الحلقتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين
الحلقة السادسة والعشرين
ليست خطيئتى
………………….
” العلاقات لا يُبقيها الحُب، ما يُبقيها هو الأمان وعدم الخوف من الغدر وتقلُّب الرأي والتهديد بالرحيل فحيثما كان الأمان وُجد الإستقرار والإطمئنان
– الحب مش سبب كافي لأي حاجة
– التفاهم اهم من الحب، الأمان اهم من الحب، الثقه اهم من الحب ..
هذه الكلمات تذكرها مجدى حينما نصحه ادهم ، فى معاملته تجاه كرمة ، بإن يعطيها الامان قبل الحب .
حتى تطمئن معه ، وتقلل من نوبات البكاء التى تعتريها من وقت لأخر .
تذكرها مجدى ، عندما وجد بالفعل علامات الخوف على وجه كرمة منه ، لدرجة أنها أسرعت هاربة من أمامه خوفا من بطشه .
فجزع وتسائل …للدرجاتى هى خايفة منى ، ليه ؟
وانا مقصرتش فى معاملتها ابدا .
ولكنه فقط فعلا يحتاج أن يشعرها بالأمان .
لذا ابتسم لها قائلا …استنى حبيبة قلبى ، انا محتاج اكلم معاكى شوية ممكن .
اتسعت عين كرمة بعدم تصديق لأنه ابتسم ويريد التحدث معها ولن يعاقبها لأنها تحدثت بسوء عن الرجال مع منى .
كرمة …انت بتكلم بجد ، يعنى مش زعلان منى يا مجدى .
تقدم مجدى منها ، وأمسك بحنو يديها ورفعها إلى فمه وقبلها .
ثم جلس على الفراش واجلسها بجانبه .
فتحرك قلبها كأنهما مازالا فى فترة الخطوبة .
ثم نظر مجدى إلى عينيها قائلا …تعرفى انك حلوة اوى النهاردة بزيادة معرفش ليه ؟
فابتسمت كرمة بخجل مرددة ..بجد يا مجدى ، يعنى انا شكلى مبقاش وحش بسبب الحمل .
بس انا حاسه منخيرى كبرت اوى ، وبطنى بقت قدامى .
وزعلانة لانى حاسة مبقتش اعجبك زى الاول .
مجدى ..بالعكس انتى الحمل خلاكى احلى من الاول بكتير .
ويمكن كمان عشان بنوتة ،والبنت بتحلى أمها ، ويتضمن لابوها الجنة زى مقال رسول الله صلى الله.
من عال جاريتين فأحسن إليهما دخل الجنة ، قيل يا رسول الله ،وواحدة .
قال وواحدة .
فشوفتى السعادة والفرح اللى انا فيه ده ،مراتى احلوت وجيبالى بنوتة طريقى للجنة .
فتهلل وجه كرمة فرحا وقالت بغير تصديق …معقولة الكلام اللى بسمعه منك ده .
مجدى …مش معقولة ليه ؟
هو انا كنت اطول حاجة اصلا ،اتربيت زيك فى دار ايتام .
مفيش اي ولا أم ولا اخوات .
وربنا من عليا بيكى وهيجيلى كمان بنوتة تكون ام بعد امى .
فده كرم من ربنا عليا كبير .
انتى يا كرمة مش مراتى بس ، انتى كل عيلتى .
وبتمنى نكون مع بعض على المرة قبل الحلوة طول العمر .
أيدينا فى ايد بعض ،منسبش بعد ابدا .
توعدينى بكده يا كرمة .
كرمة بطيبة قلب …اوعدك ، ياريت يا مجدى.
انت مش عارف كلامك ده عمل فيا ايه !
انا كنت تايهة وخايفة فعلا ،انك تتخلى عنى ، وبفكر فى كده ديما ، عشان كده حزينة طول الوقت .
وانت بتفكر انى بنكد وخلاص .
لكن معرفش انك بتحبنى اوى كده وفرحان ببنتنا.
ويستحيل تستغنى عنى .
يااااه متصورش قد ايه انا فرحانة اوى ، لانك حسستنى بالأمان اللى مكنتش لاقياه من ساعة ما وعيت على الدنيا .
واوعدك من النهاردة انى هتغير ،وهحاول اسعدك على قد ما اقدر .
فابتسم مجدى وحمد الله ووشكر صنيع ادهم فى نفسه .
ثم ضمها اليه بحب ، ليشعرها بحبه وحنانه .
………………………
تجمع جيران سالم حول تلك الساقطة لولو يضربونها ، حتى نزفت الدماء ما بين أيديهم .
بينما كانت ليلى تواجه سالم بما اكتشفته حوله ، أنه سرق أموال ادهم لنفسه .
ليلى …انت مصرفتش مليم عليه يا سالم ، وكله صرفته على الاشكال اللى تشبهك يا اخى .
مش حرام عليك ، تتصرف فى أمانة عيل يتيم .
فتخون الأمانة وتخونى انا كمان .
سالم ..لا ده كدب ، انا عطيته فلوسه يا ليلى .
ليلى …انت اللى كداب يا سالم ،،وانا اتاكدت من مديرة الدار بنفسى .
حسبى الله ونعم الوكيل فيك .
مش هسامحك ابدا عن اللى عملته ده فيا وفى الولد اليتيم ، اللى ضيعت مستقبله .
ثم تطرق بأذنها صوت صراخ لولو ، فأسرعت إليهم .
قائلة بصوت حاد عالى ….كفاية ارجوكم يا بنات.
هى خدت جزئها ، عشان متموتش فى ايديكم .
خسارة تودوا نفسكم فى داهية عشان واحدة زى دى .
فتركوها الجيران بالفعل .
واسرعت فى ارتداء ملابسها وقالت ليلى ….تشكرى يا ست .
طلعتى بتفهمى اهو .
ثم فرت هاربة ، لتنقذ حياتها .
ثم استأذن الجيران وقالت أحدهما …احنا كده قومنا بالواجب .
اللى جى بقا تقعدى مع جوزك وتحلوه مع بعض .
ثم نظرت إلى سالم باحتقار مرددة …رجالة ميملاش عينهم غير التراب .
ثم خرجت واحدة تلو الأخرى .
لتنظر ليلى إلى سالم بتحدى قائلة ….طلقنى يا سالم .
سالم …لا يا ليلى مش هطلقك .
ثم حاول استماتتها بقوله …انا بحبك صدقينى .
بس اهو كان فراغة عين صح.
وانا بعترف انى كنت غلطان يا ستى ،ومستعد ابوس ايدك ورجلك كمان عشان تسامحينى .
ثم حاول أن يقبل يديها ولكنه رفضت ليلى ذلك بشدة .
وأصرت على الطلاق قائلة ..بقولك طلقنى ، لانى ممكن اسامح فى حق نفسى .
لكن اللى يمكن اسامح عليه ، هو خيانة الأمانة .
اللى متعلقة فى رقبتى انا كمان يا سالم .
حرام عليك ، هقول لربنا ايه انا كمان .
منك لله يا اخى .
طلقنى بالذوق ياما هرفع عليك قضية خلع .
سالم …مش هطلقك يا ليلى .
وعارف انك مش هتقدرى ترفعى قضية ، معكيش اصلا فلوس ومش هتكسبى حاجة منها وهاخد منك الولد كمان .
وشوفى اصلا مين هيبص فى خلقتك ، ده انا اجوزتك ثواب يا شيخة .
احمدى ربنا انى باقى عليكى يا هدى .
فشعرت هدى بالإنكسار الشديد .
لأنها اهانها كثيرا لانها ليست بالجميلة .
فأخذت تضربه بكلتا يديها بعنف ، فغضب كثيرا .
ثم دفعها بقوة ، فاصطدمت رأسها بمائدة ذات حواف صلبة .
ففُتحت رأسها ونزفت وماتت فى الحال .
فذهب سالم من عندما رآها هكذا ،والدماء أغرقت المكان حوله .
فردد ….قتلتها ، قتلتها .
ثم فر هاربا .
لتكتشف جثتها بعد ذلك جارتها عبير ، التى جاءت لتطمئن عليها ، لتعلم ما فعلت مع زوجها .
فوجدت أن الباب مفتوحا ، فدخلت تنادى .
يا ليلى يا ليلى ، انتى فين ؟
ثم دخلت الى غرفة النوم لتجدها ملاقاة على الأرض ، وقد فارقت الحياة والدماء مبعثرة فى كل مكان .
فصرخت ….ليلى ليلى .
ثم خرجت من الشقة صارخة ، ليتجمع الجيران حولها .
عبير بصراخ….قتلها اللى منه لله اكيد سالم .
حسبى الله ونعم الوكيل .
يا عينى على شبابك يا ليلى ، اللى راح هدر .
يارتنى ما كنت سبتك يا حبيبتى .
لا حول ولا قوة الا بالله .
ثم ابلغ أحدهم الشرطة ، لتأتى فى الحال لمعاينة الموقع وأخذ البصمات وشهادة الجيران .
مع طلب بالقبض على زوجها الهارب .
وهكذا قد خسر سالم حياته ، وقتل زوجته العفيفة من أجل نزوة عابرة .
ليتصدر الخبر بعد ذلك الصحف ، ووسائل الاتصال الاجتماعى .
رجل يقتل زوجته بعد مشاهدته له فى أحضان عشيقته .
فيقرأ ادهم الخبر عندما كان يتصفح الفيس بوك .
فيردد لا حول ولا قوة الا بالله .
ولكنه عندما رأى صورة ليلى تتصدر المنشور .
فصعق وارتجف ووقف قائلا بتلعثم ….دى ماما ليلى .
وعندما وجدته سارة على هذا النحو ، ذعرت قائلة …ادهم حبيبى ، مالك حصل ايه ؟
ادهم بحزن ….دى الست اللى ربتنى فى الدار .
كانت حنينة اوى عليا ، كانى ابنها ، وبعدين اختفت بعد ما اتجوزت .
وكان معاها فلوس الحاج حسن ربنا يرحمه .
وكنت ديما بقول ليه تعملى كده يا ماما ليلى .
وتخدى فلوسى ، وتضيعى حلمى انى ادخل كلية .
واتارى انا كنت ظلمها .
سارة …ازاى ده ؟
ادهم …فى الخبر مكتوب ، أنه كان بيصرف فلوسها على الستات وهى متعرفش ولما واجهته قتلها .
سارة …لا حول ولا قوة الا بالله .
ليه يعمل كده بس ،ودى جزاتها فى الاخر .
ادهم ….ربنا يرحمها ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته .
ثم اقتربت منه ساره وربتت على كتفه بحنو قائلة …متزعلش يا حبيبى .
دى اعمار ، وربنا اكيد هيعوضها فى الجنة .
ادهم …انا صعبانة عليه ، لأنها دفعت عمرها كله لراجل مستحقش اصلا أنه يتقال عليه راجل .
سارة …عندك حق ، بس اهو لكل اجلا كتاب .
ثم ابتسمت قائلة….يلا روح غير هدومك .
عشان النهاردة انا عزماك على الغدا .
ادهم مبتسما …ده ايه الكرم ده كله يا ست سارة .
ثم تابع بقوله ..مقبولة منك العزومة يا قلب ادهم .
بس يوم الجمعة يوم الإجازة .
عشان أنا مضطر دلوقتى ، أنزل الشغل .
انا كده اتأخرت كمان ، عشان صاحى متأخر .
سارة بزعل …لا انا زعلانة منك يا ادهم ومش هكلمك تانى .
ادهم …لا مقدرش على زعل الجميل .
ثم رن هاتف ادهم من رقم غريب .
فالتقطه ادهم من على المنضدة ، وفتحه قائلا …السلام عليكم .
سهام …اتأخرت ليه يا باشمهندس خير ، قلقت عليك.
ادهم متعجبا من الصوت …مين معايا ؟
سهام …مش معقول تكون مش فاكر صوتى ؟
انت بتنسى بسرعة كده .
ادهم بنفور…ايوه ،مين حضرتك بقا ؟
سهام بدلال …انا سهام سكرتيرتك يا ادهم بيه .
كنت بس بطمن على حضرتك ، عشان اتأخرت .
انا اسفة لو كنت ازعجتك ولا حاجة .
ولا اتصلت فى وقت مش مناسب .
ادهم بحرج ..لا ، بس يعنى مكنش ليه لزمة .
وانا خلاص جى .
سلام .
ثم اغلق فى وجهها الهاتف غاضبا .
فضحكت سهام قائلة …تيجى بالسلامة يا ادهومتى .
بس عسل حتى وانت غضبان .
بس على مين ؟
انا سهام وهريحك على الاخر .
تعجبت سارة من حديثه ، فقالت …مين بيكلمك يا ادهم ؟
حمحم ادهم بحرج ، فكيف يقول لها انها السكرتيرة .
ستظن به سوءا اكيد .
وتفهم الأمر خطئا .
فاضطر أن يقول لها ده الشغل بيستعجلونى ، عشان فيه شغل مهم يا سارة .
مش قولتلك اتأخرت يا حبيبتى .
ثم طبع قبلة على. احدى وجنتيها قائلا ..سلام دلوقتى يا حبيبتى .
واشوفك بالليل
ثم خرج مسرعا هربا من عينيها التى تلاحقه .
وخرجت أنه لم يقل لها الحقيقة كاملة .
تعجبت ساره من سرعته تلك وقالت ….يا ترى فيه ايه ؟
مين اللى كلمه وخرج كده بسرعة .
بس انا زهقانة ومش هقضى اليوم لوحدى .
لما اروح عند ماما ، أتغدى معاها ،وارجع قبل ما يجى ادهم .
وبالفعل ذهبت لارتداء ملابسها ، وتوجهت نحو بيت والداتها بالسيارة .
استقبلتها والدتها بفرح ….اهلا يا حبيبتى .
اخيرا جيتى تزورى مماتك ، للدرجاتى ادهم خدك مننا .
الحب بقا اكيد .
ربنا يسعدك يا حبيبتى .
سارة …محدش يقدر يخدنى منك يا ست الكل.
انتى عاملة ايه وبابا كويس .
والدة سارة …الحمد لله يا حبيبتى .
وبابا مستنيكى تخلصى شهر العسل اللى شكله مش بيخلص ده عشان ترجعى لشغل الشركة .
انتى ماشاءالله كنتى ممشياها حلو اوى .وبابا تعب ومحتاجك .
ولا ادهم معارض ؟
سارة …حاضر يا ماما ، وادهم مش مش معارض ولا حاجة .
بالعكس ده هو اللى قلى لو زهقانة ، ارجعى الشغل عند بابا .
ورفض انى اشتغل فى المصنع عشان الشباب .
والدة سارة …بيغير عليكى يا حبيبتى .
ادهم شاب كويس ربنا يبارك فيه .
بس هو المصنع مفهوش بنات .
سارة …لا تقريبا فيه بس الشباب اكتر .
والدة سارة …واخبار البنات اللى هناك ايه ؟
كويسين ولا ايه حالتهم .
انا عارفة أن ادهم ابن خلال ومحترم .
بس فيه ستات عايزة الحرق ، ومش بتسيب الراجل الا لما تجيب رجله .
سارة بثقة …معقول يا ماما .!
بس ادهم بيحبنى وانا متأكدة من كده ،ويستحيل يبص لحد تانى ابدا .
والدة سارة…يا بنتى عارفة أنه بيحبك بس حرص ولا تخون.
اى واحد فى مكانة جوزك ،وكمان ماشاء الله حلو وصغير .
العيون عليه ياما.
والمثل بيقول …الزن على الودان أمر من السحر .
تذكرت سارة المكالمة الغريبة الخاصة للدعم ، وتوتره عندما كان يتحدث ، ثم ذهابا مسرعا
فدخل الشك قلبها قائلة. ….عندك حق يا ماما .
انا برده لازم اخد بالى كويس من ادهم .
والدة سارة …ايوه يا بنتى ، اهتمى بيه كويس.
ثم نظرت إليها قائلة …وانتى ايه مالك خاسة كده ، ووشك شاحب شوية .
انتى مش بتكلى ولا ايه ؟
سارة …باكل والله يا ماما ، بس ساعات مش بيكون ليا نفس اوى .
ومش عارفة كل شوية يجيلى مغص ويروح .
فابتسمت والداتها قائلة …طيب استنى انا هلبس ، وننزل مع بعض مشوار سريع كده ، اتأكد من حاجة ونرجع بسرعة.
وبالفعل تجهزت والداتها واخذتها لأقرب معمل .
سارة بإندهاش …انتى جيبانى ليه يا ماما هنا ؟
والدة سارة …هعملك تحليل دم ، اشوف عندك انيميا ولا ايه عشان اطمن عليكى .
سارة ..اكيد عندى انيميا ،انا من صغرى كده .
والدة سارة …لما نشوف .
ثم همست إلى دكتورة التحاليل بكلمات .
فأخذت منها عينة الدم ،وقامت بالانتظار نص ساعة .
ثم جاءت الدكتورة إليهم مبتسمة قائلة ….مبروك المدام حامل .
فتهلل وجه والداتها قائلة …الف مبروك يا حبيبة ماما .
سارة بإندهاش ….قصدك ايه يا ماما ؟
والدة سارة …يا بنتى ده كان تحليل حمل .
بس مردتش اقولك عشان متزعليش لو مكنش حمل ،وكان مجرد تعب بسيط .
سارة بفرح …يعنى انا بجد حامل فى نونو ، بالسرعة دى .
والداة سارة …ايوه يا حبيبتى ، الف مبروك .
سارة …هتصل بادهم أقوله ، ده هيفرح اوى .
والدة سارة …استنى اعمليله مفاجأة احسن يا بنتى .
سارة …يعنى اعمل ايه ؟
والدة سارة ….انتى اعملى جو رومانسى فى البيت واشترى بلالين وحكى فى وحدة تحليل الحمل .
وخليها يفرقعها ،ويشوف الورقة ، ويفرح والباقى هو يحدده بقا .
سارة بضحك …حلو اوى الفكرة ، علم وينفذ يا احلى يا ماما .
…………..
كيف سيتقبل ادهم خبر حمل سارة ؟
وماذا بعد فى حكاية سهام ؟
هذا ما سنعلمه فى الحلقة القادمة بإذن الله .
……
وللحكاية بقية
نختم بدعاء جميل
يارب سخر لي حظاً ونصيباً يتعجب منه أهل السماء والأرض، تسخير ونصيب يليق بجلالك وقدرتك وكرمك يا أرحم وأكرم الكرمين.”
ام فاطمة
(◉‿◉) (◉‿◉) (◉‿◉) (◉‿◉) (◉‿◉)
الحلقة السابعة والعشرين
ليست خطيئتى
……………………..
ما أجمل العطاء بعد المنع ، والجود بعد الحرمان
وما اجمل الحلال الطيب الذى ينتج عنه أسرة صغيرة ، تنمو مع الوقت بمعية الله.
ها قد الله على سارة وادهم بطفل صغير ، وعلمت سارة بحملها من طبيبة التحاليل ففرحت فرحا شديدا .
واخبرتها والدتها بفكرة لذيذة عن طريقها يعلم ادهم الحمل .
وبالفعل نفذتها عندما عادت الى شقتها ،وزينت الأرض بالورود .
ونفخت البلالين ، بعد أن وضعت فى أحدهما نتيجة تحليل الحمل .
وانتظرت بفارق الصبر والشوق ، عودة ادهم من العمل ، ليفرحا معا بنعمة الله عليهما .
تابع ادهم عمله فى مكتبه بجد وهمة عالية ، واستقبل كثير من الطالبين بدفعات جديدة من الإنتاج .
وكانت سهام على مكتبها شاردة تفكر ، ما ستفعل مع ادهم لتقرب منه.
ففكرت أن تصطنع التعب أمامه ، لكى ترقق قلبه لها .
وبالفعل ولجت إليه تحمل أوراقا لشركة للتعاقد معها على صفقة شغل جديدة .
استقبلها ادهم بوجوم ،متعمدا إلى النظر إليها .
كى لا يقع فى إثم بسبب تبرجها الزائد وملابسها الفاتنة .
فالله سبحانه وتعالى أمرنا بغض النظر.
قائلا سبحانه …وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم .
لاحظت ذلك سهام فحدثت نفسها ….لااااا ده انت صعب اوى يا ادهومتى، حتى النظرة مش طيالها منك .
ده قربت اعمى كل رجالة المصنع من كل مهما مبحلقين فيا .
ده غير الشاب ده اللى اسمه ايه ، اه كمال .
أيده كانت هتتقطع تحت الماكنة ،من كتر ما عمال يبصلى ومش واخد باله من من أن ايده تحت الماكنة .
لكن انت بوريه منك يا اخى ومن التقل بتاعك ده .
شكلى هغنيلك زى سعاد حسنى .
يا واد تقيل ، يا مجننى .
ده انا بالى طويل وانت عجبنى
على العموم هجرب السهوكة كده يمكن تجيب طريقة .
فحمحمت سهام واصطنعت الادب تلك المرة حتى تفعل ما تريد .
ثم وضعت الاوراق أمامه .
قائلة …الورق يا فندم اللى حضرتك طلبته .
ادهم …تمام ، سبيه واتفضلى انتى دلوقتى .
سهام بمكر …تحت امرك يا فندم .
ثم أمسكت برأسها متأوهة …اااااه .
فنظر لها ادهم بقلق …ايه فيه حاجة يا مدام سهام .
سهام …لا ابدا ، شكله شوية صداع ، بيجوا من وقت للتانى..
ادهم …..سلامتك .
سهام ….الله يسلمك .
ولكنها ترنحت فجأة أمامه ، فقام بذعر قائلا …ايه مالك ؟
انتى تعبانة للدرجاتى.
فقالت بصوت ضعيف …مش حاسه بنفسى .
ثم سقطت بين يديه .
ادهم ….لا حول ولا قوة الا بالله ، مالها دى ؟
طيب اعمل ايه دلوقتى ؟
ثم حاول أن يستفيقها قائلا …يا مدام قومى ، مش كده .
ولكنها اصطنعت الاغماء وحدثت نفسها …يا لهوى عليا وانا جمب قلبه كده وسمعه دقات خوفه عليا.
ويخربيت ريحة البرفيوم بتاعته تجنن .
ثم حاول أدهم أن يحملها ويضعها على الأريكة ، ثم يطلب طبيب ليرى ما حدث لها .
ولكن لسوء حظه ، ولج إليه فى تلك اللحظة ،مجدى ومعه أحد العمال .
فجحظت عين مجدى متمتما بغير تصديق …ادهم انت بتعمل ايه معقول؟
ليحمحم العامل خالد بحرج وهو مبتسما بخبث …إظاهر انى جيت فى وقت غير مناسب .
استأذن انا يا باشمهندس .
ثم خرج سريعا ، لينقل الخبر سريعا لاحد أصدقائه قائلا …شوفت الراجل اللى كنا فاكرينه ملاك نازل من السما ، عمل ايه ؟
وياريته لسه عازب ، كنا قولنا ماشى .
لكن ده لسه عريس وجى من شهر العسل .
يلحق كده يحب تانى ، ايه ده !
طيب حتى يتسنى شوية .
كريم …هو حصل ايه يا جدع ، وغوغشتنى.
هو فيه ايه وعمل ايه ؟
فهمس له خالد …هات ودانك اقولك ، بس متقولش لحد .
انا شوفته بعينيه الاتنين اللى هياكلهم الدود دى ، مع السكرتيرة فى المكتب ، وايه فى وضع استغفر الله العظيم ، وهى على دراعه متسلطنه على الاخر .
فضحك كريم قائلا …يا ابن الإيه .
بس صراحة عنده حق ، البت ماكنة صح وتستاهل .
يا بختك يا ادهم بيه .
بس صراحة مراته انا شوفتها حتة سكر برده ورقيقة .
بس هو الراجل كده ، ديما مش بيقدر يقاوم التيار .
ثم تضاحك الاثنين .
وما مر نصف ساعة ، حتى تناقل الخبر بين عمال المصنع.
فكان الخبر كعود الثقاب الذى اشعل الحريق .
فتهامس العمال على ادهم وسهام .
……….
بينما كان مجدى مع ادهم غاضبا بقوله….ايه اللى انا شايفه ده يا ادهم .
هو ده كلامك عن الحب الحرام والأخلاق واحنا غير اى حد .
راح فين الكلام ده كله ،معقول كده تقع بالسرعة دى !
وتلوث تاريخك كده .
وهنا تململت سهام بين يد ادهم ، لتفتح عينيها بمكر قائلة باصطناع ….هو انا فين وحصل ايه ؟
فوجدت نظرات ادهم الغاضبة إليها .
فصطنعت الخجل عندنا وجدت نفسها بين يديه قائلة …هو فيه ايه ؟
فانزلها ادهم بغضب قائلا ….اخيرا فوقتى يا مدام .
عجبك اللى حصل ده .
سهام …انا اسفة محستش بنفسى خالص .
طيب قولى لحضرتك اللى حصل لمجدى .
عشان مش مستحمل كلامه ولا نظرات الشك اللى فى عينيه دى .
ومش عارف هو ازاى صدق حاجة زى فيا وهو عارفنى كويس .
وهو مفروض حفظنى زى اسمه.
مجدى بحرج …ادهم انا يعنى مقصدش،.
بس المنظر كان صعب اوى.
واى حد مكانى هيظن أن فيه حاجة بينكم يا ادهم .
سامحنى .
ادهم بإنكسار …اى حد تانى ماشى ، لكن انت لأ يا مجدى .
ثم هدر فى سهام بإنفعال قائلا …مش بقيتى كويسة .
سهام بحرج …يعنى افضل شوية .
ادهم …طيب مستنية ايه ، اتفضلى على مكتبك .
واظن كفاية اوى لغاية كده .
فخرجت سهام مسرعة خوفا من أن يتخذ ادهم اى إجراء اخر معها .
ولكنها فى ذات الوقت فرحة بما حدث .
لانه سيكون شرارة نار ، قد يترتب عليها ما ترجوه .
فذهبت بالفعل لمكتبها .
ولكن أثناء ذلك وجدت اثنتين من العاملات يتحدثن عن ما حدث .
وينظرون لها بأحتقار .
وسمعت همس احداهن …شوفى الست القادرة .
قدرت الغلط ادهم بيه مرة واحدة ، فى فترة صغيرة ازاى ؟
واحنا يا اختى قدام من سنين من مكان لسه عامل فى المصنع ده .
مقدرتش واحدة فينا تخليه يبصلها حتى .
فنظرت لها سهام بإنتصار وكأنه تقول لهم …يأرض هدى ما عليكى قدى .
وهذا فقط ما يهمها فى الأمر .
ولم تحزن ان سمعتها أصبحت فى الحضيض .
وكأنها تأخذ بمبدأ …الغاية تبرر الوسيلة .
اى أنه لا يهم شىء ، سوى أن تصل إليه ، بإى وسيلة حتى لو على حساب نفسها .
جلس ادهم على مكتبه حزينا ،فأقترب منه مجدى وربت على كتفه بحنو قائلا …خلاص بقا يا صاحبى.
مكنتش كلمتين قولتهم .
ادهم ….بس كانوا عاملين زى الجبل على صدرى .
مجدى …معلش وهفضل كده يعنى امعلشلك كتير .
لغاية ما ترضى سيادتك .
فضحك ادهم قائلا …ماشى يا سيدى ، سماح المرادى.
مجدى…ايوا كده ، ده انا مصدقت كرمة اتعدلت ، تزعل انت .
ادهم بإندهاش …معقول خلاص الحمد لله بطلت نكد .
مجدى …اه الحمد لله افضل شوية .
والفضل لله ثم لك ، عملت بكلامك وشغلتلها اسطوانة عبد الحليم ، فانشكحت وهدت.
ادهم بضحك …يخربيت كلامك .
فعلت الستات قلبهم فى ودنهم.
وربما يستر كمان على سارة ، مع انى يعنى معاها كويس اوى ومحسسها بالأمان ،وهى ليها عيلتها .
بس شوية تأخير عملتلى فيهم محضر .
فضحك مجدى قائلا …والله محسبناش اب وام على التأخير .
جم هما يحاسبونا .
وخلاص يا سيدى ، انا هسمحلك كل يوم بساعة بدرى .
فضحك ادهم ، ثم استأذنه مجدى لمسايرة العمل .
وانتهى اليوم وعندما استعد ادهم للخروج من المصنع .
شعر بأن نظرات العاملين تغيرت نحوه ، ثم سمع همس .
لم يستطيع أن يفسره .
ادهم بإندهاش …هو فيه ايه ؟
بيبصولى كده ليه ؟
وبيهمسوا يقولوا ايه ؟
ولم يكن يتوقع أن خالد قد أفشى ما حدث فى مكتبه مع سهام .
ثم قاد سيارته نحو المنزل ، ونظر إلى ساعته قائلا …الحمد لله متاخرتش النهاردة عشان سارة متعمليش فيلم .
ثم ركن سيارته امام محل الحلوى ، ليشترى منها أنواع متعددة من الشيكولاتات تحسبا لأى زعل مفاجىء .
……..
ثم وصل إلى شقته ووضع المفتاح فى الباب ومع كل دقة منه ،كان قلب سارة يرتجف معه .
ومنتظرة دخوله وتأثير المفاجأة عليه .
ولج أدهم للداخل ، ليتفاجىء أن الأرض مفروشة بالورود ، فابتسم قائلا …شكلها ليلة زى الفل .
واخيرا سارة هترضى عنى .
بس هى فين ده انا ديما بلاقيها فى وش الباب اول ما ادخل .
ثم قام بالنداء عليها …سارة حبيبتى ، أنتى فين ؟
سارة ، سارة .
ثم ولج لغرفة النوم .
ليجد البلالين المعلقة باللون الوردى واللبنى.
فتعجب قائلا …هو النهاردة عيد ميلادى ولا حاجة ؟
وانا ناسى .
مهو انا انسى عيد ميلادى ، لكن مقدرش انسى عيد ميلاد سارة.
لان ده لو حصل ، هتكون مشكلة كبيرة ممكن توصل لمحكمة الأسرة .
بس لا النهاردة مش عيد ميلادى .
امال ايه ؟
لتظهر سارة اخيرا بعد أن كانت مختبأة فى خزينة الملابس قائلة …مفاجأة ايه رئيك !
فضحك ادهم قائلا ….احلى مفاجأة بس خضتينى.
بس تعالى تعالى ، عشان انتى وحشانى اوى .
ثم احتضنها بقوة قائلا …اهو الحضن ده اللى بيهون عليا تعب النهار .
سارة …حبيبى يا ادهم .
ثم ابتعدت عنه قائلة …تخيل انا محضرالك مفاجأة ايه داخل البلونة .
ادهم …بجد فيه حاجة تانى ، بس يا ترى ايه ؟
فناولته سارة دبوس ، وبالفعل فرفعت لتنزل ورقة فى يده .
ففتحها ليجد تحليل الحمل الايجابى .
فاخذ ينظر إليها تارة ،وتارة الى سارة التى وضعت يدها على بطنها .
واومئت برأسها ، قائلة بخجل …ايه رئيك يا بابى فى المفاجأة الحلوة دى !
فدمعت عين أدهم بغير تصديق ، أن ربنا كرمه هكذا بكل تلك النعم .
وان سيكون له طفلا من صلبه ، وستكون له عائلة بعد أن كان وحيدا ..
فى كرم هذا .
فسجد ادهم لله شكرا ، جامدا الله على نعمه .
ثم اسرع لسارة فحملها قائلا بضحك … حبيبتى احلى مفاجأة من احلى مامى.
أما مش مصدق نفسى فعلا انا هكون اب .
سارة .. طيب براحة يا بابى عشان النونو داخ .
فضحك ادهم وانزلها بيسر ووضعها على الفراش قائلا …ايوه من النهاردة مفيش تنطيط ولا لعب .
فيه راحة بس .
سارة ..راحة ايه ؟
انا مش بحب ابدا نوم السرير وبحب الحركة .
حتى عايزة انزل الشغل مع بابى عشان محتجنى .
ادهم …معلش بس حبيبتى ، احنا لازم نروح الدكتورة الاول ، تطمنا على وضعك والجنين .
وبعدين نحدد إذ كان تقدرى تنزل الشغل مع بابا .
ولا خطر عليكى.
عشان أنا مش مستعد أضحى بيكى او بأبنى اللى جى فى السكة.
ليقضوا ليلتهم فى سعادة بالغة بما أنعم الله عليهم .
…………
وفى اليوم التالى
ذهب ادهم إلى عمله ، ليجد نفس النظرات من العمال والهمسات التى لا يفهمها .
فاحتار فى الأمر ، فاستدعى مجدى ، الذى ذهب إليه مسرعا .
مجدى ….خير يا ادهم ، قالوا إن عايزنى بسرعة .
حصل حاجة ؟
ادهم …مش عارف يا مجدى حاسس ان فيه حاجة غريبة بتحصل من ورايا فى المصنع .
وان نظرات العمال كده ليه اتغيرت. .
ده غير الكلام اللى مش فاهم هما بيقولوا ايه ؟
فطأطأ مجدى راسه خجلا قائلا ….صراحة يا ادهم .
اللى حصل فى المكتب امبارح اتعرف .
وفعلا كل ما تمشى بين العمال ، الاقيهم ملهمش كلام غير فى الموضوع ده .
وكلام كتير اوى واتوسع كمان اوى ،وضحك وهمزات واستغفر الله العظيم .
وصراحة مش عارف اعمل ايه ؟
واسكتهم ازاى ؟
ده غير ايمن ،كل شوية يعمل مشكلة بسبب الموضوع ده .
ويتعارك مع اى حد يكلم .
ويدافع عنك ويقول لا انا عمرى ما اصدق ابدا ان ادهم يعمل كده .
فابتسم ادهم …سبحان مغير الاحوال .
من الد لدود ، لمدافع عنى .
ثم قطب ادهم جبينه قائلا ….وبعدين ، ده انا لو طلعت حلفت ليهم على المصحف مش هيصدقوا على كده .
مجدى …مش عارف والله ، انا قربت اتجنن .
ادهم بذعر ….انت فاهم يا مجدى ، أن الموضوع ده لو وصل لسارة ، ممكن تعمل ايه .
مجدى …ربنا يسترها ، وتكون عاقلة وتثق فيك .
ادهم …مفيش ست عاقلة فى الموضوع ده ، لأن الغيرة بتلغى العقل تمام .
مجدى …والحل يا صاحبى؟
ادهم …مش عارف ، بس لازم حل جذرى ، ويقطع الشجرة من جدورها .
مجدى …قصدك ايه تطرد سهام ؟
ادهم …طردها مش هيحل حاجة ، بالعكس هيقولوا طردتها عشان الشوشرة.
وممكن يكون بقابلها بره .
مجدى …فعلا ،طيب وبعدين .
ولم يستكمل مجدى كلماته حتى ولجت إليهم سهام ، وقد اصطنعت البكاء مرددة ….ألحقنى يا ادهم بيه .
ابوس ايدك .
فتعجب ادهم ومجدى من بكائها وطريقة حديثها تلك ……………
فلماذا يا ترى تبكى سهام !
وماذا تريد من ادهم ؟
ولما تتوسل إليه ؟
……
وهل سيصل الموضوع الى سارة ام ماذا سيحدث ؟
هذا ما سنعلمه فى الحلقة القادمة بإذن الله تعالى.
فكونوا بالقرب.
نختم بدعاء جميل
اللهم أجعل لنا في هذا اليوم نصيباً من كل خير تقسمه، وفي كل رزق تبسطه وفي كل ضر تكشفه وفي كل بلاء ترفعه ………..
شيماء سعيد