قصص

قصه الحظاظة (كامله)

اوقات كتير لما بنسمع قصص وحكايات بتتكلم عن الأذى بسبب الأعمال، بنستغرب، بنمصمص شفايفنا ونقول ياااه.. ممكن حد يحصله كل ده بسبب حاجة احنا مش شايفنها ولا قادرين نلمسها؟!.. لا واوقات تانية بنخاف وبنقول الحمد لله، احنا مش مكان الشخص اللي أتذى.. عادي، بتحصل، ما احنا ياما سمعنا عن حكايات زي دي، لكن صدقوني، اللي شاف او سمع، غير اللي عاش، وانا بقى عيشت، عيشت مرار وهم ووجع مافيش كلام في الدنيا كلها يقدر يوصفه.. والنهاردة، انا جاية اشارككوا اللي حصل معايا.
بثينة.. ده اسمي، من يوم ما وعيت على الدنيا وانا محافظة على عادات وتقاليد أهلي، اصل انا اتولدت واتربيت في القاهرة اه، لكن اهلي كان اصلهم من الأرياف، وعشان كده دايمًا بقولها بصراحة، انا اتربيت في مجتمع ريفي.. وفي المجتمع الريفي في شوية قواعد كده معروفة للكل، ومن ضمن القواعد دي إن البنت لازم تتجوز وهي صغيرة في السن، يعني البنت اللي بتعدي العشرين سنة وهي لسه ماتجوزتش، بيتقال عليها عانس، وانا كنت كده.. ومش بس عانس، ده انا كمان وقت ما كان عندي ١٥ سنة، حصلتلي حادثة صعبة اوي، حادثة بسببها اضطروا الدكاترة إنهم يركبوا لي في رجلي الشمال شرايح ومسامير، وبسبب الحادثة والعمليات اللي اتعملت في رجلي، بقيت بعرج عليها، ومن هنا خدت تاني لقب.. بثينة العارجة، هم ماكنوش بيقولوهالي وش في وش كده، ده انا كنت بشوفه في عيون كل اللي حواليا، ولما سني وصل لل ٢٥ وانا لسه ماتجوزتش، بقى يتقال عليا العانس، يعني بقيت عارجة وكمان عانس، لكن صدقوني، ربنا عز وجل مابيظلمش حد، وعشان ربنا اسمه العدل، بعد ما تميت الخمسة وعشرين بشهور، اتقدملي واحد جارنا اسمه جمال، كان اصغر مني بشوية، لكنه كان طيب واهله كان بيحبوني اوي، واهو… الحمد لله، بعد شهور من خطوبتنا انا وجمال اتجوزنا وابتدينا حياتنا سوا، والحقيقة ان انا كنت فاكرة انه مع الأيام ومع العرجة اللي عندي وفرق السن اللي ما بيننا، كنت فاكرة ان جمال معاملته ليا هتتغير او هيظهر منه الجانب الوحش، بس اللي حصل في الحقيقة كان غير كده.. جمال مع الوقت ومع العشرة ظهر معدنه الحقيقي، او بمعنى اصح، معدنه الأصيل.. كان ونعمة الزوج، علمني الالتزام مع ربنا وبقى لي اب واخ وزوج صالح، لا وكمان كان تملي يقولي ان اللي عندي ده ابتلاء، وربنا لما بيحب عبد بيبتليه.. بس برضه زي ما ربنا بيبتلي العبد، فقصاد الابتلاء ده بيديه نعم كتير، ومن ضمن النعم اللي ربنا أنعم عليا بيها انا وجمال، كان عبد الرحمن، ابني اللي خلفته بعد حوالي سنة من الجواز.. من يوم ما اتولد وهو أية في الجمال، ومع مرور السنين ولما كبر، ولإن ابوه كان راجل صالح وانا كنت بتقي ربنا فيه، عبد الرحمن ماطلعش بس جميل في الشكل، ده كمان كان متفوق في دراسته وملتزم في صلاته.. ومع مرور السنين اكتر واكتر، كبر ابننا ودخل ثانوية عامة، ومن عند المرحلة دي بالذات ابتدا الجد في حياتنا.. جمال جوزي كان عاوز عبدالرحمن يطلع مهندس، وعشان كده عمره ما بخل عليه بأي فلوس تخص دراسته او دروسه، ده غير انه طبعًا ماكنش بيحرمه من أي حاجة، كل اللي بيطلبه كان بيلاقيه، اما من ناحيتي انا بقى، فانا كنت بوفرله كل حاجة عشان يقدر يذاكر ويجيب مجموع، ومع مرور الشهور والسنين كنت بشوف عبد الرحمن بيذاكر وبينجح في امتحاناته بمجموع كويس، واستمر على الوضع ده لحد ما وصل سنة تالتة وامتحن وطلعت النتيجة.. ومن عند يوم النتيجة بتبدأ كل حاجة.
يومها ابني نزل يجيب نتيجته، وبعد ما نزوله بحوالي نص ساعة، سمعت صوت خبط على الباب، كنت وقتها في المطبخ وواقفة على أعصابي.. لما الباب خَبط، سيبت اللي في إيدي وروحت فتحت، كان عبد الرحمن هو اللي عالباب، لكن اللي خلاني اتاخدت اول ما فَتحت هي ملامح وشه، كان مكشر ومتضايق!.. بلعت ريقي بصعوبة وعنيا ابتدت تدمع، وقبل ما يتكلم او يقول اي حاجة، قربت منه وقولتله بصوت واطي مليان حزن..
-ايه؟!.. ماجيبتش مجموع يدخلك هندسة؟.. عادي، ولا يهمك، ماتزعلش، بكرة ربنا يعوضك و..
وقبل ما اكمل كلامي قاطعني وهو بيحضني..
-من هنا ورايح قوليلي يابشمهندس، انا عديت ال ٩٨%.
ماحستش بنفسي، كنت طايرة من الفرحة ومش عاوزاه يخرج من حضني، وطبعًا الفرحة اكتملت لما اتصلنا بجمال وعرفناه ان ابنه الوحيد هيبقى مهندس، بس جمال اول ما سمع الخبر مني، ساب الشغل اللي في ايده وجه جري على البيت وقالنا انه هيحتفل بعبد الرحمن وهيعزم ابوه وامه عشان يفرحوا معانا… واللي قاله حصل، ابتديت اجهز للسهرة او للاحتفال بتاع بالليل، وفي نفس الوقت، عبد الرحمن نزل اشترى لبس جديد وكمان نزل عشان يشتريلي الحاجات اللي هعمل بيها الحلويات، اما جمال، ف راح لابوه وامه عشان يجيبهم معاه، بس الغريب في الموضوع بقى ان جمال لما دخل البيت، مادخلش هو وابوه وامه وبس، ده كمان كان معاه اخته رجاء وبنتها بسنت!
اول ما شوفتهم اتاخدت واحتارت، ايه اللي هيجيب رجاء وبنتها في ليلة زي دي!.. دول تملي في حالهم وزياراتهم لينا طول فترة جوازنا تتعد على الصوابع!.. والحقيقة ان حيرتي واسئلتي ماداموش كتير، هم بعد ما دخلوا وقعدوا، ابتدت رجاء تتكلم وقالتلي..
-شوفتي يابثينة، شوفتي جوزي ابو بنتي عمل فيا ايه، منه لله، الراجل لما عرف ان بنته جايبة ٦٥% في الثانوية العامة، طردني انا وهي، لا وقال ايه، بيقولي ان انا السبب، حسبي الله ونعم الوكيل، بقى انا السبب يااختي، ليه؟!.. هو انا اللي بخلت على البت وماكنتش برضى اديها فلوس الدروس!
لما قالتلي كده قربت منها وطبطبت عليها..
-معلش ياحبيبتي، ان شاء الله ربنا هيعوضها وهتبقى حاجة كبيرة قُدام، وبعدين مين عارف، مش جايز ربك يكون له حكمة في كده، مش يمكن شايل لها حاجة احسن في شغلها لما تتخرج، او في حياتها لما اتجوز؟
ابتدت تعيط هي وبنتها وبصت لابني وبعد كده بصت لي..
-وتفيد بإيه معلش يااختي، ما اللي إيده في المايه مش زي اللي إيده في النار، ما انتي اهو.. بسم الله ما شاء الله، ابنك طالع من الأوائل وجوزك بيحبك ومحافظ عليكي، إنما انا، ياحسرة عليا، بختي مايل من كله.
كلامها خلاني اتضايقت، بس احترامًا لجوزي ولأهله، سكتت، مارضيتش ارد عليها ولا فتحت بوقي، انا اكتفيت بشوية نظرات لجمال، نظرات من بعدها، جمال كان ناوي يتكلم او يعترض على اللي بتقوله، لكن اللي سبقه كان حمايا اللي قالها بضيق..
-جرى ايه يارجاء، ما توحدي الله في قلبك وباركي لابن اخوكي، وبعدين احنا جاين عشان نحتفل ونفرح بعبد الرحمن، ولا عشان نقعد نعيط ونولول.. بقولك ايه يابثينة يابنتي، جمال ابني قالي انك عاملة لنا حلويات من إيدك، وانتي عارفة، انا بحب الحلويات بتاعتك عشان مابتجزعش النفس زي بتاعت برة، فإيه رأيك بقى لما نفك جو النكد والهم ده، وتقومي تجيبلنا الحاجات الحلوة اللي انتي عاملاها.
قومت من مكاني وانا ببص لحمايا وببتسم..
-بس كده، من عنيا ياعمي، بس قبل الحلويات لازم ناكل الأول، يلا تعالوا على السفرة، انا كده كده محضرة الأكل.
وفعلًا.. قومنا كلنا وبعد كده حطيتلهم الحلويات واليوم عدا، إنما طول ما احنا قاعدين، رجاء ماكانتش بتنزل عينيها من على عبد الرحمن ابني، نظراتها كانت مليانة حقد وحسد خلوني طول ما انا قاعدة عمالة اقرا قرأن بيني وبين نفسي، وبعد ما القعدة خلصت والوقت اتأخر، بص جمال لاهله وقالهم..
-بقولكوا ايه، دلوقتي الوقت اتأخر وانتوا مش هينفع تروحوا، ف ايه رأيكوا لما تباتوا معانا وتمشوا الصبح؟
لما قال كده كنت عاوزة اقوله لأ، او عالأقل خلي حمايا وحماتي هم اللي يباتوا، إنما رجاء وبنتها لأ، انا اساسًا مش مرتاحة لوجودهم، لكن قبل ما اتكلم او اقول أي حاجة، رد حمايا وقال له..
-لا ياجمال، لو مصمم انهم يباتوا، خليهم هم لحد الصبح وابقى وصلهم انت بكرة، إنما انا، مش هقدر، انا لازم اروح بيتي عشان عندي بكرة الصبح مشوار مهم.
وكلام حمايا اتنفذ ورجع بيته، اما حماتي ورجاء وبسنت، فدول ناموا في أوضة عبد الرحمن لأن السرير اللي فيها كان كبير، اما عبد الرحمن، ف نام في الأوضة الصغيرة اللي فيها سرير واحد صغير.. ومع طلعة النهار وعلى الضهر كده، قومنا كلنا من النوم وابتديت احضر الفطار، بس وقتها لاحظت حاجة غريبة، رجاء ماكانتش موجودة!
بصيت لحماتي ولبسنت وسألتهم وانا مستغربة..
-الله!.. ألا هي رجاء راحت فين؟!، مش شايفاها يعني من وقت ما صحيت!
ردت عليا حماتي وهي بتطبطب على عبد الرحمن اللي كان قاعد جنبها..
-نزلت يابنتي، صحيت من بدري وقالت انها هتروح تزور الأوليا، ما انتي عارفة، من ساعة ما اتجوزت وهي عايشة في اسكندرية، وكل مرة بتنزل فيها القاهرة، بتحب تروح تزور الحسين والسيدة نفيسة وبقية الأوليا.
سكت بعد ما قالتلي كده وكملت تحضير الفطار وفطرنا، وبعد الفطار بشوية، جت رجاء وهي معاها اكياس مليانة حاجات!.. وبعد ما دخلت البيت وقعدت وخدت نفسها، بصت لي وابتسمت وقالتلي وهي بتبص للاكياس..
-طبعًا يامرات اخويا انا عارفة انك هتموتي وتعرفي ايه اللي في الاكياس دي.. بس ماتحيريش نفسك، دي هدايا ليكي ولجمال وشوية حاجات كده للبت بثينة، اه اومال ايه، هو انا بزوركوا كل يوم، ثم انا لما نزلت وبعد ما زورت الحسين والسيدة، قولت اتمشى شوية واتفرج عالمحلات، وبصراحة كده كل حاجة عيني وقعت عليها وحسيت انها تنفع لحد فيكوا، اشتريتها.
والحقيقة ان كلام رجاء كان مظبوط، رجاء كانت جايبة لي طرحة شكلها حلو اوي، ده غير انها جابت لجمال قميص ولبنتها هدوم وجابت لحماتي عباية.. وبعد ما اديتنا الهداية وقعدنا نتكلم شوية، خدهم جمال ووصلهم، بس قبل ما ينزلوا من البيت، جمال وعد رجاء انه هيكلم جوزها وهيخليه يجيله ويقعد معاه عشان يرجعها هي وبنتها، وبس.. نزلوا من البيت وبعد يومين كان جوز رجاء جه وقعد مع جمال ورجعها هي وبنتها وحياتهم ابتدت تمشي عادي، اماحياتنا احنا بقى، فحرفيًا ابتدت تتقلب لجحيم!
بعد تلات أيام من يوم النتيجة، نزل عبد الرحمن ابني عشان يخرج مع اصحابه، وعلى الساعة ٩ بالليل، رجع وهو مبسوط اوي، بس مع رجوعه وانبساطه، ووقت ما كان واقف بيتكلم معايا انا وابوه، لاحظنا حاجة غريبة في ايده!
وقتها جمال بص لايده كويس ورفعها قدامه..
-هو ايه اللي في ايدك ده ياعبد الرحمن؟!
قلق عبد الرحمن ورد على ابوه وهو بيتهته..
-دي دي.. دي حظاظة.
-ايوه ما انا عارف انها حظاظة، بس من امتى وانت بتلبس حاجات عليها جماجم ورسومات غريبة كده، ومن امتى اصلًا وانت بتلبس حظاظات!
ارتبك عبد الرحمن اكتر وقال لجمال بقلق..
-معلش بقى يابابا.. تغير، اصل انا وانا وخارج مع اصحابي النهاردة، وقفنا عند محل فاتح جديد، و.. و.. وكل واحد منهم اشترى حاجة يلبسها، وانا بقى اشتريت الحظاظة دي.
رد عليه جمال وهو متضايق..
-وانت لما تيجي تشتري، ماتلاقيش الا المنظر ده وتشتريه، بس عادي، ملحوقة.. البتاعة دي ماتتلبسش تاني، تقلعها وماشوفهاش في إيدك أبدًل، وبعدين انا مش عارف ايه اللي عاجبك فيها، دي شكلها وحش اوي.
وبصراحة جمال كان عنده حق، الحظاظة كانت مصنوعة من الجلد وكان متركب في نصها بالظبط، حتة حديد عليها جمجمة شكلها يخض، وبسبب كلام جمال، قلع عبد الرحمن الحظاظة ودخل اوضته عشان يغير هدومه ويجي يتعشا معانا، بس عبد الرحمن بعد ما غَير هدومه خرج من اوضته وقالي انا ابوه..
-بقولكوا ايه، اتعشوا انتوا، انا مش جعان.
قرب منه ابوه وقاله بهدوء..
-جرى ايه يابشمهندس، انت زعلت مني عشان قولتلك اقلع الحظاظة ولا ايه؟!.. والله العظيم ياابني انا قولتلك كده عشان خايف عليك، انت مش شايف شكلها عامل ازاي؟!
ابتسم عبد الرحمن في وش ابوه وباسه من خده..
-وانا من امتى بزعل منك ياحبيبي، وبعدين حظاظة ايه دي اللي هزعل منك عشانها، انا فعلًا شبعان وحاسس ان بطني مليانة ومش قادر اتعشى، اتعشوا انتوا، وانا لما اصحى الصبح هبقى افطر كويس.
وبعد كلام عبد الرحمن مع جوزي، دخل ينام، واحنا كمان، بعد ما اتعشيت انا وجمال دخلنا نمنا، بس انا بقى اول ما حطيت راسي على المخدة وبعد ما روحت في النوم، حلمت حلم غريب اوي!
حلمت ان انا واقفة في حتة مقطوعة والدنيا من حواليا ضلمة، سكوت، مافيش اي صوت غير صوت ماية تحت رجلي، وبسبب الصوت، وطيت وبصيت تحتي عشان الاقي كارثة، انا كنت واقفة في وسط ماية ريحتها وحشة اوي، زي ما تكون ترعة او ماية مجاري، ماكنتش قادرة احدد بالظبط، لكن اللي كنت قادرة احدده كويس واللي شوفته بسبب نور القمر؛ هي ملامح ابني.. شوفتها جوة المياة اللي كانت واصلة لحد ركبتي!
ايوه.. عبد الرحمن ابني كان نايم في الماية وفاتح بوقه وكأنه بيغرق!.. مديت ايديا الاتنين ومسكت راسه، كنت عاوزة انجده او اطلعه من الماية اللي ريحتها وحشة دي، لكن مافيش، ابني راسه كانت تقيلة اوي، ده غير جسمه، كان زي اللي لاصق في الماية دي.. صوتت، صرخت، فضلت انادي بعلو صوتي عشان حد ينجدني او يساعدني اخرج ابني، لكن كل ده كان من غير فايدة، الدنيا من حواليا كانت هُس هُس، مافيش صريخ ابن يومين!.. ومع يأسي وخوفي على ابني اللي كان خلاص بيطلع في الروح، اضطريت ان انا كمان انزل معاه واشده بعزم ما فيا، إنما للأسف برضه ماعرفتش.. وفي وسط الماية والريحة القذرة وغرق ابني جواها، ظهرت تعابين كتير حواليا، تعابين سودة وجسمها عريض ماعرفش جُم منين، دول في ثواني ملوا الماية اللي انا واقفة في وسطها، وفضلوا يكتروا ويكتروا لحد ما ابني اختفى وسطهم!.. وفي اللحظة دي، حسيت ان حاجة شدتني من رجلي ووقعت انا كمان جوة الماية عشان الدنيا تسود من حواليا ونفسي يتكتم!
يتبع
(ده الجزء الاول من قصة الحظاظة.. وهي تجربة حقيقية ارسلتها احدى المتابعات.. وبكرة بإذن الله وفي نفس المعاد هينزل الجزء الثاني.. دمتم طيبين)
الحظاظة
(٢)
حسيت ان حاجة شدتني من رجلي ووقعت انا كمان جوة الماية عشان الدنيا تسود من حواليا ونفسي يتكتم!
(اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. خير اللهم اجعله خير)
لما قومت من النوم وانا مفزوعة، غصب عني قولت كده، وبسبب كلامي وصوتي العالي، صحي جمال وبص لي باستغراب..
-في ايه يابثينة؟!.. مالك؟!
-كابوس.. كابوس وحش اوي ياجمال.
-طب استهدي بالله واشربي شوية ماية واقري قرأن ونامي.
قالي جمال كده واداني ازازة الماية من الكومودينو اللي جنبه ونام، اما انا بقى، فبعد ما شربت وقريت قرأن، ماعرفتش انام، انا فضلت صاحية لحد ما النهار طلع، ومع طلوع الشمس روحت في النوم وفضلت نايمة لحد الضهر، وقتها طبعًا كان جمال نزل شغله وماكنش في حد في البيت غيري انا وعبد الرحمن.. قومت من على السرير ودخلت احضر الفطار، وبعد ما حضرته ودخلت اصحي ابني عشان يفطر معايا، رد وقالي انه تعبان وعاوز ينام شوية.. ماخدتش في بالي وسيبته ينام، وفي نغس الوقت قولت بيني وبين نفسي، ده اكيد تعبان من كتر المذاكرة وقت الثانوية، او ممكن يكون مثلًا تعبان من الخروج مع اصحابه ومحتاج ياخد كفايته في النوم، بس الحقيقة ان كل كلامي لنفسي كان غلط.. انا على العصر كده ووقت ما كنت بحضر الغدا، قلقت، عبد الرحمن عمره ما نام للعصر!
سيبت الاكل اللي كنت بعمله ودخلت عليه وانا مصممة اني اصحيه عشان ياكل..
-عبد الرحمن.. يابشمهندس عبده، قوم ياابني احنا بقينا العص..
وانا بتكلم سكتت فجأة لما لاحظت حاجة غريبة، ريحة الأوضة كانت وحشة اوي، لا ومكانتش اي ريحة وحشة والسلام، دي كانت نفس الريحة اللي شميتها في الحلم، ريحة ماية المجاري!
قربت من ابني عشان اقومه او اشوف الريحة دي مصدرها ايه، لكن الكارثة ان الريحة كان مصدرها ابني نفسه، وياريتها جت على الريحة وبس، ده السرير بهدوم عبد الرحمن كانوا غرقانين ماية، والظاهر كده ان الماية دي هي السبب في الريحة!
زقيته، مافاقش، ولأنه كان نايم على وشه، فانا قربت منه وعدلته، وساعتها خدت بالي من المصيبة التانية، الماية اللي مغرقة السرير وجسم ابني كان مصدرها بوقه!
برقت وابتديت ازق فيه وانا مذهولة..
-عبد الرحمن.. مالك ياابني، فوق ياحبيبي، كلمني ياابني وقولي فيك ايه؟!!!
الواد ماكنش بينطق، هو بس فضل يكح وياخد نفسه بالعافية!.. وقتها ماحستش بنفسي وكل اللي عملته اني خرجت برة الاوضة، روحت ناحية باب الشقة وفتحته وصرخت بعلو صوتي..
-الحقووني.. الحقوني ياناس ابني بيموت، الحقوني ياعالم ابني بيروح مني.
ولأننا عايشين في منطقة شعبية، فالجيران اتلموا في ثواني، ومن ضمن الجيران اللي اتلموا كان راجل عنده صيدلية، الراجل ده فضل يخبط على صدر ابني لحد ما الحمد لله، خرج ماية كتير من بوقه وبعدها ابتدا يفوق!
سندته ودخلت بيه الحمام وقلعته هدومه ونضفته كويس، وفي وقت ما كنت في الحمام، الجيران اللي كانوا ملموين في اوضة ابني ومن غير ما اقولهم والله، شالوا الغيار بتاع السرير ونضفوا الأوضة كويس وساعدوني اني انيمه على سريره، وبعد ما كل حاجة بقت تمام والأوضة نضفت، بصيت لابني وسألته..
-ها ياحبيبي، بقيت احسن دلوقتي؟!
لكن لأ، ابني ماكنش كويس، عينينه كانت شِبه مغمضة وكان بيتنفس بالعافية.
-انا.. انا بطني بتوجعني اوي ياأمي.
لما قالي كده، ابتديت اعيط، ومع عياطي اتدخل جارنا الصيدلي وقالي..
-شوفي ياام عبد الرحمن، ابنك شكله كده شرب حاجة مش تمام او ماية ملوثة، او ممكن يكون أكل أكله مش تمام، بصراحة مش قادر احدد، لكن انا شايف انك تاخديه وتروحي بيه على اي مستشفى.
واللي قاله الصيدلي عملته، ماستنتش، لبست عبد الرحمن وخدته وجريت بيه على اقرب مستشفى، بس طبعًا قبل ما انزل كنت اتصلت بجمال وحكيتله على كل اللي حصل، وبسبب اتصالي وبعد وصولي للمستشفى بشوية، ووقت ما عبد الرحمن كان مع الدكاترة، جه جمال وهو قلقان وخايف..
-ابني ماله يابثينة؟!
رديت عليه وانا عمالة اعيط وجسمي كله بيترعش..
-مش عارفة ياجمال، مش عارفة، انا لما جيت اصحيه لقيت سريره وهدومه غرقانين ماية ريحتها وحشة اوي، والماية اللي كانت مغرقاه ومغرقة السرير كانت خارجة من بوقه.
وانا بتكلم مع جمال وبحكيله اللي حصل بالتفاصيل، خرج الدكتور وبص لي..
-اطمني، خير ان شاء الله.
بص له جمال وسأله بقلق..
-ابني ماله يادكتور، ايه اللي جراله؟!
لما الدكتور عرف ان جمال ابوه، حط ايده على كتفه وقاله..
-ماتقلقش، هو هيبقى كويس، احنا لما المدام حكت لنا على اللي حصل، عملناله غسيل معدة وعلقنا له محاليل، الظاهر انه أكل أكلة مش تمام او شرب حاجة ملوثة، وعلى كل حال احنا مش هنخرجه من هنا إلا لما نتأكد انه بقى تمام وانه ياكل.
بعد ما الدكتور خلص كلامه دخلنا نبص على ابني، كان نايم على السرير وباصص في السقف ومابيردش علينا، كأنه في دنيا تانية، وفضل على الحال ده لحد ما بعد شوية فاق، او هو مش فاق بالمعنى الحرفي، هو بقى قادر يتكلم وقال انه عطشان.. وقتها الدكتور جاله وطمننا انه بقى احسن، وبعد ما شرب عصير وأكل حاجة خفيفة، خدنها وروحنا البيت، وطبعًا بعد ما روحنا ابوه سأله..
-عبد الرحمن، قولي بصراحة، انت كلت حاجة مع اصحابك ياابني؟!
بس عبد الرحمن رد عليه بالعافية وكان باين اوي انه لسه تعبان..
-لا يابابا.. والله العظيم انا ما كلت حاجة مع اصحابي.. انا طول اليوم امبارح ماكلتش، لا من الشارع ولا حتى من البيت.
ومن هنا ابتدت الحيرة وفي نفس الوقت ابتدت معاها المصايب، من اليوم ده وابني مابقاش زي الأول، ده من بعدها بيوم، او بالظبط يعني من بعد رجوعنا من المستشفى بيوم وهو لا بقى قادر ياكل ولا يشرب، كل ما ياكل او يشرب عصير، يجري على الحمام ويجيب كل اللي في بطنه، والاغرب من كل اللي بيحصل ده انه ماكنش بيرجع الاكل وبس، ده كمان كان بيرجع مايه ريحتها وحشة اوي، زي ما تكون ماية مجاري، ومش ببالغ لما بقول كده، اقسم بالله الماية اللي كان بيرجعها والماية اللي كانت مغرقاه يوم ما كنت بصحيه عشان ياكل، هي هي نفس ريحة الماية اللي شميتها في الحلم، ده غير انها هي هي نفس ريحة الماية اللي كنت بشمها وقت ما تكون أي بلاعة طافحة، ايوه ماية مجاري، انا مابيتهيأليش ولا بكدب، وعشان كده وبسبب ان ابني كان خلاص ابتدا يتصفى، لفينا بيه على عدد كبير من الدكاترة، والحقيقة ان لفنا عليهم كان من غير داعي، كلهم ماقالوش حاجة مفيدة.. اللي يقولنا ده عنده سوء تغذية ويكتبله على فيتامينات، واللي يقولنا ان عنده ميكروب في المعدة ويكتبله على علاج ويفضل ياخده لمدة ايام، واللي يقول لا، ده عنده مشكلة في الكلى ولازم نعمله تحاليل، وبعد ما نعمل التحاليل وبعد كل العلاجات اللي بيفضل ياخدها على مدار أيام، نكتشف في الاخر انه لا عنده مشكلة في الكلى ولا في المعدة، وفي نفس الوقت برضه كانت حالته زي ما هي، كل ما ياكل حاجة، يرجعها، وطبعًا الماية اللي ريحتها وحشة دي كان تملي بيرجعها مع الأكل.. واهو، من الدكتور ده للمستشفى دي والحال هو الحال، ده حتى التنسيق لما نزل، جمال راح جابله الورق وكتبله الرغبات واتقبل في هندسة، لكن كل ده من غير أي فرحة، انا ابني خس النص، بقى طول الوقت شارد وعينيه صفرا ومافيش أكل بيثبت في معدته، ومع العك ده كله ومع مرض ابني الغير المبرر، جت لي واحدة جارتي عشان تزورني، ام هادي، الست اللي ساكنة قدامي، بعد ما دخلت وقعدت معايا في الصالة وشافت حالة الحزن اللي انا فيها، بصت لي وبصت للشقة وبعد كده قالتلي بقرف..
-الا قوليلي ياام عبده، انتي مش ملاحظة ريحة غريبة طالعة من شقتك؟!
رديت عليها وانا حاطة ايدي على خدي..
-لا ملاحظة، بس هعمل ايه، انا تعبت، تعبت وزهقت، دي الريحة دي من يوم مرض ابني وهي معشسة جوة الشقة، مع اني والله العظيم كل يوم بغسل وبمسح، وبرضه من غير فايدة، انا مش عارفة بس ايه اللي صابنا؟!
-اه، قولتيلي بقى، يعني انتي بتغسلي وتمسحي والريحة زي ما هي، لا والريحة المعفنة دي ملازمة الشقة من يوم تعب ابنك، طب وكل اللي بتحكيه ده يااختي ماخلاكيش تلاحظي حاجة؟!
-حاجة ايه ياام هادي؟!
-يعني.. تعب ابنك اللي مالوش علاج ولفكوا بيه عند الدكاترة من غير ما تلاقوا حل، ريحة المجاري اللي طالعة من الشقة زي الهبو، ده غير حالكوا اللي بقى في النازل.. ايه، كل ده ماخلاكيش تفكري انكوا ممكن يكون معمولكوا عمل؟!
-عمل!.. عمل ايه ده ياام هادي اللي هيخلي الواد بالشكل ده، وبعدين مين اللي هيعملنا عمل، ده احنا عمرنا ما أذينا حد ولا حتى لينا عداوة مع جنس مخلوق!
-ايوه ياحبيبتي، انا معاكي في اللي انتي بتقوليه، انتوا فعلًا عمركوا ما أذيتوا حد وطول عمركوا في حالكوا، بس مش كل اللي بيأذوا، بيعملوا كده عشان حد أذاهم، في ناس بتأذي عشان هي مؤذية.. بس ماتقلقيش، سهلة وملحوقة بإذن الله، انا اعرف واحدة مبروكة انما ايه، ست قادرة وواصلة، ايه رأيك لما اكلمهالك واخليها تيجي ترقيكي وترقي الشقة وترقي الواد عبد الرحمن؟!
-لا لا لا.. مبروكة ايه وترقي مين، لا طبعًا ماتكلميهاش ولا تخليها تيجي، ده جمال لو سمع الكلام ده، او لو حتى عرف اني ممكن اطاوعك فيه، اقل ما فيها انه يطلقني.
-ماشي ياحبيبتي، اللي تشوفيه، وعلى العموم انا قولتلك اللي عندي، فكري في كلامي وشوفي هتعملي ايه، ولو غيرتي رأيك خبطي عليا، بابي قدامك اهو وانا طول النهار قاعدة في البيت، بالأذن.
بعد ما خلصنا كلامنا وسابتني ومشيت، دخلت ابص على ابني، كان زي ما هو، مش قادر لا يتكلم ولا ياكل وجسمه مفرود على السرير زي اللي مضروب علقة موت، بس مع منظر ابني والريحة الغريبة اللي صابتنا من يوم ما تعب، افتكرت كلام ام هادي، ايوه، ليه لأ، ليه مايكونش معمولنا عمل وهو السبب في اللي احنا فيه، بس لأ، انا مش هعمل حاجة من ورا جمال، انا هستناه لما يجي وهقوله.. وقولتله، بعد ما رجع جمال من الشغل، ووقت ما كنا قاعدين وشايلين الهم بسبب اللي صابنا، بصيتله وانا عنيا بتدمع وقولتله..
-بقولك ايه ياابو عبده، انا شايفة ان اللي بيحصلنا ده مش طبيعي.
-مش طبيعي ازاي يعني؟!
-يعني.. انا شايفة ان حد عاملنا عمل.
ضرب كف بكف وردعليا وهو متعصب..
-لا حول ولا قوة إلا بالله، على اخر الزمن يابثينة هنرمي الابتلاء اللي صابنا على الأعمال والسحر والشعوذة، ده انتي ناقص تقوليلي خد الواد ووديه لشيخ.
-وايه المانع يااخويا، ايه المانع، ما احنا وديناه لدكاترة ياما وماحدش فيهم قدر يشفيه، ما نجرب، خلينا نجرب المشايخ، ولو مانفعش، يبقى ماخسرناش حاجة.
-لا يابثينة، هنخسر، وهنخسر كتير كمان، هنخسر ديننا واخرتنا، اللي بيستعين بغير الله بيعتبر مُشرك.. ايه، عايزاني اكفر على اخر الزمن؟!
-لا اله الا الله.. والله العظيم ما اقصد، انا كل اللي اقصده اننا نجيب حد يرقي البيت ويرقي الواد… هي الرقية الشرعية بقت كُفر؟!
-يووه.. انا مش هخلص معاكي الليلة دي، انا هقوم انام، تصبحي على خير.
ودخل جمال عشان ينام، اما انا، فانا طول الليل فضلت سهرانة وانا بعيط، كنت تايهة ومش عارفة اعمل ايه، ابني البكر بيضيع مني، وبيتي واحدة واحدة ابتدا يتقلب لجهنم، بس وقت ما كنت سهرانة وبعيط، فجأة سمعت ابني وهو بيصرخ!
قومت من مكاني جري ودخلت عليه، كان نايم على سريره وعمال يرجع نفس المايهاللي ريحتها وحشة، هي ماكانتش مايه غامقة ولا سودة، هي كانت ماية عادية، لكن ريحتها القذرة خلتني صرخت بعلو صوتي..
-ياجمال.. الحقني ياجمال، ابنك بيمووت.. الحقني.
يتبع
(ده الجزء التاني من قصة الحظاظة.. وهي تجربة حقيقية ارسلتها احدى المتابعات.. وبكرة بإذن الله وفي نفس المعاد هينزل الجزء التالت والأخير… دمتم طيبين)
الحظاظة
(٣)
-ياجمال.. الحقني ياجمال، ابنك بيمووت.. الحقني.
صحي جمال وجالي جري، وبمجرد ما شاف الحالة اللي ابننا فيها، شاله ونزل بيه جري عالمستشفى، وكالعادة؛ الدكاترة عملوا له غسيل معدة وبعدها بقى أحسن شوية وخرج من المستشفى، لكن جمال من بعد اللي حصل، او بالتحديد يعني، تاني يوم الصبح، سابنا ونزل، راح لابوه وحكاله على كل اللي بيحصلنا وبأدق التفاصيل، وفي وسط كلامه قاله انه شاكك ان في حد عامل لنا عمل، ايوه.. اخيرًا جمال اقتنع بكلامي، وبعد ما حكي لحمايا وقاله انه بيدور على شيخ يرقينا او يعرف سبب اللي جرالنا، رد حمايا وقاله انه يعرف راجل تقي وبيعالج بالقرأن، الراجل ده كان شغال معاه زمان واسمه الحاج عبد الفتاح، ورث الرقية والعلاج بالقرأن من ابوه الله يرحمه، ولحسن الحظ انه كان لسه على اتصال بيه ويعرف عنوانه.. ولأن حمايا كان مصدق جوزي وشايف ان اللي بيحصلنا ده مش طبيعي، خد جمال وراحوا للشيخ عبد الفتاح وحكوا له، والراجل مشكورًا قالهم هاتوا عبد الرحمن عشان ابص عليه، وفعلًا.. تاني يوم روحناله، الراجل كان عادي، لا هو شيخ زي اللي بنسمع عنهم في الافلام، ولا كان حاطط قصاده مبخرة ولا لابس جلابية وماسك سبحة، هو كان راجل عادي، لابس قميص وبنطلون وعايش هو ومراته في شقة جوة منطقة شعبية، اول ما دخلنا عليه وقعدنا معاه في صالون شقته، فضل باصص لعبد الرحمن شوية، بس ابني ماكنش معانا، ابني كان زي عوايده في الفترة الاخيرة، هايم، سرحان، في دنيا غير دنيتنا وجسمه تقريبًا سايب، وبعد دقايق من السكوت ومن نظرات الشيخ لعبد الرحمن، بص لي وسألني..
-قوليلي ياام عبد الرحمن، ايه اللي حصل، او اقصد يعني احكيلي من البداية خالص… من اول مرة عبد الرحمن تعب فيها.
بعد ما سألني ابتديت احكيله وانا بعيط، ماقدرتش امسك نفسي وانا بوصفله حالة ابني من اول ما تعب لحد ما احنا قاعدين قصاده، اما هو، فكان بيسمعني وهو ساكت، مابيعلقش، وبعد ما خلصت بص لجوزي وقاله..
-كده انا تقريبًا لميت الحكاية كلها، ماتقلقش يااستاذ جمال، ابنك هيبقى بخير بإذن الله.
بعد ما قال كلامه ده، قام وسابنا، وبعد دقايق، رجع وهو في ايده كوباية ماية، ادهالي وقالي بابتسامة مُريحة..
-اتفضلي.. شربيه المايه دي كلها، وماتخافيش، دي مايه عادية، بس مقري عليها.
خدت منه الكوباية وشربت عبد الرحمن، كان بيشرب بالعافية وكأنها ماية نار، والغريب هنا بقى ان ابني بعد ما شرب بشوية، ابتدا يصرخ ومسك بطنه وسأل عالحمام، دخلت انا وهو على المكان اللي الشيخ عبد الفتاح قالنا ان ده الحمام، وساعتها عبد الرحمن انفجر في الترجيع، ماكنش بيرجع نفس الماية اللي ريحتها وحشة، لا، ده كان بيرجع مادة غامقة ولزجة، اقرب للدم المتجلط، ومع ترجيعه كان بيصرخ بشكل غريب وهو ماسك بطنه، وعند نهاية ترجيعه للمادة الغريبة دي واللي كانت ريحتها اسوء من ريحة المايه بكتير، خرجنا وقعدنا في الصالة، بس.. بس ابني وقتها كان حاله اتغير، ماكنش تعبان ولا ساكت ولا جسمه سايب، هو اه كان باين عليه التعب والارهاق، لكنه كان فايق وباصص لنا وابتدا يتكلم بصوت مسموع..
-انا.. انا مش عارف مالي، بس انا حاسس ان كان في تقل في بطني وراح.. زي ما يكون.. زي ما يكون جبل وانزاح من على صدري.
بص له الشيخ وابتسم..
-كده اقدر اقول حمد لله عالسلامة..
وبعد كده بص لجمال وقال له..
-مش قولتلك، بسيطة بأمر الله.
استغرب جمال من كلام الشيخ وسأله..
-يعني ايه؟!.. ابني كده خف؟!
ريح الشيخ ضهره وقاله بضيق..
-يعني، نقدر نقول انه قرب يخف، بس انا في حاجة اخيرة لازم اعملها، وعشان اعملها لازم افهمك اللي انتوا مريتوا بيه، ابنك ياجمال ياابني كان معموله عمل سُفلي بالموت، والعمل ده اتعمل بحاجة من ريحته واترمى في مكان فيه ماية مجاري، او ممكن في بلاعة مثلًا، او وارد جدًا يكون اترمى في ترعة، لكن العمل عشان يكمل ويدي المفعول القوي ده، لازم يكون متوصل بيه، يعني لازم يكون في جزء تاني منه، هدوم بقى، عمل برضه، طلسم، حجاب، المهم انهم يكونوا ملازمين لابنك او لبيته.
رد جمال على الشيخ وهو باصص له بتركيز..
-مش فاهم، يعني ابني هيفضل تعبان كده ولا ايه؟!
-لا، ابنك دلوقتي طرد من جسمه العَرض، يعني الاصابة اللي اتسببله فيها العمل، انما لو لمس الجزء التاني من العمل، هيتعب تاني، يعنيهنبقى ماعملناش أي حاجة.
-طب والعمل ياشيخ؟!
لما سألته السؤال ده، جاوبني وهو بيبص لجمال..
-البيت عندكوا.. انا لازم اعملكوا زيارة، والنهاردة.
كلام الشيخ واللي عمله، خلوا جمال يصدقه وفعلًا جه معانا، وبعد ما وصلنا وابتدا الشيخ يقرا قرأن في كل مكان، كان حاسس بضيقة وخنقة، لكن في اوضة عبد الرحمن بالذات، كان عمال يعرق وقال انه حاسس بتقل غريب في راسه، وبسبب احساسه ده، خلانا نفتش الأوضة وهو موجود عشان نوصل للجزء التاني من العمل، او بالظبط، للجزء اللي ملازم عبد الرحمن، ومع تدويرنا في الأوضة خرجنا كل حاجة من الدولاب، ومن ضمن الحاجات اللي خرجناها، كانت هي؛ الحظاظة!
لما الشيخ شافها مسكها وبص لها باستغراب، وفي حركة غريبة منه، قربها من مناخيره وبعد كده بص لنا بقرف..
-ايه القرف ده؟!.. هاتولي بنزين او سبرتو بسرعة.
وبمجرد ما جيبناله السبرتو ودلقه على الحظاظة وولعها في الحمام، طلعت منها ريحة وحشة اوي، ده غير ان ابني وقتها معدته وجعته، وفضل الوجع ملازمه لحد ما النار كلت الحظاظه وخلتها عبارة عن حتة حديد ورماد، وبعد ما كل حاجة خلصت، مسك الشيخ رماد الحظاظة ورماه في قعدة الحمام وشد السيفون، وبعدها، خرجنا كلنا وقعدنا في الصالة والشيخ ابتدا يوجه كلامه لجمال..
-البتاعة اللي انا ولعت فيها دي كان منقوش على الجلد الصناعي بتاعها طلاسم، وبنسبة كبيرة هي دي الجزء التاني من العمل، انا اول ما مسكتها حسيت برعشة خفيفة في جسمي، ولما قربتها من مناخيري شميت منها نفس الريحة اللي مسيطرة على الشقة، بس بشكل اقذر وبتركيز اكبر، انتوا جيبتوها منين البتاعة دي؟!
بعد ما الشيخ قال كده، رد عليه عبد الرحمن اللي كان ابتدا يفوق..
-انا ماجيبتهاش، بصراحة كده الحظاظة دي عمتي هي اللي جابتهالي، من كام شهر كانت عندنا ونزلت في زيارة للأوليا، ولما رجعت وجابت لكل اللي في البيت هدايا، جابتلي انا كمان الحظاظة دي، بس عشان ابويا راجل متدين ومابيحبش الحاجات دي، فعمتي خدتني معاها لاوضتي واديتهالي من غير ما حد يشوفنا، ووهي بتديهالي قالتلي انها جابتهالي عشان كل الشباب اللي في سني بيلبسوا حاجات زي دي، ولأنها عارفة ان ابويا مش هيرضى يخليني اخدها ولا البسها، قالت انه من الأفضل يعني انها تديهالي بعيد عنهم، ده انا حتى لما لبستها وانا خارج، وابويا شافني وانا لابسها اول ما رجعت، كدبت وقولتله اني اشتريتها من برة عشان ماتسببش في مشاكل بينه وبين عمتي.
اول ما عبد الرحمن وصل لحد هنا، صرخت بعلو صوتي وقولت لجمال ولحمايا..
-رجاء، هي السبب، منها لله، استكرت عليا انها تشوفني فرحانة بابني، ايوه.. انا متأكدة انها هي اللي عملت فيه كده، انتوا ماشوفتوش كانت بتبصله ازاي يوم النتيجة؟!
ولحد هنا خلص دور الشيخ اللي طمننا وقالنا ان عبد الرحمن هيبقى كويس وهيتحسن اكتر واكتر مع الوقت، ولو تعب او حصلت له اي حاجة تانية، فبابه مفتوح لنا وممكن نزوره في اي وقت، اما جمال بقى فبعد ما شاف كل اللي شافه وبعد ما عرف بموضوع الحظاظة من عبد الرحمن، لا وكمان بعد ما عبد الرحمن نفسه اتحسن وبقى أفضل وابتدا ياكل، وابتدت الريحة اللي في الشقة تروح.. جمال خد بعضه وراح لاخته في اسكندرية، اتخانق معاها وزعق لها وواجهها بكل اللي عرفه، وبعد ما قالها اللي حصل معانا، حلف انه مش عايز يعرفها تاني ولا عايز يشوف وشها، لكن تعرفوا المصيبة فين، المصيبة انها ما أنكرتش، دي قالتله انها فعلًا عملت لابني عمل عشان هو احسن من بنتها وعشان حياة جمال احسن من حياتها، وطبعًا لما جمال سمع منها الكلام ده، ضربها بالقلم وسابها ومشي، واهي، السنين مرت وابني دخل كليته وحياتنا بقت أفضل من وقت ما قاطعنا رجاء، اما رجاء نفسها بقى، فبعد اللي حصل بفترة اتخانقت مع جوزها وطلقها، طب ودلوقتي؟.. دلوقتي هي قاعدة في بيت حمايا.. بيت حمايا اللي بسبب وجودها فيه انا وجمال جوزي وعبد الرحمن ابني عمرنا ما هندخله، ايوه عمرنا ما هندخل بيت عايشة فيه واحدة كانت السبب في إننا عيشنا أسود أيام حياتنا، وكل ده ليه، بسبب الحقد والكره اللي مالين قلبها، الحقد والكره اللي خلوها بكل بساطة تعمل عمل سُفلي لابن اخوها.. عمل من جزئين، جزء اترمى في نجسة زي ماية الصرف الصحي او ترعة، وجزء تاني كان متوصل بيه وبابني عن طريق طلسم اتنقش على جلد حظاظة.
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى