“القصة مستوحاة من أحداث حقيقية”
إيه التوتر ده ! مش ممكن، “نائل” لازمله مصحة نفسية، أنا مكنتش عارف إن الوضع وصل لكده، ده طلع مش بيحبها، ده مهووس بيها…
لقيته جي عليا وأنا واقف بسقف ومهيص مع باقي المعازيم وبيشدني…
-أنا حاسس إن في حاجة حصلت لنجوى! كانت قدامي من شوية وبعدين اختفت، في ثانية، مش طبيعي، كإنها ملهاش وجود…
رديت عليه:
=يا “نائل” يا حبيبي إحنا في فرح، الطبيعي إن الناس تختفي، مش شايف الزحمة وكمية النشاطات اللي تتعمل والأماكن اللي الواحد ممكن يروحها؟
وده مكنش أي فرح، كان فرح ضخم في أشهر أوتيلات مصر، فرح صاحبنا “عزت”، صاحب طفولتنا، أنا وهو و”نائل” و”نجوى” و”فرح”، كلنا مع بعض في المدرسة من وإحنا صغيرين، إتجمعنا في فصل واحد لما كانت أعمارنا 6 سنين ومن وقتها وإحنا مع بعض لحد ما اتخرجنا من المدرسة وفي قصة حب كيوت كده اتولدت ما بين “نائل” و”نجوى” كانت تفوق في تلزيقها قصة “روميو” و”جولييت”، والقصة فضلت تكبر وتلهلب لحد ما اتجوزوا، كان عندهم 22 سنة وبرغم سنهم الصغير إلا إنهم كانوا عايزين يتجوزوا قبل كده لكن أهو عبال بقى ما حضروا عش الزوجية والأهالي اتفقوا وفي قصة تانية كمان، القصة اللي بتنتهي بالفرح ده، قصة “عزت” و”فرح” اللي بالمناسبة مكنتش قصة حب عنيفة…
مكنش في أي شرارة ما بينهم لحد ما كبرنا واتخرجنا من المدرسة وفاتت سنين كمان، واللي جمعهم هو الشبه، الشبه اللي في الأول بنستخف بيه وإحنا صغيرين ونعتبره من المسلمات، ولما بنكبر وبننضج بنكتشف أهميته وقد إيه هو نادر، الشبه الاجتماعي والتعليمي والثقافي والتربوي، إنك تلاقي لغة مشتركة مع حد، حتى لو مش بتتقفوا في كل حاجة لكن فاهمين بعض، هو ده اللي جمعهم، إنهم حسوا إنهم مناسبين لبعض، هيقدروا يعيشوا مع بعض بعد بهدلة كتير، ده مع مشاريع ارتباط فاشلة، ودي زيه مع مشاريع كتير محبطة، مفيش غير أختها الكبيرة اللي مكنش عندها نفس وجهة النظر ومكنتش شايفة الشبه..
………………………
-في حاجة مش مظبوطة، “نجوى” مش موجودة في أي حته!
وبعدين بقاااااااا، “نائل” كان هيطيرلي عقلي أنا كمان، يبقى هو وأنا، “نجوى” اختفت، “نجوى” اختفت، هتروح فين يعني؟ ده خوف مرضي…..
-بس بقى هموتك!
دي كانت صرخة من واحدة من المعازيم، لفتت انتباهي فقربت أشوف في إيه، لقيت واحدة بتشدها بالعافية عشان تخليها ترقص… هزيت راسي، اللي هو إيه التفاهة دي، وساعتها لمحت من بعيد واحدة قاعدة على كرسي، منعزلة، قالعة جزمتها وعمالة تظبط حاجة، “نجوى”!
روحتلها جري وسألتها عن حالها:
-الكعب اتكسر ومش عارفة اتصرف إزاي، والألم في رجلي رهيب، أكسر الكعب التاني وخلاص ولا أعمل إيه؟
=أنا اللي دماغي اتكسرت منك إنتي و”نائل”، ده دوشني من القلق عليكي، قال إيه اختفيتي، شوفيلكم صرفة مع بعض….
بصتلي بصة نارية، كإن اللي بقوله ده عيب وميصحش، ويمكن عندها حق، ما هو اللي عمله برضه مش قليل…
………………
“نائل” ظهر، جري علينا وهي لما لقيته قرب اتنترت من مكانها وهي حافية وماسكة الجزمة اللي من غير كعب ومشيت بعيد…
=أهي كويسة الحمد لله، هدينا بقى؟
كان بيراقبها وهي ماشية، زي الصقر اللي مش بينزل عينه من على فريسته…
-بيعمل إيه هنا ده؟
بصيت للاتجاه اللي بيشاور عليه، لقيت “علي”، “علي” ده بقى هو العريس اللي عمال يحوم حوالين “نجوى” من وقت ما اتطلقت من “نائل”، اه، ما هم اتطلقوا من 6 شهور….
-هي نجوى فين؟
=يوووووه، هي عيلة تايهة ولا إيه مش فاهم، مانت لسه متنيل متطمن عليها من مفيش وكانت مرزوعة قدامنا عشان جزمتها اتكسرت.
-إزاي ده ييجي الفرح؟ يصح كده؟
=وليه ميصحش، مش انتوا اتطلقتوا؟ حقها يا أخي، تتجوز، متتجوزش، تشوف مصلحتها، أنت مالك؟
وشه كان مرعب، حسيته هيعمل فيا حاجة لما قلت كده…
سألته، ماله، ليه متلخبط كده، رد عليا:
-مش عارف، أنا مش متطمن، عندي إحساس مش تمام.
=أنت قلقان عليها من اللي اسمه “علي”؟
-أيوه، مش متطمن له، حاسس إنه خطر عليها، “علي” ده مشكلته إنه في كل حاجة البنات تتمناها، بيبرق كده زي الألماظ، كل اللي ظاهر منه يغري أي واحدة تتجوزه، شكله، لبسه، إسلوبه، مستواه الاجتماعي والثقافي، فلوسه، أخلاقه…
=طب وإيه اللي يقلق في كده؟
بصلي بصة مش هنساها وقال:
-مفيش حد بالمثالية دي يا “قمر”!
معرفش ليه ارتجفت، الجو كله اتغير في اللحظة دي، مش قادر أوصف بالظبط التغيير، لكن الأجواء اختلفت….
“فرح” رجعت تاني، ما هي كانت في الأوضة المخصصة ليها في الفندق، تلاقيها راحت تصلح حاجة في الفستان ولا المكياج…
هي كده، “فرح” طول عمرها ودودة ومتواضعة، مش غريب عليها إنها تمشي وسط الناس وتسلم عليهم، وده اللي عملته لما رجعت من أوضتها لحد ما خبطت في واحدة ماسكة كركدية واتدلق منه على فستانها…
البنت قعدت تعتذر ل”فرح” وعرضت عليها تساعدها في تنضيف الفستان، “فرح” رفضت وكملت ضحك عادي وطلعت تاني لأوضتها عشان تنضف البقعة….
شوية وخبطت في “نائل”، وشه كان عرقان وبيترعش، سألني:
-مشفتش “نجوى”؟
لأ، لا كنت شايف “نجوى” ولا “عزت” ولا “فرح”، مردتش عليه، هقوله إيه ده، واضح كده إن مفيش حاجة كانت هتهديه….
“فرح” ظهرت أخيرًا، كان في بقعة ميه على فستانها لونها وردي، واضح إنها حاولت تنضف الفستان من الكركدية وكانت مضطرة تكمل الفرح على كده، بالفستان المبقع، كانت بتضحك ضحكات رقيقة لكن وشها كان شاحب وتحت عنيها إسود، طبيعي، برغم فرحتها المجهود كان رهيب، حركة وتنطيط وتحضيرات قبل الفرح وكمان توتر الحدث نفسه، بعد شوية ابتدت تسأل عن “عزت”، تسأل أبوه وأمه وقرايبه وإحنا، أصحابه، كان غايب بقاله فترة ومحدش مننا عارف مكانه…
…………………………
-مش بترد عليا!
“نائل” كان بيشكيلي من “نجوى” اللي مكنتش بترد على اتصالاته خلال الفرح…
=ما طبيعي، أنت عايز إيه؟! الطبيعي إنها متردش.
-أنا بس عايز اشوفها فين.
=لا حول ولا قوة إلا بالله.
صرخة رهيبة خلتنا كلنا نتجمد في مكاننا، كل واحد وقف على وضعيته، كانت الأغاني والموسيقى وقفت عشان كده قدرنا نسمعها…
كانت صرخة ست وبعدها واحد منعرفوش دخل القاعة وقال:
-مات، العريس مات!
………………………..
صحيح كانت قصة حب رهيبة ما بين “نائل” و”نجوى” لكن اللي حصل بعدها كان بشع، مش عارف إزاي برغم حب “نائل” المجنون ليها اتشد لواحدة تانية والموضوع اتطور لعلاقة محرمة، هم كانوا بيحاولوا يخلفوا من سنين ودخلوا على التلاتين وربنا مأرادش، كل اللي كانت عايزاه “نجوى” هو إنها تجيب ولاد من “نائل”، لكن ده اتغير تمامًا لما عرفت بخيانته، رغباتها اتبدلت، كل اللي بقت عايزاه هو إنها تدمر “نائل” وتحرق قلبه زي ما حرق قلبها….
ومفكرتش لحظة تديله فرصة تانية، علطول قررت تسيبه، لا عشرة بقى ولا حب ولا عهود ولا أي حاجة، ومن وجهة نظرها هو محافظش على العهود ليه هي تحافظ؟
……………………….
-نجوى راحت فين؟
لأول مرة اتفق مع “نائل”، “نجوى” لازم تحضر، صاحبنا مات! مات إزاي؟
جرينا على مصدر الصرخة، حمام الستات…
“عزت” كان ممدد على الأرض وفي بركة دم جنب راسه المفشفشة….
“فرح” وصلت، مدت إيديها وزقت الناس عشان تدخل كإنها بتفتح ستارة، وصلت للجثة، تنت ركبتها ووطت ليه وانفجرت في العياط من غير صراخ ولا زعيق ولا أسئلة، عياط علطول….
ولقتني بدور على “نجوى” زي ما “نائل” كان بيدور، كإني بهرب، بهرب من مواجهة اللي شايفه، صاحب الطفولة، العريس اللي لسه متهناش بحياته الجديدة، سايح بدمه على أرضية حمام في فرحه؟!
“نجوى” مش موجودة في أي مكان، وبدل ما ألاقيها لقيت “علي”، كان واقف سرحان متوتر، عنيه زايغة، سألته عنها، قال لي “معرفش”، يعني إيه ميعرفش، قال لي إنه مشافهاش من أول الفرح، قابلها بس أول ما جه، سلموا على بعض في ثواني وهي اختفت بعد كده، وافترض إنها أكيد مشغولة مع العروسة ومع أجواء الفرح….
متكلمتش معاه كتير وبعدها بشوية خبطت في “نائل”، قال لي:
-أنا مش لاقي “نجوى”، مش متطمن….
مش لاحق أنهار، مش لاحق أتصدم وأحزن على صاحبي وده لإن القلق بدأ ياكلني على “نجوى”، موبايلها خارج الخدمة، صدفة؟
مشيت لحد عتبة الحمام، لسه كنت سامع عياط “فرح” وعياط الناس وزعيقهم وكلامهم الهستيري لما دوست على حاجة….
صوت إزاز، إزاز شاشة موبايل، وطيت وشفته، موبايل “نجوى”، الموبايل كان متفشفش على الأرض، “نجوى” مش تمام، “نجوى” مفقودة….
……………………
أخيرًا أهل “فرح” قدروا يشيلوها من على جثة “عزت” وطلعوها لأوضتها وفجأة لقيت ناس بأزياء مختلفة، مش معازيم، شرطة وإسعاف….
روحت على ضابط منهم وقلتله:
-متهيألي في حاجة حصلت برضه لصاحبتنا “نجوى”!
ووريته الموبايل….
…………………………
“نائل” فقد أعصابه لما شافني بتكلم مع الظابط وشاف موبايل “نجوى”، صحيح “اللي يخاف من العفريت يطلعله” وأهو نجوى طلعت مفقودة ومنعرفش إيه اللي حصل لها…
عرفنا إن “فرح” اتوجهت لبيت الزوجية، بيتها هي و”عزت”، أخدت عربيتي ومعايا “نائل” وروحنا على هناك، وأخيرًا انهرت….
وأنا بسوق ركزت كده وجمعت اللي حصل، “عزت” صاحبنا اتقتل!
وبدأت وصلت عياط هستيري وفضلت أخبط على الدريكسيون، لا حول ولا قوة إلا بالله، “عزت” حصل له إيه، مين اللي قتله وليه؟
“نائل” كان همه أضعاف أضعافي صاحبه مات وحبيبته مفقودة، يا ترى “نجوى” شافت اللي حصل عشان كده القاتل استهدفها؟ موبايلها كان مكسور على عتبة الحمام، نفس الحمام اللي اتقتل فيه “عزت”….
“نائل” فضل يمسح إيده على راسه ووشه، عمال يتلفت يمين وشمال وبعديها يمسح كفينه على خدوده وكإنه بيلطم بهدوء…
-اتخطفت، “نجوى” اتخطفت…
مكنش فيا حيل أرد عليه، دماغي واقفة عن التفكير…..
…………………..
وصلنا لبيت “عزت” و”فرح”، طبعًا كان في سيرك هناك، كمية بشر مش طبيعيين، وفرح قعدة وسطهم بتبكي في صمت، الدموع عمالة تنزل من عنيها ومش بتتكلم ولا بتتلفت لحد…
-ده مش مفروض يحصل، مش ده اللي المفروض يحصل…
“نائل” كان قاعد على جنب وبيقول الكلمتين دول وهو باصص على “فرح”…
كان بيخترف، كلنا كنا بنخترف…
معرفش ليه وقتها افتكرت…”السيرك”، المرة اللي احنا الخمسة فيها روحنا السيرك، كان عندنا وقتها 13 سنة، كل واحد فينا اخترع حوار، اللي قال لأهله إنه رايح درس واللي قالت هتذاكر عند صحبتها واللي قال عنده صحبه عيان وهيروح يتطمن عليه، كل ده عشان السيرك المتنقل اللي نصبوه في مكان نقدر نروحه، طلعت في دماغنا نروح قبل ما ميتنقل مكان تاني بعيد، كنا كلنا مرعوبين عشان الكدب اللي كدبناه على أهالينا لكن الرعب راح أول ما الستارة اتفتحت….
فيل صغير كان قدامنا، على بعد كام خطوة، ما احنا حجزنا في الصف الأول، والمدرب بتاعه كان معاه يقول له يمين يروح يمين يقول له شمال يروح شمال، يقول له نط ينط، يطلع على سلم وينزل يسمع الكلام، كنا مبهورين، بس إنبهارنا بالعرض ده والعروض التانية ميتقارنش بانبهارنا بعرض الساحر…
الساحر لا مطلع من بوقه زينة بألوان كتير ولا ضم إيديه وخرج منهم حمامة، ده كان بيشاور على حد من الجمهور ويقول له حاجات عن بيته وحياته الشخصية، حد ورا حد لحد ما شاور عليا، بس المرة دي قال لي بصوت عالي بطريقته الاستعراضية إني أروحله على المسرح…
اترعبت من أول ما عينه جت عليا وزاد الرعب لما شاورلي وزاد أضعاف لما دعاني عالمسرح ومع ذلك لقيت نفسي بقوم وبروحله، مش قادر أقاوم أو أقول لأ…
لما وصلتله سألني:
-بتخاف من الحقن؟
=لأ.
طبعًا أنا كنت عايز أبان جدع ورجولة وكده، مش هكسف نفسي قدام صحابي، في الحقيقة أنا كنت بكره الحقن وبخاف منها.
أمر المساعد بتاعه يجيب الحوض، المساعد جر حوض إزاز فيه ميه وتحتيه مسند لحد قدامي، الساحر بعدها طلع دبوس وشكني شكة صغيرة في صباعي، قلب صوباعي على الميه بحيث نقط الدم تنزل عليها، قال لي أوطي وأغمض عنيا، عملت زي ما قال، وفتحت عيني على الآخر بعدها، قدامي أربع أطفال، شايفهم من ضهرهم، لابسين زي موحد، الولاد كلهم باصين في اتجاه واحد، في اتجاه طفل تاني جي عندهم، هو مش قاصدهم هم، ده داخل الفصل اللي واقفين في مدخله…
-ده ولد جديد؟
واحد منهم سأل الباقي…
ردت عليه البنت اللي جنبه:
-اه شكله كده، ولد جديد معانا في الفصل.
ولد تالت رد:
-بس إحنا مش عايزين حد جديد، مفيش حد جديد بييجي الفصل.
البنت الرابعة قالت:
-ده شكله عبيط.
والأربعة انفجروا في الضحك، الأربعة دول كانوا “نائل” و”عزت” و”فرح” و”نجوى” والولد الجديد كان أنا….
كنا في أولى ابتدائي وهم مع باقي الفصل محدش جديد جه عليهم من أول سنة دراسية فطبعًا أنا كنت ظاهرة، كنت خايف جدًا، حاسس إني غريب، لوحدي في العالم كله، والكل كان بيبصلي بصات عدوانية، العيال أصلهم أوقات كده بيبقوا مجرمين، والأربعة دول أول ناس صاحبوني، يوم في التاني بقينا مجموعة، بس أول مرة أعرف اللي دار ما بينهم لما شافوني في البداية، إزاي؟
الساحر قال لي أغمض عيني تاني، غمضت وفتحتها عالآخر، سألني:
-شايف إيه؟
=شايف فرح كبير..
-مين اللي في الفرح؟
=أنا وهم.
-هم مين؟
=اللي معايا في السيرك، صحابي، “نائل” و”نجوى”، احنا كبار، شكلنا كبير، بس في حاجة…الفرح اتقلب! في دربكة جامدة، وحد بيصرخ وبيقول “العريس مات”!…
………………..
يلعنه الساحر! إيه اللي ورهوني ده، ده كان مندل ولا نيلة إيه؟ أنا شفت منظر الفرح بالظبط، افتكرت، كان نفسه المشهد، فرح “عزت” و”فرح”، ده كان ساحر بجد مش بتاع خفة يد….
فصلت من سرحاني، فوقت على نظرة “فرح” اللي اتجمدت على حد معين…أختها الكبيرة “نسرين”…
نظرة عتاب رهيبة، كانت مركزة معاها لدرجة مش شايفة أي حد تاني، أنا مثلًا كنت قاعد وسطهم و”فرح” عنيها مكنتش بتيجي عليا ولا تطرف، هو في إيه؟
“نسرين” دي الوحيدة اللي كانت معارضة جوازها من “عزت” وبشراسة، كانت بتقول إن “عزت” داخل على طمع لإنهم أغنيا جدًا ومكنتش شايفة التوافق اللي كلنا شايفينه وبالعكس بقى كانت حاسة إن بسبب إن مكنتش في قصة حب في البداية فده معناه إن “عزت” كان حاسبها بالعقل ومعتبر “فرح” شوال فلوس، لدرجة إنهم سخنوا على بعض في مرة، هي و “عزت”، والاتنين قاموا من مكانهم وزعقوا وشتموا في بعض وبدأوا بقى يشوحوا بإيديهم وكانوا هيتهوروا لولا إن إحنا اتدخلنا أنا و”نجوى” ووقفناهم!
ولسه “فرح” باصة ناحية “نسرين”!
عيني بعدها جت على “نائل”، لقيته حاطط كفينه في بعض وباصص على الموبايل قدامه على الطرابيزة ورجليه مش بتبطل حركة عصبية…
=أنت مستني مكالمة؟
وشه اصفر وبص لي بصة مش مفهومة…وأخيرًا رد عليا بعد ثواني:
-مستني أي خبر عن نجوى.
سندت على ضهر الكرسي وغمضت عنيا، مش قادر أجادل ولا أتكلم كتير، قلتله:
=متقولش حاجة لفرح، مش هتستحمل..
“نائل” قام وقرب ل”فرح”، واضح إنه مكنش عنده حاجة هيقولها، إيه اللي هيقوله هيهون عليها، هو بس فضل قاعد جنبها، هي انتبهت ليه وقالت له:
-في صور في موبايلك للفرح صح؟ عايزه أتفرج عليهم.
-موبايلي؟ طب ما نشوف موبايل “قمر”؟
معلقتش، هي مكنش فارقلها، عايزه بس تتفرج على الصور…
طلعت موبايلي وبدأنا نقلب في الصور، ووقفنا عند صورة معينة بسبب تعليق “نائل”….
-أنا أعرف ليه عزمتوا اللي إسمه “علي” ده؟ مش مفهومة!
الصورة كان فيها أنا و”نجوى” و”علي” ورانا…
“فرح” رفعت راسها وشبكت حواجبها وبصت ل”نائل” باستغراب وقالت:
-احنا معزمنهوش!
قال لها:
-لو مش إنتي أكيد “عزت”.
حركت راسها يمين وشمال بتنفي ده…
في واحدة قريبتها عدت جنبنا وشافت الصورة وقالت:
-صاحبكم ده كان عامل قلبان في الفرح.
بصنالها كلنا وعلى وشوشنا علامات استفهام، مستنينها تشرح…
هي شافت التعجب علينا فقالت بتوتر:
-الخناقة الكبيرة ما بينه وبين صاحبتكم “نجوى” ده في شوية معازيم من ضمنهم أنا فضلنا متسمرين وبنتفرج عليهم!
قلتلها:
=خناقة؟
رجعت بالذاكرة لورا كام ساعة لما سألت “علي” عن “نجوى” وقال لي:
-معرفش، مشفتهاش من أول الفرح، قابلتها بس أول ما جيت، سلمنا على بعض في ثواني وهي اختفت بعد كده، قلت أكيد مشغولة مع العروسة ومع أجواء الفرح…
كدب عليا ليه؟
“نائل” كان ساكت، مبلم وأنا اللي سألت القريبة:
=إنتي سمعتي الخناقة، فاكرة اللي اتقال فيها؟
-إلا فاكرة، ده كان شو! لقينا “نجوى” بتزعق وبتقول “يوووه، هو كل شوية أنا إيه، أنا إيه، عايز تعرف؟ أنت ولا حاجة، مفيش، مفيش حاجة ما بينا، أنت مجرد أداة، بدايقه بيك بس، حتى الدعوة دي، إني جبتك معايا بس عشان أغيظه”
و الشخص ده بقى مسكتش، لقينا وشه أحمر وقال :”يعني إيه؟ بتستغليني؟ أنا واحدة تعمل معايا كده؟ أنتي متعرفيش كم الستات اللي عايزنني؟”
هي ردت : “طب ما تروحلهم وتحل عني” ورجعت خطوات لورا لما هو قرب ليها وعينه كانت بتطق شرار واتكعبلت وكعب جزمتها اتكسر…
-الكعب اتكسر ومش عارفة اتصرف إزاي، والألم في رجلي رهيب، أكسر الكعب التاني وخلاص ولا أعمل إيه؟
ببصلها، قاعد جنبها وهي بتقول الكلمتين دول، طب ما اسألها إيه اللي حصل، إزاي الكعب اتكسر، مش يمكن أقدر أنقذها، يمكن هو ده اللي أدى للي حصل لها واللي هو منعرفوش…
سرحت وتخيلت نفسي لسه في الفرح، لسه قاعد مع “نجوى” وهي بتقول كده، بقى كده، كانت لسه جايه من عند اللي اسمه “علي” واللي بسببه اتكعبلت وجزمتها اتكسرت…
-لسه بتحبني!
“نائل” قال كده بعد ما قريبة “فرح” خلصت كلام…فقت من سرحاني على جملته…كمل وقال:
-بدل لسه بتسعى تغيظني وتنتقم مني يبقى بتحبني، لسه بتحبني.
=ياخي اتنيل!
مش فاهم ده عقله اتلحس؟ إحنا في إيه ولا في إيه؟ وبعدين هو ميعرفش “نجوى”؟ المفروض يكون أكتر واحد عارفها، “نجوى” شخصية مرحة ملهاش في النكد، عاملة زي النسمة الحلوة اللي بتضفي بهجة على كل حاجة حواليها، لكن لسعتها زي العقربة ورغبتها في الانتقام رهيبة، لما بتبدأ أذاها مش بتعرف تسيطر، بتفضل تنخر وتنخر في اللي سببلها الضيق لحد ما تدمره، الموضوع ملوش علاقة بحب وحنين ولا هي ألاعيب وفي نية للرجوع لنائل، أبدًا هي بس مش هتبطل تسعى تدمره بسبب اللي عمله فيها ومستحيل ترجعله، هتبطل؟ ده على أساس إن “نجوى” لسه موجودة وعايشة وليها مستقبل وكده؟ الله أعلم إيه اللي حصل لها، بس على رأي “نائل” أنا مش متطمن!
-هي “نجوى” فين؟
“فرح” فاقت لثواني ورمت السؤال ده.
زغرت ل”نائل” عشان ميتكلمش…
قلتلها:
=ميصحش نقعد أكتر من كده، لازم نسيبك ترتاحي، تبقي بس مع أبوكي وامك لحد الدف….الصبح، يا هنعدي عليكي يا هننطلق قبلك ونتقابل في…
هي كملت جملتي وقالت:
-في المقابر.
=يالا نروح عالزفت “علي”.
-نروحله؟
=أكيد معاك عنوانه وكل حاجة عنه، هنروح نواجهه باللي عمله مع “نجوى”، ده كدب عليا وقال إنه تقريبًا متكلمش معاها وشافها ثواني في بداية الفرح، لازم نفهم قصته.
-مش عارف.
=مش عارف إيه؟
-يعني هو هيعترفلنا عادي كده، ما أكيد هيحور.
=قصدك نروح على البوليس علطول ونبلغهم باللي سمعناه وهم يحققوا معاه؟
-لأ.
=هو إيه اللي لأ لأ، دانت أكتر واحد أكيد نفسك تشقه ومش طايقه، إلا لو…إياك يا “نائل” تكون في نيتك تعمل فيه حاجة، إنسى، مش هسيبك تتهور.
– يستحق القتل.
زقيته عالحيطة وبرقت فيه وزعقت:
=إياك تنطق الكلمة دي، أنا مش هسيبك تضيع نفسك فاهم؟، هنروحله ونحاول نضغط عليه يمكن نطلع بحاجة..
………………………
ركبنا العربية، فضلنا ساكتين كتير لحد ما “نائل” قال:
-فاكر يوم السيرك؟
رجعت تاني للقطة معينة، لما كنت واقف جنب الساحر وشفت الفرح ، كنت مفتح عيني بس مش شايف الساحر ولا المسرح ولا الجمهور ولا السيرك، كنت في فرح في معازيم وزيطة، وبعدين اتقلب فوضى وحد بيصرخ “العريس مات”، شفت نفسنا في الفرح وإحنا كبار أنا و”نائل” و”نجوى” بس مشفتش لا “عزت” ولا “فرح”، معقول؟ عشان يعني هم كانوا العروسة والعريس، معقول أنا بجد شفت فرحهم وأنا في ساحة العرض مع الساحر، وشفتنا؟
بعدين المشهد اتبدل ، قاعة الفرح بدأ يظهر فيها تفاصيل غريبة، زي مثلًا بدل السقف قماشة كبيرة على شكل مخروطي وبدل النجف لمبات ملونة كتير، بدل شاشة الكبيرة صور جنب بعض لمهرج وفيل وأسد وساحر ومع معازيم الفرح ناس قاعدة على كراسي مختلفة بيبصوا بانبهار في اتجاه واحد كإنهم بيشوفوا عرض ومع الناس اللي بترقص في الفرح ساحر لابس إسود في أحمر وباصصلي بصة لئيمة مش مريحة أبدًا، وبعدين كل أجواء الفرح اختفت ومتبقاش غير السيرك والمتفرجين وصحابي…
-ما تقول للناس شفت إيه؟
الساحر قال لي كده….مردتش، كمل وقال:
-ولا أقولك…
وبعدين طلع من شنطة ماسكها اليونيفورم، زي المدرسة لما كان عندي 6 سنين! نفسه اللي كنا لابسينه في المشهد الأول اللي شفته وطلع البدلة اللي كنت لابسها في المشهد التاني بتاع الفرح وأنا شايف نفسي كبير…
سألني:
-هو ده اللي شفته؟
هزيت راسي بخوف وأنا عيني مش بتنزل من عليه وقلت:
=اه، شفت نفسي باللبس الأولاني والتاني، في الماضي والمستقبل…
الناس قامت وهي بتسقف، إيديهم كانت هتنزف من كتر التسقيف….
خرجنا من السيرك، كنا بنتمشى جنبه، فاكر، الجو كان تلج، البنتين كانوا لازقين في بعض بيحاولوا يتدفوا، وإحنا كمان، إحنا ال3 كنا لازقين بنحاول نتدفى في بعض، سألوني عن اللي شفته مع الساحر، قلت:
= شفتكم أنتوا الأربعة وانا داخل عليكم أول يوم، أول ما اتقابلنا، “نائل” سألكم إذا كنت أنا الولد الجديد، و”فرح” ردت “اه شكله كده” و”عزت” قال إنكم مش عايزين حد جديد و”نجوى” قالت إن شكلي عبيط وفضلتوا تضحكوا.
الأربعة اتجمدوا في مكانهم وبصولي جامد، بصة فهمت معناها، هو ده فعلًا اللي حصل ، أكيد مكنوش فاكرين بالظبط الحوار اللي دار بينهم لإننا كنا عيال لكن لما قلت كلامي افتكروا، الساحر وراني اللي حصل، دخلني في المشهد ما بينهم.
“نجوى” سألت بعدها:
-وإيه قصة البدلة؟ شفت إيه تاني؟
قلتلها:
=شفت فرح، إحنا التلاتة كنا فيه، أنا وأنتي و”نائل”…
“نجوى” قربت من “نائل” وقالت بدلع:
-يكونش فرحنا؟
“فرح” قالت:
-يا محنو! طب وإحنا، أنا و”عزت” ولاد البطة السودة؟ ولا نكونش إحنا العروسة والعريس؟
“عزت” رد عليها وقال:
-يا شيخة اتنيلي، إنتي هتتجوزي أساسًا؟ حد هيعبرك؟ وبعدين أنا وأنتي إزاي، هو الكرواسون بيتسقي في الشاي الكشري؟
-قصدك إن أنت الكرواسون وأنا الشاي الكشري؟
لفت انتباهنا وقتها فترينة محل، كان محل شكله غالي أوي، الفاترينة كان فيها بدلة عريس وفستان عروسة، “فرح” كانت واقفة قصاد الفستان و”عزت” قصاد البدلة، بسبب الأنوار الخفيفة في الفاترينة انعكاس البدلة والفستان عليهم كإنهم لابسينهم…
رجعت للحاضر،”نائل” فكرني باليوم ده….قال لي:
-غريبة أوي الرؤية اللي شفتها مع الساحر؟ شفت الفرح؟
=شفت مشهد منه.
قال:
-مشفتش حاجة تانية؟
=قصدك مين اللي قتل “عزت” وإيه اللي حصل مع “نجوى”؟ للأسف لأ، شفتنا بس وإحنا لسه رايقين، أنا وأنت و”نجوى”…ياريت كنت شفت، ياريت الساحر كان مفيد بجد.
……………………….
وصلنا لبيت “علي”، خبطنا عليه وفتحلنا…
دخلنا أنا و”نائل” زي العصابات عليه، زقيناه وفضلنا نزعق فيه…قلتله:
=عملت فيها إيه؟
قال برعب:
-معملتش حاجة، معملتش حاجة.
=ليه كدبت عليا وقلتلي إنك شفتها بس أول الفرح، محكتش يعني عن الخناقة الكبيرة بينكم؟ “عزت” شافك بتعمل فيها حاجة، عشان كده قتلته؟
-والله أبدًا، أنا كنت خايف لأقولك هو ده اللي ييجي في بالك والشرطة تتهمني في قتله، وبعدين كلمت نجوى ودورت عليها ملقتهاش وده زود خوفي لحسن الناس تتهمني.
=تمام يبقى تروح للقسم وتقول اللي قلتهولي وهم بقى يشوفوا قصتك.
-أنا خايف، أنا معملتش حاجة والله، “نجوى” ضحكت عليا وجابتني الفرح بس عشان تضايق “نائل” وطلع كل كلامها معايا قبلها عشان نفس السبب، أنا مليش دعوة بيكم ولا بكل الحوارات دي، أنا اتجريت غصب عني لقصص مليش فيهاز
صدقته…كنت مميز إنه مش بيكدب ومع ذلك أصريت عليه يروح يقول شهادته وفعلًا ودناه القسم وسبناه هناك…
وطلعنا على الدفنة….
“فرح” كانت بتترعش، بتمسك في أمها اللي واقفة جنبها، جسمها سايب، مش مستحملة، ولا إحنا مستحملين…
وقفنا إحنا التلاتة قرب بعض، باصين على الكفن وهو بينزل في الحفرة العميقة، نفسها الوقفة، نفسها الوضعية، بس الفرق إننا كنا 5….
زمان لما كنا في 6 ابتدائي لقينا سلحفة مقلوبة على ضهرها، قلبناها، البنات طبعًا هم اللي كانوا متأثرين ونفسهم تطلع كويسة، لكنها مكنتش بتتحرك، اجتهدنا وعرفنا عيادة بيطرية وروحنالها، الدكاترة هناك كان ودهم يرمونا بحاجة عشان مش معانا فلوس للكشف على السلحفة ومع إلحاحنا شافوها وطلعت ميتة…
قررنا ندفنها، حفرنا حفرة وحطيناها فيها، في لحظة كده اتجمدنا فيها، فضلنا باصين عليها، نجوى قالت “ليه، إيه الفايدة؟ ليه لقيناها وودناها على عيادة عشان في الآخر تطلع ميتة؟ ليه حصل كده؟” بما إننا كنا عيال فهي اللي كانت تقصده “إيه الحكمة من ده؟، ليه نلاقي كيان ونعشم إننا نكون سبب في إنقاذه عشان يموت؟”… قلتلها “يمكن عشاننا، عشان حسناتنا تزيد، ربنا عايز يدينا حسنات ويشوف هنتصرف إزاي في موقف زي كده”، كان في دمعة مغلفة عنيها واتبدلت بابتسامة واسعة أول ما قلت جملتي، شفت على “نائل” غيرة، كان نفسه هو اللي يقول لها الكلمتين دول، هو اللي يخليها تبتسم….
ياريت كان عندي نفس الإيمان ده لما كبرت، لكن أنا حقيقي مكنتش لاقي تفسير للي بيحصل، الاتنين؟ “عزت” و”نجوى”، ليه؟ مين ليه المصلحة؟ إيه الصلة ما بينهم؟
فرح سألت:
-هي نجوى فين؟
المرة دي وشوشنا كانت فاضحانا، بالذات “نائل”، كان متماسك لحد ما اسمها اتذكر، عنيه قفلت أكتر، ملامحه انقبضت وبعدين انفجر في العياط…
قلت لفرح:
=إحنا مكناش عايزين نكدب عليكي، مش قاصدين، منعرفش نكدب أصلًا على بعض…
ردت:
-محدش مبيعرفش يكدب، دي الموهبة المشتركة ما بين كل البشر….
بصتلها جامد، هي مسألتش حصل إيه لنجوى لكن فِهمت إن في مصيبة وأكيد كانت منهكة ومش قادرة تسمع تفاصيل….
أول ما دفنَا “عزت” وخرجنا من مدفن العيلة، “نائل” رفع راسه وكإنه انتبه لحاجة، هو كان ماسك الموبايل ومركز فيه، قال لي:
-“نجوى” بعتتلي رسالة عالواتساب! الرسالة من يومين، أول مرة أخد بالي، كنت فاكرها رسالة قديمة من سيل رسايل التهزيق اللي كانت بتبعتها ورا بعض من فترة…
بعد شوية عن اللمة وحط ودنه عالموبايل بيسمع الرسالة الصوتية…
كان في الأول مدينا ضهره وبعدين التفت وبصلي! في الأول حواجبه كانت معقودة، مستغرب وبعدين الحواجب اترفعت لفوق والاستغراب اتحول لغضب، عنيه كانت بتطق شرارة، زي ما يكون عايز ياكلني…يا خوفي!
يا خوفي لا للي في بالي يطلع صح، تكون “نجوى” قالتله….
“فرح” كان عندها حق، الكدب هو الموهبة المشتركة ما بين كل البشر، وأنا مش استثناء…
قبل الفرح بأيام قابلت “نجوى”، كان غرضي أخليها تهدى شوية، تنسى “نائل” وتبطل تأذيه، خلاص افترقوا وكل واحد راح لحاله، بس مفيش داعي لمسلسل الانتقام اللي كانت مستمرة فيه….
محدش يعرف ده، محدش يعرف إني قابلتها وإننا… اتخانقنا…..
…………………………….
=كفاية يا “نجوى” أخدتي حقك وبزيادة، سيبيه في حاله، “نائل” اتجنن، حرفيًا راحت منه، متضيعيش مستقبله، مش عارف يركز في شغله ولا بقى متزن.
=لأ، تتؤ، أنا لسه مبتدش…
ابتسمتلي بلؤم وبعدين قالت:
-تصدق، تاهت عني إزاي دي؟ دانا لسه مفجرتش فيه أكبر قنبلة، اللي مش هيقوم منها، لما يعرف إن صاحب عمره وحبيبته خانوه؟
=نعم ياختي؟ إمتى ده؟ أنت هتلبسيني مصيبة؟
-افتكر كويس كده؟ وإحنا في الجامعة، لما سبنا بعض أنا و”نائل” شهرين، مين ارتبط بيا ساعتهااا؟
يا خبر إسود! دي جايبه من 13 سنة ورا، أنا فعلًا كنت نسيت أو نسيت نفسي بالعافية، لإني كنت مخزي من عملتي، أنا ارتبطت بنجوى شهر، شهر وشوية في السر في المرة الوحيدة اللي انفصلت فيها عن “نائل”، كنا بنتكلم كتير أنا وهي وأنا و”نائل” كمان، الاتنين كانوا مجروحين والاتنين محتاجينني كصديق وقربنا من بعض أنا و”نجوى” ومعرفش إزاي حصل بس ارتبطنا، لكن الموضوع مستمرش، ده كان كلام فاضي، ببساطة عشان نجوى كانت بتحب “نائل” وانا كنت مجرد وهم، خلطت ما بين مشاعر الصداقة والعاطفة اللي كانت واحشاها بسبب غياب “نائل”، يمكن كمان شافته فيا، وانا على قد ما أُعجبت بيها وسحرتني لكن فرملت مشاعري وانفصلنا بهدوء، عشان خاطر “نائل” وعشان أنا مبحبش أعيش في أوهام…
ومفيش مخلوق عرف بالموضوع ده، كان سري أنا و”نجوى” ومتكلمناش فيه ولا مرة لحد ما فاجأتني قبل الفرح بأيام…
الدم غلي في عروقي، مش ممكن بعد العمر ده كله اتهزق ولا أخسر “نائل”، كورت صوابعي وبرقتلها وعيوني وسعت عالآخر وقلتلها:
=بقولك إيه إبعديني عن دايرة الانتقام التوكسيك بتاعتك إنتي وهو، خرجوني منها…
-وان مخرجتكش؟
مستفزة! نظرتها ونبرتها، كيادة!
قمت كإني ههجم عليها وقلتلها:
=لا إنتي تتوقعيني ولا أنا أتوقع نفسي، إياكي يا “نجوى”…
أنا هناك دلوقتي، رجعت، للفرح، للكرسي اللي كنت قاعد عليه وهي قاعدة جنبي بتشتكي من الجزمة اللي اتكسرت…
-الكعب اتكسر ومش عارفة اتصرف إزاي، والألم في رجلي رهيب، أكسر الكعب التاني وخلاص ولا أعمل إيه؟
-أنا اللي دماغي اتكسرت منك إنتي و”نائل”، ده دوشني من القلق عليكي، قال إيه اختفيتي، شوفيلكم صرفة مع بعض….
بعد ما بصتلي بصتها النارية نظرتها اتحولت، إزاي مخدتش بالي ساعتها؟ كانت نظرة الكيد المعهودة بتاعتها، كإنها بتقول إنها عملت عملة سودة، إياكي يا نجوى، أوعى تكون الرسالة الصوتية محتواها اللي في بالي وبسببها “نائل” بيبص لي البصة دي….
مستنتش كتير عشان أعرف الإجابة، “نائل” هجم عليا زي الطور اللي شايف ملاية حمرة وإداني بونيه!
الناس بدل ما هي حزينة بقوا مذعورين، وجريوا يفصلوا ما بيننا، من ضمنهم “فرح”، لو مبعدهوش عني كان زمانه قتلني…
“فرح” عرفت إنه مش هيهدا إلا بوجودها عشان كده طلبت مننا نوصلها البيت…
ركبت معانا وسألتنا:
-إيه اللي بيحصل بقى و”نجوى” فين؟ أفهم
“نائل” انفجر…
-اللي حصل إن الصاحب الجدع ده كان مرتبط بنجوى، إيه رأيك؟
اتلفتت ليا بعيون وبوق مفتوحين عالآخر، مانا كنت قاعد ورا…
رديت بسرعة:
=ارتبطنا شهر وإحنا عندنا 18 سنة ومكنش ارتباط كان لعب عيال وفي الوقت اللي هم كانوا منفصلين فيه، إحنا أصلًا مخرجناش مع بعض، كله مراسلة من كسوفنا من بعض وعدم منطقية الموضوع..
رجعت بصتله، اللي هو عايزه تقول له “يا تافه”….
-شهر! عشان كده قلقتوا “عزت” في تربته؟!
بعد ما كان ثاير بقى محرج، وشه اتقلب لمونة، يا أرض إنشقي وإبلعيني…
قال:
-بس برضه…
هي ردت:
-بس بقى، هي فين “نجوى”؟
رديت:
=نجوى اختفت من إمبارح يا “فرح” ولقينا موبايلها مكسور قدام حمام الستات…
نفسها علي وسألت:
-تفتكروا الاتنين ليهم علاقة بعض، موته واختفائها؟
إيه السؤال الساذج ده، ما طبعًا!
مكنتش فاهم إزاي سألته، في الغالب اه…بس أصلي مكنتش عارف إيه اللي حصل مع “فرح” بالظبط….
نرجع تاني للفرح، للقطة اللي نزلت فيها من أوضتها وخبطت في واحدة من المعازيم، البنت إياها اللي كانت شايلة كاس فيه كركديه والكركديه وقع على فستان “فرح”…
هل لما نزلت من أوضتها وقررت تمشي وسط المعازيم وتسلم عليهم، هل ده كان عفوي؟
“فرح” أهي جايه من بعيد، حاطة إيدها على مكان معين في الفستان، لقطت البنت اللي ماسكة الكركدية وبتتحرك وبترقص، ركزت نظرها عليها وحددت الهدف، راحت عليها وقال إيه خبطت فيها من غير ما تقصد والكركدية وقع على حته حلوة عظيمة في الفستان، وبقى فيه بقعة كبيرة لونها وردي غامق، بقعة غطت على بقعة أصغر، بقعة دم!
بقعة الدم دي “فرح” اجتهدت إنها تفركها بالميه قبلها عشان تتحول للون الوردي الغامق، درجة تشبه لون الكركديه وغطتها بإيدها لحد ما وصلت للبنت ونفذت الخطة المرتجلة اللحظية بتاعتها، كل ده عشان تغطي على اللي حصل…
قبلها بدقايق كانت قاعدة على ركبتها جنب الجثة، بتنهج، في صفارة في دماغها، مشلولة، مش عارفة تتصرف إزاي وفي بقعة دم جت على الفستان، دم “عزت”…
“فرح” كانت طالعة على أوضتها فعلًا بس لاحظت حاجة غريبة، باب حمام الستات مفتوح وأختها “نسرين” باينة من وراه، واقفة وباصة عالأرض، متخشبة وعنيها مبرقة عالآخر، اتوجهت لهناك، لأختها، كانت بتمشي ببطء، متأكدة إن في حاجة غلط، في مصيبة، وإحساسها مخيبش، أتاري “نسرين” مبرقة في الجثة الممددة على الأرض قدامها، مكنتش لسه بقت جثة بالمناسبة، “عزت” كان بيلفظ آخر أنفاسه…
“فرح” بصتله ورفعت راسها لنسرين وقالت كلمة واحدة:
-إيه…إيه؟
“نسرين” هزت راسها بعصبية يمين وشمال وقالت وهي بتعيط:
-مش أنا، أنا جيت لقيته كده، صدقيني مش أنا، مش أ..
صوتها ابتدا يعلى وكانت بتنهار، “فرح” اتحركت بسرعة وسدت بوقها وبرقتلها….
شاورت لأختها تطلع من الحمام وهي طلعت وراها بعد ما غسلت فستانها بسرعة وحطت إيدها على بقعة الدم المغسولة، دخلت القاعة وهي عارفة إن من ضمن المشاريب كركديه، لقطت واحدة من اللي ماسكين كاس كركديه وراحت خبطت فيها قال يعني بتندمج مع الناس وبتسلم عليهم والكركديه وقع عليها وغطى البقعة الأصلية…
………………….
دي مش أول مرة “فرح” تعملها، ياما اتدخلت عشان تنقذنا، وأنا كمان…
-فاكرين يوم السيرك؟
“فرح” سألتنا وإحنا لسه في العربية مع بعض، مردتش، أنا سرحت، وهي كملت:
-معرفش ليه افتكرت اليوم ده…
أنا كمان كل شوية عمال افتكر حته منه…
لما الساحر قال:
-ما تقول للناس شفت إيه؟ ولا أقولك…
الفرح اللي شفته والمعازيم والزيطة وحد بيصرخ “العريس مات”، أنا ونائل ونجوى، ببدل وفستان، سقف القاعة اللي اتبدل بقماشة كبيرة واللمبات بدل النجف وبعدين السيرك والمتفرجين وصحابي…
بعد ما نزلت من المسرح جريت على الحمام في السيرك، لا كنت عايز استخدمه ولا أغسل وشي، كان معايا…مواد ممنوعة، خرجتها من جيبي وبدأت أخدها….
الساحر رعبني، الصرخة اللي سمعتها وأنا على صندوق الميه والمشاهد الفوضوية اللي شفتها، جبتلي نوبة هلع، كنت حاسس إن قلبي هيقف، والمواد الممنوعة للأسف هي اللي لجأتلها عشان أهدى، مش فاكر السبب، إمتى وليه بدأت أتعاطى، لا أخلاقي ولا تربيتي تسمح بده، ولا في حد من دايرتي بتاع الكلام ده، وكنت صغير جدًا، منه لله اللي جرني للسكة دي، كل اللي فاكره إن كان بيجيلي نوبات هلع وكتير بحس إني مخنوق وأعصابي مش مستحملة كإن الحياة في حد ذاتها تقيلة عليا، بعد ما اتعاطيت، أخدت نفس عالي وبصيت في مراية الحمام وكنت بنهج ولقيتها داخلة عليا…”فرح”…
أول ما شفتها عيطت، حطيت إيدي على وشي، مكسوف منها، شالت إيدي من وشي، صوتي علي، عياط وشحتفة، ولسه هتكلم لحقتني:
-ششششششش….تعالى معايا دلوقتي وهنحل الموضوع ده، مش هسيبك، ده سرنا…
…………………….
سألتها وإحنا في العربية:
=إيه اللي فكرك بالسيرك؟
-مش عارف؟ اللي شفته على الميه، الفرح، كان فرحنا؟
سكتت، عيني اتملت دموع….وهي فهمت إن الإجابة اه…
“فرح” مستحملتش، بعد ما “نائل” وصلني ووصلها كلمتني وحكتلي على اللي حصل مع أختها، طبعًا قلت بسرعة:
=لازم تبلغي البوليس.
-أبلغ عن مين، انت اتجننت؟ دي أختي، لأ طبعًا، أنا قلتلك بس عشان كنت مخنوقة، حاسه إن الدنيا بتلف بيا، عايزة أفضفض، أشارك حد اللي شفته ونجوى…نجوى الله أعلم بحالها، هي كمان مش موجودة، لكن لو فكرت تقول للبوليس أنا هنكر كل حاجة.
خلصت المكالمة على كده، واتقابلنا تاني في العزا بليل….
………………………..
مكنتش قادر، وأنا بعزيها وبعزي أهل “عزت” كل شوية أسرح في “نسرين”، بحاول أقراها…
أخدت “فرح” على جنب وسألتها:
=إنتي مصدقاها، إنها مقتلتوش؟
بصت الناحية التانية، هربت مني واندمجت أكتر في العياط، المرة دي مش عشان “عزت”، عشان مش متأكدة! مش واثقة في كلام أختها، وجواها شك رهيب إنها قتلته…
مكنتش عارف أتصرف إزاي، ده صاحبي اللي مات ودي برضه عشرة العمر، مكنتش عايزه أاذيها في أختها، لكن، ثواني…لو “نسرين” فعلًا عملت كده، خبت “نجوى” فين؟ في جيبها مثلًا، أنا مكنتش من معجبين “نسرين” تمامًا وشايف إنها كانت شرسة مع “عزت” ومعانا كلنا، لكن بالمنطق كده، “نجوى” و”عزت” متصلين ببعض، اللي موت ده موت دي أو خطفها و”نسرين” مش سوبر وومن و”نجوى” محدش لقاها في محيط الأوتيل، وش اتخطفت، يأما اتخطفت لمكان قريب واتقتلت يا لسه مخطوفة…
“نائل” كان قاعد على كرسي من كراسي المعزيين، مدلدل راسه على الموبايل، مكنش فاتح أي موقع، الموبايل مضلم، مش فاهم سرحان فيه ليه….لقيته بيقول:
-عك…عك…عك.
=معاك، فوضى ودربكة، مش فاهم حاجة.
رفع راسه وبصلي باحتقار وبعدين رجع دلدلها…
=بجد؟ لسه زعلان؟ مش ممكن على شغل العيال.
-عيال؟ هو أنت فعلًا مش راجل، عيل أقل كلمة تتقال عليك.
=يا سيدي أنت بعدها ارتبطت تاني بنجوى واتخطبتوا واتجوزتوا واتطلقتوا، أنا شبه مرتبطتش بيها، فعليًا هبل، أنت تايه عنها؟ دي بس عايزه تكيدك، الظاهر فلست فبقت تفتش بقى في التراث عشان تشوف هتدمرك أكتر إزاي، وبعدين إنت هتفضل دافن نفسك كده في الموبايل؟ إيه المكالمة اللي مستنيها ولا وحي ولا إيه؟
انتبه ليا وعض شفته ووشه اتغير…متهيألي إنه مكنش مستحمل والمفروض أكلمه بنبرة مختلفة عن كده، الله يكون في عونه، صاحبه وحبيبته في يوم واحد…
أنا بقى عندي يقين إن “نجوى” مش تمام، كل ساعة بتعدي بتأكد أكتر إنها ماتت…
اتفاجئنا بعناصر من الشرطة بتدخل العزا، فضلوا هاديين، معملوش شوشرة وبسلاسة كده طلبوا مني ومن “نائل” و”فرح” نروح على القسم بعد العزا عشان ياخدوا إفادتنا…
في القسم الدنيا كانت ماشية تمام، لكن ضغط الشرطة على “نائل” بحكم تاريخه مع “نجوى” مع نظرات أهل “نجوى” ليه واللي برضه كانوا هناك خلوا “نائل” خلاص هينهار، أنا كنت خايف عليه،هيلاقيها منين ولا منين…
هم عايزين حد يلوموه وخلاص، و”نائل” بالنسبة لهم كبش فدا، إيه؟ راجل عنده قدرات خارقة هيقتل “عزت” ويخطف “نجوى” ويقتلها في مكان غير الأوتيل، كل ده وهو قاعد في القاعة معايا؟؟
ويفوت يوم….
تاني يوم لقيت موبايلي بيرن بعد نص الليل، الاتصال كان من أخو “نائل” بيبلغني إن “نائل” في المستشفى…
“نائل” راسه كانت مفتوحة وده بسبب اعتداء عليه، الجيران اتفاجئوا بصريخ بليل، “نائل” كان بيستنجد، لما جريوا على شقته لقوا الباب مفتوح و”نائل” واقع عالأرض وعنيه متغطيين بدمه…
جميل، مين عليه الدور؟!
مين ورا كل ده!! في إيه؟
“نائل” مكنش قادر يتكلم في الأول بس بعد ما خيطوله الجرح وفضل ياخد في محاليل تعوض الدم اللي فقده قال إنه كان طالب دليفري اكل فلما الباب خبط افتكره الدليفري، فتح واتفاجأ باتنين ووصفهم بالتفصيل، الاتنين هجموا عليه وكانوا عايزين يخطفوه، قاومهم فضربوا راسه في الحيطة وفضل يصرخ وده خلاهم يخافوا ويمشوا بسرعة قبل ما الجيران ييجوا…
الشرطة تواصلت مع المطعم اللي اتعمل منه الطلب واتضح إن مالهومش ذنب، الراجل بتاعهم مكنش لسه وصل على شقة “نائل”….
أنا بقيت خايف….
لازم يحلوا اللغز ده في أسرع وقت عشان ملقيش الدور عليا، ممكن جدًا، لأ، في الغالب شلتنا مستهدفة لسبب ما…
………………………..
واحدة ماشية بالعافية، رجليها بيخبطوا في بعض، بتقع شوية وتقوم شوية، بتمشي في خطوط معووجة، هدومها مقطعة، في بقع طينة على وشها، الناس بتبصلها بخوف، الكل بيبعد عنها لحد ما بتوصل…
بتوصل قدام بيت “فرح”، بيتها القديم مع أهلها، بتطلع صرخة واحدة بترج الشارع كله وبتقع على ركبها، “فرح” و”نسرين” بيخرجوا جري للشارع وبيلاقوها واقعة قدام البيت، “نجوى”!
إيه قصتها، حصل لها إيه وجت منين؟ محدش كان هيقدر يعرف إجابات وهي في الحالة دي…
ودوها المستشفى بسرعة، “نجوى” كان عندها جفاف شديد وضغطها واطي جدًا وكان عندها كدمات في كل جسمها والتهاب رئوي….
جرينا أنا و”نائل” على المستشفى ودخلنالها فورًا….
“نجوى” أول ما شافتنا وبالأخص “نائل” انفجرت في العياط ومدت له إيدها، “نائل” مسك إيديها…
سألها:
-هربتي إزاي ومين اللي خطفك؟
-شفت اللي حصل لي يا “نائل”؟
-يا حبيبتي الف سلامة المهم إنتي كويسة دلوقتي وأنا مش هسيبك أبدًا، عمري، عمري يا “نجوى” ما هسيبك.
هي ابتسمتله وبعد شوية قالت:
-“فرح” بتقول إنهم كانوا هيخطفوك أنت كمان.
– أيوه، اتنين رجالة هجموا ليا، واحد أسمر خالص والتاني خمري، الاتنين جتت، ضخمين، والخمري عنده جرح ما بين عنيه…
-صح، هم، هم اللي خطفوني…و….”عزت”، اللي عملوه في “عزت”…
وعيطت أكتر….
سألتها:
=عملوا إيه في “عزت”؟
“نجوى” رجعت تاني للفرح، للقطة اللي قبل الهجوم….
لما كانت قاعدة على الكرسي وموجوعة…
-الكعب اتكسر ومش عارفة اتصرف إزاي، والألم في رجلي رهيب، أكسر الكعب التاني وخلاص ولا أعمل إيه؟
-أنا اللي دماغي اتكسرت منك إنتي و”نائل”، ده دوشني من القلق عليكي، قال إيه اختفيتي، شوفيلكم صرفة مع بعض….
بعد ما أدتني البصة التمام وقامت راحت عالحمام…
قالت:
-يدوبك دخلت من هنا واتنين دخلوا الحمام، اتنين رجالة، أنا مشفتهومش قبل كده، مش عارفة ليه عايزين يخطفوني، مسكوني بعنف وواحد منهم كتم صوتي، “عزت” كان في حمام الرجالة جنبي ولما خرج انتبه لحركة في الحمام، أنا كنت بقاومهم جامد عشان كده خد باله، هم دخلوني كابينة من الكباين وحد منهم طلع حقنة مخدر من جيبه وكان هيحقنني بيها، “عزت” دخل وفضل ينادي إذا كان حد محتاج مساعدة، وقتها رفست برجلي وخبطت باب الكبينة، قرب عليه وفضل يخبط، كان هيفضحهم، واحد منهم فتح الباب وزقه وضربه بوكس، “عزت” كان شافني وطبعًا مكنش هيسيبني، فضل يقاوم الراجل وابتدى يعلي صوته وينده عشان حد يساعدنا، الراجل ضربه في ركبته ف”عزت” وقع ، جر جسمه قرب الحوض و…ضرب راسه في الحوض…
مقدرتش تستحمل، كملت عياط…
بعدين قالت:
-حقنوني بالمخدر ومدرتش بالدنيا لكن وهم شايلنني لمحت من بعيد “نسرين” أخت “فرح”، كانت داخلة الحمام، بس أنا مكنش عندي طاقة، مكنتش قادرة أتحرك ولا أطلع صوت…
سألتها:
=رجعتي إزاي؟
-الأمطار كانت رهيبة ليلتها، لما فقت بعدها بساعات لقيت نفسي في عربية 4×4 بس من العربيات القديمة شوية، كنت محطوطة في كنبة صغيرة اشبه بالصندوق بعد الكنبة اللي ورا، جسمي كان بيوجعني عشان المكان ضيق، كنا الفجر وفي بصيص نور، لقيت إننا على طريق زراعي والأرض كانت مليانة ميه، متغرقة، ماشيين بالعافية و….ممكن أرتاح شوية؟
“نائل” قال:
-إيه يا “قمر” هو تحقيق؟ ما تسيبها ترتاح يا أخي محبكش، هنعرف كل حاجة…هستأذنكم أدخل الحمام بسرعة وأجي.
دخل الحمام اللي في الأوضة…فضلت ساكت شوية وبعدين بصيت لنجوى، معرفش، كان الفار بيلعب في عبي، سألتها:
=إوعي يا “نجوى”، إوعى تكوني إنتي اللي عملتي كل ده، وتطلع دي لعبة من ألاعيبك عشان تنتقمي من “نائل”..
-إزاي يعني؟
=يعني تكوني اتفقتي مع 2 يخطفوكي كده وكده عشان يحرقوا دم “نائل”، بس الموضوع قلب جد لما “عزت” اتدخل واضطروا يقتلوه عشان يسكت…
-اطلع بره.
فضلت قاعد وباصصلها بريبة، قالت تاني:
-اطلع بره، بره، اطلع بره.
……………………………………
الشمس كانت هادية، وقت الغروب، الجو كان جميل، برغم بداية موجات الحر، لون الشمس كان برتقاني و في لمسة بنفسج في السحاب، النور ده مخترق الأوضة، وعامل إضافة رومانسية على الاتنين اللي بيتملوا في بعض، “نائل” و”نجوى”، “نائل” قاعد عالأرض ماسك في إيد “نجوى” وعنيهم مش بتنزل من على بعض…
“الجزء الثاني والأخير”
“نجوى” سألته:
-بتحبني يا “نائل”؟
-بحبك وهفضل أحبك، معنديش اختيار، إنتي بتجري في دمي.
-مسألتنيش يعني هربت إزاي؟
-مش مهم، الهم إنك رجعتيلي.
-لما فقت لقيت اللي جنب السواق بيصرخ، العربية خبطت في عمود نور عشان السواق فقد وعيه، بعدها اللي جنب السواق قرب على السواق وحاول يفوق فيه ويسأله عن مكان حقنة الأنسولين، أتاري السواق دخل في غيبوبة سكر، مردش،التاني حاول يفتح بابه علق ومفتحش، فمد إيده وفتح باب السواق وخبط فيه وهو بيعمل كده ففي حقنة وقعت من جيب السواق بره الباب، في الميه والطين وضاعت، الراجل كان دايخ، طلع على صاحبه ونزل من العربية وهو بيتطوح وسند على العامود، مكنش يعرف، العامود كان مكهرب والراجل اتكهرب ومات في ساعتها، الاتنين ماتوا يا “نائل” وأنا بعد حبه حلوين نزلت من العربية وفضلت أمشي أمشي، كل اللي يقف بعربيته ويعرض إنه يوصلني أرفض من الرعب، اتهيألي إن كل الناس عايزه تخطفني، كنت كل فترة بس بسأل على اتجاه القاهرة لحد ما وصلت لأماكن مألوفة وبدأت اسأل عن المنطقة اللي فيها بيت “فرح”، مش عايزه أركب مع حد، مش عايزه حد يقربلي كإني في صحرا ولا جزيرة ولا مكان معزول وكل اللي حواليا زواحف وحيوانات متوحشة، السؤال بقى، لو اللي خطفوني ماتوا يوم الفرح الصبح يبقى إزاي هاجموك؟
وشه عرق وساب إيدها وقام بسرعة، هي قامت وراه برغم الحالة اللي فيها ومسكت فيه وصرخت…
الممرضات اتلموا وفضلت بعدها تزعق بشكل هستيري:
-اطلبوا البوليس، هو، أهو، اللي قتله وعمل كده فيا، هو، هو!
كل اللي قلته ل”نجوى” صح، فعلًا دي كانت عملية خطف مزيفة واتقلبت جد، لكن الجاني مكنش هي كان “نائل”…
“نائل” كان عنده خطة عبقرية عشان يرجع “نجوى” وهو إنه اتفق مع اتنين بلطجية يخطفوها ويطلبوه بعدها بساعات، يطلبوا فدية وهو يا عيني يستموت عشان يجمعها ويديهالهم وهم يسيبوها وهو اللي يطلع المنقذ، اللي ينجدها من الموت وساعتها طبعًا كانت هتترمي تحت رجليه وتقول له “يا سببعي” ويرجعوا لبعض ويعيشوا فتبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات، لكن ولقدر “عزت” إنه اتدخل في مسألة مش بتاعته والخاطفين مكنوش مخططين يقتلوه، بس كان لازم يعملوا كده عشان يسكتوه…
عشان كده…
تصرفات “نائل” من وقت الفرح، من قبل ما كل حاجة تبدأ….
-أنا حاسس إن في حاجة حصلت لنجوى! كانت قدامي من شوية وبعدين اختفت، في ثانية، مش طبيعي، كإنها ملهاش وجود… في حاجة مش مظبوطة، “نجوى” مش موجودة في أي حته!…. هي نجوى فين؟ أنا مش لاقي “نجوى”، مش متطمن….مش المفروض يحصل كده…عك..عك..عك
وردود أفعاله المضطربة، كإنه مش مصدق اللي بيحصل، مش زينا، مش من نفس موقفنا، من منطلق إن الدنيا باظت، كلامه إن اللي بيحصل غلط وإنه عك وتردده في إننا نروح لعلي نستوجبه على موضوع الخناقة ما بينه وبين نجوى وده لإنه عارف إنه ملوش ذنب، مسكته وبصته للموبايل طول الوقت، سؤالي ليا عن يوم السيرك، إ ذا كنت شوفت الحادثة، شوفت مين قتل “عزت”، كل الأمور بقت منطقية دلوقتي، كله مترتب ومظبوط…
………………………
كنت قاعد مع “نجوى” و”فرح” لأول مرة بعد ما “نائل” اتقبض عليه…قلت ل”نجوى”:
=يا ترى هييجي يوم وتسامحيني؟
-على ظنك فيا، ونظرتك ليا؟ إني شريرة وغدارة وممكن أقتل صحابي؟
بصيت في الأرض…
مدت إيدها ولمست إيدي لمسة خفيفة وقالت:
= كان عندك حق تشك، محدش فينا ملاك، كلنا كنا متلخبطين، بوصلتنا اختلت، محدش كان عارف يروح في انهي اتجاه، يتهم مين، حتى فرح شكت في أختها، أنا بس عايزه أفهمك حاجة أنا رد فعل، عمري ما ابدأ بالأذية، ومع ذلك أوقات بظلم ناس ملهاش ذنب وأنا باخد حقي ولازم أتعود على إني أرمي تكالي على الله، لإن الانتقام بينهش فينا قبل ما ينهش في اللي بننتقم منه…
-ممكن اسألك، ليه استنيتي لآخر اليوم عشان تبلغي عن “نائل” أو تواجهيه..
نجوى سرحت وبعدين قالت:
-فاكرين يوم السيرك؟
أنا و”فرح” بصينا لبعض وضحكنا…إلا فاكرينه ده كل واحد فينا عاش اليوم من أول وجديد…
كملت وقالت:
-بس في يوم أنا فاكراه أكتر منه، أول يوم خرجنا فيه سوا وإحنا أطفال، إحنا الخمسة، لما أهالينا أخدونا على جنينة واسعة، في لقطة، فضلنا نجري ونجري بلا هدف، كنا مبسوطين وبنضحك بشكل غريب، مبسوطين ببعض، بنحب بعض، بنحب بعض أوي، ونفسنا الكون يفضي من كل حاجة، إلا إحنا والجنينة واللحظة اللي كنا فيها، عايزة أرجع هناك، كل ما الدنيا تضيق بيا أرجع هناك، للحظة دي، واستريح وأحس إن الدنيا لسه بخير، قبل ما نكبر والنضج يبوظنا ويعمل الخلل اللي يخلينا نتجنن ونأذي بعض ونقتل الرابط اللي بيننا ….
“تمت”