قصص

قصه سحر العتبة

“القصة مستوحاة من أحداث حقيقية والعهدة على الراوي”
=أنا متحمس جدًا اسمع قصصكم لكن اعذروني قبل ما أخد أول مكالمة هستشيركم في حاجة كده، لو في منكم يعني مفسرين للأحلام، أنا في العادي مش بفتكر أحلامي كويس، كل فين وفين بفتكر حلم، لكن من كام يوم في حلم افتكرت تفاصيله كويس وكان غريب جدًا…
فتحت عيني لقيت نفسي في مكان نضيف أوي، بيلمع، كإنه متلمسش من إنسان، الأرضيات والواجهة العريضة اللي كانت من إزاز سميك، قمت من مكاني واتمشيت ببطء على الأرضية اللي تشبه البورسلين أو السيراميك الشفاف لحد ما وصلت للإزاز اللي خلى الرؤية واضحة لمحيط المبنى، أنا نظري اتثبت على فوق، السما…
وده لإني شفت أجسام كتير طايرة، مش طيارات، أشبه بالعربيات اللي على الأسفلت لكن برضه مختلفة، كلهم بكرسي واحد كإنها كباين مخصصة لشخص واحد بس…
السما كانت زحمة بيهم…
جسمي اتنفض، وده عشان في عز سرحاني في المنظر العجيب ودني لقطت أصوات قريبة جدًا مني، بصيت جنبي لقيت ناس لابسين لبس موحد، أربعة، لابسين لبني فاتح، من كتر ما اتشغلت في العربيات اللي في السما مسمعتهمش وهم بيدخلوا عليا…
-أستاذ “عابدين” سلامتك، الف سلامة!
“عابدين”، مين “عابدين” ده؟
استنتجت إنهم مجموعة من الدكاترة وإني كنت في مستشفى..
اللقطة دي اتشوشت وبعدها كنت في مكان ضلمة، الريحة بش.عة، كنت بله.ث، بجري لحد ما نفسي اتقطع، فجأة ظهرت أنوار قدامي، صر.خت بأقصى صوتي:
=غل.ط، في حاجة غل.ط، أنتوا غل.ط!
وبس، صحيت بعدها…أنا عارف الحلم يبان عادي، نتاج العقل الباطن، كإنه تخار.يف وجبة تقيلة على العشا بس طولوا بالكم عليا…
تفاصيل المستشفى اللي شفتها، والعربيات اللي بتطير في السما، يعني أنا عمري ما كنت مصمم شاطر، دماغي مش قد كده في الهندسة، خيالي في المجال ده ضيق جدًا، لكن التصاميم الهندسية في الحلم كانت عبقرية، فإزاي حد فا.شل في الهندسة والحسابات عقله الباطن ينتج حاجة بالإبداع ده، دي أول ملاحظة مثيرة، التانية بقى هو الإسم اللي ناودني بيه “عابدين”، يعني احتمال مكنش أنا أصلًا بطل الحلم، مين عابدين ده؟ أنا عمري ما عرفت حد إسمه عابدين، الدكاترة صحيح كانوا بيتكلموا باللهجة المصرية، لكن مش هي اللهجة، بمعنى، فيه مصطلحات مختلفة ونطق الكلام والإسلوب مختلف لكن كنت قادر أفهمهم كويس وكمان برد عليهم بإسلوب شبه بتاعهم، هحاول أقربلكم الفكرة، يعني إحنا نفهم “سعيدة يا هانم” و”اروفوار يا باشا” لكن محدش بيتكلم كده، ده حتى “قشطة يا مان” بقت موضة قديمة، أهو أنا وهم أو الشخص اللي كان في الحلم والدكاترة كانوا بيتكلموا مصري بس مش زي ما بنتكلم احنا مع بعض، الطريقة مختلفة…
=ومعانا أول اتصال..
-إزيك يا “قاسم”؟ يارب تكون بخير.
=الحمد لله، إزي حضرتك؟
-أنا…الحمد لله على كل حال، آسف لو هحب.طك، أنا مش بفسر الأحلام، مش ده سبب اتصالي، لكن بعترف إن حلمك مثير فعلًا للاهتمام.
=ولا يهمك، المفروض البرنامج ده عنكم انتم مش عني.
-إزاي بقى، إحنا بنعتبرك واحد مننا، أنت كمان تستحق تتسمع.
=متشكر لذوقك، هاه، إحكيلي.
-بص أنا مش هقدر أقول إسمي الحقيقي ولا المكان اللي اتربيت فيه واللي هو موقع الأحداث اللي هحكيها النهارده..
=طيب يا سيدي ننقيلك إسم، نقول مثلًا…”شفيق”.
-يااه، ملقتش اسم أقدم من كده؟ ماشي شفيق شفيق، مش هتفرق..بص يا استاذنا، أنا بشتغل مهندس صوت ومونتاج، بداياتي كانت في أفلام مصرية بسيطة ووثائقية من بتوع العيال بتوع الجامعة، مشاريع التخرج والحاجات دي، وحدة وحدة اشتغلت في مسلسلات وافلام ليها وزن، وبعدين ربنا فتح عليا واتعرفت على جماعة كنديين، شافوا شغلي وعجبهم، اتنقلت لكندا ومستقر بقالي 7 سنين هناك، بشتغل بس في الميديا الكندية…
=يا ما شاء الله، تشرفنا.
-أنا من مواليد…حي قديم، بلاش نقول اسمه، خلينا نقول “الحلمية”، أهي برضه مكان قديم وعريق.
=ماشي يا أستاذ “شفيق” من “الحلمية”، عندك حدوتة لينا؟
-ياريتها حدوتة، تبقى حاجة لطيفة وخفيفة ومسلية، دي…حاجة تانية، لما ضاقت بيا الدنيا يا “قاسم” قلت أكلمك، يمكن تفيدني.
=ربنا يقدرني.
-أنا فاكر إن البيت في الحلمية كان مبهج، دايمًا منور، في فراشات ملونة كتير، كل يوم فراشات، بجري وراها وبضحك، كل الناس وشها بشوش، كله بيبتسم طول الوقت، مكنتش بستنى العيال التانيين يتصاحبوا عليا، أنا اللي كنت بخبط على بيوتهم وبقول لهم يلعبوا معايا، لكن في شقة معينة كانت…مختلفة، أصحاب الشقة وشوشهم مكنتش بتضحك زي الباقي، ما بين مهموم وجد، جد بزيادة، اللي مهموم ، عنيه مكسورة واللي حواجبه معقودة وعنيه مبرقة، ومع ذلك…
برضه كنت بسعى اقرب من إبنهم اللي في نفس سني، وقتها كان عندي 6 سنين، ودي كانت أول ذكرى كئي.بة في البيت…
فاكرها كويس، كويس أوي، كإنه امبارح…
كورت إيديا ومديتها وخبطت على الباب
مكنتش سامع حاجة خالص لدرجة إني افتكرت إن مفيش حد في البيت، لكن فجأة الباب فتح، صدقني مسمعتش حتى خطوات، كانت أول مرة أشوفها، الجارة الجديدة…
ست لابسة عباية كئي.بة، مش فاكر لونها بالظبط، إسود أو بني، مش متحيز ضد الألوان دي، لكن مش مسألة لون، العباية قصتها غريبة، مش حلوة، مش متناسقة، وب.هتانة، كإنها بقالها سنين كتير من غير ما تتغير، ووشها بقى ميفرقش عن وصف العباية، مترب، حواجبها منعكشين، وشعرها هايش مش ملموم، تحت عنيها إسود، السواد ممتد لقرب الخدود..
منظرها كان كافي يلجم لساني جوه بوقي…
فتحت بوقها وكانت لسه هتتكلم بس حد تاني جه من وراها بسرعة وهو اللي أتكلم…كان راجل في الأربعينات، شكله موظف معتاد، لابس قميص زرايره دايبة وهتتخلع من بطنه الممتدة قدامه، القميص لونه أبيض مدي على أصفر باهت، أكيد لبس بهت عليه، العرق كان بيصب من وشه، كان باين عليه التوتر وبرغم كده ابتسملي وقال:
-إزيك يا حبيبي، اؤمر.
=كنت…بسأل على نعيم.
-نعيم إبني؟
=اه، كنت عايز…العب معاه وكده، عندي أو عنده أو في الشارع وأوريه صحابنا في العمارة والعماير اللي جنبنا.
-معلش يا حبيبي هو تع.ب…
قاط.عته الست بعد ما زغرتله…
-تعالى، اتفضل يا…اسمك إيه؟
=شفيق.
-تعالى يا شفيق، ادخل..ادخل، واقف مكانك كده ليه؟
كان باين على الأب إنه مش راضي، بيبص للست بعتاب وهي تجاه.لته وقالتلي وهي بتمشي ناحية أوضة من الأوض..
-ثواني وهندهلك “نعيم”، تشرب إيه؟
=شكرًا يا طنط، مش عايز.
غابت كتير، دقايق، شكيت إن “نعيم” كان نايم وبتصحيه.
باب الأوضة اتفتح، أزيزه كان عالي أوي، كإنه لازق في الأرض، مش عارف أرضية البيت كان فيها مشكلة ولا الباب ولا إيه.
اللي ظهرت هي “أنهار”، إيدها اليمين كانت مداها لورا، بتجر حاجة، كانت بتعمل مجهود وهي بتمشي ناحيتي، أتاري “نعيم” كان وراها، بتجره جر.
“نعيم” مكنش لسه صاحي من النوم ولا حاجة، صحيح عينه مقفلين، لكن كان واضح إنه مش نعسان، دي حاجة أكبر، كإنه كان نايم نومة أهل الكهف، من منظره المبهدل وتحت عينه اللي سوادهم أكبر من سواد عيون أمه وشعره الطويل وضوافر رجليه وإيديه، مش فاهم هم أهله مش بيقصوله ضوافره ولا بيحموه ولا بيسرحوله ولا إيه؟؟
=واضح إن الأب مكنش عايزك تشوفه بالحالة دي.
-بالظبط يا “قاسم”، الولد كان فيه مشكلة و”أنهار” بعكس الأب “محيي”، كانت شايفة إن زيارتي ووجود صديق جديد ممكن يحسن من حالته..
“أنهار” قالت وهي موجهة كلامها لنعيم:
-سلم على شفيق، ده جارنا هنا في العمارة، ساكن في الدور اللي فوقينا علطول.
كنت متوتر بس مبتسم، بحاول أهدي نفسي وأبقى بشوش لكن ابتسامتي ضاقت واتحولت لتبليمة لما استوعبت اللي قالته، هي عرفت منين إني جارهم في العمارة؟ لكن…إيه الغ.باء ده، راجعت نفسي بسرعة وقلت متوقع أكون جارهم، مش هاجي يعني من عمارة تانية مخصوص عشان أتعرف على ابنهم، لكن رجعت مرجوعي لحالة التوتر لما أدركت إنها برضه قالت “ساكن في الدور اللي فوقينا”، عرفت منين بقى؟
=جايز تكون اتعرفت على مامتك وأنت متعرفش ومامتك قالتلها عن اسمك مثلًا والبيانات بتاعتك.
-يجوز، هنعرف، هنعرف…طبعًا زي ما استنتجت والمستمعين أكيد استنتجوا إن المقابلة دي كانت كارثية ومستفتدش منها بحاجة، “نعيم” متكلمش معايا خالص، عينه مجتش أصلًا في عيني، كان طول ما هو قاعد بيفقر، مكنش سامعني…
مقعدتش كتير، استأذنتهم وقمت، كنت ماشي قدامهم باتزان لحد ما طلعت بره شقتهم والباب اتقفل، وعينك ما تشوف إلا النور، رجلي فلتت كإني في سباق ولا مركب جسمي على عجلات حربية، أخدت السلم على كام خطوة لحد شقتنا، اليوم كان لسه فيه كتير، لسه بدري على المعاد اللي أهلي أدهوني للرجوع، لكن أنا مكنتش عايز أكمل لعب، منظر “نعيم” غمني وخو.فني.
أنت عارف أكيد يا “قاسم” قلب الأم…
=أكيد قفشتك، كانت عارفة إنك مش مظبوط.
-اه، فضلت تزن عليا وتزن وأنا أقولها اصل بطني، أصل دماغي، أصل في مسلسل جديد بدأت اتابعه معاده قرب، أصل، أصل، لكن على مين، ده ولا أم.ن الدولة…في الآخر لقتني بكر بكل حاجة، كنت متخيل إنها هتهزأني، لكني فوجئت بيها بتقول لي:
-بص يا بني أنا كان ممكن أعمل زي أمهات كتير، أزعقلك وأعا.قبك كمان لجرأتك وتخبيطك على الجيران عشان تتعرف عليهم وطريقتك الحبوبة زيادة عن اللزوم مع الغريب والقريب، بس أنا مش هقدر أخبي عليك، أنا فخورة بيك، عشان هتطلع جدع، لكن برضه عايزاك تبقى حذر، خد بالك يا “شفيق” مش كل الناس طيبة، المفروض تبقى شهم وجدع وتعمل خير لكن من غير سذ.اجة، كلام كبير عليك بس هتفهمه مع الأيام، بالنسبة لنعيم بقى أنا بقولك تروحله وتسأل عليه وتتابعه، ده واجب عليك، واضح إن الولد محتاج صحاب، وأنا كمان لازم أقرب من أمه وأشوف لو محتاجين حاجة.
-“تعرف يا “قاسم”، كلامها كان زي المطرقة فوق نافوخي، حطت عليا مسؤولية مكنتش عايزها! زي المدير اللي ييجي يقولك إن تقدر تنفذ الشغل الفلاني وأنت بطيخة أصلًا، أنا مكنتش عايز أخد بالي من نعيم، كنت مهلوع أساسًا، لكن هل ينفع بعد النفخة دي والرجولة اللي وصفتني بيها أقول لها “والنبي يامه بلاش، ده أنا كنت عايز أدخل الحمام مالر.عب؟”
=لأ طبعًا متجيش، وعشان كده استجدعت وسمعت كلامها، عشان ميتقالش عليك خو.اف.
-اه طبعًا، اليوم اللي بعده علطول بعد ما خلصت لعب مع العيال صحابي في الشارع طلعت وخبطت على باب بيتهم..”محيي” هو اللي فتح، وشه كان أبش.ع من المرة اللي فاتت، العرق أضعاف، وكان زي ما يكون متك.هرب، قال لي:
-أيوه يابني، في حاجة؟
لسه كنت هفتح بوقي بس لساني اتلجم لما شفت ورا “محيي” على السقف حاجة كده..
=شفت إيه؟
-شفت…”نعيم”! كان لازق في السقف بإيديه ورجليه وبيبصلي وبيضحك.
=نعم؟
-بالظبط هو ده اللي شفته.
=يعني إيه؟ يعني إيديه ورجليه لازقين في السقف وضهره هو اللي تحت؟
-أيوه.
=الله، دي من الحلقات النادرة اللي أول مكالمة فيها متطلعش فشنك، ياخوانا في الاستديو، محدش يستقبل مكالمات تانية، شكلها كده جبرت!
-عيني اتثبتت على “نعيم”، الأب قال لي “معلش يا بني نعيم تعبان شوية، ابقى تعالى بعدين، و براحتك، أنا شاكر جدًا لأصلك و ذوقك…”زي ما يكون مكنش عايزني أجي تاني، بس بيقولها بالذوق، لكن غريب موقفه اللي عكس موقف الأم، دي كانت بتشجعني عشان أقرب من نعيم”
وطبعًا قلت يا فكيك، طلعت بسرعة على بيتنا، والمرة دي قدرت أخبي على أمي وأقنعها إني تمام…
الكام يوم اللي بعديهم لما كانت تسألني إذا كنت بزور نعيم كنت بك.دب عليها وأقول لها اه، وكله كان ماشي حلو، حلو؟
=حلو.
-بس الحلو ميكملش! أنا ومامتي كنا نازلين مع بعض الصبح، كان أول يوم في الدراسة، ولقينالك مين قاعد بيلعب في الدور اللي تحتينا، “نعيم”، كان بينط كده كإنه بيلعب أولى مع نفسه، شافنا ووقف وابتسم…
مامتي سلمت عليه وإزيك يا حبيبي وبتاع وكانت لطيفة بزيادة عشان حالته يعني اللي حكيت عنها، بس “نعيم” رد وقال:
“إزي حضرتك؟”!
مامتي اتخشبت مكانها وملامحها جمدت، واللي زاد وغطى إنه التفت ليا وسأل “أنت جارنا هنا في العمارة؟ أنهي دور واسمك إيه؟
ولا كإن يا “قاسم”، الولد طبيعي 100%، لأ وكمان مش عارفني، كإنه أول مرة يشوفني، وده طبعًا خلى الحجة تبصلي بغض.ب وتشاورلي بإيدها على دقنها، أنت عارف طبعًا الحركة القومية للأم المصرية، بتاعة هوريك وهحط عليك، استنى عليا بس. لسان حالها كان “إزاي تحر.جني بالشكل ده، عماله أتمادى في تدليع الواد على أساس إنه من ذوي الهمم ويمكن كنت أقع في الكلام مع أمه وتطلع بتحور عليا والواد صاخ سليم مفيهوش حاجة؟؟”
=بصراحة يا أستاذ شفيق أنا لو منها كنت هفكر بنفس الطريقة، ما الواد زي الفل أهو.
-صبرك عليا، طبعًا بعد الموقف ده ماما مكنتش مقتنعة أبدًا بالقصص اللي حكيتها عن نعيم مهما حلفتلها، وفضلت تسألني ليه بكد.ب وأنا متمسك بكلامي، لكن برضه كنت اتهزيت، مهو فعلًا اللي بيحصل مش منطقي، منين نعيم مش مدرك خالص وعنده إعا.قة ذهنية، ومنين اتكلم معايا ومع أمي كإنه إنسان طبيعي جدًا وعاقل، المهم بعدها بحوالي 10 أيام حصلت حالة وف.اة عندنا في العيلة وأمي بقت توزع كتيبات الأذكار اللي مطبوع عليها اسم المتو.في وبيبقى فيها برضه شوية آيات قرآنية، وزعت على العمارة كلها بما فيهم شقة “أنهار”، “أنهار” عزمت علينا ندخل بس مش بنفس، عزومة مراكبية، لكن بما إن أمي طيبة جدًا ومش بتفهم اللؤ.م والنوايا الخب.يثة فافتكرت إنها بجد عايزانا ندخل، ودخلنا، أول ما قعدنا لقينا نعيم خارج من أوضته، شاف الكتيب في أيد أمه واتج.نن! مسكه وفضل يقطع فيه…وقتها ماما اتنفضت وقامت مخض.وضة، الحسنة الوحيدة في الموضوع إنها صدقتني…
لما رجعنا البيت يومها متكلمناش ولا كلمة…
طبيعي كنت أخا.ف من “نعيم،” أنا كنت طفل، لكن مش “نعيم” بس اللي كنت بخا.ف منه، كنت بخ.اف من أمه “أنهار” ومن بيتهم، لما كنت بس بعدي من قدامه كنت برت.جف، مش عارف ليه..
بعدها بكام يوم قابلت أبوه وأنا طالع البيت وجاتلي الجرأة وسألته:
-عمو هو “نعيم” ماله؟
بص في الأرض ورد:
-“نعيم” يا بني عنده م.رض نفسي..
=هو ده يفسر حاجات كتير، تصرفاته فعلًا بتقول كده، لكن إزاي الم.رض النفسي يفسر طلوعه على السقف بالشكل اللي وصفته، هو المري.ض النفسي بيخترق قوانين الفيزيا؟
-صح يا “قاسم”، بس أكيد وأنا طفل مقعدتش أحلل في الموضوع زيك كده، أخدت كلامه وصدقته مع إني برضه مكنتش فاهم يعني إيه مري.ض نفسيًا، بس قلت أهو تعب وخلاص…
متهيألي يا “قاسم” إنك في المرحلة دي فهمت تركيبة أمي وشخصيتها، بعد الصدمة اللي أخدتها وحالة الحيرة اللي دامت أيام رجعت تعاطفت مع بيت “أنهار”، حتى إنها لما شافت أخت “نعيم” الكبيرة قدام العمارة قالتلها تبقى تيجي عندنا وإنها كمان هتزورها من وقت للتاني، البنت ردت على ماما وقالت ” أنا ممكن أجي عندكم بس إنتي لو جيتي هتتأ.ذي!”
=غريبة!
-لسه، كل اللي فات ولا حاجة، الغريب والعجيب وكل ما هو مري.ب لسه جي…بعد كده بمدة كنت راجع من مجموعة بعد المدرسة بليل، كانت في سنتر في نفس الشارع بتاعنا عشان كده ماما وبابا كانوا متطمنين عليا وأنا بروح وبرجع لوحدي، العمارة كلها كانت هس هس، وأنوار الأدوار كانت مطفية، عديت على الدور التاني، اللي هو قبل دور نعيم، مديت إيدي وفتحت مفتاح النور وإذا بيا ألاقي في وشي “نعيم”، كان قاعد على السلم، مش بيطلع أي صوت، لدرجة إني كنت هدوس عليه برجلي لولا إني فتحت النور وشفته، بلعت ريقي بالعافية وقلت “السلام عليكم”، رفع عينه ليا بغ.ضب وتف عليا!
=اللاه اللاه الله.
-شوف، أنا اه كنت عيل وخبرتي في الحياة بسيطة، بس بتواضع فكري ودماغي بدأ الفار يلعب في عبي وأحس إنه مش مري.ض “نفسي” ولا مري.ض عادي زي ما أبوه بيدعي، ده في حاجة تانية….
وتفوت شهور و”نعيم” يبقى زي الفل، اتعالج من اللي كان فيه ولا كإن، بقينا نسلم على بعض، وأوقات كمان بنحكي شوية لما نشوف بعض صدفة، الحاجات السطحية بتاعة الجيران والمعارف، “عامل إيه في مدرستك ومذاكرتك وبتاع”، اتراجعت عن فكرة إني أقرب ليه وأزوره في بيته والكلام ده، المشر.حة مش ناقصة قُت.لة، لكن للأسف اضطرينا ندخل بيتهم بعدها بمدة، في إجازة الصيف اللي بعد كده، وده عشان “نعيم” اخت.فى….
اتفاجئنا في يوم بصريخ أبوه وأمه، احنا والجيران جرينا عليهم، وفهمنا منهم إن “نعيم” تاه، بس كلامهم كان مكسر كده ومش لايق على بعضه، كل واحد فيهم بيقول حاجة، الأب بيقول إنه نزل يجيب حاجة من الكشك ومرجعش والأم بتقول إنه راح لخالته زي ما متعود بس خالته قالت إنه موصلش أصلًا عندها، يمكن أنا الوحيد اللي خدت بالي من الاختلافات اللي في كلامهم وحسيت إن في حاجة مري.بة، أما بقى أخته الكبيرة “أهداب” بصتلي وقالت:
-نعيم دخل الحمام ومخرجش!
=دخل فين؟
-زي ما سمعت كده يا “قاسم”، دخل الحمام ومخرجش….”أنهار” نغزتها بكوعها وزغرتلها حتة زغرة، كإنها قالت حاجة المفروض مكنتش تقولها…واحد من الجيران قالهم يبلغوا الشرطة، ساعتها “محيي” رد وقال إن مفيش داعي وإن الولد أكيد هيظهر قريب، كان متو.تر جدًا وهو بيرد.
=معلش يا “شفيق”، هو ده بجد حصل، أنت مصدق إن “نعيم” اختفى جوه الحمام؟
-اه مصدق! الوحيدة اللي صدقتها هي أخته، هي بس اللي من وقت ما جت العمارة بتقول الصراحة، صحيح بتقول ألغاز ومش مفهوم أي حاجة من كلامها القليل، بس هي دي اللي اكتشفت إن المفروض كنا نركز معاها….اللي حصل بعدها إنهم كانوا بيبعدونا، مش عايزننا نسأل أو يكون لينا دور في البحث عن “نعيم”، لكن أنت عارف طبعًا الشعب وفضوله وجدعنته، مفيش الكلام ده، عملنا فرق بحث وبقت كل مجموعة تدور في مكان وتسأل الناس في الشارع، سألنا عن بيت خالته المزعومة وروحنالها منطقتها اللي مكنتش بعيدة، ولفينا حوالين المنطقة، سألنا في كل شبر ودورنا بنفسنا في كل بيت وكشك ومحل، وفي يوم ماما خدتني وروحنا بيت “نعيم”، ماما كان غرضها تهون على “أنهار”، كنا قاعدين في الصالة اللي علطول ضلمة مع إنها بحري والمفروض الشمس بتدخلها عادي، “أنهار” كانت قاعدة ساكتة، حاطة إيديها على بوقها، والغريب يا “قاسم” إن، اه كان باين عليها اله.م، لكن مش منظر أم فقدت إبنها، جامدة، جامدة بزيادة، مش قصدي أنظر على حد، لكن عارف الفرق بين الشخص المتماسك الصابر الراضي بقضاء الله والشخص الجبار اللي تحسه جامد كده ومتبلد المشاعر؟ أهي كانت من النوع التاني، ده مكنش تماسك، ده كان جبروت!
فضلنا قاعدين لحد ما الشمس غابت، وهوب، النور قطع…
معرفش ليه خو,فت أوي، مسكت في إيد أمي اللي قعدت تهديني، سمعت وقتها صوت باب بتفتح بالبطيء، “أهداب” قامت جابت شمع وأدتني شمعة وقالتلي “إمسك”، مسكتها وأول ما رفعتها لقيت “نعيم” في وشي…الشمعة وقعت مني وهاتك يا صوي.ت، النور جه في اللقطة دي والحمد لله الشمعة ما وقعتش على سجاد واتطفت مع نفسها..
كلنا كنا مذهولين، “أنهار” مسكته وفضلت تض.رب فيه وتش.تمه بأبش.ع الألفاظ، على أساس يعني إنه فتح باب الشقة ودخل منه وكل ده كان غايب في مكان منعرفهوش، وبعدين فضلت تقول “أنا عارفة إنت كنت فين يا صاي.ع يا ضايع يا فلاتي، أكيد كنت عند عمك “ميسرة”، إحنا مش قلنا ملكش دعوة بيه وإنه راجل ناقص وإننا مقاطعينه بقالنا كام سنةـ، برضه بتدور من ورانا وبتروحله وهو مبيهونش عليه يطمنا عليك، يا ناقص يا عديم التربية”…
المشكلة يا “قاسم” إن مصدر صوت الباب مكنش من ناحية باب الشقة، ده كان….من الحمام! أنا متأكد، “نعيم” خرج من الحمام….
=حاجة تانية يا “شفيق”، لو فعلًا كلامها صح كانت هي وجوزها هيقولولكم من الأول، من وقت ما نزلتولهم مف.زوعين لما كانوا بيص.رخوا، كان هيبقوا أهدى ويقولوا إنهم متوقعين إنه عند عمه ده، إذا كان يعني الموضوع متكرر، لكن ده سيناريو هي الفته في ساعتها عشان تداري…
-تداري إيه؟ قول يا “قاسم” متتكسفش….
=تداري…إن “نعيم” كان مخ.طوف من كيانات ساكنة الحمام بتاعهم او بوابة يعني لمكان سفلي، إنه زي ما قالت “أهداب” دخل الحمام في مرة ومطلعش، ولما فتحوا ملقهوش وفضل كل ده مخطوف لحد ما الكيان ده، أعوذ بالله من الش.يطان الرج.يم قرر يرجعه، “نعيم” خرج زي ما دخل، أنا مش مصدق إني بقول كده…
-لأ صدق يا “قاسم”…
علاقتنا بالجيران دول شوية شوية بردت على مدار السنين، البيت بتاعهم كان مري.ب جدًا، مكنوش مريحين، صحيح إحنا كده كده عمرنا ما كنا قريبين، لكن في الأول كنا بنحاول نجامل ونسأل، زي ما حكيت كده، بس مبقيناش بقى، ولا احنا ولا غيرنا، كل السكان مكنش ليهم دعوة بشقة “محيى”، وفاتت سنين وحلمي بدأ يكبر ويتحول لواقع، اشتغلت مهندس صوت ومونتاج لفيديوهات صغيرة من بتوع شباب كلية إعلام وغيرهم، بعد كده أفلام قصيرة ووثائقية وبعدين أفلام سينما ومسلسلات ومن هنا لهنا لحد ما سافرت كندا، اشتغلت هناك واستقريت، كنت في الأول بنزل مصر كل سنة وبعدين المسافات بعدت، مرة انزل كل سنة ونص، مرة كل سنتين، لحد ما لقيت رسالة من أخويا بيبلغني فيها بمعاد فرحه، ودي مناسبة كان لازم أنزل لها، وقفت الشغل ووعدت الناس اللي بشتغل معاهم إني هنزل 10 أيام بس وهرجع، نزلت ببدلة الفرح وكنت مستعد عالآخر، كل اللي كنت هعمله إني أشوف لو أخويا محتاج مني مساعدة…
كان فاضل على الفرح 3 أيام لما وصلت، أخويا كان جاهز مش محتاج أي مساعدة، حمدت ربنا وقلت أستريح الكام يوم دول عشان ضغط الشغل في كندا كان رهيب…
اليوم اللي قبل الفرح صحيت واكتشفت إن في نواقص في البيت، حاجات للفطار فقررت أنزل أنا أجيبها بدل أبويا، فتحت الباب واتفاجأت بمنظر عجيب..
بيض متكسر قد كده قدام الباب..
=بيض؟
-اه، تخيل؟
=وده مين قليل الذوق اللي يتكسر منه البيض قدام شقتكم وميلموش، يسيبوا كمان ليكوا تشيلوه وتنضفوا الأرض؟
-بالظبط كده ، ده اللي جه في بالي، قلت ده حد من الجيران جنبنا أو ساكن في دور أعلى وهو معدي وقع منه البيض اللي جايبه وكسل يلمه وسابهولنا، بس أنا كنت غل.طان!
=غل.طان إزاي؟
-هتعرف ليه غل.طان…على قد ما الموضوع كان مستف.ز لكن عديناه وقتها، كان عندنا مناسبة عظيمة ومزاجنا كان عالي، أخويا بيتجوز، أمي كلمت مرات البواب جت نضفت الطرقة وعتبة الباب وخلاص، اليوم مشي وجه اليوم اللي بعده، يوم الفرح….
“يتبع”
“الجزء الثاني والأخير”
من وقت ما أنا بحضر نفسي وبلبس وأنا حاسس بعدم اتزان، الدنيا كانت بتدور حواليا، لكن قاومت التعب، ده فرح أخويا مينفعش اتدلع، عارف لما وصلنا القاعة إيه اللي لاحظته؟
=إيه؟
-شفت على أخويا نفس الأعراض بتاعتي، كان وشه عرقان، عنيه حمرة وزايغة، مش عارف يقف كتير، كل شوية يريح، لما سألته ماله قال لي على نفس الحاجات اللي كنت بشت.كي منها، مش غريبة؟
=غريبة.
-لما رجعنا البيت كنت خلصان، أمي وابويا سندوني لحد ما طلعنا الشقة، قضيت الليل كله بجيب اللي في بطني، طلبنا الصيدلية وجه حد اداني حقنة عشان كنت خلاص آسف يعني بستفرغ العصارة…بابا وماما دخلوا أوضتهم وأنا طمنتهم إني هبقى تمام ، مكنتش عارف أخد نفسي كويس ولا عارف أنام من الإرهاق لكن وحدة وحدة عيني قفلت، كان في ضوء خفيف وسط الضلمة، ضوء الفجر، الأجواء كانت جميلة، الجو حلو، نسمة هوا ترد الروح، والدنيا هادية، بس فجأة حسيت بتقل ره.يب على بطني وصدري، مش مجرد وج.ع، تقل، كإنك جبت طوبة ضخمة ورمتها عليا، فتحت عيني بالعافية وقدرت أشوفه بوضوح….
=تشوفه؟ هو مين ده؟؟
-واحد، لأ، حاجة، مش بني آدم، كائن كله شعر، الشعر مغطي كل شبر في جسمه، مكور على نفسه، ضهره محني وعامل دايرة، قاعد عليا…
=على صدرك وبطنك؟
-اه وهو ده سبب الوجع وكرشة النفس، ببساطة لإن في حد قاعد عليا…
=إحكيلي بقى عن رد فعلك لما شفت المنظر ده.
-كرشة النفس زادت، أنفاسي عليت وعيني وسعت على الآخر، مكنتش بتطرف، لساني اتش.ل، صوتي اتحبس جوايا، مكنتش عارف أستنجد ولا حتى أقرا قرآن..
=ده…يشبه وصف الجاث.وم.
-يجوز، بس الأكيد إنه مكنش حلم، أنا كنت صاحي يا “قاسم”.. مكنش فيه غير إني أغمض عيني تاني، فضلت على كده دقايق، فتحت بعدها عيني ملقتهوش، وبس…قمت كإني في ماراثون، جريت على أوضة ابويا وأمي زي ما أكون عيل…فضلت أص.رخ، كنت في حالة هست.يرية، بهلفط في الكلام، مكنوش فاهمين حاجة، الجمل مش راكبة على بعض…
=كنت في حالة انهي.ار عص.بي.
-بالظبط، انه.يار، أمي جابتلي ميه وفين وفين لما قعدت كده وهديت، نفسي انتظم وبدأت ارتب الكلام، حكيت عن اللي شوفته، وهم…للأسف مصدقوش، برروا اللي شفته بالتعب اللي كنت فيه…
=إنك بتخ.رف يعني.
-اه، هلا.وس بسبب التعب وكلام من ده….
يفوت يوم، ونسبيًا استعيد صحتي لكن لسه الاتزان مكنش قد كده، بابا وماما نزلوا يعملوا مشاوير وأنا كنت لوحدي، كنت مشغل فيلم على اللاب توب بصوت واطي، الأجواء هادية عالآخر عشان كده قدرت أسمع….كان صوت حاجة بتتكسر، بيضة، بيضة ورا بيضة، مشيت لحد مصدر الصوت، قدام باب بيتنا، بصيت من العين السح.رية لبره وشفت البيض بيتكسر واللي بيكسره…”أنهار”!
=”أنهار” جارتكم؟ أم نعيم؟؟
-هي بعينها، فاتحة كيس فيه بيض وعمالة ترمي بيضة ورا التانية على الأرض…فتحت الباب فجأة، الست فطت من الخ.ضة…ومن خض.تها فلتت الكيس كله وباقي البيض اتدش على الأرض…أول حاجة قالتها:
“شفيق؟ أنت رجعت من بره؟ حمد الله على السلامة”
=لا الله يسلمها، طب ما هي ست شيك وبتفهم في الأصول أهي، جايه تسلم عليك.
-أمال إيه؟ أنا بقى حواجبي اتع.قدت، سألتها عن اللي بتعمله، ليه بترمي البيض قدام عتبة بيتنا، ردت وقالت إن الكيس وقع منها والبيض اتدش من الخ.ضة وده حصل قدامي، ساقت الهبل وقال إيه كانت جايه تزورنا وتسلم عليا بمناسبة رجوعي من السفر وتبارك لأمي على جواز أخويا، مع إنها لسه عاملة كإنها اتفاجأت برجوعي، وفي اللقطة دي أبويا وأمي رجعوا، سمعوا كلامنا وحسوا إن نبرتي ح.ادة، أمي عزمت على أنهار تدخل لكن هي اتو.ترت وقالت إنها كانت جايه تبارك وخدت بعضها ومشيت…
هي صحيح ماما استغربت عشان بقالهم سنين مش بيكلموا بعض لكن برضه مصدقتنيش! مصدقتش إنها كانت بترمي بيضة بيضة وإنها هي اللي رميت البيض قبل كده قدام الشقة…
=طب أنت إيه اللي جه في بالك ساعتها؟
-جه ف بالي إنها بتعا.كسنا وخلاص، يعني آسف هي أصلًا غري.بة الأطوار وفي من الناس لما بيكبروا بيرجعوا زي الأطفال شوية، مش في أطفال اشقيا مثلًا بيرنوا الجرس على جيرانهم ويطلعوا يجروا؟ أهو أنا قلت “أنهار” بتعمل نفس الحكاية، بتكسر بيض قدام شقتنا عشان تو.سخ الطرقة وننضفها، معاك.سة سخ.يفة كده…
=بس…هو ده اللي جه في بالك؟
-وقتها اه، بس دماغي اتغيرت تمامًا في وقت قصير بعد اللي حصل…بليل صحيت على صوت تأوهات، جريت على أوضة أبويا وأمي، فتحت النور، لقيت بابا قاعد على السرير مادد إيده وبيطبطب على أمي، كانت بتتأ.لم وهو بيهون عليها، بس أبويا مكنش متخيل إيه اللي عندها، صباعين رجليها الكبار كانوا لونهم بنفسجي، شكلهم يخ.ض، جلدها زي ما يكون مي.ت تمامًا، جرينا بيها على المستشفى وللأسف اضطرينا نعمل بت.ر لصوابعها، مكنش ينفع نستنى، دي كانت قرو.ح مزم.نة بسبب مر.ض السكر اللي عندها، المشكلة إن القرو.ح المفروض إنها مش بتظهر مرة واحدة، والقرو.ح مكنتش موجودة قبل الليلة دي وكمان مزم.نة، طب إزاي؟؟
أخويا جالنا على المستشفى، كان مخض.وض وعمال يسأل إزاي ده يحصل، إزاي الحالة اتطورت بالسرعة دي، مكنش عندنا إجابات، بس حاولنا منبقاش مضلمين وإحنا قاعدين مع ماما في العناية بعد ما عملت العملية، حاولنا نضحك معاها، ومن ضمن الكلام اللي “عادل” أخويا قاله : أهو ده بقى يا ستي الت.عب الموسمي، مانت مش حاضر يا “شفيق”، أصلها لازم كل سنة تعملنا مفاجأة كده، مرة يجيلها عما مؤقت متشوفش حاجة ويطلع عندها حاجة في الأعصاب ومرة، إيديها تتكسر، ومرة يجيلها انفلو.نزا شديدة وتتحجز في المستشفى وندورلها على جهاز تنف.س، كل سنة، وفي…نفس…المعاد…
قال الجملة الأخيرة بنبرة مختلفة، كإنه فجأة أدرك الموضوع ده، إن في كل سنة، نفس الشهر كل سنة ماما بتت.عب تع.ب شكل!
=معلش سؤال فضولي ويمكن ملوش علاقة بالأحداث.
-اتفضل.
=هو أخوك نزل على ملى وشه من شهر العسل عالمستشفى، لسه كان في فرحه من كام يوم وبعدين يلاقي نفسه في العناية المر.كزة.
-يعني هو مكنش مسافر، بس اه، يا عيني ملحقش يتهنى..
=لأ وكمان اكتشف إن مامتك بتتع.ب تع.ب مختلف في نفس الشهر من كل سنة.
-اه، مش غريبة دي يا قاسم؟ بص في مجموعة سيناريوهات وأفكار كده بدأت تطوف في دماغنا، لكن كانت فوض.وية، مش واضحة، زي الواقع اللي مش واضح…
أمي قعدت يومين في المستشفى وبعدين رجعنا البيت…
صحيح كانت في نسمة هوا حلوة في البيت، بس معاها كان في ريحة بش.عة، ريحة حاجة متع.فنة على محرو.قة، الدنيا كانت ليل، وكلنا مهدودين، ومع ذلك فضلت زي النحلة الف في البيت كله، عمال أدور على مصدر الريحة، بلاعة الحمام طيب؟ لأ، وبعدين دي مكنتش ريحة صرف، زي ما وصفتهالك كده بالظبط… مش عارف إزاي قدرنا نصمد الليلة دي واحنا شامينها، لأ ومهما فتحنا شبابيك مفيش فايدة…
عدى كام يوم كمان ومعاد رجوعي قرب، لكن مكنتش متطمن، مش حاسس إني أقادر أرجع كندا وأسيب أمي بعد العملية والتعب اللي كانت فيه، وكمان…مكنتش مرتاح، إحساس م.ر إن في حاجة مش مظبوطة بتحصل…واللي زود بقى الطينة بلة صر.يخ جارتنا في الدور التاني، كان وقت العصر، وأنا كنت في حالة خمول، ممدد قدام التليفزيون ورايق، الروقان راح في داه.ية طبعًا، نزلت على ملى وشي من الرابع للتاني، لقيت عدد متجمع، الست صاحبة الشقة كانت بتستن.جد عشان شقتها بتغ.رق! رجعت من شغلها لقت حنفيات البيت كلها مفتوحة!
=نعم؟ ومين اللي عمل كده؟
-المفروض يكون حد من البيت مش كده؟ حد يقدر يدخل ويخرج، لكن لأ، الست دي أصلًا كانت عايشة مع بنتها لوحدهم، وبنتها كانت برضه في الشغل ولسه موصلتش…
=يعني إيه؟ إزاي؟ مين قدر يدخل البيت ويعمل كل ده؟!..
-هحكيلك اللي الست حكته وأنت تحكم، مدام “ريم” اتفاجأت قبلها بإسبوع بالظبط بأنهار بتخبط عليها، وهي زيها زينا وزي باقي العمارة مش بتتعامل معاها، المهم استقبلتها وعملتها حاجة تشربها ولقيتها بتطلب إيد بنتها “حنان” لابنها “نعيم”، طبعًا هي اتصد.مت ولسانها اتعقد لكن بعد الصد.مة حاولت تسيطر على أعصابها وترف.ض العرض بشياكة، “نعيم” كان غريب الأط.وار، وكمان البيت كله، و”أنهار” متتناسبش، لكن رد فعل “أنهار” كان عجيب، كانت عد.وانية جدًا، قامت مرة واحدة وزغرت ل”ريم” وهددتها إنها هتدفع التمن هي وبنتها، قالتلها بالحرف “بتحبي العوم يا ريم؟ بتحبي تعاب.ين البحر؟”…
=الله، بتقول عوم، والشقة اللي غر.قت….
-الشقة اللي غررقت… بدأت تجمع الخيوط يا “قاسم”؟
=لا، كل ده مش صدفة، من وقت ما السكان الجداد جم، الست “أنهار” دي…
-ايوه؟
=بتمارس الس.حر، ده يفسر منظرها الكئ.يب المقب.ض وجو البيت عندهم و…الولد اللي اتل.بس، ده بسبب تحضيرها للشي.اطين طول الوقت، وارتب.اك ابوه، كان بيحاول يخبي ده، اتحجج بإن إبنه عنده مر.ض نفسي، ولما اختفى وتاه، والقصة اللي اخترعوها بتاعة عمه اللي خده، وبعدين تعب والدتك بتاع كل سنة والبيض اللي بيتكسر قدام عتبة بيتكم وشقة الجيران اللي غر.قت، كل الخيوط دي بترجع لعنصر واحد مشترك، “أنهار”….
-عليك نووور، وهو ده اللي أخيرًا بقى واضح بالنسبة لنا، جارتنا المصونة بتمارس الس.حر وضد مين، ضدنا، ضد سكان العمارة…ادركنا ده، لكن مكنش في حاجة في ايدنا نعملها وقلنا في نفسنا خلاص، شوية ش.ر وهيروحوا لحالهم، هتبطل لوحدها، وأنا استعديت للسفر، قلت الحياة لازم تمشي، خلاص كان فاضل لي 48 ساعة، اليوم ده كنت بخلص شوية مشاوير ليها علاقة بالسفر، رجعت لقيت بابا واقف على مسافة من الشقة، عمال يميل براسه ومركز على حاجة…
سألته:
-مالك يا بابا واقف كده ليه؟
-غريبة أوي.
-إيه اللي غريب؟
-الميه دي…
ركزت، لقيت إن في كمية مية كتير قدام شقتنا، لونها محمر، غريبة فعلًا، بس خلاص، هنعمل إيه، مسحنا الميه وبس…الموقف عدى، أو كان متهيألي إنه عدى….
صحيت بليل فجأة، كنت في عز نومي وفوقت، قلت يمكن كنت بحلم وقمت من الحلم ونسيته، يجوز…
سمعت من بعيييد صوت غريب، أنفاس عالية وهمهمة، قمت ومشيت بطيء ناحية الصوت، المصدر كان الصالة، أمي كانت نايمة على الكنبة، هي متعودة من وقت للتاني تنام هناك، لكن مش هي مصدر الصوت، دي الست التانية، اللي كانت قاعدة عند طرف رجلها!
ست شعرها أبيض لون التلج وخفيف ومنكوش، قعدة تفقر وبيطلع منها همهمة، عنيها كلها بياض، مفيش بؤبؤ عين، فجأة وقفت حركة وهمهمة، رفعت راسها ولفتها تجاهي!
لفيت وجريت بسرعة، وأنا بجري كان في خطوات صوتها عالي ومزع.ج جدًا كانت بتمشي بسرعة ورايا، مش صوت أقدام بشر، كإنها بتاعة ما.رد من بتوع السندباد!
=الست اللي أنت شفتها عند والدتك ليها علاقة بالجا.ثوم اللي شفته نايم على صدرك؟
-أكيد، إن مكانوش نفس الكيان بس بأشكال مختلفة…المهم إني دخلت أوضتي وقفلت الباب لكن لثواني بس ورجعت فتحته تاني وده عشان الصري.خ اللي سمعته، فتحت وأنا مر.عوب، الصر.خة كانت جايه من عند نفس الجارة في الدور التاني…
=دي اللي شقتها غر.قت قبل كده؟
-اه، هي، أنا وأبويا نزلنالهم، لقينا الأم ماسكة بنتها والبنت في حالة انهي.ار عص.بي، بتص.رخ صر.خات بش.عة، لما حاولنا نفهم منها قالت : “تع.ابين، تع.ابين في كل حته، زي بتوع البحر، تعاب.ين البحر”
=تعا.بين البحر! ده زى ما هد.دت “أنهار”، إيه الجب.روت ده؟
-ملحقتش أخد نفسي، سمعت صر.يخ تاني، بس المرة دي كان جي من عندنا، طلعت عندنا لقيت ماما بتص.وت وهي قعدة، رافعة رجليها شوية وبتقول إنها مش عارفة تحطها على الأرض! الأ.لم كان رهي.ب لدرجة مش قادرة تلمس الأرضية، هي طبعًا قامت بسبب صري.خ الجارة وكانت ناوية تنزل لها لكن مقدرتش بسبب الأل.م…
صري.خ “حنان” كان لسه شغال وأنا بشيل أمي وبنزل بيها على العربية…أخدت أمي للمستشفى وعملنا آشعة واتضح إن الأل.م سببه إن عضم أقدامها الاتنين متفتت!
=بتقول إيه؟
-العضم متفتت، في الرجلين، عشان كده مكنتش قادرة تقف عليهم، والسبب مجهول…
=السبب الطبي، لكن احنا عارفين السبب مش كده؟
-عارفين للأسف، وعشان نتأكد بما لا يدع مجال للشك، شغلنا شريط الكاميرا، أصل احنا معلقين كاميرا في الدور بتاعنا، راجعنا آخر يومين لحد اللقطة اللي فيها “أنهار” كانت بتصب ميه قدام شقتنا! لو تفتكر بعدها علطول، في نفس الليلة شفت الست إياها عند رجل ماما وهي نايمة وحصل اللي حصل…المهم نزلنا لأنهار أنا وبابا وماما بالعكاز الجديد اللي بقت تمشي بيه…
واجهناها وقال إيه كانت بتنضف، حبك تسيب دورها والسلم بتاعها وتيجي تنضف عند عتبة بابنا إحنا، طبعًا أي كلام، جبنهالها من الآخر، قلنالها إننا عارفين إنها بتعمل س.حر، لينا ولغيرنا، والسؤال ليه وامتى هتبطل، فضلت متمسكة بالقصة العبي.طة بتاعتها، تنكر وتنكر لحد ما انهارت…طلع من بوقها كلام يا “قاسم”…كلام إيه، ده طوب…
=اشجيني…
-قالت إن عيالها الاتنين مش فالحين، لا في دراسة ولا عارفين يتجوزوا، وكل شوية تحصل لهم مص.يبة، في نفس الوقت عمالة تراقب كل عيال جيرانها، اللي هم زيي، شايفانا لسه عيال مع إننا شحطا، واللي زيي المفروض عنده عيال بس أهو، بتتكلم يعني على جيلها وولاد الجيران من سنها، عمالة تراقبنا على مدار سنين وكلنا بنفلح وبنحقق إنجازات، سواء في حياتنا الشخصية أو العملية…
=ما هو من عمايلها، كله بسببها، بسبب الس.حر اللي بتعمله، ” وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا “.
-صدق الله العظيم، فعلًا، الس.حر اللي بتمارسه من زمان مجبلهاش غير الشقا هي وأهل بيتها، سواء ابنها أو بنتها أو جوزها كلهم غرب.اء الأطوار، اللي يتخط.ف ويتلبس واللي انط.وائية ومش عارفة تتعامل مع حد، وجوزها ده اللي طول الوقت عايش تو.تر ورع.ب، طب احنا ذنبنا إيه، تطلع عقدها علينا ليه، وهي المسؤولة تمامًا عن شقاهم، إحنا مالنا؟ اه، بالمناسبة “ريم” وبنتها مستحملوش ومشيوا من العمارة، كانوا خلاص هيتج.ننوا من كم الأذ.ى اللي اتأذوه…
تفتكر بعد المواجهة ما بينا اتراجعت ولا اتأسفت؟ دي بكل بجاحة اتوعدت لينا وقالت إن الموضوع مخلصش ومحدش هيقدر يوقفها…
=مش قادر أتخيل موقف زي ده يتحل إزاي، إزاي ممكن تخلصوا منها الست دي…
-مبدئيًا أجلت رجوعي لكندا وحصلت مشاكل في الشغل، الناس اللي بشتغل معاهم شدوا معايا، بس مكنش ينفع أسيب أهلي والموقف عامل كده، لازم كنت أتصرف، للأسف اضطريت الجأ لسكة كده، كان عندي صديق قديم شقي، يعني بيعرف طرق وناس مش سهلين، حكتله وعرض عليا يتفق مع ستات رد س.جون، ييجوا يضر.بوها علقة، وأنا وافقت، كان إيه تاني قدامي…جم 3 ستات طول بعرض خبطوا عليها وفتحتلهم وادوها الطريحة التمام…
=حلو، تستاهل.
-لأ مش حلو، الستات وهم ماشيين من عندها عملوا حاد.ثة رهيبة بالعربية اللي كانوا فيها، واحدة فيهم ما.تت واتنين إصا.باتهم كانت خط.يرة..
=ما يمكن صدفة.
-يمكن ويمكن لأ.
=من وقتها قررنا مفيش غير القرآن يشتغل في البيت، التليفزيون والموبايلات، المشكلة إن الأجهزة كانت بتعطل! كله بيعطل حتى الراديو، وده بس حصل لما القرآن اشتغل، كل شوية، كل شوية كنت برجع اشغلهم تاني، الموبايل والتليفزيون والراديو، ورجعت تاني أحاول انتظم في الصلاة، كنت لما بقوم أصلي الفجر بحس بتقل ره.يب، نفس التقل إياه، حاجة طابقة على صدري وبطني، وكنت بقاوم بصعوبة وبقوم اتوضى وأصلي، أوقات كان بيتهيألي إن في حاجة واقفة بتراقبني ورايا وأنا بصلي وأوقات تانية بلمح بطرف عيني نفس الكيان اللي شفته قاعد عليا قبل كده، في العموم الدنيا خفت شوية عندنا، أحوالنا بقت أحسن بغض النظر عن المرة إياها، لقينا الباب بيخبط، فتحنا وكانت مرات أخويا، وشها كان أصفر، شكلها مخض.وض، سألناها مالها، شاورت بإيدها من غير كلام على عتبة الباب، بصينا لقينا د.م! بقعة د.م كبيرة، بركة د.م، المرة دي مش مية حمرة، ده د.م صريح، عاتبناها عشان مشيت من عليه، المفروض كانت تتصل بينا أول ما لمحته، لكن للأسف خطت برجليها في الد.م والنتيجة…
=إيه؟ حصل إيه؟
-مافتتش كام ساعة وبطنها كانت بتتق.طع، جسمها كان بيتل.وى ومحدش قادر يساعدها، نقلناها عالمستشفى، وبعد الآشعة اتضح إن عندها نزي.ف داخلي، الدكتور قال إنها لازم تعمل عملية والعملية مش مضمونة، ممكن تطلع منها حية وممكن لأ، بس قبلها اداها شوية أدوية عشان توسع المعدة، وأنا طبعًا طولت إقامتي أكتر، مكنش ينفع أسيبهم في الظروف دي، مرات أخويا قعدت شهر عايشة على السوايل بس، مكلتش لقمة واحدة…
=طب وإيه، خرجت من العملية سليمة؟
-الحمد لله، ربنا نجا….
الريحة إياها يا “قاسم” كانت فجأة بتظهر من وقت للتاني، ريحة الحاجة المحر.وقة المتع.فنة، ومرة من المرات اللي فاحت فيها الريحة كنت لوحدي في البيت، حسيت معاها بأل.م مفاجيء في رجلي من فوق، نزلت البنطلون لقيت خراب.يش عميقة ومكانها كنت بن.زف! الخراب.يش كإنها بتاعة حوافر…
=لأ، “أنهار” دي مش بس بتمارس الس.حر، دي ساح.رة مخضرمة، ساح.رة خط.يرة..
-مانا جايلك في الكلام، بص بشكل عام الدنيا خفت كتير مع انتظامنا كلنا في الصلاة وقراية الأذكار والقرآن اللي مش بيتقطع في البيت، مختفتش 100 % لكن خفت، لدرجة إني استعديت للسفر، مش عايز أقولك النظرات الن.ارية اللي كانت بترمينا بيها “أنهار” لما تشوف حد مننا كإننا قه.رناها، لأ وكمان ماما لجأت لصديقة ليها متدينة جدًا بقت تيجي كل لما تقدر تقرا قرآن وتصلي في البيت، وبقينا بالنسبة لأنهار حصن منيع….أنا سافرت من هنا واتفاجأت بمكالمة من أبويا غريبة جدًا، شقة أنهار اتحر.قت، ولقوا جث.تين متفحمين، الطب الشرعي بين إنهم لاتنين ستات…
=الأم وبنتها.
-على ما يبدو…بس تعرف يا “قاسم” الشعور ده، شعور عميق، اللي بيقولوا عليه الحدس.
=هتقول لي، طبعًا أعرفه..
-أهو ده اللي كان عندي، حدس بيقول لي إن في حاجة مش مظبوطة…
=خليني أكمل لك أنا…فين الأب وابنه، “محيي” و”نعيم”، وعلى فرض إنهم نجيوا من الحري.قة، مكنوش موجودين، إزاي مظهروش بعدها، هم مظهروش صح؟
-مظهروش فعلًا…
=راحوا فين، فين صد.متهم وزع.لهم والعزا اللي المفروض ياخدوه؟ وليه الحر.يقة حصلت في الوقت ده بالذات؟ بعد ما أنهار اتف.ضحت في العمارة وكل الجيران بقوا عارفين حقيقتها، لأ وكمان بيقاوموا سح.رها؟
-عفارم عليك، هو ده بالظبط اللي كنت بفكر فيه، اللي اتح.رقوا في الشقة…
=مش هم أنهار وأهداب! أنهار واسرتها هربوا وحبوا الناس تعرف إنهم ما.توا، بالذات أنهار، عشان محدش يدور وراهم….
-تفوت شهور ويتطلب مني من منتج كندي أدخل مع فريق في مشروع وثائقي عن السح.رة في الشرق الأوسط، أشهر السح.رة في بدايات القرن العشرين، بدأنا المشروع والمعدين بقوا يجمعوا قصص وبيانات، اترمت قدامي صورة لسا.حرة اسمها “بديعة”، الصورة لسنة 1915، كانت في الأربعينات من عمرها، المشكلة إن دي كانت أنهار!
=مين؟
-أنهار، أنا متأكد، نفس الملامح، الوش المترب، الحواجب المنعكشة، الشعر الهايش، السواد الممتد من تحت العيون للخدود، أنا كنت شايف صورة أنهار، السا.حرة البورسعيدية المصرية من القرن ال20.
=أيوه يعني إيه تفسير ده؟
-معرفش يا “قاسم”، هل هي نفسها وبسبب سح.رها بتكبر بالبطيء؟ هل كان ساكن في عمارتنا قر.ينها؟ هل الشي.طان هيأ للناس شكل “بديعة” وهيئتها على ساح.رة تانية اسمها “أنهار”؟ والحقيقة إن أنهار شكلها مختلف؟ معرفش…معرفش…
(صوت مفتاح كهرباء يتحرك)
قاسم يص.رخ:
=يا ختاااي، النور فصل، التليفون شغال بس النور فصل، طب اقفل أنت يا أخ “شفيق” دلوقتي، كفاية لحد كده، لا عندنا فضول نعرف حاجة تاني عن أنهار ولا بديعة، لا تأ.ذينا ولا نأ.ذيكي، شكرًا يا “شفيق”، إحنا بقى اللي مش قد الحكاية، استمتعنا صحيح بحكايتك بس ياريت متتكلمش هنا تاني، ممنوع الاتصال أو التصوير!
“تمت”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى