قصص

قصة بيت سوق السلاح

قصة بيت سوق السلاح

مسكت القلم وكنت لسه هكتب القصة اللي جدتي هتحكيهالي بعد قصة ابو دودة.. بس قبل ما ابدأ اكتب، لقيت نفسي ببصلها باستغراب وبسألها قبل ما تحكي..
-استني يا ستي بس قبل ما تحكي الحكاية اللي جاية، انا في حاجات كتير عاوز اعرفها عن ابو دودة.. يعني، زي اسمه الحقيقي، والناس اللي اتعامل معاهم، وكمان طريقة موته.. ماهو راجل بالشكل ده وبالقوة دي كلها، اكيد اتقتل يعني وطريقة قتله كانت حكاية، وانا بصراحة كده، عاوز اعرف عنه اكتر.
قربت مني جدتي وقالتلي..
-حاضر.. انا هخليك تعرف عنه اكتر، بس مش عن طريقي، لأن انا ماعرفش غير اللي حكيتهولك.
هرشت في راسي وانا بقولها ب حيرة..
-مش فاهمها دي.. ازاي هعرف عنه اكتر من غير ما تحكيلي!.. ايه، هتخليه يطلعلي في الحلم مثلًا؟!
-طلعتلك ام اربعة اربعين يا واد انت… مين ده اللي هيطلعلك في الحلم، ما الراجل مات وشبع موت خلاص، انا اللي اقصده يا واد، إن انا بعد ما احكيلك الحكاية اللي هحكيهالك دلوقتي دي، هبعتك لحد كان يعرف ابو دودة شخصيًا، حد اتعامل معاه وعاشره لأنه كان صاحب ابوه.. والراجل ده ساكن في الجمالية دلوقتي، اسمه عمك احمد البسطاويسي، بكرة الصبح هوصفلك بيته وروحله، ولما تروحله، عرفه بنفسك وقوله إنك عاوز تعرف اكتر عن ابو دودة، وهو بقى هيحكيلك حكايته، اصله يا ولداه راجل كبير وعايش لوحده من بعد ما مراته ماتت وعياله اتجوزوا وسابوه.
-تمام.. حلو يا ستي، احكي بقى حكاية النهاردة.
مسكت القلم وابتدت جدتي تسرح كعادتها قبل كل حكاية، وبعد شوية من السكوت، ابتدت تحكي وانا بكتب وراها…
***********قصة بيت سوق السلاح
الحكاية بدايتها ونهايتها في منطقة سوق السلاح، لكن قبل ما تعرف نهايتها، تعالى نبتدي من الأول خالص، بالظبط يعني، من بعد ثورة ٥٢ اللي عملوها الظباط الاحرار ضد الملك فاروق، في الوقت ده.. كان عايش عمك ربيع اللي عايش في بيته هو ومراته وابنه وبنته، في منطقة سوق السلاح.. وكان بيشتغل موظف في دار المحفوظات، او زي ما الناس كانوا بيقولوا عليها زمان “الدفتر خانة”.. وزيه زي كل الموظفين الغلابة اللي زي حالاته، بالنهار في الوظيفة، وبالليل قاعد على قهوة مع اصحابه في سوق السلاح، وطبعًا قعدته على القهوة باستمرار، خلته يتصاحب على ناس كتير، ومن ضمن الناس دول كان كوهين، وماتستغربش من الاسم.. ماهو في مصر زمان، التلات أديان كانوا متعايشين مع بعض، بس لما اكملك واحكيلك، هتعرف هم ليه مافضلوش كده وخصوصًا بعد الثورة، وكمان بعد اللي هم عملوه في سنة ٤٨.. بس لحد الوقت اللي حصلت فيه الحكاية

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه سرداب الموت (كامله)

رواية الشادر الفصل الثامن

اللي هحكيهالك، كانوا عايشين مع بعض في سلام، اما رزق بقى صاحب كوهين اللي كان بيشتغل مصوراتي في السيما بالمناسبة يعني، كان بيتعامل مع الناس كلها بصفو نية، وبالأخص مع كوهين، وفضلوا على الحال ده لحد ما في يوم، رزق وهو قاعد على القهوة، لقى كوهين قرب منه وقال له بابتسامة فيها خبث..

-ازيك يا رزق يا اخويا، مش بخير برضه انت والأولاد؟!
بص له رزق من فوق واتعدل في قعدته وبص ناحيته..
-اه يا كوهين يا ابن عمي.. بخير، بس سؤالك ده اكيد وراه حاجة، بقى معقولة يعني، كوهين المصوراتي، ابخل خلق الله، هيسألني عن احوالي واحوال عيالي، لله وللوطن كده؟.. اكيد في سبب.
ضحك ضحكته الخبيثة وبلع ريقه، بعد كده قرب من رزق اكتر وقال له..
-انت حبيبي يا رزق وطبيعي إن انا اسأل عليك يعني، بس اقولك.. انت معاك حق، انا فعلًا عاوز اطلب منك طلب.
بص رزق للشارع ومسك كوباية الشاي اللي كانت قدامه، شرب منها شوية وبعد كده رد على كوهين بملل..
-اه.. كنت عارف، ما انت جاري وصاحبي من سنين وانا حافظك، بس وحياة ابوك يا شيخ ما في ف جيبي مليم احمر، احنا اخر الشهر والمرتب كله طار.
قصة بيت سوق السلاح
لكن كوهين قرب منه اكتر كمان وقال له بصوت اوطى..
-لا.. انا مش طالب منك فلوس يا رزق انا.. انا..
-انت ايه يا عم كوهين.. ما تيجي تقعد على الطقطوقة اللي ما بيننا احسن، في ايه انا مش فاهم، عمال تقرب مني اوي وتوطي في صوتك، جرى ايه يا كوهين، الناس هتفهمنا غلط يا أخي، وبعدين هتعوزني في ايه يعني غير الفلوس وبتوشوشني اوي عشانه.. اوعى تكون عاوز تشغلني مع ولاد الهرمة اللي..
لكن قاطعه كوهين قبل ما يكمل..
-لا يا سيدي لا، انت عارف إن انا اصلًا مابحبهمش ولا بطيق سيرتهم، انا اتولدت هنا وهعيش واموت هنا.. اللي هناك دي مش بلدي ولا عمرها هتكون، انا عاوزك في حاجة تانية خالص، وبصراحة كده، عاوز اجيلك في زيارة انا وحمايا بكرة.
ضحك رزق اوي اول ما كوهين قال له كده، ورد عليه بتريقة…
-هتجيب حماك يعقوب من درب الجماميز وتيجي لحد هنا عشان تزوروني في البيت!.. ويا ترى ايه سبب الزيارة بقى إن شاء الله، نويت تتجوز على مراتك وجايب حماك يخطبلك!.. وبعدين هيخطبلك مين يا حسرة، انا ماعنديش بنات للجواز، دي البت اللي حيلتي لسه ماجابتش ال ١٢ سنة.
وقتها كوهين رد عليه بجدية..
-يا رزق انا مش بهزر.. انا فعلًا حمايا وانا واقعين في مشكلة، وماحدش هيقدر يحلها غيرك، وصدقني.. صدقني يا رزق، انت لو حليتله وحلتلي المشكلة دي، هتاخد في المقابل، اي مبلغ انت هتطلبه.
رفع رزق حاجبه وسأله..
قصة بيت سوق السلاح
-ويا ترى ايه المشكلة دي بقى، وانا هقدر احلهالكوا ازاي؟!
-يا بني أدم ما انا بقولك عاوزين نزورك في البيت عشان الكلام فيها، لا هينفع على القهوة، ولا هينفع عندك في الدفترخانة.
سكت رزق شوية، وبعد كده بص لكوهين..
-ماشي يا ابن عمي، نتقابل بكرة عالمغربية، تعالى عند البيت عندي وانده عليا، وانا هنزل اجيبك.
هز كوهين راسه واتفقوا على المعاد.. وفي المعاد اللي اتحدد، كان كوهين ومعاه حماه عم يعقوب، واقفين قصاد باب بيت رزق، وفعلًا..نده كوهين عليه زي ما قال له، وبعد دقايق، كانوا هم التلاتة قاعدين في المضيفة بتاعت رزق بعد ما نزل جابهم من الشارع…
-منورين يا جماعة، منور يا كوهين.. منور يا عم يعقوب.
ضحك كوهين ضحكته المعتادة، اما يعقوب.. فبص لرزق بتركيز وقال له..
-ده نورك يا أخ رزق.. لكن احنا مش جايين نتضايف ولا جايين نتقل عليك، احنا عندنا مشكلة ومحتاجين نحلها، وحلها هيكون معاك انت.
وقبل ما رزق يسأله عن المشكلة، كان كوهين ماسك طرف الكلام من بعد حماه..
-عارف يا رزق انك هتسأل عن المشكلة، بس قبل ما تسأل، انا هقولك.. حمايا يا سيدي زي ما انت عارف إنه راجل كبير ومحبوب من الكل في درب الجماميز، الناس كلها بتعتبره اخ كبير ليهم وساعات اب، وده لأنه ياما ساعد ناس وياما فك اسحار عن ناس، وعمره.. عمره ما أذى حد، ده غير طبعًا تجارته في البقالة و…
قاطعه رزق قبل ما يكمل..
-مفهوم مفهوم.. كل ده كلام مفهوم، انا عارف عم يعقوب من زمن الزمن، وياما روحتله عشان اشتري منه بقالة او عشان افضفض معاه بكلمتين، فكل اللي انت قولته ده، انا عارفه، بس فين بقى المشكلة.. خش في الموضوع على طول؟!
-يا سيدي ما انا جايلك في الكلام اهو، المشكلة إن احنا مش عاجبنا اللي بيحصل في الدولة اللي هم بيبنوها، وده على عكس الجماعة اللي قاعدين في حارة اليهود.. هم عاجبهم الحال اوي وبقالهم سنين بيتسرسبوا عِيلة ورا التانية على هناك، وحتى اللي اتبقى منهم، فانا عارف ومتأكد زي ما انت برضه عارف ومتأكد، إنهم بيشتغلوا لصالح الدولة دي.. بس سواء كده او كده بقى، فالجيش بعد ما شال الملك ومسك البلد، مابقاش طايقنا وبقى بيحرض الناس علينا، وبصراحة كده، انا حاسس إن احنا هنتبهدل اوي وهيتعمل فينا زي ما عمل معانا الألماني اللي ما يتسمى..يعني، بصريح العبارة كده، احنا في الأول وفي الأخر هنتطرد، وعشان ماحدش يمشينا من بلدنا، فاحنا جينالك النهاردة عشان تغير لنا اسامينا.. انا ومراتي وعيالي وحمايا، سمينا اي اسامي تانية، واعملنا شهادات ميلاد باسامي وديانات جديدة، وأظن ده سهل عليك يعني، انت راجل بتشتغل في الدفترخانة وسهل عليك إنك تلعب في الأوراق زي ما انت عايز.
وقبل ما يكمل كوهين كلامه، اتدخل يعقوب حماه وقال لرزق..
-وقبل ما تقول لنا غيروا ديناتكوا للمسيحية او الأسلام، فانا هقولك لا.. ماينفعش، احنا كده هنبقى بنضحك على اللي حوالينا، احنا عاوزين نفضل زي ما احنا وديننا زي ماهو.. بس في الورق، عايزين ديننا يبقى مختلف، ممكن تخليه دين المسيحية مثلًا، وكمان عاوزينه يبقى كده في شهادات الميلاد، عشان لو حد دور ورانا، يعرف اننا اساسًا مش يهود.
ضحك رزق اوي لما يعقوب قال له كده..
-انت بتتكلم بجد يا عم يعقوب؟.. ماهو اي حد لو جه سأل في المنطقة اللي انتوا عايشين فيها، هيعرف انكوا يهود وبرضه هتطردوا، وبعدين يا كوهين الناس مش محتاجين حد يحرضهم عليكوا، كفاية اللي اتعمل في ٤٨..
لكن يعقوب رد عليه بسرعة..
قصة بيت سوق السلاح
-وقتها يا أخي نبقى نقول إن كل ده كلام مالوش أي أثبات، الورق الأصلي غير كده، ماهو طالما معانا ورق يثبت إننا مش يهود، يبقى خلاص، اي حاجة تانية هتبقى سهلة.
سرح رزق شوية وبعد كده قال لهم..
-اه.. يعني انتوا عاوزنني اغير ديانتكوا واساميكوا في الدفاتر، وكمان اضربلكوا ورق اصلي باللي انتوا تختاروه من اسامي وديانات عشان تعرفوا تعيشوا في البلد، وفي نفس الوقت برضه، تفضلوا زي ما انتوا على نفس الديانة، طيب حلو ده اوي والله.. عشان بعدها يحصل زي ما حصل في ٤٨.. ومع أول حرب بيننا وبينكوا، تولعوا فينا بقى وانتوا عايشين معانا، مش ده برضه اللي انتوا عاوزينه؟!
اول ما رزق قال كده، اتضايق يعقوب اوي منه، اما كوهين بقى، فقال له بكل هدوء..
-نولع في مين يا رزق، احنا جيران وأهل، وبعدين انت لازم تفرق بين اللي في حارة اليهود، وبيننا احنا.. هم بيشتغلوا لمصلحة المشروع او الكيان اللي عاوزين يعملوه، إنما احنا.. احنا أهل البلد، وفي فرق كبير اوي بيننا وبينهم، عارف الفرق يا رزق ولا اعرفهولك؟!
اتعصب رزق لما كوهين قال له كده، ورد عليه بصوت عالي..
-فرق ايه، انتوا جايين عليا بشغل الحنجل والمنجل، وقال ايه احنا اهل البلد، واحنا غير اللي هناك وبتوع حارة اليهود.. ما كلكوا واحد، كلكوا بتصلوا في نفس المعبد وكلكوا ولاد هرمة، وانا بصريح العبارة كده مش هساعد جماعة زيكوا، ولا هعرض نفسي لأي سين او جيم، حتى لو قصاد كده هاخد ألوفات.. وبعدين انا مش مرتاحلكوا وحاسس إن وراكوا بلوة مسيحة، ومن الأخر كده.. يلا بقى من غير مطرود، كفاية إن احنا مستحميلن وجودكوا في البلد، مش هيبقى البلد وبيتي كمان.
وطبعًا اتضايق اوي يعقوب من كلام رزق، ولأنه راجل دجال وبيفهم في السحر كويس اوي، فهو قرب من رزق وقال له وهو مبرق..
-انت اول مرة تكلمني بالشكل ده، بس صدقني يا رزق، دي هتبقى اخر مرة.. ولو خلاص حكموا علينا إننا لازم نسيب البلد دي، فاحنا هنسيبها اه، بس هنسيبها وانا شايفك بتندم على كل حرف قولتهولي دلوقتي.
قام كوهين وقف وكان هيخرج من البيت هو وحماه يعقوب، بس قبل ما يخرجوا قال لهم رزق بتريقة..
-انا ماكنتش مرتاحلكوا من الأول.. اديك وقعت بلسانك وقولت لو اتحكم عليكوا انكوا تمشوا.. هتمشوا، يعني وجودك هنا مش عشان بتحب البلد دي انت وجوز بنتك يا يعقوب، انت عايز تفضل موجود عشان مصلحتك، وكمان عشان تخدم مصالح اللي هناك وانت جوة مصر.. وانا كان معايا حق لما طردتكوا.. ولا اقولك، يلا من غير مطرود، ومن هنا لحد ما تسيبوها، مش عايز اتعامل مع حد فيكوا.
بعد ما رزق قال كلامه ده، لف يعقوب وبص له بابتسامة مليانة خبث وشر، وبعد كده لف وشه وخرج من البيت هو وكوهين، بس قبل ما يمشوا، واول ما كانوا واقفين على العتبة بتاعت البيت، مد يعقوب ايده في جيبه وطلعها وهو مطبق كف إيده كويس.. بعد كده قَرب كفه من بوقه وفضل يقول كلام بصوت واطي اوي، ومرة واحدة.. فرد كف إيده وحطه على الباب وهو بيبص لرزق..
-مع السلامة يا رزق… مع السلامة.
وقتها رزق ماخدش باله يعقوب عمل ايه، ولا حتى فهم هو عمل الحركة دي ليه، بس لما اكملك هتعرف.. هتعرف إن الحركة اللي عملها دي كانت بداية كل المصايب اللي حصلت لرزق، المصايب اللي بدأت من بعد ما كوهين وحماه مشيوا من عنده، وبعد كده قعد وقضى يومه مع عياله، ومانزلش قعد على القهوة لأن الجو كان برد اوي يومها، وبعد ما قضى كام ساعة مع عياله، والساعة كانت قربت من نص الليل.. البيت كله كان سِكت، عيال رزق كان كل واحد منهم على سريره، اما وهو مراته، فكانوا نايمين في أوضة نومهم، وفضلوا نايمين لحد ما صحيت (وهيبة) مراته لأن نومها كان خفيف، على صوت حاجة بتقع على الأرض وبتتكسر، وبعدها سمعت صوت صرخة بنتها!
قامت جري من على السرير اول ما سمعت الصوت ده، بس اول ما خرجت من الأوضة، فضلت واقفة وهي مش فاهمة في ايه، ماهي وهيبة لما خرجت، لقت على الأرض في الصالة، القُلة اللي بيشربوا منها، واقعة ومكسورة!
وقبل ما تسأل نفسها، او حتى تروح لأوضة بنتها وتشوفها هي بتصرخ ليه، سمعت صوت جوزها رزق اللي خرج بعدها من الأوضة وهو بيسألها..
قصة بيت سوق السلاح
-في ايه يا وهيبة.. ايه صوت التكسير والصريخ ده؟!
بصت له وشاورت ناحية القُلة المكسورة..
-مش عارفة، انا صحيت من النوم على صوت القُلة وهي بتتكسر، وبعد الصوت ده على طول، سمعت صوت بنتك وهي بتصرخ!.. ولما خرجت عشان اشوفها بتصرخ ليه، مالقتهاش، انا بس لقيت القُلة بالمنظر ده، وهروح اشوف البت في أوضتها واطمن عليها…
وماكملتش وهيبة كلامها لأنها فجأة سمعت هي جوزها، صوت صرخة بنتها، بس المرة دي مصدر الصرخة، كان اكتر مكان مرعب ممكن يسمعوا بنتهم بتصرخ فيه بعد نُص الليل.. ايوة، بالظبط زي ما انت فكرت دلوقتي، الحمام!.. الحمام اللي طلعوا يجروا عليه هم الاتنين، واول ما لقوا الباب مقفول، وبنتهم كانت عمالة تصرخ من جوة، وكأن حد بيعذبها، فضلوا يخبطوا وهم بيندهوا عليها، لكنها ماكانتش بترد.. ده اللي رد كان صوت صراخاتها اللي كانت عمالة تعلى وتعلى لحد ما اتحول الصوت اللي بيصرخ.. من صوت بنتهم، لصوت راجل!
وقتها خبطهم زاد وهم مخضوضين على البت، وفي لحظة.. احاسيسهم بالخضة والخوف والقلق، اتحولوا لأحساس بالحيرة لما سمعوا من وراهم صوت بيقول بكل هدوء، وهو باين على صاحبته أثار النوم..
-في ايه يا ماما انتي وبابا.. انتوا بتخبطوا على باب الحمام كده ليه؟.. احنا بعد نُص الليل!
وقفوا في مكانهم وهم مبرقين لصاحبة الصوت لما لفوا وشافوها، وده لأنها كانت بنتهم!
لحظات من الصمت بعد ما صوت الصرخات اللي كان جاي من الحمام سكت، لحظات فضلوا فيها يبصوا لبعض ويبصوا للبت، لحد ما سمعوا باب الحمام بيتفتح من وراهم، ومع فتح باب الحمام، سمعوا من جوة صوت البت، بس المرة دي كان متغير.. كانت عمالة تقولهم بصوت عالي وكأنها بتستنجد بيهم..
-الحقووني.. هيموتوني.. هيموتوني وهياخدوني معاهم.
وهنا بقى، وهيبة أول ما شافت المنظر ده، ماستحملتش، تخيل انت أم، تبقى لسه شايفة بنتها صاحية قدامها، واول ما تلف وتبص جوة الحمام.. تلاقي بنتها برضه، بس شكلها متغير وعمالة تشاورلها عشان تلحقها من حاجة، ماتعرفش هي ايه، فكان طبيعي إنها اول ما تشوف اللي شافته، تقع من طولها وتفقد الوعي…
(وهيبة.. يا وهيبة.. يا وهيبة.. انتي يا ولية فوقي، لا حول ولا قوة إلا بالله، انتي ايه اللي عمل فيكي كده بس؟!)
فتحت وهيبة عينيها اول ما سمعت صوت جوزها، وكانت المصيبة لما بصت حواليها، ولقت نفسها واقعة قصاد باب الحمام، وجوزها جنبها وبيصحيها، اما بنتها بقى اللي شافتها بشخصيتين، لا كانت موجودة جوة ولا برة!
-البت.. البت يا رزق.. صفاء، صفاء فين؟!
قامت تتلفت وهي بتدور على بنتها بخوف قلق، سندها رزق وقومها وهو بيقولها..
-البت والواد نايمين في أوضهم أكيد، انا لما صحيت وخرجت عشان ادخل الحمام، اتفاجأت بيكي واقعة على الأرض قصاد الحمام.. انتي ايه اللي حصل لك يا ام العيال، غيبوبة سكر برضه؟!
بصت له وابتدت عينيها تدمع وهي بتهز راسها بالنفي..
-لا.. لا يا اخويا مش غيبوبة، ده انا شوفت.. شوفت..
وفجأة سابته وطلعت تجري على أوضة بنتها، كانت خايفة وقلقانة عليها، لكنها بمجرد ما فتحت باب الأوضة واطمنت إنها نايمة في سريرها، خدت نفسها بالراحة وقفلت الباب وراحت مع جوزها لأوضة النوم، والغريب هنا بقى واللي خلى وهيبة تقف في مكانها وهي مبرقة قبل ما تدخل الأوضة، هو منظر القُلة اللي لقتها مكسورة على الأرض!
القُلة اللي شاورت عليها وحكت لجوزها كل اللي شافته بشكل سريع كده، وبعد ما خلصت، سحبها من إيديها ودخلوا أوضتهم..
-انتي بتخرفي بتقولي ايه بس، انا لا صحيت من النوم، ولا سمعت البت وهي بتصرخ، ولا حتى البت قامت من مكانها، انتي اللي كان بيتهيألك بقى، ولا تلاقيكي شوفتي كابوس ولا حاجة.
اتعصبت عليه لما قالها كلامه ده..
-هو ايه يا اخويا اللي بيتهيألك، بقولك انا سمعتها بوداني وشوفتها بعيني.. وانت بنفسك كنت جنبي، ثم كابوس ايه اللي هحلم بيه ده وهيخليني يغمى عليا قصاد الحمام، ازاي يعني يا رزق، بمشي وانا نايمة يعني؟!
رفع لها كتافه ومد شفته اللي تحت لقدام..
-الله أعلم، بس اللي انا متأكد منه، إنك كنتي بتخرفي او كان بيتهيألك، لأن كل اللي انتي قولتيه ده ماحصلش، وده عن نفسي يعني.. انا ماقومتش من النوم إلا من شوية عشان ادخل الحمام، وعلى ذكر الحمام بقى، فانا محتاج ادخل الحمام بصراحة، عن أذنك.
قصة بيت سوق السلاح
مسكته من دراعه وقالتله بعصبية اكتر..
-يا أخي حمام ايه وبيتهيألي ايه بس، طب والقُلة يا رزق!.. فسرلي بقى موضوع القُلة اللي لقتها مكسورة على الأرض ده!
قرب منها وسألها بالراحة..
-ماشي.. خليني اسألك سؤال، انتي القُلة دي بتحطيها فين؟!
-على الترابيزة الصغيرة.
-حلو.. طب مش الترابيزة الصغيرة دي، بتتهز وبتقع لوحدها ساعات!.. يعني وارد تكون اتهزت، او الرِجل المكسورة بتاعتها اتعوجت، او جُم شوية هوا وخلوها تتحرك، فالقُلة وقعت من عليها واتكسرت.. بسيطة يا وهيبة، انتي مكبرة الموضوع ليه بس، اقري انتي بس قرأن ونامي، وصدقيني، لما تهدي كده، هتعرفي إن كان بيتهيألك، وعن اذنك بقى، خليني ادخل الحمام.
قالها كده وخرج من الأوضة للحمام، ومع خروجه.. فضلت وهيبة قاعدة مع نفسها وهي سرحانة، حاولت تهدي نفسها وتقنع مخها بالعافية إن كل اللي شافته ده كان من خيالها، بس اول ما ابتدت تقرا قرأن، سمعت من تحت سريرها صوت غريب ومالوش تفسير.. كان صوت أشبه بالخطوات، ازاي يعني صوت خطوات جاية من تحت سريرها!
قامت من على السرير ونزلت عشان تشوف في أيه، والخطوات دي ازاي في حد بيخطيها تحت السرير.. بصت كويس شمال ويمين، مالقتش حد، ولا لقت اي حاجة غريبة تحت السرير، فاطمنت شوية وكانت ناوية ترجع تقعد على سريرها من تاني، لحد ما حست إن جسمها كله بيقشعر من الرعب، لما سمعت صوت باب أوضتها بيتفتح، ومعاه سمعت صوت بنتها وهو متغير، او قالب على صوت راجل زي ما سمعته من الحمام قبل ما يغمى عليها..
-هو انا مش قولتلك الحقيني.. سيبتيني ليه.. خوفتي مني ليه؟
وابتدت البت تقرب منها وهي شكلها يخوف.. البت سنانها كانت سودة وجلدها كان لونه رمادي فاتح، وكأنها يا ابني طالعة من تلاجة الميتين، اما ضوافرها.. ف كان لونها اسود برضه وطويلة بشكل يخض!.. قربت البت بمنظرها ده من وهيبة، وفردت دراعتها وهي مبرقة لها بعيونها اللي كان بياضها لونه أحمر، فاضطرت وهيبة إنها ترجع لورا وتقعد على السرير وهي لسه مش مستوعبة الموقف..
-إن إن إنتِ مين.. إنتِ مش بنتي، إنتِ إنتِ…
-انا ايه، انا اللي هموتك وهموت جوزك.. هخلص عليكوا انتوا الاتنين، وبعد كده ابنكوا وبنتكوا.. انا اللي هخليكوا زي اللي اتنديت بيه.. رماد…
قالت البت كده، وقربت من امها وابتدت تخنقها، وقتها ابتدت وهيبة ترفص برجليها وهي بتقاومها، وفي نفس الوقت بتنده بعلو صوتها..
-يا رزق.. الحقني يا رزق.. الحقني يا رزق..
في الوقت ده دخل رزق الأوضة، وقبل دخوله يا ابني بلحظات، البت كانت اختفت، بس وهيبة، فضلت ثابتة على وضعها زي ماهي؛ كانت فاردة دراعتها وكأنها بتزق حد من عليها، وعينيها كانت مبرقة ونفسها كانت بتاخده بالعافية!
قرب منها رزق وحاول يهديها، ولما سألها ايه اللي جرالها، حكت على اللي شافته، وبرضه رزق كدبها، او تقدر تقول إنه كان بيحاول يطمنها لما قال لها..
-خلاص بقى.. اهدي، والله العظيم ما في حاجة اهو… اهدي بقى ونامي، ما اديكي اطمنتي على البت اهو.. وعشان اطمنك اكتر، تعالى نبص عليها تاني.
قصة بيت سوق السلاح
وفعلًا لما قاموا بصوا على البت، لقوها لسه نايمة في سريرها، ومافيهاش اي حاجة غريبة!
لكن وهيبة فضلت تعيط وهي جنب جوزها، لحد ما هداها وخلاها تنام لحد تاني يوم، وبعد طلوع الشمس بساعات، وصحيانها هي وجوزها والعيال.. اليوم عدا عادي، البنت بنتهم كانت كويسة، وابنهم هو كمان كان كويس.. وجوزها نزل الشغل برضه وهو مافيهوش حاجة، ومع رجوع رزق، وبعد ما أكل ونزل قعد مع اصحابه شوية، ورجع على البيت بالليل واتعشى وكان ناوي إنه هيدخل ينام.. وقف في صالة وهو مستغرب لما سمع صوت خبط على باب البيت!
استغرب من صوت الخبط في وقت متأخر زي ده، قرب من الباب وهو بيقول لنفسه بصوت عالي..
-يا ترى مين اللي بيخبط علينا دلوقتي وفي عز البرد ده، جيب العواقب سليمة يارب.
قرب من الباب وفتحه، وساعتها استغرب اوي لما مالقاش حد ورا الباب، فخرج وفضل يبص على السلم تحت وفوق وهو بيقول بصوت عالي..
-مين؟!.. مين السخيف اللي بيخبط الساعة دي؟!
صمت تام.. ماحدش بيرد، فرجع الشقة التاني، وقبل ما يقفل الباب، سمع من ناحية السلم اللي بيطلع على السطوح، لأن البيت كان دور واحد بس، يعني السلم اللي تحت بينزل على الشارع على طول، والسلم اللي فوق بيطلع على السطوح.. والسلم ده بقى اللي سمع من ناحيته صوت بيقوله..
-انا يا بابا.. انا.. اطلعلي بسرعة.. اطلع.. هيموتوني.
خرج تاني من الشقة وهو مبرق، ازاي بنته طلعت السطوح وهو قافل الباب الخشب بتاع السطوح بقفل كبير، والمفتاح بتاع القفل اللي على الباب، مش موجود مع حد غيره هو!
طلع كام درجة على السلم وقال بصوت عالي..
-بت يا صفاء.. انتي بتعملي ايه فوق الساعة دي؟!
لكن البت لما ردت عليه، ماردتش عليه من ناحية السطوح، دي ردت من جوة الشقة لما قالتله بصوتها المتغير اللي وهيبة سمعته في الليلة اللي قبل الليلة دي..
قصة بيت سوق السلاح
-بتكلم مين.. بنتك صفاء معانا يا رزق.. بنتك معانا وهنحرق جسمها وروحها.
بص ناحية الشقة بسرعة عشان يشوف اغرب مشهد شافه في حياته، البت صفاء بنته اللي لسه سنها ماجابش ال ١٢.. كانت طويلة اوي، وجسمها كأنه جسم ست كبيرة، ده غير ملامحها وطولها اللي كانوا بيقولوا إنها بنته اه.. لكنها في سن اكبر من سنها!
-انتِ مين؟.. انطقي؟.. بنتي فين؟
قالها كده وهو بيقرب منها، فردت عليه بكل برود..
-لو قصدك على بنتك، فهي في اوضتها، ولو قصدك عليا انا.. فانا واقف قدامك اهو ومش هسيبك ولا هسيبها إلا لما تموتوا.
ارتبك رزق وابتدى يحس بالجو بيحرر حواليه، وقبل ما يقرب اكتر من الشقة، كانت الست او الشيطان.. او الشيطانة اللي شبه بنته دي، قربت منه بسرعة وزقته في صدره عشان يقع من على السلم على دماغه ويروح في دنيا تانية!
فاق رزق بعد ساعات على صوت ابنه اللي كان في الفترة دي، عمره حوالي ١٦ سنة تقريبًا، ابنه اللي فوقه ودخله من على السلم وقعده في الصالة، وبعد كده قفل الباب وهو بيقوله..
-مالك يا ابويا، ايه اللي وقعك على السلم بالشكل ده!.. انا كنت قايم اشرب واتفاجأت بباب البيت مفتوح، ولما بصيت، لقيتك واقع على السلم وفاقد الوعي!.. وبعدين ايه اللي في راسك ده.. ده ده.. ده دم!
حط رزق إيده على راسه وقال لابنه بصوت واطي..
-وطي صوتك لا امك تصحى، دي لو صحيت وشافتني بالمنظر ده، هتتخض واحتمال تتعب، ما انت عارف إن صحتها على قدها، انا بس كنت بهش شوية قطط كانوا بيتخانقوا مع بعض قصاد الباب وكانوا عاملين قلق، ولما مشيتهم وجريت وراهم لحد السلم، اتزحلقت ووقعت على دماغي، فالموضوع بسيط ومش مستاهل يعني.. انت ادخل المطبخ، هاتلي شوية بن وحتة بفتة عشان اكبس بيهم الجرح اللي في راسي ده.
هز الواد راسه لابوه ودخل المطبخ، وبعد دخوله المطبخ بثواني، سمع رزق من أوضة بنته صوت صرخة خلته قام بسرعة من مكانه عشان يشوف منظر، عمره ما كان متخيل إنه ممكن يشوفه ابدًا!
البت بنته كانت واقفة ومدية ضهرها لحيطة من حيطان الأوضة، بالظبط يعني، كانت الحيطة اللي جنب السرير، وعينيها الاتنين كان لونهم أبيض بياض يخض، ومش بس بياض عينيها اللي كان يخض، ده شكل شعرها المنكوش وبوقها اللي كان مفتوح وعمال يطلع منه صرخات صوتها عالي اوي، خلوه اتسمر في مكانه وهو مش فاهم في ايه، ماهي كل دي حاجات غريبة، خلته يتفزع وهو بيقول بصوت عالي..
قصة بيت سوق السلاح
(سلام قول من رب رحيم.. اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. في ايه.. مالك يا بنتي!)
وقبل ما يروح ناحية البت، حس بإيد بتتحط على كتفه..
-في ايه يا رزق.. يالهوووي.. البت مالها!
كانت وهيبة اللي صحيت على صوت صرخات بنتها، وقبل ما يتحركوا هم الاتنين من مكانهم، البت ابتدت يحصلها حاجة اغرب من كل اللي هي فيه، البت جسمها كان بيترفع وهي لازقة ضهرها في الحيطة، وكأنها بتتسحب لفوق ناحية السقف، ومع طلوع جسمها بالراحة.. قربوا منها هم الاتنين.. لكنها، وفي لحظة واحدة، اترفعت بسرعة، وجسمها اتهبد على السرير جنبهم!
بصوا لها وهم مبرقين، في الوقت اللي فضلت تتشنج فيه وهي بتتكلم بصوت مش صوتها..
(الرماد.. هتبقوا رماد.. وبيتكوا هيبقوا رماد.. الموت.. الموت.. الموت)
وفضلت تكرر في كلمة الموت وامها وابوها واقفين قدامها ومش عارفين يعملوا ايه، لا كانوا عارفين يقربوا لها لأنهم خايفين منها، ولا حتى قادرين يتكلموا بسبب الصدمة والرعب اللي كانوا فيه.. بس تعرف، رغم الخوف والرعب والحاجات الغريبة اللي مروا بيها، إلا إن قلب الأم برضه واحساسها، خلوا وهيبة تتشجع شوية وتقرب منها، ومع قربها منها، مدت البت إيدها وابتدت تخنق فيها بكل قوة!
ف اتشجع رزق هو كمان، وقرب من البت ومسكها من دراعها وحاول يبعدها عن امها، وفي وسط المعمعة دي كلها، كل اللي في البيت حسوا إن الزمن وقف بيهم، لما شافوا الواد (أيمن) ابن رزق وهو واقف قصاد باب أوضة اخته اللي كان مفتوح، وعمال يضحك، بس الواد كان مبدول.. ماكنش هو ابنهم اللي يعرفوه، عينيه كانت بيضا زي اخته بالظبط، وعروق وشه كانت بارزة لبرة، وكل ده كان كوم بقى.. واللي في إيده كان كوم تاني، الواد كان ماسك سكينة وهو عمال يضحك وبيقول لهم..
(الموت.. الموت.. الرماد)
ورفع السكينة بسرعة، وبكل قوة غرسها في بطنه!
جري ابوه عليه بسرعة هو وامه، جريوا عليه ونسيوا اخته اللي كانت سكتت خالص واترمت على السرير زي الميتة، جسمها ساب وروحها راحت.. اما اخوها، فابوه شاله وجري بيه على المستشفى بعد ما بقى ساكت خالص هو كمان زي اخته، وطبعًا وهيبة رجعت وفضلت قاعدة جنب البت اللي كانت خلاص، فقدت الوعي خالص وجسمها كان مولع وكأنها عندها الحصبة، وطبعًا بسبب السخونية اللي عندها.. كانت عمالة تخرف وتقول إن في ناس هياخدوها، وهيموتوها هي واخوها وامها وابوها.. وكل ده كان بيحصل ووهيبة عمال تعيط وهي مش عارفة تعمل ايه، وبعد حوالي ساعتين، كان جوزها رجع، ومع رجوعه للبيت، كان معاه مصطفى الخضري، وده واحد جارهم، ساكن جنبهم في سوق السلاح برضه، وفي نفس الوقت بيشتغل مع رزق في دار المحفوظات، اما وهيبة بقى.. فاول ما شافت جوزها، جريت عليه وسألته وهي عمالة تعيط..
-طمني.. طمني على الواد يا اخويا.
قصة بيت سوق السلاح
طبطب عليها وقال لها وهو شكله تعبان ومرهق، وطبعًا كان رابط راسه في المستشفى بعد الوقعة اللي وقعها على السلم..
-بخير يا ام ايمن.. بخير، والله الواد بخير، الحكيم لحقه في الاسبتالية وطلعله السكينة من بطنه، وكمان طمننا إنها ماغوطتش اوي، والواد اهو راقد هناك.. هيتحجز عندهم كام يوم، وبأذن الله مع العلاج والمتابعة هيروق.
-لا.. لا يا اخويا انت بتضحك عليا، الواد جراله حاجة.. قول لي، قول لي الحقيقة وريح قلبي.
وقتها اتدخل محمود الخضري وقال لها..
-يا ام ايمن اطمني، والله العظيم ايمن بخير وهيقوم بالسلامة، احنا مارضيناش نمشي من المستشفى إلا لما الحكيم طمننا، وبعدين انتوا ازاي ماتقولولناش من بدري على اللي انتوا فيه.. بقى نتفاجىء كده بابو أيمن وهو طالع يجري بالواد والسكينة في بطنه، ولما نروح معاه الاسبتالية يحكيلنا عن اللي شوفتيه امبارح، وعن اللي حصل معاكوا بالصدفة!.. جرى ايه يا عالم، هي الدنيا جرى فيها ايه، مش احنا جيران برضه والنبي وصى على سابع جار؟!
طبطب رزق على كتف محمود وهو بيقوله بتعب..
-تعيش يا اخويا، طول عمرك صاحب واجب، بس زي ما قولتلك، كل حاجة حصلت بسرعة، احنا مالحقناش نتكلم ولا لحقنا حتى نعرف هو في ايه.. دي البت صفاء انا سمعتها وهي بتصرخ و.. ألا بالحق يا ام أيمن، هي البت عاملة ايه؟!
جاوبته وهيبة وهي الدموع في عينيها..
-تعبانة يا اخويا.. جسمها مولع ولا الوبور.. وكمان عمالة تخرف وتقول هيموتوني ويموتوا أيمن وابويا وامي.. وكل شوية عمالة تتنفض و…
قصة بيت سوق السلاح
قطع كلام وهيبة صوت صرخات بنتها صفاء، وساعتها التلاتة جريوا عليها، والمرة دي بقى لما دخلوا.. لقوا البت ماسكة ملاية السرير وعمالة تخنق نفسها بيها وهي بتصرخ، وعينيها بيضا برضه ووشها متغير!
قرب منها ابوها ومحمود وشدوا الملاية من إيديها بالعافية، اصل البت كان فيها قوة غريبة.. وبالرغم من قوتها دي، إلا إن ابوها ومحمود.. قدروا يشدوا الملاية منها ونيموها على السرير بالعافية، وبالملاية اللي كانت هتموت نفسها بيها، كتفوا إيديها الاتنين في شمعدان السرير.. بعد كده قرب منها محمود وابتدت يقرالها قرأن بصوت عالي، وهي فضلت تصرخ وتصرخ بعلو صوتها الغريب اللي كان اتخن من صوتها العادي ده، لحد ما سخسخت وغابت عن الدنيا زي ما حصلها في المرة الأولانية.
هديت البت خالص وامها فضلت قاعدة جنبها وهي بتعملها كمادات عشان السخونية اللي عندها تنزل شوية، اما بقى محمود ورزق، فكانوا قاعدين بيتكلموا في الصالة، او بالظبط يعني محمود هو اللي بدأ الكلام لما قال لرزق..
-اللي عند بنتك ده انا شوفت زيه قبل كده في بت جارتنا وقت ما كنت عايش مع ابويا في الحطابة، بس ماتقلقش.. اللي عالج البت دي، هو هو اللي هيعالج بنتك.. الشيخ نصرت بتاع الحطابة، راجل تقي وورع.. المنطقة كلها بتحلف بيه وبإيمانه وقوته.. ف على بعد صلاة الضهر كده، وبعد ما نعدي على دار المحفوظات، ونقولهم إن عندك ظروف ونحاول ناخد اجازة انا وانت النهاردة وبكرة، بعد كده بقى هنخرج من الدار ونطلع الحطابة عشان نفوت على الشيخ نصرت.. هو راجل طيب وهيجي معانا، وبأذن الله هيعالجها، وهيعرف لك كمان ايه اللي عمل فيها كده هي واخوها ايمن بين يوم وليلة.
فضل رزق ساكت لحد ما بص لمحمود بنظرة فاضية..
-ماشي.. نروحله طالما انت بتشكر فيه، بس انا عارف مين السبب في اللي انا وعيالي فيه، لكن انا مش هسكت.. انا هروحله دلوقتي، هروحله وهجيب أجله يعقوب الكلب ده.
ومالحقش محمود يسأله عن حاجة، لأن رزق خرج جري من البيت ومحمود وراه، وطبعًا لما راح لكوهين وليعقوب، لا لقى ده في بيته، ولا لقى ده في بيته ولا في أي دكانة من دكاكينه، الاتنين كانوا اختفوا.. فص ملح وداب، وكل ما كان يسأل عليهم في حتة، الناس كانوا بيقولوا إنهم اختفوا بقالهم يوم او اكتر كمان.. يعني بالظبط كده، اختفوا من بعد ما كانوا قاعدين مع رزق وهو رفض يضربلهم الورق اللي هم عاوزينه، وبعد اللفة الطويلة اللي لفوها عليهم، كان الضهر قرب.. فراحوا دار المحفوظات واستأذنوا إنهم اجازة لليوم ده واليوم اللي بعده، وبعد كده طلعوا لبيت الشيخ نصرت في الحطابة، الشيخ نصرت اللي كعادته وبطيبته اللي الناس كلها كانوا عارفينها عنه.. رحب بيهم ودخلهم بيته وسمع لهم، او بمعنى اصح يعني، سمع لرزق اللي حكى له عن كل حاجة، من أول يعقوب وتهديده له.. للحركة اللي عملها على باب البيت، لحد اللي حصل لابنه وبنته.. وبعد ما خلص كلامه، قال له نصرت إنه عاوز يروح معاه البيت، فخده رزق وراحوا البيت فعلًا.. بس اول ما دخل من الباب، برق بعينيه وطلب إنه يدخل يشوف البت صفاء بنت رزق، ومع اول خطوة خطاها جوة أوضتها.. البت اللي كان جسمها سايب زي العيانين، قامت قعدت وابتدت تشد في إيديها المربوطة في شمعدان السرير عشان تفك نفسها، وبكل قوة وبتحدي، قالت للشيخ نصرت وهي بتتكلم بصوت تخين، وعينيها برضه كانت بيضا خالص..
قصة بيت سوق السلاح
-مش هتموتني ولا هتحرقني.. انا اللي هموتهم مهما عملت، هموتهم وهخليهم رماد شبه الرماد اللي انا اتناديت بيه.
قلع الشيخ نصرت عمته وحطها على كرسي جنب السرير، ورد عليها وهو بيطلع من جيبه أزازة مسك..
-ومين اللي ندهك بالرماد ومكان الرماد ده فين؟!
ضحكت البت وردت عليه وهي مبسوطة اوي وكأنها شيطان يا ابني بحق وحقيقي..
-انت بتسأل ليه وانت عارف الأجابة، ماهو قالك على اللي نداني، وهو وهو برضه اللي حط الرماد على عتبه البيت عشان يجيبني ويجيب معايا عشيرتي، ومهما عملت.. مهما عملت مش هنسيب البيت ده إلا لما نموتهم ونخليهم شبه الرماد اللي.. اااه…
ابتدت البت تصرخ لما الشيخ نصرت رش في وشها شوية مسك مقري عليهم، ثواني فضلت تصرخ فيهم بصوت غير صوتها، وبعدها رجعت غابت عن الدنيا من تاني!
مسك الشيخ نصرت عمته وخرج من الأوضة وقعد في الصالة، قعد هو ومحمود ورزق اللي سأله بتعب..
-ايه العمل يا شيخنا.. بنتي كده اتعالجت؟!
لكن نصرت بص على باب البيت بحزن، وبعد كده بص لرزق وقال له…
-لا، بنتك ماتعالجتش ولا هتتعالج، وانت وعيلتك هتفضلوا في اللي انتوا فيه ده طول ما انتوا قاعدين هنا، ماهو اللي اسمه يعقوب ده مش مجرد دجال وبيضحك على الناس بكلمتين وخلاص، ده شيطان.. شيطان في صورة بني أدم، كل شغله بالسحر السفلي ولا عيوذبالله، ف لما جالك البيت هو وجوز بنته، وطلب منك إنك تغيرله ديانته واسمه في ورق الحكومة، عشان لما تعمله كده يسيب القاهرة، ويروح اي محافظة تانية ويعيش بقى وسط ناسها، على إنه مسلم او مسيحي، وهو وأهله يشتغلوا جواسيس لمصلحة الجماعة اللي هم بينتموا ليهم، من البلد دي.. انت رفضت، ورفضك ده هو كان عامل حسابه قبل ما يجيلك، زي ما برضه كان عامل حسابه إنه يسيب البلد ويهرب، على البلد اياها اللي عمري ما هشوفها بلد أبدًا، وده قبل ما تبلغ عنه وتفضحه، ولأنه كان عامل حسابه.. فهو جالك وفي جيبه رماد نجس من اللي بيشتغلوا بيه السحرة أمثاله، والرماد ده بيبقى عبارة عن عضم أموات مخلوط بتراب قبر، وكمان بيبقى مخلوط معاه رماد ورق سحر محروق ومقري عليه عزايم عشان المكان اللي يتحط فيه الرماد ده، يتسلط عليه عشيرة كاملة من شياطين بني الجن.. والعشيرة دي بتنفذ أوامر الساحر وبتعمله اللي هو عايزه، وطبعًا مش محتاج اقولك إنه أمرهم بإنهم يفضلوا ملازمين البيت، لحد ما يجيبوا أجلك انت وعيلتك كلها، لأنك بس قولتله لأ على اللي هو كان عاوزه.. ودلوقتي مابقاش قدامك أي حل غير إنك تسيب البيت ده وتقفله لمدة سنة على الأقل، وبعد ما يتقفل وتلم عفشك منه ويفضى خالص، المفروض إن انا هرشلك مسك في أركانه وهشغلك فيه بخور، وبعد كده تسيبه لفترة زي ما قولتلك، وبعد الفترة دي بقى، نبقى نرجع تاني ونحاول نفتحه.
بعد ما رزق سمع كلام الشيخ نصرت، وسأل عليه كذا حد من اللي بيفهموا في الأمور دي وكلهم أكدوا على نفس الكلام، نفذه.. نفذه ولم عفشه وراح عاش في بيت ابوه اللي في باب الوزير، وفضل قافل بيت سوق السلاح ده لسنين ومارجعلوش تاني أبدًا لحد ما مات، والغريب بقى يا ابني إنه من بعد ما ساب البيت، وهو وعيلته بقوا كويسين.. بنته خفت خالص، وابنه خرج من المستشفى وخف هو كمان، وهو مراته مابقوش يشوفوا اي حاجة غريبة، وفضلوا كده لحد ما رزق مات، وابنه باع البيت لواحد هده، وبنى مكانه بيت تاني أكبر.. اما عن يعقوب وكوهين، فلما رزق رفض طلبهم وخافوا لا يفضحهم.. سافروا للجماعة اللي هم كانوا بيتظاهروا إنهم مش مع افكارهم، وتظاهروا بكده عشان يبانوا قصاد الناس إنهم طيبين، مع إنهم من جواهم معاهم طبعًا، لكنهم زي التعابين، كانوا بيتلونوا عشان يضحكوا على رزق ويفضلوا عايشين في مصر، ويفضل يعقوب بقى شغال بالسحر وبيضحك على الناس، وفي نفس الوقت كان عاوز ينقل اخبار مصر للجماعة البُعدا.. لكن كل ده ماحصلش، ورزق دفع تمن إنه قال لأ، وعاش في رعب هو وعيلته لحد ما راحوا للشيخ نصرت اللي خلاهم يسيبوا البيت، وبعد كده كملوا حياتهم بخير، اما بقى عن البيت الجديد اللي اتبنى مكان البيت القديم، فأهله ماشافوش حاجة غريبة وفضلوا عايشين فيه، وبس كده..
قصة بيت سوق السلاح
-بس ايه يا ستي.. بس ايه.. الشيخ نصرت ده مين وايه حكايته، انتي اول مرة تجيبيلي سيرته اصلًا!
سكتت جدتي شوية وكأنها بتفتكر حكايته، وبعد سكوتها شوية قالتلي..
-اه.. انا ماحكتلكش عنه قبل كده لأن ماجاتش مناسبة، بس انا بقى هحكيلك.. هحكيلك عنه وعن الناس اللي ساعدهم لوجه الله، ومن ضمنهم كان صاحب الدكان بتاعت الفول اللي جنبنا، ماهي زمان ماكانتش دكانة فول.. دي كانت دكانة بتاعت واحدة اسمها ارزاق.. وارزاق دي بقى حكايتها حكاية..
قصة بيت سوق السلاح
كانت ستي بتتكلم عن الدكانة دي وانا بسمعها وسرحان، ايوة سرحت.. ما انا نفسي كان ليا موقف مرعب مع الدكانة دي، ولو عاوزين تعرفوا ايه الموقف المرعب اللي حصل لي عند الدُكانة، او تعرفوا حكاية ارزاق والدُكانة نفسها، وكمان حكاية الشيخ نصرت.. فانتوا ممكن تنورونا في معرض القاهرة الدولي للكتاب، صالة ١.. قسم c١٢.. مع المحتوى العربي للنشر والتوزيع.. من يوم ٢٧ يناير، ليوم ٧ فبراير.. ولما تروحوا.. اسألوا عن رواية دُكان أرزاق، وهي الرواية الأولى من سلسلة روايات حكايات جدتي، واللي هتبقى بتتكلم عن الشيخ نصرت وعن دُكان أرزاق بشكل اكبر.. وممكن كمان لو جيتوا يوم الجمعة ٢٨ يناير، او الجمعة ٤ فبراير.. تلاقوني، وتلاقوا محمد شعبان كاتب الرواية وتاخدوا الرواية موقعة منه.. اما بقى عن حكاية ابو دودة وعم احمد البسطاويسي، فدول هنتكلم عنها الحلقة الجاية، لأني فعلًا روحتله وعرفت منه حكاية ابو دودة بتفاصيل اكتر، وكمان عرفت منه حكاية اقوى من حكاية ابو دودة نفسه.. حكاية هرجع قريب اوي وهحكيهالكوا.. نتقابل قريب، او نتقابل في معرض الكتاب للناس اللي هتيجي.. سلاااام..
تمت
محمد_شعبان
قصة بيت سوق السلاح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى