ليست خطيئتى
الحلقة الحادية عشر
…………………….
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
دوام الحال من المحال ، ولله فى خلقه شئون .
والعتبة لمن صبر حتى يأتيه وعد الله ( إن الله لا يخلف الميعاد ) .
بعد أن عانى ادهم الكثير من العناء فى صغره خلال معيشته فى دار الايتام ، ثم خروجه من تلك الدار للعمل فى المصنع الذى كان بداية عنقود الخير له .
وفرح بمحبة الحاج ناجى له ، وتقدمه فى العمل حتى شغل منصب مهم فى المصنع ، وأصبح اليد الاولى للحاج ناجى ،ويثق به ويأمنه على ماله وحاله .
لكن هذا للأسف لم يدم بسبب غيرة ايمن ابن الحاج ناجى من ادهم .
لانه اصبح فى يوم وليلة مركز اهتمام الحاج بأخلاقه ومهارته فى العمل .
أما ايمن بسبب فساده وكسله ينفر منه الحاج دوما ، بل ويوبخه كثيرا ويقارن بينه وبين ادهم .
وهذا لا يعنى أنه لا يحب ابنه، بل بالعكس يحبه كثيرا .
ولكنه يرغب فى أن يكون مثل ادهم ، لأن كل هذا المال سيعود له فى يوما من الايام .
لذا يخشى أن يضيع تعب السنين فى لحظة واحدة بسبب طيشه .
وبسبب هذا ادمر ايمن العداء إلى ادهم ،وفكر كثيرا فى كيفية التخلص منه .
وزرع الشك فى قلب الحاج ناجى بعد أن غرس ادهم فى قلبه الثقة .
وهذا حدث بالفعل ،وساعده فيه صديقه ، ذلك الشيطان فواز ، الذى فكر فى سرقة حقيبة المال المخصص لراتب الموظفين .
عندما انتظر السارق ادهم امام البنك واستولى على الحقيقة وفر هاربا .
وعندما بلغ ادهم الشرطة وعلم الحاج ناجى ذهب إليه .
ولكن بقلب غير القلب ، وبمعاملة غير المعاملة .
فحزن ادهم كثيرا لذلك ، وشعر أنه رجع لنفس النقطة من البداية ، وعلى وشك خسران كل شىء .
……………
وعلى عكس حال ادهم كان الشياطين الثلاث ، ايمن وفواز والسارق فى السيارة يتبادلون الضحكات بسخرية على ادهم
فواز …وكده يا عم خلصت من البعبع ادهم .
ايمن بفرحة …ياريت والله .
بس الحاج يدخل فى دماغه أنه فعلا سرق .
فواز …مهو لما يلاقى الشنطة فى دولابه ، مية فى المية هيصدق طبعا .
وساعتها هتخلص منها نهوائى ..
ضحك ايمن قائلا ..يسمع من بوقك يا فواز .
السارق …طيب كده تمام يا باشا .
اشوف وشك بخير ، فى عملية تانية قريبة يا باشا .
ثم غادر السارق وغادر فواز .
وعاد ايمن الى الفيلا فى ظل غياب الحاج ناجى وادهم .
وسار بخطوات بطيئة ، واخد يتلفت يمينا ويسارا وعندما تأكد أن لا أحد يتبعه أو يراه .
ولج إلى حجرة ادهم فى الجنينة ،وفتح خزينة الملابس وأودع فيها حقيبة المال فى مكان مختبىء بعض الشىء فى خزينة الملابس .
ولكن يشاء الله أن يرى حارس البوابة عم عبده ، ايمن من الشباك وهو يضع الحقيبة فى خزينة ملابس ادهم .
ثم خرج ايمن سريعا .
ولكن وجد أمامه الحارس ينظر له نظرات غريبة .
كأنه يقول له .ماذا كنت تفعل فى حجرة ادهم .
وشعر ايمن بالارتباك وأن الحارس قد رآه .
فكشر عن أنيابه وقام بتهديده حتى لا يفشى سره لأحد .
فهدده ايمن بقوله ….عارف يا عبده .
…لو حد عرف انى دخلت اوضة أدهم .
هيكون ده اخر يوم ليك معانا هنا عندنا .
ومش كده بس انا ممكن كمان اخلص عليك بإيدى دى انت فاهمنى كويس !!
عم عبدو…طأطأ راسه..وقال بخوف فاهم يا بيه فاهم.
ثم تركه ايمن وصعد إلى غرفته .
وأبدل ملابسه سريعا ، ثم ارتمى إلى الفراش .
لينام نومة هادئة ، وكأنه لم يفعل شىء .
او تسبب فى حزن وانكسار انسان ، وكأنه لا يعلم أن الله مطلع عليه وسيجازيه على عمله .
ونام ايمن نوما عميقا ، استعدادا لسهراته الماجنة فى النادى الليلى مع أصدقاء السوء .
وفتيات الليل والسكر والعربدة إلى النهار .
…………
أما ادهم ومجدى ، فقد خرجوا من القسم .
واستقلوا السيارة مع الحاج ناجى .
ولكن هذه المرة لم يتكلم فيهم احد .
وفضلوا الصمت طوال الطريق .
ثم وصلوا اخيرا الى الفيلا ، فى ذلك الجو القاتل الذى كاد يفتك بادهم .
ثم نزل ادهم ومجدى وولجوا إلى غرفتهم .
ولج ادهم مهموما حزينا ولا يكاد ينطق بأى كلمة .
وحاول مجدى كثيرا أن يهون عليه الأمر ، لأنه يشعر بما يدور فى داخله .
مجدى ….ايه يا صاحبى ،فكك بقا وقول يارب .
انت محسسنى أن دى اول مرة نشوف حاجة صعبة ، وربنا بيعديها .
فدى برده هتعدى زيها زى اى حاجة عدت علينا .
وبكرة تقول مجدى قال .
ادهم بحزن دفين ….بس المرة دى صعبة اوى يا مجدى .
انت مشوفتش نظرات الحاج ليه كانت عاملة ازاى ؟
نظراته كلها شك ، ومكناس قادر ابصله من الكسوف .
مجدى …معلش برده ،هو غصبا عنه ، والمبلغ كبير .
بس أن شاءالله ربنا يفرجها ويلاقوا السارق .
وتستريح.
ادهم ….يارب يارب .
مجدى …قوم صلى ركعتين لله حاجة ، عشان ربنا يعجل بفرجك .
ادهم …اكيد .
فقام ادهم وتوضأ وصلى لله ركعتين تضرع فيهم بالدعاء بأن يفرج الله كربته ويظهر الحق .
………..
دخل الحاج ناجى الفيلا وهو يحدث نفسه …..
معقول اللى حصل ده ؟
ازاى الشنطة تسرق من ادهم بالسهولة دى ؟
ياااه ممكن صح يكون زى ما بيقول ايمن .
ولكنه استرجع سريعا وقال …..لا أن بعض الظن اثم .
انا مش عارف ادهم ولا ايه ؟
ربنا يظهر الحق قريب .
ثم صعد إلى غرفة ايمن ، ورآه على فراشه يحاول الاستيقاظ ويتثائب كسلا .
الحاج. ناجى بسخرية ……انت هنا نايم ومش حاسس باللى حصل .
ايمن..بإستغراب مصطنع ..ايه خير فيه ايه حصل ؟؟
الحاج ناجى ……أدهم ..اتسرقت منه شنطة فلوس أجور العمال وهو طالع من البنك .
ايمن ضاحكا بسخرية ….وانت يعنى متأكد يا بابا انه اتسرق .
مش ممكن تكون تمثيلية عملها عليك ، ويكون هو اللي اخد الفلوس لنفسه .
الحاج ناجى… …لا أدهم ميعملش كده..
انا جربته كذا مرة وكان بيجبلى الفلوس او يحط فلوس مينقص منها مليم واحد.
ايمن…….يمكن كان بس استدراج عشان يخليك تثق فيه واول ما تثق فيه يعمل عملته السودة دى .
الحاج ناجى ..بتردد..وكأن بدء يصدق كلام ايمن..لا مظنش احنا لسه عاملين بلاغ فى القسم وهنشوف هيقدروا يوصلوا للسارق ..ولا ايه ؟؟
ايمن بخبث …
.اكيد ..برده الشرطة ليها نظرتهم فى الامور دى وزى ميهدوروا على الحرامى فى طريق…برده هيبقى ليهم طريق مع أدهم .
الحاج ناجى باستفهام …..ازاى يعنى ده ؟
ايمن …. عشان اى حد زى أدهم شغال ويتسرق منه فلوس بالطريقة دى بيبقى عندهم احتمالين منهم انه يكون هو اللى سرق وبيدعى كده .
فأكيد هيجوا يتحروا عنه ويفتشوا وراه .
الحاج ناجى ……انا احترت..
المهم ترجع الفلوس بأقصى سرعة عشان الناس اللى مستنية فلوسهم دى..
ايمن……ان شاءالله يا حاج ترجع .
دى فلوس حلال ويستحيل تروح بالساهل كده .
الحاج ناجى باندهاش ….يا سلام ، ومن امتى العقل ده يا عم ايمن !؟
ايمن ….والله انا مش وحش للدرجة .
بس حضرتك مش عطينى فرصة .
اثبتلك انى كويس .
على العموم خش انت استريح وربنا يحلها من عنده ويمكن البوليس بكرة ولا بعده يوصلوا للسارق سواء فعلا ادهم ..
او زى ما بيقول حرامى .
………….
وانتظر ايمن بفارغ الصبر تلك اللحظة التى تأتى بها الشرطة إلى الفيلا ، ليجدوا الشنطة فى دولاب ادهم .
ليتخلص منه للأبد.
ولم تمر ثلاث ساعات ، حتى وصلت الشرطة إلى الفيلا .
وده كان برده بسبب اتصال من ايمن باليل ليهم انه بيشك ان أدهم..هو اللى اخد الفلوس .
….و تجمع كل من فى الفيلا ، وادهم ومجدى اتجمع فى الجنينة مع قوة الشرطة .
الضابط ….سئل مين فيكوا ادهم..
أدهم……انا يا باشا أدهم ..
الظابط….احنا جايين نفتش مكان إقامتك .
عشان نشوف ..اذا كنت مخبى الفلوس هنا ولا شيلاها فى اى مكان تانى .
.لأننا شاكين انك اللى اخدتهم مش حرامى زى ما ادعيت .
أدهم بنفى …انا اسرق ..ازاى..انا مخدتش حاجة!!
وبص للحاج قائلا ..قولهم يا حاج ان من ساعة ما اشتغلت معاك عمرى ما بصيت لمليم مش بتاعى .
لانه دخل فى قلبه الشك من كلام ايمن تجاه ادهم .
فشعر ادهم بالإنكسار الشديد .
اما ايمن ..كان على وشه السعادة انه اخيرا هيتخلص من أدهم للابد .
وبالفعل ولجت الشرطة للغرفة ،،وقاموا ببعثرة منتقايتها.
جميعا رأسا على عقب .
ثم اخيرا قاموا بتفتيش خزانة الملابس ، والقوا جميع ملابس ادهم فى الارض .
حتى لاحظوا وجود شىء فى جانب أحد الأركان .
فولج العسكرى بكل جسده داخل الخزينة ، فأحضر تلك الحقيبة .
ثم أخرجها للخارج .
فاتسعت عين ادهم بإندهاش قائلا …ايه اللى جاب الشنطة دى فى الدولاب جت امتى وازاى ؟
فقال الضابط …لا ده انت اللى تجاوب على السؤال ده .
ثم نظر ايمن إلى ادهم بشماتة.
ثم أشار إلى الحاج بقوله ….شوفت يا حاج بعنيك .
عشان تقول تانى أنه غير .
يعنى كنت متوقع ايه من تربية واحد ملاجىء زيه .
اهو آخرة الثقة فى الناس .
ثم تابع ايمن بقوله لادهم …مش عيب عليك تخون أمانة الراجل اللى وثق فيك .
وكنت عنده زى عيل من عياله بالظبط واكتر .
ليه عملت كده يا ادهم ؟
ده جزاة الراجل اللى اواك فى بيته ، ووفرك حجات مكنتش تتحلم بيها .
وفى الاخر تعض الايد اللى اقدمت ليك ده .
حرام عليك يا اخى.
عيب عليك وعلى امثالك الكلام ده .
بس نقول ايه انت مش ممكن ابدا تكون ابن حلال .
اكيد انت ابن حرام عشان كده عملت كده .
فانفجر ادهم قائلا ببكاء ….اقسم بالله العظيم ما حصل .
والله انا مظلوم يا حاج .
مظلوم ..
ايمن بتهكم …قالوا للحرامى احلف قالوا جالوا الفرج .
فاقترب ادهم من الحاج ناجى يستعطفه ويقبل يده قائلا ….والله يا حاج كدب كدب وانا مظلوم .
انا مش ناكر الجميل ابدا .
وعمره ما اعض الايد اللى اتقدمتلى ابدا .
انا عمرى ما كنت خاين .
الحاج ناجى. …للأسف يا ادهم .
بعد اللى شوفته بعينيه ….مينفعش ادافع عنك تانى .
ثم تابع بقوله “”
ليه بس يا ابنى عملت كده ؟
هو انا كنت حرمك من حاجة ؟
ده انت كنت عندى زى ايمن بالظبط .
انا صراحة مصدوم فيك يا ادهم .
فلم يجد ادهم ما يقوله بعد ذلك .
ونظر إلى مجدى بإنكسار ، فوجده يبكى أيضا .
لكنه الشخص الوحيد الذى يعلم جيدا أن ادهم لم يفعل هذا
الضابط …اظن كفاية كلام كده ، واتفضل معانا .
ثم أمر العسكرى ، أن يقيده بالكلابشات .
ثم قام بدفعه إلى سيارة الشرطة .
بين بكاء مجدى عليه .
الذى اسرع إلى الحاج ناجى وقبل يده قائلا …والله ادهم مظلوم يا حاج .
ادهم بيحبك وعمره ما يعمل كده .
واكيد الشنطة دى كيد من حد مش بيحب ادهم ، عشان كده دبر الموضوع ده ، وحطها فى دولابه .
الحاج ناجى بحزن …..انا مش عارف اصدق غير اللى شوفته بعينيه يا ابنى .
وللاسف ادهم خان العيش والملح .
وخد جزائه خلاص ، ربنا يسامحه .
بتصرفه ده ، هيخلينى مثقش فى اى حد تانى خلاص .
مجدى …يا حاج اسمعنى بس .
وهنا ثار ايمن قائلا …..انت ايه التخاريف اللى بتقولها دى .
وانت يعنى هتقول ايه ؟
لازم تقول كده ، عشان صاحبك .
وكمان زملا فى الملجىء .
ومش بعيد كمان تكونوا مدبرنها سوا .
ده اكيد كمان .
واكيد ادهم هيقر ويعترف عليك .
ماهو مش معقول يشيل الشيلة لوحده .
لازم ياخدك معاك عشان تسليه هناك .
ثم ضحك ايمن بسخرية .
فردد مجدى …..حسبنا الله ونعم الوكيل .
اللهم انى مغلوب فانتصر .
ايمن بغلظة …..ولغاية يا خفيف ، ما يقبضوا عليك انت كمان ، ورينا عرض كتافك .
مفيش بيات هنا تانى ليك خلاص .
قفلناها ، مهى مش تكية .
وبابا اصلا غلطان ، أن سمح ليكم تعيش العيشة النضيفة دى من الأول .
انتم مكنكم الزريية لا مؤاخذة .
ثم ضحك ضحكة شيطانية خبيثة .
وردد …عكرتم مزاجى النهاردة ، هسيبك بقا يا حاج تتابع شغلك عشان معطلكش ، وانا هروح لأصحابى عشان اتأخرت عليهم .
الحاج ناجى ….لا حول ولا قوة الا بالله .
انت ايه يا ابنى معندكش ذرة دم ، احنا فى ايه ولا فى ايه ؟
مفروض انا فى كرب وحزن ، فمفروض تقف جمبى .
مش تسبنى وتمشى عشان تلعب وتضحك وتسهر مع صحاب السو بتوعك دول .
ايمن بغضب ….وبعدين بقا .
فى الكلمتين الملهمش لزمة دول .
وكمان انا صراحة مليش فى الحزن .
واحب الفرفرشة يا حاج .
اقولك يا حاج ، ما تيجى تفك نفسك شوية فى النادى .
وهتنسى الهم ده كله .
فانفعل الحاج ناجى عليه قائلا …..غور من وشى السعادى يا ايمن .
مش عارف انت طالع امين صراحة .
امك الله يرحمها كانت آية من آيات الله .
لكن أنت أعوذ بالله من غضب الله .
ربنا يصلح حالك يا ابنى .
ايمن بلا مبالاة …طيب معطلكش يا حاج .
ثم ذهب مسرعا إلى أصدقائه .
وكأنه لم يظلم أحدا ،ولا يعلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة .
…………..
يا ترى ايه هيحصل تانى لأحدهم ؟
وازاى هيقدر يثبت برائته ؟
ومجدى بعد ما اتطرد من الفيلا هيروح فين ؟
وهو ملهوش حد فى الدنيا يعرفه غير ادهم ؟
وأيمن ايه رائيكم فيه ؟
……
ان شاء الله هنعرف فى الحلقة القادمة .
……..
أم فاطمة