

فتحت عيني لقيتني في مكان رطب وضلمة، ولما بصيت فوقيا اكتشفت إني في حفرة عميقة، وعلى حافة الحفرة، شوفت واحد بيردمني بالتراب، وقتها فضلت أصرخ عشان حد ينجدني، ومع ذلك، الشخص ده ماكنش فارق معاه وكمل في اللي بيعمله، واللي أكدلي ده، هي الابتسامة اللي ماكنتش مفارقة وشه وهو بيردم، كإنه بيقولي إنه مش هيسبني، لكن لحظة، أنا ماكنتش في الحفرة لوحدي، كان فيه شخص واقف قريب مني وهو باصص للقمر وفاقد الأمل، ولإني خايف ومش عارف أنا فين ولا ايه اللي جابني هنا، قربت منه وقولتله وانا بتهته في الكلام وببلع ريقي:
-ا ا انا فين، وبعمل هنا ايه؟
مُجرد ما خلصت كلامي، الشخص اللي قدامي نزل راسه وبص لي في عيني وهي الدموع في عينيه:
-انا ماكنتش أعرف إن كل ده هيحصل، بس أرجوك، انقذني.
-أنقذك من ايه يا عم انت، وبعدين ما تتكلم عدل وقولي، احنا فين وايه اللي جابني هنا؟
-احنا في مكان الكل حاطت عينيه عليه وهم متأكدين وعارفين إنهم مش هيقدروا يوصلوله، لكنه وصل وبيفسد فيه، ودلوقتي لازم تحذرهم، مافيش غيرك يا مُراد اللي هتقدر تنقذنا.
-أنقذكوا؟!.. أنا مش فاهم حاجة.. وبعدين انقذكوا من مين؟
-تنقذنا منه، وقريب أوي هتعرفه، أما بقى تنقذ مين، فبص حواليك وانت هتفهم.
في لحظة ما خلص كلامه، المكان كله وصله نور القمر، ومرة واحدة، بعد ما كنت واقف لوحدي، بقى حواليا رجالة كتير، لابسين لبس غريب وبيصرخوا من الرعب، ولإني مش فاهم حاجة لسه، بصيت للشخص اللي كان بيكلمني وقولتله:
-مين دول؟.. أنا مش فاهم حاجة.
-دول قبيلتي.. قبيلة الفهد، أو زي ما قال هو عليها.. قبيلة العقيق الأسود.
**
فوقت من نومي وأنا مصدع وحاسس بحرقان شديد في صدري، وزي ما أنا متعود أعمل مع كل كابوس بحلمه، شديت الموبايل من تحت المخدة وكتبت كل اللي أنا فاكرة من الحلم، ومين عالم، يمكن تبقى قصة جديدة، والمرادي، وبعد بنسيون العِش، هعيش أحداثها، والبداية كانت لما مسكت الموبايل وجيت أكتب كل اللي فاكره، وقتها حسيت بحاجة بتتحرك في الأوضة، ولإن الدنيا ضلمة ومافيهاش أي مصدر للضوء، ماكنتش شايف ايه اللي بيتحرك، عشان كده قولت أفتح كشاف الموبايل، لكن للأسف، البطارية كانت هتفصل والفلاش مش هيشتغل، بكده عرفت إن الظروف كلها ضدي، يعني زي ما بكتب في قصصي بالظبط، ومش بعيد ألاقي حد بيهمس في ودني دلوقتي، وفعلا، ده اللي حصل، بس مش حد بيهمس في ودني، ده صوت مبحوح كان جاي من زاوية الاوضة:
-القصير المكير، الذي يتحدث عنا على الصفحات والإنتر نت.
بمُجرد ما مقال الإنتر نت، عرفت إنه مقلب من مقالب هاني ابن خالتي، عشان كده قومت من على السرير وأنا عامل نفسي مرعوب وبقوله:
-أرجوك.. سيبني، أنا مش هعمل كده تاني، أنا ممكن أبقى مُرشد ليكوا.
-إذا.. أنزلنا عليك العفو أيها القصير المكير.
-يا الهي، لقد تنفست الصعداء، يا لكَ من عفريت مُتقن للغة العربية.. فوق يالا، انت عايز تعمل فيا أنا مقلب، ده أنا على قديمه اللي الله يديمه.
لما هاني عرف إنه اتكشف زي كل مرة، داس على كوبس الكهربا ونوّر النور، بعدها قالي وهو متضايق:
-ايه يا اخي، مافيش مرة كده تسيبني أحس إني نجحت؟
-تعرف ياض يا هاني، مشكلتك إنك عبيط، أه والله، يعني يا أهبل، فيه عفريت يقول انترنت؟
-ماعرفش بقى يا عم، أنا قولت أقول اي كلمتين باللغة العربية، وأنا اش عرفني العفاريت بتقول ايه على السوشيال.
خدته على قد عقله وقربت منه وأنا بقوله:
-سهلة وبسيطة، أنا هفهمك.. العفاريت دول تصنيفات، هتلاقي منهم المتطور، ودول بقى بيتكلموا زيي زيك كده، يعني ليهم في اليوتيوب، الانستا، كده يعني، وخد بالك منهم، لاحسن دول مالهمش أمان، ممكن يكلموك على هيئة واحدة كده ولا كده، وأنت بسم الله ما شاء الله عليك، بتقبل أي أدد بيتبعتلك.
-بقى كده يا برو، بتتريق عليا، ماكنش العشم والله، ده أنا في ضهرك وبحبك، ولولايا، ماكنتش الناس هتحب قصة البنسيون، الله يكرمه خيرولا بقى، ظبطني في القصة بصراحة.
-الرواي ده عالمي، وأنا بحبه، بس المرادي أنا مش هكتب قصة، لاحسن معرض القاهرة الدولي للكتاب قرب، والواد اللي اسمه أندرو شريف ده نازل براوية جديد، وأنا الصراحة من ساعة رواية كهف الخلاص اللي هو كتبها، وأنا عايز أغطي عليه، عشان كده طلبت منك تاخد العربية من ابوك.
-يعني احنا مش رايحين سينا نصيف ونغيير جو؟!!
-في الأساس لأ، أنا رايح عشان روايتي الجديدة، وعشان تطلع زي ما انا عايز، لازم أروح كام حتة هناك، ولما نروح، هتفهم.. ومع ذلك، هنقضي وقت حلو.
-يعني مافيش بحر؟!!
-يا بني انت علقت، ما قولنا هنقضي وقت حلو، يعني هننزل ونتصور ماتقلقش.
-لااااا.. بقولك ايه، أنا واخد العربية من أبويا ومظبط حالي، هتقولي تيت والشريط، أنا ماليش فيه الكلام ده، روح انت اكتب رواياتك دي، وأنا هبلبط.
-هتبلبط!!.. يا أخي اللي يشوفك مايقولش إنك الكائن اللي بيتكلم ده.
-عمال تغلط كتير خد بالك.
-طب يلا ياخويا، يلا يا عم.. أنا مجهز شنطتي، فاضل أخدلي دش في السخان وننزل.
-طب انجز حالك كده، وأنا هقعد مع خالتو برة، لاحسن هي عاملة كيكة من اللي أنا بحبها، والصراحة أنا ماقدرش أقاومها.
-عارفك وحافظك، بس نقول ايه.. بحبك يا ولا.
خرج هاني ياكل الكيكة، وأنا دخلت الحمام خدت الدش، ولما خلصت ولبست، خدته وهو بياكل ونزلنا، حطيت الشنطة في العربية بعدها ركبت واتحركنا، وبعد عشر ساعات سواقة، أخيرًا وصلنا سينا، وبمُجرد ما دخلنا أرضنا.. أرض الفيروز، العربية عطلت في نص الطريق، ولإن الطريق كان فاضي، ماكنش قدامنا غير إننا نتصل بحد يجي يقطرنا، لكن يقطرنا منين، احنا في سينا، ولو اتصلنا بحد من أهلنا، هتبقى فيها مشكلة، عشان كده دورنا على حل تاني، وفي وسط العتمة نور، لقينا ناس من بعيد ناصبين خيّم ومولعين نار، وقتها قولت بس.. مصلحة، نسألهم يمكن يساعدونا، وفعلًا، جيت أخد خطوتين ناحية المكان هناك، لقيت هاني شاددني من التي شيرت وهو بيقول:
-ثانية بس، انت رايح فين وسايبني لوحدي؟
-يابني في ايه، ما فيه ناس قدامنا أهو، رايح أشوف أي حد يساعدنا.
-لااا يا حبيبي، انت عارف دول ممكن يطلعوا مين؟
-مين يعني؟
-مش عارف، بس انا مش متطمن برضه، مش يمكن يكونوا أكلي لحوم البشر؟
-اااه.. ده انت القصص اللي بتقرأها لحستلك دماغك خالص.. ده انا اللي بكتب ماشوفتهاش كده.. بس عامة خلاص، أنا ممكن أتصل بعم هاني، وهو يجي يقطرنا بقى، أهو أحسن من أكلي لحوم البشر.
-لا وعلى ايه، أكلي لحوم بشر اكلي لحوم بشر، زي بعضه.
اتحركت على هناك وهو في ضهري، وقبل ما نوصل بكام متر، وقعت جوة حفرة عميقة ماكنتش واخد بالي منها، وفي اللحظة دي، لحظة ما وقعت، اتخبطت في دماغي واتجرحت كام جرح في رجلي، ده إذا ماكنتش اتجزعت في رجلي وأنا مش حاسس، بس مافيش وقت للألم، وكل اللي كنت بفكر فيه، هطلع من هنا ازاي، لإني بمُجرد ما قومت من على رجليا مرة تانية، لقيتني في نفس المكان اللي كنت فيه في الحلم، وقتها بلعت ريقي وأنا مخضوض:
-هاني.. خرجني من هنا دلوقتي بالله عليك.
-يا نهار اسود.. يا نهار اسود، أنا قولتلك، أكلي لحوم بشر ماصدقتش.
في وسط ما هو بيتكلم، ظهر من من وسط الضلمة اللي قدامي نفس الشخص اللي حلمت بيه، بعدها قرب مني والرعب باين في عينيه وهو بيقولي:
-لو فاكر إن القصة في النهاية، يبقى لازم تسمع البداية، وبدايتي كانت من عند مرض أبويا، درغام، المسؤول عن الصيد ورعاية الغنم في قبيلتنا.
-أنت مين وأنا بعمل هنا ايه؟.. انا مش فاهم حاجة.
-أنا سيف ابن درغام، جايبك عشان تنقذنا، وعلى ما صاحبك يجي بالنجدة، اسمعنى.. يمكن الحل في القصة.
-اشارة.. ودلوقتي بتتحقق.
ومن غير حوار زيادة، سيف خش في الموضوع وهو بيقول….
**
القصة ابتدت من سنين في قبيلتنا.. قبيلة حياة.. نسبة للبئر اللي اجتمعنا حواليه زمان واستقرينا جنبه، والبئر ده اسمه بئر الحياة، قائد القبيلة زمان هو اللي سماه الاسم ده، وعلى أساسه، اتسمت القبيلة، لكن مش دي قصتنا، الموضوع ابتدى وقت ما أبويا مرض وحِمل رعاية الغنم بقى على كتافي، وعلى الرغم من إني كنت مستني اللحظة اللي هبقى مسؤول فيها عن حاجة في القبيلة، إلا إن مرض أبويا كسرني وزرع الخوف جوايا، لكن الخوف ماكنش هيحل المشكلة اللي وقعنا فيها، لما الغنم بدأوا يموتوا واحد ورا التاني، وعشان ده كان المصدر الاساسي اللي بناكل منه، فهد قائد القبيلة عمل اجتماع عاجل في خيمة القادة، والإجتماع ده عشان نناقش فيه الحل للمشكلة اللي احنا فيها دلوقتي، واللي مش هتتحل غير على ايديا، يا كده، يا أسامة صديقي وصديق طفولتي هو اللي هيتولى المسؤولية بدالي، وأنا ماكنش مضايقني وقتها إن أسامة هيتولى المسؤولية، انا اللي كان مضايقني هي نظرة أبويا ليا لما يعرف إني فشلت في أول اختبار ليا، عشان كده قررت لما أدخل الإجتماع، أوهمهم إن الحل في ايدي، وبكده هاخد شوية وقت عشان أفهم الغنم بيحصلهم ايه لإن موتهم كان غير منطقي، وفعلًا، أول ما دخلت الإجتماع، لقيت القائد فهد وابنه لؤي قعدين جنب بعض وفي وشي، وجنبهم قاعد صخر أقوى رجل في الصحراء، وده اللقب اللي لقبنهوله من صغرة بسبب بنيته الجسيدة العالية، ومعاهم كان موجود أسامة وهو باين عليه الحزن والحرج، لإنه كان خايف مني ومن زعلي بعد عزلي من المنصب، لكني ماكنش فارق معايا حاجة غير إني أكسب ثقتهم مرة تانية، وده اللي حاولت أعمله لما القائد فهد قالي…
تتبع.
العقيق الأسود
٢
ماكنش فارق معايا حاجة غير إني أكسب ثقتهم مرة تانية، وده اللي حاولت أعمله لما القائد فهد قالي:
-أنا شايف إن الحِمل تقيل عليك يا سيف، ودرغام مابقاش زي زمان، وزي ما انت عارف، الناس اللي عايشين في خيمهم برة، من حقهم ياكلوا الأكل اللي اتوعدوا بيه، وكل واحد له مسؤوليته.
-وأنا قد المسؤولية، بس كل اللي بطلبه منك حاجة واحدة، وهي الصبر، الغنم بياكلوا وبيشربوا زي ما كان بيحصل السنين اللي فاتت، لكن من الواضح إن فيه مشكلة والأكيد إنها مش في الماية لإننا بنشرب منها، وأنا قدرت أوصل للمشكلة دي، وكل اللي محتاجه منك هو الصبر.
اتدخل لؤي في الموضوع وقالي:
-مش نفهم الأول ايه هي المشكلة؟
بعدها بص للقائد فهد وهو بيكمل كلامه:
-احنا برضه لازم نطمن يا قاىد، دي ارواح العشيرة واحنا مسؤولين عنها.
كنت عارف إن سؤال زي ده هيتسأل، عشان كده عملت حسابي له كويس قبل ما أجي، وردي عليه كان:
-الغنم صابه مرض، وعشان المرض كان غريب، فضلت كام يوم أفكر في حل، وطبعًا ماكنتش هتكلم بالثقة دي، إلا وكان الحل معايا دلوقتي.
اتدخل صخر في الموضوع بصوته التخين:
-واحنا مش هنستنى كتير، أفراد القبيلة محتاجين حصتهم من الأكل كل يوم.
وافقه لؤي على اللي قاله، وزيهم وافق القائد وهو بيقولي:
-خمس أيام وبعدها هيبقى فيه اجتماع تاني، نقرر فيه ايه اللي هيحصل.
رديت عليه وانا بتنفس الصعداء:
-وهو كذلك، أوعدك يا قائد إني مش هيخذلك.
بدون أي نقاش تاني، الإجتماع انتهى، ووقت ما كنت طالع من الخيمة، شوفت قمر بنت قائد القبيلة، وهي كانت قمر، الأحلى في القبيلة والعيون كلها كانت عليها، وسبب من الأسباب اللي خليتني عايز أبقى مسؤول، هو إني أقرب منها وأبقى قيمة وقامة قصاد عينيها، وعشان أبقى كده، اتسببت في ضياعها وضياعهم، والبداية كانت لما عديت من جنبها وانا باصص للأرض وبفكر ازاي هفدر أحل المشكلة، بس الفكرة إن مافيش مشكلة عشان يبقى ليها حل، لإن الغنم بيموتوا بدون سبب، لكن مع ذلك، أنا حاولت أحلها، يعني.. كنت أغيير الأكل مرة، انقصه، اخليهم يتحركوا أكتر، كلها حاجات ماجبتش نتيجة وخليتني أحس باليأس، وأنا لما كنت بتعب وبحس إن الحياة مش عايزاني، كنت بتمشى في الصحراء بليل، وزي ما متعود، عملت، طلعت من خيمتي بليل واتمشيت شوية، ووسط ما انا بتمشى، سمعت صوت خطوات اقدام جاي من ورايا، وقتها حسيت بالخطر، لكني مالحقتش أخد حذري وايد لمستني، ايد سودة خلت جسمي كله يتخشب مكانه، وبعد لحظات من الرعب، الإيد دي اتشالت من عليا، بعدها شوفت الشخص اللي كان لامسني، وقف قدامي وهو بيحاول يطمني، والشخص ده كان لابس عباية سودة ومغطي جسمه كله بوشاح اسود، حتى وشه، كان مغطي جزء كبير منه:
-ماكنتش أعرف انك بتخاف كده.. أنا اللي اعرفه ان اللي يعيش في أرض زي دي، يبقى قوي.
-انت مين؟.. شكلك غريب ومش من هنا.
-لا انا من قبيلة تبعد عنكم مسافة، ووسط ما انا بتمشى لقيتك تايه وسرحان، قولت أشوفك.. يمكن تكون محتاج مساعدة.
-وانا هحتاج منك مساعدة ليه؟.. انا ماعرفكش.
-أنا ليل، اسمي غريب شوية، لكنه بيميزني عن اللي حواليا، ولإني بحب أبقى مميز في كل حاجة، قررت يبقى ليا الزي الخاص بيا، واللي عن طريقه تقدر تعرفني من بعيد.
-اهلا بيك، بس ده مايهمنيش في شيء، انا راجع قبيلتي.
-جربني، يمكن أقدر أساعدك في حل المشكلة.
-وأنا ماقولتلكش إني عندي مشكلة، فياريت تهتم بـ أمورك.
-مش الكل بيصدق من البداية، ودايمًا بيبقوا عايزين دليل، بس اتفضل.. دي بتجلب الحظ وبتحل المشاكل.
قال أخر جملة وهو بيطلع حجر صغير من جيبه وهو بيمد لي ايده بيه، لكني زقيتها وانا بقوله:
-وانا ايه اللي يخليني أخد حاجة منك؟
-انك تجرب، مش هتخسر حاجة، ولما مشكلتك تتحل، ماتدورش عليا، أنا هجيلك.
-وهو ايه اللي بتتكلم عنه عشان اجربه.
رد عليا بثقة:
-حجر العقيق الأسود، ممكن يبقى خاتم، وممكن تعلقه في سلسلة، المهم انه هيجيب الحظ وهيحل المشكلة، ودلوقتي أنا لازم امشي، فيه غيرك محتاجني.
مُجرد ما قالي كده، خدت منه الحجر ومشي، وزي ما مافيش مشكلة عشان اعرف ألاقيلها حل، قررت أحاول أحلها بحاجة ماتحلش مشكلة، شيء معقد، لكنه أملي الأخير إني أحافظ على المسؤولية، وفعلا، خدت حجر العقيق ولبسته على شكل سلسلة، ومن تاني يوم، الغنم كانوا زي الفل وماحصلش حاجة، مش بس كده، ده يوم عن يوم، الغنم بدأوا يزيدوا أكتر، والصيد خيره هو كما كان بيزيد ويكتر، مع إن صيد الأرانب الصحراوية ده صعب، وصعب جدا كمان، لكن من الواضح إن الحجر ده فعلًا مميز، وده اللي خلاني قولت إني مستحيل هستغنى عنه، لكن دوام الحال من المحال، بعد أيام من الإزدهار في القبيلة، نزلت بعيد عن القبيلة خطوات، وقتها شوفته.. شوفت ليل واقف من بعيد وهو باصصلي وبيشاورلي، وعشان ماحدش يشوفه، خدت بعضي وروحتله، وفي لحظة ما وقفت قصاده قولتله:
-أنت ايه اللي جابك هنا؟
-وهي دي كلمة شكرًا؟.. أنا قولت أول ما تشوفني هتختلف عن المرة اللي فاتت، خاصة إن الأمور هي كمان اختلفت، ولا أنت ليك رأي تاني؟
-وده مايدلكش الحق إنك تيجي ولحد هنا.
-وامتى هيبقى ليا الحق وقبيلتك عايشة على خيري؟
-بس ده تعبي ومجهودي أنا.
-وأنا مش هقولك لأ، بس على الأقل زي ما ساعدتك ولو بطريقة انت شايفها إنها غير مباشرة، أنا عايزك تكون أكرم مني وتساعدني بطريقة مباشرة.
-مش فاهم.
-أنا واخواتي، نجم وساري، حصلت مشكلة في قبيلتنا واتضطرينا نسيبها، ودلوقتي احنا مالناش الأهل اللي نتسند عليهم، وبطريقة ما، عايزين نبقى من أهلكم ونعيش معاكوا.
-مستحيل، احنا قبيلتنا نسلها واحد وعمره ما هيتغير.
-وأنا مش هتجوز منكم، أنا كل اللي عايزه خيمة أعيش فيها وسط عشيرة.
-واضح كده إن العشم خدك وخيّلك إني ممكن أعمل حاجة زي كده، لكن لا.. أنا مش موافق، ودلوقتي من الأفضل ليك إنك تمشي من هنا قبل ما أكلم حد من القبيلة وأقول إنك متطفل.
-تمام.. أنا هسيبك تفكر، بس خليك فاهم، الوقت أو المُهلة، مش هتبقى زي المرة اللي فاتت، واللي هيموت.. هيموت على مرتين، قبل ما أجي وأجيب الحل في ايدي.
ومشي ليل، ومعاه، قلبي اتخطف وكنت خايف، حاسس بشر بيقرب مننا، وفعلًا، من تاني يوم، معظم الغنم ماتوا مرة واحدة وبدون سبب، حتى الصيد، ماقدرتش أصطاد ولو أرنب واحد، وده على الرغم من الأعداد الكبير اللي لقيتها، واللي كانت بتهرب مني بكل سلاسة، ومعنى اللي بيحصل حاجة واحدة، إن الحجر ده فيه حاجة، ودلوقتي هو مش جايب النتيجة اللي كان عاملها، وبكده مافيش غير حل واحد، وهو إني أوافق على طلب ليل، لكن اللي طلبه ده صعب ومستحيل أوافق عليه، تفكير مجهد، خلاني أمشي بين أفراد القبيلة وأنا بكلم نفسي، وفي وسط ما انا ماشي، لقيت قمر وقفتني وهي بتقولي:
-باين في عيونك الحيرة.
رديت عليها وانا بتلغبط في الكلام من الصدمة:
-ق ق قمر؟!.. انتي ايه اللي موقفك بالشكل ده، القائد هيشوفنا.
-وامتى هتطلب ايدي منه يا سيف، أنا عارفة ومتأكده إنك بتحبني وعايزني، وأنت دلوقتي مسؤول، يعني ليك الحق تطلب بنت القائد.
-لؤي مش عايزني، والأمور بدأت تدهور مرة تانية، واللي ماحدش يعرفه، إن الإختبار المرادي صعب.
-مصلحة القبيلة فوق أي حاجة، وانت لو نجحت في الإختبار، اعرف إن أنا ليك، ووقتها بس، هتقدر تطلب ايدي من القائد.
-الأمور مش زي ما انتي فاهماها.
-وأنا مش هقدر أفهم دلوقتي، بس أنا جاية أقولك إني موافقة، طالما أنت مش قادر تيجي تصارحني.
بمُجرد ما قالت كده، جسمي اتكهرب وحسيت بنار الحب قادت جوايا، لكن قبل ما أرد عليها، كانت سابتني ومشيت، سابتني مع أفكاري وأنا مش قادر اتصرف أو أخد قراري، لكن في النهاية اللي أخدلي القرار، هو تعب ومرض أبويا، لإني لما رجعت الخيمة ولقيته تعبان ومش قادر يتكلم، حسيت بحِمل شديد أوي، زاد على رقبتي لما قالي بنبرة كلها تعب:
-أنا سامع إن الأمور بدأت تسوء مرة تانية.
-دي مشكلة بسيطة وهتتحل.. هتتحل زي ما حليتها المرة اللي فاتت.
قولتله كده وأنا بتقطع من جوايا، لإني عارف إن لو المسؤولية ضاعت من ايدي، ممكن يضيع هو كمان مني، عشان كده قررت أوافق، وبالأخص، لما صخر بعتلي وقالي إن فيه اجتماع بكرة، وقتها مارضتش أروح الإجتماع بـ ايد فاضية، وقررت أروح وأنا في ايدي الحل.. لإني في نفس اليوم بليل، نزلت أتمشى زي ما بعمل في كل مرة بقابل فيها ليل، وقتها شوفته من بعيد، بس المرادي ماكنش لوحده، ده كان معاه اتنين، ومن الواضح إنهم اخواته، واللي أكدلي المعلومة، هو لما شافني وقالي:
-كنت متأكد إنك هتغيير رأيك، وخليك عارف، ده في مصلحتك أنت، مش أنا، عامة أعرفك بـ اخواتي، نجم وساري.
بصيت عليهم وأنا مستغرب، لإن كل واحد فيهم، كان مختلف عن التاني، حتى في طريقة لبسهم، كانوا مختلفين تمامًا، وكل واحد كان بيتميز في الشكل، والحاجة الوحيدة المشتركة بينهم، هي العباية، لكنها بتكون مختلفة في الشكل، زي نجم اللي عبايته تشبه السما بليل، وساري كانت عبايته باللون النبيتي الداكن، واللي كان بيميزها عن الباقي هو حدتها، أما بقى ليل، زي ما انتوا عارفين، كانت باللون الإسود الداكن:
-أنا فكرت في اللي قولته، بس أنا مش هقدر أدخلك، ماعنديش طريقة اساعدك بيها.
-وأنا مش هتعبك في التفكير، لإن الخطة وحتى تنفيذها، هتبقى كلها عليا، والشيء البسيط اللي هطلبه منك، هو إنك تتجاوب معايا وتسلمني عقلك، وبس كده، وقتها كل حاجة هترجع زي ما كانت، وأحسن كمان.
-ازاي؟.. انا مش فاهم، وبكرة فيه اجتماع، ولو تم، هيجردوني من مسؤوليتي، وقتها مش هقدر أساعدك ولو بحاجة بسيطة.
-واحنا عايزين الإجتماع يتم، وقتها بس هقدر انفذ خطتي.
-واللي هي ايه بالظبط؟
-هاجي الإجتماع، بس طبعًا ايدي مش هتبقى فاضية، لإني هجيب الغنم اللي بربيهم معايا، وقتها هعرض عليهم إنهم ياخدوهم في مقابل إني اكون متواجد معاهم في القبيلة.
-وانت فاكر اني ممكن اوافق على حاجة زي كده؟.. انت معنى كلامك اني مابقاش ليا قيمة.
-ومين قالك كده؟.. انت أهم شخص في الإجتماع، لإننا كلنا تحت رجليك، وأنت اللي كلمتنا عشان نيجي بالغنم ونساعد القبيلة في مشكلتها، يعني أنت المسؤول واحنا مُجرد مساعدين، وأظن دي خدمة قصاد خدمة مني، وأنت الكسبان، أنا كل اللي كنت عايزه مُجرد خيمة، أنام فيها وسطكوا لحد ما مشاكلي مع قبيلتي تتحل.
-وأنا موافق، بس قبل ما ننفذ اللي انت بتقوله، عايز اسألك سؤال، هي ايه المشكلة اللي بينك وبين أفراد قبيلتك، تخليك ماشي في الصحرا زي الغريب.
تتبع
العقيق الأسود
٣
-وأنا موافق، بس قبل ما ننفذ اللي انت بتقوله، عايز اسألك سؤال، هي ايه المشكلة اللي بينك وبين أفراد قبيلتك، تخليك ماشي في الصحرا زي الغريب.
-أنا كيان بذاتي، أحب أساعد غيري وأديه اللي يشتهيه، وفي مقابل خدماتي، باخد خدمة بسيطة، بترضيني وبتخليني مبسوط، لكنهم استكتروا الخدمة دي عليا ورفضوني، عشان كده قررت أمشي، أكيد فيه ناس تانية محتاجني، وأهو.. أنت وقعت في طريقي.
-غريب أنت يا ليل.
-فعلًا، هم بيقولوا عليا كده أنت ماغلطتش، لكن المهم إني بساعد، ومساعدتي بتفرق.
-واحنا متفقين، بكرة في الإجتماع ننفذ الإتفاق.
وفعلًا، سابني ليل هو واخواته اللي مانطقوش ولا كلمة في وجودي، كإنهم ماشيين بـ أوامر من أخوهم، لكن ده ماهمنيش، وتاني يوم، صحيت وروحت على الإجتماع، وهناك، لؤي كان مستنيني ومستني لحظة وقوعي، لكن أنا ماديتوش فرصة يشمت فيا، لإن بمُجرد ما الإجتماع بدأ قولتلهم:
-قبل أي شيء، لازم تعرفوا إني بقالي يومين مش بنام عشان ألاقي حل للمشكلة، ولإن معظم الغنم ماتوا، قدرت أتصرف في مجموعة، والمجموعة دي ممكن نعتبرها صيد، ولكن الموضوع فيه أزمة صغيرة…
قبل ما أكمل كلامي، دخل ليل هو واخواته الإتنين، وقتها القائد استاء من اللي بيحصل، وكان لسه هيأمر صخر يمسكهم، لقى ليل واخواته بينحنوا له وليل بيقوله:
-قائدنا العظيم، قائد قبيلة حياة، متأسف لقطع سيادتك في حدث مهم زي اللي حاضر دلوقتي، لكن احنا بيشرفنا يكون معانا الحل.
على الرغم من استياء لؤي هو كمان من اللي بيحصل، إلا إن القائد بدأ يهدا بعد اللي قاله ليل، واللي رد عليه القائد وقاله:
-عرفني بنفسك وقول اللي عندك.
-أنا ليل، ودول يبقوا نجم وساري، اخواتي، والسبب في وجودنا هنا هو سيف.
أول ما جاب سيرتي، كل اللي في الإجتماع بصولي، وقتها بلعت ريقي قبل ما ليل يكمل كلامه ويقول:
-سيف كان عايز حل، ولإنه بيفهم في الغنم كويس، أول ما شافني بالغنم اللي بربيهم، اكتشف انهم سلالة نادرة، والسلالة دي أقوى وأطعم كتير، وطبعًا ده الحل لمشكلته، وهو إنه ياخد مجموعة الغنم اللي معايا، ويربيهم هو.
رد عليه القائد وهو مستغرب:
-وايه اللي يخليك تضحي بغنمك بالسهولة دي؟
-إني أنول رضا القائد فهد.
-ونوع الرضا اللي بيدور في دماغك ده ايه؟
-خيمة بسيطة أعيش فيها أنا واخواتي وسطكوا، وده هيبقى كرم كبير منك يا قائد.
اتدخل لؤي في الحوار بينهم بغضب:
-كلام مضحك ماحبش أسمعه مرة تانية، لإننا نسل واحد ومش هنختلط، وحاجة زي كده كان المفروض يقولهالك سيف.
بعدها كمل كلامه وهو بيوجهلي الكلام بنظرة كلها غضب:
-أظن أنت من أكتر العارفين بالموضوع يا سيف.
-أه طبعًا، أنا قولتلهم كده، لكنهم مش هيختلطوا بينا، هم هيعيشوا وسطنا لحد ما يلاقوا مكان تاني يقعدوا فيه مش أكتر، وفي الفترة دي، الغنم هيكونوا كتروا، وبكده، نقدر احنا نربيهم، وبالتأكيد القرار في ايد القائد.
ووافق القائد وهو بيقول:
-وأنا موافق، بس على شرط وحيد، وهو إنهم يفضلوا تحت المراقبة، وزي ما هيعيشوا وسطنا، يبقى يخضعوا تحت قوانينا، ولإن الحل مش نهائي ومش أكيد، قررت إن أسامة هيشارك سيف في المسؤولية لحد ما يحصل جديد.
أخر جملة صعقتتي، لكني حاولت أتمالك نفسي وخدت الموضوع بصدر رحب، والكسبان الوحيد من الإجتماع ده، هو ليل، لإنهم اختاروله خيمة من أفضل الخيّم، قعد فيها وكان عايش وسط أفراد القبيلة كإنه واحد منهم، ومش بس كده، ده قرب منهم والعقيق انتشر في كل أنحاء المكان، ظنًا منهم إنه بيجلب الحظ، وفعلًا، القبيلة ازدهرت بسبب العقيق بشكل مُرعب، خلى الكل يسمع كلام ليل بدون نقاش، كإنه مسيطر على عقولهم، وأقصد كلمة الكل بالكل، لإن القائد فهد هو كمان كان مطيع لأوامر ليل واخواته، شيء استغربته واترعبت منه في نفس الوقت، لكن الرعب الحقيقي حصل في يوم كنت بتحرك فيه مع الغنم، وقتها شوفت اتنين واقفين ورا صخرة كبيرة، ومرة واحدة لما حسوا بحركة، اتحركوا، في اللحظة دي ركزت معاهم وكانت الصدمة، قمر كانت بتجري من ورا الصخرة وهي مخضوضة وبتعدل لبسها، ولما حاولت اسألها مالك وايه اللي حصل، سابتني و مشيت، ولإني عايز أفهم اللي بيحصل، قربت من الصخرة أشوف مين كان معاها، وهنا كانت الصدمة، ليل كان واقف هو كمان وبيلبس هدومه، فـ من غير ما اسأل.. فهمت اللي حصل، وقتها ماستنتش ومسكت فيه وأنا بقوله:
-أنت عملت ايه؟.. انطق بقولك، كنت مع قمر هنا وبتعمل معاها ايه؟
-هكون بعمل معاها ايه يعني؟.. ولا أي حاجة، هي طلبت مني طلب، وأنا قولت أنفذهولها، انت نسيت إني بحب أساعد.
-أنت شر.. شر ولازم أخلص منه، ودلوقتي القائد لازم يعرف باللي حصل، هو هيتصرف.
ضحك وهو بيظبط لبسه:
-خلاص يا سيف، كل حاجة انتهت، وأنت السبب، بس افتكر.. انا ساعدتك وماسبتكش.
كلامه عصبني أكتر وخلاني عايز اقتله في ايدي، لكن في لحظة ما حاولت أخنقه، لقيت نجم وساري ظهروا من العدم في موقف خلاني اتنفض من مكاني، ومش بس كده، دي عينيهم اتحولت للون الإسود الداكن، فـ من المنظر جريت على خيمة القائد وأنا مرعوب، وبدون ما أخد الإذن عشان أخش، دخلت على طول، وقتها لقيت ليل قاعد مع القائد وهم مبسوطين وبيضحكوا مع بعض، بس ازاي.. ازاي قدر يوصل بالسرعة دي، ويا ريته الموضوع وقف هنا، ده القائد لقيته بيقولي وهو بيضحك بطريقة يمكن أول مرة أشوفه بيضحك بيها:
-بارك لقمر يا فهد، ليل طلبها وأنا لبيت الطلب، والمقابل كبير.. حفرة مليانة لأحجار العقيق الأسود.
-ازاي.. ازاي توافق شخص زي ده ياخد من قبيلتنا.
-ليل يستحق يكون جزء من قبيلة العقيق الأسود.
-حتى اسم القبيلة اتغير!
-وحاجات كتيرة هتتغير للأحسن بعد حفر الحفرة.
-ماتصدقوش يا قائد، أنا لسه شايفه مع قمر وهما في وضع يخالف عاداتنا، عشان كده جيتلك دلوقتي عشان ابلغك، والعقيق ده لعبة كبيرة، هيقضي بيها علينا.
-كلام فارغ بتطعن بيه شرف بنتي قمر، واللي يطعن في شرف القائد.. يترمي في خيمة العقاب لحين تحديد مصيره.
كمل على كلامه ليل وهو بيقول:
-وأنا رافض حاجة زي كده تتقال عن حبيبتي قمر.. انت فاهم يا سيف.
-كداب.. كداب يا قائد، ده شر.. شر لازم نقضي عليه، أرجوك ماتمشيش وراه، وكفاية اوي اللي وصلنا له.
من غير ولا كلمة زيادة، القائد أمر صخر إنه ياخدني لخيمة العقاب، من بعدها وبدأوا يحفروا حفرة كبيرة على طرف القبيلة، وبعد ما انتهوا منها، وفي ليلة مأسوية على الجميع، لقيت صخر بيطلعني من الخيمة وهو مبتسم، ولما سألته عن السبب، ماكنش بيرد عليا، لكني عرفت الإجابة بمجرد ما شوفت الحفرة، واللي كانت عميقة وواسعة لدرجة إنها تسيع جميع أفراد القبيلة، وحاجة زي كده ماكنتش صدفة، لإن ليل أمر رجال القبيلة ينزلوا الحفرة لإكتمال طقوس معينه، وبعد اكتمال الطقوس دي، الحفرة هيظهر فيها العقيق الأسود مع أحجار تانية مميزة، ولإنهم كانوا بيطيعوا أوامره بشكل مرعب، الكل نزل بدون تفكير ومن بينهم القائد فهد، وحتى أنا، جم ينزلوني معاهم وأنا مش فاهم اللي بيحصل، وعشان أنا كنت متأكد إنه مش خير، فضلت أصرخ فيهم وأطلب منهم يتراجعوا عن اللي بيعملوا، وان اللي بيحصل دلوقتي لعبة من الاعيب ليل، لعبة مش هتنتهي نهاية سعيدة زي ما الكل منتظر، لكنهم ماهتموش لا بيا ولا بكلامي ونزلوني الحفرة معاهم، وبعد ما الكل نزل، ليل شد الحبل اللي نزلنا بيه، بعدها قالنا إن الطقوس هتبتدي، وفي اللحظة دي، عينه اسودت والأرض اتزلزلت، وكل ده وسط صرخات من نساء القبيلة، وقتها القائد فهد بدأ يفوق من التنويم المغناطيسي اللي كان فيه وقال:
-ايه اللي بيحصل هنا؟.. وبعدين احنا فين؟.. وايه الصوت اللي أنا سامعه دلوقتي؟
لكن بعد ايه، اللي عايزه ليل حصل، لإنه من على طرف الحفرة رد على القائد بصوت غريب عن صوته عادي:
-نسل الليل هينتشر، والبداية ماكنتش من هنا ولا دلوقتي، دي من سنين، واحنا مكملين، ومع كل مولود جديد، الدايرة هتوسع وهنسيطر على كل الأراضي.
قاطعته وأنا مرعوب:
-خرَّجنا يا ليل واحنا نوعدك اننا من هنإذيك.
ضحك على كلامي وهو بيرد عليا:
-ليل مش بيخاف، انتوا اللي خايفين، وخلاص.. دوركوا انتهى، ودلوقتي جه دور نساء القبيلة، هم هيكملوا المشوار بنسلنا.
في اللحظة دي كل اللي كانوا في الحفرة حاولوا يخرجوا لكنهم ماقدروش، أما ليل فكان بيردمها علينا وهو مبتسم وسط برق ورعد شديد ضرب المكان، لكن الحكاية ماخلصتش هنا، لإن ليل ردم علينا الحفرة، والباقي مفهوم.
**
ريقي نشف من اللي سيف قاله، لكن ازاي هو واقف قدامي دلوقتي طالما مات يوميها، ولإني ماحبش أشيل سؤال جوايا من غير ما أعرف اجابته، سألته وقولتله:
-أنا مش فاهم ازاي وصلتلي وازاي انا معاك دلوقتي، بس السؤال الأهم، هو انت حقيقي؟
-هتفهم كل حاجة بعدين، لكن كل اللي محتاجه منك دلوقتي حاجة واحدة، وهي إنك تحكي وتحذر الناس، لإن ليل مش هيوقف عن اللي بيعمله قبل ما نسله ينتشر على الأرض.
-طب وهو فين دلوقتي؟
-بعد ما نساء القبيلة انجبوا منه هو واخواته، قتلهم ومشي، ودلوقتي هو في مكان جديد وبيلعب نفس اللعبة، بس بطريقة مختلفة ومع ناس مش هيخطروا على بالك.
-طيب ااا.
-أنا قولت كل حاجة ودوري خلص، دلوقتي الدور عليك انت.
سيف خلص كلامه واختفى، بعدها سمعت صوت هاني وهو بينده عليا وبيقولي:
بصيتله لفوق وأنا برد عليه:
-لو عليا كنت عايز امشي، بس هروح فين الله يسامحك.
وهو بيقولي كده رمالي حبل بعدها طلب مني أطلع من عليه، وفعلا، خرجت من الحفرة وأنا لسه مش مستوعب اللي بيحصل، وقتها هاني قالي:
-لولا أهل القبيلة الكرام وبالأخص الراجل ده.. ماكناش… ايه ده، فين القبيلة؟.. وفين الراجل؟
-قبيلة ايه وراجل ايه يا هاني؟
-راجل كان في خيمة هنا، هو اللي اداني الحبل وساعدني عشان اطلعك، والقبيلة، راحت فين؟.. انا متأكد إنهم كانوا موجودين.
-انت فاكر شكل الشخص اللي ساعدك؟
بعد ما شرحلي شكله، كان يشبه سيف بالظبط، وقتها رديت على هاني وانا ببتسم:
-ماتشغلش بالك، أنا فهمت كل حاجة، شكلنا كده داخلين على قصة جديدة وتقيلة، وماظنش إن الحكاوي هتخلص، دي بتزيد غرابة.
-لااا.. بقولك ايه، جو العفاريت ده مش هياكل معايا، انا ماشي بعلاج وتعبان في دماغي لوحدي، ففهمني كده اللي في دماغك.
-مش وقته دلوقتي، المهم نمشي من هنا.
-ازاي.. والعربية عطل..
ماكملش الجملة وسمعنا ماتور العربية دار من بعيد، في البداية افتكرناه حرامي عشان كده جرينا نلحقه، لكن بعد ما وصلنا، العربية كانت فاضية، ومن غير تفكير، ركبنا واتحركنا، وبعد ما هاني اتحرك قالي:
-هنروح فين ولا هنعمل ايه؟
-هنلف ونرجع، انا دلوقتي عندي الأهم من الرواية، من الواضح ان روح رواية كهف الخلاص حضرت، يعني نسل، وقبيلة، شيء غريب.. خيري لازم يحكي عنه.
-يعني انت جايبنا سكة سفر عشر ساعات، عشان تقطعلي الخلف ونرجع؟!.. لااا، بقولك ايه، خد سوق انت وماتتعبنيش.
-واسوق وانا مابعرفش ازاي يعني؟
-الله يسامحك يا خيري.. انت اللي عملت في الواد كده.
وبس كده، طالما بتسمعوا القصة دلوقتي، تبقى بصوت خيري على اليوتيوب، وبالنسبة للي حصل بعدين، فـ هو مش خير، عشان كده استنوني في حكاية جديدة من حكاوي مراد، ولو متحمس نكمل، ماتنساش تسيب كومنت وتقول فيه، حكاوي مراد.
تمت بحمد الله.