فكرة إن حياتك تتبدل وبدل ما كان عندك طموح ومشاريع، بقيت جثة في قبر، دي فكرة مرعبة وبتحمل معاني كتير، والمعاني دي بتزيد مع رطوبة القبر المرعبة، ده غير الهمسات اللي بتسمعها وأنت جوة، وهنا أقدر أقول إن الكلام اللي بيتقال عن اللي بيحصل جوة القبر بليل.. ده كلام حقيقي، وأنا مش بس قضيت ليلة في القبر، أنا مريت بتجربة سيئة كان سببها إختيار غلط، وبسببه.. حسيت بمعاناة كبيرة ماقدرتش اتحملها، وفي نهاية المطاف، وبعد ما كنت رجل أعمال في سن صغير ومعايا فلوس، بقيت مدمن مخدرات وكحوليات، وده كله بسبب ثقة زايدة وإختيار غلط، لما حطيت فلوسي كلها في البورصة وخسرتها مرة واحدة، وبدل ما كنت صاحب أملاك، أعلنت إفلاسي وبيعت اللي ورايا واللي قدامي، وقتها أملي كان كبير في هالة خطيبتي، قولت هتستحملني وتسندني لحد ما أقف على رجلي تاني، وزي ما عملت نفسي مرة، هعمل نفسي مرة كمان، لكن كله في الفيشنك، هالة لما عِرفت إني خسرت كل فلوسي؛ اتخانقت معايا خناقة كبيرة، قلعت فيها دبلتها ورميتها في وشي، وبمجرد ما عملت كده، جسمي اتمسمر مكانه وماكنتش عارف أعمل أي ردة فعل، وعلى ما استوعبت اللي بيحصل، هالة مشيت وسابتني واقف لوحدي جنب عربيتي، وكل اللي عملته وقتها إني ميّلت ضهري وخدت الدبلة من على الأرض، حطيتها في جيبي وركبت العربية، دوّرت الماتور وفضلت ادبدب على الدريكسيون، عادة من عاداتي وأنا متعصب، واللي ماقدرتش أعمله مع هالة، عملته مع الكلاكس وأنا بصرخ وبدوس عليه، شعور كتير منكوا هيحس إنه أوڤر أو مش في محله، بس لو تعرفوا أنا قد ايه كنت بحب هالة ووجودها جنبي، هتعذروني وهتحسوا إن اللي عمّلته ده قليل، خاصة إن هي اللي شجعتني أحط الفلوس في البورصة، وده لما سِمعت المقابل اللي هيعود علينا لما الأسهم تزيد وأبيعها، لكنها طلعت طماعة ومابتبصش غير للفلوس، يعني هي لا كانت بتحبني، ولا نفسها نعمل بيت زي ما كانت بتقولي، وكل اللي كانت عايزاه، هي الفلوس مش أكتر، مغفل.. أنا مغفل إني حبيتها، بس الحب مش بـ ايد حد، وأنا قلبي يوم ما دق، دق لما شافها هي، وأدي النتيجة، خسرت كل فلوسي قبل ما أخسر هالة هي كمان، وعشان أنسى، شربت مخدرات وخمور كتير، وكله كان على حساب صحابي المقربين، هم اتكفلوا بيا وبكيفي، بس لحد امتى هيستحملوني، أنا كل يوم جرعتي بتزيد، وعشان ماتقلش على نفس الشخص كتير، كنت بتنقل بين البارات اللي فيها صحابي.. صحاب السوء اللي هالة حذرتني منهم، ودلوقتي هي اللي بعدت وهم اللي فضلوا عشان يصرفوا عليا، أنا أه عارف إنها فلوس حرام وبتتصرف في حرام، لكن على الأقل فضلوا جنبي وسندوني، مش زيها، مع أول مطب باعتني واتخلت عني، لكن مش مهم.. الإنسان هيعيش ازاي من غير ما يتعلم، وأنا اتعلمت الدرس كويس أوي، اتعلمت إني عمري ما أحب غير نفسي، بس كله كلام، أنا قلبي مش هيدق تاني عشان ماحبش غير واحدة، وهي هالة، وعلى سيرتها، خليني أحكيلكوا عن يوم كنت قاعد فيه مع عماد صديقي.. عماد ده يبقى صاحب بار من البارات اللي بقعد فيها، وعلى الرغم من إن شغله شمال، إلا إنه جواه إنسان عمري ما شوفته في الدايرة القريبة مني، واحد الظروف قهرته ووصلته للي هو فيه، ومش كلام والله، هو كده فعلًا، لدرجة إني لما كنت قاعد معاه وبشرب لقيته بيقولي:
-مش كفاية كده يا صاحبي؟.. مش كفاية اللي أنت بتعمله في نفسك ده؟.. أنا عارف إنك كنت بتحبها، بس أنت كويس يا رؤوف ومش زي ما بتحاول تكون، أنت ظروفك كانت أحسن مني ومن الشِلة، ومعرفتك بينا من الأول كانت غلط في غلط، وعشان أنا صاحبك وخايف عليك، بقولك إنك لازم تبعد عن اللي بتعمله، لازم تفهم إن الشُرب عمره ما هينسيك، الشُرب حل مؤقت، هتفوق منه مصدع ومقريف، شايف إن الدنيا ضدك وإنك ضحية، بس مافيش ضحية تعمل في نفسها كده، لكن أنا هقولهالك تاني، أنت كويس يا رؤوف ولسه ماوقعتش.
خدت بوق من إزازة البيرة اللي في ايدي وأنا بقوله:
-ماوقعتش!.. ما كفاية بقى نصايح يا عماد، أنا بقيت بخاف أجيلك عشان الكلمتين اللي بتقولهملي كل مرة دول، بس أنت لازم تعرف إني خلاص، وقعت وماحدش سمى عليا، والقرشين اللي كنت مدكنهم، يدوبك بصرف بيهم على أكلي وبنزيني، والصراحة البركة فيكوا، أنتوا ماسكين أكبر ميزانية عندي، ميزانية الكيف.. اللي بتعدل وبتعلّي المزاج.
-والقرشين دول على العربية لما تبيعها، هتقف على رجليك مرة كمان، لكن انت اللي مش عايز، أنت من ساعة ما هالة سابتك، وأنت متغيّر خالص يا رؤوف.
-وبعدين بقى في قلة المزاج دي!.. هو أنت شيخ وأنا ماعرفش يا عماد، ولا عايز تخش الجنة على حِس توبتي، لا يا حبيبي، أنت صاحب المكان ده كله، وبسببك الناس دي كلها سكرانة، بس عارف.. هتاخد ثواب برضه، أصل الماية والمادة، يخلوك في عالم تاني خالص.
-وهو بمزاجي يعني يا رؤوف، ما انت عارف، أنا اتولدت ابن رقاصة، ولما كبرت وأمي ماتت، سابتلي المكان.
-كله كلام، لو كنت عايز تبيعه.. كنت بيعته واشتغلت شغلانة شريفة، زيي زيك، مانفرقش كتير عن بعض، الطريق السهل هو طريقنا.
-نتغيّر.. نتغيّر بس مع بعض، أنا ماقولتش إني مش غلطان، بس أنا بنام مش مرتاح يا أخي، حاسس بحِمل تقيل على صدري وعايزه يروح.
-يووووه.. بوظت الدماغ اللي عملتها يا أخي، ده انت مؤذي، وأنا الصراحة مش فايقلك.
شوفت واحدة واقفة بعيد وبتشاورلي، قومت شديت ازازة البيرة واتحركت عليها وانا بتطوّح يمين وشمال، وبعد ما قعدت جنبها، لقيت هالة هي اللي قعدة جنبي، وقتها الدموع نزلت من عيني وأنا بعاتبها، بقولها ليه سيبتيني لوحدي، لكنها وزي كل مرة بشوفها فيها جوة بار من البارات، سابتني وهي بتقولي:
-أنت سكران.
بعد ما قالتلي كده ومشيت، موبايلي رن، بصيت على اللي بيتصل لقيته مراد صاحبي.. كان فاكر إني هجيله النهاردة بس نسيت، وعشان القعدة مع عماد كانت تعكر المزاج، رديت عليه وقولتله إني جايله، وقتها قالي إنه مستنيني، قومت خدت بعضي ومشيت، عملت نفسي بقلّب في الموبايل وأنا طالع على برة، وقتها شوفت بوست قدامي لهالة، كانت حاطة صورة مع راجل تاني وهو حاضنها، وعلى الصورة كانت كاتبة(حب حياتي).. اتصدمت من اللي قريته وشوفته واتمسمرت مكاني زي المرة اللي فاتت، وقبل ما أخد أي ردة فعل، لقيت عماد جالي، كان لسه هيسألني مالك، قامت عينه جت على الموبايل، وقتها فهم وحاول يهدي فيّ، بس أنا زقيته وطلِعت برة، دوّرت على عربيتي ومالقتهاش، أتاريها كانت قدامي وأنا مش شايفها، وعشان عماد كان خايف أسوق في الحالة، حاول يوقفني وعرض عليا يوصلني، لكني رفضت وزقيته للمرة تانية، وبعد محاولات كتيرة وأنا بتطوّح يمين وشمال، وصلت للعربية وفتحت الباب، وقبل ما أقفله، عماد صرخ فيّ وقالي:
-كفاااية.. كفاية بقى يا أخي، هتموّت نفسك عشانها، أنت ايه.. غبي، هي طماعة وماحبتش غير الفلوس، واللي بتعمله في نفسك دلوقتي مش هيفرق معاها في حاجة، بالعكس.. انت بتحسسها إنها ملكة وتستاهل الأحسن.
فقد فيّ الأمل، شاف حاجة أنا ماشوفتهاش غير بعدين، وهي اللي حصلت معايا في الطريق، لما قفل باب العربية وهو بيقولي:
-مش هتفهم غير بعد فوات الآوان، على العموم براحتك يا صاحبي.
بمجرد ما قفل باب العربية دوّرت الماتور واتحركت على طول، طلعت على الطريق برة وأنا عامل حسابي إني هروح لمراد، لكن طول ما أنا سايق، ماكنش في بالي غير هالة واللي عملته، هان عليها.. هان عليها تسيبني وتروح لواحد تاني بالسهولة والسرعة دي؟.. ماكنتش مصدق اللي حصل، قولت لنفسي يمكن أكون سكران ولا حاجة، عشان كده رفعت موبايلي من على حِجري وعملت سيرش على أكونت هالة، والصدمة في اللحظة دي، إنها عملتلي بلوك.. المجرمة استنت الفترة دي كلها عشان تعملي بلوك دلوقتي، كانت عارفة اني بتابعها وهشوفها وهي مخطوبة، وبعد ما أعلنت عن خطوبتها، عملتلي بلوك على كل المنصات، آلم رهيب كنت حاسس بيه وقتها، مافوقتش منه غير وأنا بجري على الطريق وبـ أقصى سرعة، ومرة واحدة، وبسبب زلطة كبيرة على الطريقة، العربية طارت في الجو، بعدها لفت كذا لفة، وقبل ما العربية تلمس الأرض، أغمى عليا من الخوف، مافوقتش تاني غير على صوت واحد بيقول:
-لازم ندوّر على أهله عشان يجوا يستلموا الجثة.
بس ازاي.. أنا عايش وسامع، لكني لا قادر أحرك جسمي ولا أفتح عينيا، صدمة كنت فيها، وبسبب الصدمة أو الآلم اللي كنت حاسس بيهم، أغمى عليا للمرة التانية، ولما فوقت المرادي، كنت في مكان رطِب وفيه ريحة بشعة حواليا..
تتبع.
ليلة في التربة
٢
بس ازاي.. أنا عايش وسامع، لكني لا قادر أحرك جسمي ولا أفتح عينيا، صدمة كنت فيها، وبسبب الصدمة أو الآلم اللي كنت حاسس بيهم، أغمى عليا للمرة التانية، ولما فوقت المرادي، كنت في مكان رطِب وفيه ريحة بشعة حواليا، حاولت أستنجد بـ أي حد وأقول إني عايش، ماعرفتش أطلع صوتي ولا أحرك جسمي، كنت ملفوف في حاجة مكتفاني، وكل اللي كنت قادر أعمله، إني أحرك صوابع رجلي، لكني حاسس بصداع رهيب هيفرتك دماغي، وفي نفس الوقت كنت سامع صوت بيهمس في ودني وبيقول:
الصوت كان بيتكرر كتير، ومعاه، كنت حاسس بحاجة بتزحف على جسمي، الحاجة دي وقفت على صدري وفضلت تضغط عليه جامد، حاولت أقاوم ماعرفتش، حتى نفسي، ماكنتش عارف أخده، لدرجة إني حسيت بـ نهايتي وهي بتقرب مني، نهايتي اللي مش راضية تخلص، أيوة.. أنا لا عارف أنا عايش.. ولا ميت، ولو عايش.. هل دي فرصة، ولا نقمة؟.. كلام عماد كان بيرن في ودني، بس اشمعنى حصل فيّ كده، ولو أنا ميت وبتحاسب، يبقى خلاص، أنا ماليش فرصة تانية وهخش النار؟.. أسئلة كتير دارت في دماغي والشيء ده لسه بيضغط على صدري، كمان الأصوات ماكنتش بتسكت، كانت بتتكرر كتير وبشكل مزعج، خليتني أفقد أعصابي وأتوتر، ولما كنت هقطع في النفس للمرة التالتة، الشيء ده اختفى من على صدري، أيوة.. هو أختفى حرفيًا، يعني لا رجع يزحف بعيد عني، ولا نط من عليا، أما بقى الأصوات، فـ كانت بتتكرر بشكل بشع، لدرجة إني في مرة من المرات، سمعت صوت حاجة بتصرخ بنبرة عالية، خليتني اتنفض من مكاني، بس الحمد لله، النفضة دي، خليت الشيء اللي مكتفني يفك شوية، وبكام محاولة مني، قدرت أخيرًا أحرر نفسي، وقتها لقيتني عريان تمامًا، وعن طريق ضوء خافت كان جاي من ورايا، شوفت كفن جنبي، كان شكله جديد بس ريحته بشعة، ومن هنا عرفت إني في تربة، لكن الأصوات دي جاية منين، وايه اللي حصل خلاني أترمي هنا، لكن الأمور وضحت لما سمعت صوت من ورايا، صوت أنا عارفه كويس.. الصوت ده كان صوت جدي الله يرحمه، اتوفى من اسبوعين وانا ماعرفتش أحضر جنازته، كنت في البارات بشرب وبسكر، ومن الواضح كده إنه عرف لإنه قالي:
-غبي.. طول عمرك غبي، بعدت عن العيلة وقولت إنك ناجح وبتعمل نفسك بنفسك، ماتعرفش إن عيلتك دي هي اللي هتبقالك، ولولاهم ماكنتش هتلاقي اللي يدفنك في تربة زي دي، تربة بتجمع حبايب انت ماتستاهلش تكون جنبهم.
لفيت جسمي وبصيتله، جسمه كان متحلل وعضم كتير باين من تحت جسمه، وعلى الرغم من كل ده، إلا إن كلامه كان لسه بيرن في ودني، واللي فهمته منه خلاني أرد عليه وأقوله:
-تقصد ايه؟.. تقصد إني ميت؟.. زيي زيك كده!
-أنت مُت من زمان أوي يا رؤوف، لما بيعت نفسك للشيطان وقت ما هالة سابتك، وبدل ما ترجع لعقلك وتوريها إنك تقدر تُقف على رجليك مرة كمان، وانها كانت مخطوبة لراجل، أثبتّلها إنك حيطة مايلة، حُرمة هي اللي هتوديك وتجيبك، ولما مشيّت، وقعت على وشك زي المغفل، شربت وسِكرت، وكل واحدة كنت بتقرب منها وبتشوفها، كنت بتلاقي هالة في وشك.
-يعني ايه؟.. يعني ايه اللي أنت بتقوله ده؟.. يعني أنا خلاص كده؟.. ميت.
-وعملت ايه وأنت عايش غير الغلط، ده حتى قبل موتك صاحبك حذرك، قالك إن اللي أنت فيه ده حرام، والراجل عرض عليك انه يتوب معاك، لكن زي ما أنت، ركبت دماغك وماشوفتش غيرها.. شوفت إن بُعدها عنك خسارة ليك، لكن بالعكس يابني، أنت المفروض تحمد ربك إن سرها انكشف قبل ما تكون مراتك وأم عيالك، بس هنقول ايه.. الإنسان مايقدّرش النعمة غير لما تروح منه.
-أنا مستعد أتغيّر، مستعد أبطل كل حاجة حرام، بس أرجوك خرجني من هنا، أنا أهو، حاسس بنفسي وعايش.
-متأخر أوي يا رؤوف، ودلوقتي أنا هسيبك ليهم، هم اللي هيتصرفوا معاك.
-جدي.. رد عليا يا جدي، أنت مش هتسيبني هنا لوحدي.. صح!
-جدك مات يابني.. ولا جدك ليه، أنت حتى ماحضرتش عزاه ولا افتكرته، واللي قدامك دلوقتي هو إختيارك، الطريق اللي مشيت فيه وبـ إرادتك.
– أنا أسف يا جدي، أبويا هو اللي طردني واعتبرني فاشل، لكن أنا.. أنا استحملت كتير أوي من ذُل وإهانة، وأديك شوفت، لما بعدت.. وقفت على رجليا.
-ووقعت، ومع وقوعك مشيت في الطريق الغلط.
جدي قال كده ووشه اتغيّر، اتحول لوش هالة، بس وش بشع، يدوبك ملامحها هي اللي مميزاها، لكن عينيها كانت بيضة تمامًا، وبوقها.. بوقها كان مشوّه، منظر خلاني أجري على باب التربة، الباب اللي كان جاي منه ضوء القمر الخافت، خبطت عليه وفضلت أصرخ، لكن جسمي كان ضعيف، ويدوبك خبطتين وقعدت على أول سِلمة، أخدت نفسي ورجعت انده تاني، وقتها هالة قربت مني، شديتني من رجلي لحد نص التربة، مكان ما كفن جدي محطوط، وعشان جسمي كان مكسر، ماقدرتش أقاوم، وكل اللي قولته وقتها:
-هالة.. سيبيني يا هالة، أنتي هتعملي فيّ ايه؟
ردت عليا بصوت مبحوح وهي بتبتسم:
-هقتلك.. أنت تستاهل القتل يا رؤوف، أنت عملت كل حاجة حرام، ودلوقتي وقت الحساب.
-هالة.. أرجوكي يا هالة، سيبيني أرجوكي.. أنا مش عايز أموت.
من التعب والإرهاق بدأ يغمى عليا، وقبل ما أقطع في النفس، سمعت باب التربة بيتفتح وحد بيقول:
-يا ساتر يا رب.. يا ساتر يا رب، يا مروان.. هيم على هنا ياض، جثة خرجت من كفنها وعايشة.
دي كانت آخر كلمات سمعتها، قبل ما أفوق مرة كمان وأنا في المستشفى وأبويا جنبي، باصصلي وهو متعصب، كإنه متضايق إني لسه عايز وماموتش، واللي أكدلي حاجة زي كده، هي أمي اللي جريت عليا وحضنتني، وأول حاجة عملتها، إنها شديت راسي ناحيتها وقالتلي:
-ألف سلامة عليك يا حبيبي، ألف سلامة.. احنا مش هنسكت، والدكتور اللي شخص حالتك وقال إنك ميّت ده هنحاكمه.
-حوشت ايديها من عليا وأنا بقولها:
-لأ.. ماحدش يعمله حاجة، أنا بس عايزكوا تشكروه.
-نشكره ازاي يابني، ده أنت نمت ليلة كاملة في التربة.
-ليلة علمتني كتير أوي يا أمي، على العموم تعبتكوا معايا.
كلامي زعل أمي لكنه فرّح أبويا، لإنه انتهز الفرصة وخد أمي ومشي، أنا مش عارف هو بيكرهني ليه، لكن بعدين عرفت، لما قررت إني أبعد عنه هو بس، لكن أمي هفضل أزورها ومعاها، حتى اخواتي، كنت من فنرة للتانية بسأل عليهم، وفي يوم كنت بزور أمي فيه، لقيتهم بيتخانقوا مع بعض وهو بيقولها انه مش ذنبه يحب واحد مش ابنه، وكفاية أوي انه كتبني بـ اسمه، وقتها الأمور وضحت قصادي، وبدل ما دخلت، خدت بعضي ومشيت، قررت أعمل اللي كنت بعمله كل فترة، أزور أمي واتطمن عليها، أما بقى موضوع أبويا ده اتقفل تمامًا بالنسبالي، خوفت أسأل وأفهم، وقتها أكره أمي وابعد عنها تاني، وكفاية أوي اللي حصلي بسبب هالة، ولو عايزين تعرفوا هي حصلها ايه هي كمان، أحب أقولكوا انها فسخت خطوبتها للمرة التالتة، أما انا بدأت من الصفر، ودلوقتي فاتح شركة صغيرة، مدوّرها كويس وقادر أكسب منها، ومن هنا أقدر أقول إن الحياة ساعات بتديك فرصة تانية، وأنا قررت استغل الفرصة دي وكويس.
تمت بحمد الله.