أيوة أنا أخدته من بيته ومراته، ده حقي وأنا مش هسيب حقي للدنيا أكتر من كده، الحكاية كلها بدأت لمّا عصام رجع البلد بعد ما خلص جامعته، وطلب من أبوه اللي هو عمي إنه يروح يخطب له واحدة من اللي اتعرف عليهم هناك..
وعمي وقتها كسر وصية جدي، وقهر أبويا وأمي في قبرهم وجوّز ابنه لواحدة غريبة، دخّلها العيله وسابني أبكي حظي..
من زمان واحنا صغيرين، كانوا بيقولوا صفية لعصام وعصام لصفية، بس عمي لما حسبها لقى إنه لو جوّزه برا العيلة هيكسب أكتر، هو كده كده معاه المال، كان فاضله السلطة وأهل العروسة اللي اختارها عصام واصلين أوي…
الموضوع ماخدش شهر، شبكها واتجوزوا على طول وسافروا برا مصر، وفضلت أنا صفية البنت اليتيمة اللي عايشة في بيت عمها، مراة عمي تعبت بعد فترة من جوازه، وماتت وهو ماكلفش خاطره ونزل عزا والدته، مابقاش في البيت غيري أنا، وعمي اللي كبر وبدأ يخرف، وكان عاوز يرميني لواحد من رجالته عشان يرتاح من همي، بس لا عليا وعلى أعدائي، أنا هاخد حقي من العيلة دي تالت ومتلت….
بعد ما الخدم اللي في البيت ناموا لبست شالي الاسود وطلعت عند بوابة البيت، كانت مستنياني هناك، هي وعدتني هتخلي عصام يجيلي راكع ويسيب مراته…
كان بيته مطّرف وبعيد، بعد ساعة ونص مشي وصلنا أخيرًا، خبطت علي الباب وفتحلها شاب، خبيت وشي بسرعة؛ عشان ميعرفنيش ويروح يقول لعمي وأتكشف…..
ماكنش محتاج إني أحكيله، كأنه كان عارف كل حاجة من غير ماتكلم قالي….
– عندك عم مات، وهو صغير!
– آه، عرفت منين؟
– أنا متسألش، أسأل وانتِ تجاوبي وبس.
– حاضر.
– حلو، هتفتحي قبره وتجبيلي حتة قماش من كفنه، وأي حاجة تخص المحروس ووالدته.
– بس عمي ده ميت من زمان، معقول كفنه هيبقي لسه سليم.
– لو خيط واحد من كفن عمك قادر يحل كل حاجة؛ لأن المفعول هيبقي أقوى.
– تمام في أقرب وقت هيكون عندك.
مشيت من عنده وأنا جوايا مشاعر متضاربة، كنت بسأل نفسي هو أنا هقدر أعمل كده وأنبش قبر وكده!
بس في نفس الوقت كنت مبسوطة، حاسة إن حلمي هيتحقق أخيرًا، عصام هيبقي ليا، الدنيا ماكانتش سايعاني من الفرح والقلق والخوف والخضة والتوتر…
بس كنت واخدة قرار، ومش هارجع فيه، عصام هيبقي ليا لوحدي مهما حصل، ومهما كلفني الموضوع.
وقفت قدام البيت، وعطتها الفلوس اللي اتفقنا عليها..
– هتقدري تروحي المقابر لوحدك يا ست صفية، ولا محتاجاني معاكي؟
– بجد ممكن تيجي!
– أكيد، ما كله بحسابه، أنا عندي اللي يخلص لنا الحوار ده كله، واحنا قاعدين هنا.
– لا مش مآمنة لحد هاروح بنفسي، هتيجي معايا؟
– معاكي أكيد يا ست صفية.
دخلت أوضتي، وأنا ماسكة قلبي بايدي لاحسن عمي يحس بحاجة، الصبح لما اطمنت إنه نزل شغله دخلت أوضته، وخدت طرحة من حاجات المرحومة مراته ودخلت أوضة عصام، فضلت ألف فيها بعنيا وأفتكر ضحكنا هنا، وهزارنا هناك وأما كنا نستخبى تحت السرير من عمي لما نبوظله شغله، معقولة نسى كل حاجة بسهولة كده!
مديت إيدي في دولابه، كان فيه هدوم من أيام الثانوية، أخدت تيشرت وخرجت بسرعة، ولما الدنيا ضلمت كالعادة استنيتها عند بوابة البيت، وخرجنا المرة دي روحنا المقابر…..
كنا ماشيين بنتلفت حوالينا، كل حركة غريبة كانت بتجمد الدم في عروقنا، مسكت في إيدها فبصتلي، وقالت….
– مش كان فلان خلص لنا الحوار بدل الرعب ده!
– ونتكشف ونروح في خبر كان، عمي لو عرف أصلا هيتاويكي قبلي.
– وعلي إيه يا ستي، أنا ماشية معاكي اهو.
وصلنا للقبر اللي كنا عايزينه، وبدأت سعدية تنبش معايا، فتحنا القبر، وفجأة حسيت إن الجو حواليا تلج وجسمي كله بيترعش والدنيا بتلف بيا، مسكت في إيدها ومن غير ما واحدة فينا تتكلم كان الرعب باين علينا، حسيت فجأة بإيد بتشدني لجوة، بس سعدية لحقتني وفضلت تشد فيا لحد ما وقعت أنا وهي، ولقيت في إيدي حتة قماشة من كفن شكله دايب أوي، رجعنا كل حاجة مكانها ومشينا كان الفجر قرب يأذن، اتفقنا نتقابل بعد العصر عشان نروح للراجل تاني، استغليت إن عمي مش هنا، بيخلص شغل بره البلد.
في بيته مسك الحاجات اللي طلبها مني، وبدأ ياخد منها قصاقيص ويخيطها في عروسة محشية قطن، وطلب مني بعد ٣ أيام لما ييجي عصام أجيبله حاجة من أتره، وأتر مراته كمان.
يومها رجعت البيت، وأنا مش عارفة هو أنا انضحك عليا ولا الغايب هيرجع بجد، فضلت صاحية لحد ما اطمنت إن عمي رجع بالسلامة، ودخل أوضته وبعدين دخلت أوضتي، فردت جسمي على السرير وحسيت بحركة جنبي، اتخضيت واتنفضت من مكاني، ودورت جنبي وحواليا وتحت السرير بس مالقتش حد، ولما ركزت شويه سمعت صوت وشوشه، صوت مش فاهمة هو بيقول إيه، دورت هنا وهناك، لحد ما عيني جت على العروسة القطن، مسكتها وانا إيديا بتترعش، قربتها مني، سمعت صوت طالع منها بيقول فاضل ليلتين وعصام جاي يا صفية، العروسة بتكلمني، أعوذ بالله، هو أنا هتجنن!
حطيتها في الدولاب، وعدت الليلة التانية والتالتة وعصام ماجاش، فضلت قاعدة مستنية جنب باب البيت ولما فقدت الأمل، طلعت أوضتي واترميت على سريري، من امتى حاجة اتمنيتها وطولتها؟ لا شهادة ولا جوازة!.
غمضت عيني وسمعت فجأة صوت بيهمس جنبي، بيقول: “الغالي جه”، مسحت دموعي، ماكنتش مصدقة بس صوت كلاكس العربية فوّقني، جريت على شباك الأوضة، كانت فعلا عربية وعصام ومراته قدامها وعمي في استقبالهم.
بصيت ورايا، وأنا باقول…..
– ده أنا هاحليلك بوقك يا بنت يا سعدية على الخبر ده، بس مالقتهاش، كانت العروسة القطن هي اللي على السرير، افتكرت من يومين لما سمعت صوت طالع منها، وقالي الغالي جاي، رجعت لورا كذا خطوة بخوف، وبعدها باب الأوضة اتفتح، ودخلت سعدية براسها تقولي…..
– ست صفيه، الأستاذ عصام وصل.
– تمام، تعالي خدي العروسة القطن دي، حطيها في الدولاب، أنا بخاف منها وبافتكر اللي حصلنا يوم ماكنا بننبش القبر.
– ماتنسيش مطلوب حاجة من أترهم.
هزيت راسي وسبتلها الأوضة وخرجت، رجليا أخدتني لعندهم.
دخلوا كأني سراب مش قدامهم، حاجة مش متشافة، الدمعه نزلت من عيني، حسيت بحرقة جوايا وفجأة إيد شدتني وبعدتني، كانت سعدية، لقيتها بتقولي….
– اطلعي أوضتك، بلاش تبيني إنك مدلوقة عليه.
عدى الليل والصبح كانوا متجمعين على الفطار، اتسحبت ودخلت الأوضة اللي باتوا فيها، وأخدت حاجة من أترهم وخرجت برا البيت، رحت للرجل زي ماطلب، بس غصب عني عينيا كانت مليانة بالدموع، بص لي وقال…..
– تحبي تشوفي الوجع في عنيهم، ويترد لهم ولا عايزة المحروس وبس؟
– وقتها كل غل وكره الدنيا كان ماليني، عمي اللي عمره ماعاملني كويس ومرات عصام اللي سرقته مني من الأول، اعمل كل اللي يبرد ناري، بس ماتأذيش عصام.
– طلبك مجاب، هاتي العروسة القطن.
ناولتهاله، فضل يشكشك فيها بإبرة فيها خيط أحمر، ويقول كلام غريب مافهمتش منه حاجة، فجأة العروسة اتحولت في إيديه للعبة صغيرة، بص ليا وقال….
– قومي إديها لمراته؛ عشان تكون بشرة خير ليها وتحمل.
بصيت له باستغراب….
– انت بتقول إيه! أنا عايزة أفرقهم!
– حاضر.
– أما عمك، فدوره جاي.
وصلت البيت ودخلت المطبخ، عملت كوباية حليب دافي وحطيتها على صينية، وطرت على أوضتي ظبطت لبسي، وأخدت الصينية والعروسة، وخبطت على أوضتهم، فتح عصام الباب بعصبية، نزلت وشي في الأرض، وقولتله عمي قال اللبن ده صابح، وهو موصي نطلع لمراتك كوباية.
فتح الباب على آخره، وشاور لي أدخل، وبعدين خرج ورزعه وراه، اتنفضت مكاني، بصيت عليها لقيتها متكومة على نفسها، وعينيها مليانة دموع، قربت منها فمسحت دموعها، واتعدلت في قعدتها، مديت إيدي باللبن ليها، أخدته وشربته من غير كلام.
ناولتها اللعبة بعد ما خلصت، بصت ليا باستغراب….
– إيه ده؟
– لعبة.
– ماانا عارفة، بس ليه بتديهالي؟
– اعتبريها بشارة، بكرة تقولي قلب صفية صافي وبيدلها.
– عصام وباباه مستعجلين أوي على وجود وريث، وأنا تعبت من ضغطهم….
قعدت على الكرسي اللي قدامها، وقولتلها…
– أنت بس عشان غريبة عننا مش فاهمة عاداتنا، حكاية الخلفة واسم العيلة دي بتهد بيوت، لولا إن عصام مختارك من البداية كان زمانه رماكي، وقال دي معيوبة، وأخد واحدة تانية تجيبله حته عيل…
حطيت إيدي على بطنها، وقولتلها بضحكة صفرا: بكرة تحملي، وتملي الدنيا عيال.
سبتها ونزلت ومن جوايا كنت حاسة براحة: أنا عطيتها اللعبة ولمست بطنها زي الراجل ماقال، عدى كذا يوم، خناقاتهم بقت بتزيد، صوتهم بيعلي ويسمع البيت كله، كنت باقف جنب عمي أتفرج وأبصله، وأنا باقول بيني وبين نفسي: مش دي اللي فضلتوها عليا اشربوا.
في الليلة السابعة كنت قاعدة في أوضتي، الباب خبط فجأة، اتخضيت أنا مش مستنية حد يا ترى مين، فتحت باب الأوضة، لقيت عصام قدامي….
– فاضية شوية يا صفية؟
– خير يا عصام، مراتك فيها حاجة!
– عايزاكي في الأوضة.
– حاضر، هاروح لها.
– شكرًا إنك جنبها.
ابتسمت بهدوء، وقفلت الباب في وشه، امتي كل ده يخلص، هفضل مضطرة أمثل كتير كدا!.
لبست طرحتي وروحت ليها، خبطت ودخلت ماكنش موجود، قالت….
– تعالي، عصام مش هنا.
قعدت على طرف السرير، مسكت إيدي وقالت….
فجأة معدتها قلبت، وجريت على الحمام اللي في الأوضه، كنت واقفة مستنياها على الباب بالفوطة، مسكت إيدها وساعدتها لحد ماوصلت للسرير…
– ده برد أكيد في معدتك، انتِ مش متعودة على أكلنا.
– مش برد، أنا… أمانة عليكي ماحد يعرف، أنا حامل يا صفية، بس مش هينفع الحمل ده يستمر، أنا وعصام مش هنكمل، ومش هجيب طفل يربطني بالقرف ده.
– بس دي نفس، حرام..
– والعيشة السواد دي مش حرام، أنا عايزة أخرج من هنا بأقل خساير، اوعديني تكلمي والدي.
سكت شوية وقولتلها حاضر، طبقت ورقه في إيدي وقالتلي: دي أرقام بابا، المكتب والبيت والتليفون الشخصي.
هزيت راسي، وطبقت إيدي علي الورقة ومشيت.
أكيد أنا مش هتصل بأبوها، ومقدرش أروح أقول لعصام، أنا هاماطلها وأسكت، بعد ليلتين بالظبط سمعت صرخة هزت البيت كله، طلعت أجري على الصوت، كان طالع من مكتب عمي، كانت مرمية على الأرض، بتطلع في الروح وغرقانة في دمها، وعمي واقع على الأرض جنب مكتبه وفي إيده مسدسه، شاورتلي أساعدها، بس خفت واتسمرت مكاني، فوقت على عصام وهو بيجري من جنبي هو والغفير وسعدية، عصام جرى على عمي، وأما لقى نبضه وقف، جري علي مراته لقاها هي كمان خلاص فارقت الحياة، رفع وشه وبص ليا، وقالي: حصل إيه، بس أنا ساعتها الدنيا كانت بتلف بيا، فوقعت على الأرض فاقدة للوعي……
فقت بعدها، كنت حاسة إنه كابوس، كمية الدم اللي شوفتها في اليوم ده هزتني من جوايا، خلاص هاستسلم مش عايزه حاجة.
بس أوقات بنفهم بعد فوات الأوان، كل حاجة اتمنعت، كانت خير وكل حاجة أصرينا نقرب منها كانت شر، باب من جهنم اتفتح عليا بإرادتي.
من أول ما فتحت عينيا، وأنا بشوف مراة عصام اللي ماتت قدامي، بس كنت مضطرة أسكت، ما هو مش هينفع أحكي لحد اللي بشوفه، لازم أخرج من البيت وأروح للراجل ده، بس عصام مصرّ ياخدني معاه القاهرة بعد ما عمي مات، حاولت أقنعه إني أفضل هنا في البيت، ويروح وييجي عليا، بس إصراره كان غريب أوي، ورفض إنه يمشي ويسيبني هنا، عصام حتى ماسألنيش أما فقت: إيه اللي بيحصل، كانت عيونه مليانة حزن وألم.
الراجل بعت لي مع سعدية إن حياتي بتبتدي من دلوقتي، وإني لازم أرمي كل حاجة ورايا، ومافكرش في الماضي، واللي حصل فيه.
بعد ما سافرنا بكذا يوم حسيت بإيد على رقبتي بتخنقني، فتحت عيني وماقدرتش أصرخ من الصدمة، كانت مراة عصام الأولى قاعدة على صدرى وبتحاول تخنقني، كان فيه دم نازل من عينيها، وضوافرها طويلة، وشعرها منكوش ومقصوص بطريقة غريبة، ولابسة فستان أبيض متلطخ بالدم…
وقالتلي بصوت غليظ…
– انتِ…
– أنا أناااااا….
الكلام وقف على طرف لساني، وحسيت إن الأوضة بتاعتي صهد جدًا، والنار بدأت تمسك في الستاير والعفش، كل حاجة في الأوضة بتولع حواليا، ماكنتش قادرة أتنفس من الدخان، فجأة بعدت عني وبدأت ترجع لورا، كنت بكح جامد، ومش قادرة أستحمل، هي اختفت في وسط النار، بس كان صوت ضحكها عالي أوي، وصلت لدرجة إني خلاص مش قادرة أقاوم، السرير هو كمان بدأ يولع، والنار مسكت في المرتبة، غمضت عينيا، خلاص مبقاش عندي طاقة أكمل أو حتى أصرخ، استسلمت وماحستش بحاجة بعد كده.
أول ما فتحت عينيا، بصيت على السقف كان لونه رصاصي والحيطان حواليا سودة، الآرشيه تراب، أنا شبه متكتفة، مش قادرة أتحرك، غمضت عينيا، إيه اللي جسمي مربوط بيه؟ ده شاش!
رد صوت جوة دماغي، وقالي…
– كفن.
– كفن! لاااااااا أنا لسه……
إيد اتحطت على كتفي، وصوت دافي من بعيد بينطق اسمي وبيهديني، فتحت عينيا بخوف لقيته قدامي، رميت نفسي في حضنه وبدأت أبكي، عيطت بحرقة، أنا عمري ماكنت خايفة كده.
بصيت حواليا، وقبل ما أسأله عن اللي حصل، قالي….
– آسف، انتِ كنت هتموتي بسببي، سامحيني.
– أنا مش عارفة هي عايزة تموتني ليه؟
– هي مين؟
– مراتك.
– مراتي! مالك يا صفية؟ مراتي ماتت.
– لا، أنا شوفتها، كانت في الأوضة عندي بتضحك بصوت عالي، كان شكلها يخوّف، وقالت لي: هاخدك معايا.
– انتِ بتقولي إيه بس!
– ده اللي حصل، انتَ مش مصدقني!
– بصي أنا عارف إن اللي حصل صعب، الحادثة اللي في البلد والحريق اللي في الأوضة، كل حاجة جاية ورا بعضها أكيد عقلك لسه مافصلش، بس يا صفية الأوضة ولعت من دفاية الزيت.
بصيت في الأرض، وسكت ماقدرتش أنطق، ولا أشرحله حاجه.
بعد ما خرجت من المستشفى بكذا يوم، رجع عصام بدري من شغله وعطاني شنطة، وطلب مني ألبس الهدوم اللي فيها، وأجهز نفسي عشان خارجين، كان فستان لونه بيج فاتح، تصميمه هادي جدًا، لبست ونزلت لقيته مستنيني في الصالة، أخدني من إيدي وركبني العربية وأتحرك، كان مجهز حفلة صغيرة في فندق مع صحابه المقربين، كتبنا الكتاب وسهرنا شوية ورجعنا البيت، هو ده حلمي اللي استنيته سنين وحلمت بيه كتير، ليه مش فرحانة؟
ليه خايفة كده!.
سابني في الأوضة لوحدي، ودخل مكتبه يعمل مكالمة شغل، بصيت لانعكاسي في المراية، بدأت ألف حوالين نفسي وأضحك، بس فجأة وقفت وتنحت للمراية، رجعت كذا خطوة لورا، وبصيت جنبي بفزع، ورجعت بصيت للمراية وفجأة النور قطع، اتكومت في الأرض، بقيت حاسة بإيدين بتلمسني، خوفت وفضلت أصرخ باسم عصام، النور رجع، وباب الأوضة اتفتح، وعصام دخل يجري عليا لقاني على الأرض، قوّمني وانصدم من شكلي، ماعداش خمس دقايق عليا في الأوضة، قعدني على طرف السرير وهداني….
– مالك فيكِ إيه؟ وليه بهدلتي الفستان كده! لو مش عاجبك كنتِ قوليلي؟!
– أنا مابهدلتش حاجة، أنا كنت بلف قدام المراية، وفجأة لقيت مراتك جنبي في المراية، بصيت جنبي مالقتهاش بس كانت واقفة في المراية جنب انعكاسي، فجأة النور قطع، ولما رجع انت جيت، كنت حاسة بحد بيلمسني، أنا ماقطعتش الفستان.
– طيب اهدي حصل خير، إيه رأيك نسافر كام يوم نغير جو؟
– اللي تشوفه.
أنا عارفة اني شوفتها وهي اللي قطعت فستاني، بس مش قادرة أتكلم برده، هحاول في أقرب فرصة أكلم سعدية تحكي للراجل عن اللي بيحصلي، يمكن ألاقي عنده حل…
عدت الأيام، بس كانت صعبة، كوابيس وحوادث، لدرجة إن عصام بدأ يشك فيا، وإني معمولي حاجة وقرر يجيبلي شيخ يقعد معايا، كنت متوترة، خايفة ومرعوبة، هو الراجل ده ممكن يعرف أنا عملت إيه عشان أوصل لعصام، كنت خايفة من مقابلته جدًا بس مقدرتش أتهرب، قعدت معاهم والشيخ طلب من عصام يقوم يعملي ليمون عشان لقاني متوترة، بدأ يقرأ آيات من القرآن وأدعية، كنت قاعدة متوترة في البداية، بس بعد كده كان عادي.
شربت الليمون، وبص لعصام وقاله…..
– المدام ماعليهاش حاجة هي سليمة جدًا، ممكن أشوف الأوضة اللي بيحصلها فيها كده؟
– أكيد اتفضل.
طلع عصام معاه، وأنا مشيت وراهم بهدوء، أول ما دخل الأوضة بتاعتي اللي ولعت، بان على ملامحه الخنقة على الرغم من إن عصام جدد الأوضة، وجاب عفش تاني فيها، إلا إنه وقف، وبصلي وقالي…..
– كانت واقفة هنا! واختفت في وسط النار هنا؟.
هزيت راسي بنعم، فحط وشه في الأرض وسكت، وطلب من عصام ياخده أوضتنا….
وهناك بصلي جامد وقعد يقرأ قرآن، النار ولعت في السرير وانطفت ومراية التسريحة فرقعت، اتعورت في إيدي، عصام جرى عليا، بس الشيخ قاله اوعى تقرب منها هتتعصب أكتر علينا، ابعد عن صفية..
بدأ الشيخ يكلم حد احنا مش شايفينه، ويقول….
– مش مسموح وجودك هنا، انتِ ميتة.
سمعنا صوت خبط على الحيطه، وبدأ ينزل منها دم….
– حتى قرينك ده مش مكانه، ابعدي وسيبيهم في حالهم.
فجأة الشيخ أغمى عليه، عصام نقله لاوضة الاستقبال، وطلب مني أخلي بالي منه على ما يجيب الدكتور اللي ف في الدور التاني، وقفت جنب الباب وعينيا عليه!
فجأة فاق، وقالي…
– أذيتيها ليه! هي مش هترتاح إلا أما ترد لك الأذى ده وأكتر.
– أنا ماأذتش حد.
– كدابة، أذيتيها، حتي بعد ما عرفتي إنها حامل.
– أنا أكتر حد اتأذى في الدنيا دي.
– هي مالهاش ذنب.
– وأنا كمان ماليش ذنب.
– مش هتسيبك وهتفضل وراكِ، زواجك هيكون ملعون، عمر بيتك ما هيتصلح حاله، هتدمر كل اللي بتبنيه، وتنتقم منك في أعز ما ليكِ.
– أعز ما ليا! عصام…
سمعت صوت صويت جاي من برا، طلعت أجري أشوف إيه اللي حصل، لقيت الجيران متجمعين تحت، ودم كتير مالي الأرض، نزلت بسرعة أجري على السلم لحد ما وصلت للدور الأرضي، وهناك عرفت إن الأسانسير سيره اتفك، وكل اللي فيه ماتوا، عينيا كانت بتتنقل بين الجثث، الدكتور جارنا اللي في التاني وعصام وراجل غريب!
معقولة انتقمت مني في عصام، معقولة الحكاية انتهت، هي أخدته مني تاني بسهولة كده، انا بخسر كالعادة!!!
قعدت فترة طويلة في الشقة، لا باشوف حد ولا باكلم حد، مابقاش ليا حد، الشيخ اللي عصام كان جايبه هو اللي بييجي يبص عليا كل فترة، يطمن عليا هو ومراته ويمشي.
بس مراة عصام ماسابتنيش برده، كانت بتظهر لي دايما، للمرة المليون بافشل أقنعها إنها ماتت، وبافشل أقنع نفسي إن الأموات مش بنشوفهم إلا لو كنا ميتين زيهم.
تمت