روايات كاملة

رواية وعد نزار الفصل السابع و الغشرون

الفصـل السابع والعشـرون ‘ الأخير ‘:

‘ لية الوجع طايلني وطايلك؟ مهما نبعد عني وعنك ما يفارق؟ ‘

بدأت تتلملم نازلي في نومتها، فتحت عيناها بسبب الاضاءة الخفيفة الموجودة بذاك المكان واغلقتها عدة مرات حتي فتحتها اخيرًا وهي تتطلع الي المكان حولها بعدم استيعاب، كان ك مخزن تحت الارض! كبير به اشياء كثيرة يظهر عليها القدم، واثار تخريب وتكسير ودماء مجلطة.. وهناك رجلين يقفان غير واضح ملامحهم وفتاة جوارها غافية انها رحمة!

شهقت وهي تستوعب اين هي اخيرًا، التفتت تبحث حولها وهي تهمس:-
_رشوان!

جاءها صوت من جوارها يهمس بهفوت.. شديد:-
_عيونه..

انتغضت تتطلع له بخوف ورعب، قبل ان تحاول التماسك وهي تقول بقوة مصطنعة:-
_احنا فين؟ ورحمة بتعمل اية هنا، خليها تروح

ابتسم وهو يقف خلفها تماما، هبط بجسده حتي صارت رأسه تجاور رأسها، هتف وهو ينظر حوله ويلف رأسها بيده لجعلها تتحرك يمينًا ويسارًا لتطلع الي ذلك المكان القذر:-
_احنا فين؟ في نفس المكان اللي امك اتحبست فيه وهي حامل فيكي.. اوعي متكونيش تعرفي؟ شايفة الدم دا

واشار الي اثار دماء متجلطة علي الارض متابعًا:-
_دمها وانا بضربها وهي حامل فيكي، هناك في الحتة دي، ايوة الكرتونة دي كانت بتنام هي.. ياعيني شافت مني كتير بينار هانم بنت الحسب والنسب

اسودت عيناه وهو يهتف:-
_بس تستاهل.. ايوة تستاهل، لانها فضلته عني، اختارته مكاني.. لية؟ علشان فاروق احلي ولا اغني مني؟ اهو بسببه شافت العذاب الوان

صاحت وهي تحاول ان تبعد يداه عنها:-
_بس.. اخرس، اخرس

لم يبدو لها انه استمع لحديثها، حيث تابع:-
_فاروق لدلوقتي ميعرفش هي شافت اية علي ايدي، بل دا قالي عاملها ملكة لحد ما تولد، كان عايز فرصة تانية علشان يرجعلها بس مين هيسمح؟ انا.. دا انا ما صدقت جتلي الفرصة علشان انتقم منها، رميتها بعد ما ولدت عند اقرب مستشفي حكومي وقولتله انها هربت وهو خاف يدور عليها يتمسك، وانتي مكنش فاضي ليكي، قالي ربيها ولا اتخلص منها، ربيتك وكبرتك وصرفت عليكي من فلوسي، فين وفين لما سأل عليكي، فين وفين لما افتكرك وقال بنتي، انا اللي كبرتك وشوفتك وانتي بتكبري قدام عيني، مقدرتش اشوفك بنتي.. لا.. انتي بنت بينار اللي طلعتي شبهها واحلي منها كمان، اللي نسيتيني مين بينار اصلًا.. اللي حلفت مهخسرهاش زي ما خسرت امها.. انتي هتبقي ليا.. ليا وبس

ظل يردد تلك الكلمة وهو يبتعد عنها ويلف حول نفسه في المكان بجنون بينما هي تصرخ وتبكي بطريقة مفزعة وهي تشعر ان تلك هي نهايتها، ودياب يسمع من الخارج كل شئ وهو يغمض علي عيناه بقوة ويضغط علي يداه بعنف، لم يتخيل ان ذلك الرجل قذراته تصل الي ذلك الحد؟

عاد ليقف امامها:-
_ابوكي عايزك وجاي علشان يشوفك، بس انا مش هسمحله ياخدك.. ولا هسمح لنزار دا ياخدك، هو خسرني كل حاجة بس انتي لا مش هسمحله ياخدك

وبدأ يقترب منها، يلمس وجهها بيداه ببطء شديد وعيناه تتلأملها بنظرات لا تستطيع وصفها، كأنها اخر ما سيراه في ذاك العالم، لم يحيض بأنظاره عنها يراقبها كأنها اخر الاشياء الموجودة علي الارض، اقترب واقترب حتي لفحت انفاسه بشرتها
حاولت ان تبعده عنها لكنها لم تفلح، كان يحاوطها من كل اتجاه، بدأت دموعها تهبط بدون ارادة منها وهي تهمس:-
_نزار..

والان تطلب نجدته! وهي من خرجت دون طوعته!

وكأن القدر أستمع لها، حيث ها هي أصوات عراك ناشب تملئ المكان وصياحه باسمها يصل لها، ابتسمت بسعادة وعدم تصديق وهي تردد اسمه، بينما ابتعد عنها رشوان وخرج ليري ما يحدث

حاولت ان تفك نفسها، قبل ان تجد يد تساعدها، التفتت بفزع فرأت ان الفاعلة رحمة التي همست بتسرع وهي تفك يداها:-
_كنت صاحية من اول ما جيت بش مرضيتش اتكلم علشان ميحسش بيا

اؤمات بنعم وهي تفك قدماها المربوطتان بعد ان فكت رحمة يداها، امسكت رحمة يدها بين يداها وهي تقول:-
_تعالي..

وسارتا بحذر حتي وصلا الي باب ذلك المكان، نظرا منه فوجدا حراس نزار يتشابكا مع حراس رشوان وتلك المرة الغلبة من نصيب رشوان ورجاله الاشداء، كان نزار يقاتل بغضب وهو يتخيل ماذا كان سيفعل لولا اتصال دياب به بعدما ارسل له رسالة يخبره فيها ان يحاول ان يصل لـ موقع المكان عن طريق الهاتف والاتصال الذي بينهم، شكر الله كثيرًا انه استطاع الوصول لهم قبل فوات الاوان..

لكن الان والامور تزداد تعقيدًا، لا يعلم ماذا سيحدث!
*****
وصلت سيارة دفاعية الشكل لمكان التشابك، توقفت علي مقربة منهم فتوجهت حميع الانظار عليها، وبأبسط صورة انفتح الباب وطل منها رجل اربعيني العمر، وسيم الشكل.. عندما رأته نازلي شهقت رغم عدم معرفتها به، لكنها علمت هويته حتي رغم ذلك!

همس يامن وهو يتطلع له:-
_بابا..

وما كان ذلك سواء فاروق الزاهر، الذي تطلع الي الجميع ببسمة لا تليق بما يحدث حوله الان..

توقفت يدا نزار القابضة علي رشوان عن الضرب، وهو يتطلع له بعيون فيها نظرات لا توصف..

بينما نازلي.. وكأنها تجمدت وهي تراه.. ذلك الرجل الذي كان سبب لتدمير حياتها، هي وكل من حولها، سـاد صمت قاتل علي الجميع..

قطعه فاروق وهو يتقدم نحو نازلي بخطوات بطيئة وقد ارتسم علي ملامحه الحنين والتمعت عيناه بالدمع! بينما نزار اخذ وضع الدفاع اذا ما لزم الامر

كان يعلم الجميع ان تلك اللحظات يجب ان تأتي وان تلك المقابلة يجب ان تجمع بينهم، تقدم حتي وصل لها اخيرًا، همس بخفوت شديد:-
_نازلي!

ومـد يده ليلمس وجهها لكنها ابتعدت خطوة للخلف وهي تؤمي بالنفي، دمعت عيناه بعاطفة جياشة لم يتوقع ان يمتلكها يومًا وهو يقول:-
_سامحيني..

لم يبدو عليها التأثر وحاولت الابتعاد والفرار منه لكنه تلك المرة لم يسمح لها بل اندفع يحتضنها ويغمرها بين احضانه وهو يهمس بأسمها بحب ابوي.. صادق!

حاولت الفرار والابتعاد.. جاهدت لتبعد يداه عنها، لكنها لم تفلح.. ظلت تتحرك بين احضانه برفض وهي تصيح فيه، لم يحاول احد ان يقترب حتي نزار الذييضغط علي يداه بعنف، حتي استكانت بين يداه فجأة.. ثم لحظات وانفجرت في البكاء بقوة.. لم تتوقع ان تكون رد فعلها ذلك، لكنها لا تصدق انها بين يداه حقا ولم تتوقع ان تجد كل ذاك الحنان بين يداه وان يكون هذا رد فعله اتجاهها!

همس بدون شعور منها:-
_بابا..

فهمس والدموع تغمره:-
_ايوة بابا يانازلي، بابا ياروح قلبه..

وضع يامن يداه علي وجهه يخفي عن عيناه ذلك المظهر حتي لا يتأثر، فهو يعلم ان ذلك المشهد لن يتكرر ولن يستمر كثيرًا، النظر الي ملامح نزار الواجمة خير دليل علي ذلك..

بعد كثير من الوقت..

ابتعدت نازلي عن احضانه ومحت دموعها وهي تقول بقوة:-
_كنت محتاجة دا يحصل ولو مرة في حياتي علشان اعرف اصحابي زمان لما كانوا بيحكوا عن حضن ابهاتهم كانوا يقصدوا اية..

همس ببهوت:-
_نازلي..

قاطعته بجمود:-
_نازلي اية؟ متزقع مني اية بعد اللي حصل واللي عرفته، بعد اللي عملته واللي بتعمله، انت لحد اخر لحظة كنت عايز تخطفني، انا عمري ما هسامحك ابدًا علي حياتي اللي اتدمرت

_انا عندي استعداد اخدك ونسافر ونصلح كل حاجة

_ومين هيسمحلك بكدا؟

كان هذا صوت نزار الساخر، التف له فاروق وكأنه قد استوعب وجوده هنا اخيرًا لم يكاد يتحدث حتي تفاجئ بنزار يلكمه وهو يقول بكراهية شديدة:-
_لو تعرف قد اية استنيت اللحظة دي

لكمه وهو يقول:-
_اني اشوف اللي دمر حياتي

فـ لكمه و:-
_اللي قتل ابويا.. وحسر امي عليه

فـ لكمه أسفل عيناه و:-
_اللي دمر عمتي ودمر عيلتي كلها

وتابع ضربه والاخر يحاول ان يبعده عنه لكنه لم يستطيع ان يفعل امام غضب نزار الكبير، ويامن يري ويستمع دون حديث وتدخل، هو يري ان اباه يستحق وان كان قلبه يؤلمه عليه قليلا.. ونازلي تتابع ما يحدث بجمود كبير!

أستغـل رشوان ما يحدث وانشغال الجميع بما يحدث وابتعد عنهم، بعد كثير من الوقت تـرك نزار فاروق يقع ارضًا وهو يتنفس بعنف من المجهود الذي بذله، بينما اقتربت منه نازلي ومسكت يداه هاتفة:-
_كفاية كدا.. خلينا نسلمه للشرطة وهي تاخد حقنا منه، ارجوك.. متوسخش ايدك بدمه يانزار ارجوك

نظر لها لـ لحظات ثم لفاروق الملقي علي الارض امامه كالجثة الهامدة ثم عاد ينظر لها وهو يؤمي بالنفـي..

وقبل ان يستوعب احد شئ كان يخرج سلاحه ويوجهه لرأس فاروق، شهقت نازلي وهي تؤمي بالنفي بينما تمسك ذراعه:-
_نزار.. ارجوك متعملش كدا

واقترب عدي منه مبعد؟ا اياه عنه هاتفًا:-
_متخسرش نفسك علشانه

ولكن.. كأنه لا يسمع لهم! حيث رفع السلاح وعمره، ولكن قبل ان يضغط علي الزناد وصلت لهم اصوات سرينات الشرطة التي ابد؟ا ما تأتي في موعدها، نظر الجميع لـ السيارات بتعجب فلم يطلبها احد

ابتسم دياب وهو يقول بمزاح مصطنع:-
_حاولت اعمل حاجة صح

واقترب من نزار هاتفًا:-
_باشا.. اهو انا معنديش حاجة اخسرها وقولت انضف واحاول اعيش، انت عندك كتير مستنيك وعايش علشانه، هتخسر دا كله علشان لحظة غضب!

نظر له نزار مطولًا مفكرا في حديثه حتي اؤما بنعم كأنه يقول معك حق..

وتم القبض علي فاروق الزاهر اخيرًا..
وغادر الجميع عائدين بعدما وعد الضابط نزار بأن الاعدام سيكون من نصيبه لنصبه واحتياله وانتحاله لشخصية غيره.. ثم قتله لحاتم الرشيد..

وهكذا ينتصر الحق بأبسط الجهود.. بعد كثير من السنين والصبر.. فلا تبتئس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى