قصة نوفيلا بسم الله الرحمن الرحيم وبه نهتدي ونستعين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
نوفيلا ☆ بسمة أمل ☆
بقلمي روز آمين
☆الفصل الأول ☆
ليلاً، داخل إحدي الشقق متوسطة الحال المتواجدة بمدينة القاهرة الكُبري
وبالتحديد داخل شقة أمير مصطفي عساف
كان الجميع مٌلتف حول المنضدة الموضوع عليها قالب حلوي ذكري ميلاد تلك الجميلة ممشوقة القوام المُلقبه ب أمل عمران ،، حيث يجتمع بعضً من أهلها وأهل زوجها وأيضاً بعض أصدقائهما المُشتركين للإحتفال بذكري يوم ميلادٌها الثامن والعشرون من عُمرِها
كان الجميع يصطفون ويهتفون بسعادة إحدي الأغنيات الخاصة التي تُقال في تلك المناسبه ، إنتهوا من غنائها ثم مالت أمل علي قالب الحلوي وزفرت بقوة لتٌطفي شمعه وتطوي بها عامً مضي بما فيه من خيرٍ وشر ،، لتستقبل عامً جديداً تتمني من الله عز وجل أن يرزقها فيهِ الخير والسعادة والصحه لها ولجميع أحبائها
صفق الجميع لها بسعادة وبدأت أمل تتلقي التهاني والهدايا من جميع الحضور
أما زوجها المدعو أمير الواقف بجانبها والبالغ من العُمر إثنان وثلاثون عامً والذي يعمل محاسبً في إحدي الشركات البسيطة
فقد إقترب منها وأحتضنها وقَبل وِجنتها بحب تحت خجلها الرائع الذي زاد من حُمرة وجنتها وجعلها أكثر جمالاً وسحراً
وأردف وهو يٌعطيها هديتها التي كانت عبارة عن سِلسال رقيق من معدن الفضة الخالص :
_ كل سنه وإنتِ طيبه يا حبيبة قلبي وعقبال مليون سنه وإنتِ معايا ومالية عليا حياتي
نظرت للقلادة بإنبهار و أردفت قائلة بنبرة مُمتنة :
_ وإنتَ طيب و معايا يا حبيبي ،السلسلة تجنن يا أمير،، ربنا يخليك ليا يا حبيبي و ميحرمنيش منك ابدا
أردف هو بسعادة لسعادة زوجته بهديتهِ رُغم بساطتِها :
_و يخليكي ليا يا حبيبتي
لوت راوية والدة زوجها فاهها و أردفت هامسة بجانب أذن إبنتها شيرين وهي تٌقلد صوت أمل بنبرة ساخرة :
_ و إنتَ طيب و معايا يا حبيبي، إتفرجي علي بجاحتها وكُهنها
أجابتها إبنتها شيرين بنبرة مُحتقِنة بالغضب والحقد وهي تتطلع علي هدية شقيقها البسيطة إلي زوجتة :
_ و كان لزمتها أيه الهدية اللي جايبها لها دي ، ما كان كفاية عليها مصاريف التورتة والزينة والأكل ده كله
وأكملت بنبرة لائمة ساخطة علي شقيقها :
_بصراحه بقا يا ماما إبنك ده فرفور أوي ومدلع الهانم علي الأخر، بكرة تركب فوق دماغة وتدلدل رجليها وتمشيه علي العجين ما يلغبطهوش و ييجي وقتها يصرخ لنا ويقول إلحقوني
أومأت لها راوية بموافقه وتحدثت بنبرة تقطرُ غِلاً :
_والله أنا حذرته قبل كدة وهو إستهون بكلامي وما قدرنيش، خلية يشرب بقا اللي هيشوفة علي إدين الهانم
أما سَحر والدة أمل، الموظفة بإحدي الهيئات الحكومية وما لديها من مكانة مرموقة بداخل عملها، إقتربت من إبنتها وأردفت قائلة بنبرة سعيدة وهي تٌناولها هَديتها القيمة :
_ كل سنة وإنتِ طيبة يا روح قلب ماما، وعقبال سنين حلوة كتيرة إن شاء الله
قَبلت والدتها بحب وأخرجت الهدية من صندوقها المُخصص لتتفاجئ بثوبٍ أنيقٍ للغاية وحذاءٍ مٌلائم له وأيضاً حجابً يليقً بلون الثوب ليكتمل الطقم
نظرت إلي والدتها بحب وأردفت بنبرة حماسية مرحة :
_ يا حبيبتي يا ماما، طول عمرك ذوقك يجنن، بس الفستان شكلة غالي أوي
وأكملت علي إستحياء :
_ليه كلفتي نفسك أوي كدة ؟
أجابتها والدتها بعيون سعيدة :
_ الغالي يرخص علشان خاطر عيونك يا أمل
أكدَ شقيقها إيهاب علي حديث والدتهِ وأعطاها هديتهِ قائلاً بنبرة حنون :
_ ما فيش حاجة في الدنيا دي كلها تغلي عليكي يا أمولة
وأيضاً شقيقتها رانيا البالغة من العمر الرابعةِ والعشرون من عُمرها، والتي أردفت بسعادة وهي تُناولها هديتها :
_ كل سنة وإنتِ طيبة وبخير يا قلبي
وأكملت حديثها بنبرة حنون:
_ وصدقيني لو جبنالك حتة من القمر مش هيبقا كتير عليكي
إحتضنت شقيقتها وشكرتها بحفاوة
إقتربت منها راوية وأردفت بإبتسامة مٌنافقة وهي تٌعطيها هديتها التي كانت عبارة عن محفظة صغيرة بثمنٍ زهيدٍ بخس :
_ كل سنه وإنتي طيبة يا أم كارما ،معلش بقا هديتي مش أد كدة السنة دي، لكن إنتِ طبعاً تستاهلي الدنيا كلها
إبتسمت لها أمل بسعادة وتحدثت بوجهٍ بشوش ونبرة صادقة :
_ ما تقوليش كدة يا ماما ده كفاية أوي إن حضرتك إفتكرتيني في اليوم ده
إحتضن أمير والدتهُ بحب قائلاً بإمتنان :
_كل اللي ييجي منك بركة يا ست الكُل
بدأ الجميع بتناول الحلوي والشطائر المحشوة باللحوم المشوية والنقانق
لوت راوية فاهها وأردفت قائلة بنبرة ساخرة مُعترضة و هي تفتح إحدي الشطائر وتري ما بداخِلُها :
_ وكان لزومه أيه البانية والكفته والسُجق ،ما كان كفاية أوي التورتة والحلويات والجاتوة، ولا هي مصاريف وبعزقة علي الفاضي يا بنتي
و أكملت بنبرة لائمة كي لا تدع تلك المسكينة تهنئ بيوم ميلادها :
_ مش بيتك كان أولي بيها المصاريف دي، هو أبني هيلاحق علي أية ولا أية ؟
وبلحظة إنطفأت “بسمة أمل” وتحولت إلي خزلان، كسي الحُزن ملامِحُها البريئة وحزن أمير لأجل حبيبته الرقيقة
فأجاب والدتهِ وهو ينظر لها مٌستعطفاً إياها لتصمت وتكف عن أذيت مشاعر زوجتهِ الرقيقة :
_ مصاريف أيه بس إللي بتتكلمي عنها يا ماما، ده أنا لو أطول أجيب الدنيا كلها وأحطها تحت رجلين أمل عمري ما كُنت هتأخر
وقبل رأس زوجته وأردف قائلاً بعيون عاشقة :
_ كل سنه وإنتي سعيدة يا حبيبتي
إبتسمت بسعادة ولهفة لزوجها الحنون، حين نظرت شيرين إلي والدتها وأبتسمت بجانب فمها بطريقة ساخرة كي تستدعي غضبها أكثر من أمل
إقتربت كارما طفلة أمل الوحيدة البالغة من العُمر ست سنوات وقبلت والدتها بسعادة وأردفت قائلة ببرائة :
_ كل سنه وإنتِ طيبة يا مامي
حملتها أمل وبدأت بتوزيع قُبلاتِها الحنون فوق جبهتها ووجنتيها وعيناها بنهمٍ وحُبْ وتحدثت مُدلله لطِفلتِها :
_ وإنتِ طيبة يا قلب مامي
حين تحدثت شيرين بطريقة فظة وتدخُل مُستفز كي تُفرغ حِقدها التي تكنهُ لأمل داخل قلبها الذي لا يحمل لتلك المسكينة سوي الحِقد :
_ هو أنتِ يا أمل مش ناوية تخاوي البنت ولا أية، ده اللي من سنك يا حبيبتي معاها طفلين وتلاته كمان ؟
رمقها زوجها أكرم بنظرة تحذيرية تلاشتها شيرين وأحالت بوجهها عنه بعدم إكتراث
في حين أجابتها أمل بهدوء وثبات إنفعالي متغاضية لهجتها المُستفزة :
_كلة بإذن الله يا شيرين
تحدثَ مصطفي والد زوجها إلي إبنته بعتاب :
_ الحاجات دي بتبقا خاصة بين الراجل ومراته يا بنتي ومش من حق اي حد فينا يتدخل، إفرضي إنهم مش عاوزين يجيبوا أولاد تاني، نتدخل إحنا بينهم ليه ؟
قاطعت راوية حديثه بإعتراض ونبرة حادة :
_ فال الله ولا فالك يا مصطفي، إن شاء الله يجيبوا بدل الولد إتنين وتلاته كمان ، ولا عاوزهم يقعدوا علي حتة البنت كده
مالت أشجان صديقة طفولة أمل وأردفت هامسة بدُعابة :
_ هو أنتِ بتجيبي طاقة منين تتحملي بيها الناس العجيبة دي ،ده أنا مش قادرة أتحملهم الكام ساعه دول
أردفت أمل سريعاً بإرتياب :
_ وطي صوتك يا بنتي لـ حد فيهم يسمعك ومنخلصش إنهاردة
أردفت أشجان بنبرة ساخرة :
_ لا وعلي أية، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم
أما والدة أمل وشقيقتها رانيا اللتان تقفان جانبً وهما تستمعتان لحديث راوية وشيرين اللازع لعزيزة عيناهما الرقيقة، تراقبان ما يحدث بصمتٍ تام حتي لا ينزعا إحتفال غاليتهما
إقتربت رانيا إلي شقيقتها و أحتضنتها و أردفت قائلة بصوتٍ حنون :
_ كل سنه وإنتي طيبة يا مولي، عقبال 100 سنه ياروحي
شددت أمل من إحتضان رانيا وأردفت قائلة بنبرة سعيدة :
_ كل سنه وإنتِ وماما وإيهاب معايا وربنا ما يفرقنا أبداً عن بعض
أمنت شقيقتها علي دٌعائها
إقترب إيهاب من شقيقتهُ التي تقف بجانب زوجِها وحاوط كتفها بحنان وتحدث :
_ أنا حضرت لكم هدية كده صُغيرة أتمني إنها تعجبكم
نظرت إليه أمل بإهتمام مُترقبة لباقي كلماته فأكمل هو :
_ حجزت لكم بكرة غرفة في أوتيل علشان تقضوا فيها ليلة حلوة، الحجز شامل الغدا والعشا وأي حاجة هتحتاجوها خلال اليوم
وأكمل بنبرة جادة وهو ينظر إلي أمير :
_ هبعت لك اللوكيشن بتاع الأوتيل علي الواتس يا أمير
سَعد داخلُها وشددت من إحتضان شقيقها حين تحدث أمير بنبرة خَجلة :
_ مكنش فية داعي تتعب نفسك يا إيهاب، أنا كُنت هخرجها بكرة ونتعشي في أي مكان هادي
أجابهُ إيهاب بمرح كي لا يُشعرهُ بتقصير في حق زوجته :
_ خلينا الأول نكون متفقين إن أنا وإنتَ مجتمعين علي حُب أمل، وإن أهم حاجه عندنا إنها تكون مبسوطة ، وسواء كان الحَدث اللي هيبسطها ده بإيدي أو بإيدك صدقني مش هتفرق
شددت هي من ضمتها لشقيقها وتحدثت وهي تنظر لمقلتي زوجها الحبيب بهيام :
_ربنا يخليكم ليا إنتم الاتنين وتعيشوا وتسعدوني
قَبل شقيقها رأسها بحنان
إنقضي اليوم علي خير وذهبَ الجميع كُلٍ إلي وجهته
دلفت إلي غرفتها بعد تنظيف المكان من الفوضي التي كانت عليه وإعادت ترتيبة من جديد بمساعدة شقيقتها و والدتها اللتان ذهبتا مباشرةً بصحبة شقيقها بعد الإنتهاء
دلفت إلي المرحاض وخرجت بعد مدة وهي ترتدي ثوباً مٌخصصً للنوم ناعمً و حريري الملمس
نظر إليها أمير بعيون هائمة مٌنبهرة بجمال و رقة و إنوثة زوجتهِ الشابة الحنون
تحرك وأقترب منها وأردف قائلا بنبرة حنون :
_ معقولة الحورية إللي نازلة من السما دي تبقا مراتي أنا ؟
أد أيه أنا راجل محظوظ وأمي داعية لي
إبتسمت له وأردفت قائلة بسعادة ناتجة من عشقها لزوجها :
_ المحظوظه في حبك هي أنا يا أمير
وأكملت بنبرة لعاشقة :
_ بحبك يا أمير، بحبك وهفضل أحبك لأخر يوم في عمري ، و حتي بعد ما أموت عمري ما هبطل أحبك
وضع أصابعة فوق شفاها بحركة سريعه وأردف قائلاً بنبرة قلقة :
_بعد الشر عليكِ يا أمل، أوعا أسمعك تجيبي سيرة الموت دي تاني علي لسانك
ضحكت وأردفت قائلة بدلال أنثوي :
_ للدرجة دي بتخاف عليا يا روح قلبي ؟
أجابها بعيون عاشقه :
_ مليش حياة من بعدك يا حبيبتي، ومعنديش أغلي منك علشان أخاف علية
إقتربَ عليها بعيون تملؤها الرغبة وتحدثَ بنبرة هائمة :
_ كل سنه وإنتي طيبة يا أمل ، تعالي بقا علشان أديكي هديتك
ضيقت عيناها وأردفت بلؤم أعجبهُ :
_هدية تاني، ما أنتَ أدتني هديتي خلاص يا بيبي
غمز بعيناه وأردفَ قائلاً بوقاحه :
_ لسه فاضل أهم هدية فيهم
وأنحني عليها وحملها بين ساعديه تحت سعادتها التي تخطت عنان السماء وتحرك بها بإتجاة التخت ثم وضعها علية بهدوء و مال عليها ليغوصا معاً في عالم عشقهما الحلال
_____________
بنفس التوقيت داخل سيارة إيهاب
تحدثت رانيا الجالسه بالخلف بنبرة إستيائية :
_ أنا متضايقة جداً وزعلانة علشان أمل وحالتها المادية يا ماما
وأكملت بإمتعاض :
_ معقولة دي العيشة اللي تستحق تعيشها ولا هما دول الناس اللي المفروض تعاشرهم ؟
تحدث إيهاب مهمومً لأجل شقيقتهُ التي يعتبرها هي ورانيا كطفلتاه :
_ عندك حق والله يا رانيا ، دي الست اللي إسمها حماتها هي وبنتها شبه رايا وسكينة في كلامهم ، واقفين يتفرجوا علي كل اللي حواليهم ومش عاجبهم أي حد وعمالين يمصمصوا في شفايفهم زي عواجيز الفرح بالظبط
واكمل بنبرة إستيائية:
_ حقيقي ناس دون المستوي
تنهدت سحر بأسي وأردفت قائلة بنبرة هادئة كي تُهدئ من ثورة أولادها :
_خلاص بقا يا ولاد ، ده إختيار أختكم ولازم تحترموة ، هي حبت أمير و وافقت تكون شريكة حياته وهي عارفه ظروفة كويس وموافقة عليها
وأكملت مُفسرة :
_ وبعدين بصراحة الولد كويس جداً وبيحبها وشايلها علي كفوف الراحة، كفاية إنه بيشتغل شغلنتين وبيعمل أقصي جهدة علشان يخليها مرتاحة ويلبي لها كُل طلباتها في حدود مقدرته ، وهي الحمدلله مبسوطة معاه وده كُل اللي يهمنا في الموضوع
تحدث إيهاب مؤكداً علي حديث والدته :
_ هو أنا ما أقدرش أنكر إن أمير فعلاً حد كويس وبيحبها ويمكن ده اللي خلاني أسكت وأعدي كلام العقربة اللي إسمها حماتها دي إنهاردة
تحدثت والدتهُ موجهَ كلامها إليه لتغيير مجري الحديث :
_ سيبك بقا من موضوع آُختك وقولي هتسافر دُبي لمراتك وأولادك أمتي ؟
أجابها إيهاب الذي يعمل في مجال العلاج الطبيعي وأختار مدينة دُبي لتكون مقر عملهِ هو وزوجته التي تعمل معهُ بنفس مجاله :
_ بعد إسبوع بأمر الله
وأكمل مداعبً إياها بمرح :
_ ثم إنتِ قوام كدة زهقتي مني يا سحر ؟
إبتسمت بهدوء وتحدثت بنبرة حنون :
_ وأنا أقدر أزهق منك بردوا يا حبيبي ، أنا بس كُنت حابه احضر لك شوية حاجات علشان تاخدهم معاك للأولاد وتقول لهم نانا باعتا لكم الحاجات دي
أجابها بحب :
_ ربنا يخليكي ليا يا ماما
واسترسل حديثهُ مُتذكراً :
_ بالمناسبة قبل ما أنسي ، هبقا أسيب لحضرتك مبلغ كده إبقي إديه ل أمل بعد ما أسافر لانها بتتحرج جدآ لما بديها فلوس وبترفض تاخدها مني ، بس أكيد مش هترفض تاخد من حضرتك
إبتسمت رانيا وتحدثت بنبرة حنون لشقيقها :
_ ربنا يخليك لينا يا إيهاب وما يحرمناش منك أبداً
إبتسم لها وأردف تحت سعادة والدتهما :
_ ويخليكم ليا يا حبيبتي
_______________
صباح اليوم التالي
داخل إحدي المصالح الحكومية وبالتحديد داخل مكتب سحر عبدالسلام والتي تعمل نائب مدير فرع للمصلحة
كانت تجلس خلف مكتبِها مُنكبه علي بعض الأوراق التي تحتاج مراجعتها ووضع إمضتِها عليها، إستمعت لطرقات خفيفة فوق الباب
فتحدثت بوقار :
_ إدخل
دلف ذاك الوسيم الخمسيني والذي يرأُسها بالعمل وتحدث بإبتسامة سعيدة :
_ صباح الخير يا أستاذة
أردفت بإبتسامة مماثلة :
_ صباح النور يا أستاذ حسين، إتفضل إقعد
جلس فوق المقعد وتحدثت هي بتساؤل :
_ شربت قهوتك ولا أطلبها لك من البوفيه
أجابها بنبرة عاشقة :
_لو هتشربي قهوتك معايا يبقا تطلبي لي
إبتسمت له برقة وأمسكت بهاتف المكتب وطلبت من عامل البوفية قدحان من القهوة السادة
في حين تحدث هو إليها بإهتمام :
_ كل سنة وأمل طيبة، وعقبال ما تجوزي رانيا وتفرحي بيها
ردت عليه مُبتسمة :
_ متشكرة جدا
ثم تسائل بعيون تنطقُ عشقً :
_ لسة ما أنش الآوان علشان تنظري لي بعين الرحمة يا سَحر ؟
أخذت نفسً عميقً وتحدثت بأسي :
_ياريت كان ينفع يا حسين
وأكملت بنبرة يتغلب عليها العقل:
_ إنتِ عارف إني مقدرش أكسر إبني وأجيب له جوز أم وهو في السِن ده
نظر لها بضجر وتحدث مُعترضً علي تفكيرها البالي بالنسبة له :
_ تعرفي يا سَحر، برغم إنك ست مُتعلمه ومثقفة بس يظل تفكيرك عقيم ومحدود زيك زي ناس كتير في مُجتمعنا
وأسترسل متسائلاً بنبرة حادة:
_ ممكن تقولي لي إيه اللي يكسر إبنك في إنك تتجوزي علي سُنة الله ورسوله من راجل ليه نفس ظروفك وتعيشي معاه اللي باقي لك من حياتك في ونس
وأكمل مُفسراً بنبرة هادئة :
_ يا سحر إنتِ ست جميلة ولسه صُغيرة ومن حقك تاخدي فُرصة تانية في الحياة بعد جوزك الله يرحمه ،
وأسترسل شارحً:
_ وأنا راجل أرمل وإبني سابني وسافر وعاش حياته بعيد عني ، بشرع مين نفضل كل واحد مننا عايش لوحدة مع إن ممكن جداً نتجوز ونكون لبعض الونس والرحمة والمودة
أردفت متسائلة بإعتراض :
_ ورانيا يا حسين ؟
أجابها بهدوء في محاولة منهُ بإقناعها :
_ رانيا مخطوبة لزميلها في الشغل وكلها سنة وتتجوز، تقدري تقولي لي وقتها هتعملي إية وإنتِ عايشة لوحدك في شقتك ؟
أردفت قائله بعقلٍ مُشتت :
_يا حسين إفهمني من فضلك، أنا معنديش الشجاعة إني أتكلم مع أولادي في موضوع مُحرج زي ده
أجابها بنبرة حماسية :
_ سيبي لي أنا المُهمه دي وأنا قادر أقنع أولادك واخليهم هما بنفسهم اللي يكلموكي ويطلبوا منك تقبلي طلبي للجواز
ضحكت بإنوثة أهلكت بها قلب ذاك العاشق الذي تحدثَ بنبرة هائمة :
_ والله حرام عليكِ اللي بتعملية في قلبي المسكين ده
خجلت من كلماتهِ العاشقة وأزاحت ببصرها عنه خجلاً
_____________________
في صباح يومٍ مٌشرق جديد
فاقت أمل من غفوتها علي صوت المنبه الذي يصدح بجانِبها فوق الكومود ، مدت يدها وضغطت علي زر الإيقاف وبدأت بفتح عيناها بتثاقل وهي تستمع إلي صوت زقزقت العصافير التي تعشقُها
ثم نظرت بحب لذاك الغافي بجانبها بثبات عميق
إعتدلت ومالت عليه وقبلت شفتاه بهدوء،
أفتح أمير عيناه ونظر إليها بإبتسامة سعيدة وأردفَ بصوتٍ مٌتحشرج ناعس :
_ صباح الخير يا حبيبتي
أجابته بوجهٍ بشوشٍ صابح لزوجة سعيدة :
_ صباح الفل يا حبيبي
وأكملت بإنتشاء وحماس :
_يلا يا قلبي علشان تاخد شاور علي ما أروح أجهز لك الفطار
إعتدلَ بجلسته وأحتضنها بسعادة ثم أخرجها و نظر إلي وجهها ومال علي شفتاها وقبلها بنعومه تحولت في لحظات إلي أخري شغوفه
كادت أن تتحرك وتٌفلت حالها منهْ لكن يده كانت أسرع منها وأردف قائلاً بعيون راغبة وهو يجذبها إليه :
_ رايحه فين وسيباني وأنا مشتاق لك أوي كدة
إبتسمت له وأردفت قائلة بدلال :
_ سبني يا أمير ، كدة هتتأخر علي شغلك
أجابها وهو يسحبها داخل أحضانه بطريقة أذابتها :
_ ما أتأخر عادي وأيه المشكلة، كل حاجه تتعوض إلا حُضنك يا قلبي
وسحبها إلي عالمهِ الخاص،عالم العشاق
بعد مدة كان يجلس فوق مقعدهِ بكامل هيئتهِ يتناول وجبة إفطاره بجانب طفلتهِ كارما
و ضعت أمل كوباً من النِسكافيه أمامَ زوجها الحبيب ثم تابعت تجهيز شطائر طفلتها حتي تضعها بصندوق طعامها الخاص بالمدرسة
وأردفت قائلة بحب وهي تنظر إلي صغيرتها :
_ إشربي اللبن بتاعك بسرعة يا كوكي قبل باص المدرسة ما يوصل
أردفت الفتاه بتملل ووجهِ عابس :
_ مش بحب اللبن سادة وحضرتك عارفة كدة يا مامي ،حطي لي علية شيكولا
أجابتها أمل بإعتراض لطيف :
_ ما ينفعش شيكولا علي الصبح يا قلب مامي، إشربي اللبن سادة علشان يقويكي ولما ترجعي من المدرسة هعمل لك النسكويك اللي بتحبيه
تأففت الصغيرة بإعتراض حين وجهَ أمير حديثهٌ إلي طفلتهِ المٌدللة :
_ بطلي دلع وإسمعي كلام مامي يا كوكي وأشربي اللبن بسرعه علشان أنزلك معايا للباص
إستمعت الفتاه حديث والدها وأومأت لهُ بطاعة وبالفعل بدأت بإرتشاف كوب الحليب ثم وقف أمير و أرتدي حلة بدلته وحمل طفلتهِ المُدلله و وقف يقبل وجنة أمل قائلاً بحب :
_ مع السلامة يا حبيبتي ، مش عاوزة حاجة أجيبها لك معايا وأنا راجع ؟
إبتسمت له وأردفت بنبرة رقيقة وقناعة :
_ عاوزة سلامتك يا حبيبي
وقبلته وقبلت طفلتها بسعادة ثم عاودت للنوم مرةً أخري بعد ذهابهُما
بعد مدة فاقت من غفوتها بعد ثباتٍ عميق ، توضأت وصَلت صلاة الضُحي وتحركت إلي الخارج، بعد قليل كانت تقف داخل مطبخها لتقوم بتجهيز وجبة الغداء قبل موعد وصول زوجها وصغيرتها ، إنتهت من تجهيز الطعام وأغلقت مفاتيح شُعلات الموقد
وما أن تحركت مُتجهَ إلي الخارج، فجأة شعرت بدوار أصاب رأسها وبدون سابق إنذار سقطت فوق أرضية المطبخ مُتمدده بجسدِها فاقدة الوعي تماماً
تٌري ما الذي حدثَ لـ أمل جعلها تتهاوي وتسقط فاقدة الوعي هكذا ؟
هذا ما سنتعرف عليه في الفصل القادم
☆بسمة أمل ☆
اترك رد