انا سواق توك توك ومش عيب أبدًا اني اقول كده، الشغل عمره ما كان عيب، حصل معايا موقف مش قادر انساه وجاي النهاردةة علشان أحكيه.
في يوم كنت بوصل زبونة لمنطقة اسمها أطلس في حلوان، في الطريق ده بنعدي على مقابر موجودة على يمين الشارع، مش فاكر بالظبط الساعة كانت كام مكنتش مركز اوي الحقيقة، بس اللي فاكره ان وقتها كنا بعد العشا بشوية .
عديت بيها عند المقابر، كنت مشغل الصَب ومعلي الاغاني شوية، كُنت سامع الست بتقولي (وطي الصوت) لكني تجاهلتها.. ما هي مش هتمشي كلامها عليا، وبصراحة كنت شارب سيجارة مخدرات ودماغي كانت عالية مكنتش عايز افصلها .
وصلتها لحد البيت وأنا سامعها بتبرطم وتحسبن عليا، كنت برد عليها بأني أعلي الصوت أكتر، بيتها كان جنب المقابر بشوية، أول ما نزلت لقيتها بتدعي عليا، كنت مطنش اي كلام منها، خدت منها الفلوس ورجعت عشان امشي وانا برضو مشغل الاغاني عندًا فيها، البيت كان في منطقة هادية والمنطقة دي بتطل على المقابر اللي قولتلكم عليها، صوت الأغاني عالي اوي قربت من الشارع اللي فيه بدخل يمين وابقى في الطريق اللي هرجع فيه الموقف، وهو بالمناسبة نفس الطريق اللي جيت منه .
بس مخدتش بالي ان فيه حفرة قدام مني، وانا ماشي وبدندن بصوت عالي مع الاغاني نزلت في الحفرة العجلة غرزت!! .
فضلت افرك عشان اطلع لكن مافيش فايدة، نزلت والاغاني لسه شغالة، كنت قدام مدفن بابه حديد أخضر متسلسل وقدام المدفن صبار دبلان، بصيت حواليا، كنت عايز اي حد يساعدني، ملقتش، حاولت لواحدي بس مقدرتش، الحفرة كانت غويطة، والغريب ان وقتها انا عديت من نفس المكان وانا بوصل الست، بس الحفرة دي مكنتش موجودة انا متأكد! .
_ يا عم انت حرام عليك كدا .. يسطاااا .
سمعت صوت جاي من ورايا وبالتحديد عند المقابر، كان شاب في اواخر العشرينات، بصيتله بقرف كده وقولتله وانا عاوج بوئي :
= انت بتكلمني انا يصحبي ؟ .
روحت فعلاً وطيت الاغاني بس مقفلتهاش، ماهو غلط فيا وكان لازم اروحله واوريه مقامه، روحتله وأنا مخنوق بسبب الكوتش اللي غرز ده.
بعد اخر كلمة مني سابني ومشي، مشي بين حواري المقابر، انا شوفته بيمشي وسط الترب في الضلمة بخطوات ثابتة انا اتهزيت ! .. ايوة انا قولت انه مش بني ادم وانه بسم الله الحفيظ عفريت!! .
كان في نص سيجارة مخدرات معايا، ولعتها وحاولت أهدى شوية، فكرت أمشي على أول الطريق أجيب حد يساعدني، بس قلقت وخوفت على التوكتوك يتسرق.
هوصفلكم المكان اللي كنت فيه بالظبط، للي من حلوان او اطلس بالتحديد هيعرف اللي هقوله، المنطقة اللي عند المقابر وبالتحديد في شارع مكتب التومين اللي هناك .
على الشمال في اول الشارع اللي انا واقف فيه كان فيه عمارة من ٣ أدوار بس الواضح أن محدش ساكن فيهم، وعلى يميني كان في بيت مبني بس مش كامل، الخرصانة والسلم وبس، وكان مليان زبالة وريحة وحشة .
المنطقة دي معروفة بهدوئها خصوصاً بعد الساعة ٧ بالليل، كان بيني وبين المقابر ٣ متر بالظبط .
لكن مكنتش السلسلة بس اللي جوة الفتحة لأ ، كان في عين!!.
عين من قلب الضلمة من جوة بتبربش وباصة عليا !!
اول ما بصيت وشوفتها اختفت لجوة تاني وسط الضلمة ! .
قلبي كان هيقف من الرعب، قولت( بسم الله الرحمن الرحيم )
ورجعت اوام على المكنة وقعدت فيها ، حاولت ادورها كتير مكنتش بتدور.
بدأت أتوتر والعرق بينزل مني وأيدي بتترعش، كل ثانية والتانية أبص على الباب، شهقت لما لقيت السلسلة بتتهز وبتتحرك وبتتسحب لجوة الباب !! .
نزلت من التوكتوك ورجعت وفضلت أزُق فيه بكل قوة، فضلت أحاول اكتر من مرة لحد ما ف مرة نجحت انه اتحرك، بس بعد ما اتحرك والعجلة طلعت من الحفرة، وقعت على الارض والتوك توك ااااااا .
أيوة المكنة خبطت في باب القبر وأنا فضلت على الارض ملحقتش الحقه .
قومت ونفضت نفسي وقولت هرجعه من ضهره وهركبه وامشي من هنا .. بس كنت غلطان .
عشان لما قربت من المكنة لقيت طوبة كبيرة أتحدفت عليا ! .. اتحدفت عليا من جوة المدفن اللي انا واقف قدامه !! .
مكنش متسقف ، عشان كدا طوبة تانية اتحدفت خلتني أجري من مكاني وبعدت شوية ، لحد الوقت ده كنت شاكك ان اللي بيحصل معايا ده مقلب عشان اجري واسيب المكنة و اتسرق .
ويمكن الاقتراح ده كان مخليني مش عايز أسيب المكنة واروح لحد يجي معايا ، وموبايلي جوة المكنة .
المرادي كنت واقف في نفس المكان اللي ظهرلي منه الشاب ، على اول حارة من االمدافن.
فجأة كدا الأغاني أشتغلت تاني ، مهرجان من بتوع اليومين دول وصوته كان عالي اوي ، بس مش دي المشكلة عندي ، المشكلة انه ازاي اشتغل لواحده كدا ! .
لا واللي حصل بعد كدا كان مرعب أكتر، لان الأغاني كانت بتتغير من تلقاء نفسها!! .. لقيت اتنين بيقربوا عليا من قلب الضلمة اللي جوة المقابر، الشاب ومعاه راجل كبير، كان الواضح انه ابوة .. لقيت الراجل بيبصلي وبيقولي بغضب :
_ يعني سايب الدنيا كلها وجاي تشغل اغاني في المقابر.. متعرفش ان في حاجة اسمها حرمة اموت ؟ .
رديت عليه بأرتباك وقولتله :
_ ا ا انا مشغلتش حاجة ، ا ا انا بس كنت ااااا
الشاب اللي واقف معاه قاطع كلامي ووجه الكلام لابوة وقال :
_ انا قولتله وهو مرضاش يمشي.. وشوف لسه مشغل الاغاني المزعجة دي رغم اني قولتله وهو مرضاش يمشي .. شوف احنا ساكنين فين والصوت واصلنا .
مش عارف ليه حسيته بيعيد الكلام ، مهتمتش خصوصاً اني اتاكدت انهم بني ادمين مش زي ماكنت مفكره .
اتجرأت وهم واقفين وروحت ركبت المكنة وقفلت الاغاني، او في الحقيقة حاولت لكن الاغاني كل ما احاول اقفلها الصوت كاان بيعلى أكتر وأكتر !!! .
طبعاً كنت قاعد على الكرسي والباب بيني وبينه البربريز اللي قدام.
بدأت ألاحظ وجود إضاءة حمرا خافتة، إضاءة توهجت لثواني واختفت بسرعة، اضاءة شوفتها جوة الفتحة، اضاءة مش عارف مصدرها ظهرت من جوة القبر وانا قاعد وبحاول اخرج حتى بالمكنة مش عارف !.
نزلت علطول من الناحية التانية وانا بقول بصوت عالي :
_ اهو اتأكدت يا عم الحج .. الاغاني مش عايزة تتاااااااا……
انا بقول ايه ؟ وبكلم مين أصلا؟ محدش موجود غيري، جريت بصيت جوة الضلمة ملقتش أثر ليهم خالص ! .
ثر ، قولت الكلمة دي وبصيت على المكان اللي كانوا واقفين فيه من ثواني، كان في ماية مرشوشة على التراب وبالتالي اتكون طينة عامله دايرة .. الراجل وابنه كانوا واقفين على الطينة، لو كانوا بالفعل واقفين، أثار رجليهم كانت هتبقى باينة وواضحة لو مشيوا كدا او كدا، لكن لما ملاقيش اي اثر لوجود رجلين كان لازم أفهم أن فيه حاجة غلط وأن شكي طلع ف محله، ولازم امشي من هنا!! .
اللي عملته اني بالفعل جريت، روحت على بيت الزبونة اللي وصلتها، كنت ببص على المكنة كل ما ابعد، بيتها مكنش بعيد، لسه كنت هطلع واخبط على اي دور، بصيت على اول دور لقيتها واقفة في البلكونة بصالي !! .
مستنتنيش اتكلم، كان في شاب واقف جنب منها ، اول ما بصتله سابها ودخل جوة ، دقيقة وكان قدامي في الشارع ، مشي وانا وراه في صمت ، بعدنا كام خطوة وبعدها قالي :
اتكلم مرة تانية ورد على كل الاسئلة اللي كانت بتدور جوايا :
_ أرجوك قولي أيوة كنت بتتكلم في الموبايل ، أصلي انا كنت شايفك واقف بتتكلم هناك وبتزعق ، كنت بتتكلم في الموبايل صح ؟
وقفت وهو كمان وقف ، هزيتله دماغي بمعني لا مكنتش بتكلم في الموبايل .
برأ عينه لثواني ولقيته بيهمس وكان الواضح انه بيقرا قرآن او حاجة ، كملنا الطريق وسحب التوك توك معايا وااااااا ….
ركبت المكنة وانا بقول لنفسي بصوت عالي :
_ الاغاني كانت شغالة دلوقتي .. مين قفلها ؟ .
ركبت وقبل مامشي لقيته بيقولي :
_ لو ليك نصيب ورزق تيجي هنا تاني ، بلاش اغاني وازعاج ، الميتين بيحسوا وليهم حرمة برضو .. امي قالتلي انك كنت معلي الاغاني على اخرها .. وده غلط .
بصيتله باستغراب وقولته :
_ كنت !! .. يعني ايه كنت .. الاغاني كانت شغالة دلوقتي .. انت مسمعتهاش .. صوتها كان عالي اوي .
هز دماغه وقالي :
_ محصلش ، من وقت ماشوفتك ومكنش في اي اغاني شغالة .
نزلت من المكنة وقولتلك حصل كذا وكذا وكذا .
قالي وهو بيضحك :
_ متخفش ده عم ربيع وابنه سعيد دول قلبهم ابيض اوي .. اه وعلفكرا. . تعالى معايا كده ، بص مافيش اي حفرة موجودة هنا !.
استغربت بس رجعت وفكرت وقولت لنفسي ( فعلا لما جيت هنا اول مرة مكنش فيه حاجة ) .. رجعت قولتله :
طلع من جيبه علبة سجاير، خد واحدة واداني واحدة، ولع سيجارته وبعدها ولعلي السيجارة وقالي بصوت واطي وهو بينفخ الدخان قدامه في الهوا :
قولتله وانا بركب المكنة وبدورها :
= ازاي يا عم مانا قولتلك على اللي فيها حتى انت قولتلي ان اسمه ربيع وابنه اسمه مش عارف ايه كدا .
قالي وهو واقف مكانه :
_ لو على دول فتمام مافيش مشكلة ، انا كنت خايف لتكون وقعت مع اللهم احفظنا يعني تاني غيرهم .
=اللهم أحفظنا غيرهم .. يعني همااااا ….
قطع كلامي وقالي :
_ أيوة .. بس مش بيأذوا مش بقولك قلبهم ابيض.
شكرته ودورت المكنة ومشيت فوراً .. رجعت بضهر المكنة لورا وعدلت نفسي عشان امشي، الشاب اللي كنت واقف معاه اللي معرفش أسمه ايه مشي .
كانت غلطة تانية عملتها لما بصيت على الباب الاخضر اللي كان على شمالي قبل ما امشي ، لاني لقيت العين مرة تاني بتبص عليا من جوة ومبرألي !!!! .
مشيت بأقصى سرعة ومعملتش حساب لاي بني ادم ممكن اقابله وانا ماشي ، كنت عامل زي الاعمى ، مشيت وروحت البيت .
مانا شوفت يوم صعب اوي ، يوم خلاني اقعد في البيت اكتر من ٤ أيام ، ٤ أيام الحمى مسكاني وطول الايام دي عمال اشوف كوابيس كتير .
من يومها مبقتش بشغل اغاني خالص مش بس وانا بقرب للمقابر، مش عارف كان لازم يحصلي كدا عشان اتهد شوية وابطل العادة الغلط دي .
استفادوا من اللي حصلي وبلاش اغاني وانت قريب من اي مقابر، عربية بقى موتوسيكل، حتى لو ماشي لواحدك على رجلك وفي ودنك سماعات، او لو سايق توك توك زي حلاتي .
الافضل تقول ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دار قوم مؤمنون .. انتم السابقون ونحن بإذن الله بكم لاحقون ) .. بعدها تقرأ الفاتحة وتدعي بالرحمة لجميع الاموات .
ربنا يرحم امواتنا جميعاً وربنا يغفر لنا ذنوبنا يارب .
ومتنسوش، كل بيت وليه حُرمة، وفي المقابر برضه في حاجة اسمها ( حُرمة أموات ) .
تمت .