سيرك المسخ “القصة مستوحاة من أحداث حقيقية”
أنا حقيقي كنت مستعدة، محضرة الأسئلة والدروس، قعدت ليلة كاملة في التظبيطات دي وحتى اليوم اللي بعده ولحد معاد الدرس في السنتر.
شلت شنطتي بكراريسي ولاب توبي واقلامي وكل حاجتي واتوجهت للمكان ووصلت قبل معاد الدرس بنص ساعة واستنيت الولاد ييجوا..
المفروض، المفروض إن اليوم ده كان هيبقى يوم طبيعي جدًا، هشرح الدروس بتاعة الكتاب زي أي مدرسة تاريخ عادية، لا هتكلم عن طق.وس ولا مذاب.ح ولا أشب.اح طفشت سكان المكان من المكان ولا تصف.يات ولا استدعاء أر.واح ولا غيره، وده عشان الامتحان كان عالأبواب، كان قدامنا 3 أيام بالظبط عليه، ودي كانت هتبقى المراجعة الأخيرة.. أهم حاجة النية..
الولاد كلهم وصلوا، المجموعة اكتملت، الساعة كانت 8 ونص بليل، كنا هنقعد ساعة ونص والدرس يخلص والمجلس ينفض. الجو كان كئيب إكمننا كنا ف عز الشتا، والكل كان متكتف، كآبة الجو انعكست على وشوش الطلبة، خصوصًا إن في كمان امتحان نص السنة وأنا مش ميس “هايدي” المعتادة بتاعة القصص الغريبة المسلية، أنا وقتها كنت ميس “هايدي” بتاعة يالا نخلص المنهج ونراجع تاريخ مصر القديم والحديث والأحدث منه.
لكن كل الخطط اتغيرت لما الكهربا قطعت عن السنتر..
الجو بقى برد أكتر، والدنيا عتمة، مفيش غير إننا نستنى النور ييجي، فاتت دقيقة والتانية ولحد العاشرة والنور مجاش..
طب نعمل إيه؟ الوقت بيفوت والولاد مكنش ينفع يتأخروا، لازم كنت أخد قرار..
بس في الحقيقة أنا مخدتش القرار، هم اللي خدوه، لقيتهم بيعملوا دايرة حواليا كده بالكراسي، وبيقربوا كإنهم بيتدفوا ببعض، وواحد منهم قال:
-ميس هايدي، إحنا عارفين إنك مش هتجيبي الامتحان صعب وإن تقريبًا الكلام اللي بيتقال هنا هو نفسه الكلام اللي بتقوليه في الفصل، إحنا بس بنحب نجيلك هنا عشان من الآخر بنحب نقعد معاكي أكتر، كل الفصل بيجيب نتايج قريبة من بعض، ومحدش عمره سقط، واللي المدرسين التانيين بيشرحوه ف شهور حضرتك بتنجزيه معانا ف أيام..
رفع كتابه وقال باستهزاء:
-واللي جوه ده أي حد فينا هيسمعه من الجلدة للجلدة، وأهو النور قطع..
=فإيه؟ عايز تقول إيه يا “إيساف”؟
“ترنيم” قالت وكإنها بتكمل كلام “إيساف”:
-النور قطع، والأجواء شتوية كئيبة والجو برد، ومش ناقصنا غير حاجة واحدة بس، قصة من قصصك، مش من المنهج، القصص إياها، اللي براه..
=أيوه بس أنتوا غلطانين، ناقصنا حاجة تانية غير القصص عشان الأجواء تبقى مثالية، شمع!
-بس كده، ننزل حالًا ندور في الشارع كله على محل بيبيع شموع، دقايق وهنرجع.
3 من الولاد نزلوا فعلًا ورجعوا بعد وقت قليل بعدد من الشموع، ولعنا الشمع وقفلنا فلاش الموبايلات، قربت وشي من ضوء الشموع وبدأت أحكي:
=كل زمن ليه طبع معين، البشر فيه بيبقى ليهم سمات، بيبقوا كويسين ف حاجات ووحشين ف حاجات، عندكم مثلًا عصرنا ده، في هوس غريب بالأس.لحة الن.ووية، وكل بلد معتبرة إن دي هي القوة الحقيقية، وبتسعى يكون عندها س.لاحها الن.ووي الخاص، على أساس لما ده يحصل وتقرر تستخدمه هي مثلُا بس اللي هتنجو والدولة الع.دوة الوح.شة هتتمحي لوحدها من على وش الأرض، ده غير الهوس بالرحلات بره الأرض واستكشاف الفضاء، والتدوير على كائنات تانية، أنا أعرف إيه الشغلانة المن.يلة دي؟ عاملين زي اللي دخل وكر دبابير كبير، والدبابير ف حالة سبات لا دريانة بحاجة، ولا بيها ولا عليها، نقوم إيه، نجيب كشاف وطبلة وزمامير وندخل الوكر، عمالين نحوم ف الفضا الواسع ونرزع أقمار صناعية ونبعت إسطوانات عشان نعرف الفض.ائيين بينا، إيش عرفنا بالفض.ائيين ونوايا الفض.ائيين؟ يالا، أهو إحنا مش هنتهد إلا لما نجيب عاليها واطيها، المهم إن في عصر من العصور الناس كانت فيه ليها طباع كده غريبة، مكنش فيه لا تليفزيون ولا راديو ولا فضائيات ولا حتى سيما، فالناس كانت بتميل لأي لعبة أو عرض عجيب، أي حاجة تكسر الملل، وبرضه الناس طباعها كانت جامدة شوية، ما هو واحد جي مثلًا من آخر الدنيا عشان يتفرج على مسرحية، ودي خروجة مستنيها من زمن الزمن، أكيد مش هيقف يدعم ويشجع واحد مهزوز عالمسرح، جاله رهاب المسرح أو تعب أو اداؤه مكنش قد كده مثلًا، لازم طبعًا الراجل المس.حول ده يرميه بالطماطم ويزق.له بالطوب، ويرفع الكرسي ويح.دفه عليه، أو أي حاجة تفش غله على الأونطة اللي كلها والفلوس اللي اتكلفها. وعشان كده صاحبنا “مرزوق السباعي” نجمه سطع وسيرته بقت على كل لسان.
مرزوق بطل، لو الناس شافت بس ضله كانت بتحييه وتنحني احترامًا ليه، مكنش بيخاف من حاجة، وده عشان شاف اللي محدش غيره شافه.
من طفولته عرف إن في عالم تاني، عالم أكبر من اللي احنا فيه، عالم مش ملموس ومش معروف للكل، بره البني آدميين والحيوانات، الأليف منهم والم.فترس، وده لما شاف من شباكه الصغير مخلوق عدى زي البرق من قدام بيتهم، مخلوق ق.بيح، ملامح وشه سايحة ف بعض، مش باينله عنين واضحة من مناخير وبوق، وضهره محني ييجي بزاوية 90 درجة، وعنده رجل أسرع من التانية.
-إيه ده يا ميس، هو كل ده مرزوق لاحظه إزاي والمخلوق عدى بسرعة البرق؟
=حلو يا ترنيم، خلي الملاحظة دي في بالك. المهم إنه من وقتها “مرزوق” حس إن هدفه في الحياة مش إنه يشتغل ف ساقية سواء موظف حكومي أو غيره لحد ما ضهره يتكسر والسنين تتسحب زي البساط من تحت رجليه، مهي مش صدفة إنه شاف المخلوق ده دونًا عن كل الناس اللي حواليه، في كيانات تانية لازم يحا.ربها ويحمي البشر منها، إن مكنش هيق.تلها، يبقى على الأقل يحبسها، ومش كفاية يستنى لحد ما يشوف مخلوق بالصدفة، ده شد الترحال وبقى يدور عليهم بنفسه.
مرة مثلًا من المرات في حد حكاله إنه كان لسه راجع من رحلة ف البحر الأحمر وبالصدفة هو وطاقم السفينة الصغيرة اللي كان مسافر عليها نزلوا على جزيرة كانت باينة في الأول إنها مهجورة، كانت ساح.رة، الميه فيها صافية والسمك أكوام بيجري في العمق وعالشط والرملة بيضة وناعمة، وفيها نخل كتير مضلل الجزيرة كلها، لكن هم طلعوا غلطانين عشان مكنوش في الحقيقة لوحدهم، كان في مخلوقات تانية، مخلوقات ذكية، ليها فكر وجسم شديد، لكن لا الفكر كان سوي وإنساني ولا قوة الجسم استخدموها للخير، كل اللي كان يهمهم هو الصيد وبس، صيد أي حاجة، حتى البني آدمين، الكائنات دي أطرافها وجذعها يشبه البني آدمين، بيمشوا على رجلين من غير ما يستخدموا ايديهم وعندهم شعر مغطي كل فتفوتة ف جسمهم حتى وشوشوهم..
-مش يمكن دول ببساطة يكونوا نوع من القرود أو الغوريلات، هو تقريبًا نفس الوصف، وبرضه القرود أذكية جدًا، أقرب حاجة للإنسان.
=وهم القرود هياك.لوا بني آدمين يا “نضال”؟ وبعدين أنا لسه مكملتش، الكائنات دي هجمت على المجموعة بغرض إنهم يصطادوهم بس منجحوش، الرجالة قدروا يهربوا على سفينتهم وينطلقوا بيها وواحد منهم بس كان اتصاب بسهم غدار مس.موم، لكن برضه قدروا يعالجوه.
لما “مرزوق” سمع القصة دي قال مبدهاش، لازم كان يروح على هناك ويعلم على الوح.وش اللي بته.دد أرو.اح المسافرين والأبرياء اللي بينزلوا عالجزيرة، وراح فعلًا مع اللي حكاله عشان يوريله الموقع.
نزلوا الجزيرة وراحوا على كهف الوح.وش، “مرزوق” كان سامع أصواتهم الهم.جية وهم بيتحركوا بسرعة جوه الكهف، كان واضح من الصوت إنهم أعداد كبيرة، بس لما دخل في الكهف العتمة وف إيده شعلته اللي رفعها عشان ينور قدامه وحواليه على قد ما يقدر ملقاش غير عيون بتلمع بتتحرك بسرعة، هو برضه اتحرك بسرعة مع عدته، عدة صيد الوح.وش، لكن معرفش يصطاد حد منهم، فيما عدا..
-إيه يا ميس، مسك وح.ش؟
=أيوه، مسك وح.ش، أو بمعنى أصح وح.شة.
-واحدة ست؟
=إحنا قلنا إيه؟ مش ست ولا غوريلا، دي وحش، كائن كله شعر حتى ف وشها، ولابسه حتة قماشة كده يدوبك مغطية جسمها، وبتزعق بكلام مش مفهوم.
– يعني بتتكلم وبتلبس هدوم، حتى لو قماشة، بس ده معناه..
=إنه كائن ذكي، أرقى من الحيوانات بس أقل من البشر، وح.وش، مفت.رسين، ممكن نقول زي سمك القرش ف مملكة البحور، “مرزوق” البطل قدر يصطادها، ضرب سهام مخدرة من مسد.سه دو.ختها ف ثواني، وشال جايزته وأخدها وخرج بيها من الجزيرة وعلى وطنه، على مصر.
حب.س الوح.ش جوه قف.ص من أقفا.صه واحتواه، احتوى ش.ره وشرا
سته، “مرزوق” لاحظ حاجة على الوح.ش ده، بيبقى ش.رس بشكل خاص في وقت معين من الشهر، ليلة القمر فيها بيكمل وبيبقى بدر..
“ترنيم” شهقت وقالت بصوت مهزوز ومرعب ف نفس الوقت لايق مع الأجواء اللي في الأوضة من أضواء شموع وصقيع:
-مستذ.ئبة.
سألها “إيساف”:
-إيه المستذ.ئبة دي؟!
ردت عليه بتحمس:
– المستذ
ئبين هم بشر عاديين، أو يبانوا عاديين، لكنهم بيتقلبوا لديا.بة مع اكتمال القمر في ليلة 14 في الشهر، بيبقى ليهم نفس صفاته بالظبط، نفس جسمه وجوعه ورغبته إنه ين.هش اللح.وم، وطبعًا لازم تكون حاجة حية عشان اللح.م يبقى طازة والد.م سخن، مش فارقة الكائن ده عبارة عن إيه، أي كائن بيتنفس هو فريس.ة محتملة، أنا كنت فاكرة إنهم إسطورة، بس أهو “مرزوق” قابل واص.طاد واحدة منهم.
=يجوز يا “ترنيم”، هو “مرزوق” مقالش لا مستذ.ئبين ولا غيره، هو قال إنها وح.ش من ضمن مجموعة الوح.وش بتاعته. والوح.ش الأنثى بتاعة الكهف المهجور في الجزيرة بقت زي الوح.وش الكاس.رة بتاعة جنينة الحيوانات، الأسود والنمور اللي بتعوي من ورا قف.ص من غير حول ولا قوة، والناس تيجي من هنا وهنا تتفرج عليها.
نيجي بقى للوح.ش التاني، النسر العملاق، أهالينا في الصعيد الجواني ف محافظة من المحافظات بلغوا سنة 1889 عن مشاهدات لطائر جا.رح بيحوم لما الضلمة تخيم، هم كانوا متعودين على الطيور المفت.رسة الضخمة اللي بتطير في السما بتاعتهم، الطيور اللي بتص.طاد حيوانات ويمكن كمان يكونوا خط.ر على الأطفال الصغيرين، المشكلة إن الطائر ده مكنش زيهم، على وصفهم كان أضخم بكتير منهم، في المرات النادرة اللي ظهر فيها في النهار كان بجمسه بيحجب الشمس ويقلب النهار ليل وده بسبب حجمه الضخم، لكن هو العادي بتاعه إنه يظهر بليل، كل ما الليل يغوط كل لما الخط.ر بيكبر ووصوله بيبقى أكيد، غير حجمه اللي زي ديناصور صغير، النسر كان بيهبط عالأرض، يلم أجنحته جوه ضهره ويمشي على رجليه الاتنين.
-يعمل إيه؟ يمشي على رجليه الاتنين ويلم جناحاته جوه ضهره؟!
=ده اللي قالوه أهل البلد لمرزوق.
-يعني ده برضه مش نسر طبيعي، مش طائر.
=ولا إنسان، حاجة ف النص، بتجمع ما بين الأو.حش في الاتنين، أو نقط القوة، حسب الزاوية اللي هتبص بيها على الموضوع، فيه دهاء الإنسان ورغبته في فرض السيطرة والحكم من خلال تخوي.ف الناس والتحكم ف تحركاتهم بحيث يعملوله 100 حساب وفيه شرا.سة الوح.وش، مخال.ب ونظر حاد خارق لطبيعة الإنسان وأغلبية المخلوقات التانية، يقدر يطير في السما ويقدر يمشي عالأرض.
-طب وده معناه إنه زي المخلوقات الأسطورية اللي بنسمع عنها؟ ممكن مثلًا يكون شخص طبيعي، حد من وسط الأهالي، حد الكل عارفه كويس وكمان بيثقوا فيه ويكون ليه حياة تانية سرية، بيقلب للمخلوق المر.عب ده وبيستمتع بالحياة المزدوجة المثيرة زي القت.لة المتس.لسلين؟
=ممم، مفيش تفاصيل كتير عن المسألة دي وصلت لمرزوق، هو بس الكلام اللي حكتهولكوا، وكمان إنه داير يصط.اد بني آدمين، في الواقع الحيوانات مكنتش بتشده تمامًا، لا بيصطاد جاموس ولا طيور ولا خرفان، بيصطاد بشر وبس، الند.اهة في القرية دي كانت بريئة من د.م الض.حايا، والمج.رم هو الراجل النسر زي ما أهل القرية سموه.
و”مرزوق” مكدبش خبر، حضر شنطة سفره المحندقة اللي جواها يدوبك كام هدمة وعدة الص.يد وراح على هناك، هو مكنش مصدق ف موضوع الراجل النسر، كان شايف إنها مجرد خرافة، حدوتة الناس بيتسلوا بيها، لكن برضه كان لازم يعمل حسابه، ميستهترش، ده اللي اتعلمه من مغامراته، كان مدرك إن لو الصياد استخف بفريس.ته الآية هتتقلب وهو اللي هيبقى الفريس.ة.
وصل وبقى مرابط في الأماكن اللي اتقال إن الناس شافت الراجل النسر فيها، فاتت ليالي وليالي والراجل النسر مظهرش، ولا حتى سمع رفرفته ولا شاف حاجة بتهبط من السما وبتلم جناحاتها، بس شاف حاجة تانية، كان خلاص ناوي يمشي، يرجع للقاهرة لما لاحظ واحد ف السوق، شاف لمعة غريبة ف عينه، والبؤبؤ لقاه بيتحرك بمرونة عالية، من أقصى اليمين لأقصى الشمال، غير عين أي بشري، حدسه قال له إنه هو ده، هو الوح.ش.
هج.م عليه ومسكه وسط ذهول الناس، الراجل فضل يص.رخ ويستن.جد وكان باين عليه مخض.وض جدًا وخاي.ف من “مرزوق” على أساس إنه راجل مه.بوش، عقله مش ف راسه، والناس اتجمعت من كل حته وبدأوا يشيلوا “مرزوق” من عليه وكمان سخنوا وكانوا هيض.ربوه عل.قة، “مرزوق” متراجعش وخرج من جيبه عص.اية بتتفك وتطول، الض.ربة بتاعتها حا.دة جدًا وبتل.سع، ووجهها ناحية الراجل، وهنا ملامح الراجل بدأت تتغير، وفقرات ضهره طقطقت بصوت مسموع للناس، وطى عالأرض وكتافه كانت زي ما تكون بتتحرك!
عينه لمعت أكتر وسنانه بقت حا.دة وفي جناحين خرجوا من ضهره، “مرزوق” نجح يخرج الوح.ش اللي فيه وده كان غرضه من البداية، يص.طاده على صورته الحقيقية وعشان الناس كلها تتأكد إنه هو الوح.ش كمان، وقبل ما يتحول تحول كامل ومحدش يقدر عليه “مرزوق” طع.نه بسك.ينة حا.دة ف مكان مش قا.تل عشان يخليه يتأ.لم ويش.ل حركته تمامًا، واص.طاد فريس.ته ورجع بيها على القاهرة..
-معقول راجل واحد قدر يعمل كل ده؟
=المفروض، ده قدر كمان يعمل اللي أكتر من كده، لسه قصة ص.يده للراجل الفيل.
أول ما خلصت جملتي، الشموع كلها اتهزت ف وقت واحد وكانت على وشك إنها تنطفي، كل الولاد اتهزوا وأنا كمان معاهم، سرحنا ف اتجاه نسمة الهوا اللي جت مرة واحدة، وبعد شوية بدأوا تاني يبصولي.
“نضال” قال:
-هو مفيش ابتكار خالص، أسماء الوح.وش كلها كده؟ الراجل النسر، الراجل الفيل..
=أهو بقى زي الرجل الوطواط والرجل العنكبوت، التفكير البشري واحد، في مصر بقى، ف كوالالامبور مش هتفرق، الراجل الفيل ده بقى حكايته حكاية، أمه كانت سا.حرة، ست بتمارس الس.حر الأ.سود، معندهاش لا ضمير ولا قلب، الناس ف منطقتها اتفاجئوا ف يوم إنها بتولد، وده عرفوه لإن الخدامة اللي عندها جريت على الداية وخلتها تروح تولدها، أصلهم كانوا مش بيتعاملوا مع السا.حرة دي خالص، كلهم بيتنفضوا منها، ست ش.رانية مش بتستحي ولا بتخ.اف ربنا، أذ.ت ناس كتير بأبش.ع الطرق، عيال كتير اختفوا وكان معروف مصيرهم، دب.حتهم عشان طقو.سها الشي.طانية، عشان تكمل تعاوي.ذها وأعمالها السف.لية، خلينا بقى في الولد اللي جابته، الداية خرجت من عندها بتجري أول لما الولد نزل والحبل السري اتقطع، بلغت أختها اللي بلغت جارتها اللي بلغت أمها اللي بلغت صاحب الدكان اللي جنب بيتهم اللي بلغ الشارع والمنطقة والمناطق اللي حواليهم إن الولد مهوش عادي، مهوش عيل زي بقية العيال، الواد عنده بدل المناخير زلومة.
-زلومة؟
=ايوه، وودان كبيرة مطرطقة، ممكن تدخل فيها زمارة بمنتهى السهولة وفرقة حسب الله كمان، وكام شعراية كده ف وسط الراس، الواد كان وشه يشبه الخالق الناطق الأفيال.
-وده حصل إزاي ده؟
رفعت كتافي ودلدلت شفايفي وقلت:
=الناس ليها نظريات طبعًا، يقال إنه..
اتنحنحت قبل ما أكمل:
=إنه الست دي من ضمن شعو.ذتها، سمعت كلام الشي.اطين اللي ملازمينها وكان ليها علاقة بفيل، مع طبعًا حبة تحابيش، طق.وس وحاجات عملتها خلت الأمر يتم وحملت بالراجل الفيل.. مش كفاية رع.ب الداية من إنها كانت بتولد أكتر ست شري.رة عرفتها المنطقة، لأ المنطقة إيه، التاريخ كله، كمان تلاقي في وشها كائن لا هو ولد زي باقي الولاد ولا بنت، كيان شيط.اني من كيان شيط.اني، يوم واحد عاشته كان كافي إن خبر الراجل الفيل ينتشر في المدينة كلها، لإنها مكملتش، اليوم اللي بعد كده لقوها متمرغة في بركة من د.مها وعينيها مق.لوبة وبؤب.ؤ عينيها ضايع.. وبدأ ر.عب المدينة من الراجل الفيل، إن كنتوا فاكرين إن العيال اللي خط.فتهم الس.احرة كانوا كتير فإنتوا غلطانين، عشان الراجل الفيل بقى يكسح الشوارع من العيال كإنه فرع.ون مو.سى اللي طلق حراسه يدب.حوا في الرضع اللي ملهومش ذنب ولسه موعوش على الحياة عشان يفق.دوها، الناس بقت تخ.اف تخلف، واللي حصل وحملت كانت بتهج من المدينة، تسافر وتولد إبنها ف مكان تاني ويا تفضل معاه هناك يا تسيبه عند حد من المعارف أو حتى ميتم، المهم مترجعش بيه، فاتت ال30 سنة من ساعة ولادته والمدينة مش لاقية لسه الأمان، لحد ما حد منهم سمع عن “مرزوق” والمكان بتاعه اللي مجمع فيه الوح.وش، خد بعضه هو وعدد من السكان وراحوا لعنده واستنجدوا بيه.
-و”مرزوق” ساب كل حاجة في إيده وراح على المدينة عشان يص.طاد الراجل الفيل وينقذ السكان منه..
=هو ده اللي حصل يا “هديل”، كالعادة ومع كل نداء من حد مظ.لوم أو خبر عن كائن خارق للطبيعة “مرزوق” مبيتأخرش ، الحمد لله إن أم الراجل الفيل كانت ما.تت بقالها سنة، يعني المواجهة كانت ما بين “مرزوق” والفيل وبس، المشكلة المرة دي إنه مش بس في مواجهة وح.ش، ده وح.ش بيم.ارس الس.حر، زيه زي أمه، ولما راح على وكر الس.حرة، البيت اللي محدش بيقربله مقدرش يدخله وده عشان كل ما يقرب من الباب تظهر حفرة من الن.ار على عتبته وكل ما يبعد كام خطوة الحفرة تتقفل، ده غير عيدان الورد اللي مليانة أش.واك واللي شافها بتكبر قدامه وبتتلف حوالين الشبابيك، يعني البيت قدامه بقى زي ثغرة عدو في معركة، هنا بقى قال مبدهاش، المرة دي مينفعش يبقى لوحده، راح للأهالي وطلب منهم مساعدتهم وهم خذلوه، مش عشان أندال، عشان خايفين من الوح.ش، وعندهم حق، ده مش بس مفت.رس، ده كمان وارث شيا.طين أمه وبيم.ارس الس.حر..لكن هو مستسلمش وفضل وراهم، لحد ما كذه واحد من الأهالي وافقوا يساعدوه.
-هو أنا ليه حاسس إن القصة دي مدية على شمس الزناتي؟
=مع اختلافات بسيطة، إن الموضوع مش مح.تل ضد أهل بلد، ولا اللي بيواجهوه بشري أساسًا، دي مع.ركة بره المنطق كله.
اللي حصل إنهم وصلوا لخطة، إن يبقى فيه طُ.عم، طفل صغير يمشي يغني بالقرب من بيت الراجل الفيل، والراجل الفيل يخرج ليه عشان يستدرجه لبيته وفي الوقت ده “مرزوق” والكام واحد اللي معاه يتسللوا للبيت ويستنوه هناك ويعملوا معاه الواجب، اصلكم متعرفوش قد إيه الأطفال كانوا مهمين للراجل الفيل ولأمه من قبليه، كل ما يبقى في ض.حايا منهم كل ما يزدادوا قوة والش.يطان يقدملهم كنوز الدنيا يغرفوا منها غرف.
-وأكل الط.عم؟
=أكل الط.عم، و”مرزوق” واللي معاه قدروا يدخلوا من غير ما يبقى في خنادق نا.ر ولا أش.واك على الشبابيك والحيطان، بس المرة دي القصة نهايتها مكنتش حلوة، الأبطال الشجعان الطيبين منجيوش والوح.ش متكس.رش، الوحيدين اللي نجيوا هم “مرزوق” والطفل اللي كان طُع.م، كل اللي كانوا معاهم ما.توا وبأبشع طريقة، “مرزوق” مرضاش يحكي تفاصيل، مقالش الموضوع إزاي حصل بالظبط، النتيجة ببساطة هو إن بطريقة ما ال9 اللي كانوا معاه رقبتهم ط.ارت، الراجل الفيل نجح يا بسحره بقى يا بعضلاته إنه يفص.ل رؤوسهم عن أجسامهم وده لما رجع البيت وحس علطول بوجودهم، و “مرزوق” بالعافية قدر يمسكه ويخ.دره وينقله معاه القاهرة..
يتبع
الجزء الثاني والأخير
وبكده بقى في مجموعة محترمة من الو.حوش مع “مرزوق”، أهمهم وح.ش الكهف والراجل النسر والراجل الفيل، وهم وغيرهم اتحكم عليهم بالشغل في سيرك متنقل ، السيرك بتاع “مرزوق”، والناس من كل حتة في مصر وبراها كمان بقوا ييجوا عشان يتفرجوا على عرض المس.وخ.. الملفت إن المس.وخ بقوا زي القطط، عجينة في إيد “مرزوق” ومتدربين على سنج.ة عشرة، واللي خلى الناس تيجي بأعداد رهيبة مش بس العرض في حد ذاته، دي كمان القصص بتاعة كل وح.ش فيهم واللي “مرزوق” حرص إنها تتنقل وتوصل لأكبر عدد.
-يااه يا ميس “هايدي”، معقول القصة دي حقيقية، كل ده بجد حصل؟
=ولا حاجة من دي حصلت، كل القصة دي مزيفة!
الولاد بصوا لبعض في ذهول، عنيهم وسعت عالآخر، وبوقهم اتفتح..
=تعالوا بقى احكيلكم القصة الحقيقية.
مرة من المرات “مرزوق” كان قاعد بالقرب من شباك أوضته، وقتها مكنش كمل ال12 سنة، شاف من شباكه الصغير واحد من المتس.ولين، كان أحدب، ضهره محني بزاوية 90 درجة، ملامحه غريبة شوية، عنيه شبه مقفلين من سوايل جواهم، وبوقه أبيض ووشه معضم وشاح.ب، وده كله طبعًا بسبب الفق.ر الشديد، في الغالب عينه فيها مادة كده ومحتاجة تدخل طبي وبوقه أبيض من قلة الغذا، وكذلك عض.م خدوده البارز ، كان ممكن شكله يتغير تمامًا لو بقى معاه قرشين وعالج الأنيميا الشديدة اللي عنده ومشكلة عنيه، وهنا جت ف دماغ “مرزوق” فكرة جه.نمية، فكرة هتفتحله طاقة القدر وتخلي خزاين قارون تحت إيديه.
الفكرة هي عروض سيرك، برضه فيها عروض لحيوانات شر.سة بتستجيب للقائد الهمام اللي هو طبعًا، لكن شكل الحيوانات هيبقى مميز، مش اسود ونمور ودببة، لأ، بني آدمين هيوهم الجمهور بإنهم مخلوقات نادرة، وح.وش، شبه الراجل الأحدب الغلبان كده، ومن سن صغير بدأ يعمل دراساته ، يدور على أخبار الناس المولودة بسمات تخلي أشكالهم مختلفة والناس بتخ.اف منهم أو بتبعد عنهم، “مرزوق” اكتشف إن الحالات دي موجودة وأكتر مما يتخيل، وبدأ التنفيذ العملي لما بقى عنده 16 سنة بس.
في البداية نص.ب خيمته وبقى يلزق ورق على الخيمة ويوزعه في الطرق والحواري، كلام عايم كده عن مغامرات ليه ووح.وش بيصطادها، كائنات محدش يتصور إنها موجودة ما بينا وبتشكل خطر علينا، وقدر فعلًا يجذب انتباه الناس وبقوا مستنيين يشوفوا المخلوقات دي، مستنيين افتتاح السيرك..
أول ضح.اياه كان الراجل الغلبان اللي اتولد بمتلازمة راس الطير، كان عنده اضطراب جيني بيعمل خلل ف نمو الراس، شكلها بيبقى صغير بشكل ملفت بالنسبة للجسم ، الفك برضه صغير والمناخير شبه المنقار والعيون كبيرة والودان مدلدلة، ده غير إن نص الوش بيبقى مش متطابق مع النص التاني والأسنان شكلها مش متناسق، الجسم كمان بيبقى قليل وباقي الأطراف.. “نجم” كان بيعاني بالإضافة للمتلازمة دي من خلل عقلي، قدراته العقلية واستيعابه وقفوا عند سن ال3 سنين، يعني كان طفل ف جسم واحد بالغ عنده 35 سنة، ولما “مرزوق” سمع عنه راحله وعمل عرض لأهله، إنه يديهم مبلغ كويس في مقابل إن “نجم” يشتغل معاه في السيرك وقال لهم إنه هيعيش عيشة كريمة، ياكل كويس وينام في مكان نضيف ومش هيضغط عليه في الشغل، العروض بسيطة ومش محتاجة مجهود، هو الحقيقة مكنش محتاج يعمل النمرتين دول عليهم ولا يقول الخطبة دي، هم كانوا مستعدين يبيعوا ابنهم مقابل الفلوس اللي قبضوها من غير أسئلة وتحقيق ووجع دماغ، بالعكس حسوا براحة ما بعدها راحة إن “نجم” اللي شايفينه هم تقيل هينزاح من عليهم، ومكنوش ناويين يسألوا عليه أو يعرفوا أراضيه..
وبما إن “نجم” بريء ومستحيل كان ييجي في باله إنه اتباع على أساس إنه سلعة وهيفضل سلعة لسنين قدام فاتعلق ب “مرزوق” وبقى يقول له “بابا مرزوق” لكام شهر، لحد ما “مرزوق” جمع مجموعته وافتتح السيرك وبدأت العروض..
“نجم” مكنش عنده فكرة إن “بابا مرزوق” قال عنه “نسر الصعيد” المخلوق البش.ع المفت.رس اللي خ.وف قرية الصعيد لليالي وليالي وافت.رس البشر، العواجيز منهم والأطفال لحد ما جه سندباد عصره وأوانه واصط.اده وح.بسه جوه خيمته..
في العروض الخاصة ب”نجم”، “مرزوق” ركب ليه أجنحة بلاستيك مزيفة على ضهره الصغير، الأجنحة كانت باينة جدًا إنها مش حقيقية، متلزقة بشكل بائس على ضهر الطفل البريء، مش عارفة هل فعلًا الناس اتخد.عت ولا كانوا مدركين كويس أوي إن الجناحات زيها زي القصة مزي.فة، ومكنش فارق معاهم؟ المهم العرض اللي هيتمزجوا منه..
المهم إن “مرزوق” درب “نجم” إنه يفضل يتمشى عالمسرح ويقرب من كراسي الناس، والناس طبعًا تبقى خاي.فة وتص.رخ وتضحك ف نفس الوقت، توتر بقى ممزوج بحماس، اللي الجمهور ميعرفهوش إن “نجم” حركته كانت متقيدة، مكنش هيتحرك لأبعد من كده، كل خطواته كانت محسوبة بناء على توجيهات “مرزوق” وده عشان جناحاته كانت مربوطة بخيوط بيضة رفيعة مش باينة للناس، لإن بعد مرحلة تخوي.فهم بفقرة المشي كان بيترفع لفوق، ويبان إنه طاير، قال يعني، وهو لا بيطير ولا ن.يلة، كان بيفضل متثبت ف مكان معين فوق، لا بيقدروا يحركوه يمين ولا شمال، وبس، جناحاته تبقى مرفرفة والناس صر.خاتها تعلى وتعلى، تحسوها كده خدعة سينمائية فاش.لة ومضحكة من بتاعة أفلام السبعينات، والناس تيجي وتدفع، وتكرر زياراتها والمسرح يتحجز بالكامل ويجيبوا كراسي على الكراسي عشان الطلب أكتر من العرض بكتير، مهزلة!
أما بقى بالنسبة للراجل الفيل، فده حالته كانت مختلفة، الراجل كان إسمه “عبد التواب” كان عنده متلازمة “بروتيوس”، وده اضطراب جيني بيتسبب في النمو الزايد في الأنسجة والعضم والجلد، عبد التواب اتولد طفل طبيعي، جميل، ملامحه مسمسمة، بس بعد 3 سنين ملامحه بدأت تتغير، شفايفه كبرت، وجلده اتحول من اللون الوردي للرمادي، وفي كتلة ظهرت ف أورته، وأكياس دهنية في رقبته من ورا، ورجليه بقوا ضخمين، والناس اللي مش بترحم سموه “الولد الفيل”، أبوه وأمه كانوا مص.دومين، هيم.وتوا من القلق عليه، لفوا بيه على كل الحُكما ومقدروش يعالجوه أو حتى يشخصوه، في الوقت ده المرض مكنش لسه اتعرف والطب احتار فيه..
وبرغم حز.نهم الشديد عليه كانوا لسه شايفينه أحلى ولد في الدنيا وبيعاملوه بحنية وحب ومش بيبخلوا عليه بحاجة، لكن شاء ربنا إن الأب يم.وت وبعد كام سنة الأم تلحقه، و”عبد التواب” يبقى وحيد في عالم قاسي بيترصد ليه ومستني الفرصة عشان يأ.ذيه، بشكل ما انتهى في ميتم، عاش هناك ييجي 10 سنين ، من سن 10 ل20، وبرضه صاحب الميتم كان راجل طيب وبيحبه جدًا زيه زي الأطفال والمراهقين التانيين اللي في الميتم، عشان كده لما “مرزوق” راح الميتم وطلب يقابل صاحبه وعرض عليه إنه ياخد “عبد التواب” ويسيبله قرشين يعيشوه كويس ويخلوه يقدر يصرف على الولاد التانيين في الميتم، رفض بشكل قاطع، وكان عن.يف معاه وطر.ده.
“حسن طنطاوي” صاحب الميتم كان راجل على قد حاله، كريم بالخير وبالحنان اللي عنده بس جيبه فاضي، وبسبب ده هو والولاد اللي اتبناهم ولمهم من الشارع كانوا بيعانوا من الجوع والظروف الصعبة، ومع ذلك مفيش حد منهم عمره اشتكى، كانوا ممتنين جدًا ليه ومبسوطين بعلاقتهم بيه ومعتبرينه الأب الروحي بتاعهم ومبسوطين بعلاقتهم ببعض، لقوا في بعض إخوات، علاقة أقوى من علاقتهم بإخواتهم الحقيقين، لكن للأسف “عبد التواب” اللي سمع عرض “مرزوق” وكلامه مع “حسن” من غير ما يخدوا بالهم شاف إن دي فرصة لإخواته في الميتم و”لحسن” عشان يتنفسوا، يعيشوا عيشة نضيفة، حس إنه لازم يرد الجميل، جه الوقت يدفع مقابل كل اللي خده ببلاش في السنين اللي فاتت، مقابل الحب والحنان والتقبل، والضحكة في وشه كإنه أجمل إنسان في الكون.
الصبح بدري ومع أول شعاع للنور اتسلل بره الميتم، أخد الهدمتين اللي عنده وراح على السيرك، “مرزوق” مكنش مصدق نفسه لما شافه، طار من الفرحة، و”عبد التواب” شرط عليه قبل ما يشتغل معاه يبعت الفلوس اللي كان عارضها على “حسن” للميتم.
“عبد التواب” كان مدرك إن الدنيا مش بمبي، وإن الراجل اللي إسمه “مرزوق” مش سا.لك، وناوي يستغله في عروض غير إنسانية بالمرة لكن مكنش متخيل إنه هيطلع عليه إنه إبن ساح.رة وفيل وإنه ورث السح.ر من أمه وبيخ.طف العيال ويقدمهم قراب.ين عشان طقو.سه وكمان ق.طع رؤوس مجموعة من الناس لوحده من غير ما يقدروا يقاوموه.
العرض بتاع “عبد التواب” كان بسيط، زيه زي الحيوانات المفت.رسة، بيقعد بوضعيات غريبة ويخرج أصوات كإنه عايز يها.جم “مرزوق” و”مرزوق” يض.رب بكر.باجه الضخم على الأرض ويفضل يزع.ق فيه وهنا “عبد التواب” يبدأ يتراجع ويكش وفي الآخر ينفذ أوامر “مرزوق” كإنه كلب مطيع.
-يا ساتر، إيه الراجل ده يا ميس؟
=ولسه.. ضح.ايا “مرزوق” كانوا كتير، وعدد كبير منهم ما.توا من قسوة التدريبات والإهمال والضغط عليهم وهم عيا.نين والعقاب بالحرم.ان من الأكل والاكت.ئاب وغيره، ده غير اللي حاولوا يهربوا وبشكل ما لقوا جث.ثهم متش.وهة ومر.مية في الطريق.. نيجي بقى لوح.ش الكهف، اللي قال إنه لقاها في كهف على جزيرة وقدر يصط
ادها دونًا عن عشيرتها اللي كانت معاها في الكهف وطبعًا كانت وح.ش رهيب بتتغذا على البني آدمين ومعندهاش رحمة، الست دي كان إسمها ” ذكية”، اتولدت بمرض فرط نمو الشعر وبسببه شعرها كان كثيف وموجود في كل حته في جسمها، حتى وشها، وطبعًا مش محتاجة أقول إنها ولا كانت على جزيرة ولا في كهف وعشيرة ولا يحزنون، هي كانت إنسانة طبيعية جدًا بتعاني من المرض ده، وعشان كده عادي يعني كانت بتلبس وبتتكلم وبتفكر، معندهاش نقص في قدراتها العقلية، وإبن اللذينة اللي إسمه “مرزوق” مكنش هيخليها تفلت من إيده طبعًا، راح على أمها اللي ضميرها معد.وم واشتراها منها بشوية فلوس مهما كترت قيمتهم فهي قليلة مقابل روح وكيان بني آدم.
” ذكية” كانت إسم على مسمى، “مرزوق” فكر في فكرة بالنسبة لعروضها وهي إنه يوري الناس إنه روضها وخلاها أشبه بالبني آدمين ، وعشان العروض دي تنجح جابلها مدرسين من جنسيات مختلفة، أصل الوقت ده مصر كانت مليانة فيه أجانب من كل جنسية، تلاقوا الطلياني واليوناني والأرميني، وبكده ” ذكية” اتعلمت 3 لغات في كام سنة بس، ده غير دروس الإتيكيت اللي أخدتها وذوقها العالي في اللبس، وبقت “ذكية” “الليدي “ذكية”، والمفاجأة إن الناس بقت تيجي تتفرج عليها عشان حبتها، مكنتش بالنسبة ليهم عرض من عروض المسوخ، كانت إنسانة راقية ومثقفة وحالة استثنائية، كون إنها اتولدت وح.ش واتحولت لسيدة مجتمع، “مرزوق” مكنش يقصد كده، متخيلش تأثيرها على الناس، وده حسسه بالتهد.يد، خاف تطالبه بحريتها وهي بالذات مكنش يقدر يأذ.يها، لو حصل لها حاجة الناس مكنتش هتسيبه، أو مثلًا حد تاني، صاحب سيرك أو تياترو ياخدها منه بعرض مغري توافق عليه، عشان كده قرر يتجوزها..
-وإزاي قبلت بعد اللي شافته منه؟
=الست بقى لما تتدهول وتحب، قال إيه أقنعها إنه وقع في حبها، وإن حبها غيره، ومن هنا ورايح مش هيبقى قاس.ي لا معاها ولا مع باقي اللي بيشتغلوا في السيرك، والمسكينة صدقت وآمنلتله ولنواياه، والعروض استمرت زي ما هي بعد الجواز، مريحهاش ولا يوم لحد ما حملت وخلفت، “مرزوق” وشه نور لما شاف الولد وده عشان طلع عنده نفس اللي عندها، الولد نزل كله شعر، وفرحة “مرزوق” أكيد مكنتش عشان بقى عنده إبن من صلبه وهيشيل إسمه ويبقى سند والكلام ده، فرح عشان الوزة جبتله بيضة دهب، فلوس كتير تانية هيكسبها، الولد وأمه هيعملوا عروض مع بعض، والجمهور هيكبر وجيبه هيتقل، لكن نأبه طلع على شونة، والواد مكملش يوم وم.ات و” ذكية” حصلته عشان صابتها حُم.ى النفاس، وبكده خس.ر الوزة والبيضة الدهب، طبعًا اكتئ.ب جدًا، مش عشان خسر مراته وابنه، عشان خسر المصدر الرئيسي لثروته، لكن “مرزوق” هيغلب؟ قابل دكتور أجنبي جه في عرض من عروضه، عشان كان مهتم بالطفرات الجينية اللي كانت عند كل مقدمي العروض، ” ذكية” مكنتش لسه اتدفنت، أصل العرض ده كان ليلة مو.تها، وأكيد مكنش هيسيب عرضه ويدف.نها!
المهم إنه قعد مع الدكتور، والدكتور عرف منه حالة ” ذكية” وإنها ما.تت، فعرض عليه يشتري ج.ثتها وج.ثة إبنها ويح.نطهم عشان يتعرضوا في متحف في البلد بتاعته وأكيد “مرزوق” وافق بكل سرور.
ودي كانت القشة اللي قصمت ظهر البعير أو ظهر البعيد صاحبنا!
الموضوع اتعرف وفي حالة من الغضب والتم.رد انتشرت وسط زمايلها، الراجل الفيل والراجل النسر وغيرهم، واللي زاد وغطى إن “مرزوق” بعدها بأقل من شهر اتجوز واحدة حالتها زي ” ذكية” بالظبط، ضحك عليها ووهمها إنه حبها وعايزها تبقى شريكته في البيزنس بتاعه وحرفيًا عمل لها مص.يدة وحب.سها في قفص أو نقول أوضة من أوض السيرك عشان تنضم لمجموعته..
-هو الراجل ده ملوش كبير؟ محدش قادر عليه؟
=الم.وت، الم.وت قدر عليه، “مرزوق” في يوم صحي في منتهى النشاط والتحمس، كان حاسس إن الليلة دي هتبقى مميزة، الجمهور هيبقى أكبر من أي عرض تاني، هيجيله عروض وصفقات وهيوصل للعالمية، وده خلاه يطلع ويمشي على الحبل، طلع عليه بكل ثقة، فضل ماشي بحرفنة، لحد آخر كام خطوة وبعدين اتزحلق ووقع على جدور رقبته ورقبته وعضمه اتكس.روا لما جسمه خبط في الأرض.
-يااه، أول مرة أبقى مبسوط بم.وت حد، لأ وإيه هو اللي جنى على نفسه وراح للم.وت برجليه!
=اه يا نضال، بس هو مراحش للم.وت، مش هو ده اللي حصل.
-نعم؟!
=ده اللي اتقال، يعني هل يعقل ميصر.خش وهو بيقع؟ محدش من حوالين السيرك أو العاملين فيه قال إنه سمع صوت صري.خ و”مرزوق” بيقع، ده غير إن مش بس عضمه اللي كان متفشفش، دي جم.جمته كمان، وكان في كد.مات في كل حته في جسمه وأثر ضر.بة بجسم تقيل في راسه من ورا وآثار خ.نق على رقبته، تعرفوا تقييمي إيه؟ العدالة أخدت مجراها، كل واحد، بمعنى كل واحد شغال في عروض السيرك شارك في قت.له، أتخيل إنهم دخلوا كلهم عليه مرة واحدة بما فيهم مراته الجديدة، وكلهم ض.ربوه، وفي اللي رفع حديدة وضر.به بيها على راسه والراجل م.ات علطول، شالوا جث.ته وطلعوا للحبل بالسلم اللي بيوصل ليه ورموه عشان يبان إنه اتزحلق من عليه وم.ات، ويمكن أكون غلطانة، الله أعلم.
الراجل ده كان مسمي عرض السيرك المتحرك ب”عرض المس.وخ” على أساس إن أصحاب العروض مس.وخ مش بني آدمين، والحقيقة إنه هو بنواياه وإنعدام ضميره اللي كان مس.خ ، ده مكنش عنده ربع إنسانيتهم، المفروض كان يتسمى عرض الم.سخ، “عرض مرزوق الم.سخ”…