كنت راكب الميني باص ف اليوم ورايح مشوار, وع عكس الناس كلها, كنت لابس (تي شيرت) خفيف بنُص كُم رغم اننا ف شهر اتنين والجو تلج..
اول ما ركبت الميني باص, كل الناس بلا استثناء كانت بتبص لي بتعجب, واللي يمَصمَص شفايفه واللي يضرب كف بكف وهو بيضحك ضحكة مكتومة .. لكني متعود ع الحات اللي زي دي, فمعطتش لهم بال ووقفت عادي مكاني..
بعد شوية طلع الراجل اللي بيشيِّك ع التذاكر ويشوف مين دفع ومين بيتهرَّب, وبدأ يلف ع الناس كلها وياخد منهم التذاكر ويتأكد من الرقم, لحد ما وصل لواحد من اللي قاعدين, وكان شاب أسمر ولابس (اير بودز) ف ودانه وباصص ناحية الشارع بشرود..
وقف قدامه وسأله بأدب:
– تذكرتك لو سمحت.
ف الاول الشاب الأسمر مسمعهوش وفضل باصص لبرا, فالمُحصِّل حَط ايده ع كتفه وكرر سؤاله, هنا الشاب انتبه له, وبدأ يدور ف جيوبه ع التذكرة وهو عمال يردد:
– كانت لسه معايا دلوقتي, بسم الله الرحمن الله, راحت فين, دي كانت لسه ف ايدي..
المحصل قال له دور عليها عقبال ما اشوف باقية الناس وارجع لك, وبصراحة الراجل كان محترم جدا ف طريقة كلامه, فكمِّل الشاب تدوير ف هدومه, بعدها فضل يبص ع الارض وهو ما زال بيردد ذات الكلام:
– يابني انا كلمتك, انا بستغفر ربنا, وبعدين عيب اللي بتعمله ده انا قد ابوك.
عمل الشاب حركة بوشه فيما معناها انه مشمئز وقال:
– آآه, معلش صعبت عليا, روح بقى.
– هو ايه يابني اللي اروح, ياحبيبي اتكلم عدل.
بذات الوش:
– معلش معلش.
تدخلت الناس للمرة التالتة وهما بيحاولوا يهدوا الجو ويغلَّطوا الشاب, وهو بيقول لهم:
– مهو بصراحة راجل مستفِز, انا هسرقه ف خمسة جنيه يعني, يجي يشوف دي (وخلع السماعة “اير بودز” من ودنه) بمرتبه كله.
زفر المحصل وهو بيقول:
– استغفر الله العظيم.
نزل المحصل بعد شوية, وكملنا طريقنا, والشاب قاعد يقلب كف بكف وهو بيقول:
– حرقت دمي الله يحرق دمك, لولا شيبته كنت هزقته.
بعد شوية كانت جت محطتي, نزلت من الميني باص, ببص لقيت الشاب نازل ف نفس المحطة .. بعد ثواني الميني باص مشي, فوقفت ابص للشاب وانا راسم ع وشي علامة تقزُّز .. وفجأة.. !
بدأ الشاب يضحك وهو بيبص لي, فبادلته انا كمان الضحك بصوت عالي, والناس ف الشارع بدؤوا يبصوا لنا باستغراب !!
قلت له من بين دموعي من كتر الضحك:
– الله يخرب بيتك ياض ياصابونة, انا كنت قربت اصدقك, دنا كان فاضل لي حتة واقوم اضربك من كتر استفزازك للراجل.
غمز وقال:
– بس ايه رأيك ف دماغ أخوك صابونة ؟
– شيطان يابن الكلبة, تنفع ممثل يلا, دا انت لو قدمت ف التمثيل هتقعَّد هيفاء وهبي ف البيت.
ضحك وقال لي:
– المهم بس قلِّبت كام محفظة ف الشوية اللي لهيت فيهم الناس دول ؟