قصة وفيق الفقر مش عيب، بس الحوجة وحشة، وأنا راجل عندي اتنين بنات، زينب وهاجر، هم الاتنين في رقبتي وعايز أجوزهم، لكن الظروف جاية عليا، ومن وقت ما غالية مراتي أمهم ماتت، وأنا واقع في ديون ومش عارف أسددها، وياريتها ديون عشان أستّر البنات، دي ديون كلها حوجة وجوع، يدوبك عشان أمشي بيها مصاريف البيت، وكل ده سببه حاجة واحدة، هي وإني رفضت أي واحدة فيهم تنزل تشتغل، أه.. حاكم الست مايلزمهاش غير بيت جوزها، وعلى ما يجي، يبقى ربنا دبرها ويسرلنا الحال، لكن اللي كنت عامله حساب.. حصل، المعلم مصلحي بعتلي على الخمس بواكي اللي استلفتهم منه أول الشهر اللي فات، وأنا يدوبك مادبرتش منهم غير جوز، نزلتله بيهم وسط المعلمين ومديتله ايدي عشان اديهمله، قام ضحك، قالي اسبوع وتجيبهم ستة، وعشان انا لو اتكلمت هتبقى أخرتي وحشة، هزيتله راسي بالرضا وطلعت للبنات، قولتلهم اني نازل الشغل وراجع، يوم في التاني ماكنش فيه جديد، كنت شغال ومستني مرتبي.. بس مرتبي هيكفي ايه ولا ايه، ده زي ما انتوا عارفين، ممشي البيت ومصاريفه، وأهو.. الشهر اللي قعدت فيه استلفت من المعلم، أصل كوني عامل نظافة، أو زبال زي ما الكل بيقول، حياتي ماكنتش بخير، وأنا لو لقيت شغلانة تانية، كنت اشتغلتها وانا مغمض، أه.. حاكم دي شغلانة كلها قلة قيمة، وياريتها في الآخر بتجيب همها، دي جابت الفقر والهم، جابت القرف اللي بهدل حياتنا، وكله بسبب الطمع.
**
القصة ابتدت قبل مُهلة المعلم بيوم، لما كنت في مدينتي، المكان اللي أنا شغال فيه، وقتها كنت واقف على صندوق الزبالة بتاعي، بنقضه وبشوف لو فيه حاجة تنفعني كده ولا كده، ماحدش عالم، ساعات بلاقي حاجات تنفع تتباع، تتلبس، أو حتى تتاكل، الفقر وحش وأنا اتعودت، لكن اللي ماتعودتش عليه، هو اللي شوفته يوميها، لما لقيت كيسة سمرة بس نضيفة وعافيّة، مربوطة ربطتين مش أحسن حاجة، فكتهم وبصيت جواها، وفي اللحظة دي، شوفت اللي ماشفتوش غير في التلفزيون، شوفت الاخضر وكتير منه كمان، قولت بس.. مشاكلي اتحلت وزيادة، هجوّز البنات وهسدد للمعلم اللي هو عايزه، بس برضه.. الفلوس دي صاحبها أكيد بيدوّر عليها، ولو ماسألتش دي تخص مين، أبقى حرامي، لكن لأ.. اللي يلاقي حاجة، تبقى بتاعته، وأنا راجل فقير ومحتاج قرشين يحلولي مشاكلي، والفلوس دي بالنسبة للناس اللي عايشين هنا، شوية ملاليم مش هيركزوا لو وقعوا أو ضاعوا منهم، شعور بالذنب والحيرة رافقوني، لكنهم انتهوا على جواز بناتي، عشان كده خدت الكيسة السمرة ومشيت، رجعت البيت ودخلت الأوضة، قفلت الباب ورايا ورفعت مولتين السرير اللي حيلتي، بعدها فتحت الكيسة السمرة وطلعت الدولارات، خدتهم في حضني وفضل أفر واشم فيهم، كانت ريحتهم نعيم، جنة، حياة جديدة مستنياني، شعور جميل نساني الذنب وعيشني حلم جميل من وأنا صغير بحلم بيه، وبعد سنين طويلة، الحلم بيتحقق دلوقتي، وعشان أنا عارف بناتي واللي هيقولهولي لو شافوا الفلوس، قررت أخبيهم لحد ما اتصرف فيهم، ووقت ما رجعتهم في الكيسة السمرة، لقيت صورة بتقع على الأرض، ميلت وجبتها، بعدها بصيت فيها وأنا مستغرب، لإن الصورة دي كان لبنتين وجنبهم دبدوب، دبدبوك شكله غريب، كان باصصلهم وهو مبتسم، كمان على جسمه كان فيه حروف غريبه ومش مفهومة، بس ده ماهمنيش، وكل اللي همني هي الفلوس اللي معايا، عشان كده قررت أقطع الصورة، بس قبل ما أقطعها، لقيت الباب بيخبط:
-ابا.. أنت جيت يابا؟
زينب اللي كانت بتخبط وبتنده عليا من برة، وعشان أنا اتبرجلت مكاني، حطيت الصورة على الفلوس ورجّعت مرتبة السرير مكانها، وقبل ما أقول لزينب خشي، لقيتها فتحت الباب وهي مخضوضة، كانت خايفة لا يكون فيه حرامي جوة البيت، لكنها أول ما شافتني، اتطمنت وهديت شوية:
-مش ترد يابا، أنا قولت فيه حرامي واحنا وحدينا، مافيش حد معانا.
-وهو فيه حرامي يتجرأ إنه يخش بيت وفيق الزبال.
-والله يابا أنا ما عارفة أنت جايب الثقة دي منين، أومال لو كان معانا القرشين اللي يسترونا كنت هتعمل فينا ايه؟
-والساتر ربنا يا زينب، احمدي ربك وقولي الحمد لله.. احنا احسن من غيرنا كتير، وبعدين أبوكي لقى مصلحة يقضيها، هيدفع منها فلوس المعلم مصلحى ويجهزكم.
-وهي ايه المصلحة دي بقى يابا، مصلحة في مغارة على بابا؟.. ولا تكون وقعت على كنز واحنا مش عارفين؟
-هو أكل ولا بحلقه يا بت، امشي انجري اعمليلي كوباية شاي، خليني أمخمخ وأشوف هعمل ايه في القصة دي.
قبل ما تخرج برة الاوضة لقيتها بصت لصورة (غالية) وهي بتقول:
-تعالي شوفي ياما، أبويا بقى بيخطط وبينفذ.
قلعت اللي في رجلي وحدفتها بيه، بعدها قعدت في الأوضة أفكر في حل القصة دي ايه، وبعد تفكير، قولت الصباح رباح، تاني يوم أقابل الواد معجزة وأقوله على اللي فيها، هو اللي هيحل القصة وهيعرف يصرّف الدولارات، حاكم أنا لو سيبتهم جنبي كده، مش هعمل ولا هستفيد منهم بحاجة، لكن القصة ماكنتش قصة دولارات وبس، دي فلوس معفرّته، جابت الهم والتعب معاها، والبداية كانت مع أول ليلة باتت فيها الفلوس جوة الشقة، لما كنت نايم على سريري وبتقلب يمين وشمال، وفي مرة من المرات اللي كنت بتقلب فيهم.. فتحت عيني، وقتها شوفت عين قدامي، لونها أحمر وشكلها بشع، خليتني أتنفض من مكاني وأقوم من على السرير وانا بستعيذ الله من الشيطان الرچيم، ولما هديت وحسيت إنه كان بيتهيألي، ريحت ضهري على السرير مرة تانية وروحت في النوم، لكني صحيت تاني، والمرادي على صوت همسات في ودني لشخص بيقولي:
-وفيق.. وفيق.
الصوت كان بيرن في ودني، وبدل ما اتعاد مرة، ده اتعاد مرتين وتلاتة، وياريتها جت على اسمي اللي كان بيتكرر وبس، ده الصوت كان بيحذرني من شيء وبيقولي:
-ماكنش ينفع، واللي مستنيك دلوقتي صعب ومش هتقدر تستحمله.. الطمع يا وفيق.. الطمع.
في اللحظة دي الباب اتفتح، ومعاه، شوفت واحد واقف وبيبصلي، ماكنش باين منه حاجة غير عينيه اللي لونها أحمر وماليانة غضب، والشخص ده أو الحرامي زي ما كنت متوقع، اداني ضهره واتحرك على برة، وقتها حاولت اقوم ماعرفتش، جسمي كان متكتف في السرير كإن حد رابطني فيه، لكن كل ده انتهى وجسمي اتفك لما سمعت صوت بنتي زينب وهي بتصرخ، قومت من مكاني وجريت على الاوضة اللي جاي منها الصوت، ساعتها شوفت زينب نايمة على السرير وهي حاطة ايديها على وشها ولسه بتصرّخ، قومت قعدت جنبها وخدتها في حضني، حاولت أهديها بس ماعرفتش، كانت خايفة وجسمها بيترعش وهي بتقولي:
-أنا كنت نايمة، بعدها حسيت إني عطشانة، ولما فتحت عيني عشان اقوم، لقيت صدري بيحرقني وحاجة مكتفاني في السرير، وقتها شوفت واحد واقف على الباب، عينه حمرا وباصصلي، خوفت لا يكون حرامي وحاولت أصرخ، بس ماعرفتش، لساني هو كمان كان مشلول، ومرة واحدة اتفك وفضلت أصرخ لحد ما أنت جيت يابا ولحقتني.
-اهدي وخدي نفسك، مافيش حاجة ماتقلقيش، وبعدين فين هاجر؟.. أنا ماشوفتهاش من ساعة ما دخلت الأوضة.
مارديتش عليا وكانت بتترجف، أما أنا عيني مسحت الاوضة شبر شبر ومالقتش هاجر، غريبة.. مع انها بتنام على السرير اللي جنب زينب، لكني مادورتش كتير وسمعت صوت حاجة بترزع من برة، صوت جاي من الحمام، قومت عشان أشوف فيه ايه قامت زينب مسكت فيّ وجت معايا، خافت تقعد لوحدها بعد اللي حصل، لكن اللي شوفناه وقتها، كان يرعب أكتر، لإننا لقينا هاجر في الحمام، كانت بترزع راسها في الحيطة بشكل متكرر، لدرجة إن دم بسيط نزل من جبينها، وده اللي خلاني أقرب منها وأشدها، وفي اللحظة دي، زينب صرخت بصوت عالي، وده لإن هاجر عينيها كانت بيضه تمامًا، كمان الابتسامة على وشها ماكنتش مفرقاها، حاولت أعمل اي حاجة او أفهم اللي بيحصل، لكن ماعرفتش، هاجر كملت عليا وبدأت تخبطني بالروسية، بعدها سمعتها بتهمس وبتقول:
-الطمع.. الطمع.
الصوت ماكنش واضح، لكني قدرت أفسره، ومع تكرار الصوت، طلبت من زينب تشغل قرأن، هي دي الحاجة الوحيدة اللي جت في بالي ساعتها، والحمد لله، جابت نتيجة وهاجر رجعت لطبيعتها وقالتلي:
-ماكنش ينفع اللي عملته يابا.
دي كانت آخر حاجة قالتها هاجر قبل ما يغمى عليها، وبعد ساعة تقريبًا بنفوّق فيها.. فاقت وهي مش فاكرة أي حاجة من اللي حصل، لكنها اتفزعت أول ما شافت الجرح اللي في راسها، وقتها زينب خدتها في حضنها وفضلت تهدي فيها لحد ما ناموا هم الاتنين، أما أنا دخلت الأوضة وطلعت الفلوس، بصيتلهم شوية وأنا متردد، أرجعهم يمكن يكون العيب فيهم، ولا أسيبهم معايا وأنزل أقابل معجزة يمكن يخلصلي الحكاية دي، ونزلت قابلت معجزة، أه.. الفلوس بتعمي وأنا راجل محتاج، لكن القصة ماكنتش بالساهل، لإني لما قابلت معجزة ورسيته على اللي فيها، طريفته ماعجبتنيش هي ورده اللي كان:
-وأنت بقى تعرف واحد معاه دولارات يا عم وفيق؟.. دي الحارة كلها تسمع عن اللي هيحصلك النهاردة لو مارجعتش للمعلم فلوسه.
-وعشان كده انا جايلك بالمصلحة، انا سمسار، يعني ليا الحسنة بتاعتي واللي هدفع منها فلوس المعلم، ها؟.. قولت ايه؟
-ويطلعوا كام دول بقى يا معلم وفيق، ما اللي يمسك أخضر يبقى معلم.
-ايه!.. كام؟.. والله ما أعرف، بس نعرفلك، نشوف حد يعدهم.
-اااه… ده انت دماغك خفت خالص يا عم وفيق، على العموم يفتح الله، أنا ماليش في شغل السوق السودة، يعني من الآخر كده.. شوفلك غيري، ده لو لقيت.
معجزة سابني ومشي، كان فاكرني مجنون وبعملهم عليه، حقه.. وهو ايه اللي هيعرّف راجل زيي بواحد معاه دولارات وأخضر، أكيد القصة ناقصة وفيها حكاية، والحكاية الأهم دلوقتي هي فلوس المعلم اللي لازمًا أدفعها النهاردة، بس منين، أنا ماعيش غير جوز البواكي اللي كنت هديهمله، وبدل ما كان ناقصلي عليهم تلاتة.. بقوا أربعة، يعني جوزين بشقى عليهم شهر كامل ويدوبك بيستروا البنات، أجيبهم منين أنا دلوقتي، ده المعلم لو عِطل فيا، مش بعيد يموتني عليهم، بس أنا راجل دخلت جيش، والجيش قالك اتصرف، يعني الأخضر اللي ماتعرفش تحوله لمصري، زغلل بيه عيون اللي قدامك، وأنا عملت كده مع المعلم، لما رجعت البيت وشديت روزمة من الفلوس، حطيتهم في البنطلون وخبيتهم، بعدها طلعت على المعلم وأنا حاسس إن أهل الحارة كلهم بيبصولي ومستنين اللي هيعمله فيّ، لكن ولو، بعينهم، أنا وقفت قصاده وقولتله عايزك في كلمتين، خدته على جنب وطلعت روزمة الفلوس اللي معايا، قولتله إني لقيتهم وماعيش غيرهم، يعني لو يلزموه، ياخدهم وأبقى سديت ديني، وقتها اتهمني إني سرقتهم، بس الناقص.. ناقص.. أخد الفلوس وهو بيبصلها وبيقولي:
-عارف يا وفيق، لولا إنك راجل كبير وعندك عيال، أنا كنت عملت معاك اللي مايتعملش، لكن بسيطة، الروزمة دي يدوبك تغطي مصاريفك، اه.. ما أنا اللي هتصرف فيهم، ودي مسؤولية كبيرة، مايعرفش يعملها واحد غيري.
-وأنا عداني العيب يا معلم، استأذن أنا بقى.
-خد تعالى رايح فين، أنا ماخلصتش كلامي، واللي فيما معناه، إنك لو معاك تاني.. هاته، وقتها هراضيك وهديك اللي فيه النصيب.
رديت على وأنا متوتر وخايف أبص في عينه:
-يا معلم أنا أديتك كل اللي لقيته.
-كداب، بس أنا هسيبك تشاور عقلك، يعني محل الجزارة مفتوحلك في الوقت اللي أنت عايزه.
كمل كلامه للواد حسن اللي شغال معاه في المحل، قاله يديني كيلو لحمة أرجع بيه البيت، وقتها استغربت، وفي نفس الوقت اتبسطت وريقي جري عليها، أصل أخر مرة كلت فيها لحمة كان من كتير، كمان كانت صدقة من الشارع، الله يكرمه بقى اللي عملها، ودلوقتي المعلم هو كمان بيتصدق عليا، بس الأكيد إنه مش لوجه الله، ودي حاجة أنا اتاكدت منها بعدين، وعشان تفهموا قصدي، كملوا معايا للنهاية.
خدت كيس اللحمة ورجعت بيه البيت، اديته لزينب وقولتلها تقسمّه وتحضرّه على كذا يوم، ماحدش عالم، ممكن تكون آخر مرة ناكل فيها لحمة، أو يمكن يكون خير، ولما أتصرف في الدولارات، يبقى معانا اللي مكفينا وزيادة، وفرحت زينب، خدت الكيس ودخلت على المطبخ، غسليتها وعملت زي ما قولتلها، ولما جه وقت الغدا، قعدنا وأكلنا، كانت أكله ماتتنسيش، ريحة وطعم، خليتني قاعد مبسوط ودماغي رايقة، لكن اللي حصل بليل، برجل عقلي تاني، والبداية كانت لما حطيت راسي على المخدة ونمت، وبعد ساعة أو ساعتين، صحيت على صوت نفس الهمسات:
-وفيق.. وفيق.
المرادي صحيت ومانمتش، خوفت انام يحصل زي ما حصل امبارح، لكن الحل ماكنش في فوقتي، لإني سمعت صوت زينب بتصرخ، والمرادي الصوت كان جاي من الحمام، جريت عليه ولقيت هاجر واقفة زي المرة اللي فاتت بالظبط، بتخبط راسها في الحيطة وهي مش واعية، بس المرادي مش زي أي مرة، وشها كان اسود شاحب، وسنانها كان عليها دم، نتيجة للجرح اللي اتفتح في جبينها وغرّق راسها، ولما حاولت أفوّقها من اللي هي فيه، ماعرفتش، كإن فيه حاجة مسيطرة عليها وماسكة فيها، وياريت الموضوع خلص هنا، دي خرجت عن السيطرة وحاولت تخنق زينب، لكني والحمد لله قدرت أنقذها من تحت ايديها في اللحظة الآخيرة، وقبل ما القصة تطوّر، طلبت من زينب تشغل قرأن زي امبارح بالظبط، وقتها هاجر بدأت تهدى، وعلى الرغم من كده، إلا إنها كانت بتترجف من الرعب وبتشيّلني ذنبها وهي بتقولي:
-ماكنش ينفع اللي عملته يابا.. ماكنش ينفع.
-ايه اللي عملته يا هاجر؟.. فهميني؟
الرد جالي لكن مش منها، وده لما سمعت صوت حركة جاية من الأوضة اللي بنام فيها، ولإن اللي حصل ماكنش قليل، خوفت أشوف فيه ايه، بس برضه، ماكنش ينفع أبان ضعيف قدام بناتي، عشان كده استعذت الله من الشيطان الرچيم وفتحت باب الأوضة، وقتها شوفت واحد واقف جنب السرير ومش باين من ملامحه حاجة، وده لإنه كان مغطي وشه بشراب اسود، أه.. اللي قدامي ده ماكنش جن ولا عفريت، ده حرامي وجاي يسرقني، خاصة إنه كان ماسك مطوّة في ايده، طلعها بمجرد ما فتحت باب الاوضة وقالي وهو بيتخن صوته:
-رد وانجز، الفلوس فين يا زبال؟
رديت عليه وأنا متبرجل:
-فلوس!.. فلوس ايه دي؟
-الأخضر.. الدولارات يعني.
-وأنا يبقى معايا دولارات ليه؟.. انا راجل على باب الله.
-هنبتديها استعباط، لكن وماله، لو مش خايف على بناتك، فـ أنا كمان مش خايف عليهم، ها؟.. قولت ايه؟
-قولت إني ماعيش حاجة.. انا كل اللي حيلتي جوز بواكي، لو عايزهم.. خدهم.
-يفتح الله، أنا عايز الأخضر وبسرعة.
حاولت أكدب عليه أكتر من كده بس ماعرفتش، لإنه ماسابنيش في حالي وطلع على برة، زقني ومسك بنت من بناتي، حط المطوة على رقبتها وهو بيقول:
-ها؟.. افتكرت مكانهم؟
-اه.. افتكرت.. هتلاقيهم تحت السرير، خدهم.
-ومستني ايه أومال؟.. طلع الفلوس بقولك.
-ح ح حاضر.. اللي انت عايزه، بس حاسب.. السلاح يطول.
-وهيطول لو ماعملتش اللي قولتهولك وبسرعة.
خوفت، عشان كده طلعت الكيس واديتهوله، بعدها أخد بعضه ونط من الشباك مكان ما دخل، أما أنا خدت البنات في حضني وطمنتهم، قولتلهم انها فلوس حرام، زي ما جت بالساهل، راحت بالساهل، قاموا سألوني جت منين وليه ماقولتلناش، وقتها حكيتلهم اللي حصل وأنا متضايق، لكن ما باليد حيلة، كنت هعمل ايه يعني والمعلم عايز الفلوس وبيهددني بيهم، بس اللي فكرت فيه طلع حقيقي، الفلوس دي فيها حاجة وجابتلنا الشر، أصل من وقت ما الفلوس اتسرقت، ومعجزة كان بيصحى كل ليلة يصرخ، لدرجة إنه جالي في ليلة وقالي إنه هو اللي سرقني، كمان عرض عليا يرجعلي الفلوس، قالي انها ملعونة وبتلعن اللي بياخدها، وقتها رفضت، قولتله مش عايزها، أصل من وقت ما هو خدها، أو سرقها يعني، واحنا لا بنشوف ولا بنسمع، حياتنا هادية ومافيهاش اللي كان بيجرى اليومين دول، بس العيب مش الفلوس، لإني اديت منها للمعلم، ولو كان العيب فيهم، كان هيجراله نفس اللي جرى لمعجزة، أصله انتحر في نفس الليلة اللي جالي فيها، وبس كده، دي تجربتي ودي قصتي، أنا عارف إني غلطان، بس والله الفقر وحش والحوجة أوحش.
تمت بحمد الله.