روايات كاملة

رواية وعد مزار الفصل الخامس و العشرون

الفصـل الخامس والعشـرون:

‘ أجمل ما فينا قلب، أصبح حتة حجر.. ‘

في ظـلام الليل، كانت تجلس نازلي في غرفتها، تضع بعض الكريمات علي وجهها في روتين يومي معتادة علي فعله قبل نومها، أنتهت من وضع الكريم وظلت تدلكه وهي تعود بظهرهاعلي الفراش لتسترخي عليه، وتغمض عيونها في محاولة منها لـ الهرب الي لحظات انسجام خاصة..

أنقطعت وهي تسمع صوت هاتفها يرن، مسكته ونظرت له بتعجب حيث كان رقم غريب يرن، توترت وهي تفكر هل ترد ام لا؟ بالنهاية.. كالعادة فـاز فضولها وردت

فـ وصـل لها أبشع الأصـوات واكرههم علي قلبها.. صوت رشـوان البـاذ..

كادت تغلق الهاتف في وجهه لكنه حذرها:-
_لو قفلتي مش هتشوفي اختك تاني

جاء علي بالها نغم التي كانت معها منذ قليل، فرددت اسمها بخوف:-
_نغم!

صحح لها عبارتها:-
_لا.. الغالية التانية، رحمة

شهقت بصدمة لم يتركها فيها كثيرًا حيث هتف ممليًا عليها اوامره:-
_نزار دلوقتي عند عدي، وراجي باشا مش موجود، زي الشاطرة كدا تفلتي من الحراسة وتطلعي من المزرعة، بعد شارعيين هتلاقي عربية مستنياكي.. تركبي فيها من سكات

لم ترد.. بل لم تستوعب حديثه حتي، فقال حتي لا يترك لها فرصة لـ التفكير:-
_اختك.. رقبتها تحت ايدي، لو حد عرف انها معايا ولو فكرتي متجيش هي ساعة زمن وهبعتلك جثتها ملفوفة في ورق هدايا.. سامعة؟

اؤمات بنعم عدة مرات وكل ما يجول بخاطرها مواقف طفيفة.. في غاية الصغر تجمعها بشقيقتها التي عرفت بوجودها منذ ايام قلائل وهمست بتوهان:-
_سامعة..

كـرر بتهديد مرة اخري:-
_لو نزار او غيره عرف مش هرحمك ولا هرحم اختك.. يلا يامزتي سلام.. اشوفك قريب

وارسل لها قبلة عبر الهاتف واغلق معها..

نظر امامه فـ وجـد سلمي نائمة علي الفراش أثر الحقنة المهدئة التي تحقنت بها وزياد يجلس قبالتها ينظر لها بدموع بعدما علم الحقيقة من والده، لا يصدق ان كل هذا كان خدعة، اسمها رحمة ليست سلمي، دخلت حياته لتشوش عنه ما يحدث بالقاهرة حينما لجئت نازلي لنزار لعلم نزار ان كما زياد نقطة ضعف رشوان فهو كذلك بالنسبو له، وان عاد وطلب منها الرجوع لعادت ضاربة كل انذارات الخطر عرض الحائط..

ثم بعد معرفتها بما حدث وان نازلي شقيقتها، قررت ان تكمل انتقامها من رشوان عن طريقة، كان يسمع ذلك الحديث وهو يرفض تصديقه، لكن بكاءها كان خير دليل..

وها هو.. منذ ساعة وينظر لها.. حاول بكل الطرق النظر لها بكره لكنه لم يفلح، قلبه لم يساعده، هناك شيئًا بداخله يرغمه علي حبها وعدم الحزن منها، انه قلبه.. الطيب.. المريض بالاهتمام، لكن لا..

محي دموعه بعنف وهو يقرر ان يكفي طيبة وسذاجة الي ذلك الحد، لن يسامح بحقه بعد اليوم.. تلك الفتاة يجب ان تناول عقابها، اؤما بنعم لتأكيد الفكرة.. نعم تلك الفتاة عليها ان تنال عقابها
*****
بعدما اطمأنت ان راجي ونزار ليسا موجودين، وبينار خلدت الي النوم، توجهت الي المطبخ ومنه الي الباب الخارجي الذي فيه، الذي يطل علي حديقة القصر الخارجية، والذي لا يوضع فيه بالعادة كثير من الحراس بل احيانا لا يكون فيه احد، وتوجهت الي الباب، عانت كثيرا لتفتحه لكنها بالاخير نجحت..

وها هي تعبر باب القصر في طريقها الي هلاكها بكامل ارادتها كما تذعن!

بدأت بالركض الي حيث اهبرها رشوان من قبل، كأنها تستعجل نهايتها.. بالفعل هي تفعل، لقد سأمت حياتها والهرب من مشكلة لـ أجل الوقوع في اخري، ستستسلم لرشوان وربما لـ الموت، ستستسلم لنهايتها

لكن الاهم.. ان تعود رحمة لهم سالمة.. غانمة اولًا..

رحمة الاهم.. لديها اب وام يخافون عليها، نعم هي لديها ام وتحبها كثيرا وباتت تهتم بكل ما يخصها لكن.. هل شعور ام باتجاة طفلة شهدت حضورها منذ ان حملت بها الي ان صارت شابة ك شعور ام اتجاة فتاة علمت بمحض الصدفة انها ابنتها؟

بالطبع لا.. لذا الكفة كانت قد طبت لصالح رحمة بالطبع، في منظورها وتفكيرها هي.. نازلي!

وصلت الي المكان المنشود..

وجدت سيارة سوداء تنتظرها، اقتربت منها فتحت الباب ودخلتها بكل صمت واستسلام.. استسلام غير معهود منها!

ونطقت بكلمة واحدة:-
_امشي..
*****
بذلك الوقت.. بمزرعة المنشاوي..

كانت تجلس زهراء علي اقدام والدتها كوثر، تغمض عيونها براحة بينما الاخري تلعب في خصلاتها بحنان ورفق بينما تسمع لتزمرها وشكواها..

زهـراء:-
_شوفتي ياماما، اول ما بدأت حياتنا تحلو واخد وأدي معاه في الكلام بشكل ودي بقي يتكبر ويتهرب، قال اية مشغول؟ دلوقتي مشغوب وزمان وانا مش طيقاه كان بينط حواليا زي الزرافة، في كل مكان ياماما.. كل مكان، كنت بخاف الاقيه طالعلي من علبة المرهم، بس فعلًا الرجالة دي..

جاءها صوت مغتاظ قائلًا:-
_مالها الرجالة دي بقي ياست زهراء؟!

أنتفضت من جلستها ونظرت الي مصدر الصوت، وجدت عدي يقف عند باب الغرفة مربعًا يداه، وساندًا بكتفه علي جدار الباب، بلعت ريقها برعب وخوف جاهدت لـ السيطرة عليه وهي تقول ببسمة مرتعشة:-
_وراها مسئوليات ومشغوليات وبتتعب واحنا لازم نقدرهم ونستحملهم.. مش كدا ياماما؟

اؤمات كوثر بنعم وهي تكاد تموت لكتماها لضحكاتها بداخلها، فـك عدي تربيعة يداه واقترب منها وهو يقول باسمًا:-
_بحسب..

وكعادته بالأونة الاخيرة اقترب من كوثر مقبلًا رأسها بحنان وهي اخذت تدعو له كالمعتاد ثم اقترب من زهراء مقبلًًا احدي وجنتيها، همست بخجل:-
_عدي.. ماما تقول اية؟

نظر عدي لكوثر و:-
_حماتي.. غمضي عيونك

استمعت له ووضعت كلا يداها علي كلتا عيناها، فقال وهو يميل نحوها مرة اخري:-
_كفاية حجج بقي..

اؤمات بالنفي وربعت يداها هي تلك المرة و:-
_لا.. روح لصاحبك خليه ينفعك

عدي:-
_اها.. دي الحكاية كدا بقي

همست كوثر:-
_هتتعب معاها اوي

غمز بنفي:-
_توء.. بصي واتعلمي ياحماتي

واقترب يحتضنها من الخلف وهو يقول بنبرة حانية:-
_مفيش حد في حياتي ليه منفعة غيرك ياحياتي، هو انا عايش غير بيكي وليكي؟ كل الحكاية ان نزار الدنيا معككة معاه الايام دي وانا شرحتلك، هنحل بس كل حاجة وهفضالك ياجميل، وهعمل الفرح اللي وعدك بيه وبعدين اخدك ونسافر الصين.. بس سامحيني الايام دي كمان علي انشغالي.. بس نزار اخويا.. يرضيكي مقفش مع اخويا؟

اؤمات له بلا ك القطة المطيعة فابتسم وهو يقبلها من جبينها بحب بينما كوثر تنظر له بزهول، همست له وهو يحتضن زهراء وينظر لها هي بمعني ‘ اية رأيك؟ ‘
بنبرة خافتة:-
_معلم..

فأرتسم الغرور والزهـو علي ملامحه..

بنفس ذلك الوقت.. بالأسفل..

هتف نزار وهو يمسك بيد شيري بين يداه:-
_انا عارف ان اللي حصل صعب اي حد يصدقه ويتقبله بسهولة ياطنط، بس ارجوكي زي ما الكل حاطط نفسه مكانك ومقدر صدمتك وزعلك، حطي انتي كمان نفسك مكان نازلي، نازلي اكتر واحدة مظلومة فينا، هي الوحيدة اللي مختارتش حياتها ولا مصيرها، كل حاجة حواليها كانت الدنيا بتجبرها عليها، وبتقسـي عليها، فمتقسيش عليها انتي كمان وحياتي عندك، هي خايفة جدا علي مشاعرك علشان كدا رفضت تيجي معايا هنا انهاردة وعمتي كمان..

قعته وهي تربت علي يداه ببسمة طفيفة:-
_نزار.. خلاص ياحبيبي انا عارفة كل اللي هتقوله دا، انا هصلح كل حاجة وعارفة ازاي هتعامل معاهم سواء نازلي او بينار، انا بس الاول كنت مصدومة لكن دلوقتي متقلقش

همس:-
_يعني نازلي..

قاطعته ببسمة صادقة:-
_اخت ولادي.. يعني بنتي

ابتسم وهو يهتف بشكر حقيقي:-
_شكرًا.. حقيقي شكرًا

تطلع الي ساعة يده و:-
_انا الوقت سرقني جدا، لازم امشي يمكن الحقها قبل ما تنام واقعد معاها شوية

قالها ضاحكًا وهو يستأذن ويغادر

خرج من باب المنزل وقبل ان يخرج خارج محيط المزرعة بأكملها اوقفه صوت احدهم ينادي بأسمه:-
_نزار.. نزار

التف وجدها نغم، توقف وهو يقول:-
_نغم.. اؤمريني؟

توقفت امامه اصابها التوتر وهي تلاعب يداها ببعضهم البعض، مرت لحظات وهما علي ذلك الحال حتي هتف نزار مقاطعًا ذلك الصمت بضحكة خفيفة:-
_اية يانغم موقفانا نسمع سكوتنا ولا اية؟

اؤمات بالنفي و:-
_لا انا كنت عايزة اقولك.. اني عرفت سبب جوازك من نازلي وحقيقي احترمتك اوي وعليت في نظري بعد الموقف دا اكتر واكتر، وكمان شايفة ان خلاص مبـ..

وكادت تتابع وتهتف انه لم يعد هناك لزوم لهذا الزواج فليطلقها وهي الان بـات لها اكثر من درع ولكنه قاطعها لم يدع لها فرصة لـ المتابعة وهو يقول بنفس بسمته:-
_الحقيقة يانغم السبب دا مش صادق مية في المية، انا اعرف اختك من زمان وكنت معجب بيها جدا ومشدود ليها جدًا.. جدًا، لما لجائتلي انا لقيت نفسي بتمسك فيها اكتر من تمسكها فيا، وحوار الجواز دا انا كنت عايزه اكتر منها والفكرة لما جت في بالي كان في غيرها الف، بس انا اصريت انفذها هي لرغبة كدا جوايا اني اقرب منها اكتر ولما قربنا وقعنا في الكمين ياستي

واقترب يهمس بأذنها كأنه سيبًوح عن سر خطير:-
_وحبينا اختك..

ابتعد مرة اخري وهو يتصنع أنه لم يري صدمتها ويتابع:-
_ادعيلنا بقي نخلص من المشاكل اللي حوالينا دي علشان اتجوزها بحق وحقيقي ونتلم بقي يانغم..

صمت يترك لها فرصة لادراك حديثه وهو يتابعها بحزن هو يعلم بحقيقة مشاعرها اتجاهه لكنه للاسف لا يبادلها اياه ابدًا، بل منذ زمن وهو لا يراها سواء شقيقته وفقط، لذا عليها ان تقتل تلك المشاعر.. وبأسرع وقت

في وسط صدمتها بأعترافه ذلك انسحب بهدوء مغادرًا، بعد ان استأذن لكنها لم تنتبه له..

كانت وكأنها في دوامة، الان تعترف وبجدارة انها خسرته، خسرته.. والفائزة شقيقتها

لكن ما دام شقيقتها هي الفأئزة.. اذن لا يوجد خسارة..

اؤمات بنعم وهي تمحي دمعة قد سقطت من عيناها، هي حاولت معه لانها ظنت انه ربما لا يحب شقيقتها، لكن.. بما انه يفعل، اذن فهو من اليوم زوج شقيقتها وفقط.. وزوج شقيقتها يعني انه شقيقها..نعم نزار من اليوم شقيقها وفقط..

قالت تلك الكلمة بتكـرار واصـرار ليصل صداها في كامل وجدانها وعقلها

وهي تعود بأدراجها الي المنزل تجر خلفها بقايا حب ستتخلص منه شائت ام ابـت.

فتح نزار باب غرفة نازلي بخفة كي لا يزعجا لو كانت نائمة، لكنه وحد الغرفة فارغة منها.. ضيق ما بين حاجبه وهو يتجه الي حمام غرفتها يبحث عنها لكنه كان فارغ، بحث ايضا في الشرفة لعلها تقف بها لكنها ايضا ليست موجودة فيها، كاد يخرج ليبحث عنها في المنزل لكن تذكر ان الخادمة عندما سألها منذ لحظات عنها قالت انها لم تخرج من غرفتها منذ ان دخلتها بعد تناولها طعام العشاء..

اصاب القلق قلبه وهو يفكر ان ياتري هناك سـوء قد اصابها، جاء ليغادر، لكن لمح الورقة التي تفترش الفراش تكاد تهرب بسبب نسيم الهواء الذي يدخل لها من الشرفة لكن القلم الموضوع عليها يمنعها، توجه الي الورقة وامسكها سريعا..

فوجد محتواها ك التالي:-
_أسفـة.. خذلتك لـ المرة التانية، بس السـبب مش رخيص المرة دي، السـبب المرة دي رحمة يانزار، اختي.. لفظ ليه طعم حلو اوي وانا بنطقه وانا عندي استعداد اموت وانا بفضل انطق الكلمة دي وبس، هحاول هي تكون بخير، لكن انا؟ مبقاش مهم.. صدقني مبقاش مهم

ورسمت له ايموجي ضاحك بأستياء في نهاية الورقة مع امضاء بأسمها، كمش الورقة بيداه وهو يصرخ بقهر:-
_غبية.. هتفضل طول عمرها غبية….


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى