
زوجة مهران
نورا حسين جاب الله
تجارب مستمعين
كنت قاعد قدام مكتبه وانا حاسس بتوتر جامد، كل حاجة فى الاوضة كانت مخوفانى، الإضاءة الضعيفة، وريحة البخور الغريبة اللى عمرى ما شميت زيها قبل كدة، حتى هو نفسه كان شكله يقلق، انا لما كلمته عالنت، تخيلت انى هشوف شكل تانى خالص غير اللى انا شايفه دلوقت، لكن الراجل دة ببدلته السودة ونضارته الطبية، ووشه اللى كله غموض، خلونى اتصدمت وخوفت، وندمت انى جيت هنا وطلبت مساعدته، بس هعمل ايه! مكنش قدامى أى حل تانى،
كان قاعد قدامى وباصصلى بكل تركيز، وبعد كدة قالى بهدوء:
_ قولى يا مهران، ايه اللى بيحصل معاك بالظبط؟
_ مراتى، لسه موجودة، عايشة معايا فى البيت ومش عاوزة تسيبنى.
_ مراتك دى اللى قولتلى انها ماتت وهى بتولد؟
_ أيوة هى، انا دايما حاسس بوجودها، بسمع صوت نفسها وهى نايمة جنبى، وبحس بإيديها وهى بتلمس كتفى وانا نايم، زى ما كانت بتعمل معايا وهى عايشة.
_ طيب مش يمكن حلم، او بيتهيألك انها لسه معاك، لانك بتحبها ومش قادر تتعامل مع غيابها!
_ لأ مش حلم ولا تهيؤات، دى بتخوفنى، بترعبنى وتخلى قلبى هيقف من عمايلها، هى راجعة عشان تخلص عليا، انا متأكد من كدة.
الراجل قرب منى وهو بيسند على مكتبه وقالى:
_ يعنى شوفتها بعنيك؟ لمحتها قبل كدة وانت صاحى وواعى لكل حاجة، ولا كل اللى بتحس بيه بيبقى وانت نايم؟
_ شوفتها، واكتر من مرة كمان، على طول بلمح خيالها بيتحرك بين الاوض، وكتير كنت بسمعها بتتحرك حواليا، وساعات كمان بشوف انعكاسها فى المراية، لكن لما بلف عشان أشوفها بلاقيها اختفت.
_ طيب كلمتك قبل كدة يا مهران؟ أو حاولت تتواصل معاك بأى شكل؟
_ أيوة، بسمعها وهى بتنده بإسمى، ولما تتأكد انى انتبهت وسمعتها، بلاقيها بتقولى ( فاكر اللى عملته يا مهران؟) بس أاا… بس صوتها بيبقى وحش، مرعب، زى ما يكون فى صوت تانى بيتكلم معاها، ساعتها ببقى عاوز أصرخ من كتر الرعب اللى انا فيه، وبفضل أسد فى ودانى عشان مسمعهاش، لكن الصوت بيبقى جوة دماغى ومش بيسبنى.
_ اللى انت بتقوله دة معناه حاجة واحدة بس، ان روح مراتك لسه متعلقة، مش مرتاحة ومش ناوية تمشى، ومن خلال خبرتى مع عالم الارواح أحب أقولك، ان الروح متعملش كدة غير فى حالات معينة، حق مهدور، أو غضب، أو انتقام، وساعات كمان بيرجعوا لو حد نده عليهم.
_ يعنى ايه الكلام دة؟ وليه يحصل معايا ومعاها كدة؟
_ الاجابة عندك انت يا مهران، انت اللى تقولى ليه معتقد ان مراتك راجعة عشان تخلص عليك؟ ايه اللى عملته فيها يخليها تبقى شايلة الغضب دة كله ناحيتك؟
_ انا هحكيلك، بس اوعدنى الكلام دة ميطلعش برانا احنا الاتنين، ولا ألاقيك ناشره عالنت زى ما بتعمل مع بعض الناس اللى بتجيلك.
_ متقلقش خالص، انا هنا عشان أساعدك، احكيلى ايه اللى حصل، وانا اوعدك انى أتواصل مع روح مراتك، واحاول أقنعها تسيبك وتمشى من غير أى أذى.
_ ماشى، انا هحكيلك كل حاجة، ويارب تقدر تساعدنى فعلا زى ما بتقول.
*******
الحكاية ابتدت يوم ما مراتى جالها طلق مبكر، وكانت بتولد قبل ميعادها، وقتها صحتنى من النوم مفزوع، كانت الساعة 3 الفجر، قومت على صوت صريخها لقيتها بتنزف وبتتألم، وبسرعة سندتها ونزلت بيها عالعربية، وطلعت بيها على أقرب مستشفى من البيت، طول الطريق كنت بحاول اتصل على الدكتورة اللى هى متابعة معاها، بس الدكتورة كانت قافلة تليفونها ومقدرتش أوصلها، فاتصلت بأهل مراتى وقولتلهم يحصلونى على المستشفى، ولما وصلنا هناك ودخلنا الاستقبال، عرفتهم ان مراتى فى السابع وتعبانة، الممرضات اللى استقبلونى بمجرد ما شافوا حالتها قلقوا، وواحدة منهم شدتنى بعيد وقالتلى:
_ يا أستاذ مراتك حالتها خطر جدا، لازم تدخل أوضة العمليات دلوقتى حالا.
_ مين هيولدها؟
_ دكتور عمرو، الاستشارى اللى موجود دلوقتى، ومعاه الفريق بتاعه متقلقش خالص دة دكتور ممتاز.
_ لأ، محدش هيولدها غير دكتورة ست زيها، مش عاوز ولا راجل معاها فى العمليات.
_ حضرتك بتقول ايه؟ مفيش غيره هنا دلوقتى، ومراتك حالتها خطر انت مش سامعنى ولا ايه؟
_ وانا بقولك على جثتى انها تنكشف على أى راجل، اتصرفى واتصلى بأى دكتورة تيجى تلحقها.
_ الدكتورة نجلاء جاية فى الطريق عشان الشيفت بتاعها، بس الطريق زحمة الله أعلم هتوصل امتى، مراتك ممكن تفقد الوعى فى أى وقت.
_ انا جوزها ومسؤول عنها، مستحيل أخلى راجل هو اللى يولدها، انا لولا مش عارف أوصل للدكتورة بتاعتها مكنتش جيت المستشفى دى أصلا.
_ ياعم انت مش بنى آدم، الست عندها نزيف مش طبيعى، انا عاوزة اذن منك ندخلها العمليات حالا، انت كدة بتموتها.
_ قولتلك هستنى الدكتورة، مراتى متنكشفش على حد.
فضلت مصمم على رأيى، كنت واقف مشوش ودماغى مقفولة، كل اللى حوالينا بقوا بيحاولوا يقنعوا فيا انى أسيب الدكتور يشوف شغله، حماتى كانت بتعيط وبتلطم على وشها من الخوف، واخت مراتى فضلت تزعق وتشتم فيا، ورغم كل دة انا متأثرتش، ووقفت أستنى الدكتورة اللى وصلت بعد نص ساعة تقريبا، وبعد ما دخلت العمليات وغابوا شوية، طلعت وقالتلى البقاء لله، الكلمة رنت فى ودانى بس مكنتش مستوعبها، مش مصدق انها ماتت بجد، كلهم فضلوا يقولولى ان انا السبب فى موتها، لكن انا كنت بحافظ عليها، مش انا اللى اسيب مراتى تنكشف على حد تانى، طول فترة الحمل كانت بتابع مع دكتورة ست، كنت آجى عالآخر واخليها تنكشف على راجل! لأ، مش أنا اللى أعمل كدة..
بعد اللى حصل، أختها كانت عاوزة تقدم فيا بلاغ وتسجنى، لكن حماتى منعتها تعمل كدة، وقالتلها مفيش حاجة هترجع اللى راح، وبعد حوالى اسبوعين، بدأت أنا احس بوجود منى معايا فى البيت، فى الاول كنت مش فاهم اللى بيحصل، كنت بسمع صوت انين او حد بيتألم، ولما افتح عينى الصوت يختفى، وساعات كنت الاقى حاجات بتتحرك لوحدها، باب اوضة بيتفتح، او حاجة ابقى سايبها فى مكان الاقيها فى مكان تانى، وعلى طول بشم ريحة شياط او حاجة محروقة فى الشقة، ومهما افتح الشبابيك او انضف الريحة مكنتش بتروح، وبعد كدة الامور بقت أسوأ، لما ابتديت اصحى على لمسة منها، أو صوتها وهى بتنده بإسمى، دة غير خيالها اللى بقيت ألمحه فى أى حتة فى الشقة.
_ طيب يا مهران انا كدة فهمت كل حاجة، خلينا نحدد ميعاد مع بعض عشان جلسة التحضير، واوعدك انها هتكون ناجحة، وهنقدر نتواصل مع مراتك ونشوف هى عاوزة منك ايه، انا مبسوط انك جيتلى عشان أساعدك.
_ والله يا أستاذ رؤوف انا مكنتش بآمن بالكلام دة، بس بعد اللى شوفته وحسيت بيه، فضلت أدور على أى معلومات عالنت لغاية ما لقيت صفحتك، قولت آجى أجرب واشوف، يمكن اقدر أخلص من الرعب اللى انا عايش فيه.
_ اتطمن، طول مانت معايا اتطمن.
مشيت وسيبته قاعد فى مكتبه، وخرجت وانا بتمنى انه يقدر يساعدنى، انا معرفوش غير من صفحة ليه عالنت، بس كان بالنسبالى القشاية اللى اتعلقت فيها، فضلت ماشى وانا حاسس برجلى بتتقل خطوة بعد خطوة، مكنتش عاوز أروح، عشان عارف ان فيه جحيم مستنينى، بس فى نفس الوقت مكنش ليا مكان تانى أروحه، وبعد شوية كنت واقف قصاد البيت، بيتى اللى بقيت شايفه مقبرة مش بيت عادى، دخلت من البوابة وطلعت عالسلم، وبمجرد ما عملت كدة، النور اللى عالسلم بدأ يترعش وهو بيعمل صوت غريب، وقفت فى مكانى وانا ببلع ريقى بصعوبة، كنت خايف أكمل لغاية فوق، لكن بعدها ضغطت على نفسى وكملت، بس كل دور كنت بعدى عليه، كان النور فيه بيضعف ويترعش كأن اللمبة هتنفجر، وفضلت عالحال دة لغاية ما وصلت للدور التالت اللى فيه شقتى، وقفت قدام الباب، وطلعت المفتاح من جيبى وانا ايدى بتترعش من الخوف، وفتحت الباب وانا عينى بتدور فى المكان كله، فى الأول كل حاجة كانت هادية، ودة شجعنى انى أدخل واقفل الباب ورايا، ويادوب حطيت تليفونى ومفاتيحى عالترابيزة اللى جنب الباب، ساعتها شميت ريحة غريبة اوى، مش ريحة الشياط اللى انا متعود عليها، لأ، دى كانت ريحة الشامبو بتاع مراتى، الريحة كانت خفيفة لدرجة انى شكيت ان دى تهيؤات، بس بعد ثوانى لقيتها بتبان أكتر، وبقت أقوى من الاول بكتير، عشان كدة مشيت ناحية الحمام وانا قلبى بيخبط فى صدرى، ولما وصلت عند بابه، لقيته مفتوح نص فاتحة، وفيه خيال لحد واقف جوة، اتجمدت مكانى وانا حاسس بقلبى هينفجر، والعرق غرق وشى وجسمى كله، رعب، رعب شديد وانا شايف الخيال بيتحرك من مكان لمكان جوة الحمام، وسامع صوت خطواته عالأرض، حسيت بنفسى بيتكتم وروحى بتروح منى، وبخطوة مش محسوبة ومن غير أى تفكير، مديت ايدى ناحية الباب وفتحته على آخره، بس فى نفس اللحظة اللى عملت فيها كدة، ملقتش أى حاجة جوة الحمام، مكنش فيه غيرى انا وصوت أنفاسى اللى كنت بجاهد عشان آخدها، أعصابى سابت ورجلى مشالتنيش، اترميت عالأرض وانا بضرب على راسى بإيديا الاتنين، وبلعن غبائى اللى خلانى أتصرف كدة يوم ولادة منى، انا قتلتها بإيدى واستاهل انى أموت زيها، ودلوقتى الموت عندى أهون من كل اللى بشوفه، بس أعمل ايه؟ انتحر؟ اقتل نفسى عشان أخلص؟
قطع تفكيرى صوت رنة التليفون بتاعى، الرنة اللى انقذتنى من التفكير فى الانتحار، ومع الرنة دى قومت وانا بتسند على الحيطان، ومشيت ناحية التليفون وانا بجر رجليا بالعافية، ولما بصيت عالشاشة لقيته عصام صاحبى، خدت نفس وفتحت الخط، ورديت عليه وانا صوتى بيطلع بالعافية وقولتله:
_ أيوة ياعصام؟
_ انت فين ياعم انت؟ جيتلك البيت وملقتش حد، روحت فين؟ اوعى تكون روحت للراجل النصاب دة!
_ ايوة روحتله، كان عندك حل تانى؟
_ يابنى كنت اصبر شوية بس، ما أكيد كنا هنلاقى حل، انما تروح لواحد نصاب جايبه من عالنت، طب بذمتك انت مصدق انه هيحضر روح مراتك ويقنعها تسيبك فى حالك.
_ انا مصدق اللى انا بشوفه بعينى، وبعدين انت ايه الحلول اللى كانت عندك؟ انى اروح لدكتور مجانين؟
_ يابنى اسمه نفسى، وعادى يكون موت مراتك أثر عليك، وانت لما رفضت تروح، قولتلك ماشى وانا هفضل معاك للآخر، انما تسيب حد يضحك عليك ويستغلك، لأ، انا مش هسقفلك عالغلط، بذمتك كدة قولى طلب منك كام؟
_ مش مهم الفلوس، المهم أخلص.
_ انجز يا مهران وقولى المبلغ اللى طلبه.
_ ع.. عشر تلاف جنيه.
_ يانهاره اسود، دة نصاب محترف، انت ازاى تعمل فى نفسك كدة؟
_ ماهو انت لو عايش فى اللى انا فيه، هتعمل زيى وأكتر من كدة كمان.
_ اقفل يا مهران، انا جايلك، مش هينفع نكمل كلامنا فى التليفون.
قفلت معاه وانا بتنهد بإحباط، محدش حاسس بيا خالص، مفيش حد مصدق انى ممكن أموت فى أى لحظة من الرعب، رميت التليفون من إيدى، ودخلت على أوضتى عشان أحاول أرتاح شوية، بس غصب عنى ومن كتر اللى شوفته، كنت داخل بحذر، خطواتى بطيئة وعنيا بتدور فى الأوضة كلها، ووقتها حسيت بهدوء غريب، هدوء لفت نظرى انى مش سامع أى حاجة، لا دوشة عربيات فى الشارع، ولا أصوات الناس، ولا أى حاجة من أى نوع، الحكاية كانت أكبر من الهدوء، دة كان صمت، صمت رهيب قلقنى ووترنى أكتر من أى دوشة، كنت حاسس ان الزمن وقف بيا، والعالم كله اختفى من عالأرض، مشيت ناحية السرير وانا قلقان، اترميت عليه وانا بستسلم لكل حاجة، ومن الخنقة اللى انا فيها، فضلت اعيط بانهيار، ومن يأسى اتكلمت بصوت عالى وقولت:
_ حرام، انا كدة بموت بالبطىء، لو جاية تإذينى يبقى الموت عندى أهون، انا ندمت على اللى عملته، وياريتنى أعرف أصلح غلطتى.
قطعت كلامى فجأة لما سمعت خبط على باب الشقة، ساعتها عرفت انه عصام جه زى ما وعدنى، عشان كدة قومت بسرعة وانا بمسح وشى، وروحت ناحية الباب فتحته، لقيت عصام واقف قدامى وهو متضايق، بس انا مكنتش قادر أجادل معاه فى أى حاجة، عشان كدة سيبت الباب مفتوح وسبقته على جوة وانا بقوله:
_ ادخل ياعصام وابوس ايدك ارحمنى وحس بيا شوية، انا هروح للراجل وهدفعله المبلغ وهشوف آخره ايه.
استنيت ان عصام يرد عليا لكن مسمعتش صوته، لفيت أبص ورايا عشان أشوف مدخلش ليه، بس اتصدمت لما لقيت باب الشقة مفتوح، لكن مفيش حد واقف، عصام مش موجود، كأنه فص ملح وداب، جريت بسرعة ناحية الباب وطلعت أبص عالسلم فوق وتحت، لكن ملقيتش ليه أى أثر، فقفلت الباب ودخلت افتش فى الشقة كلها، وبرضو ملقتش أى حاجة خالص، قعدت عالكنبة اللى فى الصالة وانا حاسس بدماغى بتلف، انا اتجنيت وبهلوس، ولا كل دة بسبب منى واللى عاوزة تعمله فيا؟
فجأة لقيت خبط تانى على باب الشقة، بس المرة دى أول ما سمعته لقيت جسمى كله بيتنفض، خوفت أتحرك من مكانى يكون فخ تانى من منى، عشان كدة فضلت قاعد فى مكانى وقولت بصوت عالى:
_ مييين؟
وقتها لقيت عصام بيرد عليا من برة وهو بيقول:
_ أنا عصام يابنى، افتح.
_ عصام! عصام بجد ولا حاجة تانية؟
_ انت اتجننت يا مهران، افتح انا مش جايلك لوحدى.
كلامه خلانى اترعبت أكتر، وقومت أبص من العين السحرية وانا خايف، لقيت عصام واقف ومعاه محمد وشريف اصحابنا، كنت عاوز أفتحله بس خايف، ولما اتأخرت عليهم فضلوا يخبطوا وهما بيستعجلونى، وبعد شوية فتحتلهم الباب وانا ببص من وراه زى العيال الصغيرة، وأول ما عملت كدة عصام زق الباب بالراحة وهو بيطمنى وبيقول:
_ افتح ياعصام متخافش، انا جيبتهم معايا عشان يقنعوك ان اللى بتعمله غلط، ومتقفلش الباب، يحيى طالع.
_ يحيى؟ انت كلمته؟
_ أه كلمته، ما طالما دخلنا بقى فى سكة الاموات والأرواح يبقى هو أدرى، على الاقل نضمن انه مش هينصب عليك ولا هياخد منك فلوس.
وفعلا بعد كام دقيقة، سمعنا صوت خطوات طالعة عالسلم، وظهر قدامنا يحيى، أو الشيخ يحيى زى ما احنا بنناديه، دخل وسلم علينا واحد ورا التانى، وبعد كدة قعد وهو ساكت، بس عنيه كانت بتدور فى الشقة كلها، يحيى صاحبنا وعارفينه من زمان، بيفهم فى الدين كويس اوى، ودايما كنا بنتعلم منه، دة غير انه بيقدر يساعد الناس بالرقية الشرعية، بس مش عارف ليه عصام جابه، هو مش هيقدر يعمل حاجة فى موضوعى دة، لأن اللى بيحصلى حاجة تانية خالص،
بعد شوية لقيت يحيى بيبصلى وقال:
_ عصام حكالى على اللى بيحصل معاك هنا فى الشقة يا مهران، وانا جيتلك دلوقتى عشان أقرا قرآن، مش عشان أطلع عفاريت زى مانت كنت ناوى تعمل، وهنشوف لو فى أى حاجة مش مظبوطة هيبان.
_ حاجة مش مظبوطة ازاى يعنى؟
_ اسمع بس القرآن وهنشوف.
يحيى بدأ يقرا القرآن بصوت هادى وفى نفس الوقت قوى، وبعد كام آية حسيت ان روحى بتتسحب منى، جسمى تقل كأنى مربط بسلاسل، ونفسى اتكتم مرة واحدة، وودانى بدأت تتسد كأن فى عازل بيتكون بينى وبين صوت يحيى، وقتها لقيته بيبصلى، وزى ما يكون لاحظ ان فى حاجة غريبة بتحصلى، فلقيته علا صوته أكتر، وكل ما كان بيعليه، كان الخبط فى دماغى بيزيد، وصداع مرعب بقى مسيطر على نافوخى، قومت وقفت بصعوبة وانا رجليا بتتهز وقولتله:
_ كفاية يا يحيى، بالله عليك كفاية.
بس هو موقفش قراية، ولا نزل عينه من عليا، بصيت لعصام وانا بقوله:
_ ياعصام انا محتاج أنام قوله يسكت، أناا أاا…
ملحقتش أكمل كلامى، لأنى ساعتها حسيت بغثيان رهيب، كنت حاسس ان معدتى بتغلى، وقلبى كان بيدق بسرعة، اما وشى فكنت حاسس بسخونة فظيعة طالعة منه،
عصام قام وسندنى عشان يرجعنى أقعد مكانى تانى، لكن فى نفس اللحظة، فى ريحة وحشة أوى ظهرت فى الشقة، كانت ريحة حاجة زفرة، زى الدم او حاجة ميتة وعدى عليها زمن، عصام ومحمد وشريف فضلوا يسدوا فى مناخيرهم من الريحة، وانا كنت خلاص بنهار، اما يحيى فعمل العكس، قام يلف فى الشقة وهو بيدور على مصدر الريحة دى، كل دة وهو لسه مستمر فى قراية القرآن، كان ماشى بخطوات بطيئة، واحنا كلنا وراه وهما مسندنى من الناحيتين، لغاية ما وصلنا للمكتبة الصغيرة اللى منى كانت بتحط فيها الكتب اللى بتقراها، يحيى راح وقف جنبها وهو بيمشى ايده عليها فى كل حتة، وانا واقف على وشك ان يغمى عليا، من كتر الدوخة والوجع اللى فى دماغى، وكل اللى بعمله انى بترجاه يسكت ويبطل قراية، لكن هو كان بيتعامل عادى وكأنه مش سامعنى، وبعد دقايق، مد ايديه ورا المكتبة وهو بيحركها بالراحة، وطلع من وراها حاجة صغيرة ملفوفة فى كيس أسود، مترب، وطالع منه ريحة بشعة، يحيى فتح الكيس بسرعة، وطلع منه حتة قماشة مربوطة بخيط أحمر، وعليها بقع حمرا وبنى، زى ماتكون دم ناشف، وفجأة وقف قراية القرآن وقال وهو بيفك القماشة دى:
_ دة عمل ياجماعة.
عصام رد عليه وقاله:
_ يا نهار إسود، يعنى كل اللى فيه دة بسبب سحر؟ طب مين اللى عمل كدة؟
_ لأ معرفش مين، بس شوف مكتوب ايه عالقماشة!
يحيى رفع القماشة قدام عنينا، ولقيت مكتوب فيها اسمى واسم أمى، وكمان حروف وأرقام ورموز، وحوالين دة كله كلمة واحدة متكررة أكتر من مرة، ( جنون)
اول ما شوفت الكلمة دى، الدنيا ضلمت قصاد عينى، ومحستش بنفسى ووقعت فى الأرض، وبعد شوية مش عارف اد ايه، بدأت أسمع أصواتهم حواليا من تانى، فتحت عينى بالعافية وانا ببصلهم، ساعتها يحيى قالى:
_ الحمد لله انك فوقت، خضيتنا عليك يا راجل.
_ هو ايه اللى حصل؟
_ انت كنت تحت تأثير سحر شديد يامهران، والحمد لله انا قدرت أفسده، اللى عمله كان عاوز يخليك تفقد عقلك وتتجنن، المهم دلوقتى انك تعرف ان فك العمل دة مش كفاية، لازم تكمل معايا جلسات الرقية الشرعية عشان تبقى كويس، والأهم انك لازم تعرف مين عمل فيك كدة.
_ وانا هعرف منين؟
_ يا عم احنا لقينا العمل فى شقتك، مين غيرك بيدخل هنا؟
_ مفيش حد والله، انت عارف ان اهلى كلهم فى البلد.
_ يعنى مفيش حد معاه مفتاح الشقة؟ او حد بيجيلك ينضف مثلا؟ حاول تفتكر.
_ مفيش حد معاه المفتاح غير أااا… حماتى وبنتها، سمر أخت منى، معقول تكون هى؟
عصام اتدخل فى الكلام وقال:
_ ليه لأ؟ مش دى اللى كانت عاوزة تسجنك؟
_ ايوة هى، بس معقول تسحرلى؟
يحيى رد علينا وهو بيجهز نفسه عشان يمشى:
_ بينى وبينك يامهران انت تستحق الحبس على اللى عملته فى مراتك، بس خلاص قدر الله وماشاء فعل، حاول تكفر عن الذنب دة، اعمل حاجة لوجه الله، واستغفر ربنا كتير، وروح لحماتك واستسمحها وطيب بخاطرها، واوعى تقول لأى مخلوق انك لقيت عمل وفكيته والكلام دة، عشان اللى عمله ميروحش يجدده، وغير كالون شقتك وخلاص، يعنى خد احتياطاتك وربنا هو الحافظ.
بعد اليوم دة انا عملت كل اللى يحيى قال عليه، مكنتش متأكد مين اللى عمل السحر، لكن المهم انى بقيت احسن، بس ذنب منى هيفضل فى رقبتى، ويارب اقدر اكفر عنه.
تمت
#زوجة_مهران