روايات شيقهرواية وبقي منها حطام أنثى

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الرابع عشر

(( لستُ وَحدك من يُعَاني!
فَعِشقك قد سَلبَ عَقلي وأضنَاني
وَهَشم روحي وعبث بأحلامي
فَتبقى مِني حُطًام أُنثَى تُقاسِي، ))
التوى ثغر سارة بإبتسامة خبيثة وهي تراقب ردة فعل مالك المصدومة حينما أبلغته بخبر خطبة إيثار..
ضيقت نظراتها لتقول بحزن زائف:
تؤ، تؤ، تؤ يا حرام، باين مكونتش عارف
ظل مالك على حالته المذهولة لوهلة، مع الفارق أن قلبه كان يُعتصر آلماً، وروحه تنتزع قهراً من جسده..

وشرد سريعاً في أخر لقاء جمعه بإيثار…

((( راقب مالك الدرج جيداً من العين السحرية لباب منزله مترقباً بتربص خروج عمرو للعمل، ولحاق أبيه به ليتسنى له رؤية حبيبته التي حُرم منها..
وما إن تحقق غرضه حتى أسرع صعوداً عليه، ولحقت به أخته روان..
طرقت هي الباب حتى لا تثير الشكوك، بينما توارى أخيها عن الأنظار..
فتحت تحية الباب، واندهشت من وجود روان أمامها، فتساءلت بنزق:
روان! إنتي، جاية هنا ليه؟

اضطربت روان لوهلة، وابتلعت ريقها لتحافظ على هدوئها المصطنع، ثم ردت عليها متساءلة:
ممكن أشوف ايثار؟
ترددت تحية في الرد عليها، وبدى الوجوم واضحاً على تعابير وجهها، خاصة بعد أخر مصادمة حدثت مع العائلتين، فتلعثمت قائلة:
بس آآ..
قاطعتها روان بنبرة ودودة:
مش هاعطلها يا طنط، أنا بس هاطمن عليها
ضغطت تحية على شفتيها، وتنهدت بإستسلام:
طب تعالي جوا
اعترضت روان بغرابة:
لأ هاشوفها هنا عند الباب.

تعجبت تحية من طلبها، وأصرت قائلة:
مايصحش، خشي مافيش حد جوا
ردت عليها روان بتوتر قليل وهي تحاول الحفاظ على ابتسامتها الودودة:
لأ، كده أحسن يا طنط، أنا هاسلم عليها وأمشي
أومأت تحية برأسها إيجاباً وهي تقول:
طيب، لحظة
ثم ولجت للداخل لتستدعي ابنتها، فإستدارت روان برأسها للخلف، وأشارت بإبهامها علامة الانتصار، فاطمن مالك نوعاً ما..

بعد ثوانٍ قليلة، لمحت هي إيثار وهي تقترب منها، فاحتضنت كلتاهما بعضهما البعض بشوق..
سألتها إيثار بنبرة شبه حزينة:
ازيك يا حبيبتي؟ عاملة ايه؟ وآآ…
ردت عليها روان مقاطعة إياها بتفهم:
أنا كويسة
تنحنحت تحية بحرج، وأردفت قائلة بهدوء:
طيب هاسيبكم مع بعض وأشوف الأكل اللي في المطبخ
ردت عليها روان بإبتسامة باهتة:
خدي راحتك يا طنط
وما إن تأكدت هي من ابتعاد والدة إيثار حتى همست بتلهف:.

طمنينا عليكي يا ريري؟ انتي كويسة؟
إيثار
قالها مالك بنبرة مشتاقة وهامسة وهو يتحرك نحوها
تفاجئت إيثار من وجوده، وانتابها إحساس مرهف جعل قلبها يقفز طرباً لرؤيته
همست بصعوبة:
م، مالك!
رد عليها ونظرات الشوق والحب تشتعل من عينيه:
إيثار، وحشتني، عاملة ايه يا حبيبتي، قوليلي حد آذاكي آآ..
قاطعته قائلة بإبتسامتها الساحرة:
أنا، انا كويسة
ساد صمت محدود بينهما، لكن نطقت أعينهما عن مشاعر فياضة..

راقبتهما روان بأسف، فكم كانت تود أن تدوم قصة حبهما العذري وتتوج في النهاية بالزواج، لكن للأسف أفسدتها تلك العقول العقيمة بسبب أفكار بالية..
مد مالك يده ليمسك بكف إيثار، وهمس لها بجدية وهو مسلط أنظاره المتلهفة عليها:
إيثار، أنا بأحبك وعاوزك، واستحالة أتخلى عنك
شعرت بلمساته الضاغطة على كفها، فسحبته بحرج منه، وهمست له بعاطفة واضحة في نبرتها:
وأنا كمان يا مالك، بأحبك.

أردف هو قائلاً بجدية واضحة في صوته ونظراته:
أنا مش هاسمحلهم ياخدوكي مني، احنا نهرب!
فغرت شفتيها مصدومة وهي تردد:
نهرب!
هز رأسه إيجاباً وهو يتابع بحزم:
ايوه، هاخدك ونهرب سوا ونتجوز ونعيش في القاهرة وآآ..
قاطعته قائلة بقلق:
بس أنا مقدرش أعمل كده
ضاقت نظراته وهو يقول بإنزعاج:
إيثار هما هيمنعونا عن بعض، وأنا مش هاسيبك!

شعرت إيثار بمرارة حلقها الجاف، فازدردت ريقها بخوف، كانت تتوقع حلاً أخراً غير هذا، ولكنها تعلم أن إقدامها على تلك الفعلة سيؤدي إلى فاجعة حقيقية بكل المقاييس، ناهيك عما يمكن أن يحدث لوالدتها وربما إصابتها بسكتة قلبية، وهي لا يمكن أن تفعل بها هذا، فهي الوحيدة التي وقفت إلى جوارها
كذلك خشيت أن تبثت بهروبها تلك الشائعات التي تتردد عنها، لذا لا مفر عن الرفض..

استجمعت هي رباطة جأشها، وردت عليه بتوتر وقد تجمعت العبرات في مقلتيها:
بس، بس مش بالشكل ده، أنا، انا مقدرش أعمل كده في أهلى، مقدرش أسيبهم وأهرب!
تابع قائلاً بضيق وهو يرمقها بنظراته الجادة:
أهلك هايبعوكي بالرخيص، دول، دول بعدونا عن بعض بالغصب، وآآ…
قاطعته قائلة بضعف:
أنا هاقف قصادهم وهامنعهم، لكن مش هاهرب وأجيبلهم العار
أدرك مالك إنه غير قادر على إقناع حبيبته بفكرته، لذا تودد إليها بتوسل:.

ايثار أنا عاوزك ليا وبس! أنا معرفتش الحب إلا معاكي
ردت عليه بتنهيدة حارة:
أنا ليك يا مالك!
لم تستطع كبح عبراتها من الإنهمار، فبكت أمامه وهي تتابع بصوت منتحب:
بس مقدرش أهرب، سامحني مقدرش!
نكست رأسها في خوف، وأكملت بكائها الصامت..
فاستشعر هو حالة التخبط التي تعانيها، فحاول أن يترك لها مساحة من التفكير لتصل إلى قرار صائب دون أن يضغط عليها..
كذلك آلمه أن يراها تبكي بحرقة وهو عاجز عن فعل أي شيء من أجلها..

وبصعوبة بالغة سيطر على انفعالاته، وأردف قائلاً بهدوء:
اهدي يا حبيبتي، وأنا معاكي مش هاسيبك
أومأت برأسها وهي ترفعها لتنظر إليه بعينيه الدامعتين..
فأكمل قائلاً بجدية:
اوعديني انك مش هاتبعدي عني، وأنا هاعمل المستحيل عشان نكمل مع بعض
ردت عليه بخفوت:
أوعدك يا حبيبي
هتفت روان قائلة بخوف وهي تتلفت حولها:
مالك، حاول تنجز، أمها ممكن تيجي في أي وقت
استدار نحوها برأسه، ورد عليها بإيجاز:
طيب.

ثم التفت ناحية إيثار، وتابع بصوت خفيض ونظراته معلقة بوجه حبيبته:
ايثار خلي بالك من نفسك
مسحت عبراتها بكفها، وردت عليه بهمس:
حاضر، وانت كمان
ابتسم لها وهو يضيف بتنهيدة مطولة:
بأحبك يا أحلى حاجة حصلت في حياتي!
ردت عليه بعاطفة صادقة:
بأعشقك
لكزت روان مالك في اخيها، وهتفت بقلق:
مالك يالا
لوح لها قائلاً بكفه وهو يتحرك مبتعداً:
مع السلامة يا حبيبتي
ودعته إيثار بنظرات أخيرة مطولة وهي تطلق تنهيدات عميقة، ))).

أفاق مالك من شروده على صوت الزغاريد العالية، فتبدل حال وجهه للتجهم، والعبوس الشديد..
أضافت سارة قائلة بتشفي:
بصراحة إيثار مش بتضيع وقت، بتدور على اللي معاه فلوس وترمي شباكها عليه
زادت من نظراتها المحتدة وهي تتابع بتهكم:
هي لاقيت اللي يدفع أكتر فوافقت عليه، معلش خيرها في غيرها يا ملوكة
احتقن وجهه بحمرة غاضبة، ونبض عصب وجهه بشراسة، ثم تحرك راكضاً، وبلا وعي إلى الأعلى…

مد محسن يده ليمسك بكف إيثار، وجذبه للأمام رغماً عنها ليلبسها خاتم الخطبة..
جفل جسدها من لمسته الخشنة، وقفز قلبها رعباً من نظراته الغير مريحة نحوها..
أشاحت بوجهها بعيداً عنه، وقاومت بصعوبة رغبتها في البكاء..
شعوراً قوياً بالخزي سيطر عليها..
تذكرت وعودها لمالك، وإصرارها على الحفاظ عليه حتى الرمق الأخير، ولكنها تراجعت مؤقتاً عنهم لتكسب المزيد من الوقت ليرى أهلها بوضوح نفورها من ذلك السمج..

انتبه الجميع إلى صوت الدقات العنيفة على باب المنزل، فأسرع عمرو بفتحه، وتفاجيء بمالك يدفعه للداخل بقوة وهو يلج للصالة..
صدم عمرو من رؤيته، وهتف محتداً:
إنت بتعمل ايه هنا
كانت نظرات مالك محتقنة للغاية، وصاح بغضب:
انتو اللي بتعملوا ايه؟
رد عليه عمرو بنبرة محتدة وهو يلوح بذراعه:
احنا مش فاضينها سيرة وفسخنا الخطوبة، اتفضل من غير مطرود
هتف مالك بنبرة عصبية تحمل الإصرار:
مش هامشي من هنا قبل ما أشوف إيثار.

اتسعت مقلتي عمرو بغضب جم، واحتج قائلاً:
انت اتجننت؟!
رد عليه مالك بإنفعال:
ايوه أنا مجنون، ومش هامشي
ثم اندفع للداخل ليبحث عنها، وبالفعل وجد إيثار جالسة على الأريكة وهي مطرقة الرأس في غرفة الصالون، استشعرت هي بقلبها وجوده قبل أن تراه، فرفعت بصرها نحوه، ونهضت عفوياً من مكانها وهي تشهق مصدومة..
التقت الأعين، وتقابلت الأفئدة..

رأت هي في نظراته المطولة لها العتاب واللوم، فعضت على شفتيها بتحسر من خذلانها له..
وتمنت لو قرأ في عينيها صعوبة وقسوة ما تعانيه بدونه…
وقعت عينيه على الخاتم الذي يزين إصبعها، فشعر بوخز عنيف في قلبه..
طعنة غائرة صدمته وأوجعته بشراسة أتته منها..
بينما كان خاتم محسن يمثل لها حلقة من اللهب والتي أحرقت قلبها وروحها..
ودت لو انتزعته وألقته في وجهه رافضة تلك الخطبة لكنها كانت عاجزة أمام بطش أخيها وأبيها..

فهي لا حول لها ولا قوة..
هب محسن من مكانه وحدجه بنظرات مستعرة وهو يهتف بصوت جهوري غاضب يحمل التهكم:
في ايه يا عم الحبيب، أنا مش مالي عينك، مالك ومال خطيبتي بتبصلها كده ليه
لم يجبه مالك، بل لمعت عينيه بشدة وهو يسألها قائلاً بحزن:
ليه يا إيثار؟
جف حلقها، وأغرورقت عينيها بالعبرات، وردت عليه بصعوبة:
أنا، آآآ.

عجزت عن الرد عليه، ونكست رأسها قهراً، فقد اندفع إلى عقلها ذكريات الأيام الماضية مع عائلتها، وخوفها من تهديداتهم المستمرة بإيذائه في كل ما له صلة به…

((( خشيت إيثار على مالك من عائلتها، وتحملت لوحدها ظلمهم..
لكن ما أرعبها حقاً هو وعيد عمرو لها بتدميره بشراسة إن لم تتراجع عن التفكير فيه وتتخلى عنه للأبد..
ابتلعت ريقها بمرارة كبيرة..
كانت الأيام عصيبة عليها، ظلت تقاوم تلك الخطبة المزعومة بكل السبل
تعرضت للضرب وللإهانة منه، وتحملت ما لا يطيقه أحد حتى يأس أخيها من موافقتها..
أهانها والدها، وأجبرها على الخضوع لأوامره، لكنها ظلت ثابتة على موقفها..

ولكن لم يتغير شيء أو تعدل عن قرارها حتى حينما جلست مع محسن..
فرأت منه الوجه الخفي المخيف، ذلك القناع الزائف الذي يضعه على وجهه سقط مع أول لقاء لهما..
فكشف لها بصراحة عن نيته المبيتة للزواج منها شاءت أم أبيت..
صدمت من مسألة زيجته السابقة، واتخذتها ذريعة لرفضه، لكنها وجدت موقفاً مغايراً من أخيها الذي دافع عنه بإصرار:.

مراته ماتت، مش نهاية العالم إنه متجوز قبل كده، على الأقل عارف ومقدر يعني ايه حياة زوجية
صاحت ببكاء وهي تتوسله:
مش عاوزاه، مش بأحبه، ليه مش عاوزين تسمعوني!
رد عليها والدها بنبرة جافة:
هاتتجوزيه يا إيثار
اعتضرت قائلة بنشيج:
يا بابا ده أكبر مني، وآآ…
قاطعها عمرو قائلاً بقسوة:
فرق السن مش كبير!
رمقت أخيها بنظرات حادة، وهتفت معترضة وهي تحاول السيطرة على نوبة بكائها:
أنا معرفش عنه حاجة، ازاي عاوزيني اتجوزه؟

رد عليها عمرو بسخط:
واحنا بنقولك اتجوزيه خبط لزق، اقعدي معاه، واديله فرصة
هزت رأسها مستنكرة وهي تقول برفض جلي:
لأ مش قابلة أشوفه أصلاً، ده، ده مش مريح!
أمسك بها عمرو من ذراعيها، وهزها بعنف وهو يصرخ بها:
انتي بتتلككي عشان ترفضيه، بس اللي بتفكري فيه ده مش هايحصل، ولو حتى متجوزتيش محسن، مش هاتجوزي مالك مهما حصل!
تألمت من أصابعه المغروزة في ذراعيها بشراسة، وسألته بصوتها المنتحب:
طب ليه؟

تلك المرة أجابها والدها بصوت شبه أسف:
أنا لو وافقت تجوزيه يبقى بأكد كلام الناس، وأنا مش هاسيب حد ينهش في لحمي!
بينما أضاف أخيها بصرامة وهو يدفعها بقسوة للخلف:
من الأخر كده محسن أكتر حد مناسب ليكي، وجوازك منه هايخرس لسان أي حد يفكر بس يجيب سيرتك، ده غير إنه هيعرف يعيشك في مستوى كويس ويصرف عليكي ببذخ
لم تتحمل إيثار ما يقوله أخيها، فصرخت فيه بإهتياج:
مش عاوزاه، اتجوزه انت.

لم تشعر بيده وهي تهوى على صدغها لتصفعها بعنف وهو يقول بخشونة شرسة:
الظاهر إن الذوق مش هايجيب نتيجة معاكي
صدمت إيثار مما فعله أخيها، وتجمدت في مكانها مصدومة منه..
بينما هبت تحية مذعورة من مكانها، وصرخت على إثر صفعها:
بنتي!
أمسك رحيم بإبنه، ومنعه من الإقتراب منها وهو يقول بجدية:
عمرو، استنى
نفخ عمرو بصوت مسموع، ورد عليه بعصبية:
انت مش شايف يا بابا دماغها الناشفة
نهره رحيم قائلاً بهدوء:
بالراحة شوية.

هتف عمرو بوعيد وهو يرمقها بنظرات مهددة:
قسماً بالله لو موافقت لأخليها تتحسر على حبيب القلب
نظرت إيثار لأخيها بإزدراء، ونفرت من تصرفاته العنيفة معها، واحتجت بإصرار جدي ورفضت الخطبة علناً، لكن لم يقابل رفضها هذا إلا بالتعنيف الزائد..
لم تتناول الطعام، وضعفت صحتها، وقاومت حتى أخر نفس فيها..
توسلت لها والدتها تحية أن توافق مؤقتاً، وأقنعتها بصعوبة على الإقدام على تلك الخطوة البغيضة معللة:.

حرام عليكي يا بنتي، محدش هيتأذى إلا انتي، اتخطبيله كام يوم وبعد كده فركشيها، بس اللي بتعمليه في نفسك مش هايجيب نتيجة مع حد، اسمعي كلامي يا بنتي، اتخطبي كام يوم وسبيه
بكت إيثار بحرقة وآسى، وهمست بوهن:
مش عاوزاه، مش بأحبه
أضافت والدتها قائلة بحزن:
يا بنتي متركبيش دماغك، أبوكي وأخوكي مش هايرحموكي، أنتي عاوزاني أموت مقهورة عليكي!
بكت إيثار بمرارة أشد وتعالت شهقاتها، ودفنت وجهها في راحتيها..

توسلت لها تحية بصوت مختنق:
وافقي يا بنتي وأنا في ظهرك
أبعدت إيثار كفيها، وردت عليها بإصرار:
مقدرش، أنا وعدت مالك
هتفت تحية بإستنكار:
ومالك فين دلوقتي؟ مافيش إلا انتي بس قصاد أبوكي واخوكي، وهو منعرفش عنه حاجة
كانت والدتها محقة في تلك الجزئية، فلم ترى مالك أو تعرف عنه شيئاً منذ فترة، وهذا ما أوجعها أكثر..
أضافت تحية بخزي:
وكلام الناس ما بيحرمش!
ردت عليها إيثار مستنكرة:
أنا معملتش حاجة.

هزت والدتها موافقة إياها وهي تقول بصوت خفيض:
أنا عارفة، ده أنا اللي مربياكي، بس الناس كلامها مابيرحمش حد، والمصيبة إنه جاي من القرايب، وافقي يا بنتي الله يهديكي، يومين بس وهاننهيها!
حركت إيثار رأسها نافية بجدية مفرطة:
لأ
مسحت والدتها على صدغها، واستعطفتها برجاء:
يا حبيبتي لو موافقتيش أخوكي هاينفذ تهديده في مالك، إنتي يرضيكي يتأذى بسببك؟ طب بلاش كده، مش اللي بيحب حد بيضحي عشانه.

ردت عليها ابنتها بتنهيدة متحسرة:
دي مش تضحية، ده انتحار
يئست تحية من إقناع ابنتها، فعمدت إلى اللجوء إلى وسيلة أخرى لإقناعها، وهي الإشارة إلى الخطر المحدق بمالك في حال إصرارها على الرفض، لذا هتفت بنزق:
يا بنتي، مالك لسه في أول حياته، ومش حمل تهديدات أخوكي ولا أبوكي، ده غير عمك ايده طايلة، ومش بعيد يخربوا بيته، ومايبقاش في فرصة خالص إنه يتجوزك!
ازدردت إيثار ريقها بخوف، وفكرت ملياً فيما قالته والدتها..

استشعرت تحية وجود بارقة أمل، فأكمل قائلة بحنو:
عشان خاطري وافقي، وبعد كده طلعي القطط الفاطسة فيه، وأنا هاكون معاكي وهاقف جمبك!
إضطرت إيثار في النهاية أن ترضخ لتوسلات أمها، ووافقت مستسلمة بإستياء كبير على تلك الخطبة المقيتة..

لكن على عكس توقعاتها، كانت موافقتها تعني فتح أبواب الجحيم عليها، فقد أسرع عمرو في ترتيب كل شيء بمعاونة محسن لإتمام الزيجة في أقرب وقت، ولم يتركا لها الفرصة للإحتجاج أو التذمر، ))).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى