قصص

قصة الحاله طارق

بعد تحقيقات استمرت لوقت طويل، سيادة الرائد ماطلعش بـ ولا معلومة مني، كان ممكن اعترف بـ حاجة ماعملتهاش واريح نفسي من الألم، كان ممكن أسلملهم دماغي يعملوا فيها اللي هم عايزينه، لكن صوت الهمسات رفض لما سمعته وقت ما حس إني هسلّم وقالي:
-أنا معاك يا طارق، أنا جوة وانت سمحتلي بالدخول، كمل يا طارق.. كمل.
هنا حسيت ان موت امي كان جسد مش روح، حسيت انها معايا وبتحميني، بترشدني أعمل ايه وبتنصحني للطريق زي ما كانت بتعمل طول حياتها معايا، عشان كده صدقت واستحملت، مشيت ورا الصوت زي ما مشيت ورا امي سنين، واللي خلاني أثق فيه أكتر وأكتر واصدق انها فعلا امي، هو اللي حصل لما هبة فاقت والشرطة حققت معاها، هبة اعترفت بـ اللي حصل، قالت اني كنت بعيد عنها لما وقعت من طولها لوحدها من غير ما حد يلمسها، طبعا سيادة الرائد ماصدقش وفضل مقتنع اني السبب، خاصة إن الدكتور المُشرف على حالتها أكد بـ إن حد هو اللي عمل كده وعن قصد، لكن كله فشنك قصاد أقوال هبة اللي أنا وانت يا دكتور عارفين سببها، والسبب هو.. الصوت وصاحبة، أو زي ما بقيت بسميه من يومها، صوت أمي.
بعد ما أفرجوا عني، صوت امي همس في ودني وطلب مني اروح لهبة المستشفى، من غير تفكير مشيت ورا كلامها وروحت، أول ما وصلت وفتحت باب الأوضة، هبة اتعدلت على السرير وضمت شفايفها بخوف، اتكمشت مكانها وهي مرعوبة، كل ده وهي ساكتة، خايفة، مش قادرة تتكلم ولا تنطق، ساعتها صوت أمي الغريب رجع يهمس وكسر حاجز الصمت، سمعتها وهي بتقولي:
-طلقها يا طارق، هي خلاص فهمت وخدت جزاتها.
بمجرد ما الصوت سكت، نطقت أنا بطلاقها وبالتلاتة، بعدها طلعت من الأوضة بهدو، وقتها هبة كانت بتراقبني من بعيد، كانت مستنياني أطلع عشان تقدر تاخد نفسها، أو ده اللي كنت فاكرة، لإني بمجرد ما خرجت، شوفت راجل تاني داخلها، استغربت لإن هبة مقطوعة من شجرة، كمان شكل الراجل ماكنش غريب عليا، كنت فاكر اني شوفته في حتة قبل كده، ومع تفكير طويل، ماوصلتش انا شوفته فين، وهنا جه دور صوت أمي لما رجع يهمس في ودني بكلمة واحدة اتكررت كتير:
-الحلم.. الحلم.. الحلم.
الصوت كل مادا كان بيزيد قوة، كإنه بيأكد عليا وبيفكرني بحاجة حصلت، واللي حصل كان اني حلمت حلم ماكنتش فاكرة، والأغرب من كده، اني افتكرته دلوقتي وفي اللحظة دي، كنت في شقة مضلمة، الراجل الغريب كان قاعد في اوضة وقدامه بخور، كان ماسك ورقة في ايده وبيكتب عليها كلام مافهمتوش، بس عينيه اللي ماليانة شر وهو بيكتب الكلام اكدتلي ان اللي بيعمله مش خير، واللي أكدلي أكتر، هي هبة لما دخلت عليه وحضنها، اداها الورقة وهمس في ودنها، هبة كانت خايفة لكنها اخدتها في الآخر بعد ما هو طمنها، في اللحظة دي ظهر طيف وراهم، الطيف ده هو هو اللي شوفته مع بداية سماعي لصوت أمي، كان واقف وباين عليه انه غضبان، فهمت من نظراته انه مش عاجبه اللي بيحصل، كمان هو ماورنيش ايه اللي حصل مع هبة والراجل بعد كده، الحلم خلص وفوقت منه، المرعب اني ماكنتش فاكره، والمرعب اكتر اني افتكرته دلوقتي وفي اللحظة دي، كمان افتكرت الشرقة اللي شرقتها وقت ما صحيت وانا عرقان وبنطقط ماية، لما شوفت الطيف قدامي وهو بيقولي:
-هبة حامل بس مش منك، هبة حامل من منصور الدجال.
ماكنتش مصدّق عينيا ولا مصدق اللي أنا شايفه، حسيت اني في حلم وهفوق منه:
-اللي بيحصل كله حقيقي، الأحلام وهم انت معيّش نفسك فيها، هبة مش بتحبك ولا عُمر حد حبك، حتى أمك، استغلتك وعيشتك حياة هي تتبسط فيها.
كإنه كان بيقرأ أفكاري ورد عليا بكلامه اللي جرحني وخلاني أنسى أنا بكلم مين، خلاني أقوله بعصبية:
-أنت.. أنت.. أيوة أنت، مش مهم مين ولا ازاي المهم تعرف مين امي، ايوة.. امي حبيتني، امي اختارتلي الصح والمعقول.
-ماحدش بيختار للتاني الصح، ولو مشيت ورا دماغك، هتخسر كل حاجة ودي مهمتي، لكني لو سيبتلي دماغك وسلمتهاني، هساعدك وهجيبلك حقك من كل اللي ظلموك.
-أمي ماتت.
-بس أنت عايش، وهم عايزبن أذيتك.
-هم مين؟
-مراتك وعشيقها الدجال.. انت لسه مافهمتش؟!
مافوقتش من كل ده غير مع خبر حمل مراتي، ساعتها سلمته دماغي من غير ما احس، وقتها نسيت كل حاجة، نسيت الفترة اللي فاتت، نسيت ازاي قضيت الايام دي كلها في اوضتي من غير اكل ولا شرب، ممكن كنت بشرب.. ممكن كنت باكل، ممكن حاجات كتير، لكني مش فاكر.. مش فاكر أي حاجة.
من وقتها وانا مش مستحمل وجوده جوة دماغي، طلبت منه يخرج لكنه رفض، قالي إني سلكته وبـ ارادتي، وكله كان بمقابل، من اول كشفه لمراته، لحد ما كان السبب في حادثتها، كمان قالي انه ممكن يكون سبب في موتها لو انا عايز، بس فيه حاجة جوايا مانعاني، فيه حاجة جوايا بتقولي ده مش انا، عشان كده حاولت اخرجه يا دكتور، حاولت ارجع زي الأول، بس المقابل كان غالي، المقابل كان روح ودم، هنا وقعت قصاد اختيار صعب، وهو اني لازم اقتل واحد، لازم روح ودم، طبعا ماقدرتش، كمان ماستحملتش وجوده جوة دماغي، ماستحملتش تحكم في كل حاجة، كنت بفتكر وانسى حاجات بـ أوامر منه، يمكن كل دي أوهام، يمكن هو اللي عايز يصورلي كده، بس الأكيد إنه مش هيسيبني غير لما يوصل للي في دماغه.
**
طارق سكت وبطل يحكي عند النقطة دي، بعدها فضل باصص جنبي كإن فيه واحد واقف، فهمت من نظراته انها هلاوس سمعية وبصرية بتيجي لشخص في حالته، خاصة إنه قال في اللحظة دي:
-لأ.. مش هو، مش عايز افتكر حاجة، مش هقتله.. هو مالوش ذنب.
-فيه ايه يا طارق، احكيلي اللي انت شايفه.
مالتفتش لسؤالي وكمل حكي، بس المرادي باختصار وبـ ايجاز، كإنه عايز يمشي أو بيقول غصب عنه، وده كان واضح من كلامه وهو بيقولي:
-هبة اتجوزت الدجال بعد شهور العدة، اتجوزها بعدها طلقها زي ستات كتير عمل معاهم كده، الدجال ده اسمه منصور، عملي عمل عشان ابعد عنها ويتجوزها هو، ماكنش يعرف انه حضر حاجة كبيرة، ماتقدرش تإذيه لكنها بتخدمني دلوقتي خدمة انا مش عايزها، هو عايزني اقتلك يا دكتور، انا عارف هو عايز ايه، هو عايز دم كتير، عايز يبقى اقوى، هو مش هيسيبني يا دكتور، انا افتكرت حلم دلوقتي، افتكرت السكينة اللي خدتها من على مكتب الممرض من غير ما ياخد باله،. السكينة دي معايا دلوقتي، أصلهم مش شايفين شغلهم بيعملوا اكل وسط الخدمة، ابقى جازيهم يا دكتور، جازي الممرض اللي هيكون سبب في موتك.
وهو بيقول كده طلع سكينة ومن ورا ضهره، وقتها قومت من على الكرسي وانا مخضوض، لساني اتعقد وماكنتش قادر أنطق ولا استنجد بحد، أما طارق فـ كان بيقرب مني بخطوات مترددة وبطيئة، كان بيحارب نفسه عشان مايعملش اللي قاله وهو انه يقتلني، كل ده شوفته في عينيه قبل ما يكلم نفسه ويقول:
-ازاي؟.. ازاي قارد تعمل كده، انا.. انا مش هقتله، هو لازم يعيش، لازم يكمل حياته، ولو حد هيموت يبقى انت.. انت اللي لازم تموت.
كمل كلامه ليا وهو بيقولي:
-انا وافقت اني اقتل هبة في مقابل انه يبعد عني، هي اللي عملت فيا كده، حبها للدجال وصلنا لكل ده، لكن صوت الهمس كان أقوى ومخطط لكل حاجة، الدجال قدر يحمي هبة قبل ما اقتلها عشان من الحادثة دي أوصل هنا عشانك، هو محتاج دماغك ومحتاج روحك، هو بيعمل حاجة انا مش فاهمها، انت لازم تموت يا دكتور.
باب الأوضة اتفتح، ممرضين كتير دخلوا، حاولوا يوقفوا طارق بس ماقدروش، قوته كانت تضاهي عشرين راجل، ماسكش ولا سابهم غير لما واحد مات تحت ايده، وقتها هدي وبصّ لي، بدأ يقولي ببرود كإنه شخص تاني غير الشخص اللي كنت بكلمه:
-لو فاكر ان القصة انتهت، تبقى غلطان.. دورك لسه جاي.
جعان وشبع لكن مسيره يجوع تاني، حقيقي الحالة دي مش طبيعية، زيها زي حالات كتير محجوزة في اماكن انتوا ماتعرفوهاش، ومن ضمن الحالات دي طارق اللي اتشخص من ضمن ملف ما وراء الطبيعة، انا عارف انكوا مش مستوعبين، لكن فيه حاجات كده فعلا، فيه حالات زي دي وموجودة، والأخطر انها حواليكوا دلوقتي، ومش بعيد تكون بتسمع القصة معاكوا، السحر مرعب، وأعراضه الجانبية مخيفة، خاصة لما بتخرج عن السيطرة.
تمت بحمد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى