روايات شيقه

رواية سر غائب الفصل الرابع و العشرين



فتح أيسر عيناه الخضراوتين بعد سماعه ذلك الصوت الذى علم هو أن اليوم لن يمر مرور الكرام بدون حدوث مشادات كلامية وربما أيضاً عراك..فكيف غفل هو عن وجودها ؟ وأنها مازالت ترتدى خاتم خطبته فدارت عينيه بالغرفة كمن يبحث عن شئ يقوله

الا انه نظر إليها قائلا بهدوء:
–جيسكا

عقدت جيسكا ذراعيها امام صدرها وهى ترمقه بنظرات حادة قائلة بسخرية:
–مكنتش أعرف ان ثراء من النوع ده يعنى عاملة مؤدبة ومحجبة وهى قاعدة جمبك وحاطة رأسها على كتفك ونايمة وأنت حاضنها عادى كده مش ده فى نظرها برضه حرام ولا الحرام والحلال فى حاجات معينة بس

أستمعت ثراء وهى مغمضة العينين لكل كلمة تفوهت بها جيسكا بحقها إلا إنها أرادت أن تسمع رد أيسر على حديثها فوجدته يقبل رأسها قائلا:
–ثراء دى أطهر وأشرف واحدة في الدنيا دى كلها

صدرت أهه سخرية من بين شفاه جيسكا وهى تقول:
–باين أوى الطهارة اللى هى فيها يا أيسر

عند هذا الحد وفتحت ثراء عينيها ترمقها بنزق قائلة:
–أصل مش حرام يا جيسكا ان أنا اقعد جمب جوزى

تدلت ذراعى جيسكا بجانبها بعد سماع ما تفوهت به ثراء لتعاود النظر لأيسر قائلة:
–جوزها!!

خرجت تلك الكلمة منها بغرابة تشعر بثقلها على لسانها فكيف حدث ذلك فهى لم تغيب سوى سويعات قليلة لتعود وتجده تزوج من أخرى فأستطردت قائلة:
–انتوا اتجوزتوا أمتى انا سيباك بس من كام ساعة ولا هى بتقول كده علشان تحافظ على صورتها قدامى رد عليا يا أيسر

علا صوت جيسكا تريد منه إيضاحًا لما سمعته الآن الا انها وجدته يرمقها بنظرة محذرة من مغبة الاستمرار في سلوكها الحاد معه

فهتف بصوت هادئ قائلا:
–جيسكا وطى صوتك وأنتى بتتكلمى ملوش لازمة ان صوتك يجيب اخر المستشفى وايوة اللى انتى سمعتيه صح ثراء دلوقتى بقت مراتى واتجوزنا الصبح

زادت عينى جيسكا اتساعاً فهو يخبرها بما حدث كأنه يتلو عليها اخبار الطقس اليوم وليس ذلك الخبر المدوى التى تلقته مسامعها كطلقات الرصاص

فهتفت بذهول قائلة:
–اتجوزتوا النهاردة الصبح ومن غير ما أعرف ولا تكلف نفسك أن تقولى انتى مفكرنى ايه لعبة فى ايدك

اقتربت جيسكا من الفراش مدت يدها رغبة منها فى امساكه من تلابيب ملابسه الا ان يد ثراء حالت بين وصولها إليه

فنظرت اليها ثراء قائلة بهدوء:
–أنا مش قولتلك يا جيسكا متمديش ايدك ولا تلمسيه انتى مبتحبيش تسمعى الكلام ليه ها

ظلت جيسكا تحدق بوجه ثراء وهى ترمقها بتلك النظرة الشامتة فأستطردت ثراء قائلة:
–أنا بس هسيبك المرة دى يا جيسكا تتكلمى معاه علشان هتبقى دى آخر مرة مفهوم

نفضت جيسكا يد ثراء الممسكة بمعصمها وهى تهتف بغيظ قائلة:
–وكمان بتهددينى يا ثراء وبتتحدينى

تركت ثراء مكانها بجوار أيسر وقفت بجانب الفراش وضعت يديها بجيبها فنظرت لجيسكا نظرة عابرة قبل ان تنقل بصرها إلى زوجها

ابتسمت ثراء ابتسامة خفيفة قائلة:
–انا هسيبك تتكلم معاها وانا موجودة قدام الباب علشان نقفل الموضوع زى ما انا قفلت موضوع أمير

هز أيسر رأسه موافقاً على أقتراحها فبادلها الابتسام قائلا:
–ماشى يا حبيبتى

خرجت ثراء من الغرفة وبالرغم من التحضر الذى اظهرته بتصرفها إلا أنها من داخلها تشعر باشتعال نيران الغيرة من فكرة وجود إمرأة اخرى بالغرفة مع زوجها حتى وان كانت تجلس بالخارج وترى ما يدور بالداخل

عقدت جيسكا ذراعيها فى انتظاره أن يبدأ بتفسير كل ما حدث فاعتدل بجلسته قائلاً:
–جيسكا انا اسف على اللى حصل بس انتى كنتى عارفة ان انا بحب ثراء وهى كمان بتحبنى ولما باباها جه الصبح ومعاه المأذون نسيت كل حاجة ومقدرتش أرفض ان اتجوز ثراء لأن دا حلمى الوحيد انها تبقى ليا وأنا مفتكرتش حاجة غير أن البنت اللى محبتش غيرها خلاص هتبقى ملكى ومراتى

استمعت جيسكا لحديثه كاملاً حتى انتهى مما يقول فأقتربت منه تستند باحد ذراعيها على طرف السرير خلف رأسه وذراعها الاخرى تضعها بخصرها

فانحنت قليلا اليه تقترب منه قائلة:
–وهو أنت مفكرنى ان أنا هسمع منك الكلام ده ودموعى هتنزل وأفرح بقصة الحب الجميلة اللى انتهت بالجواز شكلك لسه متعرفنيش يا أيسر مش جيسكا اللى تبقى عينيها من حد ويبقى فى ايدها وتسيبه كده من غير ما يجيلى مزاجى

احتدمت ملامح وجهه وهو يرى تهديدها الصريح له ولكنها هى الأخرى لا تعلم ما بأمكانه ان يفعله فابتسم بجانب فمه قائلا بسخرية:
–وشكلك انتى كمان لسه متعرفنيش مش انا اللى اتهدد ومن واحدة ست يا جيسكا خلينا نفترق اصحاب أحسن ما يكون فى بينا مشاكل وعداوة واحنا كل اللى بينا دبلة وبس يعنى لا اتجوزنا ولا حصل بينا حاجة علشان يبقى فى خسائر فى مثل عندنا فى مصر بيقول خالتى وخالتك واتفرقوا الخالات ومتحاوليش تقنعينى انك حبتينى أوى كده

اقتربت جيسكا أكتر منه وهى ترمقه بنظرة وديعة قائلة بهمس ناعم يتمنى العديد من الرجال ان يسمعه منها:
–أنا فعلا حبيتك يا أيسر تقريبا انت أول واحدة أحس ان انا بحبه كده طول عمرى وبشوف الكل بيجرى ورايا علشان بس نظرة رضا الا أنت يا أيسر علشان كده حبيتك ولما غيرت رأيك لما عرضت عليك تتجوزنى وجيت قولتلى أنك موافق وهنتخطب أنا فرحت أوى ومكنتش مصدقة تيجى دلوقتى وتقولى ان انا محبتكش

زفر أيسر بخفوت قائلاً:
–ده مش حب يا جيسكا ده رغبة فى واحد أتحدى كبريائك كأنثى شايفه الكل بيجرى وراها حبيتى الاختلاف محبتنيش كأنا لاء حبيتى رفضى ليكى فاخدتى الموضوع تحدى بس بعد كده كنتى هتقفى وتفكرى وتغرفى ان أنا بالنسبة ليكى مش أكتر من نزوة عابرة زى غيرها

اثناء حديثه طفقت جيسكا تحرك رأسها يميناً ويساراً رافضة ما يقوله كأنها بذلك تحاول ان تنفى عنها ما يصفه بها ولكن ربما يحمل حديثه بعض الجدية بشأنها ولكن مازال ذلك الجزء الرافض منها يحثها على عدم الاستسلام لما يقوله..!!!
_________
سمعت ضحى رنين هاتفها وجدت المتصل والدها فتحت الهاتف تهتف بنبرة هادئة :
–نعم يا بابا
أجابها منير بصوت غلب عليه الحزن قائلا:
–ضحى فى مصيبة حصلت
سمعت ضحى ذلك ارتجفت أوصالها تخشى ان يكون ألم به مكروه وهى ليست بجانبه فهتفت بلهفة شديدة:
بابا مالك فى ايه انت كويس حصلك حاجة رد عليا أنت تعبان
سمع منير صوتها المتلهف فأجابها قائلا:
–انا كويس بس فايزة وأشرف جم البيت يعيشوا معانا يا ضحى ومصممين على كده انا خرجت ادور على اى مكان نقعد فيه ملقتش سامحينى يا ضحى أنا السبب فى كل ده من البداية

رددت ضحى ما سمعته من والدها بدهشة وصدمة احتلت ملامحها الجميلة:
–ايه جم البيت يعيشوا معانا بابا أنت بتتكلم جد

اجابها والدها بنبرة منكسرة قائلا:
–ايوة يا ضحى ومش عارف اعمل ايه يا بنتى حتى مش لاقى مكان كويس نقعد فيه وأنتى عارفة العين بصيرة والايد قصيرة

اغمضت ضحى عينيها تمنع تسلل الدموع من عينيها لتفتحها بالثانية التالية قائلة بصوت متحشرج:
–طب هنعمل ايه يا بابا

حاول منير غرس بذرة من الأمل بداخلها فهتف قائلا:
–ان شاء الله على ما ترجعى هكون لقيت مكان نقعد فيه اطمنى يا حبيبتى متخافيش انا معاكى ان شاء الله لو قعدنا فى الشارع بس مش هسيبك تعيشى مع أشرف وفايزة

ردت ضحى بصوت منخفض قائلة:
–ان شاء الله ربنا ييسر الحال

انهت ضحى حديثها مع والدها فرمت الهاتف من يدها على الفراش تدفن وجهها بالوسادة تكتم صوت بكاءها لم تنتبه لدلوف ثراء الغرفة بعد عودتها من المشفى فأقتربت منها بقلق قائلة:
–ضحى حبيبتى مالك فى ايه بتعيطى ليه حصل حاجة

رفعت ضحى وجهها بعد سماع صوت ثراء نظرت اليها بعينان باكيتان فروت لها ما اخبرها اياه والدها فعاودت البكاء ثانية ربتت ثراء عليها بحنان قائلة:
–حبيبتى ان شاء الله خير وكل حاجة هتتحل متقلقيش

فى تلك الآونة دلفت فيروز إلى الغرفة للاطمئنان على ابنتها بعد عودتها من المشفى فأجفلت قليلا بعد رؤيتها بكاء ضحى وجلوس ثراء بجانبها فخشيت أن يكون حدث مكروه لتلك الفتاة التى أحبتها لطيبتها واخلاقها الحميدة

فأقتربت منهن فيروز تهتف بقلق:
–مالكم يابنات فى ايه وبتعيطى ليه يا ضحى فى ايه يا حبيبتى خير ان شاء الله

التفتت ثراء لوالداتها تهتف بحزن بسبب بكاء صديقتها :
–ضحى يا ماما هى وباباها واقعين فى مشكلة كبيرة

جلست فيروز على الفراش الآخر تنظر اليهم باستفهام عن ماهية تلك المعضلة التى تؤرق ضحى ووالدها:
–خير ان شاء الله قولولى فى إيه

قصت ثراء لوالداتها كل شئ عن زوجة والد ضحى وشقيقها البغيض ومحاولته الاعتداء عليها نهاية باصرارهم على المكوث معهم بالمنزل

فكرت فيروز برهة وجيزة ثم اخرجت من جيبها مجموعة من المفاتيح فأخرجت أحدهم وضعته بيد ضحى قائلة بابتسامة:
–ولاتزعلى نفسك يا حبيبتى خدى ده مفتاح بيت أبويا الله يرحمه البيت فى منطقة كويسة جدا والبيت نضيف كنتى بخلى حد من الشغالين يروح كل أسبوع ينضفه وهتلاقى فيه كل حاجة تحتاجيها عيشى فيه انتى وباباكى وانا هبقى مبسوطة ان البيت هيتفتح من تانى هو من ساعة ما والدى اتوفى وانا روحت عيشت فى قصر عيلة الرافعى وهو بقاله سنين مقفول

ظلت ضحى تنظر اليها وهى ممسكة بيدها ووضعت المفتاح بكف يدها الا ان ضحى رفضت قائلة:
–لاء يا طنط متشغليش بالك بابا ان شاء الله هيلاقى بيت نقعد فيه

ابتسمت فيروز ومدت يدها تمسح دموع ضحى المتساقطة على وجنتيها قائلة:
–حبيبتى انتى بقيتى غالية عليا وحبيتك جدا وأنتى صاحبة ثراء الوحيدة وانا اللى يحب بنتى أشيله فى عينى واعتبرينى زى مامتك ولو ليا خاطر عندك توافقى يا ضحى

فرت دمعة من عين ضحى ولكن تلك المرة بسعادة وامتنان أن الله قد أراد لها مقابلة ثراء ووالداتها فتركت مكانها تقترب من فيروز تحتضنها فهى تشتاق ان يضمها أحد مثلما كانت تفعل والداتها الراحلة فشددت فيروز من أحتضانها لجسد ضحى وهى تربت عليها بحنو وعطف أمومى قد فقدته ضحى منذ زمن بعيد

فأبتسمت ثراء قائلة بمزاح:
–ياسلام يا أختى عمالة تحضنى فى ماما وسيبانى كده سقعانة

ابتسمت ضحى رغما عنها فأقتربت من ثراء تحتضنها تهمس بأذنها:
–وهو أنتى دلوقتى بقيتى محتاجة حضنى بقى فى حد تانى اللى ريحة برفانه فايحة من هدومك دى

أتسعت عين ثراء بصدمة بعد سماع همس ضحى لها وتذكرها لقربها من أيسر فاذردت ريقها عدة مرات تحاول أن توارى خجلها الذى تصاعد الى وجهها يصبغه بلون أحمر يشبه فى احمراره حبات الفراولة الناضجة..!!!
_________
أطاحت جيسكا بكل المزهريات الزجاجية الموجودة بغرفتها فظلت تصرخ بصوت عالى وصدرها يعلو ويهبط من فرط حنقها واستياءها قائلة:
–لييييييه يا أيسر بتلعب بيا أنا بس لا عاش ولا كان اللى يلعب بيا واسكتله فاكرنى لعبة تلعب بيها وبعد كده ترميها لما خلاص وصلت للى عايزة بس لاء اذا كنت أنت مش ليا مش هخلى واحدة تانية تتهنى بيك وصدقنى ده وعد منى

نظرت لنفسها بالمرآة قبل أن تقذفها بتلك المزهرية التى تحملها بيدها ولكنها سمعت صوت طرقات عالية على باب غرفتها مسحت عينيها ووجها بكف يدها مما زاد فى تلطيخ وجهها بذلك اللون الأسود التى كانت ترسمه على عينيها فتحت الباب وجدت أمير يقف على الباب

نظر اليها بقلق بالغ قائلا:
–جيسكا فى ايه صوت التكسير اللى جاى من اوضتك ده وصوت صريخك اللى جايب اخر الدنيا

تركته جيسكا ودلفت للداخل فتبعها أمير فأتسعت عيناه وهو يرى كم الزجاج المتناثر بكل ركن من أركان الغرفة

فهتف قائلا:
–ايه ده كله يا جيسكا وعلشان ايه ده كله انتى بهدلتى الأوضة خالص

جلست جيسكا على الفراش رفعت وجهها إليه قائلة:
–أمير انت كنت تعرف أن ايسر وثراء اتجوزوا

هز أمير رأسه بالموافقة وهو يجلس على مقعد خلفه قبل أن يقول:
–ايوة كنت عارف وشهدت على قسيمة الجواز كمان يا جيسكا

عقدت جيسكا حاجبيها بتعجب فانحنت قليلا للامام وهى ترتكز بذراعيها على ساقيها قائلة:
–كمان يا أمير وقدرت تعمل كده وانت كان باين عليك ان انت بتحب ثراء سبتها كده بسهولة

زفر أمير بقلة حيلة قائلا:
–كنت هعمل ايه هى مبتحبنيش وبتحبه هو وفعلا انا حبيت ثراء ويمكن هى الوحيدة اللى حبيتها من كل اللى مروا فى حياتى بس بالرغم من كده مقدرتش اقبل على كرامتى كراجل ان أعيش مع واحدة غصب عنها او انها تكون معايا وبتفكر فى حد تانى أنا برضه راجل شرقى يا جيسكا

تركت جيسكا مكانها وقفت أمام النافذة المطلة على أحد الشواطئ تأملت زرقة البحر وعقلها يدور بكل إتجاه فهى كانت تظن أن أمير لن يقبل بما حدث وربما ستتحالف معه لرد اعتبارهم ولكن ربما خسرت حليف لها

ألتفتت اليه وأطالت النظر لوجهه قبل ان تهتف قائلة:
–وانت خلاص كده استسلمت يا أمير وهتعمل ايه دلوقتى

ترك أمير مقعدة يقف مقابل لها ثم خفض نظره أرضاً وهو يقول بصوت غلب عليه الهزيمة والانكسار:
–هعمل ايه يعنى يا جيسكا خلاص ثراء بقت مرات أيسر وأنا بس مستنى احضر فرحهم وبعد كده هسافر لندن محتاج ابعد عن هنا وجايز أطول هناك انا دلوقتى بحاول اظبط امورى هنا علشان لو سافرت وياريت انتى كمان تسافرى يا جيسكا ارجعى ايطاليا وهناك هتقدرى تنسى كل اللى حصل هنا واعتبريها تجربة وعدت

كل كلمة يقولها تزيدها تعجباً ودهشة فهى على دراية تامة بطباع أمير وأنه ليس ذلك الرجل الذى يعلن هزيمته بتلك السهولة فهل حقا غير الحب من طباعه المتعجرفة وغروره؟ فهى كأنها لم تعرفه من قبل وأن من يقف أمامها لا يمت بصلة او عهد بأمير الذى عرفته هى بسنوات عمرها الماضية ..!!!
________
سمع أيسر رنين هاتفه فابتسم ابتسامة خفيفة بعد رؤيته لهوية المتصل ففتح الهاتف قائلاً
–جدى اخبارك ايه وحشنى أوى

أتاه صوت رضوان على الطرف الآخر وهو يقول:
–الحمد لله تمام بس فينك كده غيبت أوى وكمان حسام عمل حادثة معقولة ما تجيش تشوف صاحبك

انتفض أيسر من الفراش فتأوه بصوت منخفض جراء شعوره بالألم نتيجة اعتداله المفاجئ فقال بلهفة:
–جدى حسام جراله ايه وهو عامل ايه دلوقتى طمنى

سمع رضوان صوت أنينه الذى حاول هو أن يخفيه إلا انه هتف بقلق:
–أيسر مالك انت كمان صوتك مش عاجبنى وان كان على حسام هو الحمد لله بقى كويس وهيرجع قريب البيت انت فيك ايه انت كمان

لم يجد أيسر مفر من اخبار رضوان بما حدث معه وما ألت اليه أموره بعد تلقيه ذلك العيار النارى

رد عليه رضوان قائلا:
–يعنى كل ده يحصل معاك وانا معرفش وكمان اتجوزت يا أيسر

حاول أيسر التخفيف من ذلك الضيق الذى أصاب رضوان بعد سماعه ماحدث له:
–جدى ارجوك متزعلش منى كل حاجة حصلت بسرعة ولما كنت هرجع البيت كنت هقولك على كل حاجة

نفخ رضوان بخفوت قائلا:
–طب والبنت اللى اتجوزتها قولتلها على حقيقتك يا أيسر ولا خبيت عليها شكلك كده بيقول انك مصارحتهاش بحقيقتك وانك مكمل فى عنادك وتصميمك على انتقامك اللى انا برضه حذرتك منه اللى عرفته عن عزام الرافعى يخلينى أخاف عليك يا أيسر

زادت قسمات وجه أيسر قساوة بعد سماعه أسم عزام الرافعى فهتف بتصميم:
–وانا يا جدى مش هسيب حقى لو أخر يوم فى عمرى وجايز جوازتى بثراء تسهل عليا اللى عايز اعمله لازم كل واحد ياخد جزاءه

حاول رضوان ثنيه عن تصميمه فهتف به برجاء :
–أيسر لو ليا خاطر عندك سيبك من الموضوع ده وصارح البنت وابوها بكل حاجة بلاش تغشهم

غرز أيسر أصابعه بشعره الكثيف فشد عليه قليلا قبل أن يرد قائلا:
–لو ثراء وباباها عرفوا كل حاجة هتخرب ومش هعرف انفذ اللى فى دماغى متنساش ان عزام برضه يبقى اخوه الكبير وأنت عارف جبروته حتى دكتور جمال ميقدرش يقف قصاده ولو اتكشفت دلوقتى كل اللى خططتله هيبوظ صدقنى انا هصلح كل حاجة بس اخد حقى الأول وحقى محدش هيرجعه غيرى وانا خليت المحامى يجهز كل حاجة خلاص عزام الرافعى حسابه قرب أوى واللعبة لازم تنتهى زى ما انا عاوز

باءت كل محاولات رضوان لثنى أيسر عما ينوى فعله بالفشل فأنهى مكالمته معه وهو يدعو أن تصير الأمور على ما يرام

بعد عدة دقائق ولجت ثراء للغرفة فزادت إبتسامتها أتساعا وهى ترى أيسر يترك الفراش فاليوم سيترك المشفى أيضاً وقريبا سيعودون إلى القاهرة فهتف قائلة:
–خلاص مستعد علشان نمشى

هز رأسه بدون ان يتفوه بكلمة فحديثه مع رضوان مازال تاركاً أثره بعقله فقامت ثراء بلم أغراضه الخاصة ولكن وجدت صورة صغيرة تسقط على الأرضية

انحنت اليها لتلتقطها فنظرت اليه قائلة:
– الله صورة مين دى يا أيسر دى جميلة أوى وفيه شبه بينكم

أخذ منها أيسر الصورة خوفاً من أن يدخل أحد الآن ويراها فاجابها باقتضاب قائلا:
–دى صورة أمى الله يرحمها

تعجبت ثراء قليلا من تغير ملامح وجهه ومن اختطافه الصورة من يدها كأنه لايريدها أن تراها فنظرت اليه قائلة:
–أنت ليه اخدت منى الصورة كأنك مش عايزنى أشوفها

ابتسم بوجهها قائلا:
–لا ابدا عادى بس اصل مفيش غير الصورة دى بس اللى باقية ليا فدايما مخليها معايا وبخاف تضيع منى بس دى كل الحكاية

بدا جزء صغير من عقلها غير قابل للاقتناع بما قاله الا انها نفضت ذلك من ذهنها ففرحتها بخروجه من المشفى معافياً يكفيها نظرت الى ذراعه المعلق بعنقه حتى يتم التئام جرحه بصورة نهائية فحتى بأوقات ضعفه لم يزداد سوى وسامة ورجولة بعينيها خفضت عينيها سريعا بعد رؤيته يعقد حاجبيه من تأملها لملامحه

مد يده يرفع وجهها بابتسامة قائلاً:
–مالك فى ايه كنتى بتبصيلى ولما بصيت ليكى اتكسفتى وبصيتى فى الأرض

اذدردت ثراء لعابها قائلة بتلعثم:
–ممفيش حااجة مش يلا بينا علشان نمشى

عندما حاولت الخروج وجدته يمسك كف يدها فتخللت أصابعه اصابع يدها يتشابكان سويا يضغط هو عليها حتى شعرت بأنه كاد ان يحطم عظام أصابعها ولكنها لم تشعر بألم فهذا الألم ما تتمناه وترحب به أن تشعر بعشقه لها أن يغمرها بدفء غرامه

فنظر اليها نظرة مشاكسة قائلا بمكر طفيف:
– برضه مش عايز تقوليلى انا عارف ان أنا حلو وقمور واتحب قولى قولى متتكسفيش

ابتسمت ثراء على مشاكسته لها فتصنعت الجدية قائلة بمزاح:
–فى احلى منك كتير على فكرة وقمامير كمان شوفت رجالة وسيمة كتير أوى

اختفت البسمة من على وجهه نظر اليها بعبوس فعلمت ان ربما يشعر هو بالغيرة فأرادت إكمال اثارة غيرته فاستطردت حديثها قائلة:
–حتى انت شوفت أمير كان وسيم إزاى

ما كان يحق لها ان تذكر اسم أمير الآن فهى كمن اشعلت بركان بالخطأ وبدون قصد ذلك البركان الذى أطل من خضراوتيه يقذفها بحممه المشتعلة احتجاجا علي ما تفوهت هى به الآن

فهتف بها باستنكار قائلا:
–أنتى قولتى مين سمعينى تانى كده انا مش عايزك تجيبى سيرة البنى ادم ده على لسانك تانى مفهوم يا ثراء

بالرغم من تعجبها من نبرة صوته المتسلطة الا إنها شعرت بالسعادة فكم أحبت هى ثورته عليها من أجل لفظها لاسم رجل غيره فهى تريده هكذا آسرا لها ولقلبها،وجدته يحيط عنقها من الخلف بيده يستند بجبينه على جبينها يغمض عينيه يرسل أنفاثه اللاهثة على بشرتها يهمس بنبرة حملت فى طياتها تهديد ووعيد من قلب عاشق ملتاع قائلا:
–اياكى تجيبى سيرته او سيرة حد تانى غيرى انا بس اللى اسمه يكون فى قلبك وعلى لسانك عايزك تحبينى يا ثراء على طول تحبينى لدرجة لو عملت حاجة تزعلك تغفريلى غلطى

قطبت جبينها من عدم فهمها للشق الأخير من حديثه فماذا يقصد بذلك ؟ فهل ينوى أن يرتكب شيئا يجعله يطلب منها الغفران فهتفت قائلة:
–اغفرلك غلطك ! انا مش فاهمة حاجة وليه حاسة انك بتتكلم بالالغاز يا أيسر لو فى حاجة صارحنى وقولى عليها

بالرغم مما وجده من صدق بنظرات عينيها إلا أن يشعر بشئ يلجم لسانه يجعله لا يفصح بما ينوى فعله

فابتسم محاولة منه انهاء هذا الحديث قائلا:
–مفيش حاجة يا حبيبتى يلا بينا

خرج من المشفى وهو يشعر بأن كل خطوة يخطيها تقربه من ثأره ذلك الثأر الذى ربما لن ينتهى إلا بخسائر فادحة وتلك الخسارة تتمثل فى تلك الفاتنة التى تسير بجواره ترسم بمخيلتها احلاما وردية عن أيامهم القادمة المليئة بالعشق والشوق على ضفاف نهر الحب..!!!
________
عاود عباس الاتصال بمتولى مرارا وتكرارا حتى جاءه الرد بالاخير فهتف بنبرة متلهفة :
–ايوة يا متولى انا عباس

تعجب متولى مما يسمعه فكيف استطاع الاتصال به الا انه ازاح تفكيره هذا جانبا فأجابه قائلا:
–عباس أنت فين دلوقتى انت هربت

علقت أنظار عباس بالباب يخشى ان يدلف احد ويراه وهو يحدث متولى عبر الهاتف فقال :
–اسمعنى يا متولى انا كنت فى المستشفى وبكرة هيرحلونى على القسم ان لازم تشوف طريقة وتهربنى فاهم يا متولى والا هاخد الكل فى رجليا وهطربقها على دماغ الكل وأنت عارفنى

مسح متولى بيده على وجهه بضيق إلا أنه استطاع القول:
–ماشى يا عباس هحاول البوص أساسا اختفى ومعرفلوش طريق لدلوقتى زى ما يكون فص ملح وداب

جز عباس على نواجزه بعد سماع حديث متولى قائلا بحدة:
–ابن الكلب هرب وسابنا نغرق بالمركب لوحدينا بس وربنا ما هسيبه وهجيبه من تحت طقاطيق الأرض مش هو يخطط واحنا اللى نلبسها فى الآخر عليا وعلى اعدائى يامتولى المهم خلينا دلوقتى نفكر ازاى اهرب من الاتنين العساكر اللى هيبقوا معايا دول

حك متولى رأسه بتفكر يفتش عن حل او مخرج يستطيع به مساعدة عباس على الهروب فالتمعت فكرة برأسه قائلا:
–بص وانت خلاص خارج معاهم على باب المستشفى اعمل نفسك انك مغمى عليك فى الوقت ده هعمل نفسى دكتور وأقول انهم يدخلوك لأن عندك هبوط فى القلب هزعق فيهم يبجبوا سرير بسرعة فى الوقت ده نغفلهم ونهرب على طول

استمع عباس لخطة متولى حتى انتهى من سردها يقيمها بداخل عقله فربما هذا هو الحل الوحيد الذى يستطيع به الهروب من ذلك المصير الذى سيتلقاه بالسجن

هتف عباس قائلا:
–ماشى يا متولى هعمل اللى انت قولتلى عليه بس خلى بالك تكون موجود الساعة ٨ بالدقيقة هنا فى المستشفى مش يروح عليك نومة وأروح انا فى مصيبة كبيرة

أكد له متولى حضوره باليوم التالى ومن معاونته له فى هروبه..انقضت ساعات الليل الذى شعر عباس بمرورها ببطئ قاتل وحل الصباح ارتدى ملابسه وجد باب الغرفة يفتح يدلف منه احد العساكر قائلاً:
–يلا يا عباس خلينا نمشى نروح القسم حضرة الظابط مستنيك هناك

حرك عباس رأسه بخنوع قائلا:
–ماشى يلا بينا

وضع العسكرى تلك الأصفاد الحديدية بيد عباس ومتصله بيده هو الآخر حتى لايستطيع الهروب او الفرار منه خروجوا من الغرفة تقابلا مع العسكرى الاخر عبروا ذلك الرواق الطويل بالمشفى وعباس يلتفت برأسه ليتيقن من حضور متولى قبل تنفيذ المخطط فرأه على بعد مسافة قريبة منهم فقبل ان يصل للبوابة الرئيسية للمشفى تظاهر عباس بالاغماء فسقط على الأرض يجذب معه يد العسكرى الشاب الذى احنى اليه يحاول افاقته قائلا:
–عباس اصحى يا عباس مالك فى ايه

أقترب منه الشاب الاخر قائلا:
–يا خبر أبيض هو مات ولا ايه ده مبينطقش

أقترب منهم متولى سريعاً وهو يرتدى ذلك الرداء الأبيض الخاص بالاطباء يحاول أن يؤدى دوره باتقان:
–وسع كده منك ليه انا دكتور وهشوف فيه إيه

رفع رأسه بعد عدة دقائق يرسم ملامح الذعر على وجهه قائلا:
–ايه ده دا عنده هبوط فى القلب فك ايده بسرعة وهاتوا سرير ندخله بيه دا ممكن يروح فيها

حل ذلك العسكرى الشاب قيد عباس المتصل بيده وهرول سريعا يبحث عن ذلك السرير المتنقل الخاص بالمشفى ظبت نظرات العسكرى الاخر تتبعه متغافلا عما يحدث فعباس أنسل من جواره برفقة متولى يركضون ناحية البوابة الرئيسية الا انه رأهم قبل أن يتجاوزوها فصرخ بصوت عالى:
–استنى عندك يا عباس والا هضربك بالنار

ركض عباس ومتولى الا انهم اجفلوا بعد سماع صوت العيار النارى الذى أطلقه العسكرى فى محاولة منه لايقافهم ولكن حظهم السئ جعلهم يصتدمون بالمارة فتم القبض عليه سريعاً ولكن تلك المرة برفقة متولى أيضاً
_________
عاد حسام للمنزل يستند على عكاز يستعمله حاليا حتى تلتئم كسور جسده يسنده عفيفى فهو سعيد بعودته إلى المنزل فهتف بابتسامة:
–حمد الله على السلامة يا اسطى حسام نورت البيت

ابتسم له حسام وهو يريح جسده على فراشه بغرفته قائلا:
–تسلم يا عفيفى وتسلم على وقفتك معايا وانك شلت الورشة وقت ما كنت غايب وبرضه مسبتنيش فى المستشفى انت جدع اوى وأصيل ومتزعلش منى عطلت جوازتك يا عفيفى

اخذ عفيفى منه العكاز يضعه جانبا فالتفت إليه قائلا:
–ولا يهمك يا اسطى المهم انك رجعتلنا بالسلامة وربنا يرجع الاستاذ أيسر بالسلامة هو كمان معقولة انتوا الاتنين يحصلكوا كده فى يوم واحد لما عرفت من الحاج رضوان مصدقتش

–الحمد لله ربنا قدر ولطف الظاهر هم الاتنين مش هيسكتوا الا لما يموتونى ناقص عمر
هتف بها رضوان وهو يدلف الغرفة بينما ذهبت سميرة الى المطبخ لتحضير الطعام لهم جلس رضوان بجوار حسام ينظر اليه فعلم انه ربما يريد الآن الاجابة على ذلك السؤال الذى يراه بوضوح بعينيه فهو يريد ان يعلم كيف حدث له الحادث

فبدأ رضوان بالحديث قائلا:
–ها مش ناوى تقولى انت ازاى عملت الحادثة وكنت بتعمل ايه فى النادى اللى جبوك منه عامل الحادثة يا حسام

حاول حسام التملص من إجابة جده على سؤاله فظل يفكر فى شئ يخبره به فقال :
–اصل كنت بجرب عربية كنت مصلحها لواحد بس شكلى مصلحتهاش كويس وعملت الحادثة بس هى دى كل الحكاية

نظر اليه رضوان بعدم اقتناع قائلا:
–لا والله يا حسام عبيط انا علشان اصدق كلامك ده عيب على شيبتى لو صدقت كدبك ده يا واد أنت

لم ينقذ حسام من جده سوى رنين هاتفه فحمد الله على ورود ذلك الإتصال من أيسر الآن فتح الهاتف يهتف قائلا:
–حبيب قلبى ألف سلامة عليك تعال اقعد جمب اخوك

تناهى الى مسامع حسام صوت ضحكة قوية صادرة من أيسر على ما تفوه به فرد أيسر قائلا:
–خش فى حضن اخوك يا فواز عامل ايه دلوقتى

رد حسام قائلا:
–الحمد لله نحمد ربنا هتيجى امتى

–ان شاء الله ممكن ارجع القاهرة بكرة
هكذا اجاب أيسر على ما سأله اياه حسام ظلا يتجاذبان أطراف الحديث وقتا طويلا وذلك رغبة من حسام فى التهرب من تساؤلات جده…!!
_________
استعد الجميع للرحيل والعودة إلى القاهرة أصر أيسر على قيادة السيارة ولكن خشيت ثراء ان يصيبه مكروه إلا انه لم يقبل جدالها بشأن عدم قيادته للسيارة فأستقل سيارة ثراء فاتخذت ثراء مقعدها بجواره ففضلت ضحى الصعود الى سيارة والد ووالدة ثراء وأن تتركها بمفردها مع زوجها بدأ أيسر بقيادة السيارة بتمهل نظر بجواره وجد ثراء تريح رأسها على طرف مقعدها تنظر من النافذة فمد يده يأسر يدها الموضوعة على ساقها فالتفتت اليه باسمة فلم يكتفى بذلك بل جذبها اليه يقربها منه يجعلها تتوسد كتفه يحيطها بذراعه يريد أن يكتنز كل لحظات قربها منه فمن يعلم تلك الأيام القادمة كيف ستكون؟

فهمس بصوت منخفض وهو يميل برأسه يستند على رأسها الموضوعة على كتفه قائلا:
–بحبك يا ثراء بحبك أوى

كلما زادها حديثه المفعم بعشقه تزداد ابتسامتها وتحليق قلبها فرفر عالياً بأحاسيس من الصعب وصفها ولكن هى تعلم شئ واحد أن كل تلك الاحاسيس والمشاعر والعواطف هو محورها او اذا صح القول ركيزة قوتها

فهمست له هى الأخرى قائلة:
–وأنا بعشقك يا أيسر

قبض على مقود السيارة بقوة حتى أبيضت مفاصل يده فكل همسة عاشقة منها تزيد من خوفه مما سيحدث لاحقاً ولكنه نصب لنفسه قاضى وجلاد فهو اصدر الحكم على نفسه ليقوم بجلد ذاته بسياط الألم والعذاب ولكن اذا لم يفعل ما ينوى فعله سيذهب كل شئ خطط له أدراج الرياح فيجب ان يبر بقسمه لأمه من أنه سيحاول على استرداد حقه المسلوب ،ظلا طوال الطريق صامتين لا يسمع احد منهم سوى صوت أنفاس الآخر،أستغرق الوصول لقصر الرافعى عدة ساعات فقد حل المساء سريعاً فتحت أبواب القصر فترجل أيسر وثراء من السيارة الا انه لم يتقدم خطوة واحدة للداخل

التفتت اليه ثراء قائلة:
–مالك واقف ليه كده مش هتدخل

هز أيسر رأسه نفيا قائلا:
–لاء انا همشى

تعجبت ثراء من وقع حديثه فاذدردت ريقها بتوتر قائلة:
–يعنى ايه هتمشى هتروح فين

ابتسم على ملامح وجهها المصدومة قليلا قائلا:
–انا راجع شقتى القديمة لأن مش هينفع اقعد انا وانتى فى مكان واحد قبل الفرح

أراد الهرب من تأنيب ضميره وسياطه اللاهبة التى مافتأت بتذكيره بخداعه لها ،حاولت ثنيه عن قراره إلا انه اصر على ماقاله فهو أخبر والداها بذلك من قبل فتركها ذاهبا يلوح لها بيده كمن يودعها رفعت يدها تلوح له هى الأخرى وهى لاتعرف ذلك الشعور المبهم بالخوف الذى تسلل لفؤادها

أشار أيسر لإحدى سيارات الأجرة فاستقل احدها للذهاب إلى منزله لكنه قبل أن يصل للمنزل هتف بالسائق قائلا:
–استنى هنا يا اسطى اتفضل فلوسك اهى

ترجل أيسر من السيارة وهو يعلم أن المسافة طويلة من هذا المكان للحى الذى يسكن به لكنه شعر باختناق فاراد استنشاق هواء نقى لعل المشى يساعده على الاسترخاء قليلا ظل يجيل ببصره بالشوارع حتى وقف أمام إحدى الأزقة الضيقة فسمع صوت استغاثة ولكن ذلك الصوت صوت انثوى ركض بدون تفكير وجد فتاة تصرخ وهى تركض ويركض خلفها شاب يبدو على وجهه ملامح السُكر وعدم الوعى

فصرخت قائلة:
–الحقووووووونى

ظلت تصرخ حتى وصلت اليه اتخذت منه درع حماية من هذا الشاب فتوسلت اليه قائلة:
–الله يخليك ابعده عنى عايزة أروح وهو بلطجى ومش راضى يخلينى اروح بيتنا

وضع أيسر يده بجيبه ينظر إليه ببرود:
–مش مرجلة يا كابتن اللى بتعمله يلا روح بيتكم وأشرب كباية اللبن واتغطى و نام

تقدم منه الشاب يضع ميدية على وجنته قائلا:
–يلا يا حبيبى من هنا احسن الحفلة تبقى من نصيبك

ازاح أيسر الميدية بطرف أصبعه قائلا:
–بس يابابا يلا روح لامك زمانها بتدور عليك

لم يجد ايسر مفر سوى سحب سلاحه النارى من خصره يصوبه فى وجه ذلك الشاب الذى يقف أمامه قائلا:
–هتروح لأمك ولا هتيجى تستلم جثتك ان شاء الله

لم يكد أيسر ينهى جملته حتى فر هارباً وهو يتوعد لها قائلا:
–وربنا ما هفوتهالك ومسيرك تقعى تحت ايدى

التفت أيسر خلفه لتلك الفتاة التى ما زالت ترتجف خوفا ابتسم لها قائلا:
–اطمنى يا أنسة انتى فى أمان دلوقتى بس ايه اللى خلاكى تمشى فى المنطقة المقطوعة دى لوحدك

أشارت لتلك الأدوية بيدها قائلة:
–كنت راجعة من الشغل ومعرفش طلعلى منين هو بلطجى فى الشارع بتاعنا ودايما يرزل عليا ويضايقنى انا متشكرة جدا على مساعدتك

رد أيسر بابتسامة خفيفة:
–الشكر لله يا أنسة أنتى اسمك إيه

ابتسمت الفتاة قائلة :
–اسمى صافى

–تشرفنا يا أنسة
هتف بها أيسر وهو يتذكر عندما التقى بثراء فكانت بموقف يشبه هذا الموقف الحالى وعند تذكر معشوقته ارتسمت ابتسامة على محياه فحمحم يجلى صوته قبل أن يردف:
–اتفضلى اوصلك بيتك بعيد عن هنا

حركت صافى رأسها قليلا قائلة:
–لاء البيت قريب أهو

سار بجوارها حتى وصلت إلى المنزل نظرت اليه بشكر وامتنان قائلة:
–انا متشكرة جدا كان نفسى اقولك اتفضل بس مفيش حد غيرى انا وجدتى

اشار لها بالدخول وهو يقول:
–اتفضلى ادخلى سلام

دلفت صافى للداخل وما كاد أيسر يبتعد عن المنزل حتى سمع صوت صراخها ثانية ركض ناحية المنزل ولج للداخل وجدها……..
يتبع…!!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى