قصص

قصه بيت العيله

كنت شامة ريحة شياط وانا في المطبخ، بصيت حواليا مالقتش حاجة بتشيط والأكل تمام، وقتها ماتطمنتش وقفلت البوتجاز، وفي اللحظة دي، شوفت نور عالي جاي من برة في عز الليل، ولما طلعت راسي من المطبخ، شوفت نار قايدة، خلت دمي ينشف للحظات قبل ما أصوّت واطلب النجدة.
**
وهو الحب ايه لو ماجاش فجأة، وأنا حبيت وضحيت، قولت لأهلي هسيب الدنيا وأعيش معاه، بس كله برضاهم ومش غصب عنهم، أصل المشكلة كلها كانت إني هعيش مع أحمد في بيت عيلة، وحاجة زي كده ماما كانت رفضاها بعد تجربة مش أحسن حاجة مع بابا، واللي حصل معاها زمان قبل ما نسكن في حتة تانية، كان ولا حاجة بالنسبة للي حصل معايا، ده لإن حمايا كان باين عليه من البداية انه مش موافق على الجوازة، وحاجة زي كده بابا فهمها من أول قعدة بنا، ومن هنا.. من عند القعدة ده، المشاكل ابتدت لما أحمد وأهله مشيوا من عندنا، وقت ما بابا نداني من جوة وزعقلي، قالي إن حمايا راجل غلاط وانه مش مرتاح معاه، كمان ماما قالتلي ان حماتي عينيها مابتقولش خير، واخته شايفه إن الجوازة مش على هواها، يعني من الآخر كده، بيقولولي العيوب اللي في الجوازة، على اساس انهم بيوصلولي رفضهم بيها من غير ما يقولوا الكلمة صريحة، وأنا الصراحة كنت ناوية وبحب، وكلامي مع أحمد قبل ما يجي ويتقدم طمني، لما قالي واقنعني ان قعادنا في بيت العيلة مؤقت لحد ما نخرج برة، والصراحة أنا مش زي ماما، هي كانت عايزة تقرب منهم وتعاشرهم، أما أنا شايفة اني هتجوز أحمد مش هتجوزهم هم، يعني كل اللي بيني وبينهم هيبقى سلام مش أكتر، ولو زاد عن كده، هيبقى في هدوء ومن غير حكي في تفاصيل حياة تضايق وتطلع المشاكل. من الآخر يعني، أنا بحب أحمد وهتجوزه، ولإني مش هستنى لما أندم على فراقه، قولتلهم في البيت اني موافقة وان انا اللي هتجوزه مش حد تاني، يعني انا لا دخلتلهم بكليشهات الأفلام بتاعة هموت نفسي، ولا قولتلهم اني هسيب البيت، أنا قولت اللي عايزاه وبكل صراحة، لإني من صغري اتربيت على الصراحة والطلب من غير كسوف، أصل الجواز مصير في حياتي وطريقي الجاي، يعني ماينفعش حد يختاره غيري، عشان لو وقعت، ماندمش انهم اختارولي الطريق واتعلم من غلطي، ولو كملت، احمد ربنا واشكره، وبس.. زي ما طلبت، أبويا وافقني وكمل معاهم، لكن في كل خطوة كنا بناخدها، ماكنش ليا عنده غير النصيحة والرشد، كان فاكر انه بكلامه ممكن يغير رأيي، مايعرفش اني قررت ومش هرجع في قراري، وبعد قراية فاتحة وخطوبة وآخر حاجة جواز، دخلت بيتي واتجوزت أحمد في ليلة مش هقدر أنساها، وده مش من حلاوتها لأ.. ده من اللي شوفته ليلتها وانا على سريري ولسه لابسة فستاني، لما أحمد كان في الحمام وبياخد شاور، أما أنا كنت متوترة وحاسة ان قلبي مقبوض، وزيادة على قبضة قلبي، شوفت شخص واقف على باب الأوضة، الشخص ده كان طوله متوسط، جسمه نحيف وأقرع، الابتسامة على وشه كانت من الودن للودن، الشخص ده رزع باب الاوضة ومشي ناحية الصالة، فـ من صوت رزع الباب، أحمد خرج من الحمام مفزوع وهو بيقولي:
-في ايه يا حبيبتي؟.. حصل حاجة؟.. طب رزعتي الباب كده ليه؟.. قولي أي حاجة بس ماتبصليش كده!
لساني كان تقيل من الصدمة وماكنتش قادرة أشرح ولا أقول اللي شوفته، وكل اللي قولته وقتها كان:
-اااا.. الباب، أيوة الباب اترزع، فيه حد رزعه.
برق بمجرد ما سمع آخر جملة وهو بيرد عليا بصوت مخطوف:
-حد رزع الباب ازاي يعني؟.. انتي متأكدة من اللي انتي بتقوليه ده يا سلوى؟
-مش عارفة، حقيقي مش عارفة.
ماكنتش بكدب ولا بتهرب من الإجابة، أنا كنت خايفة ومش مستوعبة اللي حصل، لدرجة إني قومت من على السرير وحضنته، بعدها غمضت عيني وانا بقوله بخوف:
-انا شوفت واحد شكله وحش أوي قفل الباب وجري، بعدها انت طلعت من الحمام ولحقتني.
طبطب عليا لما لقاني خايفة وبترعش:
-طب اهدي وماتخافيش، انا جنبك وهفضل جنبك.
-بس انا مش هعرف انام بعد اللي شوفته.
-ماتخافيش، انا هطلع دلوقتي واشوف لو فيه حد، انتي بس طمني نفسك وماتقلقيش.
وبكل حذر، أحمد طلع برة وهو بيتلفت يمين وشمال، شغل كل أنوار الشقة ودوّر في كل مكان مالقاش حاجة، وقتها طمني وقالي يمكن بيتهيألي عشان خايفة ومتوترة، والصراحة كان عنده حق، لان كل اللي شوفته ماخدش ثواني، يعني ممكن جدًا الباب يكون اترزع بسبب الهوا، وعشان مانبوظش على نفسنا الليلة، شربت كوباية عصير هديتني بعدها أخدت أنا كمان شاور وطلعت لأحمد، قعدت جنبه على السرير وأنا مكسوفه لأبصله، شيء طبيعي في لحظة زي دي، خليته يمسكني من وشي عشان أبصله وهو بيقولي:
-ايه يا عروسة؟.. أنتي مكسوفة.
-أه مك….
ماكملتش الجملة قبل ما أصرخ بصوت عالي، ده لما جيت ألِف وشي له وشوفت نفس الشخص اللي رزع الباب من شوية، الشخص ده كان بيبصلي وهو مبتسم نفس الابتسامة اللي من الودن للودن.. ابتسامة مرعبة، خليتني اقوم من مكاني وانا لسه بصرخ، أما الشخص اللي بكلمكوا عنه، قام من على السرير وقرب مني وهو بيقولي:
-مالك ية سلوى؟.. انتي خايفة مني؟
صوته يشبه صوت أحمد بالظبط، بس شكله وملامحه يرعبوا، كمان ايده اللي لمستني في اللحظة دي كانت ايد بارده وناشفة، خلت جسمي يقشعر وقلبي ينبض بصوت عالي أنا كنت سمعاه، وزي كل مرة بتخض أو بخاف فيها، غمضت عيني على أمل ان الشخص ده يختفي، لكنه فضل واقف واستمر في الكلام وهو بيقولي:
-مالك يا سلوى ماتقلقنيش عليكي؟.. انتي فيكي ايه من ساعة ما دخلنا البيت؟
ماتطمنتش ولا فتحت عيني غير لما ملمس ايده رجع طبيعي، ولما فتحتها، لقيت ملامحه هي كمان رجعت زي ما هي، وعلى الرغم من كده، إلا إني فضلت خايفة ومتوترة، أصل اللي بيحصل ده مش طبيعي ومستحيل يكون بيتهيألي، بس برضه وعلى رأي أحمد، يمكن من خوفي بشوف وبتخيل حاجات غريبة، وعشان أنا ماكنتش قادرة أتكلم ولا أشرح بعد اللي حصل، الليلة باظت ونمنا، لكن يا ريتها جت على الليلة دي، لإن دي كانت مجرد بداية لحاجة أنا مافهمتهاش غير بعدين.
تاني يوم على طول بعد اللي حصل، حماتي جمعتنا عندها عشان نتغدى مع بعض، وفي وسط الغدا واحنا بناكل، حماتي رمت على اللي حصل امبارح وانها سمعتني وانا بصرخ، وقتها الكل ساب الأكل اللي في ايده وانتبه لكلامها بفضول، كلامها اللي خلاني اتكسف وماعرفش أرد، خاصة لما بصيت في عيون اللي قعدين.. عيونهم اللي كان فيها اسئلة كتير أنا مش هقدر أرد عليها، وعشان أحمد يشيل عني الحرج ويخلي العيون تبصله هو، قلب الموضوع هزار وهو بيقولها:
-أصلك يا أمي ماتعرفيش اللي حصل، امبارح لما دخلنا الشقة، سلوى شافت حاجة بتتحرك وافتكرتها فار، وبس يا ستي، فضلِت تصرخ لحد ما هديتها، طلعت عاملة زي منى أختي، هي كمان بتترعب من الفيران.
لما منى لقت نفسها دخلت في الحوار والعيون بقت بتبصلها هي، زعلت من أحمد وقامت من على السفرة مقموصة، وقتها حماتي قامت هي كمان عشان تشوف مالها وهي بتبصلي من فوق لتحت، كل ده كان بيحصل وحمايا مش طايقني ولا طايق يبص في وشي، تصرفات ضايقتني وخليتني أقوم وأطلع على شقتي، ومن هنا، افتكرت كلام أمي وتحذيرها ليا، بس مش وقت زعل ولا ندم، ولو على القعدة معاهم، انا كده كده كنت مقررة إني هقعد لحالي ومش هتعامل مع حد، لكن يا ريتها جت عليهم ولا على كلامهم وطريقتهم معايا، ده الشخص الغريب اللي شوفته ليلة دخلتي، فضل ملازمني في كل ثانية وكل دقيقة أحمد بيحاول يلمسني فيها، لدرجة انه بدأ يزهق مني وقرر يقطع أجازته وينزل الشغل من تاني، قرار خلى حماتي تستغرب وتسأل، كانت عايزة تفهم ايه اللي بيحصل وابنها ماله، ولإني مش بكلمهم ولا بتعامل معاهم من وقت اللي حصل، حماتي كلمت أحمد وطلبت منه ينزلها عشان عايزاه، وقتها قولت أكيد هي هتسأله عن سبب قطعه لأجازته، خصوصا يعني انه شغال مع أبوه وكل حاجة بتوصلها، بس أحمد ماقالش اللي حصل، وكل اللي قاله إن أنا اللي قولتله أنزل وماسيبش حمايا في الشغل لوحده أكتر من كده، حِجة تتبلع بس ماتتصدقش، وحماتي مش عبيطة عشان تاخد بكلام زي ده، لكنها برضه مش هتكدِّب ابنها، وفي نفس الوقت كانت عايزة تعرف الحقيقة، وعشان هي ماتجيش تكلمني واقع بالكلام أو أقول غير اللي اتقال، أحمد قالي على حصل ودخل ينام، حاولت أقعد معاه وأراضيه.. ماقدرتش، كنت كل ما أقرب منه يا اشوف الشخص اللي مش راضي يفارق خيالي، يا أحس إني قرفانة ومش عايزة أبص في وشه، شعور مش عارفة سببه، وفي نفس الوقت لازم أحله عشان أحمد مش هيستحملني أكتر من كده، فـ من نفسي ومن غير شورة حد، روحت للشيخ مبروك، هو لا دجال، ولا بتاع أعمال.. هو شيخ جامع محترم، بتجمعه عِشرة كبيرة بينه وبين أبويا، ومن وقت ما كنت صغيرة، أبويا كان بياخدني البيت عنده نقعد معاه، ولإني عارفة الطريق كويس، خدت تاكسي وروحت على هناك، خبطت على بابه واللي فتحتلي كانت الحاجة كوثر مراته، اللي أول ما شافتني خديتني بالحضن وباستني، بعدها شاورتلي على جوة وهي بتقولي:
تتبع.
بيت العائلة
٢
من نفسي ومن غير شورة حد، روحت للشيخ مبروك، هو لا دجال، ولا بتاع أعمال.. هو شيخ جامع محترم، بتجمعه عِشرة كبيرة بينه وبين أبويا، ومن وقت ما كنت صغيرة، أبويا كان بياخدني البيت عنده نقعد معاه، ولإني عارفة الطريق كويس، خدت تاكسي وروحت على هناك، خبطت على بابه واللي فتحتلي كانت الحاجة كوثر مراته، اللي أول ما شافتني خديتني بالحضن وباستني، بعدها شاورتلي على جوة وهي بتقولي:
-اتفضلي يا حبيبتي، اتفضلي، بيتك ومطرحك.. نورتي.
دخلت الشقة وأنا حاطة راسي في الأرض، ومن غير ما أرفعها، قعدت على أول كرسي قابلني بعدها الحاجاة كوثر قالتلي:
-تشربي ايه يا حبيبتي؟
-ولا أي حاجة يا خالتي، أنا كل اللي عايزة إني أشور الشيخ مبروك في حاجة.
-وماله يا بنتي، بس وجب تشربي حاجة برضه.
-تسلمي يا خالتي، والله أنا مش قادرة أشرب حاجة خالص.
-شاي.. ونبي لأعملك شاي، بس قبل ما أعمله، هخش أصحيلك الشيخ من جوة.
هزيت راسي بالقبول، وبعد عشر دقايق تقريبًا، الحاجة كوثر دخلت عليا بصينية الشاي ووراها الشيخ طلع من جوة، أول ما شوفته قومت وسلمت عليه، بعدها طلب مني أقعد وأحكيله اللي جاية عشانه وهو بيقولي:
-عينك بتقول كلام كتير يا بنت سالم، بس احكيلي وقوليلي ايه اللي جابك، أبوكي ضايقك في حاجة؟
-أبويا!.. لا والله، أنا أبويا مايعرفش يضايق حد، ما أنت عارفه، طيب والكل بيحبه.
-أومال ايه اللي جابك لوحدك يا بنتي، وعينيكي.. عينيكي بتقول كلام مايطمنش.
-أنا اللي جاية عشانه هو أحمد.. جوزي، ما أنت عارف يا شيخ مبروك، أنا اتجوزت من كام أسبوع.
-عارف يا سلوى يا بنتي، بس ماله جوزك، اتعرضلك كفالله الشر؟
-هحكيلك القصة من الأول، وأنا والله لولا إني مش عارفة أتصرف ولا أقول لأهلي ازاي، ماكنتش جيتلك دلوقتي وقعدت معاك.
-وأنا في مقام والدك يا بنتي.
-عارفة يا شيخ مبروك، عشان كده جيتلك وانا أملي فيك بعد ربنا انك تقولي الحل.
حكيت للشيخ مبروك كل حاجة من بداية الجوازة، لآخر مرة شوفت فيها أحمد، وبعد ما خلصت وبدأت أعيط، الحاجة كوثر طلعت من جوة عشان تواسيني وتهديني، وقتها الشيخ مبروك زعق فيها وهو ماسك السبحة في ايده وبيقولها:
-خشي جوة يا حاجة وماتطلعيش.
دخلت الست كوثر بعدها الشيخ مبروك بص لي وهو بيقولي:
-بصي يا سلوى يا بنتي، الموضوع مش خير، لكن الحل سهل وبسيط، انتي بعيدة عن ربك ومافكرتيش فيه ولو للحظة، والقصة واضحة وضوح الشمس، ده عمل ومعمولك، واللي يقوى على حاجة زي كده، هو رب العباد مافيش غيره، يعني تشغلي قرآن وتنتظمي في صلاتك، وانا دلوقتي هديكي شوية ماية ترشيهم في البيت كله، وبكده وبإذن المولى عز وجل، العمل هيبطل والأمور هتتيسر.
-الله يباركلك يا شيخ ويطول في عمرك، انا قولت مافيش غيرك هينجدني.
-احنا مجرد اسباب يا بنتي، وربنا حطني في طريقك عشان ارشدك للصح.
الشيخ قام من على الكرسي وجابلي ازازة ماية في كيسة سودة، ادهاني في ايدي وأكد عليا على موضوع القرآن والانتظام في الصلاة، وقبل ما أمشي وأرجع بيتي، الشيخ حذرني وقالي اني لازم امشي واسيب البيت في أقرب وقت، وجودي هناك مش خير ومش هيجيب غير وجع القلب، كلامه صح وانا مقتنعة بيه، بس على الرغم من كده، إلا إنه مش بـ إيدي ولا بـ إيد جوزي، الظروف هي اللي حاكمه وده مصيرنا دلوقتي، وعلى قد لحافك، مد رجيلك، وأنا زي ما قالي الشيخ عملت، رجعت البيت ورشيت الماية في كل حتة، وقبل ما أحمد يجي، شغلت قرآن في البيت وعملت الغدا، أحمد رجع من الشغل واتغدينا سوا، بعدها دخل ينام وانا دخلت وراه، ولأول مرة من ساعة ما اتجوزنا أحس إن أحمد جوزي فعلًا، واللي كنت بشوفه أو بحسه قبل كده، اختفى زي ما الشيخ قالي بالظبط، وقتها أحمد اتبسط وبدأ يفك وشه اللي مقفول بقاله حبة، وزي ما يكون كده رجع شهر العسل تاني وخد أجازة يومين من أبوه، قضيناها مبسوطين بالطول وبالعرض، ضحك وخروجات، خلت حماتي تستغرب وتسأل، ساعتها أحمد كان رده إنه اتسرع في قطع الأجازة وكان لازم يقضي شهر عسله، حماتي طبعًا ماصدقتش والأسئلة اللي في دماغها زادت، ولأول مرة من ساعة ما اتجوزنا، حماتي طلعتلي الشقة وزارتنا، خبطت الباب وأنا فتحت، طبعًا استغربت وده كان باين على وشي، لكن حماتي وبـ ابتسامة مصطنعة قالتلي:
-ايه يا حبيبتي؟.. مش هتقوليلي أخش؟
رديت عليها بكل تلقائية وأنا مش مستوعبة اللي بيحصل:
-أه.. أه طبعًا يا حماتي، اتفضلي جوة.
حماتي دخلت وقعدت على أبعد كرسي في الصالة واللي كاشف الشقة كلها، أما أنا قعدت على الكرسي اللي قصادها بهدوء ومن غير ما أنطق ولا كلمة، وقتها حماتي سبقت بالكلام وقالتلي:
-ايه يا حبيبتي؟.. مش هتسأليني أشرب ايه؟
-ايه؟.. لا طبعًا، نسألك يا حماتي، تشربي ايه؟
-عصير.. ويا ريت لو يكون فرش، أنا عارفة ان احمد مايحبش تلاجته تخلى من عصير المانجا، أصله طالعلي، أحبها أوي وماستغناش عنها.
-عينيا يا حماتي، ولو مافيش نعملك.
-لأ فيه ماتقلقيش، أنا مستنياكي.
دخلت المطبخ، طلعت العصير من التلاجة، بعدها صبيته في أكبر مج وحطيته على صينية طلِعت بيها لحماتي، وبمجرد ما حطيت المج على الترابيزة اللي جنبيها، ماعجبهاش وقالتلي:
-ومن امتى أحمد يحب يشربه في مج؟.. أنا أحب أشربه في الكوباية الاستانليس.
-والله يا حماتي…
قاطعتني قبل ما أكمل وهي بتمسك المج وبترفعه عشان تاخد منه بوق، وبعد ما خدِته قالتلي:
-وماله.. نشربه، بس قوليلي، عاملة ايه انتي وأحمد؟.. كويسين يعني؟
-بخير الحمد لله يا حماتي، هو قالك غير كده؟
-ما المشكلة إنه ماقالش، وأنا أعرفه كويس، انتي مش مريحاة.
-وايه لزومة الكلام ده يا حماتي، ما احنا زي الفُل وكويسين، وأحمد ده شايلاه في عينيا.
-وماله.. أصلك مش فاهمة، أحمد ده ابني الحيلة، وبالنسبة لينا كلنا هو السند، يعني منى أخته مثلًا، ماتقدرش تعيش من غيره، أصل من كتر الدلع اللي دلعهولها، ماهياش عايزة تتجوز واحد والسلام، هي عايزة النسخة التانية من أحمد، واللي للأسف مش هتلاقيها.
حاولت أهزر وأفك القعدة اللي كلها توتر وأنا بقول:
-طب ما كنا نجوزهولها بقى يا حماتي.
ردت عليا وهي بتبصلي من تحت النضارة:
-وهو ينفع برضه؟.. اللي ينفع تتجوزه لازما تكون من برة، وانتي المحظوظة اللي كسبتي قلبه، عشان كده حافظي عليه، ولو مش عشانه، يبقى عشاني، أصل أنا بحبه أوي.. ابني بقى، ولو حصله مكروه، مش عارفة ممكن أعمل.
-تقصدي ايه بكلامك ده يا حماتي؟
-أقصد إن العصير ناقص سكر، ابقي انزليلي في مرة اعلِمك ازاي تظبطيه.. بالإذن أنا بقى يا حبيبتي.
قالت كده وقامت من على الكرسي، اتمشت ناحية الباب وقبل ما تفتحه بصيتلي وهي مبتسمة، بعدها فتحت الباب وقفلته وراها، تصرفات خليتني ماحسش بنفسي غير وأنا بتصل بـ أحمد، بمجرد ما رد ولسه كنت هقوله اللي حصل، ماعرفش ايه اللي خلاني أغير الموضوع أوتطمن عليه، وقتها قالي انه خلص شغل وواقع من الجوع، يعني مسافة السكة وهيجي، وأنا يومها ماكنتش عملت الأكل لسه، الوقت سرح بيا وحماتي جت وعطلتني، بس سهلة، هطلع أي حاجة سريعة وأعملها، وعشان الوقت مايضيعش مني أكتر من كده، ابتديت شغل في المطبخ بسرعة، وفي وسط ما أنا بتطبخ، شميت ريحة شياط، بصيت حواليا مالقتش حاجة بتشيط والأكل تمام، وقتها ماتطمنتش وقفلت البوتجاز، وفي اللحظة دي، شوفت نور عالي جاي من برة في عز الليل اللي كنا فيه، ولما طلعت راسي من المطبخ، شوفت نار قايدة، خلت دمي ينشف للحظات قبل ما أصوّت واطلب النجدة، بس النجدة مش كفاية، أنا جريت على برة بكل صعوبة، لكن من شدة الدخان ماقدرتش وحسيت إني دايخة، بصيت حواليا وشوفت كل حاجة اتنين حرفيًا، ومن شدة الحر والعرق، هبّطت ووقعت على الأرض بعدها أغمى عليا، فوقت على صوت أمي وهي بتبكي، وبمجرد ما فتحت عينيا لقيت الكل بص لي، وقتها أبويا وأحمد قربوا مني عشان يتطمنوا عليا، ولما اتأكدوا إني تمام والدكتور طمنهم، عرفت منهم إن أحمد لحقني من وسط النار ووداني على المستشفى، ولما سألوا واستفهموا عن سبب الحريقة، ماحدش كان فاهم، وكـ اجراء روتيني لأي حريقة بتحصل في بيت، الحكومة وصلت بعد المطافي والإسعاف، وقتها حمايا طلب منهم يمشوا، أما أبويا رفض وقال إنهم هيشوفوا شغلهم، وبعد تحريات من الحكومة، اكتشفوا إن الحريقة سببها عود كبريت اترمى من الشباك، يعني فيه حد من البيت هو اللي رمى العود وعن قصد، طبعًا حصلت خلافات بين العيلتين، خاصة أبويا اللي حلِف انه مش هيسيب حقي، وقت ما حمايا خد الموضوع بشكل شخصي لحد ما انكشفت الحقيقة، وده لما منى اعترفت بكل حاجة، أصلها خافت لا تتحبس بسبب الأحلام اللي بتحلم بيها في كل يوم وكل ليلة بتصحى منها مفزوعة، ده لما قالت إن هي اللي رمت عود الكبريت، كمان عملتلي عمل عشان ماقربش من أحمد، كانت خايفة ومرعوبة إني أخطفه وأبعده عنها، كمان الشعور ده زاد يوم الغدا لما أحرجها قدام الكل لأول مرة، مسكينة لكنها مجرمة ومريضة، كانت عايزة تقتلني عشان بتحب أخوها ومش قادرة تبعد عنه، واللي كان هيدفع التمن في الآخر هو أنا، وطبعًا بعد اللي حصل ماقدرتش أعيش مع أحمد يوم زيادة، خاصة إنه ماقدرش يبعد عن عيلته بعد كل اللي، ولإنه طيب وماشوفتش منه وحش، مارضتش أعمل محضر لأخته وأسجنها، قولت اني زي ما دخلت بالمعروف، هخرج بالمعروف، وكل اللي أخدته منه هم حاجتين، المؤخر والنفقة، وأظن دول من حقي بعيدًا عن كل اللي حصل، والحمد لله، أنا دلوقتي عايشة مع عوض، جوزي الجديد، راجل شهم وجدع، مخلفة منه اتنين وعايشين حياة سعيدة بتمناها لكل واحد فيكوا.
تمت بحمد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى