قصص

قصه زفة القتيلة

جتلنا مكالمة من القوات بالتحرك على منطقة العزبة للقبض على زوج متهم بقتل زوجته، دقائق معدودة القوات كلها كانت في العربيات واتحركنا على المكان بالفعل، وقتها كان في فرح شغال وصوت زغاريط واغاني شغال بصوت عالي جدًا، كله فضل يبص لبعضه لما عرفنا ان القاتل قاعد جوه وسط الفرح بيرقص ويغني.. أول ما وصلنا شارع الفرح لقيناهم وقفونا ورفضوا يدخولنا بالسلاح، بدون أي شوشرة مضيناهم على الأسلحة وعهدتنا، من بعدها دخلنا الفرح وكان في هدوء تام حل على المكان بمجرد دخولنا ده غير اننا كنا وسط ترحيب كبير من شخص واقف على كرسي وواضح عليه شُرب الخمور بيتكلم ويقول:
-اهلًا بيكوا، كنت مستنيكم بقالي شوية، انا متصل بالشرطة بقالي ساعة ايه كل التأخير ده.. هو الطريق زحمة ولا ايه؟
القوات بدأت تتحرك وتكتف الراجل لكنه كان بيزق فيهم وبكل هدوء قال:
-ايه مالكوا؟.. أنا اللي مبلغ على نفسي وأنا اللي هاجي معاكوا بكل هدوء، ابارك بس للعروسة بس على فرحتها وامشي.
وقتها المعازيم كانوا مستغربين اللي بيحصل.. ومين أصلًا العروسة اللي بيتكلموا عنها دي، لأن من الواضح إن ماكنش في عروسة أساسا في المكان، ولا حتى العريس بل كانوا منتظرينهم، من بعدها الراجل المخبول ده بدأ يقول:
-ايه مش عارفيين العروسة!!.. العروسة تبقى مراتي الله يلعنها ويلعن أمثالها، كان نفسها فرحها يبقى النهاردة.. في نفس اليوم اللي اتجوزنا فيه، وأنا حققتلها طلبها.
بعدها شاور لناس تبعه وقال:
-خش يابني بالعروسة وزفها زفة تليق بيها.
في اللحظة دي شوفت أغرب موقف ممكن اشوفه في حياتي… العروسة دخلت فعلا، بس الغريب إنها كانت داخلة بالتابوت بتاعها، المشكلة إن المعازيم كانوا من الخوف بيزغرطوا ويهيصوا للعروسة، والراجل المخبول ده عمال يرقص مع الناس وسط رجالته اللي منعونا ناخده ونمشي.. لكن الموضوع مستمرش اكتر من دقايق معدودة إلا والراجل سلم نفسه وهو ماسك الميكرفون وبيقول:
-اديني أهو يا حكومة أقبضوا عليا، لكن قبل ماتقبضوا عليا كان لازم أزفها بنت علاء ابن الطرابلسي، ولو رجع بيا الزمن يا منطقة وشرفي كنت قتلتها بدل المره اتنين وفي السنة نعملها زفتين…
قبضنا عليه وسط المشهد الدرامي الغريب اللي حصل، لكن المميز في اليوم الغريب ده إني لأول مره أحضر “زفة قتيلة”..
أنا أمير السيوفي ملازم أول مباحث القاهرة، والراجل المخبول ده يبقى محروس عوض واللي قتلها دي تبقى مراته، الموضوع كله مش راكب علي بعض، لكن ده اللي حصل.
بعد ما خدنا محروس ووديناه القسم وأول ما أبتدت التحقيقات بالتحديد بدأ يحكي ويعترف بكل حاجه وإن مراته بعد سنتين جواز خانته مع واحد مجهول و كل مايجي يمسكهم عشيقها كان بيهرب منه، مره في اتنين في تلاتة كدب نفسه وقال إن كل ده تهيؤات وان مفيش حد بيبقي معاها لكن صعب تكون التهيؤات دي كلها زادت وبقيت كتير عن حدها للدرجادي، قال إنه في يوم كان راجع من الشغل لقاها طالعة عمارة لخالتها في وسط البلد، مشي وراها وطلع الشقة لقاها في الشقة لوحدها وفي طيف أسود لشخص ما كان بيهرب من المكان ده، حاول ينطقها لكنها أنكرت وقالت إنه لما لقت خالتها لسه تحت قعدت تستناها، فاخدها روحها البيت وضربها علقة موت عشان تعترف لكنها في النهاية اقنعته وسابها..
من كتر التفاصيل اللي كان بيقولها محروس أجلنا التحقيق لتاني يوم على ما نروح مسرح الجريمة يشرحلنا قتلها إزاي بالضبط..
تاني يوم روحنا لخالة القتيلة نسألها على كل اللي قاله محروس، لكنها اتهمته بالجنون وإنه انسان مختل لما قالت:
-ده راجل مخبول، دماغه خفت من المخدارات او الهباب اللي هو بيشربه، حاولت اخلي البت تبعد عنه لكنها كانت مُصرة تستمر معاه عشان لو هي سابته هيصدق فعلًا إنها بتخونه مع الخيال اللي في دماغه.. ده ياباشا في يوم جت عدت عليا لقيته ماشي وراها، قولت أما أطلع اشوف في ايه ومصيبة ايه اللي هيعملها، بعديها عرفت انه اتهمها انها بتخونه في بيتي!!.. اليوم ده طردته وقولتلها لو فضلتي معاه ومسيبتهوش يبقى تطلعي برا بيتي وأنا لا خالتك ولا أعرفك، وزي ماتوقعت أخدت بعضها معاه ومشيت، وده كان أسوء قرار اخدته في حياتي يا بني، لان من ساعتها الأتصال بيني وبينها اتقطع تمامًا لدرجة اني ماكنتش عارفه أوصلها، لغاية اليوم اللي عرفت فيه إنه قتلها و خلص منها.
الست بدأت تعيط ودموعها تنزل، حاولت أهديها شوية لغاية ما أخدنا بعضينا ونزلنا.. قعدت وقتها على القهوة أهدى كده وأحاول أجمع كل اللي بيحصل، أصل هو ليه هيتهمها إنها بتخونه.. وحتى لو زهق منها عادي جدًا كان يطلقها وعنده بدل الجنية مليون، وبدل الست عشرة يتجوزوه أكيد في حاجه ناقصة، والحاجه دي هي الحل للجريمة كلها..
رجعنا القسم وقابلت منعم من قسم التشريح وعرفت منه إننا لقينا حاجه غريبة على الجثة، زي تعويرة في دراعها، او بواقي حاجه لسه هنحللها نعرف إيه دي.. سيبت منعم وبدأنا نكمل أستجواب محروس، والأستجواب أتأخر لان محروس من الصبح عمال يتشنج وأغمى عليه، حتى لما ابتدينا التحقيقات كانت عينه بترف وكان شكله وطريقته في الكلام مرعبين، لكن ابتدينا التحقيق أنا ووكيل النيابة بحاجه بسيطة لما قولت:
-تعرف أنا كنت فين النهاردة يا محروس؟
لقيته ضحك ضحكة مرعبة وهو بيقول:
-كنت عند خالتها؟؟.. مش مهم، كلامها كان زي كلامي يعني أنا مكدبتش، دي خاينة وعايزة تموت زي ماقتلتني لما خانتني.
-خانتك ازاي يا محروس مانت مقدرتش تمسك عليها حاجه.
-مقدرتش!!.. كنت سامع صوت ترزيع أوي في الشغل، ترزيع جامد.. دماغي كانت بتزن وعنيا كانت بترف.. حالي كان مقلوب، ومفيش غير إني أروح البيت، فأخدت إذن ونزلت من الشغل، اتصلت بيها على الموبايل ماكنتش بترد عليا، جريت على البيت أشوف فيه إيه، فتحت أوضة النوم لقيتها قاعدة على السرير مع راجل غريب، في لحظة الراجل ده كان نط من على الشباك، الدم جري في عروقي وبدأت اضرب فيها، عملت فيها كانت نايمة ومش دارية بحاجه لكني فضلت أخنق فيها لغاية ما طلعت في الروح قصاد عيني، بعدها لقيتها حطالي ورقة على الكوميدينو كاتبة فيها الليلة الكبيرة يوم 14 ده غير انها كانت جايبة فستان جديد وحطاه في الدولاب، اتاريها كانت هتهرب مني بليل وتروحله الخاينة، لكني عملت اللي هي عايزاه، أول زفة قتيلة فيكي يا جمهورية، ولو رجع بيا الزمن كنت عملتلها زفة أحسن وأفخم من دي كمان، خليها تفرح بعريسها..
خلص كلامه طلعت صورة من جيبه كانت للأثار السودة اللي على كتف القتيلة، لكنه أول ما شاف الصورة بدا يقع ويتشنج في الأرض، كان عامل زي المجنون، ندهنا العسكري ودخل خده دخله عالحجز، فضلت أنا ووكيل النيابة نتناقش على اللي حصل لكن كل حاجه كانت ناقصة، أكيد كل اللي بيحكي ده مش صدفة، ونفس وجهة النظر كنت بفكر فيها إنه ليه هيكدب، وليه سلم نفسه؟.. ده غير انه ليه قتلها طالما هيسلم نفسه وهي معملتش حاجه.. أكيد في حاجه مهمة لسه ناقصة في الموضوع إحنا مش عارفينها.
ومن صباح اليوم التاني بدأت بوادر الشيء المخفي ده يظهر بعدما زورت خالة القتيلة مره تانية وسمعتها بتكلم حد في التليفون وبتقول:
-يعني ايه فاهم انك بتخوني، هو الرجالة اتلبست ولا ايه.
بعد كده بدأت تبكي وهي بتتكلم:
-ده لسه دم البت مبردش لغاية دلوقتي، يروح يحصلك كده يا غالية.
في اللحظة دي خبطت على باب الشقة وهي بتلم شُتات نفسها، لكني في اللحظة دي قولت:
-هي مين اللي بتكلميها دي؟
-وليه السؤال ده يابني، هو في حاجه جديدة؟
-معلش ريحيني وردي على السؤال مين اللي بتكلمك دي؟
-دي زهرة يابني كانت صاحبة بنت اختي الله يرحمها ويجحم اللي كان السبب.
في اللحظة دي عرفت وجهتي الجديدة لما عرفت عنوان زهرة دي وروحتلها في نفس اليوم عشان تبتدي ملامح الجريمة تتفسر شوية لما وصلت البيت عندها واستقبلتني بخوف شديد جدًا لما كنت على الباب وهي قالتلي:
-ايه يا باشا؟… في حاجه؟
ابتسمت عشان اهدي الأمور شوية وقولت:
-ايه يا زهرة مالك خايفة ليه؟ انا جي ادردش معاكي وامشي مفيش اي حاجه تدعي للخوف يعني.
-يا باشا محمود لو وصل ولقاني معاك هيقتلني، واسفة يعني مش بعيد يقتلك.
-هما كلمتين.. كلمتين وهمشي ومش هتشوفيني تاني.
بالفعل دخلتني وبدأنا كلام مع بعض، لكن لفت انتباهي حاجه على رقبة زهرة لونها أسود غامق فقولت لزهرة بإحراج:
-هو ايه اللي على رقابتك ده يا زهرة؟
لقيتها ابتسمت وقالت:
-دي يابية حنه كانت جايبهالي سلفتي انما ايه حاجه أخر فخامة بتروح مع الزمن وبتسيب أثار، كنت حطاها لي الله يرحمها يعني قبل ماجوزها يعمل اللي يعمله بشهر، ويدوبك افتكرتها من يومين في اليوم اللي حصل فيه اللي حصل وعملت منها زهرة حلوه كده يمكن تعجب محمود، لكن من ساعتها واتقلب حاله ياباشا وبقى بيشك فيا لدرجة اني خايفة انه هو كمان يقتلني.
-طب هاتيلي الحنه دي معلش، وقوليلي فين سلفتك دي.
قامت جابت الحنه فعلا وهي مستغربة وبتقول:
-ليه يا بيه عايزها في ايه دي طيبة وبلسم، لكن لو محتاجها اوي فهي ساكنه في الدور اللي فوقينا على طول.
في اللحظة دي لقيت الباب بيرزع جامد واللي كان على الباب جوز زهرة، أول ما محمود دخل زهرة فضلت تصرخ وتقول:
-يالهوي يالهوي، محمود معاه سكينة وهيصفيني.
-اهدي بس يا زهرة.
في اللحظة دي طلعت الطبنجة وثبت محمود، لكن من الواضح ان كان في شيطان لابسه وفضل يزعق ويقول:
-بتخونيني يا بنت نعنع بتاع الجرجير، طب وديني لهقتلك انتي وهو.
في اللحظة دي هجم عليا لكن حركتي كانت اسرع منه ووقعته على الارض وحطيت في ايده الكلبشات وخدتهم وطلعنا لسلفتها اللي اول ما طلعنا كام خطوة على السلم كانت هي بتقفل الباب بسرعة، فرزعت الباب كسرته ولقينا سلفتها اللي اسمها اميرة بتعيط وتقول:
-والله ما عملت حاجه يا بيه، اقسم بالله انا بريئة.
مسكت كيس الحنة وقولت:
-الكيس ده جبتيه منين يا بت انطقي.
فضلت تقول وهي بتهته:
-معرفش ياباشا، ده كيس حنه.
شديتها من شعرها وقولت:
-الكيس ده مش مظبوط قوليلي جبتي منين وإلا وديني هدفنك هنا.
بدأت تقول:
-ده واحده من بتوع السحر وكده ادتهوني عشان ارجع لمحمود تاني لما يقرف من زهرة، لكن والله ماكنت اعرف انه هيحصل ده كله..
زهرة اتصدمت من اللي سمعته وهجمت عليها وهي بتقول:
-اه يا واطية يا بتاعة الرجالة، جوزك مات مبقالوش شهرين وبتعملي كده؟… هقتلك، هقتلك زي ماقتلتي البت الغلبانة.
في اللحظة دي وقولت:
-حنه ودجالة، هنشوف الكلام ده في القسم يا روح أمك.. وأنتي يا زهرة لو مبعدتيش عنها وديني لهحبسك.
لكن من الواضح إن كلامي ماكنش لي لازمة فكان لازم اتدخل واكلبشهم كلهم.. بعدها اتصلت بالقوات جم اخدوا اميرة القسم، واتحبست من بعديها عشر سنين، لكن الغريب ان محروس قتل نفسه في الحجز حتى قبل تنفيذ الاعدام، واتشهرت القضية بعدين بزفة القتيلة… القتيلة اللي اتقتلت عشان مجرد حنه عجبتها اتحطت على رقابتها…..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى