قصص

قصه العربيه

من وقت ما حصلت الحادثة بطلت أسوق العربية، كانت صادمة بالنسبة ليا، اتعرضت لخوف ورعب محستش بيهم قبل كده في حياتي.
من شهر العربية كانت عند الميكانيكي بسبب عطل بيحصل فيها كتير، غير شوية قطع وظبط الدنيا وبدأت اتحرك بيها. الدنيا كانت تمام أول يوم لما اخدت مراتي والعيال معايا وروحنا لحماتي. تاني يوم وانا رايح الشغل الوضع اتغير!
قافل الازاز، مشغل التكييف، الراديو صوته رايق، لحد ما حسيت أن في حد معايا في العربية! سامع صوت زعيق خفيف جاي من كل حتة! صوت واحدة وواحد وعيل بيعيط!
افتكرت الراديو بيخرف، وقفته، الصوت لسه مكمل، لمحت في المراية الوسطانية وش عيل صغير بيبصلي بخوف! ضغطت فرامل من الخضة والعربية اللي ورايا كانت هتخبط فيا.
عدلت المراية وركنت على جنب وبصيت ورايا ملقتش حاجة، حتى الصوت اختفى!
كملت طريقي وقولت اكيد تهيؤات من التوتر مثلا، لحد ما دخلت نفق، الدنيا ضلمة، وصوت الكلاكسات بيتضخم، لمحت تاني في المراية وش واحدة ست، وشها ابيض خالص وشعرها نازل على وشها، عينها مغمضة وبقها دقيق جدا زي ما يكون ممسوح!
قبل ما استوعب فتحت بقها وسمعت صرخة قوية جدا بس رفيعة وحسيت بالعربية بتتهز مني وكنت هفقد السيطرة عليها لولا أني مسكت الدريكسيون جامد واتفاديت العربية اللي جاية من يميني وركنت وانا فاتح عيني بالعافية!
نزلت من العربية وفتحت الكشاف بتاع الموبايل والباب اللي ورا وبصيت كويس، مفيش حاجة، بس اكيد في سر للي بيحصل، انا مش بيتهيألي كل ده!
بدأت ادور حوالين العربية ولقيت نقط سودا نازلة من تحت العجلة اللي ورا على الأرض! وطيت ومسحتها وشميتها، لزجة، ريحة وحشة زي ما تكون كبريت سايل!
طلعت الموبايل اكلم الميكانيكي لقيت مفيش شبكة في النفق، سمعت صوت جاي من العربية! طفل!
“بابا انا خايف” كان بيقول كده، صوت واحدة بترد “متخافش يا صادق متخافش” صوت راجل بيزعق “العربية مش بتقف”!
قربت من العربية وبصيت بخوف، قلبي بيدق بسرعة، قدامي خيالات بس مش بني ادمين! واحد قدام وجنبه مراته وعيل ورا، فجأة التلاتة بصولي في نفس اللحظة واختفوا!
فكرت أسيب العربية بس دي عليها اقساط! النفق فاضل عليها اقل من ٢٠٠ متر، لازم أخرج بيها من هنا لبرا واتصل بالميكانيكي افهم هو هبب ايه!
الخوف مكلبشني، مش متخيل اني اركب تاني! فتحت الباب وسميت الله وبدأت اقرأ قرآن وحطيت رجلي بتوتر على البنزين وبدأت اتحرك بالعربية وانا فاتح الباب ومدّي انتظار.
العربية بتتحرك براحة، جسمي عرقان من الخوف والحر، اصوات الكلاكسات بتاعت عربيات النفق وترتني، بصيت في الكنبة اللي ورا لقيت الولد قاعد وباصصلي! غمضت عيني بسرعة وقريت قرآن بصوت اعلى، الخوف زاد، حسيت بحاجة بتمسك أيدي على الدريكسون، صرخت، كانت ايد مشعرة! ضغطت فرامل ونزلت وبصيت لقيت واحد قاعد على الكرسي ووشه مشوه، كله جروح، ابتسم وبص وراه! بصيت وراه زي ما بص لقيت الطفل اللي واضح انه ابنه بيعيط!
رجعت بعيني للراجل لقيته اختفى! فضلت واقف قدام العربية، عايز اعيط! قررت اطلع برا النفق مشي واتصل بالراجل. قفلت العربية كويس وبدأت أتحرك، سمعت صوت خربشة في صاج العربية، وفي علامات بتترسم عليها محفورة! كلمة! “نقل”!
يعني ايه؟! مفهمتش! مديت بسرعة لحد ما خرجت من النفق واتصلت بالميكانيكي. “ألو، ايه يا حاج سمير العربية ملبوسة ولا ايه مش فاهم”؟!
رد “ملبوسة إزاي يا محمد بيه؟ عملت معاك إيه دي بقت عروسة”! رديت بعصبية: “أه عروسة وعريس ومعاهم ابنهم”! مفهمش! كملت وأنا باصص على العربية من بعيد في النفق: “العربية فيها أصوات غريبة وبشوف فيه عفاريت يا عم سمير”!
الراجل سكت ثواني وبعدها نادى لحد “ياض يا مسعود، إنت حطيت في الفيرنا الرمادي قطع من عربية الحادثة”؟
سكت كده ومستوعبتش، حادثة إيه! قولتله بخوف “حادثة إيه يا حاج”؟! رد عليه وواضح أن مسعود قاله “أه”. “معليش يامحمد بيه غلطة، هي عربية فقر من ساعة ما جت محرج عليهم محدش يطلع منها قطعة لحد ما اتخلص منها”. وكمل وصوته فيه خوف شوية: “دي عيلة عملت حادثة وماتت بس دمهم لمس كل حاجة في العربية من قوة الخبطة ومن وقتها وبنحس بحاجات غريبة والعيال بيتهيأ لها أنهم بيشوفوا حد جواها رغم أنها محدوفة في أخر الورشة”.
الكلام صدمني، بس فهمت! العربية ملعونة وعملت حادثة والأسرة دي ماتت فيها وعايزين يموتوني زيهم! “القطعة دي إيه يا معلم وأنا أفكها طيب”؟ قولتها والراجل رد بحزن شوية: “تفك إيه يا بيه، هاتها بس وخد بالك وأنت سايقها ومتشيلش هم، هنفكها ونركب غيرها”!
بصيت على العربية لقيت جواها ظلال الراجل بيتحرك وجنبه الست! الخوف اتمكن مني. “مينفعش يا حاج تبعت حد يفكها هنا طيب”؟ صوتي كان خايف وأنا بقولها، والراجل رد بتريقة شوية: “يا بيه متخافش، هاتها بس بسيطة”.
قفلت معاه ورجعت للعربية، لازم أرجع بيها للميكانيكي علشان أخلص من اللعنة دي! عيني جت على مكان الخربشة على الصاج لقيتها اختفت! كان بيتهيألي! مسكت مقبض العربية وفتحت وقعدت وأنا جسمي متلبش، إحساس أن حد معايا في العربية ومش شايفه مخيف، الأنفاس اللي حاسس بيها ورايا وجنبي رعباني، الكرسي الدافي كأن في حد كان قاعد مكاني من ثواني مخليني مش متخيل إزاي هتحرك بيها!
استعذت بالله من الشيطان الرجيم وبدأت اقرأ قرآن تاني واتحركت بالعربية، مشيت وبدأت أزود السرعة شوية، حاسس إن في حد جنبي بيبصلي! حاولت أركز في الطريق قدامي، المراية قدامي جايبة الطفل ورايا قاعد! حاولت مركزش! الست بتدندن في العربية بس كأني مش سامع حاجة.
ماسك أعصابي بالعافية، طلعت الدائري والمفروض أخد أول نازلة علشان أروح للراجل، الطريق سالك، زودت السرعة، الأنفاس حواليا سامعها، شايف بخار مياه بارد رغم أن الجو حر زي ما يكون حد بيتنفس جامد في التلج! العربية بتشد أكتر، عايز أخلص، نزلت النزلة، قربت أوصل، سمعت صوت طقطقة جامدة، الست ورايا شايفها في المراية عينها بتبرق جامد، وشها بقى مخيف جدا، بتكشر، شعرها منكوش، صرخت جامد تاني ومقدرتش أمسك نفسي ورفعت إيدي على ودني جامد ودوست فرامل!
فوووووووووووووووووووو العربية وقفت ولسه هنزل منها أهرب لقيت حاجة بتقع قدامي من على الدائري!
عربية ربع نقل!
اتقلبت قدامي ونزلت على بعد أمتار مني ولولا أني وقفت كنت هموت!
قلبي دق بسرعة، مش مستوعب، بصيت ورايا ملقتش الست! ملقتش الطفل، الدنيا هديت! دورت العربية وكملت الطريق وأنا مش مستوعب! صرختها أنقذت حياتي! افتكرت الخربشة “النقل”!
كان تحذير!
وصلت الورشة ونزلت والحاج جري عليها اتطمن أني بخير، اخد المفتاح وإداه للي شغالين معاه وقعد يعتذر لي، لسه مصدوم، مش مستوعب!
“العيلة دي تعرفها يا حاج”؟! قولتهاه. ابتسم “مشوفتش منهم عيبة في حياتهم وعلشان كده محبتش أفرط في العربية لأنها من ريحتهم”!
ابتسمت وحكيتله له اللي حصل، ضرب كف على كف وقعد يردد “سبحان الله”! مش مستوعب، خلصت وقالي: “أنقذوك، اللي اتكوى بالنار مش عايز حد يتكوي بيها”!
ربع ساعة واستلمت العربية وقبل ما أركب وأمشي طلبت منه أشوف العربية بتاعتهم، روحت، كانت متطبقة، وقعت عليها عربية برضه تقريبًا! بس مش مطبقة أوي، وقفت قدام العربية وتمتمت “شكرًا”!
لفيت وركبت عربيتي وقبل ما أخرج بصيت ورايا واتشبهت وجود راجل ومراته وابنه واقفين جنب العربية بيبتسموا ليا!
تمت
عبدالرحمن_دياب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى