الخاتمة….
كشف المستور..
توجه أحمد مسرعا للمقابر دون أن يخبر والدته بشيء وقف بين القبرين ثم قرأ الفاتحة لهما و جثى على ركبتيه ينظر لقبر منى محدثا إياها و هو ممسك بطرف القلادة : ليه يا منى ؟ نفسي اعرف سر إصرارك إني مخلعش السلسة دي من رقبتي أبدا؟؟ كنت حاسس انك مخبية حاجة عني بس كنت فاكر ان ده من حزنك على والدتك و خايفة أبعد عنك تقومي انتي الي تسيبيني؟! آاااااه يا حبيبتي ملحقتش أعوضك عن حرمانك من حب عيلتك ولا قدرت أعرفك أنا بحبك قد ايه..كان نفسي نكمل حياتنا مع بعض بس القدر كان أقوى مننا، بس قلبي بيقولي ان الحلم الي بيتكرر معايا من بعد وفاتك ده له معنى كبير أو اشارة منك لحاجة معينة ، بس ياترى ليه كنتي طالبة أني أسامحك وليه ضربتيني بخنجر ؟؟؟ أسئلة كتير أوي مش لاقي لها تفسير ولا اجابة نفسي أرتاح و أعرف ايه الي حصل معاكي من ورايا .
ليسمع صوتا من خلفه قائلا : تفتكر يا أحمد لو عرفت هترتاح والا هتتعذب اكتر؟؟ لينظر خلفه مسرعا اتجاه صاحب الصوت فيرى رجلا بملابس بيضاء قد خط الشيب شعره و ملامحه مريحة للنفس و تفوح منه رائحة كالمسك ، فابتسم كل منهما للآخر و اقترب أحمد من ذلك الرجل و سأله : انت مين؟ وعرفت اسمي منين ؟ ليمسك الرجل بيده و يأخذه بعيدا عن قبر منى و يضع إصبعه على جبين أحمد ويطلب منه إغماض عينيه لحظات و ما أن نفذ أحمد ما قاله حتى رأى أمامه ماحدث كأنه شريط سينمائي منذ زيارة ماجدة و منى للشيخ هارون و حتى وفاتها ، ليفتح عينيه فزعا بعد أن أبعد العجوز إصبعه عن عيني أحمد فوجده يبكي فراقها ثم نظر اليه مستفسرا : انت عرفت كل ده ازاي؟؟ انت من طرفه صح ؟ ليبتعد عدة خطوات للخلف كأنه يبحث بعينيه عن شيء يحمي نفسه به فوجد العجوز يبتسم له قائلا : بتدور على ايه تحمي نفسك بيه و انت محصن نفسك بكلام الله يا أحمد؟ انت ناسي انك شايل حوالين رقبتك آيات قرآنية تحصنك من أي شر؟؟ تفتكر انا مبعدتش عنك ليه ولا اتاذيت من السلسلة دي؟؟
لينظر اليه غير مصدق لما يدور حوله لكنه لم يجد إجابة سؤاله ليكف عنه العجوز عناء التفكير مجيبا تساؤلاته : عشان أنا من خدام السور القرآنية الي انت متحصن بيها يا ابني.. و جاي أساعدك عشان تخلص من الشيطان الي قتل مراتك ووالدتها ، هتقدر تقف قصاده والا لاء؟؟
ما هذا؟؟ هل يحلم مرة أخرى أم انه يشاهد فيلما خياليا تجسدت أحداثه أمامه؟؟ لكنه عزم أمره و استجمع شجاعته و قرر مساعدة العجوز في الانتقام من قاتل زوجته و حبيبته منى فاقترب منه و سأله : اخلص من شره ازاي؟؟ أعمل ايه ؟ صحيح اسمك ايه الاول؟
ليجيبه بابتسامة صافية : ممكن تناديني ب مالك ، الطريقة باة للخلاص منه هتفضل لابس السلسلة دي طول الوقت و اوعى تخلعها من رقبتك ابدا الا و انت داخل الحمام و باذن الله هحصنك و احصن بيتك ووالدتك و هزود تعزيمة التحصين ف السلسلة ، بس الاهم دلوقتي انك تخلي ده في جيبك واخرج من ملابسه خنجرا ابيض اللون رأسه كالهلال نقش عليه آيات قرآنية ، وطلب منه أن يخبئه في ملابسه فهو السلاح الوحيد للقضاء على هارون و خدامه و اذا ما اضطر لمواجهة هارون يجب أن يطعنه في قلبه حتى يقضي على شره هو ومن معه ، لكن قبل ذلك وجب عليه أن يكون قوي الارادة مؤمنا أن لا شيء يحدث الا بارادة الله.
ثم انصرف مالك لبيت أحمد حتى يقوم بقراءة التحصينات عليه ويغلق أي منفذ يمكن أن يفلت منه أحد خدام هارون ، و انقضى يومان و ذهب أحمد لقبر منى في نفس التوقيت الذي داهمه فيه الكابوس ، انها الآن الثانية صباحا و من حسن حظه أن مالك حصن قلادته بحيث لا يشعر هارون و أعوانه بوجودها ، وبينما أحمد ينتظر مكانه ظهر أمامه عدوه اللدود مبتسما بانتصار فقد تصور أنه على وشك الفوز بقلب أحمد كقربان لسيده ، اقترب منه و ناداه بصوت مرتفع: أهلا أهلا بيك يا أحمد أخيرا كل ده انتظار! كويس انك جيت لوحدك وفرت عليا الي كنت ناوي اعمله عشان أجيبك هنا. لينظر اليه بحقد دفين و عينين تستشيط غضبا و كرها له و لأمثاله ، فحاول هارون أن يلقي بضع كلمات تؤثر عليه ليستطيع السيطرة على عقله و طعنه بسهولة لكن مالم يكن بالحسبان أنه لم يستطع اختراق عقله و روحه بكلماته فعلم أن هناك شيئا ما حدث دون علمه فأخرج خنجره المرصود و قرر خوض المعركة بنفسه دون سحره مستغلا قوته البدنية فصرخ بوجه أحمد قائلا بوحشية: محدش هيحميك مني انت فاهم هقتلك يعني هقتلك ، قلبك و روحك هيكونوا ملكي و هقدمك قربان للمارد الأعظم لازم اخلص منك .. ليركض باتجاه احمد والخنجر في يديه و الجمرتان في رأسه تتوهجان بشكل مخيف فيخرج أحمد خنجر مالك ويدافع به عن نفسه و يتقاتلان وكلما اصطدم الخنجران ببعضهما يتطاير شرر من النار حولهما كأنها ألسنة من اللهب بقيا فترة هكذا حتى أنهكت قواهما وفجأة يخرج قلادته و يضعها بوجه هارون ليسقط خنجره صارخا بصوت رهيب يصم الآذان و كأن نارا شبت بجسده و كلما قرأ أحمد الآيات المنقوشة فوق القلادة يصرخ هارون أكثر و أكثر لتكون فرصة أحمد بالانقضاض عليه و غرز الخنجر في قلبه وهو يردد : عليك اللعنة ليوم الدين ..عليك اللعنة ليوم الدين. هتفضل مطرود من رحمة ربنا للنهاية.. ف تتعالى صرخات هارون تشق المكان حولهم وهو ينهار و تسيل منه دماء سوداء رائحتها مقززة فتضعف قوته شيئا فشيئا حتى احترق مكانه و اختفى معه خنجر مالك ، فظهر بعدها العجوز الطيب أمام أحمد قائلا : خلي بالك من نفسك يا ابني و اوعى ف يوم تتخلى عن حصنك المنيع طول مانت ايمانك بالله قوي و محصن باسمه الاعظم هتفضل في أمان باذن الله ، دوري انتهى لحد كده بس دايما هكون قريب منك ..في رعاية الله يا ابني ف رعاية الله ..ليختفى في لمح البصر كطيف من نور داخل تلك القلادة فيبتسم أحمد لذلك حامدا الله على أنه استطاع القضاء على هارون و شره وقبل أن يخرج من المقابر لمح حمامة بيضاء بجانبها شيئا يلمع فوق قبر منى فاقترب منها بحذر حتى يرى ماهذا الشيء ، ليجده خنجر مالك الذي طعن به هارون و منقوش عليه آيات التحصين ، فلمسه بيديه ليشعر بطاقة تملأ جسده بالراحة ، تلك كانت هدية و وسيلة دفاع معه أو ربما حتى يتذكر دائما أن يبقى على طريق ذكر الله و لا ينس وصية مالك أبدا.
فأخذه ووضعه في جيبه و ألقى نظرة أخيرة على قبر منى ليودعها بابتسامة تملأها الدموع حزنا عليها و قرأ الفاتحة لها ثم ودعها وهو يدعو لها بالرحمة و المغفرة..
بعد مرور 4 سنوات …
يجلس أحمد مع والدته فاطمة في شقة كبيرة و يلاعب ابنته منى ذات الثلاثة أعوام فقد رزقه الله إياها بعد زواجه من زميلة بالعمل و أسمى ابنته على اسم منى عرفانا منه بفضلها و تضحيتها بحياتها مقابل حمايته ، فكلما تذكرها يلمس قلادتها و يقرأ لها الفاتحة ..
النهاية ***