“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
“الفصل السادس والعشرون”
_____________
كنتُ رافضًا للحبُ..حتى التقت عيناي بعيناكِ”
______________
ألتقيت بِكِ فأصبحتُ كـنجمًا شاردًا في السماء، وذكر أسمكِ غالبٌ في الدعاء، بعد ظهورك عرف القلب معنى الهناء، حتى أنه نسى العناء.
“علشانك أنتِ”
خرجت منه تلك الجملة صريحة، دون تفكير بها حتى، وهو مُحق تمامًا، فكل ما يفعله في حياته منذ إلتقاء أعينهما سويًا أصبح لأجلها فقط،أما هي أطربت أذانها بما سمعت فنظرت له والبسمة ترتسم على شفتيها رويدًا رويدًا، بينما هو لاحظ صمتها ونظرتها له، فتحولت نظرته إلى المرح وهو يقول:
“يالا يا ست الكل، طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”
قال جملته ثم تبعها بغمزة من طرف عينه، بينما هي شعرت بالخجل أكثر فأخفضت رأسها للأسفل، خرج من السيارة وتبعته هي، وقبل دخولهما العيادة وقفت هي تأخذ نفسًا عميقًا، علم هو بحالتها، فوقف وأصبغ نبرته بالحنان قائلًا:
“أنا عارف إنك خايفة، وعارف كمان إنك زي اللي فـ حرب من غير سلاح، بس أنا واثق فيكِ، وعارف إنك تقدري على كل حاجة”
نظرت له وهي على وشك البكاء، ثم قالت بنبرة هادئة:
“أنا بس خايفة أكون عملت حاجة غلط، أو اللي هي طلبته مني غلط، أنا أصلًا بخاف أجرب أي حاجة جديدة”
أومأ بهدوء ثم قال:
“خوفك دا طبيعي،لكن اللي مش طبيعي إنك تخلي الخوف هو اللي بيحركك، مينفعش هو اللي يتحكم فيكِ يا خديجة، لازم العكس.”
شعرت بحماس غريب يجتاحها بقوة، وكأن حديثه كالرياح المُحركة لِـشراع السفينة، فأومأت له ثم زفرت عدة مرات بعمق، بينما إبتسم هو لها ثم أخذها ليدخلا العيادة سويًا.
_________
في منزل «ميمي» كانت الفتيات يجلسن سويًا، والشباب على مقربة منهن، كانت «إيمان» تبتسم بخفة على «ياسر» ومشاكسته لها من بعيد، كان «خالد» ينظر لهما ويتابعهما، وحينما رآى «ياسر» يرسل لها قبلة في الهواء صدح صوته عاليًا وهو يقول:
“قسمًا برب الكعبة، لو ملمتوش نفسكم لألمكم أنتم الأتنين”
ضحك الجميع عليهما، بينما «إيمان» شعرت بالخجل فأخفضت رأسها، في حين أن «ياسر» تحدث بضجرٍ:
“في إيه يا عم دي مراتي، وبعدين أنتَ مركز معانا ليه، ما تخليك في حالك”
كان «عامر» ينظر لـ «سارة» بكل تركيزه غير مبالٍ لما يدور حوله، وحينما أمعن النظر أليها، علم أنها لم تكن على ما يرام، لذلك وقف وهو يقول بهدوء:
“معلش يا جماعة عن إذنكم عاوز سارة في كلمة على إنفراد”
نظرت له «سارة» نظرة مُتسائلة، فأومأ لها وكأنه يؤكد حديثه، قامت وسبقته على الشرفة، دخل خلفها ثم زفر بقوة وقال:
“مالك يا سارة ومتقوليش كويسة، علشان أنا عارف إنك هتقولي كدا”
زفرت بضيق ثم قالت:
“لأ أنا مش كويسة يا عامر، وحاسة إنِ عاوزة أعيط، ومش عارفة”
تعجب من حديثها ولهجتها فسألها مستفسرًا:
“وليه كل دا، أنا زعلتك طيب، أنا ضايقتك، طب قولت حاجة متتقالشِ؟”
هزت رأسها نفيًا، فتنهد هو بأريحية ثم قال ساخرًا:
“ولما هو لأ، سايباني عامل نفسي بهاء سلطان ليه؟”
إبتسمت بهدوء ثم قالت:
“شوفت بتاخد كل حاجة هزار إزاي؟”
أشار لها على المقعد ثم قال:
“أقعدي بس كدا علشان نعرف نتفاهم، اقعدي بس البلكونات دي ليها سر باتع، حتى أسألي خالد”
إبتسمت بتعجب ثم قالت:
“إشمعنا يعني خالد؟”
ضحك بقوة ثم قال:
“لولا البلكونات دي مكانش زمان ياسر وإيمان كتبوا الكتاب”
ثم بعد ذلك قص عليها ماكان يفعله «ياسين» مع «خالد» حتى يقنعه بأمر الزواج، ضحكت هي بقوة ثم قالت:
“على كدا لو مكانش في بلكونة مكانش زمانهم بقوا سوا”
هز رأسه نفيًا ثم قال:
“لأ كانوا هيتصرفوا، خصوصًا إن ياسر كان على إستعداد يعمل أي حاجة علشانها”
وافقته في الحديث بإيماءة بسيطة خرجت منها، بينما هو عمق نظره لها وقال:
“قوليلي بقى مالك؟ ومين اللي زعلك”
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“عامر هو أنا فاشلة؟”
تعجب من سؤالها فَـرد عليها:
“ليه بتقولي كدا؟”
أجابته بسرعة:
“رُد عليا بس، أنا فعلًا فاشلة، أو أنا مستحقش الوصية اللي بابا وصاني بيها؟”
أقترب منها ثم أمسك كفها وقال بنبرة حنونة:
“لأ يا سارة أنتِ أبعد ما يكون عن الفشل، الفشل دا أنتِ متعرفيش طريقه، كفاية إنك كملتي حياتك بعد والدك ووقفتي المكان تاني وبقى ليه إسمه، وكفاية إنك جهزتي أختك وجوزتيها، وكفاية إنك لسه بتحاربي، وكفاية الضحكة اللي بتترسم على وشي لما أشوفك ، كل دا وبتقولي على نفسك فاشلة؟”
إغرورقت أعينها بالدموع ثم قالت:
“أومال هي قالتلي كدا ليه؟”
سألها مُستفسرًا:
“هي مين وقالتلك إيه؟”
مسحت دموعها ثم قالت:
“منى اللي كانت زميلتي في الجامعة قالتلي إنِ فشلت نفسي ومنفعتش في حاجة”
شعر بالضيق مما تشعر هي به ومن دموعها التي يكرهها، فهو من طبعه يكره البكاء ويخشى على من هم حوله الحزن، لذلك قال بنبرة خرجت حازمة:
“وهو أنتِ أي حد يقولك حاجة تصدقيها يا جرثومة أنت؟”
استعادت جزء من شجاعتها وقالت بصوتٍ قوي:
“وأنا أعمل إيه طيب مش هي اللي قالتلي كدا، أنا مالي؟”
بنفس نبرته قال:
“علشان أنتِ غبية يا سارة، واحدة زي دي بتتنطط في شغلها عند حد وملهاش لازمة لو مشيت من الشغل هيجي ١٠٠ غيرها، فسخت خطوبتها ومعرفتش توازن بين الشغل وبين خطيبها، جاية تقولك إنك فاشلة، وأنتِ صاحبة مكان بإسمك بيجيلك ناس من كل مكان علشان شغلك، لو يوم بس قولتي مش هكمل، هتلاقي كتير افتقدوكي، واحدة زيك شالت أسرتها بعد والدها، ونفذت وصيته وكمان نجحت في علاقتها بجوزها يبقى مين فيكم اللي فاشل؟”
إبتسمت بقوة على حديثه ثم قالت بهدوء:
“طب هي قالتلي كدا ليه يا عامر، لوحدها يعني؟”
حرك رأسه نفيًا ثم قال:
“لأ بس في ناس بعيد عنك عندهم عقدة النقص، يعني بيشوفوا غيرهم حقق اللي هو محققهوش يبقى خلاص الكره يملى قلوبهم، ويبدأ يكرهك في اللي أنتِ بتعمليه، وأنا متأكد إنك اللي مزعلك هو تفكيرك إن شغلانة والدك دي مش لايقة بِكِ صح؟”
أومأت له في خزيٌ، بينما هو قال بهدوء:
“علشان تبقي عارفة يا سارة، كل حاجة في حياتنا قسمة ونصيب ومكتوبة لينا، بس برضه إحنا لازم نحارب علشان نصيبنا دا، يعني أنتِ دلوقتي نجحتي في شغلك وفي علاقتك بأهلك، ومعايا مخلياني مش عارف أشوف غيرك ولا قادر حتى أستوعب إن الحياة دي ممكن تفرحني تاني زي ما فرحتني بوجودك جنبي، كل دا أنتِ اللي عملتيه علشان مستسلمتيش للأمر الواقع”
إتسعت إبتسامتها اكثر من ذي قبل حتى أوشك فمها على التيبس، ثم أرتمت داخل أحضانه فجأة وهي تقول:
“هو أنا قولتلك أني بحبك قبل يا سوفسطائي؟”
ضحك بقوة ثم قال:
“قولتيها كتير بس أنا بحب أسمعها منك يا جرثومة”
___________
في الخارج بعدما قام «ياسر» بعمل بعض التمارين لقدم «ميمي» وقف وهو يقول:
“كدا تمام زي ما عصام علمني، المرة الجاية هيكونوا أكتر يا ميمي”
اومأت له في هدوء ثم قالت:
“بس رجلي وجعتني أوي يا ياسر النهاردة”
تدخل «خالد» قائلًا:
“دا طبيعي، متنسيش إنك بقالك كتير مش بتحركيها يا ميمي، المهم دلوقتي ركزي مع ياسر ومتخافيش”
أومأت له، بينما قال «ياسر»:
“تعالي بقى أتمشي شوية لحد الأوضة جوه، علشان ترتاحي لحد وقت الغدا، تعالى ساعدني يا خالد”
قام «خالد» و عاونهما في السير حتى وضعوها على الفراش، خرجا سويًا بعد ذلك، كان الصغير نائمًا على قدم والدته، فنظر لها «خالد» وقال:
“ريهام دخليه ينام جنب ميمي جوه هي بتحب تاخده في حضنها وبدل ما تذنبي نفسك كدا”
أومأت له بهدوء ثم قالت:
“حاضر يا خالد هدخله”
دخلت ووضعت الصغير بجانب «ميمي» ثم خرجت وجلست بجانب «إيمان» فتحدث «ياسر» قائلًا:
“أنا هنزل أنا وإيمان نجيب حاجة الغدا سوا”
نظر «خالد» حوله ثم قال:
“الواد عامر راح فين؟”
ردت عليه «إيمان»:
“هو وسارة في البلكونة بيتكلموا سوا”
نظر إلى زوجته وهو يبتسم، فتحدث «ياسر» قائلًا بصوتٍ عالٍ:
“يــا بــنــي هاخد إيمان وننزل”
عض «خالد» على شفتيه بضيق ثم قال:
“غوروا في داهية تخلصني منكم أنتم الأتنين”
صفقت «إيمان» بقوة ثم قالت وهي تضحك بإتساع:
“مش مشكلة طالما داهية مع ياسر أنا موافقة”
ولم تنتظر التعقيب من الموجودين، بينما أمسكت يد «ياسر» وخرجت من الشقة تحت نظرات التعجب منه، في حين أن «خالد» قال بصوتٍ عالٍ حتى يصل لها:
“ماشي يا بنت عفاف، أنا هربيكِ علشان تبقي تروحي معاه في داهية كويس”
نظر لزوجته بعد ذلك وجدها تضحك بإتساع ولم تستطع التحكم في قهقهاتها، فتحولت نظرته إلى السخرية ثم قال:
“بتضحكي؟ أضحكي ياختي أضحكي، أنا هربيهم هما الجوز”
أوقفت الضحك ثم قالت وهي لازالت محتفظة بنبرة المرح:
“طب هما عملولك إيه طيب، سيبهم في حالهم”
تحولت نبرته إلى السخط وهو يقول:
“هو البيه مش كان منكد عليها، وهي وخداكي مني علشان تهوني عليها”
نظرت له مُتعجبة ثم قالت:
“طب وفيها إيه يا خالد ما أنتَ كنت بترجع من الشغل علينا وكنت بتبات في الشقة”
تبدلت ملامحه ثم قال مُتهكمًا:
“بيت؟! وهو البيت من غيرك دا بيت؟ دا سجن ياما، نهاية الكلام هترجعي معايا النهاردة هما خلاص بيتكلموا وزي الفل”
شعرت بالفرحة تغمرها إثر حديثه، فقالت بهدوء:
“قولي بقى البيت عامل إزاي من غيري فيه، إحكيلي بالتفصيل”
هز كتفيه ثم قال بنبرة هادئة:
“بُصي البيت من غيرك زفت ونيلة، ومن كتر نومي على الكنبة هيجيلي الغضروف”
إبتسمت له ثم قالت:
“حاضر والله هروح معاك النهاردة خلاص كدا”
غمز لها ثم قال بمرحٍ:
“أيوا كدا هو دا الكلام، وبعدين إيه طيب ؟ يعني الجو هادي خالص والدنيا هُس هُس، وأنا وأنتَ يا حبيبي والنجفة وبس”
“وعامر يا حبيبي موجود في كل وقت وكل مكان”
خرجت تلك الجملة بسرعة كبيرة من «عامر» بعدما خرج من الشُرفة، شعرت «ريهام» بالحرج وتحولت وجنتيها إلى اللون الأحمر فتحدث «خالد» بسخطٍ:
“أنتَ إيه اللي جابك؟”
تحدث «عامر» بسخرية:
“جيت علشان أكون مع النجفة يا أخويا”
ضحكت الفتيات، بينما «عامر» و «خالد» نظرا لبعضهما البعض بإستفزاز.
_____________
في عيادة الطبيبة النفسية كان «ياسين» جالسًا في الداخل و «خديجة» جالسة أمامه، والطبيبة على مقعدها، فسألت بهدوء:
“ها يا خديجة عملتي اللي طلبته منك؟”
كانت «خديجة» تشعر بالتوتر، لذلك وجهت بصرها نحوه، فوجدته يومأ لها بقوة ليشجعها، فأخذت هي نفسًا عميقًا ثم قالت:
“آه يا دكتور عملته”
إبتسمت الطبيبة ثم قالت:
“عظيم يا خديجة ، وريني بقى”
ارتجفت يد «خديجة» من التوتر ولكنها زفرت بقوة ثم قامت بإخراج الاوراق من حقيبتها، أعطتها للطبيبة ثم اخفضت رأسها في خجلٍ، بينما الطبيبة نظرت في الورق ثم إرتسمت بسمة على شفتيها رويدًا رويدًا، كان «ياسين» يتابع تعبيرات وجه «الطبيبة» بتعجب، فتحدثت هي بصوت مليء بالفخر:
“هايل يا خديجة أنتِ كدا فهمتي صح، من الواضح إنك عندك طاقة هايلة علشان تغيري كل اللي السلبيات اللي أنتِ حاسة بيها”
رفعت «خديجة» رأسها بسرعة كبيرة، ثم نظرت للطبيبة، فوجدتها تبتسم لها، بينما «ياسين» تحدث قائلًا:
“هي عاملة إيه يا دكتورة؟”
أمسكت الطبيبة بالورقة السوداء ثم قرأت ما تم تدوينه بها وهي تقول:
“خديجة قدرت تجمع كل النقط اللي مسببة لها حالة الذُعر، يعني هي كاتبة
١_أنا لا أساوي شيئًا
٢_أنا شخص فاشل لا يستحق النجاح
٣_أنا إنسان خجول لدرجة كبرى
٤_لا أستطيع التحدث أمام الأخرين ولا التعامل معهم
٥_أترك نفسي للأخرين ليتحكموا بي وبشخصيتي،ولا أدافع عن نفسي”
كانت تشعر بالخجل وتفرك كفيها ببعضهما، على الرغم من إرتجافة يدها، لكن الطبيبة تحدثت بالفخر وهي تقول:
“خديجة في الورقة البيضا، كاتبة عكس كدا و كذبت كل الكلام دا،ودا يدل على إرادتها القوية اللي هتقدر تغيرها لشخص تاني هي نفسها تتحول ليه”
كان حديث الطبيبة عنها مُشجعًا لدرجة كبيرة، وكذلك نظرة «ياسين» الفخورة بها، إبتسمت لهما في توتر ،فقالت الطبيبة بهدوء:
“دلوقتي بقى هطلب منك طلب ولازم تنفذيه”
خرج صوتها مهزوزًا وهي تسأل الطبيبة قائلة:
“طلب إيه دكتورة إتفضلي؟”
قدمت لها الطبيبة الورقة السوداء التي بها «السلبيات» ثم قالت بهدوء:
“عاوزاكِ تقطعي الورقة دي خالص هنا وقدامنا”
نظرت «خديجة» بتعجب لهما ثم قالت:
“طب ليه اقطعها، ما ممكن تفضل مع حضرتك”
هزت الطبيبة رأسها نفيًا ثم قالت:
“لأ أنا عاوزاكِ تقطعيها بنفسك لسبب معين”
تدخل «ياسين» قائلًا:
“قطعيها بس الأول، وبعدين نشوف السبب”
أومأت لهما في توتر ثم قامت بتمزيق الورقة إلى قطع صغيرة، تنهدت الطبيبة ثم قالت مُبتسمة:
“كدا تمام، هفهمك بقى يا خديجة أنا عملت كدا ليه، اللي أنا عملته دا إسمه التحدث مع الذات، يعني كدا أنا برمجت إشارات مُخك على سلبياتك دي اللي دلوقتي بالنسبة له شيء مرفوض لإنك لما كتبتي الورقة دي كنتِ على علم إنها سلبيات لازم تتغير، ودا اللي هيحصل عند أي حاجة سلبية تأثر عليكِ مُخك تلقائيًا هيتعامل على إنها سلبيات وشيء مرفوض بالنسبة له، والدليل هنا هو ورقة الايجابيات دي اللي أنتِ كتباها بإرادة قوية قدرت تخلي المُخ يحفظها “
أومأ لها الأثنين في تفهم، فقالت «الطبيبة»:
“دلوقتي بقى أنا خلصت العلاج النظري، نبدأ العلاج العملي يا خديجة”
ثم وجهت بصرها نحو «ياسين» و قالت له:
“استأذن حضرتك يا أستاذ ياسين تنتظر برة شوية، وهتدخل مرة تانية”
نظر لها «ياسين» ثم وجه بصره نحو «خديجة» التي كانت نظرتها ترجوه أن يبقى معها، لكن الطبيبة تحدثت بهدوء قائلة:
“هنتكلم أنا وأنتِ سوا يا خديجة، وهيدخل مرة تانية متقلقيش”
أخذت نفسًا عميقًا ثم أومأت في هدوء، بينما «ياسين» خرج من الغرفة ولكن نظره لازال مُعلقًا بها، بعد خروجه من الغرفة أخذتها الطبيبة ثم توجهت بها نحو المقعد الوثيرء الذي جلست عليه المرة السابقة بإسترخاء، بعد إسترخاء «خديجة» تحدثت الطبيبة قائلة بهدوء:
“ها يا خديجة قوليلي حاسة بإيه دلوقتي بعد ما قطعتي الورقة دي؟”
أخذت «خديجة» نفسًا عميقًا ثم قالت:
“حاسة أنِ عاوزة أكون خديجة جديدة..لأ أنا..أنا عاوزة خديجة القديمة ترجع تاني”
أُعجبت الطبيبة بإجابتها فقالت بهدوء:
“أيوا، ومين هي خديجة القديمة، والسؤال الأهم خديجة القديمة دي راحت فين؟”
رفعت «خديجة» رأسها تنظر للأعلى ثم قالت بتوتر ظهر جليًا في صوتها حينما قالت:
“خديجة اللي محبوسة جوايا، هي دي اللي نفسي أخرجها، خديجة اللي قدامك دي أنا معرفهاش أصلًا، أنا جوايا واحدة بتحلم وعندها أمنيات كتير نفسها تحققها، خديجة دي أنا معرفهاش واحدة جبانة بتخاف تتكلم وبتخاف تعبر وبتسكت عن حقها”
كانت الطبيبة تدون ما تتفوه به، فسألتها مُستفسرة:
“مين الناس اللي بتحسي معاهم إنك على طببعتك، يعني مش خايفة تتكلمي قصادهم”
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“ماما و أحمد و وليد و خلود و…”
توقفت عند الكلمة الأخيرة فسألتها الطبيبة:
“ومين يا خديجة قولي؟”
زفرت «خديجة» بعمق ثم قالت بهدوء:
“و مؤخرًا ياسين”.
_______________
في بيت آلـ «رشيد» إجتمعت العائلة بأكملها في الطابق الأسفل، فأول من تحدث كان «محمود» حينما قال:
“أنا كلمت خالي أطمنت عليه، هو بقى كويس بس محتاج شوية راحة علشان كدا معرفش يجي النهاردة”
رد عليه «طه» قائلًا:
“خلاص كمان كام يوم لو خلصنا شغل بدري نروح نطمن عليه، أو ممكن أخد مُرتضى أو محمد معايا”
وافقه أخوته فتدخلت «مُشيرة» قائلة:
“لما تروح قولي يا طه علشان مش هعرف أروح لوحدي”
وقبل أن يجيبها «طه» تدخل «محمد» قائلًا:
“طب خلاص العيلة مليانة عربيات وممكن نطلع عربية طه كمان ونلم العيلة كلها بالشباب ونروح”
تحمس الجميع لهذه الفكرة، بينما «محمود» قال:
“لأ يا محمد العدد هيكون كبير أوي، وبعدين بيت خالك مليان ناس زينا، إحنا الأخوات نروح ومشيرة معانا، ولما يخف نبقى نروح كلنا”
أيد الجميع فكرة «محمود» نظرًا لأنها الأكثر عملية، بينما «مُشيرة» نظرت حولها ثم سألت مُستفسرة:
“أومال هدير فين يا عبلة مش معاكِ ليه؟”
نظرت «عبلة» لـ «وليد» أولًا ثم نظرت لعمتها وقالت بهدوء:
“خرجت يا عمتو مع صحابها، علشان مخنوقة شوية”
نظرت لها «مُشيرة» بتعجب ثم قالت:
“ومن إمتى وأنتِ مبتخرجيش معاها يا عبلة؟”
قبل أن تجيب «عبلة» سؤالها، تدخل «وليد» مُجيبًا إياها وهو يقول:
“لأ أصل عبلة مش فاضية للخروج والكلام دا، يدوبك تظبط نفسها علشان نبدأ نجهز لفرحنا”
نظر الجميع إلى بعضهم البعض، بينما «مُشيرة» قالت له بغرور:
“أنا بسأل بنت أخويا عن بنت أخويا التاني، وبعدين مش أنتَ قولت قبل كدا أنا مش هتجوز غير لما أطمن على أختي”
قلدت طريقته في جملتها الأخيرة حينما قال قبل ذلك، أنه سيتزوج بعد إطمئنانه على «خديجة»، فَـرد عليها مُعقبًا:
“والله خلاص خديجة إطمنت عليها، وبقت مع ياسين، صحيح كاتبين كتابهم بس خلاص كدا أنا قلبي مرتاح”
شعرت «مُشيرة» أن هذه هي فرصتها لتذم في «خديجة» فقالت بهدوء:
“وهو مش عيب تكون هنا وأختك برا البيت، من غير حتى ما تخرج معاها وسايبها لوحدها”
شعر الجميع بالضيق من حديثها، ولكن أكثرهم ضيقًا كان «طه» لذلك أردف قائلًا:
“هي مش مع حد غريب يا مشيرة دا جوزها، وهو مستأذن مني”
نظرت له «مُشيرة» بحنق ، فهي لم تتخيل أن «طه» يُدافع عن إبنته، وقبل أن تتحدث مرة أخرى وجدت «وليد» يقول بهدوء:
“أنا مطمن علشان هي مع راجل جدع، أضمنه برقبتي، وبعدين عادي يعني يا عمتو كل العرسان الجداد بيخرجوا سوا ويتكملوا سوا علشان يتفاهموا، ولا علشان أنتِ بقالك كتير برا الكار دا متعرفيش؟”
نظرت له والشرر يتطاير من عيناها، بينما «مُرتضى» تحدث بضيق قائلًا:
“عيب يا وليد تكلم عمتك كدا، إيه قلة الأدب دي فاكر نفسك لسه عيل”
رغم ضيقه من حديث والده إلا أنه قال ببسمة هادئة على وجهه:
“يا بابا أنا بهزر معاها، والله بتمنى من كل قلبي ربنا يكرمها بعريس إبن حلال يعوضها عن كل اللي شافته ويديها على قد طيبة قلبها يا رب”
نظرت له «مُشيرة» بسخرية ثم قالت:
“دا أنتَ حبيب عمتو يا..يا ليدو”
كان الجميع ينظر لذلك الموقف وكلًا منهم بنظرة مختلفة منهم من هو شامت ومنهم من هو فرح ومنهم من يشعر بالضيق، ولكن الأكثرية الساحقة كانت من نصيب الفرحين بـ «مشيرة»
_______________
في عيادة الطبيبة النفسية بعدما ذكرت «خديجة» إسمه أخذت نفسًا عميقًا بينما سألتها الطبيبة مُستفسرة:
“يعني أنتِ مش بتخافي من ياسين؟”
حركت رأسها نفيًا ثم قالت بتلعثم:
“ياسين مينفعش أخاف منه، ياسين دا طوق النجاة اللي طلعلي وأنا بغرق في عرض البحر، أو العوض بعد سنين العُجاف، جه متأخر بس سبق كل اللي في حياتي”
كان الحديث يخرج من قلبها دون أن تشعر به، وبعد أن أنتبهت لما تفوهت به، أخفضت رأسها ثم قالت بنبرة مهتزة إثر التوتر:
“أ..أنا أسفة سرحت في الكلام”
إبتسمت الطبيبة ثم قالت:
“بس أنا مش عاوزة إعتذار، أنا عاوزة شجاعة منك، أنتِ دلوقتي وأنتِ بتتكلمي الأعراض مظهرتش عليكِ، معنى كدا إن الكلام خرج مباشرةً من غير خوف، يعني مفيش رعشة إيد، مفيش عرق في الإيد والوش ومتأكدة كمان إن مفيش آلام في المعدة صح؟”
نظرت لها «خديجة» بتعجب ثم أومأت لها في هدوء، تنحنحت الطبيبة تُنقي حنجرتها ثم قالت:
“دلوقتي يا خديجة ياسين هيدخلؤ علشان اللي هقوله لازم يكون هو موجود فيه بما إنه مساعد معايا في التغير دا”
أومأت لها «خديجة» ثم قالت بعدما أخذت نفسًا عميقًا:
“تمام يا دكتور”
طلبت الطبيبة «ياسين» كما المرة السابقة فدخل وهو مُتلهفًا، جلس على المقعد وبعد ثوانٍ جلست هى على المقعد المقابل له، إبتسمت لهما الطبيبة ثم قالت:
“دلوقتي إحنا هناخد خطوة جريئة في العلاج، وأستاذ ياسين لازم يساعدنا فيها في الأول وبعد كدا كدا هتبقى خديجة لوحدها”
أومأ لها ثم قال:
“أنا طبعًا موافق ومستعد، وهي كمان مستعدة معايا”
إبتسمت الطبية ثم قالت:
“بس أنا عاوزة أسمع الكلام دا منها هي”
نظرت «خديجة» له وجدته يومأ لها بهدوء، فأومأت هي مثله ثم رسمت بسمة على شفتيها، بادلتهما الطبيبة. البسمة ثم قالت:
“الرُهاب الإجتماعي يا خديجة أو الاضطرابات النفسية اللي بتؤدي للإنطوائية حلها الوحيد في المواجهة، يعني الرُهاب الإجتماعي دا أنواع في نوع أولي، ودا زي اللي عند خديجة، يعني ليه أعراض نفسية وبدنية بتظهر بقوة كبيرة، وفي رُهاب إجتماعي ثانوي ودا بيكون لسه بدائي يعني بيكون مجرد خوف من المناسبات ودا بيكون لأسباب عادية زي الكسل مثلًا، أو قلة الحماس للمناسبة نفسها، بس لو تم إهماله بيتحول لرُهاب حقيقي ويبدأ يتحكم في حياة الشخص”
كان كلًا من «ياسين» و «خديجة» ينصتا لها بكل حواسهم، فأضأفت الطبيبة قائلة:
“الحل هنا علشان خديجة، لازم نواجه الخوف بإننا نتقابل معاه وش لـ وش، يعني نبدأ ننزل تجمعات نبدأ ناكل برا في مطاعم لأن من ضمن الأعراض اللي عند خديجة إن هي مبتعرفش تاكل في مطاعم أو لمة، لو ركزنا على العلاج النظري بس وسيبنا العملي الوقت هيكون مضاعف”
كانت «خديجة» تشعر داخلها برهبة من حديث الطبيبة نعم هي تعلم أن تلك الخطوة مطلوبة لكنها لم تتخيل أن تكون بتلك السرعة، شردت قليلًا تُفكر في حديث الطبيبة، لكنها خرجت من شرودها على صوت «ياسين» قائلًا:
“طب نبدأ من إمتى يا دكتور؟”
إبتسمت الطبيبة ثم قالت:
“ياريت لو نبدأ من النهاردة، يعني تاكل في مطعم، تتعرف على ناس جديدة، تبدأ تخرج في أماكن فيها ناس، تتولى أدوار قيادية في حياتها، كل دا هيساعدنا بس الأهم نبدأ بأول خطوة”
خرجا سويًا من عيادة الطبيبة، بعد الإتفاق على موعد في منتصف الأسبوع، ركبا السيارة وكانت هي شاردة أمامها تُفكر في حديث الطبيبة ، بينما هو لم يتفوه بِـحرفًا واحدًا، وبعد فترة من القيادة أوقف السيارة ثم نظر لها بهدوء، بينما هي نظرت حولها ثم قالت له بصوتٍ يحمل الخوف بين طياته:
“لأ متقولش إن إحنا هننزل هنا!!”
إبتسم لها بإستفزاز ثم أومأ لها بهدوء، بينما هي زاد خوفها أكثر.
_______________
في بيت «حسان» في الصعيد كانت «جميلة» تنظر في ساعة هاتفها بقلق نظرًا لتأخر وصول والدها عن الموعد المحدد، أتت «نوال» وجلست بجانبها وهي تقول:
“مالك بس يا جميلة بقالك ٣ ساعات متوترة يا حبيبتي، زمانه على وصول”
نظرت لها وهي على وشك البكاء ثم قالت بتوتر:
“قلقانة عليه أوي يا تيتة، كل مرة بيلحق صلاة الجمعة هنا، أول مرة يتأخر للوقت دا العصر آذن والمغرب هيأذن خلاص ومش بيرد عليا”
ربتت «نوال» على كتفها بحنو ثم قالت:
“متقلقيش نفسك أنتِ بس وكل حاجة هتبقى كويسة،زمانه على وصول”
وقبل أن تعقب على حديثها وجدت الباب يُفتح بواسطة والدها، إنفرجت أساريرها بمجرد ما لمحت طيفه، وركضت إليه ثم إرتمت داخل أحضانه بقوة، تنهدت «نوال» بأريحية ثم إبتسمت بقوة، بينما هو شدد من عناق إبنته ثم قال:
“أنا عضمي لو واجعني بعد رميتك دي إتكسر خلاص”
شددت من مسكتها له ثم قالت:
“خوفت عليك أوي، أنتَ أتأخرت عن كل مرة قلبي واجعني عليك”
أبعدها عنه ثم قال بمزاح:
“قال يعني البت زعلانة علشان اتأخرت ، مش علشان الموضوع بتاعها مش هنتكلم فيه”
حركت رأسها نفيًا ثم قالت:
“لأ خالص والله أنتَ عندي أهم من الدنيا كلها، وجودك قدامي كويس كدا بالدنيا ومافيها، وعلشان تصدقني خلاص نقفل الموضوع دا الأيام دي لحد ما أنتَ تطلب مني”
إبتسم لها ثم قال بحنو:
“ربنا يباركلي فيكِ يا رب، أنا هطلع أرتاح شوية وأصحى لما الأكل يجهز”
أومأت له بهدوء، بينما هو ألقى التحية على عمته ثم صعد إلى غرفته، إقتربت منها «نوال» ثم قالت بهدوء:
“إيه يا حبيبتي أنتِ زعلتي منه؟”
نظرت لها بتعجب ثم قالت:
“لأ خالص يا تيتة، أنا فرحت إنه رجعلي تاني، وسرحت لو كان فعلًا جراله حاجة بعد الشر كنت هعمل إيه من بعده”
ربتت «نوال» على كتفها ثم قالت:
“حسان روحه فيكِ يا جميلة، بعد اللي حصل وأنتِ بقيتي كل دنيته، طبيعي إنه يخاف عليكِ ويخاف إنك تسيبيه، أنتِ مشوفتيش بيفضل يبص عليكِ إزاي وأنتِ بعيد عنه، كأنه خايف تتخطفي”
تنهدت «جميلة» ثم قالت:
“أنا عارفة والله و وجوده جنبي عوضني عن حاجات كتير، أنا خلاص هقفل الكلام في الموضوع دا لحد ما هو يبقى مستعد”
________________
نظرت «خديجة» حولها بخوف ثم قالت بصوتٍ مهزوز:
“بلاش يا ياسين علشان خاطري عندك”
أخذ نفسًا عميقًا ثم قال:
“خاطرك كبير أوي عندي والله بس علشانك أنتِ يا خديجة، تعالي معايا أنا موجود والله متخافيش”
نزل من السيارة ثم أنزلها خلفه، كانت ترتجف بقوة، وزادت ضربات قلبها من الإضطراب والخوف، بينما هو ربت على ذراعها بهدوء ثم قال:
“أنا هموت من الجوع والله، وأنتِ كمان جعانة باين على وشك، وأنا مش بخيل علشان اروحك جعانة كدا”
حركت رأسها نفيًا ثم قالت:
“مش هقدر والله خليها مرة تانية، بص تعالى البيت عندنا ناكل سوا”
حرك رأسه نفيًا ثم قال:
“مش هينفع أنتِ سمعتي هناء قالت إيه، لازم نبدأ الخطوات العملي، والنهاردة البداية، وأنا أهوه معاكِ وأنتِ مش لوحدك”
قال حديثه ثم أمسك كفها وأخذها داخل المطعم، جلسا سويًا على طاولة بعيدة عن الأنظار إلى حدٍ ما، كانت تنظر حولها بخوف وتوتر، بينما قال هو بهدوء:
“أهدي يا ست الكل، مفيش حد مركز معانا أصلًا، وأنا موجود هنا يبقى العبد لله أولى بالتركيز دا”
نظرت له ثم قالت بتوتر:
“أنا بصراحة عمري ما كلت برا البيت، ودايمًا بحس إنِ مقدرش على خطوة زي دي”
سألها مُستفسرًا:
“ليه يا خديجة متقدريش على خطوة زي دي”
زفرت بعمق ثم قالت:
“علشان مكانش عندي صحاب أو حد يجي معايا، يعني مش عندي اللي يشاركني إهتماماتي، دا غير إن بابا مكانش بيوافق إن أنا أخرج”
قبل أن يجيبها أتى النادل، فقام «ياسين» بطلب الطعام، بعدما رحل النادل قال لها هو بهدوء:
“أنا طلبتلك على ذوقي ويارب تكوني بتحبي الأكل دا”
أومأت له بهدوء ثم قالت:
“شكرًا بس أنا بجد مش هقدر آكل”
رفع أحد حاجبيه، ثم قال بحنق:
“لأ هناكل سوا علشان يبقى بيننا بانيه وبطاطس محمرة”
نظرت بجانبها لتُخفي بسمتها ولكن ما حدث أبهر «ياسين»حيث تعامدت أشعة الشمس في غروبها على أعين خديجة مما جعلها تُشبه أنهار العسل الصافية ، على الرغم من أن لونها بُني، لكنه إنبهر حينما رآى ذلك اللون، فقال بصوتٍ مليءٌ بالحب:
“تَعَامدت آشعة الشمس على عيناكِ، فتوغل الدفء إلى قلبي”
_______________
كانت «هدير» جالسة في أحد الكافيهات التي تجلس بها دائمًا، كانت تنتظر صديقة لها وهي تتصفح هاتفها، لكنها تفاجأت بإحدى صديقاتها القُدامى تقترب منها وهي تقول:
“مش معقول هدير الرشيد هنا، دي أحلى صدفة في الحياة”
إقتربت منها «هدير» واحتضنتها بقوة ثم قالت بعد ذلك:
“وحشتيني يا هيام أوي فينك يا بنتي اختفيتوا فجأة كدا”
تنهدت «هيام» بعمق ثم قالت:
“حصلت شوية ظروف كدا أضطرينا نمشي من هنا ونروح إسكندرية، إحنا جايين بس علشان كتب كتاب نُهى”
تبدلت نظرة «هدير» ثم قالت:
“وماله يا حبيبتي ربنا يخليكم لبعض، المهم هشوفك إمتى تاني”
هزت «هيام» كتفيها ثم قالت:
“بصي هو خلاص كتبوا الكتاب وأنا كنت هنا عند عمتي، ممكن يومين تلاتة كدا أمشي تاني، أنا معايا رقم عبلة ممكن أكلمها ونتقابل”
سألتها «هدير» مُستفسرة:
“معاكِ رقم عبلة من إمتى؟”
قالت «هيام» بنبرة طبيعية:
“معايا من حوالي شهر كدا، صحيح مش بنتكلم بس أهو خدته منها على الفيسبوك”
أومأت «هدير» في تفهم ثم قالت:
“تمام يبقى لازم نتقابل، على الأقل نفتكر الزمن الجميل”
إبتسمت «هيام»ثم قالت:
“لأ وأنتِ كنتِ خارباها، بس قوليلي صحيح مين اللي كان متصور مع علبة وطارق دا؟”
نظرت لها «هدير» متعجبة ثم قالت:
“مين دا اللي متصور مع علبة وطارق ماخدتش بالي”
إبتسمت «هيام» ثم قالت:
“واحد كدا كان كاتب على الصورة بتاعته معاهم
(أنا وعبلة والنجفة ملحوظة النجفة هو طارق يا شباب) وهي كانت واخدة الصورة من عنده بس خافية الإسم”
تذكرت «هدير» أمر تلك الصورة فقالت بنبرة جاهدت حتى تكون طبيعية:
“آه دا وليد إبن عمي مرتضى،”
تعجبت «هيام» فقالت:
“إيه دا بجد دا وليد؟ وماله أتغير ليه كدا، وكمان شكله أحلو أوي أنا معرفتوش خالص”
تنهدت «هدير» ثم قالت:
“هو فجأة كدا إهتم بنفسه، وراح چيم ورجع للرياضة تاني”
سألتها «هيام» مستفسرة:
“طب وهو قاعد مع طارق وعبلة ليه، اللي أنا أعرفه إنهم قط وفار”
إبتسمت «هدير» بسخرية ثم قالت:
“لأ دا كان زمان دلوقتي مخطوبين خلاص”
تعجبت «هيام» فقالت بسرعة كبيرة:
“إيه مخطوبين؟! وطارق موافق عادي؟”
أومأت لها «هدير» في هدوء ثم قالت:
“وفيها إيه يعني، عادي ما طارق و وليد طول عمرهم صحاب”
قالت «هيام» متفهمة:
“ماشي بس إزاي يوافق إن أخته تتجوز واحد كان مُدمن؟”
أمعنت «هدير» النظر إليها ثم قالت:
“مين دا اللي كان مدمن مش فاهمة؟”
أكدت «هيام» حديثها قائلة:
“وليد إبن عمك مرتضى كان مُدمن، وبيتعالج مع عمر إبن عمي في نفس المصحة”
إقتربت منها «هدير» وهي تقول:
“أنتِ متأكدة يا هيام من كلامك دا؟”
أومأت لها «هيام» بقوة ثم قالت:
“بقولك كان بيتعالج مع عمر إبن عمي، وأنا بنفسي شوفته هناك مرة”
إبتسمت «هدير» ثم قالت بخبثٍ:
“الله أكبر، لأ أنتِ تحكيلي كل حاجة واحدة واحدة”
_______________
ملحوظة/ الخطوات بتاعة العلاج النفسي دي كلها صحيحة ومؤكدة بنسبة كبيرة جدًا وأخر إستخداماتها كان سنة ٢٠١٩
ومعلومة كمان مريض الرُهاب الإجتماعي الأولي ميقدرش ياكل في أماكن عامة ولا قدام حد غريب، علشان دي معلومات مؤكدة.
________________
يُتَبَع