الحلقه (6)..” مُغتربه داخل قلبه”.
_ القـرار _
——-
نسير حتي نقف أمام مُفترق طُرق مُتشابهه ، لا نعلم أيهم نسلك ، وفجأه نجد أقدامنا تقودنا وحدهـا حيث أحدهم ، نُحاول موتًا ردعها عن السير ، فلم نختر بعد مـا نُريد ورويدًا رويدًا يُرضينا مـا كُنا عنه مُعرضين .. ويُصبح هو الأخير من بينهم علي الإطلاق .. فماذا لو كُنت مَن إختار طريقه ؟! .. قطعًا ستختار ما رغبه الله لك …
——–
_ مَن چوزيف ألبرت ؟!
قالت جُملتها تلك وهي تبتعد عنه إنتقالًا إلي الأريكة المُجاورة بعدمـا غرست أسنانها بلحم ذراعه ، صر علي أسنانه تأوهًا ليجدحها غيظًا مما فعلته وبنبرة نارية تابع :
_ لقد آلمتني حقًا ، كفاكي شراسة ، يمكنكِ الاعتراض باللسان وليس الاسنان .
رفعت أحد حاجبيها بتفاخر وراحت تعيد سؤالهـا بنبرة أكثر ثباتًا :
_ مَن چوزيف ألبرت ؟!
تنحنح چوزيف قليلًا قبل أن يرمقهـا بثبات وقد افتر ثغرهُ عن إبتسامة هادئه قائلًا :
_ انا الابن الوحيد لـ أحد أكبر أثرياء أمريكا وتُجار المجوهرات (ألبرت فرانسوا) .. كان يهودي الديانة ، جاء أبي إلي مصر لإستثمار تجارته بهـا ، التقي بوالدتي والتي هي مصرية الجنسية ويهودية الديانة ، تـزوجا ثم عـاد بها إلي أمريكا وبعدها بعامين جئتُ أنا .. توفيت والدتي وانا بعمر العاشرة فكانت تُعلمني قراءة العربية وأصولهـا وبعد موتهـا قررت تلقي دروسًا بها حتي أصبحت أُجيدها بنسبه لا بأس بهـا .. أنا خريج كُلية الطب وقد عُينت مُنذ عام ، معيد بالقسم الذي درست به .. أُحب الرحلات والترفيه ، وأأاه .. أبلغ من العمر ثلاثين عامـــا .. هذا يكفي أم تُريدين معرفة شيء آخر ؟!
أومأت اسلام برأسها في تفهم ، كححتْ قليلًا قبل أن تقول بتوجسِ : أيعني أن لديك أقارب مصريين هُنـا ، لكونك نصف مصري ؟!
باغتها چوزيف بإبتسامة جانبية تميل إلي السخرية ومن ثم تابع بنفي :
_ لا ، لقد هاجر اليهود جميعهم ،أو أغلبهم لبلاد مُتفرقه ، لا أظُن أن مصر بهـا يهودي واحد .
اسلام وهي تقول بإبتسامة باردة : وللحق نحن لا نريدهم بيننا .
چوزيف بنبرة مُتسائله يُعاود طرح السؤال ذاته لتنتقل من حالة السائل إلي المسئول :
_ مَن هي اسلام الناصفي ؟!
اسلام بتنهيدة خفيفة تقول بنبرة عابثة :
_ رغم أن هذه الجلسة لإستجوابك فقط ، ولكنني سأُجاوبك .. انا اسلام ضاهر الناصفي ، قاربت علي إنتهاء عامي الخامس والعشرين ، أُحب ديني كثيرًا ولا اتوانى أبدًا عن الدفاع عنهُ ونُصرته بكُل ما أمتلك من معلومات ومدي صحتها .. أعشق النوتيلا كثيرًا .. من ضمن أحلامي الكثيرة جدًا .. أن أمتلك معرضا لبيع فساتين الزفاف أو السهرات ولكن باللون الأسود وأن يكون اسمه (نوتيلا) ، فتقاليد بلادي في الأبيض لا تليق بيّ ، وأن الاسود البرّاق مهضوم حقه كثيرا .
أطلق چوزيف قهقه خفيفة علي حديثها الطفولي ، ومن ثم باشرها بسؤال آخر :
_ وما الذي يمنعك ؟!
لوت اسلام شدقها بإمتعاضِ وبنبرة حزينة قالت : أبي .. لا يُريدني أن استقل بذاتي ، فأنا صغيرته المدلله كما يقول دائمًا ولكنني في الواقع صغيرته المهضوم حقها .. تخيل چوزيف لا يأتي بحبات المانجو التي أعشقها أبدا ، انا استاء في كُل مرة يمنعها عني .
قطب چوزيف مـا بين حاجبيه وبنبرة مُتسائله أردف : ولماذا يمنعك من تناولها فهي لذيذه ؟!
اسلام وهي تتصنع الحك بأطراف أصابعها ، علي كُم اسدالها : تُصيبني بالحمى لشدة ملوحتها ومن ثم أبدأ في حك جسدي بعُنف .
چوزيف بإبتسامة خفيفة : أنتِ مُصيبة لن تتكرر في زمانهــا يا اسلام .
اسلام وقد تخضبت وجنتيها خجلًا لتقول بنبرة خافتة قليلًا : هلا أخبرتني سر إختيارك ليّ ، لمـا أنا وكيف تترُك حبيبتك وتتزوج من واحدة علي غيرك ديانتك السابقه بل ولا تعرفها إلا من أيام قلائل اوليس هذا مُثير للقلق ؟! .
هزّ چوزيف رأسه عدة إيماءات خفيفة ومن ثم تابع بثبات : لا .. الحقيقه أنا وكاثرين لسنا سوي صديقين ، تتشابه شخصياتنا في أغلب الأحيان .. انا أحببت شخصيتك ، تمسكك بديانتك التي أثارت تساؤلات كثيرة في عقلي وكيف وأن لها تأثير قوي علي قلبك وعقلك ، أنا يهودي وليس صهيوني وهذا وارد جدًا .. أن استشعر بقلبي ما الصحيح ومـا الخاطيء ، فاطمأني أنا أحبــــك .
ابتلعت ريقها بصعوبة وقد تندى جبينها من شدة الخجل والتوترِ ، أخذت تفرك كفيها ببعضهما ومن ثم أردفت دون أن تنظُر لهُ :
_ وللعلم ، لا يصح أن تفصح ليّ عن حُبك ، إلا بعد عقد قراننا .
چوزيف بثبات : قولتها ليّ سابقًا ولكنني أردت أن أنزع هذا الخوف عن قلبك ، فمن الممكن ان يتفاقم هذا الخوف داخلكِ والأمر أبسط من ذلك بكثير .
في تلك اللحظه نهضت اسلام عن مقعدها لتسير بخُطى وئيدة ناحية باب الغرفة فيما أوقفها نبرة صوته الخشنة وهو يردف بتساؤل:
_ هل إقتنعتي بي زوجـا ؟! .. ام أنني غير أهل بهذه الرُتبه بحياتك ؟
_ سأخبر والدي بقراري .
قالت جُملتها تلك ومن ثم إتجهت علي الفور خارج الغرفه من شدة خجلها بتغزله بهـا ، إتجهت صوب غرفتها لتستقبلها صديقتها بفضولِ عـــارمٍ وهنا تابعت جودي بفرحة :
_ أرى نورًا إحتل وجهكِ ، أيمكنني استنباط قرارك ؟!
السيدة فاطمة وهي تربت علي ظهر ابنتها وتقول بحنو جلىّ بصدق في كلماتها :
_ مـا قرارك حلوتي !!! .
إلتفتت اسلام إلي والدتها ومن ثم إرتمت بين أحضانها وهي تقول بنبرة مهزوزة من أثر وقع كلمته لهــا :
_ أوافق يا أمي .. فهناك ما هو مُميز به ، ولكنني مازلت عند شرطي .. سيبقي معنا في القصر داخل غرفة مُنفصله حتي أرتح لهُ واعتاد وجوده .
چودي بسعادة وهي تقفز في مكانها فرحًا :
_ وأخيرًا سأكون صديقة العروس .. وسأرتدي فستانًا بإطلالة براقه .
ومـا أن أنهت صياحها المليء بالسعادة حتي أسرعت تحتضن اسلام والسيدة فاطمة معًا ، كان شعور السيدة فاطمة مُذبذبًا قليلًا .. هناك وخزه في صدرها لا تعلم مصدرها الحقيقي ، أهو فرحة بوحيدتها أم مـاذا ؟ .. ولكنها تجاهلت هذا الشعور مُقارنةً بتقبل إبنتها لذاك الشاب …
تلألأت عيناها بالدموع ، لتبتعد عن الفتيات وبنبرة حانية تابعت :
_ سأذهب لأخبر والدكِ بهذا الخبر السعيد حبيبتي ، سأعود قريبًا يا سكرة حياتي .
ترجلت فاطمة خارج غرفه ابنتها تحمل لزوجها هذه الفرحة التي لطالما حلمت بها ، ابنتها في ثوب زفاف أبيض وبعدها تحمل أحفادها بين ذراعيها يشبهان امهمـا في صغرها …
چودي وهي تنظُر لصديقتها بنصف عين :
_ ماذا تحدثتما .. هيا أجيبي ؟ ، الفضول كاد يقتُلني ؟
إتجهت اسلام صوب فراشها ثم ألقت بجسدها عليه وبنبرة شاردة تابعت :
_ أجعله يا الله كما تخيلته زوجــا ، وإن كان شرًا ليّ ، فأصرفه عني .. فأنا لا أطيق الوجع.
افتر ثغر چودي عن إبتسامة رقيقة ومن ثم اقتربت من صديقتها وقبلت جبينها بحنو قائله :
_ أمين يارب العالمين .
انقضى اليوم حتي غابت الشمس وراء السحاب ، أمسكت بدميتها بين كفيها وأخذت تفضفض بما يعتري قلبها مُنذ أن جلست معهُ وحدهمـا ، صدى كلمته لهــا يتردد في كُل ثانيةً ، قال لها أُحبكِ .. وهُنـاك حركة خفيفة في أعلي صدرها الأيسر ؟ ، أغمضت عينيها ببُطءً وأخذت تُردد نفس الكلمات تباعًا :
_ چوزيف أصبح مُسلمًا، لذا زواجي منهُ حلال .
_ چوزيف أصبح مُسلمًا، لذا زواحي منه حلال .
إعتدلت في نومتها جالسه ، قطبت ما بين حاجبيها في حيرة من أمرها لتقول بتساؤل مُحيّر :
_ الشاب أعلن اسلامه أمامي ، فلماذا لم أقتنع بعد ؟!، ربما يكمُن القلق في اسمه ؟!!!