روايات شيقه

رواية سر غائب الفصل 40

لم يكمل الرجل كلمته حتى وجدها تسقط مغشياً عليها فهرولت إليها جليلة التى جثت بجوارها تحاول إفاقتها فظلت تربت على وجنتيها بخفة حتى تستعيد وعيها

هتفت جليلة بخوف :
–ست ثراء ست ثراء أصحى فى ايه أنت عملتلها إيه ولا قولتلها إيه

نظرت جليلة لذلك الرجل الذى حرك كتفيه قائلا:
–أنا معملتلهاش حاجة أنا أديتها ورقة المحكمة بتاعة طلب جوزها أيسر هاشم الرافعى بحضانة بنته مليكة أيسر هاشم الرافعى وعن أذنكم بقى فوقيها براحتك

رحل الرجل فهو لم يكن يعنيه سوى أن يأخذ توقيعها على الورقة وإستلام إعلان المحكمة ،رفعت جليلة رأس ثراء ترشقها بقطرات الماء من الكوب الذى أحضرته ،فتململت ثراء وفتحت عينيها ألتقطت أنفاسها وأستقامت بوقفتها تساعدها جليلة حتى وصلت بها إلى غرفتها فلا يوجد أحد بالمنزل سواها، ولجت ثراء للغرفة وأشارت لجليلة بالانصراف ،جلست على حافة الفراش وهى لم تعى بعد ما حدث فكيف أيقن أيسر أن مليكة ابنته حتى يطالب بحضانتها فهى لم تخبره بهذا الشأن للأن .

دقائق وولجت فيروز الغرفة بعد عودتها من الخارج وإخبار جليلة لها بما حدث

أقتربت من فراش إبنتها قائلة بخوف:
–ثراء مالك فى ايه وليه اغمى عليكى دا جليلة لما رجعت قالتلى وقلبى وقع فى رجليا

أقتربت ثراء من فيروز تدفن وجهها بصدرها قائلة ببكاء:
–أيسر يا ماما عايز ياخد مليكة منى

رفعت فيروز وجه ابنتها تتفرس بملامحها قائلة بتفكير:
–وهو عرف إزاى يا ثراء أن مليكة بنته أنتى اللى قولتيله

حرك ثراء رأسها رفضاً قائلة:
–لاء يا ماما مقولتلوش حتى طلب منى كذا مرة اقوله وأنا كنت برفض تفتكرى حسام هو اللى يكون قاله

فكرت فيروز فى حديث إبنتها إلا انها استطاعت القول:
–مظنش لو اخوكى عايز يقوله كان قاله من زمان وهو حالف أنه ما يجبله سيرة عن الموضوع ده

وضعت ثراء رأسها بين يديها ودموعها مازالت تنسكب على وجنتيها فهتفت بصوت منخفض مُزج بعبراتها:
–أنا مبقتش عارفة حاجة ولا فاهمة حاجة بس حاجة واحدة اللى أعرفها أن مش هخلى حد ياخد بنتى منى ولا حتى هو

مسحت عينيها بيدها وتركت مكانها وذهبت لغرفة ثيابها لتبديل ملابسها وتذهب اليه لمعرفة كيف له أن يفعل ذلك؟ أو كيف علم بأن مليكة أبنته؟
__________
ألقى عباس الإناء من يده بتأفف وضجر فذلك العجوز المدعو مدبولى لن يصمت إلا إذا جعل عباس يلعن نفسه على التفكير بالمكوث معه بمكان واحد

علا صوت عباس قائلا:
–ياعم مدبولى ياعم مدبولى ارحمنا بقى أنا غسلتلك الكوباية ٤ مرات قبل ما أجيبهالك

أخذ مدبولى الكوب من يده يفحصه بنظرات الثاقبة بالرغم من كونه طاعن بالعمر إلا أنه مازال لديه نظر ثاقب
–الكوباية مش نضيفة يا عباس وأنا بحب كل حاجة نضيفة

لوى متولى شفتيه قائلا بهمس:
–نضافة إيه دا البيت والشارع والحى كله ولا الزريبة

حول مدبولى نظره لمتولى المنكب على تقطيع الخضروات لإعداد الطعام فهتف به بحدة:
–سمعتك على فكرة يا للى بتقول زريبة ماهى الزريبة دى اللى لمالك أنت وأبو لسان طويل ده

ضيق عباس ما بين عينيه قائلاً:
–دا أنت ودانك ولا أطباق الدش بتلقط الإرسال على طول أنا عارف ايه اللى هفنى فى نافوخى علشان أجى أقعد معاك

نهض مدبولى من مقعده يتجه صوب غرفته ولكن قبل أن يلج اليها نظر لعباس من خلف كتفه قائلا بطيف ابتسامة:
–جاى علشان أربيكم من أول وجديد

دلف مدبولى إلى غرفته وأغلق بابها ألقى متولى السكين من يده الذى يقطع به الخضروات يطالع عباس بغيظ:
–أنا مش عارف أنا ليه زى الحمار مطاوعك وماشى وراك مع أن كل فكرة من افكارك أنيل من اللى قبلها يارب قريبك ده يطلع على جتتك البلاء الأزرق رجل عجوز بس قرشان

أبتسم عباس على ما قاله متولى فرد قائلا:
–هو اللى قدامنا على ما نشوف حل أنت عارف طالعين من السجن إيد ورا وإيد قدام محليتناش مليم أحمر هو مطلع عينينا بس أهو احسن ما نقعد فى الشارع وهو راجل كبير رجله والقبر

رفع متولى إحدى حاجبيه قائلا :
–رجله والقبر! دا هيموتنا احنا قبله فكرنى بعم شكشك بتاع بوجى وطمطم كان طول النهار قاعد فى الشباك يكلم اللى رايح واللى جاى

فضل عباس الذهاب للمطبخ وجلى الأوانى عوضاً عن رؤية تأفف متولى من المكوث برفقة ذلك العجوز،ظل يفكر فى البحث عن مخرج من ضيقتهم المعيشية فماذا يفعل هو لحل تلك المعضلة؟ على الفور أرتسمت ملامح وجه أيسر بمخيلته

أفتر ثغره عن ابتسامة قائلا بهمس:
–شكلى مقدميش حل غيره بس ده عايز تفكير وتخطيط ومظنش متولى هيرضى يساعدنى المرة دى فلازم أفكر كويس

عاث الشيطان فساداً برأسه يمهد له الطريق يوسوس له بأفكار يستطيع بها تحقيق ما يريد ،فهو لا يريد التراجع عن ذلك الطريق القمئ ،خرج من المطبخ يبحث عن الجريدة فهو يرى صوره وأخباره تتصدر الصفحات الأولى من الجرائد

طالعه متولى قائلا بحيرة:
–أنت ايه حكايتك كل يوم تقعد تدور فى الجرايد مع أن عارف أنك مبتحبش تقرأها أوعى يكون لسه بتفكر فى..

لم يكمل متولى ما يقول فحملق بوجه عباس الذى يطالعه بابتسامة متوترة هاتفاً به:
–دا أنا بدور على وظيفة ولا حاجة فى الجرنال النهاردة يمكن نشتغل ونترحم من عم مدبولى

رغم عدم إقتناع متولى بما تفوه به عباس إلا أنه لم يعقب على حديثه ولكن من داخله يعلم أنه إذا أقدم عباس على فعل شئ خاطئ فهو من سيقوم بتسليمه إلى الشرطة بيده تلك المرة
__________
ولجت ثراء غرفة مكتب أيسر بشركة الحراسة كالإعصار تتبعها السكرتيرة تحاول منعها من الدخول فهتفت بها بضيق:
–أظن حضرتك كده مينفعش تدخلى بالشكل ده

رفع أيسر رأسه ليعلم ماذا يدور أمام باب غرفة مكتبه؟ فوجد زوجته تقف تعقد ساعديها تطالعه بعينان لامعتان غاضبتان فرفع يده يشير للسكرتيرة بالانصراف قائلا بهدوء:
–خلاص روحى أنتى شوفى شغلك

أومأت السكرتيرة برأسها احتراماً:
–أمرك يا دكتور أيسر

خرجت السكرتيرة وأغلقت الباب خلفها عاود أيسر النظر إلى الأوراق الموضوعة أمامه قائلاً :
–خير يا ثراء هانم فى حاجة حضرتك محتاجة حاجة منى

لم تعد تطيق تحمل بروده هذا فحتى هو يحدثها وهو منكب على مطالعة تلك الأوراق فهو لايريد أن يعيرها انتباهه

أقتربت منه تطيح بتلك الأوراق من أمامه تصرخ بوجهه:
–أنت كمان مش عايز تبوصلى وأنت بتكلمنى

رفع وجهه إليها فخلع نظارته الطبية يستند بظهره إلى مقعده :
–فى إيه مالك داخلة عليا كده ومتنرفزة حصل ايه لده كله

أقتربت منه تمسكه من تلابيب ملابسه تحدق به بعينان على وشك الهلاك:
–أنت ايه اللى عملته ده رافع قضية حضانة لمليكة ثم عرفت منين أنها بنتك

رده عليها لم يكن سوى جذبه لها حتى وقعت بين أحضانه شهقت وهى ترى نفسها محبوسة بين ساعديه فماذا يفعل؟

حاولت فك ذراعيه من حولها قائلة :
–ايه اللى بتعمله ده سيبنى

صم أذنيه فلم يستمع لصوتها الهادر بغضب فهو لا يعى سوى أنها أتت إليه حتى وإن كانت غاضبة منه رفع يده داعب وجنتيها حتى كفت عن كل حركة وظلت تحملق بوجهه

همس هو قريباً من أذنيها:
–مش قولتلك يا ثراء عيب لما تعلى صوتك على جوزك هفضل أقولهالك لأمتى مش علشان أنا بسكتلك يبقى هقبلها منك على طول ماشى

ظنت أنه سيسمعها حديث غير ذلك ولكنه يحذرها بعينيه فأين ذهب أيسر الذى تعرفه ؟ فهذا لا يمت له بصلة سوى الإسم والجسد ولكن تلك الروح العاشقة التى كانت تسكنه ربما غادرته فلم يتبقى منه سوى جسد بلا روح

أستطرد قائلا بثقة:
–بالنسبة لموضوع مليكة فأنا عرفت أنها بنتى بسبب أنها قالت اسمها بالكامل فأنا مصدقتش نفسى لما عرفت وروحت عملت تحليل إثبات نسب وعرفت انها فعلا بنتى من لحمى ودمى بس إزاى ده حصل فأنتى اللى هتجاوبينى يا ثراء

حدقت به بتحدى قائلة:
–وانا مش هقولك يا أيسر ولا هريحك

ضغط بيده على خصرها فتأوهت بألم فهتف قائلا بتحذير:
–من الأفضل تقوليلى يا ثراء علشان متنرفزش اكتر من كده وانتى اللى هتتأذى لأن سواء قولتى او لاء فأنا هاخد مليكة منك

مدت يدها تسحب يده التى مازالت تضغط على خصرها قائلة من بين شفتيها:
–نجوم السما أقربلك من أنك تاخد بنتى منى يا أيسر علشان استحالة اسيبهالك وأنت تروح تجبلها مرات أب

لمعت الغيرة بعينيها من تخيلها فقط أنه بامكانه الزواج من أخرى أبتسم بجانب فمه قائلا بسخرية مؤلمة:
–لاء متخافيش يا ثراء مش هتجوز تانى خلاص لأن مبقاش ليا طاقة للحب والجواز تانى أنا مش عايز غير بنتى تملا أيامى التعيسة شوية فرحة من اللى عشت محروم منها سنين طويلة

رأت الألم والحزن اللذان تسطرا بوضوح على صفحة وجهه وبداخل عينيه رفعت يديها تحيط وجهه بكفيها طالعته بعينان لم تقل شعورها بلألم عن عينيه أنتظر خطوتها التالية ولكنها أكتفت بالتحديق بداخل مقلتيه كمن تريد الغوص بداخلهما وأن تشعر بذلك النعيم الذى حُرم عليهم ،فصوت أنفاسها الذى بدا مسموعاً لأذنيه أنبأه صراحة بأنها راغبة بقربه ،فتشابكت أنفاسهم وعلقت بداخل صدر كل منهم فى إنتظار بوح الأعين بما يعتمل بداخل قلبيهما ،فدعوة عينيها صريحة ولن ينكر هو إشتياقه إليها منذ أخر عناق لهما،ولكن قبل أن يقترب منها فكر أنها ربما تفعل ذلك من أجل أن تجعله يتخلى عن تصميمه بأخذ مليكة منها

فمد يده يزيل يديها من على وجهه قائلا بثبات:
–متفكريش أنك لو عملتى كده يا ثراء هصرف نظر عن قضية حضانة مليكة

زوت ثراء ما بين حاجبيها فعن أى هراء يتحدث هو الآن؟ فهل هذا ما فطن إليه من فعلتها ؟ فهى حقا ساذجة حمقاء

انتفضت من بين ذراعيه تقف أمامه تحاول تنظيم أنفاسها فجزت على أسنانها قائلة:
–هو ده اللى أنت فهمته ماشى يا أيسر براحتك بس مش هتاخد مليكة من حضنى إلا لو أنا مُت

نهض عن مقعده يقطع المسافة بينهم يطالعها قائلا بغضب:
–مش عايز أسمع منك الكلمة دى تانى فاهمة يا ثراء ولو عايزة تفضلى مع مليكة معنديش مانع أنك تيجى تعيشى معانا وأوعدك أن أنا لا هفرض نفسى عليكى ولا هحاول أضايقك أنا برضه مش حابب مليكة تتربى بعيد عن حضنك ولا حضنى أنا كمان كفاية أتحرمت من أن أعيش أول لحظات فى حياتها أو أشوفها بتكبر قدام عينى ومبقتش حابب أعيش مهمش فى حياة بنتى ولا أنها تقولى يا عمو وتقول لغيرى يا بابا

فكرت في حديثه جيداً فهو يملى عليها أقتراحه كمن يثق بأنها ستوافق مرغمة

نظرت إليه بتحدى قائلة:
–بنتى مش هتسيبنى وعايز نقضيها محاكم أنا موافقة يا أيسر

عندما حاولت الخروج خذلتها قدميها فمازالت تعانى من تلك الحالة التى تصيبها عندما تشعر بالصدمة أو الحزن أو القلق
أستندت على الجدار حتى لاتسقط أقترب منها ليرى ما أصابها

طالعها بقلق أرتسم على وجهه :
–ثراء مالك فى ايه

خفضت رأسها لكى لا يرى دموعها التى ألتمعت بعينيها قائلة :
–مفيش متخافش أنا ماشية

عندما حاولت تحريك قدميها ترنح جسدها فتلقفها بين ذراعيه قبل أن تسقط أرضاً ،رفعها بين ذراعيه حتى وصل إلى الأريكة الموضوعة بأحد أركان الغرفة أجلسها عليها وهو مازال راكعاً على احدى ركبتيه بجوارها ينظر اليها بقلق وخوف

رفع يده يضعها على وجنتها ليجعلها تنظر اليه فأردف بقلق:
–ثراء أنتى كويسة أنتى لسه الحالة دى بتجيلك ورجعلك بتوقف

أومأت ثراء برأسها قائلة بغصة:
–أيوة لسه بيحصلى كده لما بزعل أو بتوتر أو بخاف

–أنا مكنش قصدى أن أزعلك بس أنا برضه ليا حق فى بنتى يا ثراء مستخسرة فيا شوية فرحة وراحة بال
قالها أيسر يستجديها بعينيه أن لا تضن عليه بأن يحصل على جزء من السعادة فسعادته تمثلت فى رغبته أن تصبح مليكة معه

حاولت أن تحافظ على كبرياءها للنهاية فرفعت رأسها قائلة :
–أنا موافقة أنك تاخد مليكة بس برضه مش هسيبها أنا موافقة على العرض بتاعك هاجى أنا وهى نعيش معاك بس ياريت تحافظ على وعدك اللى قولته من شوية

–أوعدك يا ثراء
أنطلقت تلك الكلمات من بين شفتيه بسرعة فهل هو قادر حقاً على أن يبر بذلك الوعد والعهد الذى أخذه على نفسه بأن لا يقترب منها ؟

شعرت بتحس قدميها قليلاً فنهضت من مكانها قائلة:
–تمام يا أيسر أدينى يومين علشان أرتب أمورى وأفهم مليكة بكل حاجة وتعرف أن أنت باباها

قبل أن تغادر أراد سؤالها ذلك السؤال الذى يدور بعقله يريد إجابة شافية منها:
–مش هتقوليلى يا ثراء إزاى حملتى فى مليكة

أصطبغ وجهها باللون الأحمر فبما تخبره فهو لا يتذكر تلك الليلة فأذدردت لعابها قائلة بصوت منخفض :
–الليلة اللى أنت كنت فيها عندك حمى فضلت تخطرف بالكلام وتطلب منى السماح فى الوقت ده ابتديت تقرب منى مقدرتش أمنعك وقتها وفى الليلة دى بقيت مراتك بجد

قطب حاجبيه يفكر فيما أخبرته به فهو كان يظن أن ما حدث حلم فتلك الذكرى الضبابية ظلت عالقة بذهنه فظن أنها كحلم مثل باقى أحلامه بها ولكنها كانت حقيقة تلك اللحظات التى كان قلبه يقتات عليها من توهمه بأنها كانت معه فهو علم الآن لماذا ظلت تلك اللحظات مدونة بذاكرته رافضة أن تمسها الأيام بالنسيان فمليكة وليدة ليلة أنقضت بين الهذيان والأحلام

افتر ثغره عن ابتسامة تحولت إلى ضحكة عالية وهو يفكر بما أخبرته به ضمت حاجبيها قائلة بحيرة:
–أنت بتضحك على إيه يا أيسر هو أنا قولت حاجة تضحك أوى كده

رفع يده معتذراً عما بدر منه :
–معلش أصل أفتكرت حاجة وضحكت مش قصدى اضحك على كلامك على العموم أنا هستنى يومين النهاردة الأحد يوم التلات تكونى جهزتى شنطتك وشنطة مليكة وهاجى أخدكم على البيت

خرجت ثراء بعدما أخبرها بموعد مجيئه فربما سيعد لها الدقائق حتى يحين موعد مجيئه لأخذها هى وإبنته،بعد خروجها جلس على مقعده يريح رأسه على طرفه يغمض عينيه يحاول أن يسترجع ذكرى تلك الليلة من خبايا ذاكرته صوت الهمهمات وأرتجاف جسده من الحمى ومطالبته الغفران منها ،وشذى الورود التى ملأت الأجواء تلك الليلة وظن أنه بجنته مع حوريته ينسجان حلماً خيالياً من خيوط الغرام ليصنعا سوياً وشاح العشق
_________
أستمعت للتقرير اليومى الذى تخبرها به تمارا بما يدور داخل أروقة مجموعة شركات الرافعى تنفث دخان سيجارتها رفعت إصبعها تحك جبهتها تفكر فيما تسمعه

هتفت بها قائلة:
–أه وايه اللى حصل بخصوص الصفقة اللى عملتها ثراء

قضمت تمارا من الفاكهة بيدها قائلة بفم ممتلئ:
–خلاص وقعتها وأنتهت على خير يبقى الدور اللى جاى على شهاب لأن أيسر وثراء وقعوا صفقاتهم

دعست سيجارتها بمطفأة السجائر قائلة بهدوء:
–تمام يا تمارا أنا عايزة الورق بتاع الصفقات دى كلها يجيلى مفهوم يا تمارا

ضمت تمارا حاجبيها قائلة بغرابة:
–وأنتى عيزاه تعملى بيه إيه ثم هجيبه إزاى دا بيبقى مع مديرين أعمالهم مش مع السكرتيرات

رد قائلة بهدوء:
–تسرقيه يا تمارا أهو تستفادى من مهارات السرقة اللى عندك
مفهوم يا تمارا هاتى ورق الصفقات وأوعدك أن خلاص هديكى فلوسك والشيكات اللى أنتى ماضية عليها وهسيبك تمشى قولتى إيه

فكرت تمارا فى عرضها فبالنسبة لها هذا عرض مغرى فهى ستأخد تلك الشيكات التى قامت بارغامها على توقيعها و ستأخذ منها أيضاً مال تستطيع به بدء عمل خاص بها

ردت تمارا قائلة:
–وأنا موافقة الورق ده قصاد حريتى يعنى يوم ما اجبلك الورق تجهزيلى الشيكات والفلوس وكل حى يروح لحاله

مدت يدها تصافحها كنوع من الموافقة:
–تمام يا تمارا متفقين

صافحتها تمارا تشعر بالسعادة كونها قريباً ستنال حريتها من تلك المرأة التى هى حتى الآن لا تعلم لماذا تفعل ذلك ؟ أو ماذا تريد من تلك العائلة؟

ذهبت تمارا لغرفة نومها ،ظلت هى جالسة مكانها أخرجت عدة صور تلمست إحداهما بحنين ودموع أوشكت على أن تهبط من عينيها

أظلمت عيناها قائلة بكره:
–هانت وكل اللى عيزاه هيحصل

تمددت على تلك الأريكة التى كانت تجلس عليها تتذكر تلك الأيام الغابرة تلك الأيام التى قضت على أخر ذرة تحملها من إنسانية بداخلها لتتحول فيما بعد لشيطان بهيئة إمرأة تستطيع وضع خططها الإنتقامية وتنفيذها بدقة فلم يتبقى سوى خطوة أو أثنين لتحقق ما تريده وتبر بقسمها على إلانتقام
__________
أنتظرت ثراء إجتماع عائلتها حتى تخبرهم بذلك الإتفاق الذى توصلت إليه مع أيسر فهى حتى لم تنسى دعوة صديقتها ضحى لتناول العشاء برفقتهم ليتسنى لها اخبارها بشأن ما حدثها به شهاب فهى تريد تسوية ذلك الأمر قبل الإنتقال لمنزل زوجها ،وضعت جليلة الطعام على المائدة فألتف حولها جميع الحاضرين،بدأو بتناول طعامهم بصمت

قطعت ثراء ذلك الصمت قائلة:
–فى حاجة مهمة كنت عايزة أقولكم عليها

طالعها الجميع باهتمام فى انتظار سماع ذلك الأمر الهام فاستطردت قائلة :
–أنا ومليكة هنروح نعيش مع أيسر فى بيته بعد بكرة

أصبح الصمت ثقيلاً فلا أحد يفه بكلمة فمنهم من فغر فاه ومنهم من رفع حاجبه وأحتلت الصدمة وجهه ولكن واحد فقط من الحضور ارتسمت معالم السعادة على وجهه ألا وهو حسام الذى هتف بحبور:
–بجد ده أحسن خبر وقرار أخدتيه يا ثراء

تحولت أنظار الجميع إليه فضم حاجبيه بغرابة قائلا:
–ايه بتبصولى كده ليه اه دا فعلا أحسن خبر سمعته النهاردة أن أختى هتروح بيت جوزها وتربى بنتها بينها وبين أبوها

نظرت إليها فيروز قائلة :
–يعنى ايه الكلام ده يا ثراء أنتى مش كنتى روحتى ليه علشان تحلى معاه موضوع قضية حضانة مليكة

ردت ثراء خافضة رأسها قائلة بقلة حيلة:
–ما سبليش فرصة يا ماما أيسر مبقاش زى أحنا ما فاكرينه مشوفتيش إصراره على أنه ياخد مليكة فعرض عليا لو أنا عايزة بنتى متبعدش عنى نروح أنا وهى نعيش معاه

ردت مليكة قائلة بسعادة :
–مامى هو بابى رجع من السفر خلاص هشوفه

ابتسمت للصغيرة لا تعرف بما تخبرها فهى من كانت تحثها دائما على قول الصدق وعدم الكذب فعندما ستخبرها بمن يكون أباها وأنها قضت وقت برفقته فستعلم أنها كذبت عليها منذ البداية

زفرت ثراء قائلة بهدوء:
–أيوة يا كوكى بس عارفة باباكى يبقى مين

نظرت إليها الصغيرة بإنصات فابتسمت ثراء بتوتر فقالت بصوت متحشرج:
–باباكى يبقى أيسر الحارس بتاعك

انكمشت ملامح الصغيرة بعدم فهم لما أخبرتها به ثراء :
–مش فاهمة يا مامى عمو أيسر يبقى هو بابى

–أيوة يا كوكى عمو أيسر يبقى باباكى بس مرضيش يقولك وأستنى مامتك تقولك كان عايز يعملهالك مفاجأة
فهذا ما تفوه به جمال يحاول إنقاذ إبنته من سؤال حفيدته وليحاول أن يجمل ذلك الواقع الغريب الذى وجدت الصغيرة به من أب وأم كل منهم يعاند الآخر كندين بمواجهة بعضهم البعض فى أحد التحديات المصيرية

أتسعت ابتسامة الصغيرة قائلة بسعادة:
–هاااى بابى رجع من السفر هيجى تانى أمتى يا مامى علشان أقوله أن أنا عرفت أنه بابا وعرفت المفاجأة اللى كان عملهالى أنا عايزة أكلمه فى التليفون يا مامى بسرعة بسرعة

أمام إلحاح الصغيرة سحبت ثراء هاتفها من جيبها تهاتفه وأعطت الهاتف لمليكة التى تركت مقعدها واخذت الهاتف تضعه على أذنها قائلة بسعادة:
–بابى

سمع أيسر تلك الكلمة التى جعلت الرجفة تسرى بأوردته من سعادته بسماع تلك الكلمة من إبنته فرد قائلا :
–أيوة يا قلب بابى

ركضت الصغيرة بمرح والهاتف على أذنها:
–أن عرفت أنك مش عمو أيسر وأنك بابى مامى وجدو قالولى هتيجى أمتى علشان تاخدنى يابابى

كم يرغب هو الآن فى الذهاب إليها وأن يأخذها بأحضانه ويجعلها تردد كلمة ” بابا” مراراً و تكراراً حتى يجعل تلك السعادة التى غزت قلبه تنير ذلك الظلام الذى يغلف أيامه منذ هجر أمها له فرد قائلا:
–بعد بكرة يا حبيبتى هاجى أخدك وتعيشى معايا على طول يا كوكى

ظلت مليكة تثرثر بسعادة مع أيسر فاستمع لكل كلمة تقولها يرد على مزاحها الطفولى فبات قلبه يعد تلك الثوانى والدقائق حتى يحين موعد ذهابه لأخذها هى وزوجته

خرجت ثراء إلى حديقة المنزل تتأبط ذراع ضحى تمشى بخطوات بطيئة حتى وصلن إلى إحدى الارائك الخشبية فجلسن بصمت لعدة دقائق حتى نظرت ضحى لثراء :
–طب كان إيه لزمتها بقى الغربة السنين اللى فاتت دى كلها يا ثراء وضيعتى من عمرك وعمره خمس سنين بحالهم وأنتوا بعاد عن بعض

رفعت ثراء رأسها تنظر للنجوم بالسماء فتنهدت قائلة:
–هو أنتى مفكرة أن هروح أعيش معاه كزوجة يا ضحى

قطبت ضحى حاجبيها قائلة بغرابة:
–أومال راحة تتفسحى عنده يومين وهترجعى

خفضت ثراء رأسها ونظرت لصديقتها تخبرها بذلك الوعد الذى قطعه على نفسه بعدم مضايقتها أو أن يجعلها تتقبله كزوج وهى غير راغبة بذلك

إبتسمت ضحى قائلة بثقة:
–أبقى قابلينى يا ثراء لو هو ألتزم بكلامه ولا حتى أنتى بس يلا المهم أنكم تتلموا فى بيت واحد علشان احنا تعبنالكم سلف والله واخوكى حسام عنده حق يفرح انا كمان فرحت والله بس مرضيتش اتكلم لتزعلى

طالعتها ثراء قائلة بمكر:
–يعنى مقولتليش يا ضحى أن شهاب جالك المحل وأخد فستان وجالك مرة كمان

أذدردت ضحى لعابها بتوتر قائلة بتلعثم:
–مماهو ما جاش مناسبة يعنى اقولك ثم مين اللى قالك على الكلام ده

أفتر ثغر ثراء عن إبتسامة خفيفة:
–هو اللى قالى يا ضحى وحتى أنا قولتلك تيجى تتعشى معانا علشان هو كمان شوية جاى وعايز يتكلم معاكى فى موضوع مهم وشكلنا هنقول مبروك قريب

سمعت ضحى ذلك أخذت حقيبتها تريد الفرار قبل مجيئه فسحبتها ثراء من مرفقها تجلسها مكانها ثانية:
–أتهدى راحة تجرى على فين كده هو جاى يتكلم معاكى فى موضوع مش كويس لا سمح الله دا غرضه شريف وأنتى مش هتبقى قاعدة معاه فى مكان خصوصى ولا حاجة أنتى قاعدة معانا اهو هو بس عايز يعرف رأيك فأتهدى بقى واقعدى انا مش نقصاكى اللى فيا مكفينى

تململت ضحى بجلستها وخاصة وهى ترى شهاب يولج المنزل يتقدم بخطى واسعة منهم وابتسامة جذابة تزين ثغره

اقترب منهن قائلا:
–السلام عليكم أخباركم إيه

أدارت ضحى وجهها فهى تخجل حتى من النظر اليه أشارت اليه ثراء بالجلوس:
–وعليكم السلام أتفضل يا شهاب أقعد

نهضت ثراء من مكانها فأسرعت ضحى فى أمساكها من يدها فالتفتت إليها ثراء تربت على يدها قائلة بمزاح وبصوت منخفض:
–متخافيش أنا هبقى قريبة وشهاب مبيعضش

أبتعدت ثراء قليلاً لتتيح لأبن عمها فرصة فى إخبار ضحى بما يريده ولكنها جلست بمكان تستطيع به أن تراهم وحتى تطمئن ضحى أنها قريبة منها

حمحم شهاب يجلى صوته قائلا:
–أزيك يا أنسة ضحى أنتى ثراء قالتلك أن كنت عايز أتكلم معاكى الصراحة أنا مش هلف وأدور مش سكتى أنا الصراحة معجب بيكى ولو أنتى موافقة أجى اطلبك من والدك

أخبرها صراحة عما يريده منها خفضت وجهها أرضاً وهى تشعر أن وجهها أصبح كجمرة من لهيب من ذلك الدم الحار الذى تصاعد إلى وجنتيها من ذلك الخجل الذى شل أطرافها ولسانها فهى حتى غير قادرة على الكلام

ظل بانتظار أن تجيبه على ما قاله ولكن طال صمتها فظن أن ربما لم تستسيغ حديثه فشعر بالحرج فاستطرد قائلا:
–أنا أسف شكلك اضايقتى من كلامى

حركت رأسها بعنف وإصرار رافضة ما قاله فاتسعت ابتسامته قائلا:
–طالما مضايقتيش مبترديش ليه عليا وعلى اللى قولته وتقولى رأيك إيه

عندما حاولت الكلام خرح صوتها ضعيفا:
–هو الصراحة أنا معنديش إعتراض بس هو أنت فكرت كويس أنا مش من وسطكم أنا والدى راجل على قد حاله لا عمره كان أبن بهوات ولا بشوات بس هو عرف يربينى ويعلمنى وهو عندى أحسن أب فى الدنيا بس ممكن مامتك باباك يبصوا للموضوع من وجهة نظر تانية أن إزاى أنت تتجوز واحدة مش من وسط الاغنياء بتاعكم

أستمع شهاب لحديثها للنهاية فانتظر حتى أنتهت ليرد هو قائلا:
–صدقينى يا ضحى أنا لو بدور على بنت ناس اغنيا فى بدل الواحدة ألف بس انا مش عايزة عروسة زينة ميبقاش وراها غير التفاهة وبس عايشة حياتها علشان تستمتع بفلوس جوزها من غير ما تفكر فى ايه اللى ممكن يسعده هو الجواز مشاركة بين أتنين يقدروا يفهموا بعض يكون عندهم الإدراك والوعى أن حياتهم مشتركة كل واحد فيهم يحاول يسعد التانى وده اللى حسيته لما شوفتك أنك هتبقى الزوجة اللى أتمنتها وأنتى بسم الله ماشاء الله بنت أدب وجمال واخلاق وتربية وتعليم فى أحسن جامعة ومثقفة وكمان ناجحة فى شغلك اللى بتحبيه وقدرتى تعملى لنفسك كيان أنسانة طموحة وذكية

طرب قلبها من سماع إطراءه لها فذلك الكائن بين ضلوعها ظل يخفق بقوة حتى جعل النبض مسموع لأذنيها فهى حتى تخشى أن يعلا صوته ويبات مسموع له
خفضت وجهها قائلة بخجل:
–أظن تعرف توصل لطريق بيتنا عن إذنك

فرت هاربة بعد أن قالت ما لديها وما أخبره صراحة عن موقفها من طلبه إبتسم على تصرفها فتنهد فرحاً مما سمعه منها ومن موافقتها المبدأية على ما قاله
________
ولج أيسر لتلك الغرفة التى سيخصصها لمليكة يحمل بين يديه العديد من الدمى والألعاب والثياب،ظل وقتاً طويلاً يرتب الغرفة ويضع لها الدمى بأماكنها وضع منها على الفراش وفى جميع الأركان فالغرفة أصبحت كأنها متجر للألعاب

إبتسم برضا بعد انتهاءه قائلاً:
–كده تمام وكوكى هتحب الأوضة بتاعتها هصورهالها وأبعتهلها تشوفها

أخرج هاتفه من جيبه وألتقط العديد من الصور وأرسلها لثراء يرافقها رسالة نصية وأعاد الهاتف لجيبه ثانية ،خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه ،ولج للغرفة الثانية التى ستقيم بها ثراء فهو مازال عند وعده لها ولا يريدها أن تظن أنه حنث بوعده لها ويجعلها تقيم معه بغرفته فكم يتمنى هو ذلك؟ ولكن لا يريد شيئاً منها بالاجبار أو أن يرى ضجرها أو تأففها إذا أقترب منها وهى غير محبة لذلك القرب ،بعد إلقاءه نظرة سريعة أغلق الباب ثانية فكل شئ على ما يرام فحتى هو طلب من إحدى مكاتب الخدمات المنزلية مربية للأطفال وخادمة للمنزل سيصلون أيضاً يوم وصول زوجته وطفلته للمنزل

سمعت ثراء صوت هاتفها يعلن عن ورود رسائل لها فتحتها وجدت صور لغرفة أطفال جميلة ورسالة نصية قرأتها بصوت منخفض:
–دى علشان مليكة خليها تشوفها

طالعت ثراء الصور باهتمام بالغ فلم لم يكلف نفسه عناء الحديث معها عبر الهاتف وأكتفى بإرسال الصور والرسالة،لم تستطيع منع ضيقها من فعلته إلا أنها نادت على مليكة بصوت عالى:
–كوكى كوكى تعالى عوزاكى يا حبيبتى

ركضت الصغيرة إليها قائلة :
–نعم يا مامى بتنادى عليا ليه

ناولتها ثراء الهاتف قائلة بجدية:
–دى صور باباكى بعتها وعايزك تشوفيها علشان هتبقى دى الأوضة بتاعتك لما نروح نعيش معاه

أخذت مليكة الهاتف منها بحماس ترى الصور صورة تلو الأخرى وهى تصرخ بسعادة غامرة:
–الله يا مامى بابى جابلى ألعاب كتير يلا نروح ليه بقى دلوقتى

سحبت ثراء مليكة لأحضانها تمسد على رأسها قائلة بحنان:
–خلاص يا مليكة بكرة هو هيجى وياخدنا معاه وهتروحى تشوفى الأوضة وتعيشى فيها

رأت ثراء جليلة تقترب منها لتخبرها بشأن حضور أمير فأخذت ثراء الصغيرة وهبطت للطابق السفلى ركضت مليكة لأمير قائلة بابتسامة عريضة:
–بابى مش بابى رجع من السفر وهيجى ياخدنى أنا وماما بكرة

نظر أمير لثراء بعدم فهم فاقتربت ثراء قائلة بهدوء:
–إحنا هنروح نعيش مع أيسر فى بيته

علم أمير أن محاولته طوال تلك السنوات قد ذهبت سدى فهى ستعود إليه ثانية وسيخرج هو خالى الوفاض فهى لم تكن له سابقاً ولن تكون له الآن فهى كعصفورة كلما إبتعدت عن القفص تعود إليه بإرادتها الحرة ولكنه لا يملك شئ سوى أن يتمنى لها السعادة فليس كل الحب أنانية

إبتسم ابتسامة شابها الحزن قائلا:
–مبروك يا ثراء أن الخلاف بينك وبين جوزك أتحل أتمنالك السعادة بس ممكن أبقى أطمن على مليكة علشان أنا أتعلقت بيها أنا عارف أن ممكن أيسر ميرضاش علشان العلاقة بينا تقريباً غير مريحة بالمرة

فهى تعلم مدى الجفاء والعداوة الخفية بين أيسر وأمير إلا انها لن تنكر فضل أمير وعائلته فى مساعدتها أثناء إقامتها بلندن فهو من أعتنى بمليكة منذ صغرها وله مكانة بقلب الصغيرة

أردفت ثراء بإمتنان:
–أمير أنا مش هعرف أرد جميلك اللى عملته معايا لما كنت فى لندن واهتمامك بمليكة وانك ساعدتنى فى تربيتها هى كمان بتحبك وهتفضل ليك مكانة فى قلبها

إنحنى أمير يقبل الصغيرة على رأسها قبلة مطولة كأنها أخر قبلة سيهديها لها حاول حبس دموعه التى ألحت عليه بالسقوط فهو يعلم أن مليكة وثراء سيبدأ فصل جديد بحياتهن سيسطر أيسر أحرفه بنفسه فكم هو سعيد الحظ بامتلاك زوجة كثراء وطفلة كمليكة

رفع أمير رأسه يحاول الابتسام قائلا:
–أشوف وشكم بخير يا ثراء

خرج بعد أن ألقى عليهن تحية الوداع كأنها مُأذناً برحيله الطويل عنهن فتمنت من قلبها أن يرسل له من ستمتلك رجل مثله يملك قلباً من ذهب فابتهلت ثراء بداخلها :
–ربنا يوفقك يا أمير وتلاقى البنت اللى تستاهلك وتسعدك أنت تستاهل كل خير

أدار أمير محرك سيارته فألقى نظرة على المنزل قبل أن ينطلق بها فهو عاد إلى نقطة البداية ثانية ولكنه لم يندم على ما فعله معها فلو دعته الظروف لفعل ذلك لن يتردد فى أن يكون عوناً لها فهو يرى أنها تستحق السعادة فإن كانت سعادتها ستكتمل بوجودها مع زوجها فلتسعد بحياتها فهو ليس بحاقد عليها
عادت ثراء إلى غرفتها ثانية تلملم ما تبقى من أغراضها وأغراض طفلتها فلم يتبقى سوى سويعات قليلة ويأتى أيسر فهى لم تمنع قلبها من تذوق حلاوة إنتقالها إلى منزل زوجها ،ذلك المنزل الذى أخبرها شقيقها مرة أنه كما تمنت أن يكون،ومثلما رسمته بخيالها
____________
جمعت تمارا ثيابها بتلك الحقيبة وبعد أن أنتهت وضعتها بجانب الفراش لحين عودتها بالأوراق التى طلبتها منها لتفر بعد ذلك من ذلك المنزل وربما تعود لمسقط رأسها بالاسكندرية ،خرجت من الغرفة قابلت تلك المرأة فهتفت قائلة:
–أنا دلوقتى راحة الشركة وهحاول أجبلك الورق وأنتى جهزيلى الفلوس والشيكات على ما أرجع

أومأت برأسها إيماءة صغيرة بدون أن تتفوه بكلمة ،وصلت تمارا الى الشركة كعادتها فى الصباح نظرت لساعة معصمها فتبقى نصف ساعة تقريباً حتى يحين موعد مجيئ مدراء الشركة ،ولجت لمكتب ثراء تبحث بكل مكان عن تلك الأوراق ولكنها لم تجد شئ فخرجت متجهة إلى غرفة مكتب شهاب فلم تجد الأوراق بغرفة مكتبه فكرت أنه لايوجد سوى غرفة مكتب أيسر فربما جميع الأوراق بمكتبه،فتحت الباب بحذر وولجت للداخل تغلق الباب خلفها جعلت المكتب رأساً على عقب

فزفرت قائلة بتعب وقلة حيلة:
–هى الأوراق مش موجودة ولا فى مكتب من التلاتة يا ترى هى فين أوراق الصفقات دى

أثناء حديثها مع نفسها لم تنتبه لدلوف أيسر الذى طالعها بعينان تطالبها بالتفاصيل لما يراه فالغرفة فى حالة عارمة من الفوضى
–أنتى بتعملى ايه هنا وبتدورى على إيه وقالبه عليه الدنيا كده
قالها أيسر بصرامة فجفت الدماء بعروقها فأستدارت إليه تزدرد لعابها بخوف شديد وتجمعت حبات العرق على جبينها فركت يدها بتوتر بالغ تبحث عن سبب مقنع تخبره به فهتفت قائلة :
–أصل كنت…..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى