روايات كاملة

رواية وعد نزار الفصل السابع عشر

الفصـل السابع عشـر:

كُلنا من رحم المعاناة مولودون..

في الغردقة..

فتح زياد عينـاه وهو يتـأوه بألم عظيم، نظر الـى غرفته بنظرات متشوشـة قليلًا وعيون متألمة فالضربات التي تلاقاها قبل ان يغشي عليه كانت قاسيـة، الضربات.. وسلمي واختطافها!
عندما تذكر كل ما حدث اعتـدل في جلسته وهو يهمس فازعًا بأسمها:-
_سلمي.. سلمي

والتف في مكانه ينظر حوله بطريقة عشوائيـة وهو يقترب من حافة الفراش ليهبط، قبل ان يتفاجئ بوالده الجالس علي مقعد جواره ودياب
هتف بهمس ذاهل:-
_بابا!
والده الذي كاد أن يغفي من أرقه اعتدل في جلسته وهو ينادي اسمه بلهفة:-
_زياد انت فوقت ياحبيبي
واقترب يحتضنه بلهفة وهو يقول بعاطفة:-
_كنت مرعوب عليك لما مرديتش عليا، وبعدين كلموني قالولي انهم لقيوك مضروب في الطريق، مين اللي اتجرأ وضربك يازياد؟ قولي بس مين قربلك وانا اكسرلك عضمه واندمه علي اليوم اللي اتولد فيه
نطق بشـرود:-
_سلـمي..
أستفهـم رشوان بتعجب:-
_سلمي اللي ضربتك؟!
أؤما بالنفي، قبل ان يبـدأ يحكي عليه كل ما حدث..
انهي حديثه دامعًا وقائلًا:-
_بابا ارجوك رجعلي سلمي، متحرمنيش منها زي كل حاجة اخدتها مني.. ارجوك.. وانا والله هعمل كل اللي انت عايزه بس سلمي يابابا
ربت والده الذي رأي لأول مرة انهيار ابنه امامه بهذا الشكل علي كتفه وهو يقول واعدًا:-
_اوعدك هرجعهالك.. ارتاح انت بس
وخرج من الخلف وهو ينادي دياب خلفه ليتبعه..

خرج دياب.. فقال له رشوان امرًا:-
_البنت اللي اسمها سلمي دي تجبهالي من تحت الارض.. سامع يادياب؟

اؤما دياب وخرج لينفذ ما أُمر به لـ التـو..
*****
أستكـانت نازلي بين احضان بينار التي كانت تلاعب خصلات شعر الاخري بيد، وبالاخري تمسك البوم من الصور كبير الحجم، راحت تدور بين صفحاته وهي تقول بصوت مختلف النبرات من حنين واشتياق وغيرها الكثير:-
_لما بضايق او بزعل مبلاقيش ملجأ غيرهم.. صور لناس بحبهم.. بأجي اتفرج علي صورهم وافتكر ذكريات معهم، ممكن اعيط في الاخر بس بعيط علشان مشتاقة مش علشان مضايقة، بنسي زعلي وسطهم، بفتكر حنان ماما وبابا عليا.. اخويا.. حاتم كان اب ليا اكتر من بابا، بيهتم بيا اكتر من اي حد.. ومراته كانت اكتر من اختي، قضينا مع بعض احلي سنين عمرنا، لحد ما دخل شيطان وفرقنا.. ضحك علينا كلنا وخلانا نصدق الاعيبه لحد ما دمرنا

قالت مستفسـرة:-
_قصدك رشوان مش كدا؟

اؤمات بالنفـي:-
_لا..

صمتت لـ لحظات قبل ان تتابع:-
_رشوان كان مجرد واحد تابع ليه، دراعه اليوم زي ما بنقول، رشوان مدمرش حد غيري، لكن هو.. سبب دمارنا كلنا من البداية، هو بدأ ورشوان كمل

وفتحت اخر صورة من الألبـوم وهي تقول بينما ترمق الصورة بكرة عظيم:-
_حتي هو لما ببقي خايفة بأجي اشوف صورته واتأملها كتير علشان اطمن ان خوفي دا هيخلص وافكر نفسي بقدرتي في اني اعدي من خوف اعظم منه ونجاحي في اني اقطع صفحته من حياتي..

ولفت الصورة لها التي رأتها نازلي بملامح عادية.. متفحصة قبل ان تتسع عيناها وهي تسمع الأسـم:-
_فـاروق الزاهـر..
*****
جلست زهراء في غرفتها منذ ظهيرة اليوم الي أن بدأ يحلو الظلام، صامتة صمت عجيب، لم تبكي دمعًا ولم تحاول ان تفكر في ما حدث قبل قليل حتي، كل ما يؤلمها فقط انها شعرت انها ك سلعة، يتم بيعها مقابل المال وشرأها مقابله ايضًا
عـدي.. كل ما به لطيف، صفاته عظيمة
لكن هل احد توقع وتخيل ان يكون سبب رفضها له هو غناه الفاحش؟

الغني الذي كان ك اللعنة التي دمرت حياتها..
لا.. لا تنسي ان والدها الغني الطيب الذي حارب الجميع وتزوج خادمته.. والدتها، عند موته لم يبكي اخيه عليه ساعة بل القاهم خارج المنزل دون ان يفكر فيهم حتي، هي طفلة رضيعة محملة علي الايدي، وتؤام باكي.. جائع ولا تملك الام مال لتناولهم الماء حتي
ايام وليالي صعبة مرت عليهم، زاد من همها ضياع احد التؤأمين مما اصاب الام بالحزن والوجع لكنها كانت مضطرة لـ تتحمل، ضاع الطفل وضاعت اخباره، بعد ان فقدت الامل في ايجاده ايقن الجميع انه مات

ولكنها رأته.. نعم رأته.. في ذلك اليوم خيل لها انه يتحرك ومعه رجالًا ويحمل ثقل ما بين يديه! كان يماثل عصام شكلًا.. يطابقه وكأنه نسخة منه وليس مجرد توأمه!

ستعاود البحث عنه، يجب ان تجده، سيفرق وجوده مع والدتها كثيرًا التي بدأت بالتعافي لكنها ترفض الحديث

وعـدي؟ لن تعطيه فـرص اخري، بالطبع هو لا يحتاج الي فـرص، سيكون من الاساس قد سـأم منها لكثرة مشاكلها، ستعوضه فقط ثمنًا لشراءه لها ثم ستغادر من حياته للأبـد..

قطع حبل افكارها دخول نغم وهي تردف ببعض المرح التي حاولت اصطناعه:-
_يلا علشان تمارين اليوم..

ولأول مرة تحاول النهوض بنشاط لتقوم بتلك التمارين الشاقة!
*****
ما أن استمعت الي الاسم حتي انتفضت بفزع وكأن حية سامة قد قامت بلدغها، تركت احضان بينار التي جلست ترمقها بذهول من فعلتها واتجهت الي الخارج، هبطت درجات السلم سريعًا وظلت تنظر حولها بجنون
كأنها تبحث عن احدهم.. عن طوق نجاتها
وما زال الاسم يتردد في مسامعها بطريقة جنونية اكثر من ذي قبل..

كادت تبكي وهي تضع يدها علي اذنها وتتحرك بطريقة عشوائية بحثًا عن نزار
الذي وكأنه شعر بها فها هو يدخل من باب القصر وعندما لمحها نطق اسمها باسما:-
_نازلي! انتي صحيتي ياحبيبتي؟

لكنها لم تعطي له فرصة لـ السعادة بأفاقتها ورؤيته لها سالمة امامه، بل اندفعت له ترمي نفسها بأحضانه وهي تردف:-
_انا كدبت عليك لما قولتلك معرفش اسم ابويا الحقيقي، انا عارفة اسمه.. هو اسمه فاروق الزاهر

ويداه التي امتدت لتحتضنها.. وكادت تنغلق حولها، عادت الي مكانها مرة اخري وهو يوسع عيناه بذهول ويتطلع امامه.. حيث الفراغ.. بصدمة

حيث بـ منزله سكنت.. وبين ذرعاه استـكانت.. وفي قلبه بصمت وجودها.. حتي وصل الأمر ان يكتب اسمها علي اسمه.. بنت أكثر رجل يكرهه في الوجود!
*****
_بتعمل اية؟

قالها يامن لعدي وهو يدخل لمكتبه، وجده شاردًا وبيده يحمل هاتف كأنه ينتظر اتصـال.. اجابه الاخر وهو يترك الهاتف جانبًا:-
_مفيش.. كنت مستني اتصال لشغل خاص بنزار وبفكر شوية
_امـم
استـراح يامن في مقعد امامه وهو يسأله:-
_علي كدا نزار دا كويس؟
رمقه برفعة حاجب:-
_علي اساس انك متعرفهوش!

_انت عارف اني سـايب هنا من زمان يعني اكيد حاجات كتير اتغيرت ومنها نزار

اؤما بالنفي و:-
_نزار هو نزار.. مبيتغيرش ومبيسمحش لحاجة تغيره، لسة ما زال اطيب قلب ممكن تقابله و..

قاطعه هاتفًا بسرعة:-
_يعني لو كان عندك اخت وطلب ايدها هتوافق!

تعجب من سؤاله قبل ان يؤمي بنعم مجيبًا:-
_بدون تفكير حتي..

وقطع حديثهم الأتصـال الذي ينتظره، استمع لحديث الرجل قليلًا قبل ان يغلق معه ويعاود الاتصال بنزار الذي كان هاتفه مغلقا، حاول وحاول.. لكن دون جدوي
حتي أرسـل له رسـالة.. مضمونها:-

” زي ما توقعت.. في غلطة فعلًا في التواريخ، ام زياد مش هي ام نازلي، خلص اللي وراك وتعالالي احكيلك بالتفصيل “

وأغلق الهاتف.. سأله يامن الذي لاحظ تغير ملامحه:-
_في اية يابني؟!

قال عدي الذي كان يعلم مسبقًا بكل ما عانئ منه نزار بسبب ذلك الرجل:-
_ياخي رشوان دا مفيش نهاية لشره؟!

قال يامن وهو يتطلع الي الامام بشـرود:-
_شكل كدا مفيش نهاية ابدًا لـ الشـر.
*****
ابعدها عنه واشار الي الاعلي حيث غرفتها:-
_نازلي اطلعي اوضتك
قالت بدموع وهي تتمسك به اكثر:-
_لا انا عايزة ابقي..
قاطعها بنبرة اشـد حدة:-
_نازلي لو سمحتي
لم تبـدو انها استمعت له، حيث ارادت التقرب منه واحتضانه منه اخري، لتأخذ من حنانه ما يكفيها، لكنه تلك المرة صاح بغضب وقد بدأ يفقد اعصابه:-
_نازلي.. قولتلك علي اوضتك
وتلك المرة ارتعشت وهي تؤمي بنعم وتغادر باكية

بينما دخل هو مكتبه وراح يلقي كل ما عليه ارضًا وهو يصرخ بغضب لو غادره لحرق الجميع بما في ذلك نفسه، بعد لحظات.. ولحظات.. وقف امام الحائط ضرب فيها رأسه عدة مرات بقوة وهو يقول بصوت دامع.. مخنوق:-
_يعني يوم ما أحب.. محبش غيرك يانازلي؟ يابنت عدوي!!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى