قصة في الظلام
انا عايش لوحدي في شقة بعدما انعزلت عن بابا وماما من سنتين وقررت استقل بحياتي .. في الاول حسبت ان الامر هيبقى مسلي, خروجات, فسح, بنات .. لكن في الحقيقة الامر بيختلف شوية لما تكون بتعول نفسك .. فيادوبك قبض الشغل كان بيكفي الإيجار والأكل والشرب, ولو حوشت حاجة على جنب, بتكون فلوس قليلة جدا..
لكن ده ميمنعش اني اخصص لنفسي ولو ساعة في اليوم, اخرج بيها من المود الكئيب .. ساعات بخرج مع صاحبي اللي اتعرفت عليه هنا, رامزي, وساعات بقعد في البيت بشاهد فيلم, او اضعف الإيمان, بقعد أقلب على الفيس بوك..
وفي يوم وانا قاعد بقلب على الفيس بوك, جه قدامي بوست بيتكلم عن رابط بينقلك على جميع المحطات الإذاعية في العالم كله..
قصة في الظلام
بيقول, ان النقط الخضرا دي عبارة عن محطات الراديو حول العالم, وبمجرد وقوفك عليها بالمُؤشر الأبيض اللي على شكل دايرة, هيتحول للون الأخضر زي لون النقط, وبكدة هتقدر تسمع اي محطة راديو منهم, وبجودة ممتازة جدا جدا..
بصراحة, من غير تفكير دخلت, اي نعم انا مش من هواة الراديو, ولا عمري كنت ميال اني اتابع اي برنامج فيه, ولكني دخلت برضه, نقول بدافع الفضول .. ممكن زهق .. تجربة حاجة جديدة .. مش عارف بصراحة.. !
لما دوست على اللينك ودخلت, جاب لي شكل كوكب الأرض, وعليه نقط خضرا كتير جدا, كل نقطة منهم كنت بختارها بشكل عشوائي, وكان لما بيشتغل واحد منهم, بيجيب لي اسم البلد, والقرية اللي نابع منها الإشارة..
بنجلادش, ماليزيا, روسيا, USA.. عمال بختار محطات عشوائية من بلاد كتير, اسمع اول كام ثانية واقلب .. وانا ماشي بقلب بين المحطات, اخدت بالي ان في نقطة خضرا (محطة اذاعية) في نص البحر .. بصراحة معرفش ده كان بحر ايه, انا مش شاطر في الجغرافيا, بس قلت اقف عليها واسمع بيقولوا ايه..
جبت الدايرة البيضا عليها واستنيت ثواني, لحد ما اتغيرت لونها للأخضر, وبدئت الإشارة … !
في الاول مكانش في صوت, ولا صوت اغاني, ولا كلام, ولا حتى وَش .. مكانش في صوت خالص..
فكرت ان ممكن المحطة دي قفلت, فرق التوقيت بيفرق برضه, خصوصًا ان البلد دي فـ.. ايه ده ؟ فين اسم البلد ؟ غريبة !
فكرت يكون الصوت واطي, فـ عليت شوية واستنيت .. برضه مفيش اي حاجة حصلت
.. زهقت وقررت اني هطلع برا الرابط خالص, هبقى أحفظه عشان أوريه لرامزي لما أقابله, هو بيحب الراديو والحاجات اللي بتُقدم عليه..
– هاي .. حد سامعني؟ .. هااالو .. حد سامعني؟
وقبل ما أخرج برا, كنت سامع الصوت ده, بصيت بتركيز في التليفون, الدايرة لسة لونها أخضر:
– حد سامعني؟ .. أرجوكم .. حد سامع ؟
في الاول اتفزعت, بس مفاتش ثواني ولقيت عقلي بيقول لي مبرر عشان أهدأ “جايز يكون مسلسل اذاعي, ودي ممثلة فيه.”
قصة في الظلام
ابتسمت بسخرية وانا بقول:
– انا سامعك.
– بجد؟
قلبي نبض بسرعة لثواني, لما حسيت الكلام موجَّه ليا .. الصوت اتكلم:
الخوف كان بيتسلل ليا بخبث .. فكرت اني اكسر حاجز الخوف واتكلم تاني:
– انتي مين؟
صوتها اتحول من الخوف, لفرحة عارمة, وهي بتقول:
– أخيرا .. انا كنت بدأت أفقد الأمل .. الحمد لله .. الحمد لله ..
وسمعت في صوتها نبرة بكاء .. لقيتني بغير ارادة مني بقول:
– انتي سامعة صوتي؟
ردت بسرعة:
– ايوا .. سامعاك .. انت سامعني؟
سبت التليفون من ايدي, وقع على الأرض, وقفت ابص له بخوف وذهول .. وفجأة لقيت صوت موسيقى طلع من التليفون, خلاني ارتجفت وقلبي كان هيقف !..
ميلت براحة ومسكته, عدلته ناحيتي, لما وقع اتقلب على وشه, بصيت عليه, المحطة كانت اتغيرت .. رجعت دورت بسرعة على المحطة, مكانش صعب عليا اني الاقيها, زي ما قلت لكم, كانت المحطة الوحيدة الموجودة في قلب البحر..
وقفت ثواني قبل ما أجيب الدايرة البيضا عليها .. ترددت, خوفت .. عقلي شغال بشكل ذرِّي, عمال يطلع لي مبررات كتير ان دي مجرد مسرحية, او ممكن تكون خدعة من صاحب البوست نفسه … إلخ
اتنفست بعمق, بعدها جبت الدايرة على النقطة الخضرا, واستنيت للحظات عشان تبقى زي لون النقطة ..:
– يش .. ارجوك لا لا لا لا .. متسبنيش .. ارجوك ارجوك, اتوسل اليك.
عقلي هيتشل من الخوف, وايدي بقت متلجة .. الحل الوحيد اللي يكسر رهبة اللي انا فيه, اني اواجه, قلت بثقة:
– قديمة, العب غيرها, انا مباخفش, ثم اني مأمن حسابي كويس ضد السر..
جالي الصوت بسرعة من الناحية التانية مليان خوف, بعد ما بقى واطي لدرجة الهمس, غالب عليها البكاء قالت:
– ده هنا .. اكيد سمعني .. ارجوك, ارجوك يارب .. ارجوك .. أنقذني.
في الوقت ده, لقيت نفسي بضحك .. عقلي مكانش بيضحك عليا, ده طلع مسلسل اذاعي فعلا..
ضحكت على نفسي, وتفاهتي .. ياااه, للدرجة دي انا جبان وصدقت الـ..:
– متضحكش, هيعرف مكاني. !
الابتسامة اختفت من على وشي .. جسمي كله ارتعش من الخوف .. خرجت برا الموقع, وقفلت الداتا .. دورت في سجل المكالمات عندي, جبت رقم رامزي واتصلت به..
الخوف مسيطر عليا, حاسس ان البيت كله عيون بتبص لي .. حاسس اني متراقب .. عندي شعور قاتل اني مش لوحدي !
.
رامزي رَد, كان باين على صوته انه مُرهق, طلبت منه يجي لي فورًا, حاول يفهم مني اي حاجة في التليفون, لكني مديتلوش الفرصة, وقفلت في وشه..
لبست هدومي ونزلت للشارع استناه .. عدى وقت مش قليل, اول ما جه, لقيته متعصب:
– دي طريقة تجيبني بيها في أنصاص الليالي ياجورج, وعمال برن عليك بعد ما قفلت في وشي مش عايز ترد عليا, ممكن تفهمني في ايه؟
تمالكت نفسي وانا برد:
– كنت بقلب على الفيس بوك, شوفت بوست بيخليك تسمع اي محطة راديو في العالم, و..
قاطعني بحنق:
– يعني انت جايبني على ملا وشي عشان تقول لي الكلام د..
صرخت في وشه بغضب:
– اسمعني. !
العدد القليل من الناس اللي ماشيين في الشارع بص لنا .. حسيت ساعتها اني لازم اكون هادي عن كدة .. فقلت له بهدوء:
– لقيت محطة راديو, وردت عليا بنت, قعدت تستنجد بيا, في الاول قلت ان ده مسلسل اذاعي او ماشابه, لكني بعدها اتأكدت انها سامعاني.
رد عليا ببرود:
– ياسلام؟
طلعت التليفون وانا بقول:
– انا كنت عارف انك مش هتصدقني .. بص بنفسك, الموقع اهو .. بص .. النقط الخضرا اهي كلها .. وآدي البحر .. وآدي النقطة اللي.. هي راحت فين ؟ .. اكيد النت ضعيف .. النقطة فين .. انا متأكد انها كانت هنا, مكانش في غيرها في المكان ده.
حسيت بإيده بتربت على كتفي:
– ممكن تهدأ.
قصة في الظلام
صرخت بصوت عالي للمرة التانية:
– انا مش كداب, النقطة كانت هنا .. كان في حد بيكلمني, اقسم لك اني مش متوهم.
الناس في الشارع بدؤوا يبصوا لنا تاني بقلق .. لقيت رامزي قام وقف وقال لي:
– جورج ممكن تهدأ .. تعال نطلع الشقة عندك, واحك لي الأمر من البداية.
.
رجعنا لشقتي, وقعدت حكيت له على الموضوع من اوله .. وطول منا بحكي, كان في نظرة إشفاق على وشه, ممزوجة بعدم تصديق .. فقلت له:
– انت فاكر اني اتجننت صح؟
ابتسم بوِد وقال:
– انا مقولتش كدة, بس انت عارف اني بحب الحاجات المادية, الملموسة .. وانت بنفسك دورت على النقطة اللي حكيت لي عنها وملقتهاش, فـ عايزني اصدقك ازاي؟
بصيت في عينيه بثبات وانا مش لاقي كلام أقوله .. كنت متوتر, ودماغي عمالة تودي وتجيب .. قاطع تفكيري لما قال:
– طب بص, انا هساعدك, جايز يكون كلامك صح, واللي حصل ده بجد فعلا, لكنه مش بيظهر الا لما تكون لوحدك, ممكن تكون رسالة من شخص فعلا محتاج مساعدة. اسمعني, انت هتشوف القارة اللي جنب البحر ده اسمها ايه, وتبحث شوية على جوجل, لحد ما تعرف اسم البحر كمان, وتقدر تحدد المكان اللي اتبعت لك منه الإشارة, وتكتب الإحداثيات بتاعته, ولما تحب توصل لتفاصيل أكتر عنه, هتدخل تدور عليه في Google earth, وبكدة هتعرف توصل للمكان بالتحديد.
رديت:
– رامزي .. هو انت شايفني مجنون؟
ابتسم وقال لي:
– بصراحة .. جدا.
*************************قصة في الظلام
بعد ما مشي, قمت قفلت كل شبابيك البيت, بس طبعا بعد ما تأكدت ان مفيش حد معايا..
وفتحت الرابط .. انا متوقع اللي هيحصل, دلوقتي حالًا هلاقي النقطة الخضرا ظهرت, وصوت البنت بيترجاني اني اساعدها.. لكن في الحقيقة .. ده اللي حصل فعلًا. قلت بتردد:
– سامعاني؟
استنيت ثواني, مكانش في صوت .. كررت تاني:
– انتي هنا؟ هااالو.. !
عدت لحظات طويلة من السكوت .. انا هخرج, انا شكلي اتجننت ولا ايه .. بكلم محطة راديـ.. *صوت أنفاس تقيلة*
حسيت بلسعة برد بتضرب عمودي الفقري .. سكت ثواني قبل ما أنطق واقول:
– انتي هنا؟
سمعت صوت خروشة, بعدها ظهر صوتها, بيهمس بخوف ولهفة:
– ايوا ايوا, سامعاك .. انت سامعني؟
استجمعت شجاعتي بعد ثواني من السكوت:
– انتي مين, وسامعاني ازاي؟
– ارجوك, انقذني .. ارجوك..
– أنقذك من ايه, انا مش فاهم حاجة.
بصوت مرعوش قالت:
– في حد خطفني وجابني هنا..
سألتها بفضول:
– مين اللي خطفك, انا مش فاهم حاجة.
بنبرة بكاء واضحة قالت:
– معرفش, انا آخر حاجة فاكراها اني كنت راجعة بيتي في (***), وبعدها محستش بنفسي غير لما فُقت ولقيتني هنا .. انا هربت من الاوضة اللي كان حابسني فيها, وقدرت اوصل لغرفة فيها جهاز راديو..
سألتها:
– طب انتي تعرفي مكانك فين بالظبط, انا اقدر اكلم الشرطة ونيجي لك, انتي من نفس المدينة اللي انا ساكن فيها.
اجابت بيأس:
– انا معرفش انا فين, انا مخرجتش من الاوضة دي بقالي تلات ايام, خايفة أخرج يعرف مكاني.
– أكيد أهلك بيدوروا عليكي في كل مكان .. انتي اسمك ايه؟
– آنّا.
مكنتش عارف ارد اقول لها ايه, ازاي هعرفها انها موجودة في مكان في نص البحر, حتى لو عندها أمل 1% انها تخرج من المكان, فهي كدة مش هتعرف تهرب بسبب المية اللي محاوطاها من كل مكان..
قاطعت تفكيري لما قالت:
– انا خايفة .. كح كح .. وجعانة قوي.
قلبي نبض بسرعة, حسيت بالحزن عليها, الخوف اللي جوايا كله تلاشى, وحَل مكانه الشفقة. فقلت لها:
– انا عارف فين مكانك..
بفرح ردت:
– بجد .. ازاي؟
– بعدين هبقى اقول لك, لما آجي وانقذك .. فاضل لي بس شوية خطوات وهكون عندك بأسرع وقت. عايزك تكوني شجاعة, قريب قوي هتنامي في بيتكم.
بدئت تبكي بحُرقة وهي بتقول لي:
– شكرا .. شكرا ليك بجد .. شكرا يارب .. شكرا.
ابتسمت برضا, قلت لهـ.. قطع الكلام من على لساني صوت باب بيتفتح, صوت صَريره كان عالي ومزعج, ومرعب لأبعد الحدود ..قصة في الظلام
قلت لها:
– انتي كويسة؟
سمعتها بتهمس برعب:
– ششششش .. هو هنا. !
صوت خطوات تقيلة على أرض حديدية .. صمت .. الخطوات بتتحرك تاني .. صوتها بيعلى, معنى ذلك انه بيقرب .. الصوت بيعلى اكتر, واكتر .. واكتر … وبعدها … صمت .. سكوت مُقبض .. قلبي بينبض بسرعة .. صوت حاجة بتترزع بقوة !..
شهقت .. لكن .. مفيش حاجة حصلت .. صوت الخطوات رجع تاني, بس المرة دي كان بيبعِد..
ثواني, رجعت سمعت صوتها تاني, كانت بتبكي, وبتاخد نفسها بسرعة..
قلت لها:
– متخافيش .. هترجعي بيتكم النهارده.
فتحت جوجل وبحثت عن خريطة العالم, جبت المدينة بتاعتي, جبت الساحل, والبحر اللي جنبه, حددت مكان النقطة الخضرا فين بالظبط, وقِست مكانها بالظبط بإحداثيات جوجل والأرقام .. بعدها فتحت Google earth ودورت على مكان النقطة عليه .. وجاب لي المكان بالتحديد بالفعل زي ما قال لي رامزي..
قصة في الظلام
الموضوع اخد مني وقت مش قليل .. كتبت كل حاجة في ورقة, طلعت رقم الشرطة وانا بنزل من البيت واتصلت بيهم وبلغتهم عن حالة خطف, وحكيت الموضوع بإختصار شديد جدًا, واديتهم الإحداثيات بالظبط..
قفلت معاهم, ورجعت أشوف آنّا, لما فتحت لقيتها بتتكلم بصوت خافت, وبخوف كبير:
رديت عليها وانا بسوق عربيتي:
– آنّا, انا في الطريق ليكي, بصي وركزي معايا .. ظاهر دلوقتي قدامي على Google earth انك على بُعد 7 كيلو من ساحل (******), جوا المية.
سكتت مردتش عليا, فعرفت انها اتصدمت .. فكملت كلامي:
– ظاهر لي على Google earth شوية تفاصيل للمكان, ومن كلامك, فـ انا متأكد ان اللي خطفك ممعوش حد تاني, وده هيسهِّل عملية الهروب .. بصي, انتي هتخرجي من المكان اللي انتي مستخبية فيه..
قاطعتني بخوف:
– لا لا, مش هعمل كدة.
– آنّا, اسمعيني, مفيش وقت, انا كلمت الشرطة, وهما في طريقهم لمساعدتي, وانتي كمان لازم تساعديني, عشان اعرف انقذك. انتي هتخرجي من عندك, تأكدي كويس انه مش موجود, اتَّبعي صوت الأمواج, وهي هتدلك لحد ما توصلي برا, نطي في المية, خلي القمر … امممم .. خليه على يمينك, وعومي على طول, وانا هتلاقيني قدامك .. يلا بسرعة.
في الاول ترددت .. خافت .. أبِت انها تتحرك .. لكن لما شجعتها,وأكدت لها انها هترجع بيتها النهارده لو عملت كدة, فـ استجمعت جرائتها وقامت من مخبأها..
بعد حوالي نص ساعة, كنت وصلت عند الساحل, نزلت من العربية, كان في حارس واقف هناك, اول ما شافني جاي بجري عليه, شك فيا, وقف وطلع المسدس, مسدس الصوت طبعا, عشان كدة مخوفتش, اتقدمت ناحيته بسرعة اكتر .. هددني اني اقف والا هيضرب عليا .. بقوة رفعت التليفون وضربته في دماغه كام ضربة ورا بعض أفقدوه الوعي..
أخدت منه مفتاح المحل, دخلت جوا جبت شوية مفاتيح للمراكب اللي مركونة برا, نزلت في اول واحد فيهم وجربت كام مفتاح لحد ما اشتغل واحد فيهم, دورته وانطلقت..
سمعت صوت آنّا بتتكلم:
– ده عرف مكاني .. انا خايفة..
صوتها بتجري .. قلت لها:
– انا جاي لك .. متخافيش .. اتبعي صوت الأمواج.
صوت خبط وترزيع .. صوتها بتصرخ .. بتترجاه .. صوت هوا كتير بيدل ان الجهاز بيتحرك بسرعة, آنّا بتجري منه..
اللويكشن كان عمال بيقرب .. انا عارف اني هلحقها .. اكيد هلحقها .. :
– آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ….. لا لا لا لا … ارجوك … ارجوك .. اتوسل اليك .. سيبني … ابعد عني .. ابعد ايديك عني .. ابعد..
صرخت:
– انا قربت جدا .. اصمدي .. انا جاي .. آنّا .. آنّا .. سامعاني؟ ردي عليا. !
صوت حاجات بتتخبط .. صراخ .. ألم .. شتايم بذيئة كتير .. بعدها سمعت صوت رجالي بيتأوَّه .. ورجع صوت آنّا تاني:
– انا شايفة المية .. شايفاها .. انا قربت .. خلاص قربت.
في اللحظة دي, سمعت صوت خلاني ارتعد .. كان صوت ضرب نار !
ببص قدامي لقيت منارة, نور كشافها مطفي, لكني قدرت أحدد مكانها على ضوء القمر..
وصلت بالمركب, خبطت في الصخر, نزلت بسرعة .. ناديت بأعلى صوتي عليها:
– آنّا … آنّا … انتي فين .. سامعاني؟ .. آنّا.
دورت بعيني في المية, مفيش حد .. مفيش حد بيعوم على مرمى بصري..
– آنّا … آنّا.
دخلت المنارة بحذر وانا بقول بصوت عالي:
– البوليس جاي ورايا, سلم نفسك احسن لك.
لكن مكانش في حد .. ميلت راسي وبصيت .. المكان كان فاضي .. ناديت:
– آنّا .. انتي جوا؟
عدت دقايق وانا بدور في المكان .. ومن بعيد شوفتهم, كانوا جايين عليا, ضوء كشافاتهم كان منور في اتجاهي .. صرخت وانا بقول لهم:
– آنّا مش موجودة, انتوا جيتوا متأخر ليه .. اكيد قتلها .. انتوا كنتوا فين .. انـ..
صُعقت لما شوفته قدامي .. نزل من المركب وجه وقف قدامي:
– رامزي؟! انتي هنا بتعمل ايه؟ مين اللي كلمك؟
بجد بقى, نظرة الشفقة اللي على وشه دي بقت مستفزاني لدرجة الجنون .. فقلت له:
– انت بتبص لي كدة ليه, انتوا ساكتين ليه, دوروا معايا, لفوا بالمراكب ودوروا معايا عليها, انا متأكد انها هنا في مكان ما..
– خلاص ياجورج.
قصة في الظلام
– هو ايه اللي خلاص يارامزي؟
بص في الارض لثواني, شوفت فيها عيون كل اللي حواليا وهي بترمقني بشفقة لا مثيل لها .. ورفع وشه وقال:
– احنا عملنا ده كله عشان نطلعك من الحالة اللي انت فيها, الدكتور قال ان صدمة فقدانك لحبيبتك السابقة آنّا, وانها ماتت غرقانة, كان مسبب لك هلاوس, مدمرة لك كل حياتك, كان لازم صدمة اقوى منها, صدمة تخليك تفوق من اللي انت فيه, حتى ولو بشكل مؤقت, عشان العلاج يجيب نتيجة معاك.
– يعني ايه؟
بص لي في عينيا, وقال:
– انا آسف .. بس كل دي كانت تمثيلية.
.
..
*تمت*
قصة في الظلام
.