الفصل الأول
تسللت أشعة الشمس ومازلت جالسة موضعها تتفحص موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تراقب الإيميل الخاص به تراقب جميع الصور المدونة له عليها كل من أبدى إعجابه بجماله وجمال عينيه البنية وغمازته الموجودة بالخد الأيسر وجع يعتصر قلبها كلما رأت فتاة تعلق له بعبارات الغزل والحب تريد الصعود له تسرق روحه وتنتهي الحكاية هنا وتنطفئ نار قلبها وتعيش بسلام وهدوء
استفاقت من تأملها بصوره على صوت جدتها الحاد : أنتي يا أبله فريدة بقالي ساعة بنادي
هزت رأسها وقلبها يكد يقف من صوت جدتها وهي تقول :
أيوة يا تيتا نعم
التوى فمها بسخرية وقالت : أيوة يا تيتا نعم!، ياترى قاعدة مبحلقة في تليفونك في صور الأستاذ خالد كالعادة
مدت شفتيها للأمام بغضب طفولي :
بحبه يا تيتا ابن بنتك ده ربنا يسامحه من كتر حلاوته البنات هتاكله وهو حلوف لا يبالي بحبي ليه
اقتربت منها وضربتها بخفه على رأسها وقالت بتوبيخ حاد : له يعمل كدل وأنتي مدلوقة عليه يا هبلة، اتقلي واسمعي كلامي هيجلك راكع، خدي بنصيحتي ده أنا جبت جدك الله يرحمه حافي كدة على رجله..
قالت جملتها الأخيرة بتفاخر كبير
ليتها لديها ثقة مثل جدتها كانت امتلكت قلبه من اليوم الأول لرؤيته لها لكن قلبها الخائب لا يمنحها فرصة لذلك فقالت : ومالك بتقوليها بفخر كدة ليه
تحركت جدتها بخطى واثقة نحو النافذة وبدأت بسرد قصتها وكالعادة نبرة الفخر لم تتخلَّ عنها، فتسللت إلى الخارج وصعدت إلى شقة خالتها حتى ترى معذب قلبها ومن يرهقها عشقًا، وعلى وجهها ابتسامة عريضة، دلفت إلى الشقة كعادة هذا المنزل لا يوجد باب مغلق، صاحت بصوت رقيق : خالتو، أنتي فين؟!.
خرجت خالتها من المطبخ وهي تقول : صباح الخير يا ست البنات..
ردت وعيناها تتفحص المنزل بأكمله لعلها تراه أو ترى طيف له يشبع قلبها المسكين : صباح النور
ابتسمت خالتها بمكر واتجهت إلى المطبخ قائلة : أنتي عرفتي إن خالد نزل إجازة ولا لأ
دق قلبها بعنف وهي تقول : لأ ، آه بجد امتي فين ؟!
اتسعت ابتسامة خالتها وقالت بصوت خافت : ده على أساس إنك مشوفتهوش وهو طالع إمبارح الساعة ٢ بليل يا لئيمة
هتفت ببراءة : أنا أبدًا يا خالتو كنت في سابع نومة
ثم تذكرت بالأمس ما حدث
فلاش باك
تجلس علي مكتبها تذاكر آخر محاضرات هذا الأسبوع وعقلها لا يسعفها فقط ما يشغلها الآن هو ،هو فقط والله لا ولن يخذلها أرادها تنام وقلبها مطمئن ، وصل إلى مسامعها صوت سيارته تستقل أمام المنزل هرولت للشرفة لتراه يغادرها ببدلته السوداء المرصعة بنجوم ذهبية معبرة عن كونه فرد من أفراد الشرطة هرعت لباب المنزل تفتحه وتناديه بلهفة : خالد ازيك حمد لله على السلامة
التفت إليها وتوقف عن صعود الدرج وقال بنبرة رخيمة : الحمد لله يا فريدة إيه مصحيكي؟!
رددت والحُمرة تكسو وجنتيها : كنت بذاكر وسمعت صوت عربيتك طلعت اطمن عليك
هز رأسه ثم دقق النظر بها وتفحصها من رأسها إلى ساقيها ببطء وارتفع أحد حاجبيه بدهشة عندما رأي ما ترتديه، قميص قطني زهري اللون يبرز بشرتها البيضاء، وتفاصيل جسدها الأنثوي فقال بخشونه وهو يشير عليها : أنتي إزاي تفتحي الباب كدة،
ثم أكمل حديثه وهو يهبط تلك الدرجات التي تفصلهم وقال : أنتي بتطلعي كدة لأي حد، انطقي .
تحدثت بنبرة مهزوزة : والله أبدًا عمرى ما طلعت كدة لحد
ارتفعت نبرة صوته قليلًا وقال : بردو ولا حتى ليا، منا حد يا هانم
تنهدت بحنق مردفة : أي أوامر تانية
أجابها ببرود وهو يعاود الصعود : لأ، ويالا مع السلامة.
دلفت لمنزلها مرة أخرى وهي تكاد تبكي منه ومن طريقته معه
لتعود من ذكرياتها على صوت خالتها المرتفع : بت يا فريدة أنتي نمتي
قالت متلعثمة : ها، لأ ، احم خالتو هو خالد لسه نايم.
هزت رأسها وهي تقطع الخضروات بهمة : آه، روحي صحيه بقى عشان يفطر لغاية ما أجهز الفطار
ذهبت لغرفته ودخلت بخطوات هادئة حتى لا توقظه مفزوعًا ورأت ما تراه كل مرة أعقاب سجائر تملئ الأرض ونائم هو علي بطنه والغطاء يكشف جذعه العارى وبجانبه هاتفه وسماعاته وتأكدت ككل مره أنه كان يتحدث مع فتاة يطلق عليها لقب صديقته
ذهبت نحوه بضيق تناديه بصوت مرتفع بعض الشيء : خالد يا خالد اصحي
فتح عينيه بتثاقل شديد، حاول التركيز عدة مرات حتى ظهرت أمامه منحنية بجذعها العلوي نحوه وملامح وجهها وجمة
تحدث بصوت يأثر عليه النعاس : أنتي بتعملى إيه في أوضتي!.
هكون بعمل إيه يعني بصحي جنابك
قالتها فريدة بحنق
جذبها من يديها بسرعة لتقع على فراشه شهقت بصدمة، ليقول هو بصوته الرجولي الذي يثير الشغف بقلبها بقوة : وفي واحدة تصحي واحد وهو قالع كدة
هتفت بارتباك :
دي ، دي ، دي ،دي خالتي
أيوة خالتي هي اللي بعتتني أصحيك إنما أنا مكنتش هاجي أصحيك بس اتكسفت أقولها لأ ينفع أقولها لأ بردو بذمتك ؟!
رمقها بنصف عين وقال بابتسامه جذابة لتظهر غمازته بخده الأيسر : لا ميرضنيش يا ديدي
همست بأنفاس مضطربة : خليني أخرج لخالتو المنظر كدة مش كويس يا خالد
تمسك بيدها أكثر وقال وهو يضغط عليها بقوة قائلًا بمكر : لما أنتي مش قدي حطاني في دماغك ليه، يا ديدي أنا لو كنت اتجوزت بدري كنت خلفت قدك يا حبيبتي.
صكت أسنانها بعنف وضيق من حديثه ومن السخرية الواضحة من حديثه فتمتمت : مش حطاك في دماغي حطاك في قلبي ، أنا بحبك يا خالد
اعتدل في جلسته وجذب سترته ليرتديها وهتف متعمد تجاهل حديثها : ماما أظن بتنادي عليكي يالا روحيلها.
هتفت بضيق : عارف أنا بحبك آه بس هيجي يوم وأموت من حبي ليك ده يا خالد
التفت إليها بعدما كاد يدلف إلى المرحاض ليقول بصوت قوي وحاد : بقولك ماما بتنادي يالا
ثم أشار برأسه على الباب
خرجت من غرفته وهي تغلق الباب خلفها بقوة، ثم اتجهت نحو باب الشقه دون أن تعير الانتباه لأي من خالتها أو زوج خالتها، وهبطت إلى شقة جدتها، لتدخل إلى غرفتها وتبدأ بانيهارها وبكاءها الحاد، فسمعتها جدتها كالعادة وهزت رأسها بيأس عليها وعلى ساذجة قلبها.. بقيت بالغرفة معظم اليوم حتى طرقت بابها جدتها وقالت : فريدة يالا يا حبيبتي علشان نتغدا مع خالتك.
فتحت لها فريدة وعيناها كجمرتين من النار وقالت : اطلعي أنتي، مش عاوزة آكل دلوقتي.
ربتت جدتها على كتفها وقالت بحنان : فريدة مهما اللي كان بينك وبين خالد ده ميجيش على عاداتنا أبدًا، يالا نطلع ونتغدا.
هتفت بضيق طفولي : مش عاوزة أشوفه.
قهقهت جدتها بقوة لتقول بعدها : ياسلام قال إيه البت مش عاوزة تشوفه، ولسه من شوية سابتني وطلعت زي الهبلة تشوفه، يالا غيري هدوك وتعالي معايا..
أومأت برأسها وهي تتجه إلى الداخل لترتدي ثياب مريحة تناسب جلوسها اليوم بالمنزل، وصعدت مع خالتها بملامح وجمة، دلفا إلى الداخل وجلست على الأريكة دون أن تتفوه بكلمة، فمال عليها زوج خالتها رأفت : هو البأف ده زعلك
مدت شفتيها بحزن وهي تتمتم : هو في حد غيره مزعلني يا عمو
لكزها رأفت بكتفها وقال بهمس : الواد ابني ده مبيجبش إلا بالضرب على دماغه، اسمعي كلامي
ردت تتساءل: أعمل إيه يعني يا عمو
دلف الجميع إلى غرفه الطعام فصمتا معًا وترقبا دخوله، فدخل هو بطوله الفارع وهيبته التي تجعلها أسيرة له بثوانٍ، جلس كالمعتاد أمامها وبدأ في تناول طعامه ببرود كعادته
حمحم رأفت وقال بمكر : إلا قوليلي يا فريدة مين الولد اللي كان واقف معاكي إمبارح ده
وقف الطعام بمنتصف حلقها من الصدمة وأدركت مسرعة لعبة زوج خالتها حتى يثير غضب نجله فردت : ها ده شريف زميلي يا عمو
فمالت عليها جدتها وقالت بهمس : سيبك من عمك رأفت، هايوديكي في داهية، متسمعيش كلامه لما حب مرة يعمل فيها صايع اتمسك من جدك وهو ماشي ورا خالتك يعاكسها زمان
تشعر بالحيرة منها ومن رأفت لا تعرف لحديث من تنصت وتفعل ما يقوله لها حتى تحصل على قلب حبيبها
فقطع حيرتها هو بقوله : بجد أنتي خرجتي إمبارح أومال لما كلمت ماما قالتلي أنتي قاعدة إمبارح طول اليوم تعبانة …
أنهى حديثه بغمزة خفيفة من عينيه لوالده ولها
هزت رأسها وتركت طعامها وهتفت : لا خرجت
بعد إذنكم أنا شبعت
هتف بصرامة : اقعدي كملي أكلك، أنتي ماكلتيش حاجة.
ردت بضيق وهي تجلس مرة أخرى : خدامين سيادتك يا خالد بيه
كاد أن يرد عليها لولا رنين جرس المنزل ذهب يرى من القادم وبعد دقائق عاد ومعه صديق طفولته أدهم مختار قبل رأس سميرة ويد نبيلة ورأفت ثم أمسك بخدين فريدة يقرصها منهما وهو يردد ببعض من السخافة : إيه كل الخدود دى يا فيرو
ضحكت بمرح وقالت : بقيت أكرة خدودي بسببك يا دومة
ضحك أدهم بقوة ليقول : حقيقي بعشقهم، نفسي بنتي تبقى بخدود زيك، هاكلهم والله.
انتفضوا جميعًا على صوت ركلة للكرسي وهو يقول بشئ من العصبية : لو خلصت دلعك في الهانم تعالى ورايا.
هتف أدهم باستفزاز : لا لسه مخلصتش محدش يقدر يبطل يدلع فيرو روح أنت ولما نزهق هجيلك
التفت بجسده يرمق صديقه بغضب وقال بحدة : أدهم ورايا، يالا.
همس بضيق لفريدة : ابن خالتك هياكل صحابه يا فريدة هروحله وأرجعلك.
ثم وجه حديثه إلى والدته ليقول : لو سمحتي يا ماما اعملي اتنين شاي، وتجبيه لينا في الأوضة، تجيبه يا ماما،، ها، تجبيه.
هزت والدته رأسها بإيجاب، بينما ذهب أدهم خلف صديقه بمضض وما إن دخلا إلى الغرفه ليجد صديقه يغلق الباب بقوة ويلتفت إليه قائلًا بصوت حاد : هو أنا مش قولتلك ميت مرة بطل تدلع فريدة بالطريقة دي ، فريدة كبرت يا أدهم .
رد أدهم بابتسامة عريضة : الله ما هى لسه صغيرة من وجهة نظرك يا خلود
عقد خالد ذراعيه أمامه وقال : يعني أنت قاصد تعمل كدة..
صمت لبرهة وقال : أنت عاوز إيه يا أدهم بالظبط
ردد أدهم بهدوء : عايزك تحس بيها يا خالد أنت بتحبها بس مش حاسس
زفر خالد بقوة وقال بحنق : أنت مالك يا أخي، أحس ولا محسش، أحب ولا محبش، أنا حر الله !.
هتف بسعادة وهو يمسك هاتفه
: صح أنا أعبر أهلك ليه أخليني في نهال حبيبتي
أما في جانب آخر كان هناك صراع بين رأفت وسميرة…
جذب رأفت الصينية وقال : اسمعي بس مني يا حماتي، أنا أدرى واحد بابني، فريدة هتدخله الشاي.
زمت شفتيها بضيق وقالت وهي تجذبها منه : لأ فريدة مش هتدخلها يا رأفت، أنت مش شوفته وهو بينبه إن أمه هي اللي تدخلها.
قطب رأفت حاجبيه وحول بصره لنبيلة التي كانت تقف تتابع حديثهم وعيناها على أكواب الشاي وهي تنتقل من هنا إلى هناك بسرعة فيقع الشاي على الصينية، انتبهت إلى لكزات رأفت لها لتنتبه له وتقول : ها!..
جز على أسنانه وقال : ها إيه!، بقولك خلى أمك تديني الصينية.
وحاول جذبها مرة أخرى فتشبثت بها سميرة بعناد، زفرت نبيلة بحنق وقالت : بتشدوا في إيه، الشاي وقعتوه كله على الصنينة.
قالت سميرة بضيق : قولي لجوزك يبعد عن بنت بنتي بأفكاره المجنونة، هيوديها في داهية.
أخفض صوته وهو يقول بتذمر : شفتي أمك بتقول إيه، الله يسامحك يا حماتي، يعني أنا لما أطلب منها تدخل الصنينة كدة أبقى بهين كرامتها.
وضعت الصينية على الطاولة وقالت بضيق : ابنك قليل الأدب ولسانه زفر، وبيديها على دماغها وهي زي الهبلة بتاخد في جنابها وتسكت.
استغفر رأفت ربه في سره ثم قال بعدها : ما أنا عشان كدة عاوزاها تبدأ تديله على دماغه.
في هذه الأثناء أعدت نبيلة الشاي مرة أخرى ثم قالت : ماما على فكرة الساعة ٧ معاد جريمة في الصعيد جه.
حولت سميرة بصرها نحوها وقالت بحماس : بجد.
هزت الأخرى برأسها وقالت : آه روحي الحقيه ، ده كان البرنامج إمبارح عامل تشويق على جريمة قتل رهيبة، هودي الشاي وآجي وراكي.
هزت رأسها بإيجاب وذهبت لتنصرف بخطواتها البطيئة وهي تقول : يالا بسرعة وهاتي البسكوت.
غادرت سميرة، التفتت نبيلة إلى زوجها وهي تقدم له الصنينة وتقول : امسكها لغاية ما أنادي على البت فريدة في الخباثة.
ابتسم لها وأرسل لها قبلة في الهواء وهي تغادر : حبيبتي يا بلبلة، يافهماني أنتي، ناديها بسرعة بقى…
أطلقت ضحكات مرتفعة، وذهبت دقيقة ثم عادت وهي تجذب يد فريدة خلفها بقوة : ادخلي لعمك رأفت عاوزك…
دلفت إلى الداخل وقالت : في إيه ياعمو رأفت.
أنهت حديثها وهي تنتقل بعينيها بينه وبين الصينيه الممسك بها.
قدم لها رأفت الصنينة وقال بابتسامة عريضة : خدي يا حبيبتي دخلي الشاي لأدهم وخالد.
ردت بذعر : أنت بتسلمني تسليم أهالي يا عمو رأفت
ابتسم بمكر وقال : أنا بردو!، أنا أقدر يا ديدي،يالا دخليها أصل خالتك رجليها بتوجعها…
فتصنعت نبيلة الألم وقالت وهي تجلس على أحد الكراسي: آه ياني، دخليها يا ديدى بالله عليكي!!.
هزت رأسها بخوف وهي تأخذ الصينية من يده وتدخل إلى مكتبه وقلبها يرتجف ما إن رآها وهتف بغضب : أنا مش قولت ماما هى اللي تجيب الشاي
ردت بخوف : خالتو رجليها وجعاها
أخذ من يديها الصينية ووضعها على مكتبة بغيظ وجذبها من يدها اليمنى تحت نظرات أدهم الخبيثة وذهب بها لبلكون منزله وهو ينظر لها بحقد وغضب مرددًا بصوتٍ عالٍ : أنتي مفيش عندك كرامة ؟!