حلقتين ١٥/١٦
الحلقة الخامسة عشرة
ليست خطيئتى
…………………….
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
لا يوجد هناك قسوة أكثر من أن نسمع خبر وفاة من نحبهم، فيكون الخبر صدمة كبيرة لنا تؤثر في حياتنا ولا نستطيع أن نعود كما كنا من قبل، صحيح أنّ الموت حق على كل إنسان في الحياة إلّا أنّه مفجع ويترك ألماً لا يمحى مع الزمن، ولا يبقى لدينا إلّا ذكرياتنا معهم والدعاء لهم في قبورهم بالرحمة
عانى الحاج ناجى من عدم رؤية ادهم لفترة ، لانه كان بمثابة الابن باللنسبة له .
حيث رأى به ما كان يتمناه فى ابنه ايمن ، لكن للأسف ايمن خاب ظنه كثيرا .
وكان يتمنى أن يموت أن يرى به خيرا ، لكن للأسف ، ترك ايمن والداه حتى فى اصعب اللحظات التى يحتاج إليه فيها .
وهى لحظات المرض والاحتضار .
الحاج ناجى بحزن …حتى وانا تعبان وبموت يا ايمن ، سايبنى وبتسرمح مع صحابك .
اقول ايه بس ، ربنا يهديك يا ابنى .
مش عايز ادعى عليك .
وعندما زاد على الحاج ناجى المرض كثيرا ، فطلب من سائق سيارته ، أن يستدعى ادهم على وجه السرعة .
لأنه يشعر بدنو أجله .
فأتصل السائق بأدهم…….يبلغه بمرض الحاج ورغبته فى رؤيته .
ادهم بحزن …لا حول ولاقوة الا بالله .
ربنا يطمنى عليك يا حاج ناجى .
ثم تابع بقوله “”
انا جى حالا ،مسافة السكة هكون عندك .
ثم رفع يده بالدعاء …يارب بارك فى عمره ، واشفيه عشان خاطرى ، انا مقدرش اعيش من غير بركة دعائه.
فلبى أدهم بدوره النداء على الفور….
فتوجه أدهم الى فيلا الحاج ناجى..وحمدالله ان ايمن لم يكن بداخل الفيلا .
حتى لا يمنعه من أن يذهب إلى الحاج ليطمئن عليه .
فاستقبله السائق قائلا …بسرعة يا ادهم ، الحاج مستنيك .
ادهم ….هو تعبان اوى كده ؟
السائق …اه خلاص يا ابنى ، بيودع .
فبكى ادهم ، فقال السائق …لا امسك نفسك شوية وانت داخل عليه ، وقوله كلمتين حلوين ، يصبروه على وجعه والمه واجره عند الله .
ادهم بحزن ….حاضر. .
ثم اسرع به إلى غرفة الحاج ايمن .
تهلل وجه الحاج ناجى عند رؤية ادهم .
قائلا بصوت ضعيف …ادهم ابنى .
فأسرع إليه ادهم ، مقبلا يده قائلا ….
الف سلامة عليك يا حاج..
إن شاء الله تقوم بالف سلامة .
الحاج ناجى متألما ……خلاص يا أدهم.
انا حاسس بنفسى عشان كده بعتلك ضرورى.
.قبل ما قابل وجه كريم .
أدهم..لم يتمالك نفسه من البكاء فقال ….بعد الشر عليك متوقلش كده.
هتقوم وهتبقى زى الفل .
الحاج ناجى ……..ادهم انت ابنى اللى مخلتفهوش وربنا عوضنى بيك .
.عن ايمن اللى ربنا يهديه.
والله انا خايف عليه من بعدى.
.وحاسس انه هيضيع اكتر مهو ضايع .
.وهيضيع كل اللى عملته وتعبت فيه .
…عشان كده بعتلك ..بس اوعدنى..انك هتنفذ كل اللى هقوله .
ادهم ….انا تحت امرك يا حاج ، فى كل حاجة تطلبها .
الحاج ناجى ….الأمر لله يا ابنى .
..وعارف انك شايل من ايمن وزعلان منه وواخد على خاطرك منه.
..وانك مش بتميل ليه غصب عنك من معاملته ليك .
..بس لو لسه شايفنى كويس معاك وبتحبنى ، اسمع اللى هقولهولك يا ادهم عشان خاطرى .
أدهم بإمتنان ……انت بتقول ايه يا حاج!!
انت خيرك مغرقنى ، ويستحيل انسى معروفك معايا طول عمرى .
ولى عملته معايا ، هيفضل دين فى رقبتى ، ولا هقدر اسدده ، لانه كتير اوى والله يا حاج .
ثم تابع بقوله …
.وايمن لو عمل ايه هسامحه عشان خاطرك.
..وهعمل كل اللى هتأمرنى بيه لو كان ايه .
الحاج ناجى بضعف …..ده عشمى فيك برده.يا أدهم .
وانا معملتش حاجة ،كله رزق ربنا ، واحنا مجرد وسيلة .
ومحمد ربنا أنه من علينا من فضله وكرمه .
ادهم …اللهم لك الحمد .
ثم قال له الحاج ناجى .
.قرب كده واسمعنى بسرعة مفيش وقت .
قابل ما اقابل رب كريم .
فارتجف جسد ادهم .
وبالفعل اقترب منه أدهم….وسمعه يتكلم بصوت ضعيف ارهقه المرض وكأنه ينازع الروح ..
الحاج ناجى ….امسك الورقة دى الاول يا أدهم .
أدهم باستفهام …..ورقة ايه دى يا حاج.
الحاج ناجى …..امسك بس الاول يا ادهم .
فمسكها ادهم .
فقال الحاج ناجى …..ده تنازل منى ليك بيع وشرا عن المحل اللى عطتهولك .
.وكمان عن الشقة..اللى قاعد فيها.
.وفيه كمان شقة تانية..كتبتها لمجدى..تعويضا له عن الايام اللى نام فيها فى الشارع بعد مطرده ايمن .
أدهم بإمتنان …..بس يا حا ج..ده كتير.اوى.
والحجات دى مش من حقى .
دى حق ايمن بيه ..فسامحنى مش هقدر اقابلهم .
الحاج ناجى …..انت وعدتنى تنفذ كل اللى أقولك عليه .
.وده تعويض عن اللى عمله فيك ايمن .
.وكمان هقولك الحقيقة……انا حاسس ان ايمن هيضيع كل اللى انا عملته بتصرفاته الهمجية وعدم حسن التصرف وعقله الطايش .
.فانا لما اديك دول..يبقى بحافظ عليهم من الضياع ..وانهم..فى يد أمينة .
وكمان..عايز اوصيك ..على.ايمن… لو احتاجك انك تقف جمبه .ارجوك.
..متبعدش وترفض ..وخليك جمبه ..وحاول تنصحه بقدر الامكان لعل وعسى ربنا يهديه .
ادهم..بحزن على حال الحاج…حاضر عشان خاطرك يا حاج…
ومتقلقش خالص عليه ، صدقنى هحطه فى عينيه الاتنين لو طلب مساعدتى .
فنظر له الحاج ناجى بإمتنان .
ثم شخص بصره وقد سكنت جوارحه…وثقل لسانه ..فشعر ادهم..انه خلاص..بيموت فعلا.
..فحاول يلقنه الشهادة والدموع..تجرى كالانهار من عينيه
اقول ورايا يا حاج…اشهد ان لا اله الا الله
وان محمد.رسول الله.
الحاج واخر رمق وقد جحظت عيناه..وقال بصوت خافت مع رفع اصبع التشهد.. اشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله .
وخرت يده بجانبه ولقى وجه كريم….رحمه الله وغفر له وجزاه كل خير على حسن صنيعه مع أدهم .
………..
حزن طويلا..أدهم .على فراق الحاج ناجى .
.ودخل فى مود اكتئاب طويل ،وحاول معه مجدى بكل الطرق ان يخرجه من جو الحزن ولكن فشل جدا
..حتى انه رفض ينزل للمحل..ومكث فى الشقة حزينا
…..ولم يفق سوى..على صوت هاتفه..
.واذا بالمتصل ..حبيبة القلب سارة…تردد أدهم..فى انه يرد عليها…فقد وعد نفسه ..ان لا تتعلق بحب مصيره الفشل ..
فهو من ساعه لحظة فراقه معاها ..حاول كل وقت الاتصال ويخرج اسمها . ويضغط على زر الاتصال ليطمئن على حالها ويسمع صوتها.
.ولكن فى اخر وقت وقبل ان يرن ينهى المكالمة فى الحال .
…..وفعلا لم يستطع أدهم الرد…وكان ينظر الى الهاتف وهو يرن بآسى وانكسار قائلا ….سامحينى غصب عنى .
بس انا فعلا منفعكيش .
ولا انفع لحد اصلا .
ثم انهمرت دموعه مرة أخرى ، على حاله وعلى حزنه على فراق الحاج ناجى .
وبعد أن انقطع رنين الهاتف ، نظر له بحزن ، ثم قام بإغلاق الهاتف ، كى لا تعاود الاتصال به مرة أخرى .
فيضعف إذا اتصلت مرة أخرى ، ويجيب على اتصالها .
سارة بقلق…….ايه ده مرة ميردش ومرة مغلق !
..هو فيه ايه بالظبط؟
.ده وعدنى ..انه يطمن عليه .
معقول يكون نسانى بالسرعة دى…
بس هو وحشنى اووى..
ونفسى اشوفه واسمع صوته .
فلم تجد سارة..مفر سوى الذهاب للمحل والاطمئنان عليه بنفسها .
….فارتدت التونك والطرحة التى اهداها اليها ، وغادرت المنزل واستقلت سيارتها متجهة إلى أدهم..
وبالفعل وصلت للمحل ودخلت ثم ..نظرت هنا وهنالك فلم تجده ..فعبست..وزاد قلقها وتوترت .
سارة بتوتر إلى مجدى …لو سمحت هو فين أدهم .
مجدى…..باستغراب واعجاب مما تحولت اليه سارة من لبس فاضح الى ساتر وسبحان الله فقد زادها رقة وجمالا
مجدى بترحيب مصطنع…..اهلا انسة سارة ؟
سارة بترقب…..اهلا بيك ..هو فين ادهم ؟
احس مجدى…..فعلا بلهفتها فى السؤال والتغير السريع فى نوع ارتداء الملابس .
..انها فعلا تميل لادهم.
وهو يعلم ايضا انه يبادلها نفس الشعور …فرأف لحاله وحالها وقال
صراحة..ادهم فوق فى الشقة مش راضى ينزل منها بقاله كام يوم حزين ومكتئب على موت الحج ناجى .
سارة بإندهاش .ايه ده والده مات …!
مجدى..بحزن……لا مش والده .
.بس فى مقام والده وكان بيحبه اووى .
سارة..وللدرجاتى حزين اوى كده ومش بيشوف شغله .
مجدى..ايوه واكتر .
.وادهم كمان من النوع الحساس اوى وكمان بيقدر الجميل جدا..ومش بينساه ..
…ازداد..اعجاب سارة بادهم كثيرا ورأت فيه انسان فيه كل المواصفات اللى بتتمناها كل بنت فهو راجل وذو مروءة..واخلاق عالية.
سارة بخجل..طيب لو سمحت ..انا عايزة اشوفه .
مجدى.باستغراب…بس هو رافض ينزل..
سارة بلهفة …. .انا ممكن اطلعله…
طمن عليه بنفسى ..لو امكن؟
مجدى..باستنكار….ازاى يعنى تطلعى لواحد قاعد لوحده !…ميصحش يا أنسة .
سارة..بإحراج…سورى مش قصدى.
انا مكنتش هدخل.كنت هطمن بس عليه من على باب الشقة .
مجدى..ندم انه كلمها بالطريقة دى لانه احس من عينيها بصدق محبتها لادهم ..
..فقال..طيب تعال معايا .
وصعد بيها إلى ادهم ..
ادهم يسمع طرق على الباب ..فيقوم ليفتح الباب وكان مجدى يتصدر الباب ومن خلفه سارة…
ادهم..بغضب..انا قولتلك مش نازل يعنى مش نازل يا مجدى..فرجعت تانى ليه ؟
فتنححح مجدى وغمز بعينه لادهم ثم ابتعد قليلا ..ليجد ادهم نفسه امام سارة .
.التى اخفضت طرفها من كثرة الخجل ونطقت بصوت مكتوم..
..ازيك يا أدهم..انا قلت مبتسئلش قلت اسئل انا .
اتسعت عين ادهم من تلك المفاجأة …فردد
سااااارة !
سارة بحرج ….
انا اسفة انى جيت فى معاد غير مناسب ..بس يعنى !
فقاطعها ادهم..لا متقوليش كده .
.متصوريش انا فرحان قد ايه انك جيتى وشوفتك تانى.
فأحمرت وجنتى سارة…. وقالت. يعنى انت مش زعلان انى جيت لغاية هنا .
أدهم..بنظرة شوق ..ابدا…بس اكيد مش هقدر اقولك اتفضلى فمعلش بستئذنك .
…انزلى مع مجدى المحل..وانا ثوانى هغير هدومى وهكون عندك تحت .
تهلل وجه سارة بالفرح …وقد تسلل الى قلبها لاول مرة الاحساس بالسعادة .
وكذلك أدهم..الذى كان من فرط السعادة استبدل ملابسه فى ثوانه معدودة .
.ونزل ليقابل من امتلكت قلبه بوجها المشرق وابتسامتها الساحرة .
وعندما رأته سارة متجه اليها .
بادارته بإتبسامة.جعلت قلبه يدق بعنف .
..ويداه ترتجف …ولم يشعر بنفسه ..الا ويضم يديها ويجرى بها للخارج .
.وطاروا كالعصافير..يهمسان لبعضها البعض الى ان استقروا فى كافيه .
أدهم…….بحنان…تشربى ايه ؟
سارة…اللى تشرب منه اى حاجة .
ادهم للنادل …. من فضلك..اتنين نسكافيه .
ونظر لسارة كأنه يقول لها …هل يعجبك ما طلبت .
سارة بتاكيد…تمام ..انا كمان محتاجه …اوى .
ادهم بحرج ……سارة. ..تعرفى ان دى اول مرة..اخرج فيها مع بنت .
.ومش عارف ازاى ؟
بس عندى شعور غريب واحساس بالارتياح وانا معاكى .
سارة..بابتسامة…..عايز تفهمنى ان عمرك معرفت بنات قبل كده..معقولة.
ادهم..بنبرة صوت مخنوقة…انا اللى زيى وفى ظروفى.
..ملهمش او بمعنى اصح بيخدوا الطريق من اوله وميبصوش احسن ليقعوا ..فى اللى ميقدروش عليه …ولا يقدروا يكملوه .
سارة..باستغراب. …..ليه انت كل بنت تتمناك.
..من الشكل وسيم..واخلاق عالية. وشغل برده كويس ..يبقى ليه ؟
مفيش حاجة نقصاك!
ادهم..والدموع فى عينيه …نقصنى اهم حاجة !
واهم حاجة فى حياة كل انسان .
نقصنى السند ، اللى بيعتمد عليه اى طفل اول ما يتولد .
سارة..بترقب…. انا مش فاهمة حاجة خالص .
ممكن تحكيلى قصدك ايه ؟
وللحكاية بقية .
………….
يا ترى ادهم هيقدر يحكلها ولا هيخاف يحكلها عشان متبعدش عنه بعد متعلق بيها ؟
ويا ترى هى هتقبل تكمل معاه بعد ما تعرف حقيقته ؟
وادهم وايمن ايه هتكون حكايتهم مع بعض بعد وفاة الحاج ناجى ؟.
ده اللى هنعرفه الحلقة الجاية بإذن الله.
نختم بدعاء جميل
(اللَّهُمَّ أصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيرٍ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ).
ام فاطمة
الحلقة السادسة عشر
ليست خطيئتى.
…………………….
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
لم يتصور ادهم أنه سيأتى عليه يوما ،ويقع فى الحب مثل باقى البشر .
لانه لا يرى نفسه مثلهم ، بل أقل منهم .
وهذا بسبب نظرة المجتمع إليه الدونية ، وهو لا ذنب له .
ولكن للحب سلطان لا يعترف بأى ظروف .
بل سلطانه القلب فقط ، الذى ليس له سيد يحكمه .
…………..
تعجبت سارة مما قاله ادهم ، أنه لا يصلح للحب .
وأصرت أن تعلم السبب ، فآثر هو أن يقص لها حكايته .
حتى تعلم حقيقته ، وبعدها لها أن تقرر بالاستمرار أو إنهاء العلاقة فورا .
وسيعذرها إن قررت إنهاء العلاقة بينهم .
سارة ….ممكن تحكيلى حكايتك يا ادهم .
ادهم بنبرة حزينة …هحكيلك كل حاجة ، وفى النهاية القرار ليكى ،وانا هتقبله مهما كان بصدر رحب .
لتطمئنه سارة بقولها ….احب اقولك يا ادهم ، أن مهما قولت ، مش هتخلى عنك ابدا .
ادهم ابتسم على مضض ثم
تسارعت نبضات قلبه وارتجف جسده.وتلعثمت كلماته. فهو لا يحب الخوض فى موضوع نشأته كثيرا .
حتى أنه يود ان تنتزع روحه قبل ان تنتزع الكلمات من جوفه..
ياله من وجع لا يطيب ابدا. ولكن لا مفر فلابد من البوح .
فهو كطبيعته انسان واضح وصريح وقد تعود على الدخول فى كل التجارب مهما كلفه الامر.
ادهم بضيق وتردد..أنا يا سارة……لقيط.
سارة باندهاش ..يعنى ايه لقيط يا ادهم ؟
ادهم بحزن…..يعنى مليش اب وام معروفين .
اتولدت فى الشارع ولقانى الشيخ حسن امام المسجد وسلمنى دار رعاية واتربيت فيها لغاية موصلت لثانوى وشفت جميع انواع الاهانة والذل وتخطيت عقبات كتير جدا .
وبدء يسترسل أدهم فى الحديث .
عن كل حياته منذ الولادة ..حتى قابلها. ومع كل موقف..تذرف عينه دمعا .
فتربت سارة على يديه تارة..وتمسح تارة بيدها دموعه.
.وهو لا يشعر أنها ايضا تدمع من هول ما تعرض له أدهم فى حياته .
فهو يتكلم. ولا ينظر اليها خجلا من ماضيه ..الى ان انتهى ..فنظر اليها فوجدها تبكى.
ادهم..بحزن…ليه الدموع..انت دلوقتى عرفتى كل حاجة عنى.
.ومن حقك. انك متكمليش معايا .
.وانا متوقع ده وعامل ليه حساب. عشان كده.مكنتش قادر اتصل بيكى.
واتعلق بيكى اكتر من كده.
سارة بدموع ممزوجة بفرح…بجد يا أدهم.اتعلقت بيه !!
أدهم بنظرة حب ….انا مش اتعلقت بيكى بس .
ثم ذكر اسمها (سارة)…انا انا انا .. بحبك .
بس خايف من الحب ده صدقينى .
..وانتى من حقك تبعدى .
لانى عارف ظروفى صعبة ومش اى حد يقدرها .
وحقك تخافى منى وتبعدى .
سارة…انت بتقول ايه…انا عمرى ماهبعد عنك..عشان
وخرجت الكلمة..مجزئة خجلا..بحبكككككككك .
فتلاقت الأعين بحب وشوق وتلامست الايدى.وسكنت العبرات.وسكنت الجوارح .وكأنهم ليسوا بعالمهم ولكن ذهبوا بارواحهم الى عالم الحب الذى ليس به الا مشاعر واحسايس جميلة.
ادهم بحرج …. مش عايزك.تسرعى يا سارة .
انا هديكى فرصة للتفكير وتردى عليه ، بدون خجل .
ومتخليش المشاعر بس تسيطر عليكى .
لازم تحكمى بعقلك كمان لان الموضوع مش سهل .
سارة بتاكيد وهى تقبض على يديه اكثر……..لوقدرت تنزع الروح من جسدى..تبقى قدرت تاخد حبك من قلبى ….تقدر!!
فتهلل أدهم فرحا….واشبعها كلام فى الحب واتفقا على عدم الافتراق ابدا مهما واجهتم المصاعب .
لتتابع سارة حديثها بعد أن تبدلت ملامح الفرحة باعتراف ادهم بحبه لها الى ملامح حزينة .
فتعجب ادهم من ذلك قائلا ….
مالك يا سارة ؟
سارة بحزن…يمكن انت يا ادهم مكنش ليك ذنب فى اللى حصلك .
ومتعرفش مين هما باباك ومماتك؟؟
..لكن انا . معروف هما مين وموجودين بس للاسف كل منهما فى وادى.
.ماما وسط صحباتها ديما يا أما فى البيت او النادى.
.ومش بتحس بيه ابدا ، يعنى عايزة ايه ؟
تعبانة ولا كويسة .
اكلت ولا مأكلتش.
وكل كلامى يكون مع الداداة وبس ، اللى طلعت لقيتها احن عليا من امى .
ادهم بشفقة……لا حول ولا قوة الا بالله .
ليه كده بس ؟
سارة …اه والله .
وبابا كمان ..اهم حاجة شغله ومشارعيه.
..يعنى ممكن مشفهوش بالاسبوع بالرغم اننا فى بيت واحد .
.ومع ذلك ولا بيسئل عليه ولا افتكر مرة خدنى فى حضنه. .ولا طبطب عليه .
.وهنا اجهشت بالبكاء سارة. وقالت..يعنى احنا تقريبا زى بعض يا أدهم ..
ملناش حد..فياريت الاقى فيك حنية الام اللى افتقدتها وامان الاب برده اللى محستهوش .
.وانا أوعدك انى هكون ليك الحبيبة والام والاخت وكل شىء .
أدهم شعر بالحزن والشفقة عليه سارة..وقال “”””
ازاى فيه اب وام بالقسوة دى !!
..بس افتكر حاله..فأمه تخلصت منه سريعا يعنى لم تقسو فقط بل انتزعت الرحمة اصلا من قلبها .
وألقته فى الطريق كأنه شىء مهمل وليس طفل .
…ربت بحنان أدهم بيديه على كتفها ووعدها انه سيعوضها عن كل ما حرمت منه .
وسيكون لها الاب والام والحبيب وكل شىء .
ثم حاول تلطيف الجو.بكلام اخر ينسى همومهما .
فحدثها بقوله
بقولك.يا حبيبتى..انا مبعرفش اسوق .
ما تعلمينى السواقة!
عشان ناوى قريب اشترى عربية بإذن الله .
سارة بضحك..
اعلمك انا !!
…يبقى جنيت على نفسك ..بس انت اللى اخترت..يلا بينا النهاردة اول حصة يا استاذ .
ادهم .بسخرية…….ربنا يستر عليه منك .
وتعدى على خير ، ياما شكلنا هنجوز فى المستشفى .
وضحكا الاثنان بسعادة….ثم أخذته إلى مكان فاضى بعيد عن الناس والعربيات لكى يستطيع تعلم القيادة .
ثم وقفت للحظات لكى تملى عليه بعض المعلومات النظرية اولا.فى السواقة.
فوجدته ينظر اليها بشوق..ويلمس يدها ويقرب منها..وينظر ال شفتيها وتملكه الرغبة ان يقبلها وهى مستسلمة واغمضت عينيها استعدادا لقبلة حارة منه .
ولكن مرت لحظات .ولم يقبلها ..ففتحت عينها فوجدته يبكى..
سارة باندهاش …..مالك.يا أدهم؟
..ايه احنا قولنا ننسى اللى حصلنا ونبدء صفحة جديدة مع بعض .
..ادهم……مش كده..انا حسيت انى كنت هتعد حدودى معاكى .
وافتكرت نظر الله اليه فانكسفت من نفسى اوى.
خصوصا انى كتير كنت بعيب على اى حد بيعمل كده .
وبتهمه أنه ميعرفش ربنا وحرام .
فا أقوم أنا اقع فى نفس الاثم .
سارة باندهاش …ازاى ده وليه فهمنى ، انا مش فاهمة حاجة ؟
ادهم …..
..بصى يا سارة..
حبنا ده عشان يستمر ،لازم نحافظ على حدود شوية مع بعضنا فى الكلام.
ولازم نسيطر على رغبتنا فى القرب من بعض.
ولازم تساعدينى انتى .
.عشان اكيد احنا نفوسنا ضعيفة.
ويحصل حاجة نندم عليها احنا الاتنين .
واديكى شيفانى مثال قدامك ، انا برده كنت لحظة ضعف بين اتنين كانوا برده بيحبوا بعض .
ولدينا دفعت انا لوحدى تمن حبهم ده .
سارة.. ..أحست بالخجل من أدهم.وفى نفس الوقت بالفرح انه يخاف عليها.
.ولا يريد ان يتمادى فيما يغضب الله عز وجل .
حتى لا تخسر نفسها واحترامها لأهلها .
سارة…حاضر يا أدهم..هحاول.
بس متقوليش منتقبلش او منتكلمش فى الموبيل …
أدهم بحب …….صراحة .مقدرش..انى مسمعش صوتك..
او أشوفك..بس نحاول نمسك نفسنا فترة من الوقت يستقر شغلى .
وانتى تخلصى كليتك واجى اتقدملك بإذن الله عشان نكون فى النور افضل.
تهللت اسارير سارة بالفرح وعد أدهم فى الارتباط بها .
سارة …بجد يا ادهم !
انت بتحبنى لدرجة أنك شايفنى هكون زوجة ليك.
ادهم ….طبعا يا حبيبتى .
وهتكونى اجمل وارق زوجة فى العالم .
سارة …وانت احن زوج وحبيب.
ويلا نبدء اول درس فى السواقة .
فقامت سارة بتعليمه فى تلك المرة الأساسيات الاولى .
التى يحتاجها قائد السيارة
وبسرعة بديهة ادهم ، تعلم وحاول بالفعل معها أن يقوم هو بقيادة السيارة لعدة دقائق .
فضحكت سارة قائلة … ماشاءالله .
انت من مرة واحدة عرفت تسوق .
ادهم ….احسدينى بقا .
فضحكت سارة قائلة ….لا انا مش بحسدك ، انا بقر بس .
فضحك الاثنان .
ثم أوصلته سارة إلى محل إقامته .
وودعها ادهم بحرارة .
وذهب كل منهما بعد ذلك فى طريقه ، هائم سارح فى الاخر ويحلمان بحياة وردية اساسها الحب وبنائها الرحمة والمودة.
ولكن مازال الخوف من المستقبل ، يسيطر على ادهم .
هل سيتقبله أهل سارة ام لا ؟
وما سيفعل أن قاموا برفضه .
………………………
بعد موت الحاج ناجى..انكب أيمن على شهواته..واغرقه أصحاب السوء فى بحر المعاصى..والاهوال..
.طمعا فى ان يسلبوا منه كل ما يملك وهو لايدرى بمخططهم وسبحان الله ، كما تدين تدان .
فأغرقوه..فى لعب القمار….حتى خسر كثيرا من الاموال..بجانب سهراته النسائية ..
التى استطاع منها الغاويات فى نهب كل ما يملكه دوما فى جيبه بل واكثر فى دفع شيكات بدون تحديد مبلغ فكانوا يكتبون ما يحلو لهن من اموال.
فنفذ رصيده فى البنك تماما من الاموال ..بجانب المصنع الذى اهمله.
وكما يقولون المال السايب يعلم السرقة..ومفيش مراقب .
.فنهب من نهب منه ..الا من رحم ربى ..وكان منهم شاب تقى اسمه محمد الذى اسرع بالذهاب الى ادهم..
يبلغه بحال ايمن وتدهور المصنع الذى اوشك على الغلق .
لنقص البضاعة والمعدات التى تسرق بوضح النهار وهو على غفلة من امره .
فحزن..ادهم.جدا لما آل له الحال .
.وتذكر ما نصحه الحاج ناجى..انه لا يترك ايمن .
.ويذهب اليه لمساندته ..وتقديم له يد العون والنصيحة.
فذهب إليه فى الفيلا .
فقابله ايمن بغرور قائلا….انت تانى !!
ايه اللى جابك ؟
هو مش خلاص اللى كان بينا مات .
ولا فاكر نفسك وصى عليه وجى تنصحنى ؟
ادهم …لا حول ولا قوة الا بالله .
انت ليه ديما شايفنى عدو ليك ، وزى مقولت الحاج ناجى مات رحمة الله عليه .
يعنى انا مش محتاج حاجة دلوقتى منه .
وجيت عشان وصيته ليه ، انى اقف جمبك وتساعدك.
بدل ما تضيع كل اللى عمله هو .
فأرجوك يا ايمن ، خلينى اساعدك .
عشان حتى خاطر والدك وتعبه عشانك .
ليه عايز تضيع كل ده ، فى حجات فارغة .
استغفر الله العظيم ، على ستات وعلى اصحاب فاسدين .
وانا متأكد أن أول ما فلوسك تخلص .
مش هتلاقى حد فيهم جمبك.
لانهم أصحاب مصلحة وبس .
ايمن بلا مبالاة …..وانت فاكر ، إنى هصدق كلامك ده .
على العموم ، وفر نصحتك لنفسك .
وانا مش محتاجك جمبى ، وانا اعمل اللى انا عايزه .
والفلوس كتير واقدر اشترى بيهم عشرة زيك .
لكن انت لأ.
عارف ليه ؟
لانى بكرهك .
ويلا اتفضل أخرج من بيتى من غير مطرود .
وياريت ما شوفش وشك تانى .
وشوف حد تانى تمشى عليه نصايحك دى
والله عال مبقاش غير تربية الملاجىء اللى ينصحنى انا ايمن ناجى على اخر الزمن .
فخرج ادهم حزينا على حاله قائلا ….لا حول ولا قوة الا بالله.
خسارة والله تكون انت ابن الحاج ناجى رحمة الله عليه .
بس اعمل ايه ؟
انا جيت وعملت بوصية الحاج وهو رفض .
مفيش فى ايدى للأسف حاجة اعملها تانى .
وربنا يستر فى اللى جى .
ثم عاد ادهم حزينا إلى المحل .
فقرء مجدى تعابيرات وجهه فقال ….ايه برده هو هو ايمن متغيرش صح !!
ادهم ….لا للأسف .
مجدى …منا قولتلك بلاش تروحله ، ده شيطان فى صورة إنسان وعمره ما هيتغير.
انا مش عارف هو ازاى ابن الحاج ناجى .
شتان بين الاتنين خالص .
ادهم بحزن ….كان لازم اروح عشان اعمل بوصية الحاج .
دى امانه يا مجدى .
مجدى …واديك روحت يا ادهم .
انساه بقه وخليك فى حالك انت ومستقبلك .
وهو خليه على الله ، قادر يهديه .
ادهم …يارب .
………..
وللاسف تنادى ايمن فى طغيانه أكثر واكثر .
مع رفقاء السوء وبنات الليل ، وكل يوم يخسر الآلاف الجنيهات عبثا .
..فى الوقت الذى كان يزداد أدهم ..نجاحا..
ويكسب أضعاف ما يخسر أيمن .
وكان الله سبحانه وتعالى يعوضه عما عانى منذ صغره .
حيث فتح الله عليه وعمل حساب فى البنك واشترى سيارة كما أخبر سارة .
وازدادت سعادته يوم عن يوم وحمدالله على ما أسبغ عليه من نعم .
وسبحانه كل يوم هو فى شأن .
الى ان حصل ما كان لم يخطر على بال ادهم يوما
يا ترى ايه هو اللى حصل ؟
ده اللى هنعرفه فى الحلقة الجاية إن شاء الله .
ان شاء الله بكرة أجازة
عشان فيه ناس مش بتلحق تشوف الحلقات وبتدخل متأخر وعشان كده التفاعل بيقل
نختم بدعاء جميل
اللهمَّ لا تحرمني وأنا أدعوك، اللهمَّ إني أسألك يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا، يا رحيم الآخرة، ارحمني برحمتك
…………
أم فاطمة