قصص

قصة تخاريف ابليس

قصة تخاريف ابليس

فردت جسمي على سريري، ولسه هغمض عنيا عشان انام.. فجأة اتنفضت لما سمعت من برة الأوضة، صوت غريب.. كان صوت أشبه بالخبط، لكنه ماكنش منتظم.. شوية يعلى وشوية يوطى، او بمعنى أدق؛ شوية يقرب وشوية يبعد!
بس لما ركزت مع الصوت ده بشكل أكبر، اكتشفت إنه مش جاي من برة الأوضة..لا، الصوت كان جاي من برة المبنى كله.
قومت من مكاني بالراحة، عشان ما اصحيش زميلي اللي نايم على السرير اللي جنبي، روحت ناحية باب الأوضة وفتحته، خرجت منه وانا بتمشى ناحية باب المبنى بكل هدوء.. لكن الباب وعلى غير العادة، كان مفتوح!
الدنيا برة كانت هادية، صحرا وضلمة وسكوت، خرجت من المبنى وانا ببص حواليا.. كنت بدور على المُتسبب في صوت الخبط ده، لكن مافيش!
الدنيا هُس هُس.. مسحت المكان بعينيا شمال ويمين لحد ما فجأة سمعت حد بيصرخ.. الصوت كان جاي من بعيد، بس.. انا مستحيل اتحرك من مكاني واشوف مين اللي بيصرخ ده، احنا في صحرا.. واكيد اللي بيصرخ دلوقتي ده مش بني أدم، او ممكن يكون حد من زمايلي في الموقع، حد هو اللي فتح الباب وخرج يشرب سيجارة، ولما وقف برة في الضلمة دي، هَجم عليه حيوان مفترس ولا اي بلوة من البلاوي اللي في الصحرا وهي اللي خلته يصرخ بالشكل ده!
بس لا لا لا.. ده مش ممكن يكون بني أدم ابدًا، وبعدين حيوان ايه اللي هيخطف حد من اللي شغالين، انا شكل قلة النوم والأرهاق وحكايات المهندس رمزي، هم اللي خلوني اتخيل افلام هندي.. طب ايه طيب.. اروح ولا ما اروحش؟
وقبل ما اخد قراري سمعتها للمرة التانية، نفس الصرخة، لكن المرة دي بقى اتأكدت إنها مش صرخة حد من العمال ولا صرخة راجل من أصله، دي صرخة واحدة ست!
خطيت ناحية المكان اللي سمعت منه الصرخة، اتمشيت بهدوء برة الموقع وانا ببص شمال يمين، جوايا احساس بيقولي إن صاحبة الصرخة دي واحدة ست واقعة في مشكلة ومحتاجة لمساعدة، وفي نفس الوقت كان جوايا ١٠٠ احساس تاني بيقولوا لي ارجع.. ماتروحش، اللي صرخت دي مش بني أدمة، دي.. دي جنية او عفريتة، لكن هنقول ايه بقى.. فضولي وصوت العقل هم اللي انتصروا.. ما عفريت إلا بني أدم، جملة كان دايمًا ابويا يقولهالي، جملة افتكرتها كويس وبدأت اتصرف على أساسها، فضلت ماشي في الصحرا بالليل وانا بدور على أي حد أو على أي حاجة تفسرلي، سواء صوت الخبط اللي سمعته وخرجت بسببه، او صوت الصرخات اللي سمعتها مرتين!.. بس مافيش، المكان كان بارد وضلمة، صحرا.. مافيهاش صريخ ابن يومين، فكرت بعد دقايق من المشي بدون أي فايدة، إن انا ارجع.. لكني فجأة وقفت ثابت في مكاني لما سمعت اللي سمعته من ورايا، صوت أنفاس وكأن حد بيلهث، بصيت بعيني تلقائيًا كده على شمالي عشان اشوف على الرمل أثار خطوات، حد كان جاي من بعيد وأثار رجليه واضحة.. أثار رجليه اللي انتهت ورايا بالظبط، يعني انا دلوقتي في حد… في حد واقف ورايا!.. الأنفاس والخطوات والحرارة اللي حسيت بيها في ضهري، كل دي حاجات بتأكد إن انا مش لوحدي، لفيت بجسمي بالراحة وانا بقول بصوت عالي.. “سسسس.. سسسلام قول من رب رحيم.. سلام قول من رب رحيم”.. بس مافيش، مافيش حد، وأثار الخطوات اللي شوفتها، كانت موجودة اه، لكنها انتهت ورايا بالظبط، وكأن كان في حد جاي من على شمالي من بعيد اوي، وفضل ماشي لحد ما وقف ورا ضهري.. وفجأة الأرض اتشقت وبلعته، او.. او طار مثلًا!
الرعب في اللحظة دي كان اتمكن مني، ابتدى قلب يدق بشكل مستمر دقات سريعة، بصيت شمال ويمين ولسه هجري وارجع

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه سرداب الموت (كامله)

رواية الشادر الفصل الثامن

للمبنى اللي كان بيبعد عني بحوالي كام متر.. فجأة حسيت إن رجليا اتكلبشت في الأرض، وماقصدش إن انا مش قادر احركها لا.. انا رجليا حرفيًا اتكلبشت، في إيدين خرجوا من الأرض ومسكوا في رجليا عشان يمنعوني من الجري، بصيت على الإيدين اللي مسكت رجلي لقيت شكلهم مرعب، كفين ليهم ضوافر طويلة اوي، لونهم اسود وماسكينني بكل قوة، حاولت احرك رجلي او ازقهم او اعمل أي حاجة تخليني افلت من المصيبة اللي انا فيها دي، بس ماعرفتش.. ماعرفتش اتصرف لما سمعت من قدامي بالظبط صوت أشبه بصوت هوهوة الكلاب.. رفعت وبصيت عشان الاقيه واقف قصادي، كلب لونه أسود وضخم، ماسكه راجل طويل اوي.. طويل لدرجة إن عنيا ماكانتش قادرة توصل لراسه، بس.. بس.. مش مهم راسه، ولا مهم الراجل اصلًا، انا كل اللي يهمني هو الكلب اللي بدأ يزووم ويرجع بجسمه لورا.. وطبعًا مش محتاج اقول إنه بدا يتحفز عشان يهجم عليا، وهو ده اللي حصل.. لما نط فجأة من مكانه وهجم عليا، قاومته، الدنيا ضلمت لما وقع على راسي ووقعني في الأرض، فضلت اضرب فيه بإيديا الاتنين وانا باخد نفسي بالعافية لأنه كان تقيل اوي.. زقيته بكل قوتي وزيحته من عليا عشان اتفاجيء بنفسي وانا.. وانا نايم على سريري!

قصة تخاريف ابليس
ايوه.. انا كنت نايم على سريري وكمان كنت بحلم، والحاجة.. الحاجة اللي انا كنت بزقها بإيديا ماكانتش الكلب خالص، دي كانت البطانية اللي انا متغطي بيها…!
زيحت البطانية وابتديت ابلع ريقي بالعافية، بصيت لزميلي اللي نايم جنبي، لقيته لسه نايم زي ماهو.. مش مدريان بأي حاجة، وقبل ما اتحرك وانزل من على السرير، جسمي اتنفض لما سمعت أصوات خبطات.. اصوات شبه الصوت اللي خلاني خرجت من المبنى في الحلم…
(عم جاد.. يا عم شريف… اصحوا يلا الساعة بقت ٧..)
اتنفست بهدوء لما اطمنت إنه رزق الاستيوارت، بصيت ناحية الباب ورديت عليه بصوت عالي..
-احنا صاحين يا رزق، هنلبس ونخرج اهو.. روح على المطبخ وانا جاي وراك.
(حاضر يا عم شريف..)
بعد ما رد عليا، روحت ناحية الطباخ جاد اللي نايم على السرير اللي جنبي..
-جاد.. انت يا عم جاد اصحى، الساعة بقت سبعة.
قصة تخاريف ابليس
قام من النوم وصبح عليا، اما انا بقى، فانا دخلت الحمام غسلت وشي وخرجت البس، في الوقت ده دخل جاد الحمام وانا قعدت على السرير لثواني.. ثواني افتكرت فيهم حياتي قبل ما اجي الموقع هنا، انا الشيف شريف الهادي.. شيف ابن شيف، ورثت الشغلانة من ابويا، اشتغلت طول حياتي في أوتيل كبير مافيش داعي لذكر أسمه.. وفضلت شغال فيه لحد ما حصلت مشاكل في أدارة الأوتيل وقفل، قفل زي ما أي مكان ممكن يقفل بسبب مشاكل أدارية او مالية، وطبعًا لما قفل.. اتسرحت انا وكل العمال اللي كانوا بيشتغلوا فيه، سواء بقى طباخين او عمال استقبال او غيرهم.. كلنا مشينا وكل الواحد شق طريقه، بعد كده قدمت في كذا مكان.. أوتيلات ومطاعم وشركات تغذية، لحد ما اتقبلت في واحدة من الشركات دي؛ شركة تغذية كبيرة.. بتقدم خدمات لمواقع بترول مختلفة، او بمعنى أوضح.. الشركة دي بتستلم موقع البترول، وبتقدم للي شغالين فيه كل خدمات، من أكل، لشرب، لتنضيف غرف لكل الحاجات المتعلقة بخدمة المهندسين والعمال اللي شغالين في الموقع، وكان من الطبيعي إن انا لما اتقبل في الشركة دي، إنهم يودوني موقع من المواقع.. والحقيقة انا مش محظوظ اوي لأن شغلي كان في موقع بعيد عن العمار والبيوت، موقع بترول موجود في صحرا.. والمفروض إن انا وكل اللي شغالين معايا في الشركة، المفروض إننا مسئولين عن فطار وغدا وعشا.. العمال والمهندسين.
وفي الحقيقة ما انكرش إنه كان شغل صعب اوي بالنسبة لي، خصوصًا إني طول عمري متعود على الشغل في مكان راقي زي الأوتيل، بس انا كنت هعمل ايه يعني.. انا مالقتش شغل غير ده، وطبيعي يعني مش هتشرط ولا هتأمر على شغل هيأكلني انا وولادي.. وعشان لقمة العيش وافقت، وافقت إن انا اشتغل في صحرا لمدة اسبوعين وانزل بعدهم اسبوع أجازة، اه هي دي طبيعة الشغل.. طبيعة الشغل اللي مهما كانت قاسية، فقسوة الجوع ومصاريف العيال وامهم.. اقسى وآمر بكتير..
فوقت من سرحاني على صوت زميلي جاد اللي خرج من الحمام..
-ايه يا شريف.. سرحان في ايه؟!
ابتسمت له وانا بكمل لبس..
قصة تخاريف ابليس
-لا مافيش مافيش.. يلا نلبس بسرعة عشان نلحق نحضر الفطار للعمال.
لبسنا احنا الاتنين وخرجنا من الأوضة، روحنا للمطبخ اللي كان واقف فيه الواد رزق الاستيوارت.. وده الشاب اللي بيغسل الصحون وبيحضر لنا الأدوات في المطبخ وكمان بينضفه، ومعاه كان واقف الشيف خالد.. او شيف الموقع الكبير زي ما بيقولوا، وده ببساطة اللي بيعتبر رئيسي في الشغل وهو المسئول عن كل صغيرة وكبيرة في شغلنا، سلمت عليهم انا وجاد وابتدينا نشتغل، جهزنا الفطار للعمال والمهندسين اللي بعد ما فطروا، قعدوا يشربوا الشاي في مكان ما برة المطبخ، والمكان ده هو المكان المخصص للأكل والاستراحة ولشرب الشاي.. والتدخين أحيانًا، وقتها خرجت انا وجاد وقعدنا في الاستراحة نشرب شوية شاي مع شوية من المهندسين.. كانوا اتنين مهندسين مانعرفهمش، واتنين مهندسين نعرفهم، ودول اول ناس كنت اتعرفت عليهم وقت ما جيت الموقع انا وجاد من تلات أيام، ودي ماكانتش المرة الأولى اللي نقعد معاهم فيها، احنا تقريبًا من وقت ما جينا واحنا بنقعد نتكلم معاهم وقت ما بيبقى في استراحة.
سلمنا عليهم انا وجاد وقعدنا جنبهم، وقتها وكعادته يعني، ابتدى المهندس رمزي يتكلم عن الصحرا وعن العفاريت وعن الجن..
-ده امتى بقى الواحد ربنا يتوب عليه من القعدة في الصحرا دي، والله الواحد خايف لا يتلبس ولا يجراله حاجة، طب تعرفوا.. ده انا من حوالي سنة كده كنت شغال في موقع صحراوي برضه، والموقع ده كان فيه عامل بيخرج يشرب سجاير لوحده بالليل.. ويا عيني عليه، في مرة وهو واقف لوحده بالليل طلعله جن و…
قاطعته وقتها وانا بقوم من مكاني…
-لا حول ولا قوة إلا بالله.. هيقولك يا عيني ويا ليلي، انا قايم يا بشمهندس، قايم ومش عايز اسمع حاجة.
مسكني المهندس زميله واللي اسمه فريد بالمناسبة يعني من دراعي، وبعدها قال لي وهو بيقعدني مكاني وبيبتسم اوي..
-جرى ايه يا شريف، اقعد يا راجل.. هو انت بتخاف ولا ايه؟!
بصيت لرمزي وقولتله وانا متضايق..
قصة تخاريف ابليس
-مش مسئلة بخاف.. بس انا طول الليل امبارح وانا بحلم بكابوس عن الحكاية اللي حكاها البشمهندس امبارح، وبعدين ما انا غلطان برضه إن انا ركزت معاك.. انا مالي انا ومال البشمهندس زميلك اللي طلعله جن في الصحرا وكان في إيده كلب..
ضحك جاد وقام وقف وراح ناحية المطبخ..
-طب اسيبكوا انا بقى مع الجن اللي مربي كلب ده، وادخل للواد رزق عشان نحضر لشغل الغدا.
دخل جاد.. وساعتها بص لي رمزي وقال لي..
-جرى ايه يا عم شريف، ماتخافش يا راجل.. احنا بنحكي وبنتسامر الكام دقيقة دول قبل ما نطلع على الموقع، ماتبقاش خواف كده اومال وجمد قلبك.. احنا لسه هنقعد مع بعض اسبوعين و..
قطع صوت رمزي، صوت صرخات جت من المطبخ…
-ده جاد.. جاد اللي بيصرخ…
قصة تخاريف ابليس
اول ما قولت كده طلعت جري انا وكل اللي قاعدين على المطبخ.. المطبخ اللي أول ما دخلناه، كلنا جرينا على جاد اللي كان واقع على الأرض وعمال يتشنج، ورزق كان واقف جنبه وهو مذهول!
قربنا منه وحاولنا نفوقه، لكنه كان بيتشنج بكل قوة وكأنه عنده نوبة من نوبات الصرع اللي بنسمع عنها، اتلمينا كلنا عليه وفضلنا نغسل وشه بمايه لحد ما بقى أهدى، قعدناه على كرسي وفوقناه، لكنه لما فاق وبقى أهدى.. كان ساكت، كان بيبصلنا وهو مذهول ومابيتكلمش، وقتها بصيت لرزق وسألته..
-هو في ايه.. ايه اللي جرى له، ما الراجل كان قاعد معانا كويس؟!
حاول رزق يتماسك، كان واضح عليه إنه مرتبك وقلقان من الموقف ككل..
-مافيش.. انا كنت واقف على الحوض وفجأة لمحته وهو داخل.. بس أول ما دخل كام خطوة وقرب مني، فجأة لقيته برق لي ومسك راسه ووقع على الأرض، ابتدى يتشنج ويصرخ زي الملبوسين اللي كنت بشوفهم عندنا في البلد.. اه والنعمة انا من بلد أرياف واللي كان بيبقى ملبوس عندنا، كان بيفضل يتشنج وكأنه متكهرب بالشكل ده.
قربت من جاد وسألته..
-جاد.. انت كويس؟!
هز لي راسه بحركة معناها اه.. اطمنت شوية والوضع بقى أهدى، في الوقت ده وبعد ما المهندسين اطمنوا عليه، خرجوا من المطبخ وراحوا يشوفوا شغلهم في الموقع.. لكنهم بمجرد ما خرجوا قرب مني رزق وقال لي..
-يا عم شريف.. عم جاد محتاج لشيخ يقرا عليه، ده ملبوس.. وربنا ملبوس وعاوز شيخ.
بصيتله من فوق لتحت وبعد كده بصيت على الحوض..
-اجري يا رزق.. اجري يا رزق شوف شغلك وماتشغلش بالك انت بجاد، انا هوديه يرتاح في أوضته وشوية وهيبقى كويس.
حط رزق وشه في الأرض وراح يكمل شغله، بعدها خدت جاد من إيده ودخلته الأوضة اللي بننام فيها، قعدنا انا وهو على سريره، كان تايه ومش مركز.. عينيه ماكانتش ثابتة في مكانها، حطيت إيديا على كتفه وسألته وانا بصراحة قلقان عليه اوي..
-ايه اللي حصل لك يا صاحبي؟.. هو انت اصلًا متعود على النوبة دي، ولا اول مرة تجيلك؟!
بص لي وقال لي بتعب..
قصة تخاريف ابليس
-لا.. مش اول مرة، انا أصلًا تعبان، النوبة دي بتجيلي من وقت اللي حصل لي زمان، بس انا طبعًا ماقولتش لحد ومش هقول..
لما قال لي كده، الفضول خلاني اسأله..
-وايه اللي حصل لك زمان؟!
بص قدامه بنظرة فاضية وكأنه بيفتكر شيء مؤلم هو مر بيه..
-هحكيلك.. هحكيلك لأنك طيب وجدع وابن أصول، انا اه ماعرفكش بقالي كتير، بس انا من اللي شوفته واللي مريت بيه، بقى ليا نظرة في الناس.. وعشان انت جدع وطيب هحكيلك، هحكيلك بس أمانة عليك ما تحكي لحد.. اعتبره سر وادفنه جواك زي ما انا كمان دفنته جوايا وحاولت اعيش وانا ناسيه.
-اوعدك هيفضل سر.. بس فهمني، ايه اللي اتعرضتله وخلاك توصل للحالة دي؟
وفعلًا ابتدى جاد يحكيلي…
قصة تخاريف ابليس
-من سنين كتير كنت شاب عايش في بلد ريفية، ابويا وامي ميتين وعشان كده اتربيت في بيت عمي، اهل ابويا عيلة كبيرة.. حصلت ما بينهم وما بين عيلة تانية في البلد مشكلة او عركة زي ما بنقول.. عركة راح فيها ناس مننا، وناس من الناحية التانية.. بس يومها انا فاكره كويس، او افتكرته مع الوقت لأني بعد اللي حصل فقدت الذاكرة مؤقتًا، في اليوم ده كنا بندافع عن عرضنا وشرفنا، واحد من العِيلة التانية اتعرض لواحدة مننا، ف ابن عمي التاني… او عمي اللي انا مش عايش معاه يعني، ابنه سحب سلاحه وطلع على بيت الواد ده، وطبعًا لأن الواد كان عامل مصيبة، فأهله كانوا عارفين إن في مشكلة هتحصل، وعشان كده لما ابن عمي راح لهم كانوا مستنينه، اتكاتروا عليه وضربوه علقة موت.. وعقبال ما راح المستشفى كان مات، بعدها اتلمت عيلتنا وطلعنا على بيوت العِيلة اللي قتلت ابن عمي، كانت خناقة كبيرة اوي ووقع فيها شباب ورجالة، اما انا بقى، فانا ماكنتش بتخانق.. انا كنت طيب، اهبل.. كنت بحاول اتكلم كلمة عدلة أهدي بيها الجو، كنت بحاول امنع ولاد عمي وشباب العيلة التانية من بحر دم كلنا ممكن نغرق فيه، بس تقول لمين يا صاحبي.. لا حياة لمن تنادي، الضرب فضل شغال لحد ما فجأة الدنيا ضلمت، خدت ضربة على راسي خلتني فقدت الوعي، فوقت منها لقيت نفسي راقد على سرير في مستشفى، وكان جنبي عمي وولاده.. كانوا بيتكلموا مع بعض عن إنهم لازم يهربوني لأن العيلة التانية دي عاوزة تموتني عشان فاكرين اني قتلت حد منهم، واللي قتله حد تاني من قرايبنا كان واقف جنبي واتضرب معايا ومات، بس انا ماكنتش فاكر اللي حصل بالظبط.. انا جالي فقدان ذاكرة مؤقت، وعشان كده طاوعتهم وسمعت كلامهم وهربت على القاهرة، روحت لواحد قريب امي من بعيد، واحد اهل بلدنا ماكنوش يعرفوه ولا عمرهم يتخيلوا إن انا روحت وقعدت عنده، الراجل ده عمي كان يعرفه كويس بحكم إنه اخو ابويا وعارف أهل امي كلهم، فروحت وعيشت معاه واتعلمت منه الطبخ، وفضلت عايش وبشتغل معاه لحد ما مات، لكن من بعد الحادثة وانا بقيت مش انا.. أينعم مع الوقت افتكرت يوم العركة وكمان افتكرت كل حاجة، لكني خرجت من اللي مريت بيه ده بنوبة صرع.. نوبة صرع فضلت ملزماني وبتجيلي من وقت للتاني، حاولت اتعالج منها وروحت لدكاترة ياما، كلهم قالوا إن انا جسديًا وعقليًا كويس، ورجحوا كمان إن سببها نفسي لأني اتعرضت لتجربة قاسية وشديدة على عكس طبيعتي، اه.. ما انا كنت فلاح ومتربي وسط عيلة شديدة صحيح، إنما عمري ما كنت زيهم، انا كنت ومازالت مُسالم، لا بتاع مشاكل ولا بحبها ولا حتى بحب اتدخل فيها، ده حتى العيلة التانية ظلموني وكانوا عاوزين يموتني ظُلم، اه والله ظُلم.. تخيل لما يبقى كل ذنبك في الحياة انك اتدخلت في خناقة عشان تهديها، فاتضربت وكمان راسك بقت مطلوبة، بس يلا.. هنقول ايه بقى، الحمد لله إن انا خرجت منها على خير والحمد لله إن انا عايش من أساسه، وبس يا سيدي، من يومها وانا زي ما انت شايف، شوية شيف في المطعم ده، وشوية طباخ في المطعم ده، لحد ما أخيرًا ربنا كرمني وقدمت ورقي في الشركة اللي احنا شغالين فيها دي واتقبلت، ومش هقولك بقى إني كنت زعلان عشان هشتغل في موقع صحراوي وبعيد.. لا والله، بالعكس، انا كنت مبسوط اوي.. مبسوط لأني هبعد عن العيون وهتعامل مع ناس اقل، وكمان لأني هبقى موظف وليا حياة جديدة غير حياة الشحططة اللي كنت عايشها من وقت ما سيبت البلد.
لما جاد وصل لحد هنا طبطبت عليه وانا بحاول اواسيه..
-ياه يا جاد.. ده انت شايل كتير يا راجل، بقى كل ده شايله في قلبك وساكت؟!
ابتسم وقام وقف وقال لي وهو بيروح ناحية الباب..
قصة تخاريف ابليس
-واديني خرجته وحكيتهولك، بس سيبك.. سيبك ويلا بينا، يلا نرجع الشغل لا الشيف ياخد باله من إننا سايبين المطبخ ومابنحضرش الغدا للعمال والمهندسين، وساعتهت هيخلي يومنا مش فايت.
ابتسمتله وقومت وراه، خرجنا من الأوضة ومن مبنى المبيت كله وروحنا للمبنى اللي فيه المطبخ وصالة الأكل والمخزن، دخلنا المطبخ وجهزنا الغدا وقضينا طول اليوم عادي جدًا لحد بالليل، ومع نزول الليل على المكان وعلى الساعة ٩ بالليل، كان جاد نايم في سريره.. اما انا بقى، فانا ليلتها ماكنش جايلي نوم، فخرجت برة المبنى ووقفت عشان اشرب سيجارة، ووانا واقف في مكاني وقبل ما اولع السيجارة، سمعت من ورايا صوت بيقولي..
يتبع
(ده الجزء الأول من قصة تخاريف ابليس.. ..)
قصة تخاريف ابليس
الجزء الثاني
تخاريف إبليس
٢
-ياه يا جاد.. ده انت شايل كتير يا راجل، بقى كل ده شايله في قلبك وساكت؟!
ابتسم وقام وقف وقال لي وهو بيروح ناحية الباب..
-واديني خرجته وحكيتهولك، بس سيبك.. سيبك ويلا بينا، يلا نرجع الشغل لا الشيف ياخد باله من إننا سايبين المطبخ ومابنحضرش الغدا للعمال والمهندسين، وساعتهت هيخلي يومنا مش فايت.
ابتسمتله وقومت وراه، خرجنا من الأوضة ومن مبنى المبيت كله وروحنا للمبنى اللي فيه المطبخ وصالة الأكل والمخزن، دخلنا المطبخ وجهزنا الغدا وقضينا طول اليوم عادي جدًا لحد بالليل، ومع نزول الليل على المكان وعلى الساعة ٩ بالليل، كان جاد نايم في سريره.. اما انا بقى، فانا ليلتها ماكنش جايلي نوم، فخرجت برة المبنى ووقفت عشان اشرب سيجارة، ووانا واقف في مكاني وقبل ما اولع السيجارة، سمعت من ورايا صوت بيقولي..
-يا شريف.. بتعمل ايه برة المبيت يا شريف؟!
كان البشمهندس رمزي، رمزي اللي صوته خلاني اتخضيت واتنفضت في مكاني، لدرجة إن من الخضة، السيجارة وقعت من إيدي..
-لا حول ولا قوة إلا بالله.. مش كده يا بشمهندس رمزي، وربنا ما هينفع الرعب اللي انت معيشنا فيه ده.
ضحك المهندس فريد اللي كان واقف معاه، وقال لي وهو بيحط إيده على كتفي..
-جرى ايه يا عم شريف، انت هتقضيها كوابيس وخوف ولا ايه، يا راجل بنقولك جمد قلبك كده، ده احنا لسه مطولين مع بعض.
حاولت اهدى وطلعت سيجارة تانية من العلبة وولعتها، وقتها بص لي رمزي وقال لي وهو بياخد نفس من سيجارته..
-انا ماقصدتش اخضك يا شريف والله، انت بس اللي اعصابك خفيفة، وبعدين انا مش عارف انت ازاي خارج تشرب سيجارة لوحدك بالليل، وانا لسه الصبح كنت بحكيلك على واحد اتلبس وهو بيشرب سيجارة بالليل في موقع من المواقع و..
وقتها قاطعه فريد بسرعة..
-يا عم اسكت الله يرضى عليك وبطل هزار بقى…
وبعد كده كمل كلامه وهو بيبص لي..
-سيبك منه يا شريف، هو جاد عامل ايه صحيح؟!
خدت نفس من السيجارة وجاوبته وانا ببص على الصحرا اللي حوالينا..
-بقى أحسن، بيقول إنها اول مرة تجيله، تلاقيه اتخبط ولا جاله كهربا زيادة ولا حاجة.
قولتله كده وسكتت، ولو هتقولي كدبت عليه ليه، فانا هقولك إني كنت لازم اعمل كده.. ماهو الموضوع لو اتعرف والكلام بدأ ينتشر عن إن جاد عنده صرع وبيجيله باستمرار، فدي حاجة ممكن تخليهم يمشوه من الموقع ومن الشركة خالص لو اتأكدوا إنه مش سليم، لكن وانا واقف سرحان وجنبي فريد ورمزي بيتكلموا، ماكنتش مركز معاهم.. انا كنت مركز مع حاجة تانية، حد واقف بعيد ورا المبنى اللي المهندسين بيباتوا فيه.. ايوة حد، حد مش باين منه أي حاجة بسبب الضلمة، ومع ذلك لمحته وخدت بالي منه بسبب حركته، وقتها قاطعتهم وقولتلهم بخوف وانا بشاور ناحية المبنى اللي مكانه قصاد المبنى بتاعنا بالظبط..
-هناك.. ورا المبنى اللي بتباتوا فيه، في حد واقف وبيبص علينا!
ركز فريد مع المكان اللي شاورت عليه..
-حد!.. حد مين ده؟!
اتمشى فريد ناحية المكان ووراه رمزي وانا وراهم هم الاتنين، المبنى كان بعيد عننا بشوية، فضلنا نتمشى لحد ما وصلنا للمكان اللي شوفت عنده الراجل، وساعتها بص لي فريد وهو مستغرب..
-مافيش حد يا عم شريف، انت بيتهيألك ولا ايه؟!
قصة تخاريف ابليس
اول ما قال كده، ضحك رمزي بهستيريا…
-ههه.. تلاقيه الجن ولا العفريت اللي حلم بيه امبارح.
لما رمزي قال كلامه ده، فريد غصب عنه ضحك هو كمان..
-الله يخربيتك.. يا ابني انت مش هتكبر بقى، جن ايه يا عم اللي هيطلعله من الحلم!
بصيت لهم وانا ساكت، بعد كده بصيت ناحية المكان اللي لمحت الشخص الغريب ده واقف فيه..
-طب عليا الطلاق كان في حد واقف هنا يا بشمهندس منك له، هو انا اتجننت يعني يا جدعان ولا ايه؟!
مسك فريد نفسه بالعافية طبعًا من كتر الضحك، وقرب مني وقال لي بجدية عشان يطمنني..
-يا عم صلي على النبي، ولا أي جن.. ده تلاقيه حد من العمال كان واقف بيشرب سيجارة ولا حاجة، ولما خد باله من إن احنا شوفناه، خاف وطلع يجري ولف من ورا المبنى ولا حاجة، روق كده وماتاخدش كل حاجة بجد.. احنا هنا بنشتغل وطالع عنينا عشان لقمة العيش، فماتحطش في دماغك بقى موضوع العفاريت ده وماتاخدش على كلام رمزي.. رمزي اصلًا تلات تربع كلامه هزار.. اهو، بنحاول نهون على بعض بدل ما نطق من كتر الشغل والبعد عن أهالينا.
قرب مننا رمزي ووجه كلامه لفريد..
-يا عم فريد ده شكله خواف وكئيب، انا مش ههزر معاه تاني ولا هحكيله على اي حاجة من المواقف المرعبة اللي شوفتها في الشغلانة دي.. انا غلطان اصلًا اني مش زي بقية المهندسين، ولا هو لازم اكشر وابقى جامد ومابتكلمش مع حد، ولو اتكلمت اشخط وانطر عشان الناس تحبني يعني؟
قصة تخاريف ابليس
لما رمزي قال كده، حسيت في كلامه بشوية زعل مني.. انا حقيقي مش قوي للدرجة اللي تخليني اقول اني مش خواف، ويمكن ده السبب اللي خلاني بقيت بخاف من حكاياته، بس هو في الأول وفي الأخر برضه، مهندس جدع.. معاملته معايا انا وكل اللي شغالين في الموقع مختلفة عن معاملة بقيت المهندسين، فعشان اتدارك الموقف، قربت منه وقولتله بود..
-حقك عليا يا بشمهندس.. انا ماقصدش ازعلك والله، كل الحكاية بس إن انا مش واخد على الجو في الصحرا هنا و.. يا بشمهندس.. انت.. انت مبرق على ايه ورايا؟
كان رمزي واقف وهو مبرق على حاجة ورايا ومابيتكلمش، الرعب والخوف خلوني ماتوقعش ايه اللي ممكن يكون واقف ورايا، وعشان كده قربت منه ومالفتش رقبتي ولا كنت هلفها عشان ماشوفش اللي ورايا..
-الراجل.. اللي معاه كلب.. وراك.. وراك يا شريف!
اترعبت اول ما قال لي كده، بس في ثواني ضحك هو وفريد، وفي اللحظة دي أدركت إنهم بيهزروا معايا، فضحكت انا كمان بصراحة.. وفضلنا نضحك احنا التلاتة واتمشينا لحد ما وصلنا عند المبنى اللي انا بنام فيه، المبنى اللي بمجرد ما وصلنا قدامه، سكتنا احنا التلاتة وبصينا لبعض بقلق لما سمعنا صوت حد بيصرخ من جوة!
دخلنا جري احنا التلاتة على مصدر الصوت اللي كان جاي من أوضتي انا وجاد، ايوة.. جاد كان نايم على سريره وعمال يتنفض وعينيه الاتنين لونهم أبيض تمامًا، بالظبط زي ما كان الصبح، وطبعًا مش محتاج اقول إن كل اللي موجودين في الأوض جنبينا بما فيهم الشيف خالد.. كلهم اتلموا حوالين جاد اللي بعد شوية ابتدى يهدى ويفوق، ومع فوقته الارتياح ظهر على وش معظم اللي واقفين ماعدى رزق الاستيوارت.. رزق اللي اتكلم وهو خايف وقلقان وقال لي بصوت مسموع..
-ما انا قولتلك يا عم شريف… قولتلك لما تِعب الصبح في المطبخ إنه ملبوس ومحتاج لشيخ.
بصيتله وانا ببرق عشان يسكت..
-يا أخي هو احنا في ايه ولا في ايه.. ملبوس ايه بس، اجري هاتله اي حاجة من المطبخ يشربها ولا..
لكن وقتها اتدخل الشيف خالد وقال باستغراب..
-تِعب الصبح في المطبخ وتِعب تاني دلوقتي؟.. طب ماحدش فيكوا قال لي ليه؟
-ما حضرتك كنت مش موجود في المبنى وكمان هو.. هو تعب بسيط وبأذن الله يعني مش هيتكرر.. ولا ايه يا جاد؟!
لما قولتله كده ماردش عليا، جاد ماكنش معانا اساسًا، كان تايه وكأنه لسه بيستوعب الدنيا من حواليه!
بس اللي رد عليا وقتها كان شيف خالد اللي قال لي..
-حد يفضل معاه لغاية الصبح، وانا هكلم الشركة تبعتلنا طباخ الصبح وهو ينزل يكشف في أي مستشفى، انا ماينفعش اسيبه في الموقع وهو بالشكل ده.
وفعلًا اللي قال عليه الشيف خالد حصل، كل واحد كان واقف في الأوضة رجع لمكانه، وانا فضلت سهران مع جاد لحد الصبح، ومع طلوع النهار جه طباخ تاني اسمه كمال، وجاد نزل من الموقع وراح يكشف في مستشفى بأمر من الشركة، وده ببساطة لأن ماينفعش طباخ ولا حد من العمال اصلًا، يكون مريض وبيشتغل في موقع من المواقع اللي الشركة بتخدمها، وكمان لأنه كان تعبان تعب شديد اوي وماكنش مركز مع اللي حواليه، ولحد هنا اقدر اقول إن الموضوع كان عادي ويعدي.. شوية كوابيس على تخاريف على هواجس بتجيلي.. وطباخ زميلي اكتشفنا إنه مريض واترحل من الموقع، إنما الحاجة الغريبة بقى واللي الموقع كله اتكلم عنها، هي جملة لقيناها مكتوبة على حيطة من حيطان المبنى اللي بنبات فيه.. جملة كانت مكتوبة بلون أسود، وكأنها اتكتبت بالفحم.. جملة غامضة ومرعبة…
(أبليس هياخد روحك يا عبد المقصود…)
الجملة دي خلت كل اللي في الموقع يتكلموا، سواء في شركتنا، او عمال من شركة البترول، او حتى مهندسين وموظفين ورؤسا!
قصة تخاريف ابليس
وطبعًا عشان الموضوع يتلم، فرئيس الموقع والشيف بعد كلام الكامب بوس.. او الكامبوس زي ما بنقول عليه، واللي هو المسؤول عن الاشراف على شغلنا كشركة خدمات في الموقع.. الاتنين بعد كلام الكامبوس ليهم، اتعصبوا اوي وقالوا إن اكيد اللي كتب الجملة دي حد بيهزر مننا احنا كناس تابعين لشركة الخدمات، وانهم مش هيسكتوا عن المهزلة دي، ولو اتعرف مين اللي عملها.. هيتجازى ومش هيحصل له طيب.. إنما على مين، انا ماكنتش مرتاح، وكمان ماكنتش مصدق إن اللي كتب الجملة دي حد بيهزر او الموضوع هيعدي بسهولة كده، وعشان كده ليلتها وبعد ما خلصنا شغل، ووقت ما كنت واقف انا والطباخ كمال برة المبنى عشان نشرب لنا سيجارتين، وكمان لما وقف معانا المهندس رمزي والمهندس فريد اللي طبعًا متعودين كل ليلة يسهروا شوية برة المباني، وقتها اتكلمت معاهم عن الجملة الغريبة دي لما قولتلهم..
-بقولكوا ايه.. انا مش مرتاح، موضوع إن اللي كتب الجملة دي بيهزر، ولو اتعرف هيتجازى، ده موضوع مش داخل دماغي بربع جنيه.. انا حاسس إن الحكاية وراها إنَ.
بص لي رمزي وشاور لفريد..
-مش قولتلك.. انا كمان مش مرتاح ولا مطمن، ده تلاقيه الجن اللي شريف شافه بالليل..
كان بيقول كده وهو بيضحك، فبصلي كمال باستغراب ورجع بص لرمزي وهو بيرمي السيجارة اللي في إيده بقلق..
-جن.. جن ايه اللي شوفته يا شريف؟!
في اللحظة دي زق فريد، رمزي في كتفه..
-يا أخي اكبر بقى وبطل تهريج، مافيش يا كمال.. ده رمزي، عادي يعني، مابيتكلمش كلمتين جد على بعض، لا جن ولا حاجة يا سيدي، ده شريف كان بيتهيأله إنه شاف حد بيتحرك ورا المبنى اللي هناك ده امبارح بالليل، بس زي ما انت شايف كده، المكان مافيهوش لا جن ولا اي حاجة غريبة، ورمزي بيحاول يهزر وينكت كعادته يعني، وبالنسبة بقى لموضوع الجملة اللي اتكتبت دي، فانا حاسس إنه هزار فعلًا.. حد من العمال حب يخوف عامل زميله، فكتبله الجملة دي؟!
لكن رمزي رد عليه بسرعة…
قصة تخاريف ابليس
-انت بتقول ايه.. هو لو حد من العمال حابب يهزر مع زميله، هيكتبله الجملة دي على حيطة المبنى هنا ليه، ما يكتبهاله على المبنى اللي هم بيباتوا فيه، مش هيكتبها على المبنى اللي بيباتوا فيه عمال شركة الخدمات..
كانوا بيتكلموا كلهم وانا برضه مش مهتم، انا زي الليلة اللي فاتت تمام، عينيا كانت عمالة تروح وتيجي وانا مركز مع نفس المكان، انا شايف عنده حد واقف.. حد بجلابية، كان واضح اكتر المرة دي، وقتها بصيت لفريد وقولتله بصوت واطي وبشجاعة لأول مرة من وقت ما جيت الموقع..
-بقولك ايه.. ده مش جن، ده حرامي.. اجري انت من الناحية دي، وانا هجري من الناحية التانية.. في حوار ولازم نجيبه.
هز لي فريد راسه بالموافقة، وفجأة انا وهو جرينا، انا روحت ناحية اليمين وهو ناحية الشمال، لفينا من ورا المبنى وفي اللحظة دي لمحناه، كان بيجري قصادنا، طلعنا نجري وراه احنا الاربعة… انا وكمال ورايا، وفريد ورمزي وراه.. جرينا وراه لحد ما في لحظة اتكعبل ووقع، جرينا اسرع وروحنا ناحيته.. كان راجل لابس جلابية، قدرنا نحصله ونجيبه، حد مابيشتغلش معانا في الموقع، حاول يقاومنا ويجري، لكننا اتلمينا عليه وساعتها كانت المصيبة، الراجل ده كان معاه سكينة.. سكينة خدناها منه وضربناه وجرجرناه لحد المبنى بتاعنا.. في الوقت ده كانوا كل اللي في الموقع تقريبًا صحيوا، الكل صحي لما اتعرف إن في حرامي غريب في الموقع!
كتفناه كلنا واتصلنا بالحكومة، بس قبل ما الحكومة توصل ووقت ما كنا كلنا ملمومين حواليه، قربت منه وقولتله بغضب شديد..
-كنت هقطع الخلف بسببك، امبارح انت كنت بتراقبنا وانا شوفتك، بس انت جريت واستخبيت قبل ما نجيبك، لكن الحمد لله.. الحمد لله إن انا خدت بالي منك وجيبناك، بقى يا حرامي يا غبي.. يا غبي، عاوز تسرق موقع كامل مليان عمال ومهندسين وطباخين بسكينة، يا اهبل!
اول ما قولتله كده ثار، نسي كل اللي واقفين ورد عليا بزعيق وهو متضايق اوي..
-اخرس كك قطع لسانك، انا مش حرامي، انا صاحب حق وكنت بحاول اخد حقي، وبعدين هو فين.. هو فين قتال القُتلة.
-هو مين.. وحق ايه اللي انت بتتكلم عنه؟!
لما فريد سأله السؤال ده، جاوبه الراجل بكل حزم وجدية، وكان واضح على ملامحه إنه مابيكدبش ولا بيحور…
-عبد المقصود ابن عواد بخيت، اللي قتل اخويا.
بصينا كلنا لبعض واحنا مش فاهمين حاجة، فقربت منه اكتر وسألته..
-عبد المقصود مين، وقتل اخوك ازاي وفين؟!
جاوبني وهو بيبص لي في عينيا بغضب..
-انا مش قاتل.. انا واحد اخوه اتقتل في عركة بين عيلتين من سنين، ووقت العركة دي انا ماكنتش في بلدنا، كنت عند مراتي التانية في بلد جنب بلدنا، ولما رجعت.. عرفت إن اخويا مات في عركة بين عيلتنا (عيلة مجاهد) وعيلة تانية من البلد اسمها (عيلة بخيت).. وفي العركة دي وقع اخويا الصغير، واللي قتله كان واحد من عيلة بخيت اسمه عبد المقصود، عبد المقصود ده اتضرب على دماغه واتنقل للمستشفى، وقبل ما نوصل له ونجيب أجله كان هرب.. فص ملح وداب، دوخت عليه بعدها السبع دوخات، لحد ما في مرة عرفت وبالصدفة عن طريق واحد سمع من واحد من ولاد عمه، إنه سافر على القاهرة عند اهل امه اللي في مصر.. فنزلت وفضلت ادور واسأل لحد ما وصلت لعنوانه، بس للأسف، عقبال ما وصلتله كان قريبه ده مات وهو ساب المطرح اللي كان عايش فيه معاه، بس برضه انا مايأستش ودورت، وفضلت وراه لحد ما عرفت إنه هنا.. بيشتغل هنا ومغير اسمه ل..
قاطعته بسرعة قبل يكمل..
قصة تخاريف ابليس
-لجاد.. تقصد جاد مش كده؟!
-ايوة هو.. كنت عاوز استدرجه من اول امبارح، بس ماعرفتش، فاضطريت اني اكتب رسالة على حيطة المكان اخوفه بيها عشان يمشي من هنا واستفرد بيه، او يطلع لوحده في الليل بعيد عنكوا وبرضه ساعتها هستفرد بيه وهقتله زي ما قتل اخويا.. اللي كان معاكوا ده ما اسموش جاد، ده عبد المقصود.. بس اهله غيروا اسمه وزوروا له بطاقة بأسم حد تاني عشان ما نوصلوش، ده قاتل وانا كنت لازم اجيب أجله، بس قبل ما اموته وقعت في إيديكوا واتكشفت قبل ما اجيبه، ااه م الزمن.. بقى انا اللي طوفتها بالطول والعرض، وقابلت الخبيث والسالك، والطيب والندل.. وعلمت على الكبير قبل الصغير، ده حتى اللي علموني كبرت وعلمت عليهم، بقى بعد ده كله اقع وماعرفش اجيب حق اخويا، اقع بسبب كبر سني وماقدرش اجري.. منه لله الزمن والعمر اللي جري بيا وخلاني اتحول من وحش الكل بيخاف منه وبيهابه، لدرجة إن أسم شهرته كان ابليس، لراجل خايب عاجز.. عاجز حتى عن إنه يجيب حق اخوه.
كنت بسمعه وانا مذهول.. حقيقي كنت مذهول، انا مش اتضحك عليا من جاد وحكالي حكاية غير الحقيقة، لا.. ده انا كمان اتضحك عليا في إسمه وفي طيبته، فضلت ساكت ومذهول لثواني بعدهم افتكرت.. افتكرت نظرته ليا وهو بيحكيلي.. جاد او عبد المقصود كدب اه في أسمه… لكنه مستحيل يكون كدب عليا في إنه قتل او ماقتلش، لا لا.. جاد ماقتلش، انا متأكد، وبسبب تأكدي ده قربت منه وقولتله..
-بص.. ايًا كان اسمه.. جاد ولا عبد المقصود ولا حتى الجن ابن العفريت، الشخص ده ماقتلش، الشخص اتاخد في الرجلين واتمرمط، وانت بقى كل اللي قولته ده كان تخاريف يا.. يا ابليس، انت اتضحك عليك وقالوا لك إنه قتل اخوك عشان الدم مايخلصش بين العيلتين، اللي قتل اخوك مات واتقتل يومها في الخناقة، اجري دور على حقك عند اهلك اللي ضحكوا عليك.. ده لو خرجت من قضية سرقة الكامب اصلًا، واحب بقى ابشرك.. اللي انت جاي تدور عليه راجل مريض، وزمانه دلوقتي في مستشفى من المستشفيات وبيتعالج..
لما وصلنا لحد هنا في الكلام كان البوليس وصل، البوليس اللي قبض عليه ومن وقتها واحنا مانعرفش عنه اي حاجة غير إنه اسمه الحقيقي فرج، واتعمله قضية سرقة الكامب واتسجن بسببها، اما بقى عن جاد واللي اتأكدنا إن اسمه عبد المقصود وكان فعلًا مزور ورقه عشان يعرف يهرب من التار اللي عليه، فده فضل تعبان لفترة قضاها في مستشفى الأمراض العقلية بسبب الصرع اللي عنده وبعد كده مات.. اما عني انا بقى، فانا من بعد اللي حصل ومريت بيه، قلبي بقى أجمد وفضلت شغال في الموقع ده وبعده في مواقع كتير، مواقع كتير شوفت فيهم ناس وحكايات، بس مهما شوفت ومر عليا.. فانا مش هشوف اغرب من الحكاية اللي عيشتها دي من حوالي ١٥ سنة، الحكاية اللي عرفت واتأكدت عن طريقها إن العفريت والشيطان الحقيقي هو الأنسان.. هو اللي بيقتل وبينتقم، وعلى رأي ابويا الله يرحمه.. ما عفريت إلا ابن أدم…!
تمت
#محمد_شعبان
قصة تخاريف ابليس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى