هو مولد الطاقة في الإنسان، بمعنى إن إحنا كل تحركاتنا واخدينها من إعتقادنا، ودا حصل زمان من واحد كان مقتنع نفسه إنه جثة وإنه مش عايش زينا، رغم إثباتات الأطباء النفسيين في علاجه إلا إنه كان مصمم على إنه جثة، ساعتها الدكتور سأله سؤال مهم جدًا وهو
(هل من المعقول أن تنزف الدماء من الجثة؟)، ساعتها المريض رد عليه وقاله(لأ طبعًا، مفيش جثة بتنزف دم) ساعتها الدكتور ضربه بإبرة في إيده، إيده ساعتها جابت دم علطول، الراجل استغرب وبص بدهشة لإيده، ساعتها الدكتور قاله(الآن فقط اقتنعت أنه من الممكن أن تنزف الدماء من الجثث)
الفكرة هنا إن المريض دا كان مقتنع إنه جثة، وكل أنواع العلاج كان رافضها،لكن بعد تغير إعتقاده أنه ممكن ينزف عادي لأنه ببساطة مش جثة أدرك ساعتها أنه كان عنده مشكلة”

خرج الحديث منها طبيعيًا وكأنها متمرسة في شرح تلك الأشياء، كان الجميع ينظر لها بفخرٍ، فأكملت هي بثقة:

“الإعتقاد مش بيتطلب أن الشيء يكون حقيقة، لكن الإعتقاد لازم يكون حقيقة، لأن هو الأساس اللي بنبني عليه كل الأفعال، وأهم خطوة في خطوات النجاح هي إننا نؤمن إننا قادرين ننجح فعلًا، وفي نهاية المرحلة دي حكمة بتلخصها وهي:
(ما يدركه و يؤمن به عقل الإنسان يمكنه أن يحققه)”

أخذت نفسًا عميقًا بعد انتهاء حديثها، فوجدت تصفيقات حارة من الجميع، بينما هناك فتاة من الجاليات أشارت لها الطبيبة فوقفت وهي تقول بهدوء:
“طب سؤال مهم يا خديجة، إزاي أقدر أقوي الإعتقاد الإيجابي، وإزاي أتخلص من الإعتقاد السلبي؟”

رغم تفاجيء «خديجة» من السؤال إلا أنها ردت عليها بهدوء:
“فيه طرق كتير جدًا تخليني أتخلص من السلبيات، يعني مثلًا أني أجمعهم كلهم في ورقة وأكتب قصاد كل اعتقاد سلبي بحسه إمتى، يعني مثلًا أنا عندي إعتقاد أني شخص مش بيعرف يتكلم، وبتوتر قصاد الناس، لكن بعد كدا عرفت أني أقدر أتكلم وأعبر وأقول اللي فـ بالي، لما الأعتقاد دا يجيلي في عقلي تاني تلقائيًا بفكر نفسي بالفترة الأخيرة وأني قدرت أعمل حاجات كتير، برضه زي الأعتقادات الإيجابية أكتبها وأبدأ أشتغل عليها، يعني مثلًا لو عندي إعتقاد أني أقدر أشتغل وأكون مسئولة عن نفسي ساعتها هقدر أعمل كدا، لأن أنا هكون شغالة على نفسي علشان أقدر فعلًا أحقق اللي أنا عاوزاه”

وقفت الطبية وهي تقول بهدوء وفخر:
“أنا فخورة بيكِ بجد، رفعتي راسي وراس ياسين كمان، دلوقتي بقى أنتهت الجلسة دي يلا بينا نبدأ جلستنا سوا”

خرجت الطبيبة والفتيات خلفها بعد توديعهن لها، بينما هو إقترب منها يقول بخبثٍ:
“هو الشغل العالي دا كان متدراي عننا ليه، خايفة من الحسد؟”

إبتسمت هي على طريقته ثم قالت:
“لأ والله، مكنتش أعرف إنه موجود أصلًا، زيي زيك يعني يا ياسين”

إبتسم هو الأخر ثم قال:
“طب أنا هطلع أستنى برا لحد ما تخلصي كلامك مع الدكتورة”

أومأت له، فتركها هو وجلس في الخارج، أما هي فدخلت الغرفة التي تتم بها الجلسة، دخلت لها الطبيبة تقول بوجهٍ بشوش:
“على فكرة أنا كدا هبدأ أغير فكرتي عنك، وأقول إنك كنتِ بتمثلي علينا يا خديجة، ماشاء قدرتك على الكلام وتوصيل المعلومة عالية جدًا، ودا شيء مش كل الناس بتتمتع بيه”

إبتسمت «خديجة» بخجلٍ ثم قالت:
“والله كل دا بفضل ربنا ثم مجهودك و وجود ياسين اللي مساعدني كتير”

ردت عليها الطبيبة بصدق:
“وبرضه بفضل إردادتك يا خديجة، المهم بقى دلوقتي فاضل ١٠٪ كمان عاوزين نخلي بالنا منهم”

قطبت جبينها تسألها بتعجب:
“إزاي؟ هو أنا لسه مخفتش خالص؟”

حركت الطبيبة رأسها نفيًا بهدوء ثم قالت:
“بصي يا ستي مريض الرُهاب الإجتماعي دايمًا معرض لإنتقادات كتيرة جدًا، زي مثلًا إنه شخص متكبر و صعب وغليظ في المعاملة، ودا نتيجة سكوته وإنه مش بيقدر يتعامل مع اللي حواليه، ودا بيخلي الأنظار عليه، هو ساعتها بيفسرها غلط وبالتالي بيحس إنه مش في مكانه، ودا أنا عاوزة أشوفه عندك عمليًا”

سألتها «خديجة» بهدوء:
“إزاي؟”

أجابتها الطبيبة قائلة بهدوء:
“يعني عاوزين نجرب ونشوف بنفسنا بس مش دا المهم دلوقتي، المهم يا خديجة إن الرهاب الاجتماعي من أكتر الأمراض المعرضة للإنتكاسة و دا علشان هو مرض مرتبط بالحالة المزاجية للشخص، حالة المريض بتكون قبل التعافي عاملة زي قطعة التلج، ومع أول خطوات التعافي بيبدأ التلج دا يسيح، وساعتها بيغرق الدنيا، هي نفس الفكرة، الطاقة اللي عند الشخص بتكون قوية أوي في إنه يدخل علاقات كتير ويتحرك ويخرج، لكن مع المجتمع اللي حوالينا هو مش بيقدر يوصل لدرجة التعامل الصح وبالتالي ساعات بيتعرض للإستغلال سواء في الجامعة أو الدروس أو الشغل، وساعات كمان بيحصله مشاكل كتير علشان هو شخص عفوي أوي، بالتالي هو بيرجع تاني يحس إنه مش مناسب للتعامل فيضطر يقفل على نفسه من جديد، وساعتها دي بتكون الإنتكاسة علشان قوتها بتكون أكبر من قوة تحمله للفكرة”

ردت عليها «خديجة» بملامح تحمل القلق بوضوح:
“طب أنا لو مش عاوزة دا يحصل أعمل إيه؟ أنا مش هيبقى عندي إستعداد أني أرجع تاني زي ماكنت، بصراحة الإحساس نفسه كان مرعب، فكرة أني شخص فاشل مش عارف يحقق إنجازات وكمان اتخليت عن حلمي، وكمان مش عارفة أخلي صاحبة واحدة في حياتي، ولا حتى بنات عمي، لكن حاليًا أنا حاسة أني عملت حاجات كتير، يعني بتكلم وقربت من عبلة وخلود وسلمى، وكمان صحاب ياسين كلهم، ولسه عاوزة أحقق حاجات كتير”

أومأت لها «هناء» بهدوء وهي تقول:
“أنا عارفة كل دا، علشان كدا يا خديجة أخر ١٠٪ عاوزين نعاملهم صح، وفي نفس الوقت عاوزني ننزل مكان يكون فيه كل اللي عاوزينه،يعني ناس تكون شبهك، وناس بتساعد غيرها وكمان تمارسي فيه أنشطة أنتِ بتحبيها وحاجة نفسك تشتغلي فيها”

قطبت جبينها وهي تسأل بِـحيرةٍ من أمرها:
“طب وهو فيه مكان أقدر أعمل فيه كل دا؟ مرة واحدة وكمان يساعدني؟ دا أكيد في الأحلام يا دكتور!!”

ردت عليها «الطبيبة» وهي مبتسمة:
“آه فيه يا خديجة، هنروح يوم الجمعة دار أيتام تبع جميعة خيرية، وهناك كل اللي إحنا عاوزينه هنوصله”

أومأت لها في تفهم بينما الطبيبة قالت وهي توضح لها:
“دور الأيتام والمسنين والجمعيات الخيرية يا خديجة، أكتر أماكن تستحق طاقتنا علشان نقدر نتجاوز مشاكل كتير، تخيلي مثلًا في مكان واحد بتساعدي الناس و بتفرحي أطفال وبترسمي الضحكة على الوشوش، وكمان بتتعرفي على ناس شبهك، وتقدري تنمي مهاراتك الإجتماعية، كل الناس اللي كانوا عندهم مشاكل في التواصل الاجتماعي مع غيرها بتروح الأماكن دي،بتكون النتيجة مبهرة، ودا تم أثباته علميًا في ٢٠١٩ في بحث عملته جامعة الشارقة في الإمارات العربية، علشان كدا يا خديجة هنستغل الطاقة اللي عندك في الخير”.
__________________

في المول كان «طارق» جالسًا بجانبها يقوم بشرح عمله لها بهدوء وهو ينظر لها بتمعن وكأنه بذلك يشبع حنينه لها، كانت مندمجة هي معه بكامل تركيزها،و كان «حسان» يراقبهما بضيق، وفجأة قال بنبرةٍ قوية:

“أنا بقول كفاية كدا يا أستاذ طارق، حضرتك تعبت معانا وأظن صورت المحل بما فيه الكفاية”

نظر له كليهما، هي كانت تنظر بحرجٍ، أما هو رفع حاجبه مُتعجبًا، فقال هو حينما رآى تلك النظرات:

“أنا قصدي يعني حضرتك تعبت معانا وطول اليوم شغال، اتفضل حضرتك روح شوف شغلك وشكرًا لمجهودك”

ظهرت التسلية في عينيه وهو يقول:
“لأ دا كله علشان خاطر عيونكم، وبعدين أنا قولت أنتَ هتمسك فيا نتغدا سوا، وأنا بصراحة جعان”

رد عليه «حسان» بحنقٍ:
“مش أنا جبت لحضرتك فطار من شوية؟ وقولت إنك مش جعان؟”

رد عليه «طارق» ببراءة مصطنعة:
“معرفتش آكل لوحدي بصراحة، وقولت أنكم هتاكلوا معايا بس محصلش”

_”لأ إزاي بقى؟ هناكل كلنا سوا وأنا معاكم ولا هو الغايب ملوش نايب؟”

خرجت تلك الجملة بخبثٍ من «وليد» الذي كان يقف على أعتاب المحل، وإستمع للحوار الدائر بينهما، التفت الجميع ينظر له، وأول من تحدث كان «حسان» الذي قال:

“آهلًا و سهلًا يا أستاذ وليد، الليلة فعلًا كان ناقصها وجودك”

دخل «وليد» وهو ينظر بخبثٍ لهم ثم قال:
“وأنا محبش حاجة تكون نقصاني، علشان كدا جيت أكمل اللية”

تدخلت «جميلة» تقول بهدوء:
“حضرتك نورت يا أستاذ وليد، إحنا تعبناكم معانا جدًا، شكرًا على مجهودكم معانا”

نظر «وليد» لرفيقه، ثم نظر لها وهو يقول بهدوء خبيث:
“لأ، متقوليش كدا إحنا تحت أمركم، وبعدين دا عمو حسان حبيبنا ومن طرف الغاليين”

رد عليه «حسان» بحنقٍ واضح:
“طيب يا حضرات أنا متشكر ليكم جدًا، ممكن تتفضلوا بقى”

رد عليه «طارق» بخبثٍ:
“لأ لما ناكل سوا الأول، وبعدين الآنسة جميلة تعبت معايا من الصبح في إختيار الصور و الفيديوهات”

تدخل «وليد» يضيف بخبث:
“وعلشان كدا أنا جبت اللاب توب اللي عليه التصميمات علشان الآنسة جميلة تختار اللي يناسبها من التصميمات وكمان طارق يقدر يصمم حاجات جديدة ليها”

إتسعت مقلتي «حسان»، بينما «طارق» وقف مقابلًا لـ «وليد» وهو يقول له بنبرة خفيضة بالكاد وصلت إلى مسامعه:
“أقسم بالله أنتَ رجولة، لو عاوز تتجوز عبلة بكرة أنا معنديش إعتراض”

رد عليه «وليد» وهو يصر على أسنانه:
“هو أنتَ فاكرني مستنيك علشان آخد رأيك في جوازي من عبلة؟ لو عاوز هتجوزها الليلة دي”

سألتهما هي بحذرٍ:
“هو فيه حاجة مضايقة حضراتكم؟”

إلتفت «طارق» ينظر لها وهو يقول مبتسمًا:
“بقولوا إن إحنا جعانين وعاوزين ناكل، بس هناكل كلنا سوا”

نظر لهما «حسان» ولم يعقب عليهما، بينما هي قالت بهدوء:
“مفيش مشاكل، ممكن أكلم المطعم اللي هنا في المول ويجبلنا الأكل لحد هنا”

تدخل «وليد» يقول بخبثٍ:
“أنا بقول طارق ينزل يجيب لنا الأكل وياريت لو حضرتك تنزلي معاه علشان هو ميعرفش حاجة هنا”

نظرت هي لوالدها تسأله، فلم تستطع تفسير نظرته لها،فنظرت لهما بهدوء ثم تنهدت وهي تقول:
“اتفضل يا أستاذ طارق مفيش مشاكل”

إبتهج وجه «طارق» بشدة بينما «وليد» قال بمرحٍ:
“الله يجبر بخاطرك زي ما جبرتي بخاطرنا”

أومأت له ثم خرجت من المحل و «طارق» خلفها، بينما «حسان» أوشك على ملاحقتهما، فأمسكه «وليد» من مرفقه وهو يقول بسخرية خبيثة:
“لأ لأ يا عمو، مش طريقة دي!! دول رايحين يجيبوا لينا أكل،ولا نجيب عمتو بقى وناكل كلنا سوا؟”

نظر له «حسان» بضيق ثم نفخ وجنيته، فإبتسم له «وليد» وهو يقول بإستفزاز:
“خلاص، أنا بقول نكلم عمتو أحسن”

أمسك «حسان» يده وهو يقول بنبرة مترجية:
“خلاص خلاص، متكلمش حد مش ناقصة هي”

إبتسم «وليد» بتشفٍ وهو يقول:
“أيوا كدا، تعجبني يا عمو حسان، ولا أقولك يا أبو جميلة؟”

نفخ «حسان» بقوة، فرد عليه «وليد» بسخرية:
“بطل نفخ بقى، أنتَ راجل كبير وعارف إن كدا عيب”

نظر «حسان» للجهة الأخرى بينما «وليد» أخرج هاتفه حينما سمع صوته يصدح، وجد «حسن» يهاتفه فقام بالرد عليه، سمع حديثه فرد عليه قائلًا:

“لأ أنا و طارق عندنا مشوار تبع الشغل، روح أنتَ مع وئام و أحمد، وإحنا هجيلكم علشان نقعد فوق السطح”

أغلق الهاتف مع صديقه ثم إقترب من «حسان» وهو يقول بنبرة خبيثة:
“منور يا جوز عمتي، يوه!! قصدي يا أبو جميلة”
______________

في بيت آلـ «الرشيد» وصل الشباب إلى البيت، فقال «وئام»:

“أنا هدخل عندنا أشوف هدى خدت العلاج ولا لأ، وأنتَ يا حسن اسبقني مع احمد على السطح”

رد عليه «أحمد» بهدوء:
“أنا هطلع أغير هدومي، جو البدلة دا خنقني”

رد عليهما «حسن» بهدوء:
“شوفوا شغلكم أنتو الاتنين وأنا هطلع السطح أستناكم، كدا كدا أنا مش غريب دا بيتي”

أومأ له كلاهما، فتركهما هو و ركب المصعد،دخل هو السطح بهدوء، لكن أعينه إتسعت بقوة حينما رآى ظلًا لشخصٌ يحاول الانتحار من فوق الغرفة المخصصة للمصعد، نظر هو بتمعن أكثر حتى يتعرف على هوية الشخص، وحينما أستبين ملامحها، صعد هو الآخر، وحينما أوشكت على القفز وهي تبكي وجدته يمسك يدها وهو يقول بنبرة قوية:

“أستني هنا رايحة فين؟ أنتِ مجنونة!!”

إلتفتت تنظر له بذعر، فوجدته يقول وهو يلهث بقوة:
“أنتِ غبية يا ست أنتِ؟ عاوزة ترمي نفسك من هنا؟ أنتِ شكلك مش طبيعية”

صرخت هي في وجهه:
“ملكش دعوة بيا و سبني في حالي، ابعد عني بدل ما تروح أنتَ في داهية”

علم هو أن تلك الطريقة لن تجدي معها نفعًا، لذلك أخذ نفسًا عميقًا ثم قال بهدوء:
“طب يلا ننط سوا ومع بعض، أنا كان نفسي أجرب من زمان”

نظرت له بحدقتي على آخرهما وهي مندهشة، فوجدته يقول بإستفزاز:
“مالك مستغربة ليه؟ أنا وحيد وأرمل ومعنديش حد أعيش علشانه، وعندي تِلت الشركة ومفيش حد أصرف عليه، يبقى يلا شجعيني وننط سوا”

حركت رأسها هي بغير تصديق ثم قالت:
“أنتَ متخلف والله، سبني بقولك أنا هنط، خليني أهرب من الوجع دا بقى”

نظر هو لها بتمعن وهو يقول بنبرة قوية:
“أنتِ غبية، أنتِ بتهربي من وجع قيراط علشان تروحي وجع ٢٤ قيراط، تخيلي الدنيا دي مش بتاعتنا ومش مكاننا وعاوزة تسيبيها بمزاجك وأنتِ كافرة علشان تعيشي حياتك الحقيقة في النار، وهو دا الوجع الحقيقي”

بكت هي رغمًا عنها ثم قالت بصراخ ونبرة موجوعة:
“أنتَ مش فاهم حاجة، أنا محدش بيحبني، كلهم بقوا بيكرهوني بسببها، أنا أذيت ناس كتير، كنت هبوظ سمعة بنت، وكنت هفرق ناس بتحب بعض، و كسرت بخاطر واحدة العمر كله، كله بيكرهني بسببها، هما مش عاوزني معاهم”

رد عليها مُعقبًا بحنقٍ:
“دا غباء لو أنتِ هتخسري حياتك علشان شوية بشر، هما مش بيحبوكي بس افتكري إن ربنا بيحبك، لو ربنا مش بيحبك مكنتش ظهرت أنا دلوقتي علشان ألحقك قبل ما تنطي، كنتِ هتموتي كافرة وتعيشي عمرك كله في النار، يبقى خسرتي بجد، إحنا هنا عايشين علشان نوصل للجنة، أنتِ إزاي عاوزة تضحي بكل دا؟”

صرخت وهي تقول:
“حتى ربنا مش هيسامحنى، ومش هيقبلني وأنا كلي أذى للناس كدا، كنت فاكرة إن هي بتحبني زي بنتها وإن هي الوحيدة اللي بتحبني وسطهم، طلعت بتستغل وجودي علشان تنتقم منهم، أنا كنت بسمع كلامها علشان بحبها والله، بس هي محبتنيش، أبوس ايدك سبني أخلص من اللي أنا فيه دا”

رد عليها هو يقول بنبرةٍ لا تقبل النقاش:
“لأ مش هسيبك، لو هسيبك بجد يبقى وأنا رامي نفسي معاكِ، وبعدين أنتِ ليه بتفتري على ربنا، دا إسمه جحود، ربنا إسمه الغفور الرحيم، ربنا اللي بيكرم العاصي والتائب، و بيدينا فرص علشان كل يوم نعيش ونفوق لنفسنا، أنتِ بقى تيجي تقولي مش هيسامحني؟ ربنا اللي بيغفر كل الذنوب حتى الزنا اللي هي أكبر المعاصي بيغفرها، أنتِ بقى لو طلبتي منه المغفرة هيرفض؟، روحيله أنتِ بس وهو مش هيردك تاني”

رفعت أعينها الباكية تنظر له بإندهاش بعد جملته الأخيرة، فوجدته يقول بمزاح:
“لأ أنتِ فهمتي إيه؟ مش قصدي تروحيله كدا متودنيش في داهية، أنا قصدي تروحي تصلي ركعتين وتطلبي منه المغفرة من قلبك، والله هتحسي إنك مرتاحة وإنك اتولدتي من جديد
ولو مش مصدقاني أسمعي يا ستي”

والله سبحانه وتعالى فاضت رحمته وشملت رأفته عبادَه ، فهو حليم لا يبطش بنا ولا يعذبنا ولا يهلكنا حالا بل يمهلنا
ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلن كرمه سبحانه :

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )

وكمان أسمعي

  قال رسول الله ﷺ

(ما مِن مُسلمٍ يُذنِبُ ذنبًا ثم يتوضَّأُ ويُحسِنُ الوضوءَ، ويُصلِّي ركعتينِ ويَستغفرُ اللهَ، إلَّا غفَرَ اللهُ له )

صدق رسول اللَّه ﷺ

بكت هي بعدما سمعت حديثه بكاءًا حارًا نابعًا من قلبها، و فجأة ركعت على ركبتيها وهي تصرخ ببكاء:
“يـــا رب، ســاعــدنـي”

بكى هو رغمًا عنه من حالتها ثم قال بنبرة متحشرجة:
“انزلي دلوقتي صلي ركعتين لله، قبل ما ولاد عمك يطلعوا، وافتكري كلامي كويس، ربنا بيغفرلنا ذنوبنا كلها، رحمته واسعة بينا أوي”

أومأت له ثم إعتدلت واقفة، وقبل أن تنزل الدرجات الحديدية القصيرة وجدته يسبقها ثم مد يده لها حتى تستطع النزول، نظرت له بأعينها الدامعة فوجدته يومأ لها، أمسكت يده بهدوء و تردد ثم نزلت الدرجات، سارت حتى وصلت أمام المصعد وقبل دخوله وجدته يقول من خلفها:

“مفيش أي حد في الدنيا دي كلها يستاهل إنك تكفري بربك علشانه، زي ما برضه مفيش حد بيعيش في الألم علطول، أنتِ إنسانة ربك خلقها علشان تعبده و تعمر الأرض، مش علشان نتعب في نص الطريق وننهيه بمزاجنا”

إلتفتت تنظر له بإمتنان وهي تقول بنبرة مهزوزة:
“شــ..شكرًا يا..”

_”محسوبِك حسن، حسن المهدي، أرمل، عندي ٣٠ سنة للتعارف الجاد”

خرجت تلك الجملة منه بمرحٍ، جعلها تنظر له بأعين متسعة، فضحك هو ثم قال:
“خلاص متتخضيش كدا، بهزر معاكِ يا آنسة هدير”

ردت عليه هي بهدوء بعدما مسحت دموعها:
“هدير..هدير بس”

قالت جملتها ثم فتحت باب المصعد، فوجدت أبناء عمومتها يخرجا منه، نظرت هي له وكأنها تترجاه لا يخبرهما، فوجدته يومأ لها وكأنه يطمئنها، نظرت هي لهما ثم ركبت المصعد، بينما «وئام» سأله بتعجب:

“هي هدير كانت بتعمل إيه هنا؟”

رد عليه «حسن» بثبات:
“كانت طالعة تشم هوا، وأنا افتكرتها أنتو و خضيتها، بس هي نزلت لما لقتني هنا”

رد عليه «أحمد» بسخرية:
“يا أخي أكبر بقى، عيب عليك”

حرك «وئام» رأسه نفيًا وهو يقول:
“مستحيل، اللي زي دا ربنا خد منه نعمة العقل، هي ساعات بتضرب منه كدا”

تنهد «حسن» بعمق ثم قال بنبرة حزينة:
“كتر القعدة لوحدك تعمل أكتر من كدا، أنا بقيت أتكلم مع الحيطان”

نظر له كلاهما بحزن شديد، بينما هو نظر أمامه بشرود بعدما أخرج زفيرًا قويًا.

في المول أنتهوا من الطعام، فتحدث «وليد» يقول بخبثٍ:
“والله أول مرة أشوف طارق بياكل كدا من زمان أوي، تحديدًا من وهو في ٦ إبتدائي”

سألته هي بتعجب:
“ياه للدرجة دي؟ ليه كدا”

نظر «وليد» في وجه «حسان» فوجد نظرته حانقة، ثم نظر في وجه «طارق» فوجد نظرته هادئة فإبتسم لها وهو يقول بخبثٍ:

“أصله من ساعتها عنده إلتهاب…في المعدة”

إتسعت مقلتيها وهي تقول بحزن:
“كل دا؟ ربنا يتمم شفاك على خير يا أستاذ طارق”
أومأ لها «طارق» مبتسمًا بهدوء، ثم نظر لرفيقه متوعدًا له.

نظر «حسان» في ساعة يده ثم قال بنبرةٍ قوية:
“أنا بقول كدا كفاية يا أستاذ طارق، علشان ورايا حاجات كتير، أنا مضطر أروح وجميلة كمان ترتاح”

نظر كلاهما لبعضهما بضيق، بينما «جميلة» قالت:
“طب هو إحنا كدا خلصنا الاعلان والتصوير والتصميمات؟”

رد عليها «طارق» بهدوء:
“آها كدا خلاص، هيبقى فاضل حاجات بسيطة في التفاصيل، لو إحتجناها هاجي أخدها منكم”

وقف «وليد» يقول بنبرة صارمة:
“طب تستأذن إحنا طيب، علشان نشوف شغلنا قبل يوم السبت، يلا يا طارق”

وقف «طارق» يقول بهدوء وهو ينظر لها:
“عن إذنكم إحنا بقى، هنبقى نرجع تاني، وممكن لو إحتاجت حاجة أجي أتأكد منها”

رد عليه «حسان» بحنقٍ:
“لأ ملوش لازمة تيجي، ممكن تكلمني وأنا هبلغك بكل اللي محتاجه”

نظر «طارق» له بضيق وقبل أن يرد عليه سمع صوت «وليد» يقول بخبثٍ:

“لأ هو إحنا ممكن نكلم رقم تاني يساعدنا، وطبعًا حضرتك عارف إن الرقم دا هيساعدنا أوي، وخصوصًا أنتَ”

سألته «جميلة» بتعجب:
“رقم!! رقم مين دا؟!”

رد عليها «وليد» بمرحٍ:
“دا رقم المؤسس العام لحقوق النشر و الطباعة، وعضو منتدب في مساعدة الأخرين، هنبقى نعرفك عليه”

تحدث «طارق» يقول بلهفة:
“طب عن إذنكم، هنضطر نمشي إحنا علشان نلحق نظبط الحاجة، مع السلامة”

رحل الأثنين سويًا، تحت نظرات الحنق من «حسان» والهدوء من «جميلة»، نظر «حسان» لها بعد رحيلهما وهو يقول:

“أنتِ بتبصي عليهم كدا ليه؟”

نظرت له هي بتوتر وهي تقول:
“ها!! لأ أبدًا، كل الحكاية بس إن هما جدعان أوي وبيساعدونا، مكنتش متوقعة إني هلاقي حد يساعدنا هنا في القاهرة، وبعدين طارق دا ماشاء الله عليه، ذوق و محترم”

رد عليها مُعقبًا بقوة:
“ربنا معاهم ، هما هيخلصوا شغلهم هنا وملناش دعوة بحد بعد كدا”

أومأت له ثم تنهدت بعمقٍ وهي تنظر في اثارهما بهدوء.
________________

في مقر عمل «سارة» زوجة «عامر»، كان الجميع جالسون هناك، الشباب في الخارج والفتيات في غرفة تجربة الثياب، أول من قامت بالتجربة كانت «إيمان» كانت ترتدي فستانًا من اللون الأبيض اللامع وكان رقيقًا يناسب بشرتها البيضاء وأعينها الواسعة التي تمتاز باللون البني الداكن، وجسدها الممشوق وقفت أمام المرآة وهي تضحك بإتساع إقتربت منها «ريهام» تقول بحب:

“زي القمر يا إيمان، بجد كل حاجة فيكِ حلوة جمالك وخفة دمك، عروسة زي القمر، ماشاء الله”

وقفت «خديجة» بجانبها وهي تقول بنبرةٍ شبه باكية:
“أنا بجد بحب اللحظات دي أوي، عمري ما جربتها وعمري ماكنت أتخيل إني ممكن تكون اللحظات دي بتفرح أوي كدا”

بكت بقوة رغمًا عنها، إحتضتها «إيمان» وهي تسألها بإندهاش:
“مالك بس يا خديجة؟ بتعيطي ليه؟ حد زعلك”

خرجت «خديجة» من بين ذراعيها وهي تقول ببكاء:
“علشان مكانش عندي صحاب وعمري ما كنت أتخيل إن ممكن حد يخليني أجرب اللحظات دي معاه، كنت ساعات بخاف من فرحي علشان معنديش صحاب يخرجوا معايا ويكونوا اليوم دا”

وقفت «سارة» بجانبها وهي تقول بتأثر:
“إحنا معاكِ يا خديجة، مس هنسيبك، إحنا الأربعة أخوات، وعلى فكرة أنا كنت زيك كدا ومش عندي صحاب ولا قرايب، أقولك على حاجة؟ أنا محدش حضر كتب كتابي غيرهم هما وماما وأختي، ساعتها خالد كان وكيلي و ياسين شاهد من طرفي، شوفتي الوجع بقى، من ساعتها وهما كل عيلتي، حتى لما عامر اتخانقت مرة معاه، خالد و ياسر و ياسين هما اللي دافعوا عني، صدقيني هما كل حاجة عندي”

أومأت لها «خديجة» ثم مسحت دموعها، بينما «إيمان» قالت بضيق مصطنع:
“أنتِ سوسة يا خديجة، عيطتي كدا علشان ياسوري ميدخلش يشوفني صح؟ بس برضه هيدخل مش هريحك”

نظرت لها «خديجة» بمقلتين متسعتين، بينما «إيمان» قالت بتشفٍ:
“أيوا كدا، بطلي عياط ونكد علشان جوزك لو لمحنا كلنا كدا وأنتِ بتعيطي هيولع فينا”

ضحكت رغمًا عنها بينما «ريهام» أضافت:
“والله العظيم أنتِ بت صعب، المهم يلا علشان ياسر يدخل يشوفك”

أومأت لها، فخرجت «ريهام» تطلبه من وسط الشباب، فقال «خالد» بمرحٍ:
“تتفرج بس، لكن تعاكس ولا تنطق أنتَ حر يا ياسر”

رد عليه «عامر» بسخرية:
“إعمل اللي أنتَ عاوزه ياض، دي مراتك وخلي بالك اللحظة دي بتكون حلوة أوي وممكن تعيط عادي”

نظر له «ياسر» بحب وهو يقول:
“أنا طول عمري حلم حياتي أشوفها في الفستان الأبيض وكنت طول عمري عاوزها تكون لبساه ليا، لو أغمى عليا حد فيكم يجبلي عصير”

خرجت جملته الأخيرة بمرحٍ، ثم تركهم ودخل، نظر «ياسين»  في أثره بحب لكنه انتبه على حديث «عامر» وهو يقول له ساخرًا:
“عقبالك يا بيضة، لما تجرب الإحساس دا أنتَ كمان”

تنهد «ياسين» بعمقٍ ثم قال:
“ومين سمعك، بس كله خير، هانت خلاص”

في الداخل كان «ياسر» يتنهد بعمقٍ، التفتت له «إيمان» بفستانها الرقيق وهي تبتسم بخجلٍ قلما نجده لديها، إتسعت عيناه بدهشة ثم قال بنبرة متأثرة بعدما إقترب منها:

“طول عمري بحب السما بكل حاجة فيها يا إيمان، أنا دلوقتي شايفك نجمة من نجوم السما قصاد عيني، بفستانك الأبيض دا حاسس أني بحقق اللي كان نفسي فيه، طول عمرك كنتِ بتقولي ليا إن أنا في دنيا غير الدنيا اللي البشر عايشين فيها، بس أنا موجود في دنيا مفيهاش غيري أنا وأنتِ يا إيمان”

إقترب منها يطبع قبلة هادئة على جبينها ثم وضع يده يربت على وجنتيها بحب وهو يقول:
“أحلى عروسة شافتها العين، وأحلى واحدة عشقها القلب”

إحتضنته هي بقوة وهي تقول:
“وأنتَ رجلي و روح قلبي يا ياسر ، ربنا يخليك ليا”

تحدثت «ريهام» تقول بمرحٍ:
“آه لو خالد سمعك يا إيمان؟ هيكسر رقبتك”

نظرت لها «إيمان» وهي تقول بحب:
“خالد دا أبويا يا ريهام، أنا مليش غيره ولا ليا غير حضنه وكتفه من قبل وجود ياسر، خالد ضحى بعمره كله علشاني، يعني ميتقارنش بحد، وياسر عارف كدا”

رد عليها «ياسر» متفهمًا:
“أنا عارف، علشان أنا مجرب الإحساس دا، ولو يا إيمان فكرتي في يوم إن خالد يتقارن بيا ساعتها أنا هخاف منك”

دخل «خالد» في تلك اللحظة وهو يقول:
“تخاف منها ليه يا دكتور، فاكرها أم أربعة و أربعين؟”

إبتعد عنها «ياسر» فإقترب منها «خالد» لم يتمالك نفسه من البكاء ففرت الدموع من بين أهدابه، إقتربت هي تمسح دموعه ورغمًا عنها فرت دموعها، فقالت بنبرة باكية:

“خالد، أنتَ بتعيط؟ طب ليه؟”

رد عليها هو بنبرة متأثرة:
“علشان كنت خايف أقابل أبوكِ وأنا مش قد مسئوليتك يا إيمان، كنت خايف أروحله قبل ما أطمن عليكِ، كبرتي وبقيتي عروسة قدام عيون أخوكِ، وشكلك حلو في الفستان أوي، الواد ياسر محظوظ بيكي”

إحتضنته وهي تبكي بحرقة ثم قالت من بين شهقاتها:
“أنتَ أبويا يا خالد، أنا عمري ما قدرت أتخيل حياتي وأنتَ مش فيها، أطمن يا خالد وأرفع راسك أنتَ كنت قد الحمل وأكتر”

شدد هو عناقه لها ثم قال:
“ربنا يفرح قلبك و يريحه يا إيمان زي ما فرحتي قلبي”

حمحت «سارة» تقول بهدوء:
“طب يلا علشان ياسين دوره هو كمان يشوف مراته”

أومأ لها كلاهما، و إنسحبا سويًا بعدما طبع كلاهما قبلة بسيطة على جبهتها، بعد قليل إرتدت «خديجة» فستان من اللون البترولي وهو ضمن درجات اللون الأزرق، كان الفستان من خامة الستان وكان ضيق واسع يناسب ذوقها ويناسب منحنيات جسدها المتناسق إلى حدٍ ما، نظرت إلى نفسها في المرآة بإندهاش لم تتخيل أن تبدو بهذه الرقة، نظرت الفيتات إليها بحب، بينما هي قالت بفرحة وكأنها طفلة صغيرة:

“الله!! شكلي حلو أوي، أول مرة ألبس فستان حلو كدا ولونه حلو أوي”

ردت عليها«سارة» بهدوء:
“الفستان دا ياسين أختاره بحب، وأنا عملته بحب، وأنتِ لبستيه بفرحة وحب لينا، طبيعي يكون مبهر كدا يا خديجة”

تحدثت «إيمان» تقول بمزاح:
“هطلع أنادي ياسين، علشان يشوف فستان مراته اللي هو اختاره”

نظرت هي لنفسها في المرآة وهي تبتسم بحب، بينما «إيمان» جلبته بهدوء، دخل وهو يبحث عنها بعينيه، فوجدها واقفة أمام المرآة، حمحم هو ثم قال:

“أظن من حقي إنك تلفي علشان أشوفك يا خديجة”

إلتفتت هي تنظر له بخجلٍ فوجدته يبتسم بإتساع، كما أن البسمة وصلت إلى أعينه وكأنها تنطق بحبها لها، إقترب هو منها يقول بهدوء:

“زي القمر يا خديجة، عاملة زي الهلال في جماله”

سألته هي بحماس:
“بجد ؟! بجد يا ياسين شكلي حلو فيه؟”

أومأ لها يقول بحب:
“تَبدين كَـهلالٍ يَنتظرهُ أهْلّ الصِيام لِيقيموا عِيْدهُم، تُشبِهينَ النِجوم التي أضاءتْ لَيلهم”

نظرت له هي بحب فوجدته يغمز لها وهو يقول بنبرته المرحة:
“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”

إبتسمت هي بحب ثم أحضتنه بقوة، أصيب هو بجحوظ في العينين لكنه تدارك نفسه ثم رفع ذراعيه يربت عليها وهو يقول ببسمة هادئة:

“ربنا يسعدلي قلبك الجميل يا خديجة، ربنا ما يوريني حزن في قلبك ولا دمع في عيونك”

شددت هي عناقها له وهي تقول ببكاء:
“ويخليك ليا يا ياسين، أنا بحبك أوي، والله”

تحدثت «إيمان» تقول بخبثٍ:
“أيوا بقى، دا أنتم شكلكم ناويين تقطعوا علينا، ماشي ربنا يسهلكم”

ضحك هو ثم قال:
“لأ متخافيش، أنتو نجوم الليلة برضه”

تحدثت «سارة» تقول بمزاح:
“طب يلا بقى علشان دا دور خالد، برة من غير مطرود”

أومأ لها ثم قال:
“حاضر يا ستي، ألف مبروك مقدمًا”

خرج «ياسين» لهم ، فوجد «عامر» يقول بسخرية:
“هاه يا أخويا جربت؟”

أومأ له «ياسين» بهدوء ثم قال:

“عقبال الفستان الأبيض يا رب، ساعتها أنا هكون فرحان فعلًا”

رد عليه «ياسر» بهدوء:
“على فكرة بتبقى لحظة حلوة أوي، خصوصًا لو مع اللي قلبك مختارها”

أومأ له «ياسين» ثم إبتسم وهو يتذكر شكلها بالفستان.

في الداخل وقفت «ريهام» بذهول أمام المرآة وهي تقول:

“إيه دا، مش دا الفستان اللي أنا أخترته، بس دا أحلى بكتير”

قالت لها «سارة» بهدوء:
“علشان دا ذوق خالد، هو كان قايل عليه من بدري وخلى إيمان تبعتلي الصورة وأنا عملته، بس هو علشان كتوم أوي معرفتيش، أو يمكن علشان عمو رياض مش حماكِ”

ضحكت الفتيات بقوة وهن ينظرن لخديجة التي قالت بمزاح:

“أنا شوفته مرتين، والمرتين مسترش على ياسين فيهم”

أومأ لها الجميع، بينما «ريهام» شعرت بإرتفاع ضربات قلبها، فتنهدت بعمق، بعد قليل دخل «خالد»، نظر لها بحب، فوجدها تقول له بمشاكسة:

“طلعنا حلوين وبنعمل مفاجأت حلوة كمان”

رد عليها بغرور يناسب وسامته:
“طبعًا، هو أنا قليل ولا إيه؟ ولا أنتِ فكراني مش رومانسي، كل الحكاية أني بتقل، علشان آخد حاجة نضيفة”

إبتسمت هي ثم قالت:
“طب إيه رأيك، طمني”

إقترب منها يقول هامسًا بهدوء:
“زي كل حاجة حلوة في حياتي بسبب وجودك، طلتك عليا دي نورت قلبي..يا نور البيت، ورأيي
بقى هقوله في البيت براحتي”

أخفضت هي رأسها بخجل، فقالت «إيمان» بخبثٍ:

“أنتَ بتقول إيه، أنا عاوزة أسمع”

إلتفتت يقول لها بضيق:
“هبقى أخلي ياسر يقولك لما تتجوزيه”

حركت كتفيها ثم قالت:
“عادي، مش عاوزة أسمع أصلًا”

رفع حاجبه مُتعجبًا وهو يقول:
“يا شيخة؟”

ردت عليه تقول بنبرة مترجية:
“هموت واعرف قولي علشان خاطري”

إبتسم هو بتشفٍ وهو يقول:
“والله ما هريحك يا إيمان”

قال جملته ثم تركهن وخرج بعدما حمل الصغير من على الأريكة الموضوعة، كان نائمًا، فنظر له «خالد» وهو يقول بمرحٍ:

“خليك أنتَ نايم كدا، أمك شكلها حلو في الفستان، وشكلنا كدا هنحصل عمك ياسين ونكسر قاعات إحنا كمان”

ضحك على جملته ثم خرج والفتيات يضحكن عليه.

بعد قليل وقف الجميع في الخارج وكل فتاة تقف بجانب زوجها، عدا «سارة» التي كانت تتمم على إغلاق المكان مع زوجها، بعدها وقف «عامر» بالقرب من الجميع وهو يقول بمشاكسة:

“معلش يا جماعة كل واحد دخل شاف فستان، يطلع بالفلوس، علشان أخوكم بيكح تراب و داخلين على مصاريف فرح”

نظر له الجميع بتعجب، فقال هو مُردفًا بجدية:

“لأ محدش يبصلي كدا، أنا ورايا لسه بدلة وشهر عسل، والله لولا شكلنا قدام الناس، كنت عملته فرح بنقطة”

رد عليه «ياسين» بهدوء:
“أطلع أنتَ منها علشان الموضوع ميخصكش، وبعدين سارة اللي من حقها تطلب الفلوس دي”

رفع «عامر» أنفه ينظر له بوجهٍ ممتعض وهو يقول:

“نعم يا أخويا؟ هو إيه دا؟ ومين اللي حابب ماكنة الخياطة؟ رد عليا”

ردت «سارة» عليه بضيق:
“أنا تعبت والله، كان يوم مش فايت ما جبتلي ماكنة الخياطة”

نظر هو لها يقول بخبثٍ:
“بقولك إيه صحيح معاكِ خريطة؟”

قطبت جبينها تسأله بتعجب:
“خريطة؟! لأ ليه؟”

غمز لها وهو يقول بمرحٍ:
“أصل العبد لله تايه في عينيكِ”

ضحكت هي بإتساع، بينما «خديجة» سألته بهدوء وهي مبتسمة:
“أنا عندي سؤال لحضرتك يا أستاذ عامر، هو بجد حضرتك إزاي مدير شركة الفاروق للسياحة، أصلها شركة كبيرة، أكيد مديرها لازم يكون صارم”

ضحك الجميع عليها، بينما «ياسين» قال بسخرية:
“شوفت أديك كاسفنا قدام الناس، على العموم يا خديجة، إحنا كلنا شغالين تبع الفاروق، أنا في شركة من شركات الهندسة بتاعته، و خالد في محاسب في شركة أدوية، وياسر دكتور في مستشفى عنده، وعامر للأسف مدير شركة من شركاته”

قطبت جبينها تسأله بتعجب:
“يعني أنتم زمايل؟”

رد عليها «خالد»:
“في المسمى الوظيفي، آه يعتبر تبع كيان واحد، لكن في العمل الفعلي لأ، هو عم رياض الله يكرمه اللي شغلنا كلنا، ممتاز الفاروق يبقى صاحبه وهو اللي شغلنا”

أومأت هي في تفهم ثم قالت:
“طب وأستاذ عامر إزاي بقى مدير؟ علشان بجد مش مصدقة”

ضحك «عامر» ثم قال:
“كل الحكاية إن كان فيه مصيبة في الشركة اليوم دا، حصل لغبطة بين مواعيد الأفواج السياحية وعلشان فرق التوقيت، اتكتبت ٧ الصبح بدل ٧ بليل”

سألته تلك المرة«إيمان»:
“طب فين المشكلة؟ دي بتحصل عادي”

رد عليها هو بهدوء:
“لأ مش عادي، لو الأفواج مترتبة غلط، اللي حصل إن الأتنين وصلوا في يوم واحد، فوج وصل الضهر، وفوج وصل ٧ بليل”

سألته زوجته:
“طب وحصل إيه يا عامر؟”

نظر هو أمامه يقول بهدوء:
“هقولكم أنا إيه اللي حصل”

(منذ ماضٍ قريب)

كان «عامر» جالسًا في مكتبه يتصفح الحاسوب أمامه، فجأة دخل عليه أحد زملائه وهو يقول بنبرة متلهفة:

“إلحق يا عامر، الفوج بتاع ٧ الصبح وصل دلوقتي”

وقف «عامر» يصرخ في وجه زميله قائلًا:

“إيه؟ إزاي دول معادهم ٧ الصبح”

رد عليه صديقه بِـحيرة:
“والله ما أعرف، الظاهر فيه لغبطة، بس نتصرف إزاي كل المرشدين السياحيين مش هنا مع الفوج التاني، حتى العربيات مفيش منها”

وقف «عامر» حائرًا وفجأة وجد الأصوات تتعالى من السياح، خرج هو لهم، وجد الغضب يخرج من أعين الجميع، إقترب منه صديقه يقول:

“إلحق يا عامر، بيقولوا إنهم هيشتكوا في السفارة، علشان إهمالنا”

نظر «عامر» أمامه بضيق ثم أخرج هاتفه وهو يهاتف إبن عمه «عمرو» ، رد عليه قريبه، فقال هو بهدوء:

“ركز معايا يا عمرو، لو فيه فرح من اللي أنتَ بتروحهم دول، عرفني علشان محتاجه ضروري”

وصله الرد،فقال بهدوء:
“خلاص تمام، أبعتلي عربية عم فهيم”

بعدما يقرب النصف ساعة توقفت سيارة نصف نقل أمام الشركة، وقف «عامر» يقول للسياح:

“معلش يا جماعة، نورتوا إيچيبت، دلوقتي هنركب العربية دي علشان نروح نبدأ رحلتنا”

قام بوكز رفيقه، وهو يقول:
“انزل بالترجمة”

قام صديقه بترجمة حديثه، فوجد السياح يصفقون تصفيقًا حارًا، أبتسم هو ثم قال بخبثٍ:

“متيسرة إن شاء الله”

قام بإركاب السائحون في العربة من الخلف، وكان الجو مليء بالمرح وهو كان يصفق ويقول:

“بسم الله الرحمن الرحيم و هنبدأ الليلة”

كان يدندن هو تلك الكلمات والسائحون معه يفعلون مثله، وبعد القيادة توقفت السيارة في أحد الأحياء الشعبية، انزل السياح من السيارة ثم دخل بهم أحد الأفراح الشعبية، وبعد فترة إندمج الفوج وسط السكان بفرحة عارمة في جو قد يكون غريبًا عليهم، لكن البهجة كانت تملأ وجوههم أما هو فتنهد بأريحية.

(عودة إلى الوقت الحالي)

_”نهار أهلك مش فايت يا عامر، خدت السياح فرح في بولاق أبو العلا؟ أنتَ إيه يلا معندكش مخ؟”

خرجت تلك الجملة من «خالد»، أما الجميع فكانت نظراتهم مندهشة، بينما «خديجة» سألته ببلاهة:

“يعني بجد ركبت السياح عربية نص نقل؟ وخدتهم فرح شعبي؟”

أومأ لها وهو يقول بمرحٍ:
“أيوا والله، هعمل إيه يعني؟ ناس جايين فجأة وعاوزين يقدموا شكوى في السفارة، أنا حليت المشكلة وساعتها أعلى تقارير جت كانت ليا و للفوج بتاعي، وساعتها البلد كلها جت علشان يجربوا الفرح الشعبي”

سأله «ياسر» بحنقٍ:
“أنتَ أهبل يا عامر؟ مسمعتش عن الأهرامات ولا المعز؟ طب جنينة الحيوانات؟”

رد عليه «عامر» بسخرية:
“إيه الحلو في دا بقى؟ الأهرامات وهما حافظينها، شارع المعز وهما عارفينه فين التجديد؟ وبعدين إيه الحلو اللي في جنينة الحيوانات، إيه الحلو لما أروح أشوف الفيل و هو بياكل جذر، ولا سيد قشطة وهو بيتكرع، وبعدين أخدهم عند القرد وهو بياكل موز و سوداني، طب ما أنا كنت أجيب موز وسوداني وأخلي ياسين وياسر وخالد ياكلوا قدامهم”

ضحك الجميع عليه فقال هو بضحك:
“والله العظيم الموضوع فعلًا غريب، بس الحمد لله الليلة قضيت، والفوج فرح، وفرح الشعب كله معاه.
_____________

أمام بيت آلـ الرشيد توقفت سيارة «طارق» الذي كان يقودها «وليد»، كان «طارق» يتصفح هاتفه ، فسأله «وليد» بعدما أوقف السيارة:
“أنتَ بتعمل إيه في التليفون من الصبح يا طارق؟ متكلمتش معايا حرف واحد”

تنهد «طارق» بعمق ثم قال:

“بتأكد يا طارق إن سن جميلة ساعتها ممكن ينسى كل المعلومات، بس دا مستحيل، هي كانت ساعتها في سن مدرسة، يعني المفروض حتى تكون فاكرة الأسامي”

نظر له «وليد» بتعجبٍ وهو يقول:
“قصدك إيه؟ إن جميلة مش ناسية؟”

أومأ له «طارق» بقوة ثم قال:
“جميلة أكيد فاكرة أسمي وإسم خديجة، وإسم أمها، علشان إحنا التلاتة اللي كنا معاها علطول، يعني جميلة أكيد نسيت بمزاجها مش غصب عنها، أو عاملة نفسها ناسية”

رد عليه «وليد» بِـحيرة:
“مش عارف والله يا طارق، بس ممكن يكون دا كله علشان الذاكرة بقالها كتير؟”

أومأ له وهو يقول:
“ماشي أنا معاك، بس حتى لو كدا، هتفضل فاكرة الأسامي اللي كانت بتتعامل معاها بإستمرار وهيفضل صداها مستمر في العقل، يعني النسيان التام مش موجود أصلًا”

في شقة «حسان» تأكدت هي من نوم والدها، فأخرجت هاتفها تطلب رقم جدتها «نوال»، ردت عليها جدتها فقالت هي بتوتر:

“تيتة، فاكرة لما قولتيلي قبل كدا إن أنا كنت علطول كنت بعيط على ماما الله يرحمها و خديجة و طارق؟”

ردت عليها جدتها بهدوء:
“أيوا فاكرة يا جميلة، بتسألي ليه؟”

سألتها هي بنبرة مهتزة:
“طيب مين طارق ومين خديجة؟”

ردت هي تُحيبها بهدوء وكأنه لا مفر:
“خديجة المفروض إنها بنت خالك طه، و طارق إبن خالك محمد”

سألتها بتلهفٍ:
“طب عيلة ماما كان إسمها إيه؟ بالله عليكِ قوليلي، علشان دماغي هتقف”

تنهدت «نوال» ثم قالت:
“أمك إسمها مشيرة فايز الرشيد”

يُتَبَع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى