السُم يسبب الموت.. والحب يسبب الموت.. لكن رغم هذا يرتشف المرء الحب راضيًا والسُم ناقمًا!
أوصلها لباب الشالية الساكنة فيه، هبط من سيارته ليفتح لها الباب، هبطت منه وبيدها باقة الزهور الحمراء التي اشتراها لها اليوم وهو يتنزهون، قالت ببسمتها الجميلة التي تخطف لبه كلما رأها:-
_شكرًا بجد يازياد علي اليوم اللطيف دا
واقتربت منه مودعة قبلة رقيقة علي وجنته أغمض هو عيناه ليستمتع بقربها ذلك، قبل ان تبتعد مرة اخري وتسير في طريقها نحو الشالية بخطوات واثقة.. متغنجة، بينما تهمس بداخلها ‘ 1.. 2.. 3.. هينطقها دلوقتي ‘
لم تكاد تكمل الهمس ووجدته يهتلف بأسمها:-
_سلمي..
التفتت تنظر له علي الفور وهي تحاول ان تخفي بسمة الثقة المرتسمة علي محياها.. لاعب خصلات شعره بيده وهو يقول بتوتر:-
_انا.. انا
ضيقت ما بين عيناه:-
_انت اية يازياد
قال بسرعة:-
_بحبك..
تابع وهو يقترب منها ويقف مقابلًا لها:-
_بحبك وعايز اتجوزك..
اظهرت التفاجئ علي ملامحها:-
_زياد انت بجد فاجئتني، مكنتش متوقعة كدا خالص، فكرت انك بتشوفني مجرد صديقة!
اؤما بالنفي:-
_لا ياسلمي، انا مش بشوفك صديقة، انا بحبك..
اهدلت رموشها بخجل وتوتر و:-
_انت فاجئتني، انا مش عارفة اقول اية.. انا.. انا هكلمك بعدين
وفرت من امامه هاربة، بينما ظل هو يراقب طيفها ببسمة سعادة، من رد فعلها الخجول أيقن.. انها ربما تكن له بعض المشاعر ايضًا
غادر المكان بسعادة وهو يدندن احدي اغانيه المحببة لقلبه
اخذ هاتفه ليحاول الرن بشقيقته من جديد، الذي بات مشغولًا او مغلقًا.. ووجده كذلك تلك المرة ايضا
زفر بضيق.. فكان يود ان ينقل لها ذاك الخبر السعيد
اته وقع بالحب اخيرًا..
بينما هي دخلت منزلها وظلتت تقفز بسعادة لنجاح خطتها.. امسكت هاتفه وارسلت رسالة لأحدهم ” تم يابـوص.. الهدف وقع في المصيدة خلاص “
*****
والرافضة لـ الذهاب لأنزار من ساعات، ها هي تهبط درجات السلم مقررة الذهاب له.. لرؤيته، لتعاتبه بعيناها علي ما فعله بها.. لن تستطع النطق.. فهو لم يعشمها يومًا بالحب او الزواج.. لكن رغم هذا قلبها ذهب له بدون ارادته.. تبًا له
_عـدي
نادت اسمه وهو يخىج من باب المكتب، التف لها سائلًا قبل ان يضيق حاجبيه بتعجب وهو يراها ترتدي ملابس انيقة.. كأنها جاهزة لـ الخروج
فقالت وقد وصلت له:-
_رايح لنزار؟
اؤما بنعم وهو يرمقها بتوجس
نغم:-
_هروح معاك
اخيرًا خرج عن صمته:-
_لية.. مش قولتي مش هتروحي؟
_طنط بينار وحشتني و..
لمحت القلق في عيناه فطمأنته:-
_متقلقش مش هعمل حاجة.. انا مش مجنونة
اؤما بنعم وهو يعتذر بنبرة منخفضة، هتف لزهراء الجالسة علي اريكة بـ بهو القصر، تتابع مسلسل ما:-
_طالما نغم خارجة تعالي انتي كمان يازهراء متقعديش لوحدك، انا كنت سايبك علشان مطمن عليكي بوجودها
قالت بحيرة:-
_بس..
هتف وهو يعلم عدم محبتها لـ الخروج خاصةً بعد الحادثة:-
_البيت قريب، يادوب خطوتين
اؤمات بحسنًا وهي تشعر بقرورة نفسها بالرغبة في الخروج ورؤية اناس جديدة ورؤية نزار ذاك الحاصل علي قلب نغم..
بينما توسعت ابتسامة عدي وهو يري ان زهراء.. رويدًا.. رويدًا.. بدأت تلين له
بعد قليـل..
هبط نزار من السلم وبيده يمسك يدي نازلي كما اعتاد بالفترة الاخيرة، يتهادا سويًا درجات السلم وعلي شفتيهما بسمة خفيفة.. هتف ما ان لمح عدي امامه:-
_عدعود اخبارك ياباشا..
وترك يد نازلي واقترب منه يحتضن اياه بحب اخوي صادق، بادله الاخر الحضن بالاقوي..
ابتعد عنه اخيرًا ونظر لنغم سلم عليها بينما يهتف ببسمة سعيدة نامية عن رؤيته لصديقه:-
_نغم.. يخربيتك معرفتكيش.. احلويتي جدا
ابتسمت له بسمة طفيفة بالكاد تري وهي ترمق التي تجاوره بتفحص بالطبع تلك زوجته، عرفتها من صور المجلات لكنها علي الحقيقة اجمل.. اجمل بكثير
بينما تضايقت نازلي من تغزله بتلك الفتاة فمسكت يده وضغطت عليها بشدة، رمقها هو بعدم فهم لما يدور في خاطرها.. فسر ما يحدث بخجلها لمقابلة ناس غريبة عنها..
كاد يتحدث لكن قبل أن يفعل قال عدي معرفًا اياه علي زوجته:-
_زهراء.. مراتي
مـد يده ليسلم عليها:-
_اهلا زهراء هانم.. كنت متشوق جدا اتعرف علي اللي خطفت قلب عدي الخقيقة
ابتسمت برقة وهي تسلم عليه.. كان انيق المظهر.. لطيف الروح.. ببساطة حـاز علي احترامها واعجابها به منذ اللحظة الاولي.. لا تعلم كيف وهذا لا يحدث بسهولة في معظم الاحيان!
قال عدي وهو ينظر لنازلي:-
_طبعًا دي المدام؟
اؤما بنعم وهو يقربها منه يضع يداه حول خصرها بينما يقول بفخر:-
_مراتي.. نازلي الرشيـد
قال عدي بضحكة عالية وهو يمد يده ليسلم عليها:-
_وكمان سميتها علي اسمكم؟!
مسك نزار يده قبل ان تصل لها:-
_سلم عليا انا.. انا ايدي حلوة
عدي بمرح:-
_الباشا بيغير بقي..
وعاد ينظر لها:-
_الحقيقة تستاهل.. اهو دي بقي مش اللي انا بس اللي كنا مستني اعرفها، دي شعب مصر كله كان مستني يشوف اللي هتخطف قلب الدنجوان نزار
كان كل ذلك تحت مسمع نغم التي تتأكل فيها نيران الغيرة، لكن رغم هذا كانت تحاول التماسك وزهراء التي تفاجئت بأن نزار متزوج.. نظرت لنغم بحزن وهي تراها تحاول التماسك بينما عيناها بالفعل تدمع ثم نظرت لنازلي بكراهية لم تطول كثيرًا.. وهي تدرك ان ما ذنب نازلي بمشاعر نغم! خاصةً وهي تري نزار يتعامل مع نغم بطريقة لا تدل علي انه يشعر نحوها بأي شئ بل كأنه لا يراها من الأساس..
جلسا سويًا وبدأ نزار وعدي يتحاوران في مواضيع خاصة بهم، ساد الصمت بين النساء حتي قاطعته نغم موجه حديثها لنازلي:-
_اتعرفتوا علي بعض ازاي يانازلي هانم؟
ردت نازلي برقتها المعتادة:-
_متقوليش هانم دي.. مش بحبها، نازلي كفاية
ابتسمت نغم مجبرة وهي تؤمي بنعم، فهي معذروة لحتي اللحظة لم تستطيع تقبلها كل القبول
بينما تابعت نازلي وهي تقول ما قاله نزار لها بشأن ذلك الان وامر تعريف كيف ومتي تقابلا:-
_في حفلة كنت حضراها مع بابي وقابلته هناك وجه عرض عليا الرقص وبعدها اتعرفنا واتقبلنا كام مرة بعدها بالصدفة وكدا..
نغم:-
_اها.. بس مش شايفة انكوا اتجوزتوا بطريقة سريعة شوية؟
ارتبكت نازلي مما جعل الاخري ترمقها بـ شـك، انتبه نزار لحديثهم فقاطعهم بمرح وهو يربت علي كتف زوجته بحب:-
_ولا سرعة ولا حاجة يانغم، وكلام في سرك انا كنت عايز اتجوزها من اول مرة شوفتها ورقصت معاها فيه.. دا انا كدا شايف اني اتأخرت
ابتسمت نغم وهي تسمع لحديثة.. ابتسامة لا روح فيها
بينما زهراء كانت تتابع ما يحدث بتركيز وتفحص، تري اهتمام نزار بزوجته.. حبه لها الظاهر لـ الاعمي، ابعاد الحرج عنها في الوقت اللازم وهو يري ارتباكها.. و.. خجلها هي ورقتها.. حقًا بدأت تستلطف تلك العائلة
نظرت بعيونها لعدي المنشغل بالحديث عنها..
او هذا ما تظنه، بدات تعلم ان فيه الكثير من الصفات الجيدة التي تحبها وتعجبها.. لكن ما بينهم من دم.. يرفض جعلها تقبل بزيجتها منه.. يرفض الاعتراف بالحب ناحيته ان وُجد يومًا.. تـ.. هل خيل لها انه يغمز لها؟
عاد عدي ونزار لحديثهم الهام، الذي جعل نزار يأخذ عدي ويذهب به الي غرفة مكتبه، وعادت السيدات لصمتهم مرة اخري.. قطع صمتهم تلك المرة حضور بينار التي جاءت ترحب بهم ببسمة سعيدة.. جلست جوار نازلي فـ باتت الجلسة هكذا.. بينار.. فنازلي علي مقعد متوسط الوسع ونغم بجوار نازلي علي مقعد اخر منفرد..
بجوارها زهراء.. قالت بينار لنغم:-
_عرفت انك هنا من زمان بس ولا مرة قولتي اجي اسلم علي طنط يانغم.. بجد زعلانة منك
قالت نغم بأحراج:-
_والله ياطنط كنت مشغولة جامد علشان كورس علاج زهراء مرات عدي وكدا
قالت بينار وهي توجه حديثها لزهراء:-
_واخيرا شوفت العروسة.. انا كمان زعلانة من جوزك، بقي ميعرفنيش عليكي؟ دا انا في مكانة حماتك.. مفروض تيجي تقعدي عندي يوم في الاسبوع مش يكتفي بزيارتي ليكم في الصباحية
نظرت لنغم متابعة:-
_لا لا.. انتي واخوكي طلعتوا واطين اوي يانغم
اتسعت عينا زهراء، كادت تتحدث لكن سبقتها نازلي:-
_اخوات؟
اؤمات بينار بنعم:-
_اولاد خالات.. بس اخوات في الرضاعة.. مامة نغم رضعت عدي مع اخو نغم الصغير.. نغم اصلا اكبر من عدي.. في سن نزار.. نزار برضوا اكبر من عدي بسنة وشهور كدا
اؤمات نازلي بتفهم، بينما نظرت زهراء لنغم بشـرر علي جعلها كل تلك الايام تحترق بنبران الغيرة بسبب قربها من زوجها، لوحت لها نغم بـ معني ” هاي ” وهي تبتسم بأرتباك وتوتر.. فلولا وجود بينار ونازلي لربما كانت نغم فتكت بها دون ادني تفكير..
بينار بتساءل:-
_مامتك مش ناوية تيجي؟
قالت الحجة المعروفة:-
_بابا عنده شغل
قالت بينار:-
_باباكي دا علطول مشغول! انا مش عارفة مامتك متحملاه لية ومتحملة الغربة علشانه لية! دي تقريبا من وقت ما سافرت واتعرفت عليه هناك واتجوزته مجتش مصر غير تلت اربع مرات..
قالت نغم بخفوت:-
_وانا والله.. مش عارفة متحملاه لية؟
وانشغلا في احاديث اخري كثيرة.. قاطعت زهراء تلك الاحاديث وهي تشارك في الحديث اخيرًا:-
_انا اسفة اني قطعت حواركم بس انتوا..
واشارت لهم ثلاثتهم:-
_بتشبوا بعض بطريقة ما! يعني حضرت يا طنط شبة نازلي اوي.. انا حاسة بكدا.. ونغم شبة نازلي.. بس نغم وحضرتك مش شبة بعض! كأن نازلي عامل مشترك بينكم.. فيه ملامح كدا فيها بتتشاركها معاكم! انا بقول اية؟ شكل معاد نومي جه وانا لما بيجي معاد نومي ببدأ اخرف
ضحك الثلاثة عليها وهو يقولون ان هذا بالطبع سيكون سبب كلامها الغير مفهوم ذاك….
اترك رد