الحلقه (11)..”مغتربه داخل قلبه ” .
_ تيّار مُعاكس _
——-
انقضى الشهرُ سريعًا .. ومن بعده قررا قضاء أجازة تصل مُدتها شهرا بأمريكــا ، وقد دعم والديها هذا القرار لتنقلهمـا الطائره بعد أسبوع من إنتهاء الشهر الفضيل إلي أمـريكا ،،،
أوقف سيارة الأُجره أمـام المبني الذي يقطنه ، ترجل خارج السيارة وكذلك فعلت هي ليبدأ في تفريغ السيارة من الحقائب ، انطلق السائق بعدها علي الفـــور فيمـا جابت هي ببصرهـا المكان في إنبهـار ، فالمكان من أجمل ما رأت عينيها .. وقف هو أمام البناية ثم إلتفت رامقًا إياها بحنو ومـا أن قدمت إليه حتي تابعت بسعادة :
_ المكان هنا جميل للغايه ،ظننت أن مِصر فقط من تتصف بالجمال .
چوزيف رافعًا حاجبيه : أيعني بأن أمريكا أجمل من مِصر ؟!
اسلام بنبرة قاطعة : لا ، بل مِصر أجمل أيضًا ولا داعي للمُقارنة يا زوجي العزيز .
افتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة ، ألف ذراعه حول كتفيها ومن ثم سار بها ناحية الدرج صعودًا ليردف بنبرة صادقة :
_ أتعلمين أنكِ أضفتي لـ حياتي نكهة خاصة يا حُضن الوردِ .. من الشرف لـ أمريكا أن تطأ قدماي اسلام ضاهر إلي أرضها .
اسلام بضحكة هادئه : أخجلتم تواضعنا .
وصل چوزيف حيث شقته القاطنه بالطابق الرابع في هذا البنـاء الراقي ، قـام بفتح الباب بإستخدام مُفتاحه الخـــاص وقبل ان يتسني له الحديث مُجددًا وجد هذان الإثنان يقفان أمامهما مُباشرةً حينما هتفت (كاثرين) بسعادة مُصطنعة وهي تُلقي بنفسها بين أحضانهِ :
_ چوزيف ؟! .. لقد إشتقتُ لك كثيرًا حبيبي .
إتحتقن وجهه بحُمرة الغضب القاتم ، كور قبضة يدهُ القابعة جانبًا ولم ينبس ببنت شفةٍ في حين اردف روبرت صديقه بثبات :
_ لقد طال غيابك يا صديق واشتقتُ للجلوس معك للسمر .
إبتعدت كاثرين عنه قليلًا ، إلتفتت بوجهها إلي اسلام التي مازالت في حالة شدوه لتقول كاثرين بنبرة مشمئزة :
_ حينما علمت بزواجك من هذه الفتاة ، أحسست بأن ذوقك قد تدنى ، ولكن ما دُمت تُحبهــا فلابد أن نتقبلها .
عبرت قسمات وجه اسلام عن الإمتعاض الشديد ، ذمت شفتيها بسخطِ ومن ثم أردف ببرود :
_ كيف دخلتما إلي هنا ؟
أطلقت كاثرين قهقه عاليه للغايه ، جدحتها اسلام بشيء من البرود والأنفة لتقول الأُخري بنبرة متوهجة بنيران الكُره :
_ نمتلك نُسخ أُخري للشقه ، فهي تجمعنا دائمًا قبل ان تأتي إلي حياتنا ولا نستأذن قبل المجيء إليها ، فلا تفرضي علينا تقاليدُكِ النمطية الفاشلة ؟!!
اسلام بعصبية خفيفة : أي تقاليد هذه يا رأس البطيخ أنتِ ، فـ لكُل منزل حُرمته .
أشاحت كاثرين بوجهها إلي چوزيف ، فيما إقترب روبرت من اسلام ليمـد يدهُ لها كي يصافحها قائلًا :
_ أهلًا بكِ يا صديقتي !
رمقها بنظرة لا يفهمـها سوي زوجها الذي ما أن رأهُ يقترب منها حتي وقف حائلًا بينهمـا ليدفع يدهُ بعيدًا وبنبرة صارمة تابع :
_ زوجتي ليست بصديقتك يا روبرت ؟ ، عليك إحترامها إن كُنت ترغب في استمرار علاقتنا ، وأعلم جيدًا أنها لا تشبه أيًا من نساء أوروبا كي تتهاون وتتطاول في تصرفاتك معها !!
قطب روبرت مـا بين حاجبيه في إستغراب ، هزّ كتفيه بخفة ليضيق عينية مُحاولًا إيجاد مُسمى لهذا الغضب منه ليردف مُتسائلًا :
_ لم أقصد مضايقتها ، أنا فقط وددت أن نكون صديقين ؟ .. ما الإشكال هنا !! ، أنا أُعامل كاثرين بنفس الطريق وأنت كُنت مُرحبًا بهذه الصداقة دون ثورة ؟!
چوزيف بنبرة باردة :
_ لقد قولتها بنفسك ، سمحت لك بالتمادي مع كاثرين ، ولكن اسلام هي الخط الفاصل في علاقتنا ، ان قوبلت بإحترام منك فلتدم صداقتنا والعكس يُثبت المُعادلة .
كاثرين بنبرة محتدمه : ماذا تقصد بهذه الكلمات ، هل تهينني يا چوزيف ؟
ضغط چوزيف علي عينيه بقوة ليرفع يدهُ مُشيرًا بها إلي باب الشقة فيقول :
_ نحن بحاجة ماسة إلي الاسترخاء من مشقة السفــر ، فلنلتقي مساء اليوم .. والآن أذهبا من فضلكما .
جدحتهُ كاثرين بنظرة نارية ومن ثم سـارت بخُطوات سريعة للغاية حتي غادرت المكان وقد تبعها روبرت ،،،،
_ اسمعني يا يُوسف !
قالت جملتها هذه بنبرة مخنوقة ، فيما رمقها هو بتفهم مردفًا بترجِ :
_ أعرف ما تودين قوله يا اسلام .. قريبًا .. قريبًا جدًا .. ستنتهي علاقتي بهذه الفتاة .
تلألأت قطرات الدموع بعينيها لتهتف بنبرة مُتشنجة يُخالطها الكبرياء :
_ ليس قريبًا بل الآن .. لا أقبل أن يكون لـ زوجي صديقات .. فالاسلام لا يعترف بهكذا علاقات .. كما أنني لا أطيق رؤيتها .
إقترب چوزيف منها أكثر ، وضع وجهها بين كفيه وراح يمرر أصابعه علي وِجنتيها وبنبرة هادئة تابع :
_ هلا هدأتي ؟! .. سأفعل كُل مـا ترغبين به ، فـ والله لن أسمح لأحد أن يُفرقنا .
أومأت اسلام برأسها في تفهُمِ ، فيما استأنف هو بحنوه المعتاد لهـا :
_ لنصلي أولًا يا عزيزتي قبل أن أخذكِ في چولة بأمريكا .. ما رأيكِ ؟!
اسلام بهدوء فجّ : كما تشاء .
في تلك اللحظه شدّها إليه ليحتضنها بحنو جارف ، ربت علي رأسها بثبات ليقول بنبرة شاردة :
– بلى ، كما تشاءين أنتِ .. وتأكدي دائمًا بأنني عشقتك وسأعشقكِ وإلي جواركِ باق .
——-
_ إهدأي يا چودي ! .. لا تقلقي عليها .. إنها بأمـان مع زوجها .. وربما انشغلت بأمور أُخري ولم تأتيها الفرصة كي تُحادثكِ .
أردفت فاطمة بتلك الكلمات وهي تناول صديقة ابنتها منديلًا ورقيًا بينما تابعت چودي بحنقِ وافــر :
_ كيف لهــا أن تنشغل عني ؟ .. فأنا أقلق عليها كثيرًا ولا أتخيل يومي دون سماع صوتها .
فاطمة بإبتسامة خفيفة : أنتظري قليلًا وصدقيني ستُحادثكِ .
——-
صُلبت الانظار إليها في شيء من الاستغراب ، وقفـا أمام حانه كبيرة لبيع المُثلجات .. حينما رفعت اسلام الهاتف الخاص بهـا لتلتقط صورًا تجمعهما … تهللت أسارير وجهها بهذه الچولة الحافلة بالمُغامرات .. ولكن مازالت أعين الناس تنظُر لها بعين الغرابة ، إقتربت منهُ أكثر لتهمس له بنبرة خفيضة :
_ هل أشبه الكائنات الفضائية يا يُوسف ؟! .
قطب چوزيف ما بين حاجبيه في عدم فهم لـ سؤالها ، هزّ رأسه سلبــًا فيما لوت هي شدقها لتقول بحُزنِ :
_ أرى الناس ترمقني بنظرات غريبة ؟!
إلتقط چوزيف المُثلجات من البائع ، ناولها واحدة ليقول بنبرة ثابتة حانية :
_ لأن الاختلاف الموجود بكِ يجعلكِ كالمسجد ببلده جميع ساكنيها (يهود) .. لا يقتربوا منه أبدًا ولكن فضولهم لاستكشاف ما بداخل المسجد ، يقتلهم .
اسلام بنبرة ثابتة : إذًا أخبرني يا يُوسف ، هل أحببت الاسلام حقًا وأحسست بالفارق الذي بينه وبين اليهودية !!!
قضم من المخروط الثلجي الخاص به ، نظر أمامه علي الفـــور ليتنهد بقوة أعقبهـا حديثه الهاديء :
_ أقسم أنني أحببت الاسلام بكُل جوارحي ، أندم علي لحظة ماضية كُنت علي دين غيره ، لقد عشقت الصلاة ولحظة السلام الداخلي بعد كُل فريضة .. عشقت الصوم في هذا الشهر الكريم وكيف وأنه ذا لذة خاصة .
اسلام وقد تهلل قلبها فرحًا : أنا سعيدة لهذا جدًا .
ومـا أن أنهت حديثها حتي صدح هاتفه عن اتصالًا ، تأفف ما أن رأي اسمها ليضع الهاتف علي أذنه قائلًا بحنقِ :
_ كاثرين ، إنتظريني في الشقة وانا قادم إليكِ .
لم يترك لها المجال حتي تتحدث بكلمة واحدة ، أغلق الهاتف علي الفـــور وبنبرة ثابتة تابع :
_ سأخذكِ إلي المنزل حبيبتي ، وانا سأذهب لإنهاء هذه السخافة ومن ثم أعود في الحــال .
وافقت اسلام علي مضض فهي تبغض وجوده مع هذه الفتاة وكلما تذكرت اللحظات التي كانت تجمعهمـا حتي يشتد حنقها وغيظها أضعافا ،،،
أوصلهـا إلي البناية ولم يتزحزح من أمامها حتي أطلت هي من الشرفة ليتأكد بأنها في مأمن الآن …
استقل سيارة مــا لتوصله حيث منزل هذه (كاثرين ) فقد تمادت في تصرفاتها معهُ .. هو من أعطاها هذه الفرصة والآن سيسلبها إياها .
وصل أخيرًا إلي منزلهـا ، هـرول صاعدًا المبني يأكل درجاته حتي وصل إلي شقتها .. طرق علي الباب بقوة ليجدها تفتح الباب ترمقه بثبات ،،،
أزاحها چوزيف بذراعيه ومن ثم صفق الباب خلفه ، ثبت بصره إليها يرمقها في حدة وبنبرة تعبق بحرارة عميقة تابع :
_ ألن تكفي عن هذا ؟ .. مـا هي خططكِ القادمة يا حلوتي !! ، أظننتِ بأنني آت بزوجتي إليكِ حتي تنتقمي ؟ ، آنتِ حمقاء !! ، هي زوجتي وانا لن أضرها بمثقال ذرة .
في تلك اللحظه صرخت به بنبرة محتدمة وراحت تدفعه ليستفيق من غُفوته كما تظن ، قائله :
_ ماذا تغير ؟ ، كيف أصبحت علي هذه الحالة المُزرية !! .. أنا كاثرين حبيبتك !! ، هل نسيت مُخططنا للإيقاع بهــا ؟ .. لقد أصبحت مُغيبًا ، غريب الشخصية ! .. رأيتك في الصباح وقد تلوّنت مقلتيك بالأحمر عندما إقترب منها روبرت ، لم تفعل هذا معي أبدًا .. هل تغار عليها يا چوزيف ؟!
جدحها چوزيف بنظرة نارية ، ليمد يدهُ ضاغطًا علي خُصلات شعرها بقوة :
_ اسمي يُوسف ،مُسلم الديانة ولستُ بيهودي ، أؤمن بالله الواحد وملائكته وكُتبه ورُسله وأشهد ان مُحمدًا رسول الله .. هذا أولًا .. ثانيًا أجل أغار عليها حتي من سوء نيتي تجاهها في الماضي ، أغار عليها من شيء تُحبه وتحفل به .. فما بالكِ بأشخاص ، وفي المُقابل أدهس من يُطاوعه عقله مُفكرًا في إيذائها ، أما أنتِ فـ مُجردة فتاة مُتحررة رخيصة ولا أرغب برؤيتكِ مُجددًا .. أنتِ مُتاحة للحد الذي يجعل مُسلمًا شرقي الهوى مثلي ، يتقزز من مجرد لرؤيتكِ .
صرخت مُجددًا بنبرة أكثر كُرهًا يُخالطها تأوهًا من إشتداد قبضته علي شعرها :
_ لن أدعها تأخذك مني يا چوزيف .
حرر خُصلاتها من بين قبضته ، طرق علي ذقنها بخفة ليردف بنبرة ساخرة مُستخفه :
_ يُوسف لا يُقاد من قِبل إحداهن، ولكنني من آثرت وجودها إلي جانبي ، فهل يُعقل أن نختار العفن في وجود ألماسة ؟! .. لا تأخذكِ عظمة التخلص منها يا حلوتي .. فلا تنسي بأنها زوجتي ومن يُفكر بأذيتها أو إهانتها أقتله بدم بـــارد .
جدحتهُ كاثرين بنظرة جامدة ومن ثم أردفت بتحدِ :
_ اسمع يا هذا .. لقد قمت بوضع كاميرات بحجرة النوم خاصتكما .. ستُنهي اليوم لعبة الانتقام هذة .. وإلا ساُخبر والديها بكُل شيء وربمـا افصح للشرطة عما رغبت بفعله بهـا والدليل وجود كاميرات مراقبة في غرفة نومك وفي كلا الحالتين ستخسرهـا للأبد إما قتلًا أو فُراقًا .. إنهي هذه المهزلة اليوم ، أرغب بفيديو مُفصلًا بما يدور بينكما في الغرفة ومن ثم أرفعه علي مواقع التواصل الإجتماعي ليعرف العالم بأن الاسلام هذا لا شيء أصلًا .. سأفضحها وأنتقم لـ كرامتي .
في تلك اللحظه وجدت صفعة تهوى علي وجهها فجعلتها تنهار أرضًا .. انساب خيط رفيع من الدماء من جانب فمها لتقول بنارية :
_ سأفضحك معها .. أعدك بذلك .. سأنتقم من كليكما .
جدحها چوزيف بنظرة نارية ، والاها ظهرهُ وهو يذأب في خُطواته للخارج ،،،
رفعت كاثرين ذراعها تمحو الدماء عن فمها ، اصطكت اسنانها ببعضهم لتقول بنبرة أشبه لفحيح الأفعى :
_ لديك فرصة لـ ساعات قليلة يا چوزيف ، إما تعود ليّ راكعًا أو تخسرها وتخسر نفسك للأبد