روايات شيقهزائر الفجر

زائر الفجر الفصل الخامس

الفصل الخامس..
في ساحة المنزل الكبيرة…. يجلس الحاج صفوان و أشقاءه مع الضابط ريثما يتم الانتهاء من نقل الجثة إلى المستشفى القريب من البلدة حتى يتم تشريحها ومعرفة سبب الوفاة.
وجه الضابط سؤاله لصفوان: حاج صفوان بعد إذنك.. الست فهيمة تقربلك إيه؟ و ازاي اكتشفتوا غرقها؟
ليجيبه بوجه غلب عليه الحزن: تبأة بنت عمتي والي اكتشف غرقها وشافها مرعي من شباب البلد و موجود برة مع الرجالة عشان لو حبيت تسألوه عن أي حاجة.
” هي دي أول مرة تحصل حادثة غرق عندكم؟ ”
صفوان: أول مرة تحصل من سنين طويلة و الناس عارفة إن الوقت ده بالذات من السنة البحر بيعلى فمحدش بيقرب من الشاطئ ولا حتى ستات البلد بيقربوا هم أو ولادهم منه.. الي مستغربله إزاي غرقت و محدش شافها وقتها؟ حتى محدش بلغ إنها اختفت فجأة أو خرجت و اتأخرت. دي عمرها ما حصلت في البلد.
ليشرد الضابط في حديثه قليلا ثم يوجه سؤاله التالي لحسان و فضل: ممكن تكون الحادثة مش قضاء و قدر و تبأة جنائية. ليتبادل الأشقاء النظرات المتعجبة من هذا السؤال فكيف تكون جنائية و بلدتهم تعتبر الوحيدة في تلك المنطقة الخالية من الجريمة و الكل يعيش مترابطون دون مشاكل، و حتى إن وجدت شبهة جنائية فهل ستكون بخصوص امرأة؟ و إن حدثت فهي وجدت غارقة في المياه بعيدة عن بيتها حتى نخمن أن القاتل أغرقها هناك فمنزلها داخل البلدة ليس قريبا من الشاطئ و إن حاول أحدهم التسلل للمنزل للسرقة مثلا فكيف لم يشعر به أبناؤها و زوجها؟ و لم نسمع عن مشكلة ما حدثت بينها و بين أحد على الإطلاق..
شرح له فضل و حسان وضع البلدة و حالة السلام و المحبة التي تسود الجميع و أن هذه الحادثة الأولى من نوعها. حسنا ربما يكون هناك سببا آخر للوفاة أو ربما أرادت الجلوس بجانب الشاطئ أو الاقتراب قليلا من المياه و دون أن تشعر سحبها التيار ولم تجد أحدا تستنجد به و إن كانت اختفت نهارا كان من السهل على أي شخص قرب الشاطئ أو من سكان تلك المنطقة أن يسمع صراخها لو كانت تصارع أحدا.. أو.. أو ربما خرجت ليلا!
اكتفى الضابط من الأسئلة و ماعرفه من معلومات بسيطة و اتجه لقسم الشرطة مصطحبا معه مرعي حتى يكمل المحضر. بعد انصرافهم جلس الجميع يتساءلون فيما بينهم حول ما حدث للسيدة فهيمة لتلقي فاطيما بجملتها التي صدمتهم جميعا: تلاقيها خرجت بالليل تقابل حد و الا حاجة ماهي ست شر مش كويسة و لو دورنا وراها كمان يمكن ولادها يطلعوا مش من صلب أبوهم وألا أي…… لتهبط صفعة قوية على وجهها أدمت شفتيها من قوتها صاحبها شهقة من نساء المنزل.. فمن صفعها لم يكن سوى الحاج صفوان الذي ضاق ذرعا منها و من لسانها اللاذع الذي نال من الأحياء و الآن تخوض في سمعة امرأة فارقت الحياة دون معرفة كيفية ذلك بل و الأسوأ أنها تشكك في نسب أبنائها الذين يُعدون من خيرة شباب القرية، نهض أشقاؤها مسرعين يمنعون صفوان من اقتلاع لسانها حتى تكف عن كلماتها السامة بينما هي تنظر إليه نظرات باردة لتقذف جملة أخرى أو بمعنى آخر قنبلة في وجهه: بتضربني ليه؟ مش دي بنت عمتك و الي طول عمرها عينها منك و عاوزة تتجوزك عشان تجيبلك الولد؟ ليه متكنش اتجوزتها في السر أو حصل بينكم حاجة و جوزتها لغيرك عشان يشيل شيلتك؟ لتنظر بطرف عينها للسيدة عنايات التي تبكي و تمسك قلبها تكاد تلفظ أنفاسها من تلك الاتهامات الباطلة التي تُلقى جُزافا على زوجها و رفيق دربها.. صفعة أخرى تتلقاها لتسقط أرضا غير عابئة بتلك المسكينة التي ذبحتها بنصلٍ بارد دون إحساس أو شفقة و قبل أن تتلقى الصفعة الثالثة صرخت صفية: أبلة عنايات.. الحقوني أبلة عنايات أغمي عليها.
ركض إليها صفوان و شقيقيه ليحملاها مسرعين بها للداخل و تتصل أسماء بالطبيب ليحضر فورا وصفوان و صفية بجانيها يحاولان إفاقتها دون جدوى، و الأخرى جالسة أرضا تنظر في إثرهم تضحك بجنون كأنها أحرزت نصرا لتوها على أعدائها غير عابئة بما سببته من آلام لتلك المسكينة منذ لحظات. نهضت و انصرفت لغرفتها ولم تكلف نفسها عناء السؤال عمن كانت تعتبرها ابنتها التي لم تنجبها. حضر الطبيب و بعد فحص عنايات طلب منهم سرعة نقلها للمشفى فحالتها غير مطمئنة فتم نقلها بسرعة وبقيت صفية في المنزل ترعى الأطفال ريثما يعود الآخرين بعد الاطمئنان على عنايات و حالتها الصحية.
تأخر الوقت ولم يعد صفوان و فضل من المشفى بينما عاد حسان و أسماء بعد استقرار حالة عنايات الصحية حتى لا تبقى صفية و الصغار و فاطيما وحدهم في المنزل.
فجرا مع دقات الساعة الثالثة…
خرجت من المنزل وحدها تتجه للشاطئ، وقفت بانتظاره حتى ظهر خلفها من العدم بهيئته المخيفة التي تقشعر لها الأبدان. اقترب منها ليهمس بجانب أذنها كشيطان رجيم يوسوس بكلماته السامة: عفارم عليكي لازم الكل يعملك ألف حساب ومحدش يقدر يقولك كلمة واحدة، نيجي بأة للخطوة الي بعدها اسمعيني كويس في الي هقوله….
لتبتسم بنشوة غريبة بعد اتمام الاتفاق بينهما و قبل أن تلتف إليه اختفى كما ظهر من قبل في لمح البصر، وقفت قليلا تنظر حولها و انصرفت للمنزل دون أن يشعر بها أحد و راحت في سبات عميق.
*******************
بعد مرور عدة أيام.. استقرت الحالة الصحة لعنايات وتركت المشفى مع توصية الطبيب لهم أن تتجنب التعرض لأي ضغوط نفسية، عادوا جميعا و السعادة تغمرهم لمرور تلك الأزمة الصحية على خير، و اجتمعت العائلة في حديقة المنزل يتسامرون قليلا ريثما تحضر روايح و بعض النسوة العشاء.
” في عريس متقدملي و عاوز يقابلكم.. أقوله ييجي امتى؟

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قارئة الفنجان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى